MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




ذ النقيب إدريس شاطر: قراءة في توصيات ميثاق العدالة حول مهنة المحاماة

     



ذ النقيب إدريس شاطر: قراءة في توصيات ميثاق العدالة حول مهنة المحاماة



لاشك أن إنشاء الهيأة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة هو عمل غير مسبوق كما أن المجهودات المبذولة من قبل رئيسها
وأعضائها وكذلك المساهمين في الندوات الوطنية التي انعقدت في مختلف المدن المغربية لا يمكن بخسها أو التقليل من شأنهــــــا،

بل لابد من التنويه بها وشكر كل من ساهم فيها على الجهد المبذول والعمل الجاد. كما أن الجهات التي احتجت على عدم إشراكها في هذا الحوار أو إقصائها من المساهمة فيـــــــــــه أو انسحبت منه، كلها اعتمدت على مبررات وحيثيات يجب احترامها وفتح الحوار والاستمــــــــــــاع إلى مقترحاتها أثناء المخطط الإجرائي، لتنفيذ ميثاق هذا الإصلاح على اعتبار أن ورش إصلاح العدالة هو ورش وطني يهم جميع المغاربة، وينبغي أن يساهم فيه الجميع بقطع النظر عن الحسابات الحزبية الضيقة والاختلافات حول المنهجية أو التشبث بالشكليات الغير المؤثرة والابتعاد عن المواجهات المفتعلة.

ولا شك أن ميثاق إصلاح منظومة العدالة الصادر عن الهيأة العليا وما تضمنه من توصيات هو عمل بشري وكل عمل بشري معرض للصواب والخطأ، وبالتالي فهو قابل للنقاش وتبادل الرأي والاستماع إلى المعنيين بالأمر في كل ميدان من ميادين العدالة وفتح حوار شفاف وصريح معهم.

وفي هذا الإطار فإن التوصيات التي تهم المحاماة بصورة خاصة وكذا ميثاق إصلاح منظومة العدالة بصفة عامة، كانت محل رفض من قبل مكتب جمعية هيآت المحامين بالمغرب سواء من خلال البيان الصادر عن مكتب الجمعية أو الوقفة الاحتجاجية التي قام بها أعضاء مكتبها أمام وزارة العدل والحريات يوم فاتح أكتوبر 2013 .

 ورغم عدم إعطاء البيانات الكاملة والأسباب الداعية إلى هذا الرفض بصورة مفصلة في انتظار عقد المناظرة الوطنية بفاس أواسط شهر نونبر 2013 لتقديم مقترحات  تهم تنظيم المحاماة والمحافظة على استقلالها وكرامة المنتمين إليها، فإن سجل الجمعية ونضالها التاريخي عبر ما يزيد عن نصف قرن حافل وغني بالتوصيات والمقترحات التي من شأنها أن تغني الحوار.
واستحضارا لمواقف الجمعية المدافعة عن حصانة الدفاع واستقلال المحاماة، لابد من إبداء بعض الملاحظات التي تهم التوصيات المتعلقة بالمحاماة التي تضمنها ميثاق إصلاح منظومة العدالة من خلال المحاور الآتية:

التكوين الأولي والتكوين المستمر

إعتبر التكوين أهم مقومات إصلاح أي مهنة : فالمحامي الذي تلقى تكوينا كاملا يمكن أن يواجه جميع التحديات ويكون في مستوى المنافسة، وإصلاح العدالة لا يمكن أن يقتصر فقط على تكوين القضاة دون المحامين، فالقاضي والمحامي هما جناح العدالة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تستقيم دون الاعتناء بطرفيها.

وقد آخذ هذا الجانب حيزا هاما من توصيات الميثاق في مجال الارتقاء بمعايير وشروط ولوج وممارسة مهن منظومة العدالة. وهكذا نصت التوصية 149 على مراجعة مستوى المؤهل العلمــــــي للمشاركة في امتحانات ولوج مهنة المحاماة بما يماثل المؤهل العلمي لولوج سلك القضاء مع الانفتاح على مختلف التخصصات العلمية. كما نصت التوصية 150 على مراجعة نظام الامتحان للولوج إلى مهنة المحاماة ومدة التمرين فيها، وكذا امتحان التخرج للحصول على شهادة الكفاءة لممارسة المهنـة.

      على اعتبار أن اقتصار مدة نيل الإجازة من كليات الحقوق المغربية على ثلاث سنوات يفـرض من أجل الارتقاء بمعايير ولوج مهنة المحاماة إلى الرفع من مستوى الشهادة المطلوبة وحصرها على الأقل

في الحصول على الماستر،  إذ لا يمكن تصور إعطاء صفة محام للطالب بعد مرور ثلاث سنــوات من حصوله على البكالوريا، فإذا قارنا التجارب الدولية في هذا الميدان فإن هذه المدة لا يمكن أن تقل عن ست أو سبع سنوات.

وقد أكدت التوصية144 على ضرورة إحداث مؤسسة لتكوين المحامين، كما أن التوصيــــــة 154 اعتمدت مبدأ إلزامية التكوين الأساسي لمنتسبي المهن القضائية والقانونية، وفي هذا المجال أكدت التوصية 156 على إبرام شراكات مع الجامعات لبلورة مسالك التكوين في المهن القضائية والقانونية،  ثم إن تكوين المحامي كمرحلة أولية، لا يكفي بل لابد من مواكبة المحامي في تكوينه عن طريق ما يسمى بالتكوين المستمر.

ففي الدول الأجنبية كفرنسا مثلا تفرض على المحامي في نطاق التكوين المستمر أن يكون قد حضر على الأقل عشرين ساعة من التكوين المستمر في السنة تحت طائلة تطبيق مسطرة التغاضي في حقه والمحامي الأمريكي ملزم باجتياز اختبار لمعلوماته على رأس كل سنتين تحت طائلة عدم السماح له بالاستمرار في الممارسة.

       ولكي يكون التكوين الأساسي والمستمر ناجعا ويعطي النتائج المرجوة منه لابد من التفكيـر في تخصص المحامي في ميدان معين، إذ لا يمكننا أن نتصور أن يكون المحامي مطلعا على جميع القوانين والمساطر في مختلف الميادين لذلك ينبغي تنظيم تخصص المحامين بطريقة تشريعية تسمح للمحامي أن يكتسب صفة مختص في مادة معينة خصوصا أمام تنوع المحاكم المختصة من تجارية وإدارية واجتماعية ... إلخ.

وقد أكدت على هذا المبدأ التوصية 158 من الميثاق التي تنص على وضع برامج سنوية للتكوين المستمر والتخصصي على صعيد كل مهنة من مهن منظومة العدالة لتعميق المعارف المهنية للمنتسبين إليها، وإذا كانت جل هذه التوصيات تصب في توجهات المحامين نفسها التي عبروا عنها عبر مؤسساتهم المهنية، إلا أنه لا يمكن للتوصية أن تعطي النتائج المطلوبة منها إذا لم تفعل هذه التوصية ليس عن طريق التشريع فقط،  بل على مستوى التطبيق كذلك ويكفي في هذا المجال التذكير بأن مؤسسة التكوين الخاصة بالمحامين لم تفعل على أرض الواقع، رغم التنصيص عليها في القانون المنظم لمهنة المحاماة منذ عدة سنوات.

الهيكلة :

إن الإصلاح لا ينبغي أن يكون مقتصرا على العنصر البشري المتمثل في المحامي، بل لابـــــــد من مراجعة طريقة هيكلة الهيآت سواء على المستوى المحلي أو الوطني، ففي ما يتعلق بطريقة انتخاب الهيآت لابد من مراجعة جذرية لمسطرة الانتخابات لما أظهرته التجربة الحالية والسابقة من عدم جدواها وعدم إبرازها للإرادة الحقيقية للناخبين.

وقد جاءت التوصية 165 لتنص على ضرورة مراجعة ومدة انتخاب النقيب وأعضاء مجلس هيأة المحامين بما يحقق المناصفة والتمثيلية للفئات العمرية والأقدمية في المهنة وحصر مدة انتخاب النقيب في ولاية وحيدة غير قابلة للتجديد، ولا شك أن هذه التوصية جاءت لتضع نوعا من التوازن بين جميع المحامين المكونين للجمعية العمومية ويعطى بمقتضاها الحق لكل واحد من المحامين أن يكون صوته وآراؤه وتوجهاته ممثلة داخل مجلس الهيأة مع خضوع المترشحين للانتخابات المهنية للشروط نفسه سواء من حيث الأقدمية أو من حيث إمكانية إعادة الانتخاب.
أما في ما يتعلق بانتخاب النقيب، فإن حصر التوصية المذكورة مدة انتخاب النقيب في ولاية وحيـــدة غير قابلة للتجديد جاءت لتضع حدا لتصرفات بعض النقباء السابقين الذين سمحت لهم أنفسهم أن يتربعوا على عرش النقابة لمدة تتراوح ما بين ثلاث وسبع مرات أي أزيد من عشرين سنـــــــة مما يحرم بعض المحامين من تحمل هذه المسؤولية رغم توفرهم على جميع الشروط المطلوبة.
أما التوصية 164 فقد نصت على إحداث مجلس وطني لهيآت المحامين، من ضمن مهامه وضع التصورات العامة للتكوين الأساسي والمستمر للمحامين ووضع نظام داخلي موحد لهيئات المحامين ومدونة سلوك للمهنة.  

ولابد في هذا المضمار التأكيد أولا على أن المجلس الوطني ليس نقابة وطنية أو هيأة وطنيـة للمحامين كما هو الشأن في بعض الدول العربية وثانيا أنه ليس بديلا لجمعية هيآت المحامين بالمغرب ولا يتنافى أو يتعارض مع أهداف هذه الجمعية التي ساهمت أزيد من 50 سنة في تعزيز الديمقراطية  وتكريس احترام حقوق الإنسان والدفاع عن استقلال القضاء ونزاهته وحصانة المحاماة.

إلا أن الإطار الذي أنشئت فيه الجمعية لا يجعل توصياتها ملزمة لجميع الهيآت مما خلق نوعــــــــا من الاضطراب في المواقف بين هيأة وأخرى، وجعل الهيآت المغربية تظهر وكأنها لتخضـع لقانون واحد.     

أما المجلس الوطني فيبقى من صلاحياته التحدث باسم المحامين المغاربة وتوحيد الأنظمة الداخليـة للهيآت، وكذا القوانين المتعلقة بتسيير صندوق الأداءات وتوحيد رسوم الانخراط في المهنة إلى غير ذلك من التنظيمات التي تهم المحاماة .فنحن نلاحظ مع الأسف أن هناك اختلافا جوهريا بين مختلــف الهيآت المغربية فيما يتعلق بتسيير صندوق الأداءات المحدث في نطاق الفصل 57 من قانون المهنة، فقد اختلفت الاجتهادات من هيأة إلى أخرى، فأعطى البعض لنفسه صلاحيات تتعدى نية المشرع، بل وتخالف حتى التشريع نفسه، مما أدى إلى طعون صدرت إثرها أحكام عديدة في هذا المجال.

بل أكثر من ذلك، فإن بعض الهيآت سمحت لنفسها باقتطاع مبالغ من أتعاب المحامي في بعـض القضايا الخاصة لتصل إلى ثلث ما تلقاه من أتعاب وأصبح بذلك الاقتطاع من أتعاب المحامي عقوبة بديلة للعقوبة التأديبية التي أقرها المشرع.

ويضاف إلى هذا الاختلاف عدم توحيد رسوم الانخراط وكذا واجب الدمغة التي يصل الفرق فيها بين هيأة وأخرى إلى عشر مرات.

إن كل هذه الاختلافات وغياب التنسيق بين الهيآت في هذا الميدان وغيره من المياديــن أدى إلى التفكير في إنشاء مجلس وطني لهيآت المحامين تكون لقراراته القوة الإلزامية لجميع الهيآت والناطــــــق الرسمي باسم جميع المحامين المغاربة أمام المؤسسات والسلطات العمومية  

أما بالنسبة لهيكلة هذا المجلس فإنه لا ينبغي أن يخرج عن الهيكلة التي توجد عليها جمعية هيآت المحامين بالمغرب من حيث جعل جمعيته العمومية تتكون من جميع أعضاء المجلس ويكون النقباء الممارسون أعضاء بقوة القانون داخل مكتبه التنفيذي إلى جانب انتخاب بقية أعضاء المكتب من قبل الجمعية العمومية المذكورة
أما بالنسبة  إلى اختصاصاته فهي مشار اليها في التوصية 164 المذكورة.

كما انه ينبغي التفكير في جعل هذا المجلس هيأة استئنافية يطعن أمامها في جميع القرارات الصادرة عن مجالس الهيآت، كما هو عليه الشأن بالنسبة إلى القرارات الصادرة عن هيأت الأطباء والصيادلة وغيرهما من الهيآت الأخرى التي منح المشرع هيأتها الوطنية صلاحيات النظر في القرارات الصــــادرة عن المجالس الجهوية مع بسط رقابة محكمة النقض طبعا على هذه القرارات، وتنص التوصية 166 على إعطاء الجمعية العمومية لهيأة المحامين صلاحية المراقبة والمحاسبــــــة المهنية اتجاه مجلس الهيأة

وهذه التوصية وإن كانت قد أعطت للجمعية العمومية هذه السلطة  فإنه ينبغي ضبط هذه السلطـــــــة  من حيث التنصيص على من له الحق في الحضور في هذه الجمعية العمومية وكذا النصاب الواجب توفره سواء في ما يتعلق بالانعقاد أو بصدور القرارات مع وضع ضوابط حتى  لا تصبح هذه السلطــــــــــــــــــــة وسيلة للابتزاز والمساومة

التخليـــــق :

مهما سمت القاعدة القانونية فانه لا يمكن تطبيقها على ارض الواقع، إذا لم تكن مقرونة بالجزاء لذلك، فمسطرة التأديب المتبعة الآن على مستوى الهيآت يشوبها كثير من الاختلالات من الضروري إصلاحها وأول هذه الاخلالات هو جمع سلطة المتابعة والتأديـــــب في جهة واحدة هي مجلس الهيأة لأن هذه المسطرة وحدها تخل بأهم مبدأ من مبادئء المحاكمة العادلة وهي ضرورة فصل سلطة المتابعـــة عن سلطة التأديب لذلك ينبغي التفكير في فصل المجلس التأديبــــــــي عن مجلس الهيأة ، بحيث يمكن لهذا الأخير أن ينتخب من بين أعضائه هيأة تشرف على التأديب وتبقى صلاحية المتابعة  للنقيــــب ومجلس الهيأة  باستثناء أعضاء المجلس التأديبي  في الحالات التي يتقاعس فيها النقيـــــب عن تحريــــــــــك المتابعــــــــــــة.

أما ما جاء في التوصية 49 من حضور الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أو من يمثلــــــه في المجلس التأديبي للمحامين ، دون ان يشارك في المداولات واتخاذ القرار فانه يعتبر نشــــــازا لأنه لا معنى للسماح بحضور الوكيل العام في المجلس التأديبي مادامت القرارات الصــــــادرة عن هذا المجلس تبلغ له طبقا للقانون ويمكن له استعمال جميع وسائل الطعن القانونية ضد هذه القرارات ما عدا إذا اعتبرت هذه التوصية أن دور الوكيل العام هو تجسس على ما يدور داخل هذا المجلـــس من نقاش، وهذا دور لا نرضاه  لمؤسسة في وزن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، لذلك فان هذه التوصية تعتبر بمثابة حشو ينبغي الاستغناء عنه.

أما ما جاء في التوصية 174 من تخويل المشتكي حق الطعن في قرارات المجالس التأديبية للمهن القضائية، فإن واضعها لا يعرف الطبيعة القانونية للمجالس التأديبية بصورة عامة والمجالس التأديبيــــــة لهيآت المحامين بصفة خاصة، على اعتبار أن هذه القرارات ذات طبيعة سرية من جهة وذات طبيعة اسرية من جهة أخرى، وكيفما كان الحال فإن حق المشتكي يبقى محفوظا للمطالبة به امام الجهــــــــة القضائية، سواء في نطاق الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، أو في نطاق الدعوى المدنيــــــة التابعة أمام القضاء الزجري.

وفي ما يتعلق بالطعن في القرارات الصادرة عن مجالس الهيآت فان التوصية 50 تنص علـــــــى إحداث هيأة قضائية ومهنية مختلطة على مستوى محاكم الاستئناف ، تتكون من ثلاثة قضاة من بينهم الرئيس ومحاميان اثنان يمثلان مجلس هيأة المحامين، للبت في الطعون المقدمة ضد القرارات التأديبية وغيرها، الصادرة عن هذا المجلس، مع تخويل الهيأة المذكورة حق التصدي.
ورغم أننا كنا نطمح إلى أن يكون الطعن في القرارات الصادرة عن مجالس الهيآت أمام هيأة استئنافية مؤسسة من قبل المجلس الوطني المتحدث عنه سابقا الا ان احداث هيأة قضائيــــة ومهنية مختلطة فيه خطوة إلى الأمام  لا ينبغي إنكار أهميتها، مع الإشارة إلى أن هذه التوصيـــة عندما تحدثت عن محاميين اثنين يمثلان مجلس هيأة المحامين غاب عنها أن مجلس الهيأة هو الذي تصدر عنه القرارات المطعون فيها، وبالتالي فإنه لا يمكن لمن شارك في إصدار القرار المطعون فيه ان يكون عضوا في الهيأة الاستئنافية المذكورة .
 
لذلك ينبغي تعديل هذه التوصية بما يضمن ارتفاع حالة التنافـــــــــــي بين العضو في المجلس التأديبي لهيأة المحامين والعضو في الهيأة القضائية والمهنية المختلطة     

التحديــــــــــــــــــــــــث :

ان التقدم التكنولوجي واستعمال الوسائل الحديثة في الاتصال اصبحت تفرض نفسها على جميـــــع القطاعات بما فيها قطاع المحاماة : لذلك أصبح من الضروري أن يواكب التشريع هذا التقدم المعلوماتي

وأن تعمل الهيآت على تأهيل المحامين المنتمين لها باستعمال وسائل الاتصال الحديثة بالوثيرة نفسها التي تعمل بها المحاكم، ويصبح المحامي مؤهلا للتعامل مع مختلف المحاكم عن طريق وسائل الاتصـــــــــــــــــــال الحديث . كما ينبغي في مجال التحديث تشجيع المحامين على إنشاء الشركات المدنية في ما بينهم وإعفاء هذه الشركات من بداية تكوينها من الضرائب لمدة معينة حتى يكون هذا الإعفاء حافزا لتشجيع المحامين على التجمع داخل الشركات المدنية التي مع الأسف لم تعرف نجاحا رغم أن القانون المتعلق بهـــا بدأ  العمل به منذ مدة ليست باليسيرة.

وإضافة إلى كل ما ذكر فإن تعلم اللغات الأجنبية أصبح ضرورة ملحة ومفروضة على جميـــــع المحامين الذين يريدون مواكبة العولمة ومنافسة المكاتب الأجنبية التي تستأثر بأهم القضايا  ذات المنفعة الماديــــــــــــــــــــــة الهامــــــــــــــــــة.

وقد جاءت التوصيات المتعلقة بتحديث خدمات الإدارة القضائية وكذا خدمات المهن القانونيـــــة والقضائية وانفتاحها على المواطن لتصب في الاتجاه نفسه:

وهكذا نصت التوصية 171 على انخراط كل المهن القضائية والقانونية في جهود التحديث واستعمال التكنولوجيا الحديثة في تقديم خدماتها، كما نصت التوصية 173 على تسهيل ولوج الاشخاص الى المعلومة المرتبطة بقضاياهم لدى ممارسي المهن القضائية  والقانونية المعنية، كما نصت التوصية 189على  اعتماد التوقيع الالكتروني على صعيد التعامل بين مختلف مكونـــــــــــــات الادارة القضائية، كما نصت التوصية 190 على اعتماد الأداء الالكتروني لاستيفاء الرسوم والمصاريف القضائيـة والغرامات، كما نصت التوصية 191 على تمكين المتقاضين من تتبع مسار إجراءات قضاياهم  عن بعد مجانــــــــــــــا في احترام تام للمعطيات الشخصية للأفراد.

 كما نصت التوصية 193 على تمكين المتقاضين من الاطلاع على مآل تنفيذ الاحكام المتعلقة بهم عن طريق الأنترنت دعما للشفافية، كما نصت التوصية 194  على توفير الاعلام القانوني والقضائي للمواطنات والمواطنين وتسهيل ولوجهم مجانا الى المعلومة القانونية والقضائية.

إن مجموع هذه التوصيات لا يمكن  إلا أن نصفق لها ونرجو ان تتوفر الإمكانيات المادية والبشرية لإدخالها حيز التنفيذ.

مهام المحامي وحقوقه والتزاماته :

تظهر قوة أي قانون ينظم مهنة  معينة عندما يستطيع ان يضع توازنا وهو يتحدث عن مهام ممارس هذه المهنة بين حقوقه والتزاماته وبالتالي فكلما تساوت الحقوق والواجبات كان هناك توازن وعندما تغلب أحداهما على الآخر اختل هذا التوازن.

ولذلك فإننا سنحاول من خلال استعراض بعض التوصيات الصادرة في هذا المجال أن نرى مدى احترام هذه التوصيات للمبادئ المذكـورة
لاشك أن هذه التوصيات قد أعطت لأخلاقيات المهنة والقواعد التي تنظم سلوك المحامي المكانة التي تستحقها من حيث ضرورة احترامها وعدم الخروج على قواعد المهنة وأخلاقها وتقاليدها مع ضرورة

تذكير المحامي بالسلوك المثالي الذي ينبغي عليه أن يلتزمه ليس أثناء ممارسته لهذه المهنة فقط، بل حتى أثناء حياته الخاصة وسلوكه العادي،

وإذا كانت التوصيات أثقلت كاهل المحامي من حيث الالتزامات القانونية المفروضة عليــــــه والواجبات التي ينبغي عليه احترامها فإنها حاولت أن تنتزع منه حقا مكتسبا ناضل من أجل المحافظة عليه سنين عديدة، وهكذا فقد نصت التوصية 175 على ضرورة اعتماد عقد مكتوب بخصوص توكيل المحامي يستدل به عند المنازعة مخالفة بذلك مقتضيات المادة 30 من القانون الحالي التي تعطي الحق

للمحامي لممارسة مهامه من غير الإدلاء بوكالة.

إن المهتم يتساءل عن الأسباب والدوافع التي جعلت الهيأة توصي بما ذكر مع انه ما ثبت أن وقع نزاع بين المحامي وموكله فيما يتعلق بمبدأ التوكيل اللهم في حالة مسطرة تحديد الاتعاب التي جـاء القانون المذكور ونص في المادة نفسها الفقرة الثامنة على انه يتعين على المحامي أن يحتفظ بملفـه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.

كما أن المشرع نفسه ألزم المحامي  بالإدلاء بتوكيل كلما تعلق الأمر باستخلاص مبالغ مالية من محاسبين عموميين لفائدة موكله في قضايا لم يكن ينوب فيها .

وهكذا يتضح مما ذكر ان القانون الحالي قد وضع ضوابط للإدلاء بما يفيد التوكيل وبالتالــــي فلا حاجة إلى تعميم هذه القاعدة ما دام النزاع في مجال التوكيل هو نزاع  في نطاق محدود وهو مسطــرة تحديد الأتعاب، وبالتالي فان هذه التوصية تدخل في مجال لزوم ما لا يلزم

وحيث إنه وفي نطاق خلق توازن بين حقوق المحامي والتزاماته كان بالأحرى التوصية بتوسيــــــــــع مجال عمل المحامي وتعميم ثقافة الاستعانة بالمحامي من قبلالمتقاضين بما فيهم الدولة والمؤسسات العموميـــــــــــــــــة مع مد يد المساعدة للمحامين المبتدئين على وجه الخصوص وتمتعيهم بإعفاءات ضريبية مع تحمل الدولة لمسؤوليتها لمساعدة المحامين وهيآتهم  في المجال الاجتماعي .

الدعوة إلى الحـوار :

لقد سبق لي أن أشرت في بداية هذا المقال الى ضرورة فتح حوار جاد بين مختلف مكونات العدالـــة، خصوصا أنه لم يتم عقد الندوة الوطنية حتى يمكن الاستماع في الختام لجميع الأطراف، ولكن الفرصـــــــــــــــة ما زالت مواتية أثناء المخطط الإجرائي لتنفيذ ميثاق إصلاح منظومة العدالة .

وعليه فان المطلوب في ما يخص المحاماة على وجه الخصوص أن تجلس الأطراف المعنية إلى مائدة الحوار واستماع كل طرف للأخر واحترام الرأي والرأي الآخر ولا أظن وأنا أعرف النوايا  الحسنة للطرفين وغيرة كل واحد منهما على هذه المهنة أن تكون هناك خلافات جوهرية حول المبادئ الساميـــــــــة لهذه المهنة والكل سيعمل على الرفع من مستواها وإرجاع الهيبة والكرامة لأصحابها.

إن سياسة البيانات والبيانات المضادة لا يمكن لأي حال من الأحوال أن توصلنا الى ما نسعى إليه جميعا من إرجاع هذه المهنة بريقهــا وإعطائها المكانة التي تستحقها في المجتمع.

إن مناسبة مناقشة ميثاق إصلاح منظومة العدالة هي فرصة تاريخية لا يمكن ان تعوض خصوصا أنه يوجد على رأس وزارة العدل زميل لنا عرفنا فيه دفاعه المستميت عن استقلال المحاماة وحصانة الدفاع واحترام حقوق الإنسان والى جانبه ثلة من قضاة محترمين يعتبرون المحامـــــاة جزءا من أسرة القضـــــــاء ، كما أن مكتب جمعية هيآت المحامين بالمغرب يضم نقباء وحكمـــــــــــاء لهم تجربة واسعة وحب للمهنة وغيرة عليها، وبالتالي فان جلوس جميع الأطراف إلى طاولة الحـــــــــــــــــــــــــوار سيغني ولا شك تلك التوصيات،  خصوصا أن الجمعية  مقبلة على تنظيم ندوة وطنية حول مهنـــــة المحاماة أواسط شهر نونبر2013 بمدينة فاس  وأرجو ان تكون هذه الندوة بداية مباركة لفتح النقـــــاش والحوار بين الطرفين .

 



الاحد 17 نونبر 2013

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter