النسخة المجهزة للتحميل
عذرا ايها المشرع بعد دخلت الكويت من الناحية القانونية مصاف الدول المتقدمة التي شرعت أبوابها لأحدث التشريعات المنظمة لقانون العمل من حيث تنظيم الحقوق وفرض الواجبات، اذ إن السنوات العشر الأخيرة أثبتت أن هناك حاجة لاستعادة التوازن بين الاقتصاد الحر من ناحية وحقوق العمال خاصة العمالة الأجنبية من ناحية أخرى، واستنادا الى ما تقدم انكب المشرع ليلا ونهارا على العمل المتواصل مدعوما من السلطة في البحث والتواصل لإخراج أجمل صورة لأفضل قانون مصحوبا بالتزامات لم أرها في النص حتى في فرنسا أم القوانين. وتم التوقيع على قانون عمل جديد بعد مناقشته بشكل مستفيض في مجلس الأمة حتى دخل حيز التنفيذ فكانت البشرى.
يتضمن قانون العمل الجديد في الكويت أحكاما جديدة ذات طابع إنساني مثل عمل الأطفال ومنع التمييز بين الرجل والمرأة واحترام حقوق الغير بالعمل، وأخرى ذات طابع اجتماعي مثل طوارئ العمل وشروط السلامة والصحة والحماية في الأعمال الخطرة إلى الإجازات مدفوعة الأجر والعمل في الليل والتعديلات الجميلة التي ان أحسن تطبيقها فسنبشر بالدخول الى عالم آخر من تنظيم لحقوق العمالة والمراعاة لأفضل المبادئ والتي سنكون ان شاء الله السباقين الى تطبيقها نعني بذلك حق الموظف بالإنذار ثلاثة أشهر والحق في إجازة الحج وحقوق الموظفة بعد الوضع، ولابد من الإشادة وبكل ضمير بالجهود التي تبذل في وزارة الشؤون الاجتماعية لحل قضايا العمال والسرعة في تحديد الجلسات. ولكن يبقى السؤال: لماذا لم يعط الباحثون القانونيون الصلاحيات الأوسع لتطبيق أفضل للقانون الجديد؟
ان قانون العمل الجديد في القطاع الأهلي في الكويت والذي ينظم العمل بطريقة قانونية صرفة تستلزم التقيد بالنص والتطبيق الحرفي للمواد والبعد عن التحليل، يشكل خطوة ممتازة لابد أن تستتبع بقانون إلغاء الكفيل، إذ ان الإقامة وفي جميع دول العالم مرتبطة بمبدأ السيادة أي الأمن العام وتحاول وزارة الشؤون الاجتماعية مشكورة التصدي لمبدأ التعسف في استعمال الحق من قبل أصحاب العمل بعدم اعطاء التحويل واللعب على عامل الوقت والذي يكون في غالب الأحيان قاتلا بالنسبة للعامل، خاصة العمال الذين يجهلون القانون ولم يعرفوا معنى التغيب أو الحق في الإلغاء أو منع العمل لدى شركات أخرى خلال فترة تعنت صاحب العمل بعدم إعطاء التحويل، وهنا نكون قد دخلنا في أتون التطبيق. وأصبحنا نخاف على الجهود الجبارة التي بذلت لإخراج هذه الصورة الجميلة لهذا المشهد الرائع من القانون.
اذن لابد من إقرار القانون الجديد المتعلق بمبدأ الكفيل لكي نجاري في هذا الموضوع حتى فرنسا أم القوانين ولكن يعطى المجال لنا كمستشارين قانونيين في التحرر للإجابة على جملة من الأسئلة لا نملك الإجابة عليها، ولابد من التوضيح أن القانون الجديد وضع حدا للثغرات التي كانت موجودة في القانون القديم وأبرزها نهاية الخدمة واحتساب 25 يوما.
إذن جاء قانون العمل في القطاع الأهلي لينظم العلاقة بامتياز مع الحرص على التنفيذ بين أصحاب العمل والعمال ويضمن جميع الحقوق ويفرض جميع الواجبات ويحرص على عدم تعسف أصحاب العمل في التعسف في استعمال الحقوق، خاصة الموضوع المتعلق بمبدأ التحويل والاقامة.
وقد جاء القانون في 7 أبواب بشكل منظم واندرج في 150 مادة وهي تشكل رأس حربة للاستقرار بين العامل وأصحاب العمل وسنلقي الضوء في على نقاط القوة في القانون كما سنشرح وبشكل قانوني بحت حقوق العامل وصاحب العمل.
بعد هذه المقدمة التي استعرضنا فيها وبشكل موجز الصورة الحقيقية لقانون العمل الجديد في القطاع الأهلي في الكويت والذي أبصر النور بعد انتظار طويل، وأكدنا ان القانون عالج الكثير من الثغرات التي شابت القانون القديم ووضعت حدا لبعض التكهنات حول عدم الموضوعية في تفسير النص، وخاصة موضوع الكفيل والضعف في حق الموظف في الحصول على حقوقه، اضافة الى عامل الوقت الذي عادة ما يكون قاسيا الى حد ما بالنسبة الى الشاكي أمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وانطلاقا من ذلك آثرنا البحث في القانون من الناحية المنطقية القانونية البحتة التي تسلط الأضواء على ما اعترى القانون من مساوئ، حتما ستشكل الى حد ما بابا مشرعا للدفع بعدم دستورية بعض المواد في الأيام القلية المقبلة بالإضافة الى الدراسة المستفيضة للتحقق فيما اذا كانت مواد القانون متفقة أو متعارضة مع الاتفاقيات الدولية الموقعة لأنها وبحسب القانون الدولي تكون ملزمة.
إذن لابد من التذكير بأن قانون العمل الجديد في القطاع الأهلي وبحسب النص الذي نفصله عن التطبيق قد راعى وبشكل ممتاز عدة مواضيع كفلها الدستور، كان من أهمها تأمين مبدأ العدالة الاجتماعية التي أقرتها حتى الدساتير الفرنسية المتعاقبة وكفلتها المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان أبرزها تأمين الاستقرار النفسي للموظف، وذلك لحثه على الإنتاج بالإضافة الى حق الموظف في التأمين والبدل وبدل الساعات الإضافية وحقه في الإنذار ولكن كل المواضيع يجب ان تقترن بجرأة العامل بالمطالبة وصرامة القانون في التطبيق حتى ننتقل الى مرحلة عصرية من قانون منفتح يضمن الحقوق ويلزم بالواجبات.
إذ لا يمكن التصويب بالسهام على القانون في الوقت الذي يظهر فيه العامل عاجزا خائفا حتى في المطالبة بأدنى حقوقه. نحن نجزم وعلى الملأ بأن القانون كفل وبشكل أكثر من رائع جميع الحقوق لجميع العمال ودون تمييز وكان سباقا من حيث الصياغة بل وتجاوز في مواده عددا كبيرا من النصوص التي طبقت في الدول التي نتغنى في ديموقراطيتها ولكن كما في كل الدول التي تعدل قوانينها حتى في فرنسا التي تنكب اللجان فيها عدة شهور بل سنين على دراسة أي مشروع قانون، فإن القانون عندما يوقع من السلطات التشريعية ويدخل حيز التنفيذ يصطدم عادة اما بواقع مرير أو عدم القدرة على التكيف بالواقع او سوء التطبيق ولكن القانون وفي جميع الأحوال يبقى براءة.
وفي هذا المضمار نسلط الضوء على نقطتين أساسيتين تعتبران مجحفتين بحق العامل ومن الممكن ان تتسببا في مشاكل عند التطبيق:
الأولى المتعلقة بغياب العامل عن العمل دون إذن لمدة تعتبر وجيزة جدا لإعطاء صاحب العمل الحق لاعتباره بحكم المستقيل وهذه المدة من الممكن أن تؤدي الى هدر حقوق كثيرة للعامل، أو من الممكن أن تكون فرصة فريدة من نوعها بالنسبة الى صاحب العمل للتخلص من العامل لأنه يكون في ظرف لا يسمح له بالاستغناء عن خدماته لأنه ملزم بالتعويض وهنا نكون قد أدخلنا العامل في نفق مظلم لأن مستقبله يصبح بين يدي صاحب العمل لأنه حتما صاحب الأمر في تسجيل بلاغ التغيب الذي حكما سيستتبع بإجراءات قانونية يجد فيه العامل أنه دخل في مرحلة مساومة يتنازل فيها حكما عن حقوقه لتأمين استمراره وبقائه، مدة 7 أيام متواصلة أو 20 يوما غير متصلة غير كافية لتقييم العامل فيما اذا كان يرغب في الاستقالة أم لا، وفيه نوع من الظلم بأن العامل إذا انقطع عن العمل من دون عذر مقبول لمدة 7 أيام متصلة أو 20 يوما متفرقة خلال سنة جاز لصاحب العمل اعتباره مستقيلا وعندئذ فضلا عن حرمانه من العمل يطبق عليه نص المادة 53 الذي لا يعطيه حقا في المكافأة إذا كانت مدة خدمته اقل من 3 سنوات ثم تتدرج المكافأة بعد ذلك حتى لا يحصل على المكافأة الكاملة إلا اذا كانت مدة خدمته 10 سنوات. اذن نص المادة 42 الذي يقضي بأن العامل إذا انقطع عن العمل من دون عذر مقبول لمدة 7 أيام متصلة أو 20 يوما متفرقة خلال سنة جاز لصاحب العمل اتخاذ الاجراء اللازم الذي يصل الى حرمان الموظف من حقوقه، فإذا وضعنا فترة الـ 7 أيام أو الـ 20 يوما غير المتصلة نكون وفي كلتا الحالتين قد أعطينا وفي كل سنة فرصة ثمينة لصاحب العمل بالتصرف والتعنت لأن التفسير يبقى مفتوحا، خاصة نحن في ظل أزمة اقتصادية عالمية ينتظر فيها صاحب العمل أي هفوة للانقضاض. اذن تعديل هذه المادة ممكن، ولو بتوسيع حلقة البكار أكثر من ذلك لتأتي المادة أكثر إنصافا للعامل وصاحب العمل. وأما المادة الثانية التي يجب إعادة النظر فيها ودراستها بصورة قانونية فهي حق صاحب العمل في فصل الموظف في حالات حددها حصرا ولكن يجب إعادة شرحها في المذكرات الإيضاحية حتى يتسنى للعامل حق التمتع بالحماية إذ ان فصل العامل في حالة التقصير وعدم إعطائه أي ضمانات لعدم فصله دون مسوغ شرعي يضع مستقبله في مهب الريح، فإذا أنهي عقد العامل بخطأ منه أو بتجاوز أو بتصرف من شأنه أن يلحق ضررا بالشركة، يبقى على رب العمل ان يثبت الخطأ الذي ارتكبه العامل حتى يكون مبررا لفصله ولا يفلت من موضوع التعويض إلا اذا اكتملت أركان المسؤولية، فإذا عجز عن الإثبات كان الفصل غير مبرر واستحق العامل التعويض عن الخطأ العقدي الذي ارتكبه صاحب العمل بإنهاء عقده وهنا لابد من التذكير بأن صاحب العمل الذي لجأ الى الأساليب الملتوية للتحرر من التعويض على العامل وأساء استعمال حقه في تشويه السمعة بأن اسند إليه إحدى التهم غير المثبتة كان للعامل أن يعود عليه بالتعويض أمام القضاء، وهنا تكمن أهمية المادة بأن جعلت من نفسها سيفا ذا حدين، اذا ارتكب العامل الأخطاء حق لصاحب العمل في الفصل ولكن لا يكتفي بأي خطأ، على صاحب العمل إثبات الضرر الذي لحق به وحجم الضرر، وعملية الإثبات في القانون لها شروطها.
كما أعطت العامل الحق في العودة على صاحب العمل بالتعويض اذا أساء استعمال الحق خاصة من الناحية العملية عندما يلجأ الى عملية تشويه السمعة أو الإطالة وكسب الوقت وهنا لابد من مراعاة ظروف العامل والتعويض عليه عن الفترة التي يكون فيها من دون عمل.
إذ ان الفصل في أي نزاع عمالي يأخذ فترة طويلة حتى يصل الى القضاء يكون العامل خلالها اذا رفضت الشركة تحويل الإقامة من دون عمل.، فنعود الى النقطة التي أثرناها التي تجبر العامل على التنازلات لتأمين استمراره وبقائه. وفي الحلقة المقبلة سنسلط الأضواء على حقوق العامل في ظل القانون الجديد ونحث العمال على تحمل المسؤولية كما سنتوسع في شرح القانون رقم 6 لسنة 2010 الذي نشر بتاريخ 21/2/2010 في الجريدة الرسمية في العدد رقم 963. ولابد بالتذكير بأن القانون الجديد ألغى العمل بالقانون القديم رقم 38 لسنة 1964، وأصبح ساري المفعول كما سنجري المقاربة لأفضل التعديلات،
وبعد ان استعرضنا لقانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت، مسلطين الأضواء على نقاط القوة ومظهرين ما اعترى القانون من ثغرات . آثرنا ان نظهر كما أشرنا ومن وجهة نظرنا القانونية بعض المواد التي تعتبر مادة دسمة للدفع بعدم دستوريتها. وذلك انطلاقا من مجمل التعديلات والأحكام التي صدرت في فرنسا في الـ 30 سنة الماضية.
فإذا عدنا الى نص المادة 146 من قانون العمل نجد أنها توجهت للعامل واستثنت أصحاب العمل.
وللوهلة الأولى يجب وضع هذه المادة تحت المجهر لتحليلها ومقارنتها والتأكد من الناحية القانونية من سلامة تطبيقها. فقد جاء نص المادة: يجب أن يسبق الدعوى طلب يتقدم به العامل أو المستحقون عنه إلى إدارة العمل المختصة وتقوم الإدارة باستدعاء طرفي النزاع أو من يمثلهما، وإذا لم توفق الإدارة إلى تسوية النزاع وديا تعين عليها خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إحالته إلى المحكمة الكلية للفصل فيه.
وتكون الإحالة بمذكرة تتضمن ملخصا للنزاع ودفوع الطرفين وملاحظات الإدارة.
أوجب نص المادة 146 من قانون العمل على العامل أو المستحقين عنه قبل إقامة الدعوى العمالية للمطالبة بحقوقه ان يتقدم بطلب الى إدارة العمل التي يقع في منطقة اختصاصها الجغرافي في مقر العمل حيث تقوم هذه الإدارة بمحاولة تسوية النزاع وديا خلال شهر فقط.
فإذا فشلت التسوية الودية تعين عليها إحالة الموضوع بكل أوراقه الى المحكمة الكلية مشمولة بمذكرة تتضمن ملخص النزاع وأوجه دفاع الطرفين وملاحظات الإدارة.
وفي حالة إقامة العامل أو المستحقين عنه الدعوى مباشرة أمام المحكمة الكلية يقضى بعدم قبولها شكلا.
في حين لم يساو المشرع بين العامل والمستحقين عنه من ناحية وأصحاب الأعمال من ناحية أخرى في وجوب التقدم بالطلب أو الشكوى الى ادارة العمل التي يقع في اختصاصها الجغرافي مقر العمل، حيث ان أصحاب الأعمال من حقهم التوجه مباشرة الى الدائرة العمالية بالمحكمة الكلية وإقامة الدعوى ضد العامل دون وجوب تقديم طلب سابق عليها وتصبح دعواهم مقبولة من حيث الشكل وتلك تفرقة لا تحقق المساواة بين العمال وأصحاب الأعمال.
وحيث ان من مقتضيات حق التقاضي اللازمة واللصيقة به وانطلاقا من مبدأ المساواة والعدالة أمام القضاء حق الدفاع، هذا الحق لا تقوم له قائمة إلا بتوفير المساواة الحقة بين أطراف الخصومة. ومن لزوم وسائل تحقيق هذه المساواة ان تكون للخصومة ذاتها قواعد موحدة سواء في مجال التداعي بشأنها أو وسائل الدفاع أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلا فيها. والحاصل أن القواعد الموضوعية والإجرائية التي يقررها المشرع تفترض في المقام الأول ألا يقيم المشرع بين الأشخاص المتخاصمين فيها تمييزا في نطاق القواعد الإجرائية، التي تحكم الخصومة عينها ولا في طرق الطعن التي تنظمها وألا تحول هذه الفوارق بينها دون تساويهم في الانتفاع بضمانتهم وخاصة ما يتصل منها بحق الدفاع.
وحيث ان المشرع في نص المادة 146 قد وضع تمييزا بين مركز العامل وصاحب العمل بحيث أوجب على العامل أن يتقدم بطلب لإدارة العمل قبل رفعه لدعواه العمالية وإلا تصبح دعواه غير مقبولة شكلا.
بينما فتح مجال التقاضي مباشرة على مصراعيه لأصحاب الأعمال ولم يلزمهم باللجوء الى إدارة العمل وتقديم طلب لبحث أوجه النزاع مع عمالهم والدعوى المقامة منهم مباشرة تكون مقبولة من حيث الشكل.
وحيث ان الواقع العملي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن العامل يفقد الكثير من الوقت الذي يصل الى عدة أشهر لكي تبحث وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل شكواه. وتعطي أصحاب العمل الفرصة مرة تلو الأخرى لكي يقوموا بالرد على مطالب العامل الذي لا حول له ولا قوة إزاء ما يبديه أصحاب الأعمال من مماطلة، وفي النهاية لا يتوصل العامل لاتفاق مع صاحب العمل، وتخرج علينا الإدارة في أغلب الأحيان بمذكرة تذكر فيها أنها لم توفق الى تسوية النزاع وديا، وتحيل الأمر الى المحكمة دون أن يكون لرأيها أي صفة إلزامية على أصحاب الأعمال.
الأمر الذي يجعلنا نتساءل: لماذا لا تعطى لجنة تسوية المنازعات العمالية بإدارة العمل بعض الصلاحيات؟ مثال على ذلك: لماذا لا تفض النزاعات وتنظر بصورة نهائية في بعض الشكاوى التي لا تتجاوز الحقوق فيها مبلغا معينا فيكون لها الفيصل وتكون القرارات الصادرة غير قابلة لإعادة النظر؟ بالإضافة الى تفعيل حقها في الاستدعاء ووضع العقوبات القاسية على المتخلفين وإلا فما فائدة إلزام العامل بأن يتقدم إليها بشكوى مادام رأيها في النهاية ليس ملزما لأحد ولن يأخذ به القاضي عند بحثه لأوجه النزاع؟ لاسيما ان المشرع لم يساوي بين طرفي الخصومة في التقدم ابتداء الى دائرة العمل بالشكوى.
وفي النهاية نخلص ومن الناحية القانونية البحتة الى عدم جدوى التقدم بطلب الى إدارة العمل لبحث أوجه النزاع بين العامل وصاحب العمل إلا في ظل صلاحيات تعطي للجنة تسوية المنازعات العمالية وإطلاق يدها في حل النزاع في أسرع وقت ممكن، لاسيما ان القضايا العمالية سواء كانت في فرنسا أو في أي دولة متقدمة تدخل مقدما لدى قاضي الأمور المستعجلة، وذلك حرصا من المشرع على فض النزاع بأسرع وقت ممكن وأمانة لإعطاء الحقوق للعمال الذين عادة ما يكونون مظلومين، فيأتي القانون منصفا عادلا، وما تعليقنا على المادة 146 من قانون العمل بعدم دستوريته الا لإخلاله بمبدأ المساواة في مجال حق التقاضي والإخلال بضمانة الدفاع التي لا ينفصل حق التقاضي عنها والتي عرفتها القواعد الإجرائية للدعوى، فإنه يكون مخالفا لأحكام المواد 29 «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».
والمادة 166 من الدستور «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق».
وبالعودة الى هذين المادتين من الدستور نجد جمال الصياغة في اللغة وروعة التعبير، فإنهما يدلان على مدى تمسك الدولة بالحقوق وحقها في فرض الواجبات دون تمييز>
بعد الدراسة المتأنية لقانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت. نخلص الى أن القانون يعتبر من القوانين الحديثة بالرغم من أهميته الكبرى، وضرورته القصوى.
وقد شهدت السنوات العشر الأخيرة فراغا قانونيا لحل عدد من القضايا العمالية. وأثر ذلك في مختلف المجالات بما فيها تنظيم علاقات العمل. وتفاديا لتعطيل وتجميد الحياة الاقتصادية والاجتماعية بادرت الهيئات المختصة الى وضع قانون عصري بامتياز. ولكن جل ما نخاف منه الجنوح في التطبيق وضياع الجهود التي بذلت لتفادي الأخطاء والثغرات التي وجدت في القانون السابق. وهنا يطرح السؤال وهو بالفعل موضوع إشكالية: هل الثغرات التي وجدت في القانون السابق هي ثغرات قانونية أو سوء تطبيق في النص؟ فإذا كان الموضوع يتعلق بالنقطة الأولى نقول ومن الناحية القانونية الصرفة ان القانون الجديد عالج الثغرات بشكل ممتاز بما يتلاقى وأحدث القوانين العصرية. أما اذا كانت الإشكالية تتعلق بالنقطة الثانية فنقول اننا «مكانك راوح». فإذا كان المشرع شديد الحرص على تظهير أفضل صورة لأحدث القوانين فإنه ومن الناحية القانونية لا يملك سلطة الرقابة على كل شخص في التنفيذ.
وكما ذكرنا , فإن أي قانون يصدر يتعلق بتنظيم العلاقة بين العامل وأصحاب العمل من شأنه أن يشكل في بداية الأمر زوبعة في أرض فنجان وذلك لكي تستقر الأمور. فقد صدر في فرنسا مشروع قانون للعمل يسمى «عقد الوظيفة الأولى» يبيح للشركات إنهاء خدمات العمال الجدد الذين لم يبلغوا سن الـ 26 عاما خلال فترة العامين الأولين من التعيين دون إبداء أسباب، وهو القانون الذي أثار احتجاجات في أوساط العديد من الشرائح الاجتماعية الفرنسية من شباب وعمال وآباء إلى جانب المتضامنين مع المتضررين من ذلك القانون.
وما يميز ردات الفعل على مشروع القانون هذا اللجوء إلى الوسائل القانونية عن طريق إبراز ما اعترى هذا القانون من عيوب بدلا من اللجوء إلى القنوات السياسية، وذلك بهدف عدم السماح للبرلمان بإصدار القانون حيث سيصبح وقتها أمرا واقعا.
وإذا عدنا الى أوجه المقاربة بين ردات الفعل على هذا القانون وذاك نجد أننا ما زلنا بألف خير. خاصة ان مشروع القانون في فرنسا، قد صدر في ظل معاناة للمجتمع مثله مثل الكثير من المجتمعات الأوروبية من أزمة البطالة الى أزمات أخرى عاصفة. حيث تبلغ نسبة البطالة في المجتمع الفرنسي 9.6%، فيما تبلغ نسبتها 23% في المرحلة العمرية تحت سن 25 عاما، فيما تبلغ 40% في بعض المناطق الفقيرة والتي يسكنها في الغالب المهاجرون الذين يطلق عليهم «الغجر».
ويعود ارتفاع نسبة البطالة في فرنسا إلى عاملين أساسيين:
الأول: زيادة نسبة المهاجرين (الغجر) في المجتمع الفرنسي والذين يأتون إلى فرنسا دون أن تكون لديهم فرص عمل حقيقية، الأمر الذي يجعل منهم عبئا كبيرا على قطاع التوظيف في فرنسا ويؤدي إلى تزايد نسبة البطالة علما ان هؤلاء يتمتعون بكل الحقوق من ضمان صحي وضمان شيخوخة والحق المجاني في التعليم بالإضافة الى المساعدات الاجتماعية.
الثاني: عدم رغبة الكثير من الشباب الفرنسي ـ والأوروبي بصفة عامة ـ في شغل بعض الوظائف والمهن مما يؤدي إلى بقاء الكثير من الشباب دون فرصة عمل حقيقية وهو ما يعني انضمامهم فعليا إلى قائمة الشباب العاطل على الرغم من وجود فرص عمل إلا أنها فرص لا يرضاها الفرنسيون المرتفع مستوى تعليمهم، وبالتالي يتركونها إلى المهاجرين خاصة لو علمنا أن هنالك في فرنسا قانونا يسمى chomage البطالة وهو حق كل عاطل عن العمل براتب يأخذه من الدولة في نهاية كل شهر. وهذا الراتب كاف الى حد ما لتأمين المأكل والمشرب والمسكن.
ان نجاح الكثير من الجيل الثاني من المهاجرين في الحصول على فرص تعليمية جيدة جاء بعد أن تشرب طبيعة المجتمع الفرنسي وثقافته، الأمر الذي أدى إلى تلقيه ذات فرص التعليم التي يتلقاها الشباب الفرنسي وبالتالي النجاح في الحصول على وظائف من تلك التي تعتبر حكرا على الطبقات المتعلمة والمثقفة في المجتمع الفرنسي وهو ما يعني استقطاع جانب من الوظائف التي تستوعب الشباب الفرنسي ـ المتعلم تعليما عاليا ـ لصالح شباب المهاجرين ما يزيد من حدة البطالة.
وبالعودة الى قانون العمل في فرنسا نجد أن من الأفكار السائدة التي بني عليها، فكرة المساواة، وهي الفكرة التي جعلت فرنسا الدولة الأوروبية الأكثر استقبالا للمهاجرين في أوروبا، وجعلت النظام الفرنسي الأكثر قدرة على دمج المهاجرين، وفي هذا المضمار كان للموضوع حسناته وسيئاته.
وإذا عدنا الى قانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت نجد انه نظم علاقات العمل بشكل جيد وعلى أساس المساواة فأقر بحق العاملين في إجازات تختلف مدتها حسب نوع الإجازة او الراحة سواء كانت يومية او أسبوعية، او سنوية، مرضية أو بقصد الزواج او الأمومة او الوفاة او في حالة الولادة، خاصة ان علاقات العمل في السابق كانت تقوم على مبدأ سلطان الإدارة، فصاحب العمل هو الطرف القوي في علاقة العمل ويفرض شروطه، والعامل يشكل الطرف الضعيف وليس له سوى جهده ونشاطه اليومي سواء كان ذهنيا أو يدويا، مع العلم، ان الهدف من الإجازة هو تجديد نشاط العامل وبعث حيويته من جديد والحفاظ على صحته وقدراته على العمل، لكن القليل من أصحاب العمل يعتبرون الإجازات، لاسيما السنوية منها ابتزازا لهم واستنزافا لقدراتهم المادية وتأجيلا لأعمالهم، ما يدفعهم الى تهديد العامل بالصرف اذا طالب بإجازته السنوية للاستفادة منها أو مقابل بدل مادي وقد أتى القانون الجديد صارما الى حد ما في هذا الاتجاه ولكن يجب العودة الى المبدأ الذي تم الانطلاق منه وهو عامل الوقت عند العامل وعامل الخوف من تقديم الشكوى وهذان العاملان يجب التفتيش وبكل جدية لإيجاد الحلول اللازمة.
يأتي هذا في الوقت الذي تنظر المحاكم في فرنسا وعلى وجه السرعة (القضاء المستعجل) في الدعاوى العمالية وتكون أحكامها بنسبة 99% لصالح العمال مع أحكام مشددة ورادعة دون النظر الى الاستثناءات مع الاحتفاظ بحقهم برفع دعاوى التعويض أمام القضاء المدني عن الأوقات التي استهلكت اذا كان هنالك تعسف باستعمال الحق من قبل أصحاب العمل.
فلابد من تسريع الإجراءات أمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والتقيد بالنص (النظر في الشكوى خلال أسبوعين وعدم تأجيلها مهما بلغت الأسباب) وفصل التحويل عن موضوع الشكوى وعدم إعطاء الكفيل فرصة الحضور للتأجيل لأن العامل وفي ظل هذه الظروف الصعبة يكون في حكم الضياع. عدم تحويل ـ عدم دفع المستحقات ـ لا يستطيع العمل لدى شركة أخرى بسبب عدم التحويل ـ النظر في الشكوى يطول أمام الشؤون ـ عدم الحضور للمرة الأولى ـ التبليغ للمرة الثانية والمرة الثالثة ـ حضور المندوب من الشركة ومطالبته بالتأجيل، في ظل هذه الظروف القاسية لم يبق أمام العامل سوى الاستسلام، خاصة اذا كانت هنالك عائلة تنتظره وإيجارات ومصاريف. فالوقت يصبح مصدر قلق، فهمه الوحيد استجداء تحويل الإقامة الى كفيل آخر وذلك لكي يؤمن استمراريته ولم يبق أمامه سوى الدعاء والقول حسبي الله ونعم الوكيل.
وختاما لا بد من كلمة الى القضاء الذين يؤتمنون على تطبيق القانون . لا بد من الأشارة الى ان الأحكام في فرنسا تصدر عن محكمة تدعى البريدوم والتي تحرص كل الحرص على اصدار الأحكام المشدده والصارمه في مهلة قصيرة جدا جدا . وخاصة اذا وجدت ان الدعوى العماليه قائمة على حق من العامل وتسويف من صاحب العمل . يجب وضع اطر لكيفية اصدار الاحكام العماليه في اسرع وقت ممكن نظرا لما يحمله التأخير من مصائب تلحق بالعامل .خاصة اذا اقترنت بظروف اخرى مثل عدم التحويل اللاقامه عدم القدرة على ايجاد عمل جديد تعسف صاحب العمل ووضع محامي لتأخير الدعوى بدل من دفع مستحقات العامل المصاريف اليوميه والنفقة المعيشة المرتفعه دون ان يقابلها اي مدخول اخر . عذرا ايها المشرع عندما يضطر العامل الى السفر تاركا ورائه حقوقه لانه مل من الأنتظار .عذرا ايها المشرع لان عدد كبيرا من العمال لا يلجأون اليك لان الدعاوى العماليه تطول وتطول . ومن المؤكد ان انهي كلامي برجاء حار من القلب الى اشرف مهنة ممارسة مهنة المحاماة التي تبتدأ بالقسم ولا تموت بموت صاحبها . المهنة الوحيدة التي تبقي صاحبها مخلدا لانه صاحب فكر وصاحب رأي . أرجوكم , ضعوا في بالكم في الدعاوى العماليه ان هنالك ظلم يقع على مسكين خلفه اطفال من الممكن بكلمة منك او استشارة خاطئة .بصحيفة او مذكره . من الممكن ان تطيل عمر الدعوى العماليه لسنين لتحرم البسمة عن عامل سنده رب الكون الذي لا يرضى الظلم عن عبد يلجأ اليه كلما طلعت الشمس وغابت رافعا يديه مستنجدا .لا تشاركوا في وضع عقود واعطاء استشارات من الممكن ان تؤدي ولوا لوهلة الى اهدار حقوق عامل بسيط همه في الحياة تأمين قوة يومه وأولاده .سجل موقفا ليسجل في ذاكرة التاريخ واخرج منتفظا على القانون وأعد تصويب الأمور تحت اي ظرف لتقل . الا حقوق العمال لانها أمانه والأمانة نحن مؤتمنون عليها لاعادتها الى اصحابها
يتضمن قانون العمل الجديد في الكويت أحكاما جديدة ذات طابع إنساني مثل عمل الأطفال ومنع التمييز بين الرجل والمرأة واحترام حقوق الغير بالعمل، وأخرى ذات طابع اجتماعي مثل طوارئ العمل وشروط السلامة والصحة والحماية في الأعمال الخطرة إلى الإجازات مدفوعة الأجر والعمل في الليل والتعديلات الجميلة التي ان أحسن تطبيقها فسنبشر بالدخول الى عالم آخر من تنظيم لحقوق العمالة والمراعاة لأفضل المبادئ والتي سنكون ان شاء الله السباقين الى تطبيقها نعني بذلك حق الموظف بالإنذار ثلاثة أشهر والحق في إجازة الحج وحقوق الموظفة بعد الوضع، ولابد من الإشادة وبكل ضمير بالجهود التي تبذل في وزارة الشؤون الاجتماعية لحل قضايا العمال والسرعة في تحديد الجلسات. ولكن يبقى السؤال: لماذا لم يعط الباحثون القانونيون الصلاحيات الأوسع لتطبيق أفضل للقانون الجديد؟
ان قانون العمل الجديد في القطاع الأهلي في الكويت والذي ينظم العمل بطريقة قانونية صرفة تستلزم التقيد بالنص والتطبيق الحرفي للمواد والبعد عن التحليل، يشكل خطوة ممتازة لابد أن تستتبع بقانون إلغاء الكفيل، إذ ان الإقامة وفي جميع دول العالم مرتبطة بمبدأ السيادة أي الأمن العام وتحاول وزارة الشؤون الاجتماعية مشكورة التصدي لمبدأ التعسف في استعمال الحق من قبل أصحاب العمل بعدم اعطاء التحويل واللعب على عامل الوقت والذي يكون في غالب الأحيان قاتلا بالنسبة للعامل، خاصة العمال الذين يجهلون القانون ولم يعرفوا معنى التغيب أو الحق في الإلغاء أو منع العمل لدى شركات أخرى خلال فترة تعنت صاحب العمل بعدم إعطاء التحويل، وهنا نكون قد دخلنا في أتون التطبيق. وأصبحنا نخاف على الجهود الجبارة التي بذلت لإخراج هذه الصورة الجميلة لهذا المشهد الرائع من القانون.
اذن لابد من إقرار القانون الجديد المتعلق بمبدأ الكفيل لكي نجاري في هذا الموضوع حتى فرنسا أم القوانين ولكن يعطى المجال لنا كمستشارين قانونيين في التحرر للإجابة على جملة من الأسئلة لا نملك الإجابة عليها، ولابد من التوضيح أن القانون الجديد وضع حدا للثغرات التي كانت موجودة في القانون القديم وأبرزها نهاية الخدمة واحتساب 25 يوما.
إذن جاء قانون العمل في القطاع الأهلي لينظم العلاقة بامتياز مع الحرص على التنفيذ بين أصحاب العمل والعمال ويضمن جميع الحقوق ويفرض جميع الواجبات ويحرص على عدم تعسف أصحاب العمل في التعسف في استعمال الحقوق، خاصة الموضوع المتعلق بمبدأ التحويل والاقامة.
وقد جاء القانون في 7 أبواب بشكل منظم واندرج في 150 مادة وهي تشكل رأس حربة للاستقرار بين العامل وأصحاب العمل وسنلقي الضوء في على نقاط القوة في القانون كما سنشرح وبشكل قانوني بحت حقوق العامل وصاحب العمل.
بعد هذه المقدمة التي استعرضنا فيها وبشكل موجز الصورة الحقيقية لقانون العمل الجديد في القطاع الأهلي في الكويت والذي أبصر النور بعد انتظار طويل، وأكدنا ان القانون عالج الكثير من الثغرات التي شابت القانون القديم ووضعت حدا لبعض التكهنات حول عدم الموضوعية في تفسير النص، وخاصة موضوع الكفيل والضعف في حق الموظف في الحصول على حقوقه، اضافة الى عامل الوقت الذي عادة ما يكون قاسيا الى حد ما بالنسبة الى الشاكي أمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وانطلاقا من ذلك آثرنا البحث في القانون من الناحية المنطقية القانونية البحتة التي تسلط الأضواء على ما اعترى القانون من مساوئ، حتما ستشكل الى حد ما بابا مشرعا للدفع بعدم دستورية بعض المواد في الأيام القلية المقبلة بالإضافة الى الدراسة المستفيضة للتحقق فيما اذا كانت مواد القانون متفقة أو متعارضة مع الاتفاقيات الدولية الموقعة لأنها وبحسب القانون الدولي تكون ملزمة.
إذن لابد من التذكير بأن قانون العمل الجديد في القطاع الأهلي وبحسب النص الذي نفصله عن التطبيق قد راعى وبشكل ممتاز عدة مواضيع كفلها الدستور، كان من أهمها تأمين مبدأ العدالة الاجتماعية التي أقرتها حتى الدساتير الفرنسية المتعاقبة وكفلتها المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان أبرزها تأمين الاستقرار النفسي للموظف، وذلك لحثه على الإنتاج بالإضافة الى حق الموظف في التأمين والبدل وبدل الساعات الإضافية وحقه في الإنذار ولكن كل المواضيع يجب ان تقترن بجرأة العامل بالمطالبة وصرامة القانون في التطبيق حتى ننتقل الى مرحلة عصرية من قانون منفتح يضمن الحقوق ويلزم بالواجبات.
إذ لا يمكن التصويب بالسهام على القانون في الوقت الذي يظهر فيه العامل عاجزا خائفا حتى في المطالبة بأدنى حقوقه. نحن نجزم وعلى الملأ بأن القانون كفل وبشكل أكثر من رائع جميع الحقوق لجميع العمال ودون تمييز وكان سباقا من حيث الصياغة بل وتجاوز في مواده عددا كبيرا من النصوص التي طبقت في الدول التي نتغنى في ديموقراطيتها ولكن كما في كل الدول التي تعدل قوانينها حتى في فرنسا التي تنكب اللجان فيها عدة شهور بل سنين على دراسة أي مشروع قانون، فإن القانون عندما يوقع من السلطات التشريعية ويدخل حيز التنفيذ يصطدم عادة اما بواقع مرير أو عدم القدرة على التكيف بالواقع او سوء التطبيق ولكن القانون وفي جميع الأحوال يبقى براءة.
وفي هذا المضمار نسلط الضوء على نقطتين أساسيتين تعتبران مجحفتين بحق العامل ومن الممكن ان تتسببا في مشاكل عند التطبيق:
الأولى المتعلقة بغياب العامل عن العمل دون إذن لمدة تعتبر وجيزة جدا لإعطاء صاحب العمل الحق لاعتباره بحكم المستقيل وهذه المدة من الممكن أن تؤدي الى هدر حقوق كثيرة للعامل، أو من الممكن أن تكون فرصة فريدة من نوعها بالنسبة الى صاحب العمل للتخلص من العامل لأنه يكون في ظرف لا يسمح له بالاستغناء عن خدماته لأنه ملزم بالتعويض وهنا نكون قد أدخلنا العامل في نفق مظلم لأن مستقبله يصبح بين يدي صاحب العمل لأنه حتما صاحب الأمر في تسجيل بلاغ التغيب الذي حكما سيستتبع بإجراءات قانونية يجد فيه العامل أنه دخل في مرحلة مساومة يتنازل فيها حكما عن حقوقه لتأمين استمراره وبقائه، مدة 7 أيام متواصلة أو 20 يوما غير متصلة غير كافية لتقييم العامل فيما اذا كان يرغب في الاستقالة أم لا، وفيه نوع من الظلم بأن العامل إذا انقطع عن العمل من دون عذر مقبول لمدة 7 أيام متصلة أو 20 يوما متفرقة خلال سنة جاز لصاحب العمل اعتباره مستقيلا وعندئذ فضلا عن حرمانه من العمل يطبق عليه نص المادة 53 الذي لا يعطيه حقا في المكافأة إذا كانت مدة خدمته اقل من 3 سنوات ثم تتدرج المكافأة بعد ذلك حتى لا يحصل على المكافأة الكاملة إلا اذا كانت مدة خدمته 10 سنوات. اذن نص المادة 42 الذي يقضي بأن العامل إذا انقطع عن العمل من دون عذر مقبول لمدة 7 أيام متصلة أو 20 يوما متفرقة خلال سنة جاز لصاحب العمل اتخاذ الاجراء اللازم الذي يصل الى حرمان الموظف من حقوقه، فإذا وضعنا فترة الـ 7 أيام أو الـ 20 يوما غير المتصلة نكون وفي كلتا الحالتين قد أعطينا وفي كل سنة فرصة ثمينة لصاحب العمل بالتصرف والتعنت لأن التفسير يبقى مفتوحا، خاصة نحن في ظل أزمة اقتصادية عالمية ينتظر فيها صاحب العمل أي هفوة للانقضاض. اذن تعديل هذه المادة ممكن، ولو بتوسيع حلقة البكار أكثر من ذلك لتأتي المادة أكثر إنصافا للعامل وصاحب العمل. وأما المادة الثانية التي يجب إعادة النظر فيها ودراستها بصورة قانونية فهي حق صاحب العمل في فصل الموظف في حالات حددها حصرا ولكن يجب إعادة شرحها في المذكرات الإيضاحية حتى يتسنى للعامل حق التمتع بالحماية إذ ان فصل العامل في حالة التقصير وعدم إعطائه أي ضمانات لعدم فصله دون مسوغ شرعي يضع مستقبله في مهب الريح، فإذا أنهي عقد العامل بخطأ منه أو بتجاوز أو بتصرف من شأنه أن يلحق ضررا بالشركة، يبقى على رب العمل ان يثبت الخطأ الذي ارتكبه العامل حتى يكون مبررا لفصله ولا يفلت من موضوع التعويض إلا اذا اكتملت أركان المسؤولية، فإذا عجز عن الإثبات كان الفصل غير مبرر واستحق العامل التعويض عن الخطأ العقدي الذي ارتكبه صاحب العمل بإنهاء عقده وهنا لابد من التذكير بأن صاحب العمل الذي لجأ الى الأساليب الملتوية للتحرر من التعويض على العامل وأساء استعمال حقه في تشويه السمعة بأن اسند إليه إحدى التهم غير المثبتة كان للعامل أن يعود عليه بالتعويض أمام القضاء، وهنا تكمن أهمية المادة بأن جعلت من نفسها سيفا ذا حدين، اذا ارتكب العامل الأخطاء حق لصاحب العمل في الفصل ولكن لا يكتفي بأي خطأ، على صاحب العمل إثبات الضرر الذي لحق به وحجم الضرر، وعملية الإثبات في القانون لها شروطها.
كما أعطت العامل الحق في العودة على صاحب العمل بالتعويض اذا أساء استعمال الحق خاصة من الناحية العملية عندما يلجأ الى عملية تشويه السمعة أو الإطالة وكسب الوقت وهنا لابد من مراعاة ظروف العامل والتعويض عليه عن الفترة التي يكون فيها من دون عمل.
إذ ان الفصل في أي نزاع عمالي يأخذ فترة طويلة حتى يصل الى القضاء يكون العامل خلالها اذا رفضت الشركة تحويل الإقامة من دون عمل.، فنعود الى النقطة التي أثرناها التي تجبر العامل على التنازلات لتأمين استمراره وبقائه. وفي الحلقة المقبلة سنسلط الأضواء على حقوق العامل في ظل القانون الجديد ونحث العمال على تحمل المسؤولية كما سنتوسع في شرح القانون رقم 6 لسنة 2010 الذي نشر بتاريخ 21/2/2010 في الجريدة الرسمية في العدد رقم 963. ولابد بالتذكير بأن القانون الجديد ألغى العمل بالقانون القديم رقم 38 لسنة 1964، وأصبح ساري المفعول كما سنجري المقاربة لأفضل التعديلات،
وبعد ان استعرضنا لقانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت، مسلطين الأضواء على نقاط القوة ومظهرين ما اعترى القانون من ثغرات . آثرنا ان نظهر كما أشرنا ومن وجهة نظرنا القانونية بعض المواد التي تعتبر مادة دسمة للدفع بعدم دستوريتها. وذلك انطلاقا من مجمل التعديلات والأحكام التي صدرت في فرنسا في الـ 30 سنة الماضية.
فإذا عدنا الى نص المادة 146 من قانون العمل نجد أنها توجهت للعامل واستثنت أصحاب العمل.
وللوهلة الأولى يجب وضع هذه المادة تحت المجهر لتحليلها ومقارنتها والتأكد من الناحية القانونية من سلامة تطبيقها. فقد جاء نص المادة: يجب أن يسبق الدعوى طلب يتقدم به العامل أو المستحقون عنه إلى إدارة العمل المختصة وتقوم الإدارة باستدعاء طرفي النزاع أو من يمثلهما، وإذا لم توفق الإدارة إلى تسوية النزاع وديا تعين عليها خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إحالته إلى المحكمة الكلية للفصل فيه.
وتكون الإحالة بمذكرة تتضمن ملخصا للنزاع ودفوع الطرفين وملاحظات الإدارة.
أوجب نص المادة 146 من قانون العمل على العامل أو المستحقين عنه قبل إقامة الدعوى العمالية للمطالبة بحقوقه ان يتقدم بطلب الى إدارة العمل التي يقع في منطقة اختصاصها الجغرافي في مقر العمل حيث تقوم هذه الإدارة بمحاولة تسوية النزاع وديا خلال شهر فقط.
فإذا فشلت التسوية الودية تعين عليها إحالة الموضوع بكل أوراقه الى المحكمة الكلية مشمولة بمذكرة تتضمن ملخص النزاع وأوجه دفاع الطرفين وملاحظات الإدارة.
وفي حالة إقامة العامل أو المستحقين عنه الدعوى مباشرة أمام المحكمة الكلية يقضى بعدم قبولها شكلا.
في حين لم يساو المشرع بين العامل والمستحقين عنه من ناحية وأصحاب الأعمال من ناحية أخرى في وجوب التقدم بالطلب أو الشكوى الى ادارة العمل التي يقع في اختصاصها الجغرافي مقر العمل، حيث ان أصحاب الأعمال من حقهم التوجه مباشرة الى الدائرة العمالية بالمحكمة الكلية وإقامة الدعوى ضد العامل دون وجوب تقديم طلب سابق عليها وتصبح دعواهم مقبولة من حيث الشكل وتلك تفرقة لا تحقق المساواة بين العمال وأصحاب الأعمال.
وحيث ان من مقتضيات حق التقاضي اللازمة واللصيقة به وانطلاقا من مبدأ المساواة والعدالة أمام القضاء حق الدفاع، هذا الحق لا تقوم له قائمة إلا بتوفير المساواة الحقة بين أطراف الخصومة. ومن لزوم وسائل تحقيق هذه المساواة ان تكون للخصومة ذاتها قواعد موحدة سواء في مجال التداعي بشأنها أو وسائل الدفاع أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلا فيها. والحاصل أن القواعد الموضوعية والإجرائية التي يقررها المشرع تفترض في المقام الأول ألا يقيم المشرع بين الأشخاص المتخاصمين فيها تمييزا في نطاق القواعد الإجرائية، التي تحكم الخصومة عينها ولا في طرق الطعن التي تنظمها وألا تحول هذه الفوارق بينها دون تساويهم في الانتفاع بضمانتهم وخاصة ما يتصل منها بحق الدفاع.
وحيث ان المشرع في نص المادة 146 قد وضع تمييزا بين مركز العامل وصاحب العمل بحيث أوجب على العامل أن يتقدم بطلب لإدارة العمل قبل رفعه لدعواه العمالية وإلا تصبح دعواه غير مقبولة شكلا.
بينما فتح مجال التقاضي مباشرة على مصراعيه لأصحاب الأعمال ولم يلزمهم باللجوء الى إدارة العمل وتقديم طلب لبحث أوجه النزاع مع عمالهم والدعوى المقامة منهم مباشرة تكون مقبولة من حيث الشكل.
وحيث ان الواقع العملي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن العامل يفقد الكثير من الوقت الذي يصل الى عدة أشهر لكي تبحث وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل شكواه. وتعطي أصحاب العمل الفرصة مرة تلو الأخرى لكي يقوموا بالرد على مطالب العامل الذي لا حول له ولا قوة إزاء ما يبديه أصحاب الأعمال من مماطلة، وفي النهاية لا يتوصل العامل لاتفاق مع صاحب العمل، وتخرج علينا الإدارة في أغلب الأحيان بمذكرة تذكر فيها أنها لم توفق الى تسوية النزاع وديا، وتحيل الأمر الى المحكمة دون أن يكون لرأيها أي صفة إلزامية على أصحاب الأعمال.
الأمر الذي يجعلنا نتساءل: لماذا لا تعطى لجنة تسوية المنازعات العمالية بإدارة العمل بعض الصلاحيات؟ مثال على ذلك: لماذا لا تفض النزاعات وتنظر بصورة نهائية في بعض الشكاوى التي لا تتجاوز الحقوق فيها مبلغا معينا فيكون لها الفيصل وتكون القرارات الصادرة غير قابلة لإعادة النظر؟ بالإضافة الى تفعيل حقها في الاستدعاء ووضع العقوبات القاسية على المتخلفين وإلا فما فائدة إلزام العامل بأن يتقدم إليها بشكوى مادام رأيها في النهاية ليس ملزما لأحد ولن يأخذ به القاضي عند بحثه لأوجه النزاع؟ لاسيما ان المشرع لم يساوي بين طرفي الخصومة في التقدم ابتداء الى دائرة العمل بالشكوى.
وفي النهاية نخلص ومن الناحية القانونية البحتة الى عدم جدوى التقدم بطلب الى إدارة العمل لبحث أوجه النزاع بين العامل وصاحب العمل إلا في ظل صلاحيات تعطي للجنة تسوية المنازعات العمالية وإطلاق يدها في حل النزاع في أسرع وقت ممكن، لاسيما ان القضايا العمالية سواء كانت في فرنسا أو في أي دولة متقدمة تدخل مقدما لدى قاضي الأمور المستعجلة، وذلك حرصا من المشرع على فض النزاع بأسرع وقت ممكن وأمانة لإعطاء الحقوق للعمال الذين عادة ما يكونون مظلومين، فيأتي القانون منصفا عادلا، وما تعليقنا على المادة 146 من قانون العمل بعدم دستوريته الا لإخلاله بمبدأ المساواة في مجال حق التقاضي والإخلال بضمانة الدفاع التي لا ينفصل حق التقاضي عنها والتي عرفتها القواعد الإجرائية للدعوى، فإنه يكون مخالفا لأحكام المواد 29 «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».
والمادة 166 من الدستور «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق».
وبالعودة الى هذين المادتين من الدستور نجد جمال الصياغة في اللغة وروعة التعبير، فإنهما يدلان على مدى تمسك الدولة بالحقوق وحقها في فرض الواجبات دون تمييز>
بعد الدراسة المتأنية لقانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت. نخلص الى أن القانون يعتبر من القوانين الحديثة بالرغم من أهميته الكبرى، وضرورته القصوى.
وقد شهدت السنوات العشر الأخيرة فراغا قانونيا لحل عدد من القضايا العمالية. وأثر ذلك في مختلف المجالات بما فيها تنظيم علاقات العمل. وتفاديا لتعطيل وتجميد الحياة الاقتصادية والاجتماعية بادرت الهيئات المختصة الى وضع قانون عصري بامتياز. ولكن جل ما نخاف منه الجنوح في التطبيق وضياع الجهود التي بذلت لتفادي الأخطاء والثغرات التي وجدت في القانون السابق. وهنا يطرح السؤال وهو بالفعل موضوع إشكالية: هل الثغرات التي وجدت في القانون السابق هي ثغرات قانونية أو سوء تطبيق في النص؟ فإذا كان الموضوع يتعلق بالنقطة الأولى نقول ومن الناحية القانونية الصرفة ان القانون الجديد عالج الثغرات بشكل ممتاز بما يتلاقى وأحدث القوانين العصرية. أما اذا كانت الإشكالية تتعلق بالنقطة الثانية فنقول اننا «مكانك راوح». فإذا كان المشرع شديد الحرص على تظهير أفضل صورة لأحدث القوانين فإنه ومن الناحية القانونية لا يملك سلطة الرقابة على كل شخص في التنفيذ.
وكما ذكرنا , فإن أي قانون يصدر يتعلق بتنظيم العلاقة بين العامل وأصحاب العمل من شأنه أن يشكل في بداية الأمر زوبعة في أرض فنجان وذلك لكي تستقر الأمور. فقد صدر في فرنسا مشروع قانون للعمل يسمى «عقد الوظيفة الأولى» يبيح للشركات إنهاء خدمات العمال الجدد الذين لم يبلغوا سن الـ 26 عاما خلال فترة العامين الأولين من التعيين دون إبداء أسباب، وهو القانون الذي أثار احتجاجات في أوساط العديد من الشرائح الاجتماعية الفرنسية من شباب وعمال وآباء إلى جانب المتضامنين مع المتضررين من ذلك القانون.
وما يميز ردات الفعل على مشروع القانون هذا اللجوء إلى الوسائل القانونية عن طريق إبراز ما اعترى هذا القانون من عيوب بدلا من اللجوء إلى القنوات السياسية، وذلك بهدف عدم السماح للبرلمان بإصدار القانون حيث سيصبح وقتها أمرا واقعا.
وإذا عدنا الى أوجه المقاربة بين ردات الفعل على هذا القانون وذاك نجد أننا ما زلنا بألف خير. خاصة ان مشروع القانون في فرنسا، قد صدر في ظل معاناة للمجتمع مثله مثل الكثير من المجتمعات الأوروبية من أزمة البطالة الى أزمات أخرى عاصفة. حيث تبلغ نسبة البطالة في المجتمع الفرنسي 9.6%، فيما تبلغ نسبتها 23% في المرحلة العمرية تحت سن 25 عاما، فيما تبلغ 40% في بعض المناطق الفقيرة والتي يسكنها في الغالب المهاجرون الذين يطلق عليهم «الغجر».
ويعود ارتفاع نسبة البطالة في فرنسا إلى عاملين أساسيين:
الأول: زيادة نسبة المهاجرين (الغجر) في المجتمع الفرنسي والذين يأتون إلى فرنسا دون أن تكون لديهم فرص عمل حقيقية، الأمر الذي يجعل منهم عبئا كبيرا على قطاع التوظيف في فرنسا ويؤدي إلى تزايد نسبة البطالة علما ان هؤلاء يتمتعون بكل الحقوق من ضمان صحي وضمان شيخوخة والحق المجاني في التعليم بالإضافة الى المساعدات الاجتماعية.
الثاني: عدم رغبة الكثير من الشباب الفرنسي ـ والأوروبي بصفة عامة ـ في شغل بعض الوظائف والمهن مما يؤدي إلى بقاء الكثير من الشباب دون فرصة عمل حقيقية وهو ما يعني انضمامهم فعليا إلى قائمة الشباب العاطل على الرغم من وجود فرص عمل إلا أنها فرص لا يرضاها الفرنسيون المرتفع مستوى تعليمهم، وبالتالي يتركونها إلى المهاجرين خاصة لو علمنا أن هنالك في فرنسا قانونا يسمى chomage البطالة وهو حق كل عاطل عن العمل براتب يأخذه من الدولة في نهاية كل شهر. وهذا الراتب كاف الى حد ما لتأمين المأكل والمشرب والمسكن.
ان نجاح الكثير من الجيل الثاني من المهاجرين في الحصول على فرص تعليمية جيدة جاء بعد أن تشرب طبيعة المجتمع الفرنسي وثقافته، الأمر الذي أدى إلى تلقيه ذات فرص التعليم التي يتلقاها الشباب الفرنسي وبالتالي النجاح في الحصول على وظائف من تلك التي تعتبر حكرا على الطبقات المتعلمة والمثقفة في المجتمع الفرنسي وهو ما يعني استقطاع جانب من الوظائف التي تستوعب الشباب الفرنسي ـ المتعلم تعليما عاليا ـ لصالح شباب المهاجرين ما يزيد من حدة البطالة.
وبالعودة الى قانون العمل في فرنسا نجد أن من الأفكار السائدة التي بني عليها، فكرة المساواة، وهي الفكرة التي جعلت فرنسا الدولة الأوروبية الأكثر استقبالا للمهاجرين في أوروبا، وجعلت النظام الفرنسي الأكثر قدرة على دمج المهاجرين، وفي هذا المضمار كان للموضوع حسناته وسيئاته.
وإذا عدنا الى قانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت نجد انه نظم علاقات العمل بشكل جيد وعلى أساس المساواة فأقر بحق العاملين في إجازات تختلف مدتها حسب نوع الإجازة او الراحة سواء كانت يومية او أسبوعية، او سنوية، مرضية أو بقصد الزواج او الأمومة او الوفاة او في حالة الولادة، خاصة ان علاقات العمل في السابق كانت تقوم على مبدأ سلطان الإدارة، فصاحب العمل هو الطرف القوي في علاقة العمل ويفرض شروطه، والعامل يشكل الطرف الضعيف وليس له سوى جهده ونشاطه اليومي سواء كان ذهنيا أو يدويا، مع العلم، ان الهدف من الإجازة هو تجديد نشاط العامل وبعث حيويته من جديد والحفاظ على صحته وقدراته على العمل، لكن القليل من أصحاب العمل يعتبرون الإجازات، لاسيما السنوية منها ابتزازا لهم واستنزافا لقدراتهم المادية وتأجيلا لأعمالهم، ما يدفعهم الى تهديد العامل بالصرف اذا طالب بإجازته السنوية للاستفادة منها أو مقابل بدل مادي وقد أتى القانون الجديد صارما الى حد ما في هذا الاتجاه ولكن يجب العودة الى المبدأ الذي تم الانطلاق منه وهو عامل الوقت عند العامل وعامل الخوف من تقديم الشكوى وهذان العاملان يجب التفتيش وبكل جدية لإيجاد الحلول اللازمة.
يأتي هذا في الوقت الذي تنظر المحاكم في فرنسا وعلى وجه السرعة (القضاء المستعجل) في الدعاوى العمالية وتكون أحكامها بنسبة 99% لصالح العمال مع أحكام مشددة ورادعة دون النظر الى الاستثناءات مع الاحتفاظ بحقهم برفع دعاوى التعويض أمام القضاء المدني عن الأوقات التي استهلكت اذا كان هنالك تعسف باستعمال الحق من قبل أصحاب العمل.
فلابد من تسريع الإجراءات أمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والتقيد بالنص (النظر في الشكوى خلال أسبوعين وعدم تأجيلها مهما بلغت الأسباب) وفصل التحويل عن موضوع الشكوى وعدم إعطاء الكفيل فرصة الحضور للتأجيل لأن العامل وفي ظل هذه الظروف الصعبة يكون في حكم الضياع. عدم تحويل ـ عدم دفع المستحقات ـ لا يستطيع العمل لدى شركة أخرى بسبب عدم التحويل ـ النظر في الشكوى يطول أمام الشؤون ـ عدم الحضور للمرة الأولى ـ التبليغ للمرة الثانية والمرة الثالثة ـ حضور المندوب من الشركة ومطالبته بالتأجيل، في ظل هذه الظروف القاسية لم يبق أمام العامل سوى الاستسلام، خاصة اذا كانت هنالك عائلة تنتظره وإيجارات ومصاريف. فالوقت يصبح مصدر قلق، فهمه الوحيد استجداء تحويل الإقامة الى كفيل آخر وذلك لكي يؤمن استمراريته ولم يبق أمامه سوى الدعاء والقول حسبي الله ونعم الوكيل.
وختاما لا بد من كلمة الى القضاء الذين يؤتمنون على تطبيق القانون . لا بد من الأشارة الى ان الأحكام في فرنسا تصدر عن محكمة تدعى البريدوم والتي تحرص كل الحرص على اصدار الأحكام المشدده والصارمه في مهلة قصيرة جدا جدا . وخاصة اذا وجدت ان الدعوى العماليه قائمة على حق من العامل وتسويف من صاحب العمل . يجب وضع اطر لكيفية اصدار الاحكام العماليه في اسرع وقت ممكن نظرا لما يحمله التأخير من مصائب تلحق بالعامل .خاصة اذا اقترنت بظروف اخرى مثل عدم التحويل اللاقامه عدم القدرة على ايجاد عمل جديد تعسف صاحب العمل ووضع محامي لتأخير الدعوى بدل من دفع مستحقات العامل المصاريف اليوميه والنفقة المعيشة المرتفعه دون ان يقابلها اي مدخول اخر . عذرا ايها المشرع عندما يضطر العامل الى السفر تاركا ورائه حقوقه لانه مل من الأنتظار .عذرا ايها المشرع لان عدد كبيرا من العمال لا يلجأون اليك لان الدعاوى العماليه تطول وتطول . ومن المؤكد ان انهي كلامي برجاء حار من القلب الى اشرف مهنة ممارسة مهنة المحاماة التي تبتدأ بالقسم ولا تموت بموت صاحبها . المهنة الوحيدة التي تبقي صاحبها مخلدا لانه صاحب فكر وصاحب رأي . أرجوكم , ضعوا في بالكم في الدعاوى العماليه ان هنالك ظلم يقع على مسكين خلفه اطفال من الممكن بكلمة منك او استشارة خاطئة .بصحيفة او مذكره . من الممكن ان تطيل عمر الدعوى العماليه لسنين لتحرم البسمة عن عامل سنده رب الكون الذي لا يرضى الظلم عن عبد يلجأ اليه كلما طلعت الشمس وغابت رافعا يديه مستنجدا .لا تشاركوا في وضع عقود واعطاء استشارات من الممكن ان تؤدي ولوا لوهلة الى اهدار حقوق عامل بسيط همه في الحياة تأمين قوة يومه وأولاده .سجل موقفا ليسجل في ذاكرة التاريخ واخرج منتفظا على القانون وأعد تصويب الأمور تحت اي ظرف لتقل . الا حقوق العمال لانها أمانه والأمانة نحن مؤتمنون عليها لاعادتها الى اصحابها