MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




تعزيز سلطة النيابة العامة على أعمال الضابطة القضائية على ضوء توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة

     

جمال العزوزي
حاصل على شهادة الماستر في القانون العام
وحدة : قانون المنازعات العمومية
كلية الحقوق – فاس








               
 
تمارس وظائف الضبط في الدول الحديثة اليوم بواسطة نوعين متميزين من الأنشطة ،و هما وظيفة الضبط الإداري ، والذي تقوم به الشرطة الإدارية ، ووظيفة الضبط القضائي الذي  تقوم به الشرطة القضائية ، ويتسم عمل الشرطة الإدارية بطابع وقائي صرف ،حيث تعمل على الوقاية من  الجرائم ،والحيلولة دون وقوعها وذلك بمراقبتها للأماكن العامة و تواجدها المستمر للحفاظ على النظام العام ، وبذلك يمكن القول أن الشرطة الإدارية هي عبارة عن مراقبة إدارية للأشخاص في الزمان و المكان ،فهي عين الإدارة ،تشبه تلك الشاشة الصغيرة التي تعمل على مراقبة الزبائن في المتاجر الكبرى ،لتحاول الحيلولة دون ارتكاب الجرائم و خرق القوانين ،و استثبات الأمن و الطمأنينة ،و الحفاظ على النظام العام ،دون أن تكون لها الصلاحية للتدخل بعد ارتكاب الجريمة
[1].

أما الشرطة القضائية فتبدأ وظيفتها حيث تنتهي وظيفة الشرطة الإدارية ،أي بعد وقوع الجريمة للتثبت من حصولها ،و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ،حسب مقتضيات المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية
[2]، فهي جهاز يعمل على مساعدة القضاء على تحقيق العدالة ،ومعاقبة مرتكبي الجرائم و مخالفي القانون ،لذلك و في سبيل تمكينه من إنجاز عمله بشكل صحيح ، فقد خول القانون لجهاز الضابطة القضائية إمكانيات مهمة ،من بحث و تحقيق ،ووضع تحت الحراسة النظرية ،وهي تدابير خطيرة يمكن أن تمس بحقوق الأفراد و حرياتهم ، لذلك فقد عمل المشرع على إخضاع هذا الجهاز لرقابة مزدوجة ، وهي الرقابة القضائية التي تمارسها النيابة العامة ،كجهاز قضائي يتبع له ضباط الشرطة القضائية في ممارسة مهام الضبط القضائي ، و الرقابة الإدارية التي تمارسها الجهة الإدارية التي يتبع لها ضباط الشرطة القضائية كموظفين ،وقد يبدو أن ازدواجية الرقابة المطبقة على ضباط الشرطة القضائية ،قد تزيد في تعزيز حقوق المواطنين و تحصين حرياتهم ، لكن انقسام عمل الضابطة القضائية مابين التبعية الرئاسية لجهة الإدارة التي تنتمي إليها ، و التبعية الوظيفية لجهاز القضاء ممثلا في النيابة العامة قد يطرح عدة إشكالات ، خصوصا إذا علمنا أن ضباط الشرطة القضائية ينتمون إلى أكثر من جهة إدارية واحدة .

إذ ينتمون من الناحية الإدارية لجهات متعددة ، كوزارة الداخلية بالنسبة لرجال الأمن الوطني ،ورجال السلطة ،و إدارة الدفاع الوطني بالنسبة لرجال الدرك الملكي، بالإضافة لجهات أخرى متعددة ،كوزارة الفلاحة ،ووزارة المالية ، و إدارة مراقبة التراب الوطني ،التي تم إعطاء رجالها الصفة الضبطية بموجب القانون 11/35 المتمم للقانون 01/22 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية
[3]، ومن شأن هذه الإزدواجية في التبعية مابين النيابة العامة و الإدارة التي ينتمي إليها الضابط أن يربك عمل الضابطة القضائية ،خصوصا عند تلقي أوامر مختلفة من الجهتين .
و الواقع يشهد أن دور الرقابة القضائية يظل ضعيفا مقارنة بالرقابة الإدارية ،إذ يقتصر دور النيابة العامة على إرسال الشكايات مع بعض التعليمات وتلقي المحاضر رفقة الأظناء، دون حضور المعاينات و أخذ نظرة عامة عن معالم الجريمة ،و التأكد من احترام مدة الحراسة النظرية ،رغم كون هذه الأعمال تدخل ضمن نطاق اختصاصها ،ولقد أصبح القضاء بموجب ذلك غير قادر على تتبع عمل الشرطة القضائية ، وفي مقابل ذلك احتكر رؤساء الضابطة القضائية هذه المراقبة ،و أصبح ضابط الشرطة القضائية يخشى مراقبة رؤسائه أكثر مما يخشى مراقبة القضاء،
[4] فالمراقبة الإدارية جد صارمة ،فمصالح التفتيش مثلا بالقيادة العليا للدرك الملكي ،و الإدارة العامة للأمن الوطني لا تتردد في اتخاذ عقوبات قاسية ضد كل من أخل بمهامه.

لذلك فإن ضباط الشرطة القضائية يصعب عليهم واقعيا تجاهل الأوامر الصادرة عن الإدارة التي يخضعون لها تسلسليا ،و التي تسهر على توفير الإمكانيات المادية و البشرية ووسائل العمل اليومي ،و التي تملك إزاءهم صلاحية توقيع جزاءات تأديبية حقيقية و مباشرة .

ووعيا بما لحجم الضغط الذي تشكله الرقابة الإدارية على عمل الضابطة القضائية ،وما يمكن أن يسببه تلقي أوامر من الإدارة أثناء القيام بمهام الضبط القضائي ،من إرباك لعمل هذا الجهاز ، فقد تضمن الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة توصيات من شأنها تعزيز علاقة الضابطة القضائية بالنيابة العامة ،و بالتالي المساهمة في استقلال العمل القضائي عن كل تدخل محتمل من جهات غير قضائية ، وبالتالي تمكين جهاز القضاء من تحقيق هدفه بتحقيق العدالة ،بشكل فعال و مستقل عن كل تدخلات خارجية .

فكيف يمكن لهذه التوصيات التي تضمنها الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة أن تساهم في تحقيق هذه الأهداف ؟

لمحاولة حصر الموضوع و تسليط الضوء عليه سنقوم بالتركيز على توصيتين مهمتين تضمنهما الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة ،وهما :


  • تعزيز إشراف قضاة التحقيق و قضاة النيابة العامة على عمل الضابطة القضائية ،وإشراكهم في القرارات المتعلقة بالمسار المهني لضباط الشرطة القضائية ،سواء على مستوى الترقية أو التأديب أو النقل .
 
  • منع التدخل أو إعطاء تعليمات لضباط الشرطة القضائية من غير الجهات المختصة فيما يتعلق بتسيير الأبحاث القضائية .
 
وذلك نظرا لأهمية ما يمكن أن يترتب عن هاتين التوصيتين في حالة تفعيلهما بالنسبة لعلاقة الضابطة القضائية بالنيابة العامة بشكل خاص، وبالنسبة لحسن سير جهاز العدالة بشكل عام .
 
 
 
 
- تعزيز إشراف قضاة التحقيق و قضاة النيابة العامة على عمل الضابطة القضائية ،وإشراكهم في القرارات المتعلقة بالمسار المهني لضباط الشرطة القضائية ،سواء على مستوى الترقية او التأديب او النقل .
 
ينبغي التنبيه إلى أن قانون المسطرة الجنائية الحالي قد وضع الشرطة القضائية تحت إشراف وكيل الملك والوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف ،طبقا لمقتضيات المادة 16 و 17 من قانون المسطرة الجنائية
[5]،وقد أناط المشرع بالغرفة الجنحية مهمة مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية ،حين تكون تلك الأعمال صادرة عنهم بتلك الصفة ،طبقا للمادة 29 من قانون المسطرة الجنائية [6].

وطبقا للمادة 31 من قانون المسطرة الجنائية
[7]،فالغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف تأمر بعد إحالة القضية عليها ،وتقديم وكيل الملك لملتمساته الكتابية ،بإجراء بحث وتستمع لأقوال ضابط الشرطة القضائية المنسوب إليه الإخلال ، ويمكن للغرفة الجنحية في حالة ثبوت الإخلال بالمهام المنسوب إلى الضابط توقيع عقوبات قاسية يمكن أن تصل إلى التجريد النهائي من مهام الضابطة القضائية كما تنص على ذلك المادة 32 من قانون المسطرة الجنائية [8].

وبالرجوع للواقع العملي فإنه يصعب إيجاد حالة واضحة ،لا على مستوى غرفة الإتهام سابقا ولا على مستوى الغرفة الجنحية حاليا ،طبقت فيها المقتضيات الواردة في المادة 32 من قانون المسطرة الجنائية ،كما أن الوساطة التي تشكلها الغرفة الجنحية بين النيابة العامة و ضباط الشرطة القضائية في عملية تأديب الضباط المخالفين للقانون ،تزيد من إضعاف سلطة النيابة العامة في هذا النطاق ، لذلك فإن الرقابة القضائية على ضباط الشرطة القضائية تبقى ضعيفة مقارنة بالرقابة الإدارية كما ذكرنا سابقا ،لذلك فقد تم التأكيد من خلال التوصية التي تضمنها الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة على ضرورة إشراك قضاة النيابة العامة و قضاة التحقيق في القرارات المتعلقة بالمسار المهني لضباط الشرطة القضائية ،على مستوى الترقية و النقل و التأديب ،إذ من شأن تمتع قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق بهذه السلطات أن يقوي من الرقابة القضائية على ضباط الشرطة القضائية ،وينعكس بشكل إيجابي على سير أعمال الضبط القضائي ،التي ستخضع لمراقبة حقيقية من طرف السلطة القضائية .

والواقع أن هذه التوصية هي جزء من كل ،إذ تنضاف لمجموعة من توصيات أخرى تضمنها الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة ، تهدف إلى تحقيق استقلال حقيقي للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ، وهي تنسجم وتكمل التوصية بضرورة إسناد رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض عوض وزير العدل،إذ مع هذا التعديل المهم ستصبح النيابة العامة هيئة قضائية صرفة ،و سيكون بالتالي جهاز الضابطة القضائية أثناء مزاولة مهام الضبط القضائي جهازا قضائيا بامتياز،وكذلك التوصية بإحداث مفتشية عامة للتفتيش القضائي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية و اقتصار وزارة العدل على التفتيش الإداري، إذ سيكون إشراك قضاة التحقيق و قضاة النيابة العامة في القرارات المتعلقة بالمسار المهني لضباط الشرطة القضائية لبنة أخرى في بناء استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ،وبالتالي سيكون ضباط الشرطة القضائية أثناء مزاولة مهام الضبط القضائي لا يخضعون لتبعية وظيفية فقط للسلطة القضائية ،و إنما تبعية وظيفية وإدارية .

ويجدر التنبيه إلى أن دستور 2011 قد نص من خلال الفصل 128 على أن الشرطة القضائية تعمل تحت إشراف النيابة العامة وقضاة التحقيق ،في كل ما يتعلق بالأبحاث و التحريات الضرورية في شأن الجرائم وضبط مرتكبيها ولإثبات الحقيقة ، ولقد كان المشرع الدستوري واعيا بضرورة تخويل قضاة النيابة العامة و قضاة التحقيق سلطات حقيقية على ضباط الشرطة القضائية ، حتى يضمن خضوعهم لجهة قضائية عند قيامهم بعمل ذي طبيعة قضائية ، ولن تحقق كلمة الإشراف التي استخدمها المشرع الدستوري معناها الحقيقي إلى بمنح قضاة النيابة العامة و قضاة التحقيق صلاحية إشراكهم في القرارات المتعلقة بالمسار المهني لضباط الشرطة القضائية ، الأمر الذي سيساهم في تنفيذ الهدف الذي تتوخاه التوصية الثانية موضوع هذا المقال .

  1. -  منع التدخل أو إعطاء تعليمات لضباط الشرطة القضائية من غيرالجهات  المختصة فيما يتعلق بتسيير الأبحاث القضائية .
 
يخضع رجال الضابطة القضائية على المستوى الإداري إلى السلطة الإدارية التي ينتمون إليها ، ويجد هذا الخضوع سببه في كون الإدارة أو المرفق الذي ينتمي إليه رجال الضابطة القضائية ،هو المسؤول عن تزويدهم بكافة الإمكانيات المادية و البشرية التي يحتاجون إليها في أداء وظيفتهم ، كما أن أعمال الضبط الإداري أو مهام الشرطة الإدارية هي من صميم عمل الإدارة التي ينتمون إليها ،وبالتالي فهم يقومون بهذه المهام باسم الإدارة ، ويتلقون الأوامر في هذا الصدد منها ، وإن كان هذا الأمر مبررا بخصوص أعمال الشرطة الإدارية ،فهل يستقيم الأمر عند مزاولة مهام

الشرطة القضائية ،هل يمكن لضباط الشرطة القضائية تلقي أوامر من الجهة الإدارية التي ينتمون إليها أثناء ممارسة مهام الضبط القضائي ؟
تعرف الشرطة القضائية بكونها جهازا يعمل تحت مراقبة القضاء ، إذ أن مهمة البحث عن الجرائم و التثبت منها و جمع الأدلة عنها ما هي في الحقيقة إلى امتداد لعمل القضاء للتمكن من ممارسة وظيفته ، فعمل الجهاز القضائي لا يقتصر على الفصل في المنازعات ،بل يمتد إلى الكشف عن الجرائم و التثبت منها ، وما إعطاء المشرع صفة ضباط الشرطة القضائية لقضاة النيابة العامة و قضاة التحقيق إلى تأكيد على الصبغة القضائية لأعمال الشرطة القضائية ، فهذه الأعمال يمكن أن تكون المحدد الأساسي الذي يتم الإعتماد عليه في إصدار الأحكام ،خصوصا مع ما تتمتع به محاضر الضابطة القضائية من حجية ، ومع كون التحقيق الإعدادي الذي يقوم به قاضي التحقيق لم يعد إلزاميا إلى في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد التي يصل حد عقوبتها الأقصى 30 سنة ،و في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث ، وفي الجنح بنص خاص ، ويكون اختياريا فيما عدا ذلك من الجنايات وفي الجنح المرتكبة من طرف الأحداث ،وفي الجنح التي تصل عقوبتها الأقصى إلى 5 سنوات أو أكثر ،حسب مقتضيات المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية
[9]،مما يفتح المجال هنا أما الإعتماد على البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية ما دام التحقيق الإعدادي غير إلزامي.

يتضح إذن من خلال ما ذكرنا الطبيعة القضائية لعمل الضابطة القضائية ،و مدى أهمية هذا العمل و خطورته داخل الجسم القضائي ،فهذا العمل ليس عملا منفصلا عن عمل الجهاز القضائي ، لذلك فتلقي رجال هذا الجهاز لأوامر من خارج السلطة القضائية أثناء مزاولة مهام الضبط القضائي يعد تدخلا في عمل القضاء ،ومسا باستقلاليته ، والذي من شأنه التأثير على عمل جهاز العدالة بشكل سلبي .

و بالإضافة لما قلناه فإن تلقي رجال الضابطة القضائية أثناء مزاولة مهام الضبط القضائي

لأوامر من جهتين مختلفتين في الطبيعة ،أي الجهاز القضائي و الإدارة التي يتبع لها رجال الضابطة القضائية ،من شأنه إرباك عمل الضابطة القضائية ، إذ أن كلا من جهة الإدارة و جهة القضاء تنطلق من أولويات مختلفة ،تنبع من طبيعة الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه ،فإذا كان الشغل الشاغل لجهاز القضاء هو السهر على تحقيق العدالة و الضرب على أيدي مخالفي القانون ،فإن قرارات الإدارة غالبا ما تكون محكومة بمبدأ الحفاظ على انتظام و استمرار المرفق العام ، هذا بالإضافة إلى الإختلاف البين بين العمل الإداري و العمل القضائي ،فإذا كان العمل القضائي عملا مقيدا محصورا في نطاق النصوص القانونية ،فإن العمل الإداري يعرف بانفتاحه على هامش السلطة التقديرية المخولة للإدارة ،كلما تبين لها تحقيق مصلحة عامة ،لذلك فإن تلقي أوامر من طرف الضابطة القضائية أثناء مزاولة مهام الضبط القضائي من جهة  غير قضائية ،يشكل تدخلا في عمل السلطة القضائية ،ويمس بمبدأ استقلالية القضاء ،ويؤثر على السير الحسن لجهاز العدالة.

ومن بين مظاهر التدخل في اختصاص السلطة القضائية على مستوى عمل الضابطة القضائية ،و التي تحتاج بدورها لتوصية يتم تفعيلها للحد من هذا التدخل ،هي السماح لأعوان القوة العمومية وهم  من رجال الشرطة الإدارية ،بزجر مجموعة من الجرائم معاقب عليها بالحبس ،أو بغرامات جنحية ،إلى جانب رجال الشرطة القضائية ،وذلك وفق نصوص خاصة ، كما هو الشأن بالنسبة لمرسوم 14 نونبر 1967 المتعلق بالمعاقبة على السكر العلني ،إذ ينص الفصل 5 من هذا المرسوم على أنه يثبت المخالفات لمقتضيات هذا القانون جميع ضباط الشرطة القضائية ،و الأعوان المحلفين و أعوان القوة العمومية ،ويحررون محضرا بها ،وكذلك الأمر بالنسبة للقوانين المتعلقة بإثبات المخالفات و الجنح المتعلقة بقانون السير ،و الظهائر التعلقة بالأسلحة ،وهذه الظهائر و القوانين الخاصة ،تنص على عدة جرائم ،قد يعاقب على بعضها بسنة كاملة ،بمعنى أنها يمكن أن تشكل جنحا يمكن أن تسلك فيها مسطرة البحث التلبسي
[10].

وهنا يمكن أن يطر
ح السؤال ،كيف يمكن لهذه النصوص الخاصة أن تسمح بالتثبت من هذه الجرائم لرجال القوة العمومية وهم رجال للشرطة الإدارية ،وكيف يمكنهم إجراء مساطر بخطورة مسطرة البحث التلبسي ، و إجراء البحث التمهيدي دون توفرهم على صفة ضابط للشرطة القضائية ، إن دور أعوان القوة العمومية و باقي أفراد الشرطة الإدارية من خلال هذه النصوص ،يجب أن يقتصر على تبليغ كل المخالفات التي تصل إلى علمهم إلى عناصر الشرطة القضائية ، التي يجب أن تعمل على تحرير المحاضر المتعلقة بالمخالفات المتعلقة بهذه النصوص .

إذ أن مزاولة أفراد الشرطة الإدارية ، لمهام الضبط القضائي يعد تطاولا على اختصاصات السلطة القضائية ،فعناصر الشرطة الإدارية يتبعون وظيفيا و إداريا للسلطة الإدارية ، لذلك فلا يمكنهم مزاولة مهام تدخل في نطاق العمل القضائي ، فوحده إضفاء الصفة الضبطية على رجل الشرطة يمكنه من الإنتقال من رجل شرطة إدارية ،إلى رجل شرطة قضائية عند اللزوم ، فإعطاء القانون لهذه الصفة هو عبارة عن تفويض من جهاز القضاء لرجل الشرطة للقيام بمهمة قضائية ،لذلك فهو يزاول حينها عملا قضائيا تنطبق عليه شروط العمل القضائي ،فإلى عهد قريب كانت أعمال الضبط القضائي ،الذي تقوم به عناصر الضابطة القضائي تعفى من إثارة مسؤولية الدولة بشأنها أمام القضاء الإداري ، شأنها شأن بقية الأعمال القضائية ، و ذلك قبل ورود المقتضى الدستوري المتمثل في الفصل 122 من دستور 2011، الذي فتح المجال أمام إثارة مسؤولية الدولة عن الأعمال القضائية .
 
لائحة المراجع :
 
الحسن البوعيسي: عمل الضابطة القضائية بالمغرب، دراسة نظرية وتطبيقية، طبعة 2001، الطبعة الثانية.
 قانون المسطرة الجنائية 01/22 ،كما تم تعديله بموجب قانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ،وكذا القانون 11-35.
 


لائحة المراجع

[1]  - الحسن البوعيسي: عمل الضابطة القضائية بالمغرب، دراسة نظرية وتطبيقية، طبعة 2001، الطبعة الثانية، ص:28.
[2]  - المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، 01-22، المتمم بالقانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب
[3] -  القانون رقم 11/35 كما وافق عليه مجلس النواب في 7 أكتوبر 2001 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون 01/22 المتعلق بالمسطرة الجنائية.
[4] - الحسن البوعيسي ،مرجع سابق ،ص : 96 .
[5] - المادة 16 و 17 من قانون المسطرة الجنائية 01/22 ،كما تم تعديله بموجب قانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ،وكذا القانون 11-35.
[6] - المادة 29 من قانون المسطرة الجنائية 01/22 ،كما تم تعديله بموجب قانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ،وكذا القانون 11-35.
 
[7] - المادة 31من قانون المسطرة الجنائية 01/22 ،كما تم تعديله بموجب قانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ،وكذا القانون 11-35.
 
[8] - المادة 32من قانون المسطرة الجنائية 01/22 ،كما تم تعديله بموجب قانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ،وكذا القانون 11-35.
 
[9] -- المادة 83  من قانون المسطرة الجنائية 01/22 ،كما تم تعديله بموجب قانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ،وكذا القانون 11-35.
 
[10] - الحسن البوعيسي ،مرجع سابق ،ص : 32.



الخميس 24 أكتوبر 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter