لمسار نادي قضاة المغرب من مرحلة إرهاصات التأسيس الأولى إلى يومنا هذا نقط التقاء كثيرة مع أحداث رواية "رجال في الشمس" للكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني. هذا ما يبدو للوهلة الأولى عند بروز تيمة الشمس بقوة في الرواية التي تتلخص أحداثها في هلاك ثلاثة من شخوصها: أبو القيس، أسعد و مروان داخل خزان ماء تحمله شاحنة قديمة على الحدود العراقية الكويتية بفعل فرط حرارة الشمس و تأخر السائق "أبو الخيزران" في إنقاذ الموقف بعد أن ألهاه أحد حرس الحدود عن رفاقه العالقين داخل الخزان بأكذوبة علاقته المزعومة براقصة تدعى كوكب. حرم الثلاثة من تحقيق حلمهم بالعبور من البصرة إلى الكويت و ألقى بهم أبو الخيزران في الصحراء بعدما جردهم من أنفس ممتلكاتهم.
لكن التوغل في عمق الأحداث و تتبع حركات و سكنات الشخوص في الرواية يوضح بجلاء أن العلاقة بين أبطال غسان كنفاني و أبطال نادي قضاة المغرب هي علاقة تنافر و تضاد تامين إذ أن كل ملمح للتشابه يفضي بك حتما إلى اختلاف واضح بين مسار الواقع و مسار الخيال.
تأسس نادي قضاة المغرب تحت أشعة الشمس يوم 20 غشت 2011 غداة تصويت الشعب المغربي لفائدة إقرار دستور جديد للمملكة كفل للقضاة حقهم في تأسيس الجمعيات المهنية للدفاع عن حقهم في قضاء مستقل و نزيه و ذلك بعد المنع الذي طال الأعضاء المؤسسين من الاجتماع داخل قاعة تم استيفاء كافة إجراءات استغلالها بشكل قانوني، في ذلك اليوم المشهود و بعد انتخاب الأجهزة المسيرة وطنيا و جهويا انعقد مجلسان وطنيان و جمع عام تأكد فيه لكل متتبع للشأن القضائي بالبلاد أن النادي هو الجمعية المهنية الأكثر تمثيلية.
قضاة النادي كان لهم موعد آخر مع الشمس لما التقوا بوسائل الإعلام خارج بناية محكمة النقض خلال زيارتهم التضامنية مع زميلهم محمد عنبر يوم 06 يوليوز 2012.
في اللقاء الأول كما في الأخير كانوا رجالا و نساء، على خلاف أبطال غسان الذين اختارهم من الرجال فقط و ظل النسوة في خلفية الأحداث يتحدث عنهم بصيغة الغائب "زوجة أبي القيس، أم و أخوات أسعد، الراقصة كوكب...". أجل لقد حضرت المرأة القاضية في كل محطات نادي قضاة المغرب و أنيطت بها مهام جسيمة وطنيا و جهويا فكانت أهلا لذلك، فلم أجد بدا بعد الاعتذار لروح غسان كنفاني من أن أضيف النساء لأشقاهم الرجال في عنوان هذا النص و أساوي بينهم في كل شيء بما في ذلك الوقوف تحت الشمس.
في الرواية "الخيال" تحضر فكرة العبور من العراق إلى الكويت لتحسين وضع اجتماعي أما في الرواية "الواقع" فتحضر نية العبور ، من القضاء/الوظيفة إلى القضاء /الرسالة من قضاء صامت إلى قضاء ناطق منطلق نحو غد أفضل، نحو قضاء مستقل لا يلقي بالا للتأثير المعنوي و لا المادي.
تم التحضير لعملية تهريب رجال غسان في الخفاء فهم يحضرون لعمل غير مشروع ولذلك تم إخفاؤهم داخل الخزان لكن رجال النادي و نساءه حضروا لعملهم في العلن من خلال إنشاء صفحة على أشهر موقع للتواصل الاجتماعي و توجوا مسارهم بتأسيس جمعية مهنية تنشط في العلن و تتمسك بروح الفصل 111 من دستور المملكة.
في رواية (رجال في الشمس) كان عدد الأفراد (الرئيسيين) أربعة في بداية الرواية بقي واحد منهم على قيد الحياة في النهاية فهم في تضاؤل، و عند أهل النادي كانت هناك ثلة من الناس على قلب رجل واحد وظلوا في تزايد إلى أن ملأت أسماؤهم صفحات وصفحات.
إن الشمس بحرارتها لم تزد أبطال الرواية الخيالية إلا ذلا و هوانا و تعلقا بمتاع الدنيا الفانية لدرجة أن جبنهم منعهم من أن يدقوا جدران الخزان للخلاص من ورطتهم و إنقاذ ارواحهم فلم يجد الكاتب في نهاية العمل السردي سوى تكرار سؤاله الفلسفي :لماذا لم يدقوا جدران الخزان ؟ الجواب أن السبب كامن في استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير أيها الكاتب الملتزم البارع، إنه مقايضة الكرامة الإنسانية بحطام الدنيا الزائل هذا هو المنحى الذي سار فيه أبو القيس و أسعد و مروان ومعهم أبو الخيزران أما أبطال النادي فقد استحضروا معنى الصبر في حرارة الشمس و ما بعد الصبر إلا الفرج، استلهموا من الشمس معنى الوضوح: وضوح الفكر و الصفاء : صفاء السريرة ،فالقضاء المنصف العادل النزيه و أضف ما شئت من أوصاف سامية لا يرضى بأنصاف الحلول لقد دق قضاة النادي جدران الخزان بكل قواهم فسمع له دوي في كل مكان و لسان حالهم يردد الآية الكريمة ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) صدق الله العظيم.
تاريخ التوصل:7 غشت 2012
تاريخ النشر: 8 غشت 2012
لكن التوغل في عمق الأحداث و تتبع حركات و سكنات الشخوص في الرواية يوضح بجلاء أن العلاقة بين أبطال غسان كنفاني و أبطال نادي قضاة المغرب هي علاقة تنافر و تضاد تامين إذ أن كل ملمح للتشابه يفضي بك حتما إلى اختلاف واضح بين مسار الواقع و مسار الخيال.
تأسس نادي قضاة المغرب تحت أشعة الشمس يوم 20 غشت 2011 غداة تصويت الشعب المغربي لفائدة إقرار دستور جديد للمملكة كفل للقضاة حقهم في تأسيس الجمعيات المهنية للدفاع عن حقهم في قضاء مستقل و نزيه و ذلك بعد المنع الذي طال الأعضاء المؤسسين من الاجتماع داخل قاعة تم استيفاء كافة إجراءات استغلالها بشكل قانوني، في ذلك اليوم المشهود و بعد انتخاب الأجهزة المسيرة وطنيا و جهويا انعقد مجلسان وطنيان و جمع عام تأكد فيه لكل متتبع للشأن القضائي بالبلاد أن النادي هو الجمعية المهنية الأكثر تمثيلية.
قضاة النادي كان لهم موعد آخر مع الشمس لما التقوا بوسائل الإعلام خارج بناية محكمة النقض خلال زيارتهم التضامنية مع زميلهم محمد عنبر يوم 06 يوليوز 2012.
في اللقاء الأول كما في الأخير كانوا رجالا و نساء، على خلاف أبطال غسان الذين اختارهم من الرجال فقط و ظل النسوة في خلفية الأحداث يتحدث عنهم بصيغة الغائب "زوجة أبي القيس، أم و أخوات أسعد، الراقصة كوكب...". أجل لقد حضرت المرأة القاضية في كل محطات نادي قضاة المغرب و أنيطت بها مهام جسيمة وطنيا و جهويا فكانت أهلا لذلك، فلم أجد بدا بعد الاعتذار لروح غسان كنفاني من أن أضيف النساء لأشقاهم الرجال في عنوان هذا النص و أساوي بينهم في كل شيء بما في ذلك الوقوف تحت الشمس.
في الرواية "الخيال" تحضر فكرة العبور من العراق إلى الكويت لتحسين وضع اجتماعي أما في الرواية "الواقع" فتحضر نية العبور ، من القضاء/الوظيفة إلى القضاء /الرسالة من قضاء صامت إلى قضاء ناطق منطلق نحو غد أفضل، نحو قضاء مستقل لا يلقي بالا للتأثير المعنوي و لا المادي.
تم التحضير لعملية تهريب رجال غسان في الخفاء فهم يحضرون لعمل غير مشروع ولذلك تم إخفاؤهم داخل الخزان لكن رجال النادي و نساءه حضروا لعملهم في العلن من خلال إنشاء صفحة على أشهر موقع للتواصل الاجتماعي و توجوا مسارهم بتأسيس جمعية مهنية تنشط في العلن و تتمسك بروح الفصل 111 من دستور المملكة.
في رواية (رجال في الشمس) كان عدد الأفراد (الرئيسيين) أربعة في بداية الرواية بقي واحد منهم على قيد الحياة في النهاية فهم في تضاؤل، و عند أهل النادي كانت هناك ثلة من الناس على قلب رجل واحد وظلوا في تزايد إلى أن ملأت أسماؤهم صفحات وصفحات.
إن الشمس بحرارتها لم تزد أبطال الرواية الخيالية إلا ذلا و هوانا و تعلقا بمتاع الدنيا الفانية لدرجة أن جبنهم منعهم من أن يدقوا جدران الخزان للخلاص من ورطتهم و إنقاذ ارواحهم فلم يجد الكاتب في نهاية العمل السردي سوى تكرار سؤاله الفلسفي :لماذا لم يدقوا جدران الخزان ؟ الجواب أن السبب كامن في استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير أيها الكاتب الملتزم البارع، إنه مقايضة الكرامة الإنسانية بحطام الدنيا الزائل هذا هو المنحى الذي سار فيه أبو القيس و أسعد و مروان ومعهم أبو الخيزران أما أبطال النادي فقد استحضروا معنى الصبر في حرارة الشمس و ما بعد الصبر إلا الفرج، استلهموا من الشمس معنى الوضوح: وضوح الفكر و الصفاء : صفاء السريرة ،فالقضاء المنصف العادل النزيه و أضف ما شئت من أوصاف سامية لا يرضى بأنصاف الحلول لقد دق قضاة النادي جدران الخزان بكل قواهم فسمع له دوي في كل مكان و لسان حالهم يردد الآية الكريمة ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) صدق الله العظيم.
تاريخ التوصل:7 غشت 2012
تاريخ النشر: 8 غشت 2012