مقدمة
لا غرو في أن شكل شركات المساهمة يعد أفعل وأقوى هياكل التنمية وتوظيف رأس المال، وإنجاز أو تحقيق الاستثمارات والمقاولات الضخمة، وخلق فرص الشغل واستيعاب العطالة، ودعم الحركة التجارية والصناعية والخدماتية إلا أن الهيكل أو الشكل الذي يقبل عليه المستثمرون لإخطاره المحدودة Arisque limité تجاههم قد يشكل وبالأعلى الأغيار والاقتصاد واليد العاملة[1].
مما حتم تدخل المشرع قصد تنظيم الهيكل القانوني، وقصد فرض نوع من الرقابة على تأسيس هذه الشركات لأن في دعامتها دعامة للاقتصاد، وفرض نوع من الجزاء عن الإخلال بإحدى ركائز هذه الشركات، سواء كان هذا الجزاء مدنيا – وهو المعبر عنه بالبطلان وهو موضوع دراستنا – أو جنائيا لفرض غرامات أو عقوبات[2].
ولأن عقد الشركة عقد مستمر فإن هذه الرقابة لا تقتصر على ميلاد الشركة بل تستمر معها طوال حياتها.
ولأهمية هذه الشركة في الاقتصاد سعى المشرع إلى خلق نوع من التوازن بين غايتين، الخضوع للنصوص الآمرة الصريحة تحت طائلة البطلان (والتي حاول التقليص منها) والتخفيف من شدة هذا الجزاء بإقرار عمليات التسوية إنقاذا للادخار والمؤسسين والمساهمين والأغيار والاقتصاد والشغل وغيرها.
وتعتبر أسباب البطلان بالغة الأهمية في التشريع المغربي القديم بمقارنتها مع التشريعات الحديثة بالمغرب التي عملت قدر المستطاع على التقليص من حالات البطلان التي يمكن أن تتعرض لها الشركة، وذلك بتطهير الشركات إذا اقتضى الحال من تلك الأسباب التي قد تؤدي إلى بطلانها مثل ما سار عليه فعلا القانون الفرنسي بعد صدرو قانون الشركات لسنة 1966 والذي تضمن وسائل للحد من أسباب البطلان وذلك تماشيا مع التوجه الأوربي الصادر في 9 مارس 1968 الذي أوصى بالحد من أسباب بطلان شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة. حيث لا بطلان بدون نص[3] والذي أقرته المادة 337 من قانون 17.95.
والمتتبع لمسيرة التشريع المغربي يستطيع أن يلاحظ بسهولة ويسر التطور غير أن الصياغة تغيرت، حيث لا نجد عبارة ذي المصلحة في النظرية الجديدة للبطلان إلا في المادتين 342 و 343 من قانون 17.95 وهذا لا يعني أن حق الدائن في تحريك دعوى البطلان لم يعد مستصاغا، بل هو كذلك حسب القواعد العامة التي تحكم الالتزامات والعقود.
كما تثار إشكالية ونحن نتحدث عن دعوى البطلان : هل يتعلق الأمر بدعوى فردية خالصة، أم يمكن أن تكون جماعية كذلك ؟
يجيب الفقه[4] بأنه يمكن أن تكون فردية كما يمكن أن تكون جماعية وبالتالي من حق كل مكتتب أو كل مساهم، وكل دائن أن يطالب بمفرده ببطلان الشركة، تجدر الإشارة أخيرا أن البطلان لا يمكن للشركة ولا للمساهمين أن يحتجوا به في مواجهة الأغيار حسن النية[5].
جرد لأسباب بطلان شركات المساهمة بموجب الفصل 41 من قانون شركات الفرنسي لـ 24 يوليوز 1867 المعدل بظهير 26 يناير 1955 والمعمول به في المغرب بمقتضى ظهير 11 غشت 1922
1 – عدم إيداع مشروع القوانين الأساسية [الفصول 1 و 24 من قانون 24 يوليوز 1867] الفصول 1 و 21 (إيداع أصل النظام الأساسي في المركز الأصلي للشركة وفق الفصلين 1 و 21).
ركن الكتابة : المشرع الفرنسي بمقتضى قانون 24 يوليوز 1966 قد سكت عن هذه الحالة بالرغم من أن الكتابة بالنسبة لشركات المساهمة هي أداة وجود وانعقاد.
المشرع المغربي بما يتعلق بركن الكتابة لم يشترط شغلا معينا وعليه فقد يكون في عقد رسمي عن طريق موثق أو عرفي شريطة أن يحرر في النظيرين بصرف النظر عن عدد الشركاء المساهمين.
2 – عدم الاكتتاب في كافة رأس المال : ودفع مبلغ نقدي يمثل على الأقل ربع قيمة الأسهم أو قسائم الأسهم.
3 – إذا لم يثبت الاكتتاب ودفع الأموال في تصريح يضمن في رسم يحرره الموثق ويقع هذا الالتزام على عاتق مؤسسة الشركة.
4 – إذا كان عدد الشركاء المساهمين يقل عن سبعة طبقا للمادة 23 من قانون 24 يوليوز 1867 والتي أكدت على مايلي : <<لا يمكن أن تتأسس الشركة، إذا كان عدد الشركاء يقل عن سبعة>>.
5 – تداول الأسهم قبل أداء الربع من قيمتها المادة 2 من قانون 1867 التي تنص على مايلي : <<الأسهم أو أجزاء الأسهم تصبح قابلة للتداول بعد أداء الربع من قيمتها>>.
6 – عدم بقاء الأسهم اسمية حتى تمام أداء ثمنها أو عدم أداء الحصص العينية بتمامها عند التأسيس طبقا للمادة 3 من قانون 24 يوليوز 1867 التي تنص على مايلي : <<تبقى الأسهم اسمية حتى تمام أداء ثمنها.
أما الأسهم التي تمثل مساهمة عينية، فيجب دائما أن تؤدى بتمامها عند تأسيس الشركة>>.
7 – إذا لم تقدر الحصص العينية تقديرا قانونيا صحيحا المادة 24 لـ قانون 1867 الفرنسي : <<يجوز لمراقبي الحسابات أن يطلعوا على دفاتر الشركة وأن يفحصوا صفقاتها كلما اعتبروا وذلك مناسبا لفائدة الشركة وذلك خلال الأشهر الثلاثة السابقة للميعاد المعين في النظام الأساسي لانعقاد الجمعية العمومية، ويجوز لهم دائما في حال الاستعجال أن يستدعوا الجمعية العمومية>> و المادة 4 من قانون 24 يوليوز 1867 تنص على مايلي : <<إذا أتى أحد الشركاء بحظ – مساهمته – لم يكن من النقد اشتراط أن تكون له مزايا خاصة، فيعين الجمع العام الأول للشركة مكلفا أو عدة مكلفين تناط بهم مسألة تقدير ما أتي به أو مسألة النظر في سبب اشتراط المزايا.
ولا تؤسس الشركة نهائيا إلا بعد المصادقة على ما أتي به أو على المزايا المذكورة وتكون المصادقة من جمع عام آخر يجتمع بعد توجيه استدعاء جديد...>>.
8 – عدم احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بعقد جمع أو جمعين تأسيسين وتعيين المتصرفين الأولين والمراقبين طبقا للمادة 25 من قانون 24 يوليوز 1867 الفرنسي : <<يقوم المؤسسون في جميع الأحوال باستدعاء جمع عام بعد تحرير الرسم الذي يثبت فيه اكتتاب رأسمال الشركة و أداء ربع رأس المال النقدي، ويعين هذا الجمع المتصرفين الأولين كما يعين أيضا للسنة الأولى المراقبين الآتي ذكرهم في الفصل 32 بعده.
- ولا يمكن تعيين هؤلاء المتصرفين لمدة تزيد على ست سنوات.
- ويجوز تجديد انتخابهم ما لم يشترط خلاف ذلك.
- ومع ذلك يجوز أن يتبع تعيينهم في النظام التأسيسي مع اشتراط صريح بأن تعيينهم لا يعرض على موافقة الجمع العام، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يعينوا لمدة تزيد على ثلاث سنوات.
- ويثبت في محضر جلسة الجمع العام قبول المتصرفين والمراقبين الحاضرين في الاجتماع.
- وتعتبر الشركة مؤسسة ابتداء من هذا القبول>>.
9 – عدم احترام القواعد الخاصة بتعيين وعزل وكيل أو وكلاء الإدارة طبقا للمادة 22 لـ قانون 1867 الفرنسي <<يتولى إدارة الشركة الخفية الاسم وكيل واحد أو عدة وكلاء لمدة من الزمن محدود ويكون هؤلاء الوكلاء قابلين للعزل ويعينون بأجر أو مجانا ويختارون من بين الشركاء، ويجوز لهؤلاء الوكلاء أن يختارو من بينهم مديرا وينيب عنهم – إذا كان نظام الشركة يسمح بذلك – وكيلا أجنبيا عنها، ويكونو مسؤولين عنه تجاه الشركة>> و المادة 24 يوليوز 1867 راجع سابقا.
أسباب البطلان الواردة في المادة 41 من قانون 24 يوليوز 1867 المتعلق بالشركات بفرنسا، المعمول به في المغرب بمقتضى ظهير 11/08/1922 والتي تنص على مايلي : <<كل شركة خفية الاسم لم تحترم بشأنها مقتضيات الفصول 22 و 23 و 24 و 25 الواردة أعلاه تكون باطلة وعديمة الأثر بالنسبة للمعنيين بالأمر>>.
المادة 1 من قانون 24/7/1867 المعدل بمقتضى ظهير 26 يناير 1955 الذي ينص على اشتراط الكتابة كتأسيس شركات المساهمة.
البطلان في ق.ل.ع 387 تنقضي دعوى الإبطال بالتقادم في جميع الحالات بمرور خمسة عشر سنة من تاريخ لعقد طبقا للفصل السابق.
البطلان لعدم استيفاء إجراءات الشهر القانونية الفصل 59 من ظهير 26 يناير 1955 المعدل لقانون 24 يوليوز 1867 والذي ينص على أنه : <<إذا لم تراع موجبات الإيداع والناشر، فيترتب عن ذكر مايلي :
حل الشركة إذا كان الأمر يتعلق بالحالة المنصوص عليها في الفصول 55 و 56 و 57.
فسخ – بطلان – العقود في الحالة المنصوص عليها في الفصل الثامن والخمسين، ويبقى كل ذلك متوقفا على إمكانية تسوية الفسخ – تدارك البطلان – المبنية في الفصل الثامن.
غير أنه لا يجوز للشركاء الاحتجاج بهذا البطلان في مواجهة الغير>>.
البطلان في شركات الأموال له خصائص تميزه عن النظرية العامة للبطلان المألوفة في القانون المدني.
تساؤل : هل يجوز للمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها أم لا ؟
المبحث الأول : أسباب بطلان شركات المساهمة
إن أسباب بطلان شركات المساهمة تتمثل في الأسباب العامة أولا المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود التي تسري على جميع العقود، سنعالج هذه الأسباب في مطلب أول، كما أن هناك أسباب خاصة لبطلان شركات المساهمة سنخصص لها مطلب ثاني.
المطلب الأول : الأسباب العامة لبطلان شركات المساهمة
(تسري على جميع العقود)
ولذلك سنتطرق لكل سبب على حدى، لكن قبل التطرق لذلك الأسباب تجب الإشارة أن هناك مبدأ يتعلق بالبطلان ألا وهو "لا بطلان بدون نص" أو مبدأ "نصية البطلان" وقبل التطرق لذلك يجب التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي. فالبطلان المطلق هو الذي يعطي لكل ذي مصلحة التمسك به، أما البطلان النسبي فلا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر لمصلحته.
الفقرة الأولى : البطلان لعدم مشروعية الغرض (المحل) وانعدام أهلية جميع المؤسسين
فلابد لتأسيس شركة المساهمة أن يكون لها محل مشروع هذا ما نستشفه من خلال المادة 337 من قانون 17.95 الخاص بشركات المساهمة، فإذا كان المحل مستحيلا استحالة مادية مثلا تكوين شركة لاستغلال فندق يظهر فيما بعد أنه سبق أن تهدم، هذا سببا من أسباب بطلان شركات المساهمة، ونجد كذلك الاستحالة القانونية تتمثل في مزاولة نشاط محضور على الخواص هذا كذلك سبب من أسباب البطلان.
وكذلك إذا كان محل الشركة الاتجار في المخدرات أو التهريب كانت الشركة باطلة[6].
كما نجد أن هناك أسباب أخرى للبطلان تتعلق بانعدام أهلية جميع المؤسسين، بالرجوع للمادة 337 من قانون 17.95 جاءت فيها عبارة "أو لانعدام أهلية جميع المؤسسين" فهذه العبارة تطرح إشكال في حالة انعدام أهلية بعض المؤسسين مع وجود الأهلية لباقي المؤسسين الآخرين فهل هذا يترتب عنه بطلان شركات المساهمة وإذا كان الأمر كذلك فهل هذا البطلان مطلق أم نسبي ؟ كأجابة عن هذا السؤال : يكفي وجود أهلية شخص واحد فهذا يعطي نشوء شركة صحيحة. مثلا ش.م.م، حيث ارتأى الأب "بعد تأسيسها" لإدخال ابنه القاصر. في هذه الحالة هل هذه الشركة صحيحة لعدم وجود أهلية للابن القاصر ؟ فهي صحيحة.
الفقرة الثانية : البطلان بسبب مخالفة السبب للنظام العام، وانعدام رضا المساهمين
والمقصود بالسبب في المفهوم الحديث الذي يأخذ به القانون المغربي الباعث الدافع إلى التعاقد.
فإذا كان الباعث الدافع إلى التعاقد لدى الشريك ليس هو الحصول على الربح، بل له باعث غير مشروع فإن العقد يكون باطلا. وذلك مثل دخول شخص شريكا في شركة بقصد تهريب الحصة التي يقدمها فيها من دائنيه حرمانا لهم من ضمانهم العام. وبحسب القضاء الفرنسي فإن السبب غير المشروع الموجب لبطلان الشركة هو الذي يشترك فيه جميع الشركاء ولو بمجرد العلم.
كما يمكن كذلك أن يكون انعدام رضا المساهمين سببا من أسباب بطلان شركة المساهمة.
والرضا كما هو معلوم ركن جوهري لصحة عقد الشركة فإذا انتفى لدى أحد المساهمين كانت باطلة، كما أنه إذا تعيب رضا أحد الشركاء بعيب من عيوب الإرادة كالغلط أو التدليس أو الإكراه كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة من عيبت إرادته، والغلط الذي يجعل العقد قابل للإبطال هو الذي ينصب على أمر جوهري بحيث لولاه لما كان الشريك قبل التعاقد[7].
المطلب الثاني : الأسباب الخاصة لبطلان شركة المساهمة التي تسري على جميع الشركات الأخرى
فمن المعلوم أنه لتأسيس شركة المساهمة لابد من أركان موضوعية خاصة بها وإجراءات شكلية كذلك، فإذا ما يتخلف ركن من تلك الأركان أو إجراء من الإجراءات الشكلية يكون ذلك سبب من أسباب البطلان، سنتناول ذلك في فقرة أولى. كما أنه بعد تأسيس شركة المساهمة بشكل صحيح قد تحدث بعض المعاملات تكون سببا لبطلانها. وعليه سنعالج ذلك في فقرة ثانية.
الفقرة الأولى : الأسباب المتعلقة بالتأسيس
فالأسباب المتعلقة بالتأسيس ترجع الأركان موضوعية خاصة لتأسيس شركة المساهمة وكذلك الإجراءات الشكلية.
أولا : البطلان لعدم توفر الأركان الموضوعية الخاصة بتأسيس شركة المساهمة
1 – البطلان لعدم وجود عدد الشركاء المنصوص عليه قانونا :
فتأسيس شركة المساهمة فلابد من وجود خمسة شركاء في شركة المساهمة، المادة 1 من قانون 17.95 كحد أدنى وإلا فلا تقوم هذه الشركة وبالتالي يكون مصيرها البطلان، ما لم يتم استدراك ذلك البطلان بفعل التحويل.
أما المشرع الجزائري فأخذ بسبعة شركاء كحد أدنى[8] بمعنى أنه إذا قل عدد الشركاء عن سبعة تكون باطلة بطلانا مطلقا كشركة، فإن المشرع قد أوجد طرفا لتفادي بطلان الشركة، حيث أجاز للمؤسسين أن يحولوها إلى شركة من نوع آخر طبقا لنظرية تحول العقد[9]، وهذا التحول في نظرنا إيجابيا وذلك للتضييق من البطلان وهذا هو التوجه الحالي لأغلب التشريعات.
2 – البطلان لعدم تقديم الحصص أو المساهمة في رأس المال :
لاشك أن لتأسيس الشركة لابد من تقديم كل شريك حصة في رأسمالها ويعتبر تقديم الشريك حصة في الشركة شرطا جوهريا لقيامها. فإذا لم يقدم أحد الشركاء حصته فيه كانت باطلة لعدم وجود محل لالتزامه.
لكن الإشكال الذي يطرح بصدد تقديم الحصة من طرف الشريك عندما تكون هذه الحصة عينية مثقلة برهن، وفي هذه الحالة يعتبر الاكتتاب بهذه الحصة باطلا. ولهذا يثار التساؤل حول مدى تأثير هذا البطلان على عقد الشركة ؟
يجيب الفقه بأن ذلك يتوقف على أهمية الحصة موضوع البطلان بالنسبة لنشاط الشركة المستقبل، وأن الشركة تبقى صحيحة كلما كان على الرغم من بطلان الحصة، فإن رأس المال يبقى مكتتبا فيه بالكامل لدخول شريك آخر مكان الشريك الذي بطلت حصته، لكن إذا كانت تلك الحصة ضرورية لتحقيق غرض الشركة فإن ذلك يؤدي إلى بطلان عقد الشركة ككل[10].
3 – البطلان المتعلق بالمشاركة في الأرباح والخسائر :
لابد من أن تكون هناك نية بالنسبة للمساهمين قد اتجهت إلى تحمل الخسارة بنفس نسبة توزيع الأرباح.
فإذا تضمن عقد الشركة شرطا يقضي بمنح أحد الشركاء نصيبا من الأرباح أو بتحميله نصيبا من الخسائر أكبر من حصته في رأس المال كان ذلك الشرط باطلا ومبطلا للعقد[11].
ومثال ذلك الشرط الذي يقضي بتوزيع الأرباح أو الخسائر توزيعا متساويا في حين أن حصص الشركاء في رأس المال غير متساوية، وهذا ما يعرف بشرط الأسد الذي لم يعد موجودا.
وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية استنادا للمادة 515/1 من القانون المدني المصري أن الاتفاق على عدم مساهمة أحد الشركاء في الخسائر الشركة يجعل عقد الشركة باطلا بطلانا متعلقا بالنظام العام يحكم به القاضي من تلقاء نفسه[12].
4 – نية المشاركة :
نية المشاركة هي ضرورية كقاعدة عامة لتأسيس الشركات التجارية، لكن عدم وجود نية المشاركة بالنسبة لمساهم في شركة المساهمة لا يؤدي إلى بطلانها، لأن شركات الأموال يهتم فيها المساهم أساسا بتوظيف أمواله.
ثانيا : البطلان لمخالفة إجراءات التأسيس الشكلية
فبحسب ما هو منصوص عليه في المادة 337 من القانون المنظم لشركات المساهمة فإن بطلان هذه الشركة لا يمكن أن يترتب <<إلا عن نص صريح عن هذا القانون أو لكون غرضها غير مشروع أو لمخالفته للنظام العام أو لانعدام أهلية جميع المؤسسين.
يعتبر كأن لم يكن كل شرط نظامي مخالف لقاعدة آمرة من هذا القانون ولا يترتب عن خرقه بطلان الشركة>>.
وبالرجوع للفقرة 2 من المادة 12 من قانون 17.95 وردت عبارة "يخول لكل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحت طائلة غرامة التهديدية" (وبالتالي فهل يمكن القول بأن البطلان يترتب عن الإخلال بالأحكام العامة في ق.ل.ع. فقط ؟).
ونجد من بين هذه الإجراءات الشكلية.
1 – الكتابة :
فالكتابة تعتبر من المسائل الجوهرية لتحرير النظام الأساسي لشركة المساهمة فهي شرط وجود وانعقاد يترتب عن تخلفها البطلان ومرد ذلك أن شركات المساهمة تعتبر شركات في شكلية وبقوة القانون بغض النظر عن غرضها مدني أو تجاري.
الاكتتاب في رأس المال المقترن بشرط أو معلق على أجل البطلان هنا يقتصر على الشرط والاكتتاب يبقى صحيح[13].
رأي الدكتور بنستي فيما يخص ركن الكتابة <<أن ركن الكتابة يعبتر من الأمور البديهية وبعض الشروط اللازمة للقيام بالإشهار في مرحلة لاحقة والتي يترتب عن تخلفها ليس البطلان كما كان الأمر في السابق إنما اعتبار الشركة منعدمة وذلك شخص معنوي مؤهل للتعامل مع الغير إذ أن الشركة وطبقا للفصل الخامس من قانون 24 يوليوز 1966 لا تكتسب شخصيتها المعنوية إلا بعد قيدها في السجل التجاري وابتداء من تاريخ القيد هذا>>.[14]
ذلك أن حصول الاكتتاب الكامل في رأس المال عند تكوين الشركة هو شرط أساسي لقيام شركات المساهمة.
كذلك يجب لتحقيق الاكتتاب الكامل لرأس المال أن يكون الاكتتاب الحاصل حقيقيا، أما إذا كان بطريق المجاملة يكون سببا لبطلان الشركة[15].
نتساءل عن الاكتتابات الوهمية أو الصورية هل تعتبر سبب من أسباب بطلان شركات المساهمة ؟
لقد أجاب الفقيه الفرنسي هيمار Himar عن هذا التساؤل في إطار حديثه عن الاكتتابات الوهمية، فميز بين الاكتتاب الصوري والاكتتاب الباطل، يرى أن الاكتتاب الصوري للأسهم لا يؤدي إلى بطلان الاكتتاب وبالتالي بطلان الشركة بل يترتب عنه فقط إعمال مقتضيات القانون المدني في هذا المجال وبالأخص مقتضيات الفصل 1321 من القانون المدني الفرنسي.
2 – الشهر :
أ – الإيداع : فلابد من الإيداع فانعدام هذا الأخير لم تتأسس الشركة.
ب – القيد في السجل التجاري فشركة المساهمة لم تتأسس إلا بعد القيد في السجل التجاري بالإضافة إلى شهر تأسيس الشركة بواسطة إشعار في الجريدة الرسمية (المادة 33 نسخت وعوضت أحكامه بقانون رقم 20.05).
فالمشرع الفرنسي لم يجعل من تخلف إجراءات الشهر القانونية سببا من أسباب البطلان التي تلحق شركات المساهمة.
ويرجع سبب سكوت المشرع الفرنسي عن إدراج تخلف إجراءات الإيداع والنشر ضمن أسباب البطلان التي تلحق شركات المساهمة إلى أن هذه الإجراءات تعتبر من الأمور البديهية والمسلم بها وذلك ما هو سوى ترسيخ لفكرة التضييق من البطلان، على اعتبار أن البطلان هو داء أكثر من هو دواء.
الفقرة الثانية : أسباب البطلان اللاحقة للتأسيس
فهناك العقود والمداولات المغيرة أو الغير المغيرة للنظام الأساسي وكذا البطلان لخرق قواعد الشهر وأيضا بطلان عملية الادماج أو الانفصال، و كذا تمويل شكلها القانوني.
مثلا، قد تتخلل حياة الشركات إحدى التغييرات التي تعدل من هيكلتها القانونية وقد تعرف هاته العقود والمداولات أو البنود أو غيرها سبب من أسباب سواء شكليا أو موضوعيا تؤدي إلى بطلانها، فبالرجوع إلى نص المادة 344 من قانون 17.95 بطلان العملية الاندماج والانفصال وكذا نص المادة 342 من نفس القانون المتعلقة ببطلان العقود أو المداولات اللاحقة للتأسيس لكن باستقراء نص المادة 337 (النص الأصل للبطلان والذي تقوم عليه باقي النصوص الأخرى فيما بعد).
المبحث الثاني : آثار البطلان وإمكانية تدارك سببي
إذا كانت القاعدة العامة تقضي عند التصريح بالبطلان بوجوب إعادة المتعاقدين إلى نفس ومثل الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد تطبيق للأثر الرجعي للبطلان فإن هناك أسباب تقتضي الخروج عن هذه القاعدة العامة في مجال الشركات تمليها اعتبارات عملية كثيرة ويمليها الطابع المستمر لعقد الشركة.
وقبل الحديث عن أثر البطلان يلزم التطرق إلى دعوى البطلان وكذلك إمكانية تدارك سبب كآلية أوجدها المشرع للتخفيف من حدة هذا الجزاء إذن نعالج في مطلب أول دعوى البطلان وإمكانية تدارك سبب لنختم هذا المبحث بمطلب ثان نتناول فيه أثر الحكم القاضي بالبطلان.
المطلب الأول : دعوى البطلان وإمكانية تدارك سببه
الفقرة الأولى : دعوى البطلان
مادام لم يتم إصلاح سبب البطلان، ومادامت مدة التقادم الثلاثية لم تنقض فإنه يمكن لكل ذي مصلحة أن يرفع دعوى أمام المحكمة التجارية لمقر الشركة من أجل الحكم ببطلان أو إبطال الشركة[16].
وتثير عبارة كل ذي مصلحة نقاشا فقهيا[17].
فقد تساءل عدد من الفقهاء حول قانونية الحق المعطى للدائنين ليطالبوا ببطلان النظام الأساس لشركة مساهمة، وهم ليسوا طرفا فيه إذ يتصادم هذا مع نسبية العقود.
والظاهر جليا أن المعنيين بالأمر أوكل ذي مصلحة ينسحب إلى الجميع مساهمين كانوا أو دائنين، بعد أن أوجد المشرع الحل الذي يجعل طلب البطلان من قبل الدائنين مجرد ناقوس انذار بخطر البطلان حتى يتسنى تدارك سببه من طرف المساهمين وإنقاد الشركة من الضياع وفي ذلك إنقاد لمصالحهم ومصالح الدائنين على حد سواء، وحاول المشرع المغربي اإنقاد الشركة المعيبة من الأسباب والهواجس الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتتجلى مظاهر الإنقاذ والتطور هذا في :
أ – التقليص من أسباب البطلان (م 337) ق.17.95.
ب – تقوية وتنظيم مسطرة خاصة لتسوية أسباب البطلان.
ج – تخفيض تقادم دعوى البطلان في 3 سنوات (م 345) ق. 17.95[18].
أما القضاء فقد ابتدع الشركة الفعلية. كنظرية اجتهادية تقم على أساس اعتبار الشركة موجودة فعلا لا قانونا في الفترة ما بين تأسيسها ويوم التصريح ببطلانها. واعتبار البطلان معطلا لحياة الشركة مستقبلا فقط[19]،[20] فرسالة القاضي تكمل رسالة المشرع[21] في حماية المشرع والاقتصاد، والغير حسن النية الذي تعامل مع الشركة.
الفقرة الثانية : إمكانية تدارك سبب البطلان
على خلاف البطلان الذي ترسيه القواعد العامة للالتزامات والعقود خاصة الفصل 316[22]، والذي يقضي بإزالة كل أثر للعقد الباطل حتى في الماضي لأن العقد الباطل لا يمكن أن ينتج أي أثر، فإنه عندما تقوم حالات بطلان الشركة فإن المشرع – وعلى غرار باقي التشريعات التي تأثرت بالمشرع الفرنسي[23] – فتح المجال لتدارك أسبابه فنص على أن دعوى البطلان تسقط عندما يزول سببه – المادة 339[24] – كما أعطى للمحكمة المعروضة عليها الدعوى أن تحدد أجلا. ولو تلقائيا، لتدارك أسبابه (المادة 340). إلا إذا كان البطلان يرجع لعدم مشروعية غرض الشركة[25] وأخيرا على تقادم دعوى البطلان بمرور 3 سنوات من قيام سببه[26].
والحكمة ظاهرة من توجه المشرع إلى الحد من البطلان.
ويظهر بذلك أن المشرع المغربي ذهب بعيدا في مجال التقليص من حالات البطلان إلى أقصى حد ممكن إلى درجة أنه عند بطلان العقود و المداولات اللاحقة لتأسيس الشركة لعيب في الرضى أو لانعدام أهلية أحد المساهمين، وكان من الممكن تسوية الوضع. أمكن لكل ذي مصلحة أن يوجه إنذارا برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل لكل من له مصلحة في التسوية إما بإنجازها أو بتقديم دعوى البطلان داخل أجل ستة أشهر تحت طائلة بسقوط هذا الحق، ويتم تبليغ هذا الإنذار إلى الشركة[27]، كذلك إذا ارتكز بطلان بعض العقود والمداولات اللاحقة للتأسس على خرق قواعد الشهر جاز لكل ذي مصلحة في تسوية العقد والمداولة أن يوجه إنذار للشركة بتسوية الوضع داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ الإنذار المذكور... (المادة 443).
والغاية من هذا التوجه هو محاولة تدارك أسباب البطلان حتى لا يكون داءا أكثر من دواء وحتى لا تموت الشركة وتنعدم معها المصلحة الاقتصادية.
المطلب الثاني : آثار الحكم بالبطلان
قد تفشل سائر المحاولات والإجراءات التي أعدها المشرع لتسوية أو تدارك أسباب البطلان للحفاظ على الشركة وعدم زوالها وأغراضها التي من أجلها أنشأت، وذلك للحفاظ على مناصب الشغل والموارد التي تسخرها الدولة في تنمية وتطوير النظام الاقتصادي من إنتاج وتوزيع وطلب وعرض إضافة إلى جانب ذلك الغاية الأولى والصريحة التي يتوخاها المساهمين والشركاء هو الربح. وأما هذا الفشل لا يبقى إلا التصريح بالبطلان الشركة مما يوحي بإنتاج آثار لاشك على الشركاء والأغيار من جهة والاقتصاد الوطني من جهة أخرى.
ولحماية هؤلاء نص المشرع على مبادئ جديدة بخلاف ما كان سائد من مبادئ والتي تجعل الشخص المعنوي الناشئ عن الشركة فالعقد أو النظام يندثران أو يزولان بأثر رجعي أسوة ببطلان باقي العقود في القانون المدني (المادة 306 ق.ل.ع).
وهذه المبادئ الجديدة نصت عليها المادة 346 من قانون 17.95 والتي تجرى كذلك على باقي الشركات طبقا للمادة ½ من قانون 05.96 التي جاء فيها : <<كل شركة حكم ببطلانها تحل بقوة القانون دون أثر رجعي وتتم تصفيتها :
ويكون لها البطلان تجاه الشركة نفس آثار الحل المنطوق به قضاء>>.
لذا سنعمل على معالجة هذا المبحث من فقرتين اثنتين :
الفقرة الأولى : حل الشركة بالنسبة للمستقبل.
الفقرة الثانية : تصفية الوضع الناشئ عن قيام الشركة في الماضي
الفقرة الأولى : حل الشركة بالنسبة للمستقبل.
إذا لم يتم تدارك سبب البطلان وإلى حين سماع الحكم الابتدائي في الموضوع وكانت المحكمة أن حكمت بالحكم بالبطلان، عليه تكون الشركة قد حلت بقوة القانون بدون أثر رجعي لماذا ؟ وتتم تصفيتها 346 قانون 17.95، فالحكم القضائي عندما يصرح بالبطلان فإن العقد يزال مما يكون معه انعدام الشخص المعنوي في وجوده بالنسبة للمستقبل.
أما بالنسبة للماضي، فعقد الشركة كان ولايزال قائما، وبالتالي فالشخص المعنوي، كان موجودا وقد يكون ارتباط بعلاقات قانونية مع الغير أصبح معه دائنا أو مدينا فلا يمكن بتاتا إهدار أو تجاهل هذه العلاقات فضلا عن عدم إمكانية الرجوع بالحالة إلى ما كانت عليه بالنسبة لما اكتنزته الشركة من أرباح أو خسائر نتيجة لممارسة نشاطها خلال فترة وجودها.
من هنا، عمل المشرع المغربي، وقبله الفقه والقضاء على حصر آثار البطلان في المستقبل دون مدها إلى الماضي بأثر رجعي (المادة 346 [28]من قانون 17.95) فالشخص المعنوي يعتبر أنه قد وجد واستمر إلى أن قضي ببطلان العقد، لأنه كان قائما فعلا وواقعا في الفترة السابقة وكانت له تعاملات مع الغير وثتبت له حقوق وعليه التزامات، فلا يمكن تجاهل هذه العلاقات – كما أسلفنا – لا لشيء إلا حماية للوضع الظاهر الذي اطمأن إليه الأغيار. وأيضا حماية للمراكز القانونية التي نشأت عنه وهو ما يعرف بشركة الواقع société de fait وعليه، فمتى تم التصريح ببطلان الشركة فإنها تنحل بالنسبة للمستقبل ووجب تصفيته الوضع الناشئ عن قيامها في الماضي.
الفقرة الثانية : تصفية الوضع الناشئ عن قيام الشركة في الماضي
يترتب على التصريح ببطلان الشركة وجوب تصفية الأوضاع القانونية التي نتجت عن قيامها إلى حين التصريح ببطلانها، وذلك من نقطتين اثنتين :
النقطة الأولى : العلاقة بين الشركة فيما بينهم، وذلك عن طريق تحديد نصيب كل واحد منهم من الأرباح والخسائر ومن إيرادات التصفية، وتجدر الإشارة على أنه لابد من التمييز هنا بين أسباب البطلان والإبطال علما وأن المشرع قد أقر لشركات الأشخاص خصائص البطلان المعروفة في القانون المدني، ذلك أن القابلية للبطلان تكون مقررة فقط لحماية المصلحة الخاصة (مثلا بالنسبة للشريك الذي عيبت إرادته أو من كان ناقص الأهلية) ويقبل العقد الإجازة وتتقادم دعوى الإبطال بمضي سنة (حسب نص الفصل 311 و 312 ق.ل.ع)، أما البطلان فهو مقرر لحماية المصلحة العامة، فهو يعتبر من النظام العام ويسوغ لكل من الشركاء أو الغير أن يتمسك به ولا يتصحح بالإجازة أو التقادم إلا أن دعواه تتقادم بمضي 15 سنة إعمالا لمقتضيات الفصل 387 من ق.ل.ع.
إما إذا كان سبب البطلان اختلال أحد الأركان الموضوعية أو الشكلية الخاصة، فإن التوزيع ما تم الاتفاق عليه في العقد، لأن اتفاق الشركاء – غير باطل – في حد ذاته قائم وصحيح – بتوفر الأركان العامة – إلا أن شروط قيام الشركة هي التي اختلت.
النقطة الثانية : علاقة الشخص المعنوي بالأغيار : لقد ركزت حماية الأغيار من الاحتجاج ضدهم بالبطلان سواء من قبل الشركة أو الشركاء أو المساهمين (المادة 347 من قانون 17.95[29]) والتي تجري كذلك على باقي الشركات طبقا للمادة ½ من قانون 05.96) والتي جاء فيها بصريح النص : <<لا يمكن للشركة ولا للمساهمين أن يحتجوا تجاه الأغيار حسني النية>>.
وهذا ما أثار العديد من التساؤلات، حيث تساءل الفقه الفرنسي حول ما إذا كان يحق للغير حسن الينة أن يحتج بالبطلان ضد الشركة والشركاء للتخلص من التزاماته اتجاهها ؟ في حين تبقى الشركة ملزمة بتنفيذ تعهداتها تجاه الغير كما لو كانت صحيحة. وكان جواب الفقه : بالنفي بدعوى أن هذه الإمكانية كانت رائحة قبل إصلاح 1966 و 1978، لكن فيما بعد أي بإحداث قانون جديد والذي يجعل البطلان يسري بأثر فوري لا رجعي، وبالتالي جعل البطلان كالحل بمثابة التصفية.
إشكـــالات
1 – إشكال : المأزق الذي وقع فيه المشرع : حول ما إذا كان بطلان الشركة المدنية يجري بالنسبة للعقد والشخص بأثر رجعي حسب منطوق المادة 306 ق.ل.ع، أم بأثر فوري كالحل المنطوق به قضائيا أسوة بالشركات التجارية ؟؟
القانون الفرنسي لم يعرف مثل هذه الإشكالية بثاثا لأن الأثر الفوري لبطلان الشركات المدنية في نظره جسدته المادة 15/1844 من القانون المدني الفرنسي.
وعليه نتساءل بدورنا، فهل يتم إخضاع الشركة المدنية ق.ل.ع والبطلان يسري عليها بأثر رجعي – مما يكون معه عدم مسايره التطور النظامي الجديد – أم أن البطلان يسري بأثر رجعي وبأثر فوري – مما يؤدي إلى أن نشوء الشركة الفعلية أي أنه يمثابة الحل القضائي –.
2 – إشكال : حول ما إذا كان البطلان يقتصر فقط على الشخص المعنوي، الناشئ عن النظام الأساسي أو العقد التأسيسي للشركة ؟ أم يشمل الشخص المعنوي والنظام الأساسي معا ؟.
نلاحظ أن المادة 346 من قانون 17.95، جاءت عامة لا تفرق بين النظام الأساسي والشخصي المعنوي حيث نصت : <<كل شركة حكم ببطلانها تحل بقوة القانون دون أثر رجعي تتم تصفيتها...>> أي بمعنى أن النظام الأساسي لا يبطل بأثر رجعي وتظل مقتضياته صالحة وحالة وقائمة لإجراء التصفية إضافة إلى المقتضيات القانونية للمادة 361 والتي تم التأثير فيها بالمادة 368 من القانون الفرنسي لـ 24 يوليوز 1966.
3 – إشكال : مدى إمكانية تطبيق ق.ل.ع وقانون الشركات في حالة ما إذا كان البطلان نسبيا وإن كان البطلان مطلقا ما العمل ؟
البطلان النسبي : تطبق القواعد العامة وكذا قانون الشركات وهي مجموعة قواعد وقوانين تطبق حالة عدم وجود اتفاق.
البطلان المطلق : عند تخلف ركن من الأركان الخاصة أو تخلف ركن الكتابة والشهر، فإن قواعد النظام الأساسي (العقد التأسيسي) تبقى سارية المفعول لأن هذا البطلان يتعلق بوجود الشركة لا بماهية العقد.
خاتمة
وبهذا نكون قد حاولنا تبيان أسباب بطلان شركة المساهمة بعد محاولتنا جردنا بموجب الفصل 41 لأسباب بطلان شركات المساهمة من قانون شركات الفرنسي لـ 24 يوليوز 1867 المعدل بظهير 26 يناير 1955 والمعمول به في المغرب بمقتضى ظهير 11 غشت 1922، وكذا قانون 17.95 وتعديله قانون 20.05. آملين إتمام هذا الموضوع بكتابة أخرى.
شكرا للدكتور عز الدين بنستي.
والشكرا موصول لجميع الطلبة والطالباتالباحثين.
لا غرو في أن شكل شركات المساهمة يعد أفعل وأقوى هياكل التنمية وتوظيف رأس المال، وإنجاز أو تحقيق الاستثمارات والمقاولات الضخمة، وخلق فرص الشغل واستيعاب العطالة، ودعم الحركة التجارية والصناعية والخدماتية إلا أن الهيكل أو الشكل الذي يقبل عليه المستثمرون لإخطاره المحدودة Arisque limité تجاههم قد يشكل وبالأعلى الأغيار والاقتصاد واليد العاملة[1].
مما حتم تدخل المشرع قصد تنظيم الهيكل القانوني، وقصد فرض نوع من الرقابة على تأسيس هذه الشركات لأن في دعامتها دعامة للاقتصاد، وفرض نوع من الجزاء عن الإخلال بإحدى ركائز هذه الشركات، سواء كان هذا الجزاء مدنيا – وهو المعبر عنه بالبطلان وهو موضوع دراستنا – أو جنائيا لفرض غرامات أو عقوبات[2].
ولأن عقد الشركة عقد مستمر فإن هذه الرقابة لا تقتصر على ميلاد الشركة بل تستمر معها طوال حياتها.
ولأهمية هذه الشركة في الاقتصاد سعى المشرع إلى خلق نوع من التوازن بين غايتين، الخضوع للنصوص الآمرة الصريحة تحت طائلة البطلان (والتي حاول التقليص منها) والتخفيف من شدة هذا الجزاء بإقرار عمليات التسوية إنقاذا للادخار والمؤسسين والمساهمين والأغيار والاقتصاد والشغل وغيرها.
وتعتبر أسباب البطلان بالغة الأهمية في التشريع المغربي القديم بمقارنتها مع التشريعات الحديثة بالمغرب التي عملت قدر المستطاع على التقليص من حالات البطلان التي يمكن أن تتعرض لها الشركة، وذلك بتطهير الشركات إذا اقتضى الحال من تلك الأسباب التي قد تؤدي إلى بطلانها مثل ما سار عليه فعلا القانون الفرنسي بعد صدرو قانون الشركات لسنة 1966 والذي تضمن وسائل للحد من أسباب البطلان وذلك تماشيا مع التوجه الأوربي الصادر في 9 مارس 1968 الذي أوصى بالحد من أسباب بطلان شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة. حيث لا بطلان بدون نص[3] والذي أقرته المادة 337 من قانون 17.95.
والمتتبع لمسيرة التشريع المغربي يستطيع أن يلاحظ بسهولة ويسر التطور غير أن الصياغة تغيرت، حيث لا نجد عبارة ذي المصلحة في النظرية الجديدة للبطلان إلا في المادتين 342 و 343 من قانون 17.95 وهذا لا يعني أن حق الدائن في تحريك دعوى البطلان لم يعد مستصاغا، بل هو كذلك حسب القواعد العامة التي تحكم الالتزامات والعقود.
كما تثار إشكالية ونحن نتحدث عن دعوى البطلان : هل يتعلق الأمر بدعوى فردية خالصة، أم يمكن أن تكون جماعية كذلك ؟
يجيب الفقه[4] بأنه يمكن أن تكون فردية كما يمكن أن تكون جماعية وبالتالي من حق كل مكتتب أو كل مساهم، وكل دائن أن يطالب بمفرده ببطلان الشركة، تجدر الإشارة أخيرا أن البطلان لا يمكن للشركة ولا للمساهمين أن يحتجوا به في مواجهة الأغيار حسن النية[5].
جرد لأسباب بطلان شركات المساهمة بموجب الفصل 41 من قانون شركات الفرنسي لـ 24 يوليوز 1867 المعدل بظهير 26 يناير 1955 والمعمول به في المغرب بمقتضى ظهير 11 غشت 1922
1 – عدم إيداع مشروع القوانين الأساسية [الفصول 1 و 24 من قانون 24 يوليوز 1867] الفصول 1 و 21 (إيداع أصل النظام الأساسي في المركز الأصلي للشركة وفق الفصلين 1 و 21).
ركن الكتابة : المشرع الفرنسي بمقتضى قانون 24 يوليوز 1966 قد سكت عن هذه الحالة بالرغم من أن الكتابة بالنسبة لشركات المساهمة هي أداة وجود وانعقاد.
المشرع المغربي بما يتعلق بركن الكتابة لم يشترط شغلا معينا وعليه فقد يكون في عقد رسمي عن طريق موثق أو عرفي شريطة أن يحرر في النظيرين بصرف النظر عن عدد الشركاء المساهمين.
2 – عدم الاكتتاب في كافة رأس المال : ودفع مبلغ نقدي يمثل على الأقل ربع قيمة الأسهم أو قسائم الأسهم.
3 – إذا لم يثبت الاكتتاب ودفع الأموال في تصريح يضمن في رسم يحرره الموثق ويقع هذا الالتزام على عاتق مؤسسة الشركة.
4 – إذا كان عدد الشركاء المساهمين يقل عن سبعة طبقا للمادة 23 من قانون 24 يوليوز 1867 والتي أكدت على مايلي : <<لا يمكن أن تتأسس الشركة، إذا كان عدد الشركاء يقل عن سبعة>>.
5 – تداول الأسهم قبل أداء الربع من قيمتها المادة 2 من قانون 1867 التي تنص على مايلي : <<الأسهم أو أجزاء الأسهم تصبح قابلة للتداول بعد أداء الربع من قيمتها>>.
6 – عدم بقاء الأسهم اسمية حتى تمام أداء ثمنها أو عدم أداء الحصص العينية بتمامها عند التأسيس طبقا للمادة 3 من قانون 24 يوليوز 1867 التي تنص على مايلي : <<تبقى الأسهم اسمية حتى تمام أداء ثمنها.
أما الأسهم التي تمثل مساهمة عينية، فيجب دائما أن تؤدى بتمامها عند تأسيس الشركة>>.
7 – إذا لم تقدر الحصص العينية تقديرا قانونيا صحيحا المادة 24 لـ قانون 1867 الفرنسي : <<يجوز لمراقبي الحسابات أن يطلعوا على دفاتر الشركة وأن يفحصوا صفقاتها كلما اعتبروا وذلك مناسبا لفائدة الشركة وذلك خلال الأشهر الثلاثة السابقة للميعاد المعين في النظام الأساسي لانعقاد الجمعية العمومية، ويجوز لهم دائما في حال الاستعجال أن يستدعوا الجمعية العمومية>> و المادة 4 من قانون 24 يوليوز 1867 تنص على مايلي : <<إذا أتى أحد الشركاء بحظ – مساهمته – لم يكن من النقد اشتراط أن تكون له مزايا خاصة، فيعين الجمع العام الأول للشركة مكلفا أو عدة مكلفين تناط بهم مسألة تقدير ما أتي به أو مسألة النظر في سبب اشتراط المزايا.
ولا تؤسس الشركة نهائيا إلا بعد المصادقة على ما أتي به أو على المزايا المذكورة وتكون المصادقة من جمع عام آخر يجتمع بعد توجيه استدعاء جديد...>>.
8 – عدم احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بعقد جمع أو جمعين تأسيسين وتعيين المتصرفين الأولين والمراقبين طبقا للمادة 25 من قانون 24 يوليوز 1867 الفرنسي : <<يقوم المؤسسون في جميع الأحوال باستدعاء جمع عام بعد تحرير الرسم الذي يثبت فيه اكتتاب رأسمال الشركة و أداء ربع رأس المال النقدي، ويعين هذا الجمع المتصرفين الأولين كما يعين أيضا للسنة الأولى المراقبين الآتي ذكرهم في الفصل 32 بعده.
- ولا يمكن تعيين هؤلاء المتصرفين لمدة تزيد على ست سنوات.
- ويجوز تجديد انتخابهم ما لم يشترط خلاف ذلك.
- ومع ذلك يجوز أن يتبع تعيينهم في النظام التأسيسي مع اشتراط صريح بأن تعيينهم لا يعرض على موافقة الجمع العام، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يعينوا لمدة تزيد على ثلاث سنوات.
- ويثبت في محضر جلسة الجمع العام قبول المتصرفين والمراقبين الحاضرين في الاجتماع.
- وتعتبر الشركة مؤسسة ابتداء من هذا القبول>>.
9 – عدم احترام القواعد الخاصة بتعيين وعزل وكيل أو وكلاء الإدارة طبقا للمادة 22 لـ قانون 1867 الفرنسي <<يتولى إدارة الشركة الخفية الاسم وكيل واحد أو عدة وكلاء لمدة من الزمن محدود ويكون هؤلاء الوكلاء قابلين للعزل ويعينون بأجر أو مجانا ويختارون من بين الشركاء، ويجوز لهؤلاء الوكلاء أن يختارو من بينهم مديرا وينيب عنهم – إذا كان نظام الشركة يسمح بذلك – وكيلا أجنبيا عنها، ويكونو مسؤولين عنه تجاه الشركة>> و المادة 24 يوليوز 1867 راجع سابقا.
أسباب البطلان الواردة في المادة 41 من قانون 24 يوليوز 1867 المتعلق بالشركات بفرنسا، المعمول به في المغرب بمقتضى ظهير 11/08/1922 والتي تنص على مايلي : <<كل شركة خفية الاسم لم تحترم بشأنها مقتضيات الفصول 22 و 23 و 24 و 25 الواردة أعلاه تكون باطلة وعديمة الأثر بالنسبة للمعنيين بالأمر>>.
المادة 1 من قانون 24/7/1867 المعدل بمقتضى ظهير 26 يناير 1955 الذي ينص على اشتراط الكتابة كتأسيس شركات المساهمة.
البطلان في ق.ل.ع 387 تنقضي دعوى الإبطال بالتقادم في جميع الحالات بمرور خمسة عشر سنة من تاريخ لعقد طبقا للفصل السابق.
البطلان لعدم استيفاء إجراءات الشهر القانونية الفصل 59 من ظهير 26 يناير 1955 المعدل لقانون 24 يوليوز 1867 والذي ينص على أنه : <<إذا لم تراع موجبات الإيداع والناشر، فيترتب عن ذكر مايلي :
حل الشركة إذا كان الأمر يتعلق بالحالة المنصوص عليها في الفصول 55 و 56 و 57.
فسخ – بطلان – العقود في الحالة المنصوص عليها في الفصل الثامن والخمسين، ويبقى كل ذلك متوقفا على إمكانية تسوية الفسخ – تدارك البطلان – المبنية في الفصل الثامن.
غير أنه لا يجوز للشركاء الاحتجاج بهذا البطلان في مواجهة الغير>>.
البطلان في شركات الأموال له خصائص تميزه عن النظرية العامة للبطلان المألوفة في القانون المدني.
تساؤل : هل يجوز للمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها أم لا ؟
المبحث الأول : أسباب بطلان شركات المساهمة
إن أسباب بطلان شركات المساهمة تتمثل في الأسباب العامة أولا المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود التي تسري على جميع العقود، سنعالج هذه الأسباب في مطلب أول، كما أن هناك أسباب خاصة لبطلان شركات المساهمة سنخصص لها مطلب ثاني.
المطلب الأول : الأسباب العامة لبطلان شركات المساهمة
(تسري على جميع العقود)
ولذلك سنتطرق لكل سبب على حدى، لكن قبل التطرق لذلك الأسباب تجب الإشارة أن هناك مبدأ يتعلق بالبطلان ألا وهو "لا بطلان بدون نص" أو مبدأ "نصية البطلان" وقبل التطرق لذلك يجب التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي. فالبطلان المطلق هو الذي يعطي لكل ذي مصلحة التمسك به، أما البطلان النسبي فلا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر لمصلحته.
الفقرة الأولى : البطلان لعدم مشروعية الغرض (المحل) وانعدام أهلية جميع المؤسسين
فلابد لتأسيس شركة المساهمة أن يكون لها محل مشروع هذا ما نستشفه من خلال المادة 337 من قانون 17.95 الخاص بشركات المساهمة، فإذا كان المحل مستحيلا استحالة مادية مثلا تكوين شركة لاستغلال فندق يظهر فيما بعد أنه سبق أن تهدم، هذا سببا من أسباب بطلان شركات المساهمة، ونجد كذلك الاستحالة القانونية تتمثل في مزاولة نشاط محضور على الخواص هذا كذلك سبب من أسباب البطلان.
وكذلك إذا كان محل الشركة الاتجار في المخدرات أو التهريب كانت الشركة باطلة[6].
كما نجد أن هناك أسباب أخرى للبطلان تتعلق بانعدام أهلية جميع المؤسسين، بالرجوع للمادة 337 من قانون 17.95 جاءت فيها عبارة "أو لانعدام أهلية جميع المؤسسين" فهذه العبارة تطرح إشكال في حالة انعدام أهلية بعض المؤسسين مع وجود الأهلية لباقي المؤسسين الآخرين فهل هذا يترتب عنه بطلان شركات المساهمة وإذا كان الأمر كذلك فهل هذا البطلان مطلق أم نسبي ؟ كأجابة عن هذا السؤال : يكفي وجود أهلية شخص واحد فهذا يعطي نشوء شركة صحيحة. مثلا ش.م.م، حيث ارتأى الأب "بعد تأسيسها" لإدخال ابنه القاصر. في هذه الحالة هل هذه الشركة صحيحة لعدم وجود أهلية للابن القاصر ؟ فهي صحيحة.
الفقرة الثانية : البطلان بسبب مخالفة السبب للنظام العام، وانعدام رضا المساهمين
والمقصود بالسبب في المفهوم الحديث الذي يأخذ به القانون المغربي الباعث الدافع إلى التعاقد.
فإذا كان الباعث الدافع إلى التعاقد لدى الشريك ليس هو الحصول على الربح، بل له باعث غير مشروع فإن العقد يكون باطلا. وذلك مثل دخول شخص شريكا في شركة بقصد تهريب الحصة التي يقدمها فيها من دائنيه حرمانا لهم من ضمانهم العام. وبحسب القضاء الفرنسي فإن السبب غير المشروع الموجب لبطلان الشركة هو الذي يشترك فيه جميع الشركاء ولو بمجرد العلم.
كما يمكن كذلك أن يكون انعدام رضا المساهمين سببا من أسباب بطلان شركة المساهمة.
والرضا كما هو معلوم ركن جوهري لصحة عقد الشركة فإذا انتفى لدى أحد المساهمين كانت باطلة، كما أنه إذا تعيب رضا أحد الشركاء بعيب من عيوب الإرادة كالغلط أو التدليس أو الإكراه كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة من عيبت إرادته، والغلط الذي يجعل العقد قابل للإبطال هو الذي ينصب على أمر جوهري بحيث لولاه لما كان الشريك قبل التعاقد[7].
المطلب الثاني : الأسباب الخاصة لبطلان شركة المساهمة التي تسري على جميع الشركات الأخرى
فمن المعلوم أنه لتأسيس شركة المساهمة لابد من أركان موضوعية خاصة بها وإجراءات شكلية كذلك، فإذا ما يتخلف ركن من تلك الأركان أو إجراء من الإجراءات الشكلية يكون ذلك سبب من أسباب البطلان، سنتناول ذلك في فقرة أولى. كما أنه بعد تأسيس شركة المساهمة بشكل صحيح قد تحدث بعض المعاملات تكون سببا لبطلانها. وعليه سنعالج ذلك في فقرة ثانية.
الفقرة الأولى : الأسباب المتعلقة بالتأسيس
فالأسباب المتعلقة بالتأسيس ترجع الأركان موضوعية خاصة لتأسيس شركة المساهمة وكذلك الإجراءات الشكلية.
أولا : البطلان لعدم توفر الأركان الموضوعية الخاصة بتأسيس شركة المساهمة
1 – البطلان لعدم وجود عدد الشركاء المنصوص عليه قانونا :
فتأسيس شركة المساهمة فلابد من وجود خمسة شركاء في شركة المساهمة، المادة 1 من قانون 17.95 كحد أدنى وإلا فلا تقوم هذه الشركة وبالتالي يكون مصيرها البطلان، ما لم يتم استدراك ذلك البطلان بفعل التحويل.
أما المشرع الجزائري فأخذ بسبعة شركاء كحد أدنى[8] بمعنى أنه إذا قل عدد الشركاء عن سبعة تكون باطلة بطلانا مطلقا كشركة، فإن المشرع قد أوجد طرفا لتفادي بطلان الشركة، حيث أجاز للمؤسسين أن يحولوها إلى شركة من نوع آخر طبقا لنظرية تحول العقد[9]، وهذا التحول في نظرنا إيجابيا وذلك للتضييق من البطلان وهذا هو التوجه الحالي لأغلب التشريعات.
2 – البطلان لعدم تقديم الحصص أو المساهمة في رأس المال :
لاشك أن لتأسيس الشركة لابد من تقديم كل شريك حصة في رأسمالها ويعتبر تقديم الشريك حصة في الشركة شرطا جوهريا لقيامها. فإذا لم يقدم أحد الشركاء حصته فيه كانت باطلة لعدم وجود محل لالتزامه.
لكن الإشكال الذي يطرح بصدد تقديم الحصة من طرف الشريك عندما تكون هذه الحصة عينية مثقلة برهن، وفي هذه الحالة يعتبر الاكتتاب بهذه الحصة باطلا. ولهذا يثار التساؤل حول مدى تأثير هذا البطلان على عقد الشركة ؟
يجيب الفقه بأن ذلك يتوقف على أهمية الحصة موضوع البطلان بالنسبة لنشاط الشركة المستقبل، وأن الشركة تبقى صحيحة كلما كان على الرغم من بطلان الحصة، فإن رأس المال يبقى مكتتبا فيه بالكامل لدخول شريك آخر مكان الشريك الذي بطلت حصته، لكن إذا كانت تلك الحصة ضرورية لتحقيق غرض الشركة فإن ذلك يؤدي إلى بطلان عقد الشركة ككل[10].
3 – البطلان المتعلق بالمشاركة في الأرباح والخسائر :
لابد من أن تكون هناك نية بالنسبة للمساهمين قد اتجهت إلى تحمل الخسارة بنفس نسبة توزيع الأرباح.
فإذا تضمن عقد الشركة شرطا يقضي بمنح أحد الشركاء نصيبا من الأرباح أو بتحميله نصيبا من الخسائر أكبر من حصته في رأس المال كان ذلك الشرط باطلا ومبطلا للعقد[11].
ومثال ذلك الشرط الذي يقضي بتوزيع الأرباح أو الخسائر توزيعا متساويا في حين أن حصص الشركاء في رأس المال غير متساوية، وهذا ما يعرف بشرط الأسد الذي لم يعد موجودا.
وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية استنادا للمادة 515/1 من القانون المدني المصري أن الاتفاق على عدم مساهمة أحد الشركاء في الخسائر الشركة يجعل عقد الشركة باطلا بطلانا متعلقا بالنظام العام يحكم به القاضي من تلقاء نفسه[12].
4 – نية المشاركة :
نية المشاركة هي ضرورية كقاعدة عامة لتأسيس الشركات التجارية، لكن عدم وجود نية المشاركة بالنسبة لمساهم في شركة المساهمة لا يؤدي إلى بطلانها، لأن شركات الأموال يهتم فيها المساهم أساسا بتوظيف أمواله.
ثانيا : البطلان لمخالفة إجراءات التأسيس الشكلية
فبحسب ما هو منصوص عليه في المادة 337 من القانون المنظم لشركات المساهمة فإن بطلان هذه الشركة لا يمكن أن يترتب <<إلا عن نص صريح عن هذا القانون أو لكون غرضها غير مشروع أو لمخالفته للنظام العام أو لانعدام أهلية جميع المؤسسين.
يعتبر كأن لم يكن كل شرط نظامي مخالف لقاعدة آمرة من هذا القانون ولا يترتب عن خرقه بطلان الشركة>>.
وبالرجوع للفقرة 2 من المادة 12 من قانون 17.95 وردت عبارة "يخول لكل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحت طائلة غرامة التهديدية" (وبالتالي فهل يمكن القول بأن البطلان يترتب عن الإخلال بالأحكام العامة في ق.ل.ع. فقط ؟).
ونجد من بين هذه الإجراءات الشكلية.
1 – الكتابة :
فالكتابة تعتبر من المسائل الجوهرية لتحرير النظام الأساسي لشركة المساهمة فهي شرط وجود وانعقاد يترتب عن تخلفها البطلان ومرد ذلك أن شركات المساهمة تعتبر شركات في شكلية وبقوة القانون بغض النظر عن غرضها مدني أو تجاري.
الاكتتاب في رأس المال المقترن بشرط أو معلق على أجل البطلان هنا يقتصر على الشرط والاكتتاب يبقى صحيح[13].
رأي الدكتور بنستي فيما يخص ركن الكتابة <<أن ركن الكتابة يعبتر من الأمور البديهية وبعض الشروط اللازمة للقيام بالإشهار في مرحلة لاحقة والتي يترتب عن تخلفها ليس البطلان كما كان الأمر في السابق إنما اعتبار الشركة منعدمة وذلك شخص معنوي مؤهل للتعامل مع الغير إذ أن الشركة وطبقا للفصل الخامس من قانون 24 يوليوز 1966 لا تكتسب شخصيتها المعنوية إلا بعد قيدها في السجل التجاري وابتداء من تاريخ القيد هذا>>.[14]
ذلك أن حصول الاكتتاب الكامل في رأس المال عند تكوين الشركة هو شرط أساسي لقيام شركات المساهمة.
كذلك يجب لتحقيق الاكتتاب الكامل لرأس المال أن يكون الاكتتاب الحاصل حقيقيا، أما إذا كان بطريق المجاملة يكون سببا لبطلان الشركة[15].
نتساءل عن الاكتتابات الوهمية أو الصورية هل تعتبر سبب من أسباب بطلان شركات المساهمة ؟
لقد أجاب الفقيه الفرنسي هيمار Himar عن هذا التساؤل في إطار حديثه عن الاكتتابات الوهمية، فميز بين الاكتتاب الصوري والاكتتاب الباطل، يرى أن الاكتتاب الصوري للأسهم لا يؤدي إلى بطلان الاكتتاب وبالتالي بطلان الشركة بل يترتب عنه فقط إعمال مقتضيات القانون المدني في هذا المجال وبالأخص مقتضيات الفصل 1321 من القانون المدني الفرنسي.
2 – الشهر :
أ – الإيداع : فلابد من الإيداع فانعدام هذا الأخير لم تتأسس الشركة.
ب – القيد في السجل التجاري فشركة المساهمة لم تتأسس إلا بعد القيد في السجل التجاري بالإضافة إلى شهر تأسيس الشركة بواسطة إشعار في الجريدة الرسمية (المادة 33 نسخت وعوضت أحكامه بقانون رقم 20.05).
فالمشرع الفرنسي لم يجعل من تخلف إجراءات الشهر القانونية سببا من أسباب البطلان التي تلحق شركات المساهمة.
ويرجع سبب سكوت المشرع الفرنسي عن إدراج تخلف إجراءات الإيداع والنشر ضمن أسباب البطلان التي تلحق شركات المساهمة إلى أن هذه الإجراءات تعتبر من الأمور البديهية والمسلم بها وذلك ما هو سوى ترسيخ لفكرة التضييق من البطلان، على اعتبار أن البطلان هو داء أكثر من هو دواء.
الفقرة الثانية : أسباب البطلان اللاحقة للتأسيس
فهناك العقود والمداولات المغيرة أو الغير المغيرة للنظام الأساسي وكذا البطلان لخرق قواعد الشهر وأيضا بطلان عملية الادماج أو الانفصال، و كذا تمويل شكلها القانوني.
مثلا، قد تتخلل حياة الشركات إحدى التغييرات التي تعدل من هيكلتها القانونية وقد تعرف هاته العقود والمداولات أو البنود أو غيرها سبب من أسباب سواء شكليا أو موضوعيا تؤدي إلى بطلانها، فبالرجوع إلى نص المادة 344 من قانون 17.95 بطلان العملية الاندماج والانفصال وكذا نص المادة 342 من نفس القانون المتعلقة ببطلان العقود أو المداولات اللاحقة للتأسيس لكن باستقراء نص المادة 337 (النص الأصل للبطلان والذي تقوم عليه باقي النصوص الأخرى فيما بعد).
- المادة 345 المتعلقة بالتقادم (دعوى الشركة أو عقودها ومداولاتها اللاحقة لتأسيسها تتقادم بمرور ثلاث سنوات.
- المادة 351 المتعلقة بتقادم دعوى المسؤولية المرتكزة على البطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها اللاحقة لتأسيسها بمرور خمس سنوات ابتداء من يوم اكتساب مقرر البطلان الصبغة النهائية.
- المادة 344 بطلان عملية الاندماج أو الانفصال بسبب بطلان مداولة إحدى الجمعيات التي قررت هاته العملية.
- المادة 343 بطلان بعض العقود والمداولات اللاحقة لتأسيس الشركة على خرق قواعد الشهر.
- المادة 187 : بطلان عملية الإصدار في حالة عدم تحرير مبلغ رأس بكامله.
- المادة 188 : عدم الزيادة في رأس المال داخل أجل ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ انعقاد الجمعية العامة تحت طائلة البطلان.
- المادة 201 : يترتب عن كل خرق للأحكام المدرجة في هذا الباب بطلان الزيادة في رأس المال (باب خاص بالزيادة في رأس المال).
المبحث الثاني : آثار البطلان وإمكانية تدارك سببي
إذا كانت القاعدة العامة تقضي عند التصريح بالبطلان بوجوب إعادة المتعاقدين إلى نفس ومثل الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد تطبيق للأثر الرجعي للبطلان فإن هناك أسباب تقتضي الخروج عن هذه القاعدة العامة في مجال الشركات تمليها اعتبارات عملية كثيرة ويمليها الطابع المستمر لعقد الشركة.
وقبل الحديث عن أثر البطلان يلزم التطرق إلى دعوى البطلان وكذلك إمكانية تدارك سبب كآلية أوجدها المشرع للتخفيف من حدة هذا الجزاء إذن نعالج في مطلب أول دعوى البطلان وإمكانية تدارك سبب لنختم هذا المبحث بمطلب ثان نتناول فيه أثر الحكم القاضي بالبطلان.
المطلب الأول : دعوى البطلان وإمكانية تدارك سببه
الفقرة الأولى : دعوى البطلان
مادام لم يتم إصلاح سبب البطلان، ومادامت مدة التقادم الثلاثية لم تنقض فإنه يمكن لكل ذي مصلحة أن يرفع دعوى أمام المحكمة التجارية لمقر الشركة من أجل الحكم ببطلان أو إبطال الشركة[16].
وتثير عبارة كل ذي مصلحة نقاشا فقهيا[17].
فقد تساءل عدد من الفقهاء حول قانونية الحق المعطى للدائنين ليطالبوا ببطلان النظام الأساس لشركة مساهمة، وهم ليسوا طرفا فيه إذ يتصادم هذا مع نسبية العقود.
والظاهر جليا أن المعنيين بالأمر أوكل ذي مصلحة ينسحب إلى الجميع مساهمين كانوا أو دائنين، بعد أن أوجد المشرع الحل الذي يجعل طلب البطلان من قبل الدائنين مجرد ناقوس انذار بخطر البطلان حتى يتسنى تدارك سببه من طرف المساهمين وإنقاد الشركة من الضياع وفي ذلك إنقاد لمصالحهم ومصالح الدائنين على حد سواء، وحاول المشرع المغربي اإنقاد الشركة المعيبة من الأسباب والهواجس الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتتجلى مظاهر الإنقاذ والتطور هذا في :
أ – التقليص من أسباب البطلان (م 337) ق.17.95.
ب – تقوية وتنظيم مسطرة خاصة لتسوية أسباب البطلان.
ج – تخفيض تقادم دعوى البطلان في 3 سنوات (م 345) ق. 17.95[18].
أما القضاء فقد ابتدع الشركة الفعلية. كنظرية اجتهادية تقم على أساس اعتبار الشركة موجودة فعلا لا قانونا في الفترة ما بين تأسيسها ويوم التصريح ببطلانها. واعتبار البطلان معطلا لحياة الشركة مستقبلا فقط[19]،[20] فرسالة القاضي تكمل رسالة المشرع[21] في حماية المشرع والاقتصاد، والغير حسن النية الذي تعامل مع الشركة.
الفقرة الثانية : إمكانية تدارك سبب البطلان
على خلاف البطلان الذي ترسيه القواعد العامة للالتزامات والعقود خاصة الفصل 316[22]، والذي يقضي بإزالة كل أثر للعقد الباطل حتى في الماضي لأن العقد الباطل لا يمكن أن ينتج أي أثر، فإنه عندما تقوم حالات بطلان الشركة فإن المشرع – وعلى غرار باقي التشريعات التي تأثرت بالمشرع الفرنسي[23] – فتح المجال لتدارك أسبابه فنص على أن دعوى البطلان تسقط عندما يزول سببه – المادة 339[24] – كما أعطى للمحكمة المعروضة عليها الدعوى أن تحدد أجلا. ولو تلقائيا، لتدارك أسبابه (المادة 340). إلا إذا كان البطلان يرجع لعدم مشروعية غرض الشركة[25] وأخيرا على تقادم دعوى البطلان بمرور 3 سنوات من قيام سببه[26].
والحكمة ظاهرة من توجه المشرع إلى الحد من البطلان.
ويظهر بذلك أن المشرع المغربي ذهب بعيدا في مجال التقليص من حالات البطلان إلى أقصى حد ممكن إلى درجة أنه عند بطلان العقود و المداولات اللاحقة لتأسيس الشركة لعيب في الرضى أو لانعدام أهلية أحد المساهمين، وكان من الممكن تسوية الوضع. أمكن لكل ذي مصلحة أن يوجه إنذارا برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل لكل من له مصلحة في التسوية إما بإنجازها أو بتقديم دعوى البطلان داخل أجل ستة أشهر تحت طائلة بسقوط هذا الحق، ويتم تبليغ هذا الإنذار إلى الشركة[27]، كذلك إذا ارتكز بطلان بعض العقود والمداولات اللاحقة للتأسس على خرق قواعد الشهر جاز لكل ذي مصلحة في تسوية العقد والمداولة أن يوجه إنذار للشركة بتسوية الوضع داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ الإنذار المذكور... (المادة 443).
والغاية من هذا التوجه هو محاولة تدارك أسباب البطلان حتى لا يكون داءا أكثر من دواء وحتى لا تموت الشركة وتنعدم معها المصلحة الاقتصادية.
المطلب الثاني : آثار الحكم بالبطلان
قد تفشل سائر المحاولات والإجراءات التي أعدها المشرع لتسوية أو تدارك أسباب البطلان للحفاظ على الشركة وعدم زوالها وأغراضها التي من أجلها أنشأت، وذلك للحفاظ على مناصب الشغل والموارد التي تسخرها الدولة في تنمية وتطوير النظام الاقتصادي من إنتاج وتوزيع وطلب وعرض إضافة إلى جانب ذلك الغاية الأولى والصريحة التي يتوخاها المساهمين والشركاء هو الربح. وأما هذا الفشل لا يبقى إلا التصريح بالبطلان الشركة مما يوحي بإنتاج آثار لاشك على الشركاء والأغيار من جهة والاقتصاد الوطني من جهة أخرى.
ولحماية هؤلاء نص المشرع على مبادئ جديدة بخلاف ما كان سائد من مبادئ والتي تجعل الشخص المعنوي الناشئ عن الشركة فالعقد أو النظام يندثران أو يزولان بأثر رجعي أسوة ببطلان باقي العقود في القانون المدني (المادة 306 ق.ل.ع).
وهذه المبادئ الجديدة نصت عليها المادة 346 من قانون 17.95 والتي تجرى كذلك على باقي الشركات طبقا للمادة ½ من قانون 05.96 التي جاء فيها : <<كل شركة حكم ببطلانها تحل بقوة القانون دون أثر رجعي وتتم تصفيتها :
ويكون لها البطلان تجاه الشركة نفس آثار الحل المنطوق به قضاء>>.
لذا سنعمل على معالجة هذا المبحث من فقرتين اثنتين :
الفقرة الأولى : حل الشركة بالنسبة للمستقبل.
الفقرة الثانية : تصفية الوضع الناشئ عن قيام الشركة في الماضي
الفقرة الأولى : حل الشركة بالنسبة للمستقبل.
إذا لم يتم تدارك سبب البطلان وإلى حين سماع الحكم الابتدائي في الموضوع وكانت المحكمة أن حكمت بالحكم بالبطلان، عليه تكون الشركة قد حلت بقوة القانون بدون أثر رجعي لماذا ؟ وتتم تصفيتها 346 قانون 17.95، فالحكم القضائي عندما يصرح بالبطلان فإن العقد يزال مما يكون معه انعدام الشخص المعنوي في وجوده بالنسبة للمستقبل.
أما بالنسبة للماضي، فعقد الشركة كان ولايزال قائما، وبالتالي فالشخص المعنوي، كان موجودا وقد يكون ارتباط بعلاقات قانونية مع الغير أصبح معه دائنا أو مدينا فلا يمكن بتاتا إهدار أو تجاهل هذه العلاقات فضلا عن عدم إمكانية الرجوع بالحالة إلى ما كانت عليه بالنسبة لما اكتنزته الشركة من أرباح أو خسائر نتيجة لممارسة نشاطها خلال فترة وجودها.
من هنا، عمل المشرع المغربي، وقبله الفقه والقضاء على حصر آثار البطلان في المستقبل دون مدها إلى الماضي بأثر رجعي (المادة 346 [28]من قانون 17.95) فالشخص المعنوي يعتبر أنه قد وجد واستمر إلى أن قضي ببطلان العقد، لأنه كان قائما فعلا وواقعا في الفترة السابقة وكانت له تعاملات مع الغير وثتبت له حقوق وعليه التزامات، فلا يمكن تجاهل هذه العلاقات – كما أسلفنا – لا لشيء إلا حماية للوضع الظاهر الذي اطمأن إليه الأغيار. وأيضا حماية للمراكز القانونية التي نشأت عنه وهو ما يعرف بشركة الواقع société de fait وعليه، فمتى تم التصريح ببطلان الشركة فإنها تنحل بالنسبة للمستقبل ووجب تصفيته الوضع الناشئ عن قيامها في الماضي.
الفقرة الثانية : تصفية الوضع الناشئ عن قيام الشركة في الماضي
يترتب على التصريح ببطلان الشركة وجوب تصفية الأوضاع القانونية التي نتجت عن قيامها إلى حين التصريح ببطلانها، وذلك من نقطتين اثنتين :
النقطة الأولى : العلاقة بين الشركة فيما بينهم، وذلك عن طريق تحديد نصيب كل واحد منهم من الأرباح والخسائر ومن إيرادات التصفية، وتجدر الإشارة على أنه لابد من التمييز هنا بين أسباب البطلان والإبطال علما وأن المشرع قد أقر لشركات الأشخاص خصائص البطلان المعروفة في القانون المدني، ذلك أن القابلية للبطلان تكون مقررة فقط لحماية المصلحة الخاصة (مثلا بالنسبة للشريك الذي عيبت إرادته أو من كان ناقص الأهلية) ويقبل العقد الإجازة وتتقادم دعوى الإبطال بمضي سنة (حسب نص الفصل 311 و 312 ق.ل.ع)، أما البطلان فهو مقرر لحماية المصلحة العامة، فهو يعتبر من النظام العام ويسوغ لكل من الشركاء أو الغير أن يتمسك به ولا يتصحح بالإجازة أو التقادم إلا أن دعواه تتقادم بمضي 15 سنة إعمالا لمقتضيات الفصل 387 من ق.ل.ع.
إما إذا كان سبب البطلان اختلال أحد الأركان الموضوعية أو الشكلية الخاصة، فإن التوزيع ما تم الاتفاق عليه في العقد، لأن اتفاق الشركاء – غير باطل – في حد ذاته قائم وصحيح – بتوفر الأركان العامة – إلا أن شروط قيام الشركة هي التي اختلت.
النقطة الثانية : علاقة الشخص المعنوي بالأغيار : لقد ركزت حماية الأغيار من الاحتجاج ضدهم بالبطلان سواء من قبل الشركة أو الشركاء أو المساهمين (المادة 347 من قانون 17.95[29]) والتي تجري كذلك على باقي الشركات طبقا للمادة ½ من قانون 05.96) والتي جاء فيها بصريح النص : <<لا يمكن للشركة ولا للمساهمين أن يحتجوا تجاه الأغيار حسني النية>>.
وهذا ما أثار العديد من التساؤلات، حيث تساءل الفقه الفرنسي حول ما إذا كان يحق للغير حسن الينة أن يحتج بالبطلان ضد الشركة والشركاء للتخلص من التزاماته اتجاهها ؟ في حين تبقى الشركة ملزمة بتنفيذ تعهداتها تجاه الغير كما لو كانت صحيحة. وكان جواب الفقه : بالنفي بدعوى أن هذه الإمكانية كانت رائحة قبل إصلاح 1966 و 1978، لكن فيما بعد أي بإحداث قانون جديد والذي يجعل البطلان يسري بأثر فوري لا رجعي، وبالتالي جعل البطلان كالحل بمثابة التصفية.
إشكـــالات
1 – إشكال : المأزق الذي وقع فيه المشرع : حول ما إذا كان بطلان الشركة المدنية يجري بالنسبة للعقد والشخص بأثر رجعي حسب منطوق المادة 306 ق.ل.ع، أم بأثر فوري كالحل المنطوق به قضائيا أسوة بالشركات التجارية ؟؟
القانون الفرنسي لم يعرف مثل هذه الإشكالية بثاثا لأن الأثر الفوري لبطلان الشركات المدنية في نظره جسدته المادة 15/1844 من القانون المدني الفرنسي.
وعليه نتساءل بدورنا، فهل يتم إخضاع الشركة المدنية ق.ل.ع والبطلان يسري عليها بأثر رجعي – مما يكون معه عدم مسايره التطور النظامي الجديد – أم أن البطلان يسري بأثر رجعي وبأثر فوري – مما يؤدي إلى أن نشوء الشركة الفعلية أي أنه يمثابة الحل القضائي –.
2 – إشكال : حول ما إذا كان البطلان يقتصر فقط على الشخص المعنوي، الناشئ عن النظام الأساسي أو العقد التأسيسي للشركة ؟ أم يشمل الشخص المعنوي والنظام الأساسي معا ؟.
نلاحظ أن المادة 346 من قانون 17.95، جاءت عامة لا تفرق بين النظام الأساسي والشخصي المعنوي حيث نصت : <<كل شركة حكم ببطلانها تحل بقوة القانون دون أثر رجعي تتم تصفيتها...>> أي بمعنى أن النظام الأساسي لا يبطل بأثر رجعي وتظل مقتضياته صالحة وحالة وقائمة لإجراء التصفية إضافة إلى المقتضيات القانونية للمادة 361 والتي تم التأثير فيها بالمادة 368 من القانون الفرنسي لـ 24 يوليوز 1966.
3 – إشكال : مدى إمكانية تطبيق ق.ل.ع وقانون الشركات في حالة ما إذا كان البطلان نسبيا وإن كان البطلان مطلقا ما العمل ؟
البطلان النسبي : تطبق القواعد العامة وكذا قانون الشركات وهي مجموعة قواعد وقوانين تطبق حالة عدم وجود اتفاق.
البطلان المطلق : عند تخلف ركن من الأركان الخاصة أو تخلف ركن الكتابة والشهر، فإن قواعد النظام الأساسي (العقد التأسيسي) تبقى سارية المفعول لأن هذا البطلان يتعلق بوجود الشركة لا بماهية العقد.
خاتمة
وبهذا نكون قد حاولنا تبيان أسباب بطلان شركة المساهمة بعد محاولتنا جردنا بموجب الفصل 41 لأسباب بطلان شركات المساهمة من قانون شركات الفرنسي لـ 24 يوليوز 1867 المعدل بظهير 26 يناير 1955 والمعمول به في المغرب بمقتضى ظهير 11 غشت 1922، وكذا قانون 17.95 وتعديله قانون 20.05. آملين إتمام هذا الموضوع بكتابة أخرى.
شكرا للدكتور عز الدين بنستي.
والشكرا موصول لجميع الطلبة والطالباتالباحثين.
الهوامش
[1]- شكري السباعي : "الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي"، الجزء الثالث، دار نشر المعرفة، طبعة 2000، ص : 18.
[2]- عز الدين بنستي : "حالات بطلان الشركات ونظرية الشركات الفعلية"، أطروحة لنيل الدكتوراه، البيضاء، كلية الحقوق، 1971.
[3]- عز الدين بنستي : "الشركات في التشريع المغربي والمقارن"، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 1998، ص : 83
[4]- شكري السباعي : مرجع سابق، ص : 179.
ويضيف : ويرى تالير أن الدعوى الجماعية تجعل الشركة تقاضي نفسها، وهو أمر يبدو لأول وهلة غير منطقي، ولكن الحقيقة أن جميع المساهمين يترافعون بعضهم ضد بعض لإلغاء النظام الأساسي لنشأته غير صحيح.
ويضيف : ويرى تالير أن الدعوى الجماعية تجعل الشركة تقاضي نفسها، وهو أمر يبدو لأول وهلة غير منطقي، ولكن الحقيقة أن جميع المساهمين يترافعون بعضهم ضد بعض لإلغاء النظام الأساسي لنشأته غير صحيح.
[5]- المادة 347 من قانون 17.95 : <<لا يمكن للشركة ولا للمساهمين أن يحتجوا بالبطلان تجاه الأغيار حسن النية>>.
[6]- د. فؤاد معلال : "شرح القانون التجاري المغربي الجديد"، الجزء الثاني، الشركات التجارية، الطبعة الثالثة 2009، ص :21.
[7]- د. فؤاد معلال : نفس المرجع السابق، ص: 20 و 22.
[8]- المادة 592 من القانون التجاري الجزائري.
[9]- د. فتيحة يوسف المولودة عماري : "أحكام الشركات التجارية"، وفقا للنصوص التشريعية والمراسيم التنفيذية الحديثة، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، طبعة 2007، ص : 67
[10]- د. فتيحة يوسف المولودة عماري ، نفس المرجع، ص : 68 و 69.
[11]- الفصل 1034 من ق.ل.ع.
[12]- محكمة النقض المصرية في جلسة لها يوم 8/6/1987.
[13]- د. فؤاد معلال : مرجع سابق، ص : 162.
[14]- عز الدين بنستي : مرجع سابق.
[15]- د. عز الدين بنستى : "بطلان الشركات"، أطروحة لنيل الدكتوراه، ص : 221.
[16]- فؤاد معلال : "شرح القانون التجاري الجديد"، الجزء الثاني، الشركات التجارية، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة 2009، ص : 40.
[17]- شكري السباعي : مرجع سابق، ص : 179.
[18]- شكري السباعي : مرجع سابق، ص : 175.
[19]- عز الدين بنستى : مرجع سابق، ص : 89.
[20]- للتعرف أكثر على الشركة الفعلية، أنظر :
فتيحة يوسف مولودة عماري : "أحكام الشركات التجارية"، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، طبعة 2007، ص : 79.
هاني صلاح سري الدين : "لشركات التجارية الخاصة في القانون المصري"، دار النهضة العربية، طبعة 2001، ص : 66 وما يليها.
فتيحة يوسف مولودة عماري : "أحكام الشركات التجارية"، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، طبعة 2007، ص : 79.
هاني صلاح سري الدين : "لشركات التجارية الخاصة في القانون المصري"، دار النهضة العربية، طبعة 2001، ص : 66 وما يليها.
[21]- محمد الكشبور : "الكراء المدني والكراء التجاري"، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2007، ص : 197.
[22]- الفصل 316 ق.ل.ع : <<يترتب على إبطال الالتزام وجوب إعادة المتعاقدين إلى نفس ومثل الحالة التي كانا عليها وقت نشأته، والتزام كل منهما بأن يرد للأخر كل ما أخذه منه بمقتضى أو نتيجة العقد الذي تقرر إبطاله، وتطبق بشأن الحقوق المكتسبة على وجه صحيح للغير الحسني النية الأحكام الخاصة المقررة لمختلف العقود>>.
[23]- التشريع الجزائري : المادة 735 من القانون التجاري : <<تنقضي دعوى البطلان إذا انقطع سبب البطلان في اليوم الذي تتولى فيه المحكمة النظر في الأصل ابتدائيا إلا إذا كان سبب البطلان مبنيا على عدم قانونية موضوع الشركة>>.
المادة 736 من نفس القانون : <<يجوز للمحكمة التي تتولى النظر في دعوى البطلان إن تحدد أجلا ولو تلقائيا للتمكن من إزالة البطلان، ولا يسوغ لها أن تقضي بالبطلان في أقل من شهرين من ناريخ طلب افتتاح الدعوى>>.
عن : فتيحة يوسف المولودة عماري : "أحكام الشركات التجارية"، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، طبعة 2007، ص : 75
المادة 736 من نفس القانون : <<يجوز للمحكمة التي تتولى النظر في دعوى البطلان إن تحدد أجلا ولو تلقائيا للتمكن من إزالة البطلان، ولا يسوغ لها أن تقضي بالبطلان في أقل من شهرين من ناريخ طلب افتتاح الدعوى>>.
عن : فتيحة يوسف المولودة عماري : "أحكام الشركات التجارية"، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، طبعة 2007، ص : 75
[24]- المادة 339 من 17.95 : تسقط دعوى البطلان عندما يزول سببه ولغاية يوم البث ابتدائيا في الموضوع.
[25]- المادة 341 : لا تطبق أحكام المادتين 339 و 340 في حالات البطلان المنصوص عليها في الفصول 984 إلى 986 ق.ل.ع.
[26]- فؤاد معلال : مرجع سابق، ص : 39.
[27]- عز الدين بنستى : "الشركات في التشريع المغربي والمقارن"، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية، 1998، ص : 87.
[28]- كالمادة 13 – 1844 من القانون المدني الفرنسي وكذلك المادة 361 قانون 17.95 والمادة 368 من قانون الشركات الفرنسية، فلا تفرق بين المساهمين والأغيار فالبطلان بالنسبة لهؤلاء بدون أثر رجعي، وأن أثر البطلان بالنسبة لهما معا بمثابة الحل المنطوق به قضائيا، أي يعتبر النظام الأساسي صحيحا لهم جميعا يرتب الحقوق والالتزامات.
كما لا يمكن مواجهة الغير حسني النية بالاحتجاج بالبطلان، لأن الأثر الفوري للبطلان على الشركة ونظامها الأساسي ولا يمتد إلى العقود والمداولات المعدلة أو غير المعدلة للنظام الأساسي، التي تبطل وتبعد كأن لم تكن إزاء كافة الأطراف.
كما لا يمكن مواجهة الغير حسني النية بالاحتجاج بالبطلان، لأن الأثر الفوري للبطلان على الشركة ونظامها الأساسي ولا يمتد إلى العقود والمداولات المعدلة أو غير المعدلة للنظام الأساسي، التي تبطل وتبعد كأن لم تكن إزاء كافة الأطراف.
[29] - المادة 347، حيث نلاحظ أن مبدأ عدم يفرز الاحتجاج بالبطلان في مواجهة الغير حسن النية جاء مطلقا، بخلاف المشرع الصوتي الذي قيده بالتنصيص عليه في مشروع الشركات لـ 1989.