بحكم الاهتمام الذي اوليه للقانون المقارن في المادة الإدارية أطلعت على قرار للمحكمة الادارية العليا المصرية صادر بتاريخ 23 يناير 1965 ، أشار إليه الدكتور سليمان محمد الطماوي في مؤلفه القضاء الإداري الكتاب الأول قضاء الإلغاء دار الفكر العربي ط 1986 ص 828 مفاده " بأنه لا تثريب على الموظف في إبداء رأيه إن كان معتدا بنفسه ، واثقا من سلامة نظره ، شجاعا في ابداء رأيه ، صريحا في ذلك أمام رئيسه ، لا يداور ولا يرائي ، مادام هو لم يجانب ما تقتضيه وظيفته من تحفظ ووقار ....
ذلك أن الصراحة في ابداء الرأي بما فيه وجه المصلحة العامة مطلوبة ........حتى لا تضيع تلك المصلحة العامة في تلافيف المصانعة والرياء وتتلاشى بعوامل الجبن والاستخذاء.
كما لا يعيب الموظف أن تكون له وجهة نظر معينة في المسألة التي يدافع عنها، ويجتهد في اقناع رئيسه للأخذ بها مادام يفعل ذلك بحسن نية في سبيل المصلحة العامة.
ولا جناح عليه أن يختلف مع رئيسه في وجهات النظر، إذ الحقيقة دائما هي وليدة اختلاف الرأي لا يجليها إلا قرع الحجة بالحجة، ومناقشة البرهان بالبرهان ...."
ولا غرو أن هذا القرار يكرس المفهوم الجديد للسلطة التي ما فتئ صاحب الجلالة يؤكد عليه منذ توليه عرش اجداده ، ويكرس مفهوم حقوق الانسان الحق ، ذلك أن الموظف العمومي يوجد في وضعية نظامية ويعمل لفائدة الدولة ومن طرفها ، وليس من خدام المسؤول الإداري الذي قد يلحقه بخدم منزله ، وهو بذلك إذا كان في مرتبة الأطر الإدارية العليا ، من واجبه تأطير منهم في مرتبة أقل منه وملزم بالنصيحة لمن هم في مرتبة مساوية أو أعلى منه ، وهذا ما يخوله حق المجادلة في كل التعليمات التي توجه إليه ، إن كان على يقين من أنها غير سديدة ، أو أنها تخلو من الشرعية والمشروعية ، بل وحتى عدم الملاءمة، أو من شأن تطبيقها المساس بالمصلحة العامة .
وقد اشترط القرار أعلاه في الموظف الذي يقدم النصيحة لرئيسه الشروط التالية :
*الثقة في النفس : ومن تم لا مجال للمجادلة في التعليمات إذا كان من يجادل إمعة لا رأي له ومنبطحا وعلى استعداد أن يتقبل الأوامر من أي كان حتى لو كانت غير سديد ؛
*الشجاعة في ابداء الرأي : أي تكون له شخصية قوية لاتصل إلى حد التهور ؛
*واضحا في بسط أفكاره وأقواله : ومن هنا لابد من أن يكون المتدخل واضح الأفكار منطقي ومجادل بالتي هي أحسن مدافعا عن أفكاره بالحجة والمنطق ؛
*حسن النية :حسن النية هي الأصل، ومن تم إذا ما تمسك الموظف برأيه ، فذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة وليس الخاصة .
لكن ، هل إن تحقق هذه الشروط كفيلة بأن ينصت المسؤول إلى مرؤوسيه ، والغالبية العظمى من المسؤولين الإداريين، تعتقد بأنها هي الإدارة ، وليس مسيرة للإدارة ، بل من هؤلاء من تتوفر فيه جميع سمات فرعون زمانه منها :
1 ـ تمركز القرارات : أي ان كل صغيرة وكبيرة لا تتم إلا بإذنه ، فيلغي رؤساء الأقسام والمصالح ، ويجعل مجرد التوقيع على ورقة الارسال من اختصاصه .
وهذا النوع قال فيهم القرآن الكريم على لسان فرعون "ءامنتم له قبل أن آذن لكم " (سورة طه آية 71
).
2ـ التكبر والعجرفة : ذلك أن بعض المسؤولين الإداريين ، يجعل من أنفسهم أربابا من دون الله، والعياد بالله ، ألم يقل فرعون "وما رب العالمين " (سورة الشعراء الآية 23 ). وأضاف "لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ( سورة الشعراء الآية 29).
3 ـ اتخاذ المكتب الخاص في أعلى طابق : وحتى يتميز بعض المسؤولين عن العاملين تحت إمارتهم يتخذون مكاتبهم في أعلى طابق ، حتى لا يختلطون مع "العامة" ، بل منهم من يقفل على نفسه المصعد بالمفتاح حتى لا يشاركه فيه باقي الموظفين .
وقد جاء في القرآن الكريم على لسان فرعون وهو يأمر وزيره هامان " فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى " الآية 38 من سورة القصص ).
4ـ الفساد ومنهج فرق تسود: قال تعالى في سورة القصص "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين " (الآية 4).
5ـ اتخاذ بطانة السوء والمنافقين والمتملقين : ، وقد قال تعالى "وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب (سورة غافر ص 37).صدق الله العظيم.
غير أن نهاية فرعون تكون دائما نهاية مأساوية إما بمرض لا ينفع معه دواء أو ضحية الطوفان أو الغرق في اليم .......
وصفوة القول إذا كان الموظف العمومي عامة و الأطر العاملة في الإدارة العمومية والترابية ملزمة بكتمان السر المهني واحترام التسلسل الإداري، فإن من واجبها كذلك قول الحق في كل الموافق التي يتعرض لها ، والامتناع عن تنفيذ كل قرار تعسفي أو خال من المشروعية أو يرقى إلى مرتبة الجرم ، تحت طائلة المساءلة التأديبية والجنائية عند الاقتضاء
ذلك أن الصراحة في ابداء الرأي بما فيه وجه المصلحة العامة مطلوبة ........حتى لا تضيع تلك المصلحة العامة في تلافيف المصانعة والرياء وتتلاشى بعوامل الجبن والاستخذاء.
كما لا يعيب الموظف أن تكون له وجهة نظر معينة في المسألة التي يدافع عنها، ويجتهد في اقناع رئيسه للأخذ بها مادام يفعل ذلك بحسن نية في سبيل المصلحة العامة.
ولا جناح عليه أن يختلف مع رئيسه في وجهات النظر، إذ الحقيقة دائما هي وليدة اختلاف الرأي لا يجليها إلا قرع الحجة بالحجة، ومناقشة البرهان بالبرهان ...."
ولا غرو أن هذا القرار يكرس المفهوم الجديد للسلطة التي ما فتئ صاحب الجلالة يؤكد عليه منذ توليه عرش اجداده ، ويكرس مفهوم حقوق الانسان الحق ، ذلك أن الموظف العمومي يوجد في وضعية نظامية ويعمل لفائدة الدولة ومن طرفها ، وليس من خدام المسؤول الإداري الذي قد يلحقه بخدم منزله ، وهو بذلك إذا كان في مرتبة الأطر الإدارية العليا ، من واجبه تأطير منهم في مرتبة أقل منه وملزم بالنصيحة لمن هم في مرتبة مساوية أو أعلى منه ، وهذا ما يخوله حق المجادلة في كل التعليمات التي توجه إليه ، إن كان على يقين من أنها غير سديدة ، أو أنها تخلو من الشرعية والمشروعية ، بل وحتى عدم الملاءمة، أو من شأن تطبيقها المساس بالمصلحة العامة .
وقد اشترط القرار أعلاه في الموظف الذي يقدم النصيحة لرئيسه الشروط التالية :
*الثقة في النفس : ومن تم لا مجال للمجادلة في التعليمات إذا كان من يجادل إمعة لا رأي له ومنبطحا وعلى استعداد أن يتقبل الأوامر من أي كان حتى لو كانت غير سديد ؛
*الشجاعة في ابداء الرأي : أي تكون له شخصية قوية لاتصل إلى حد التهور ؛
*واضحا في بسط أفكاره وأقواله : ومن هنا لابد من أن يكون المتدخل واضح الأفكار منطقي ومجادل بالتي هي أحسن مدافعا عن أفكاره بالحجة والمنطق ؛
*حسن النية :حسن النية هي الأصل، ومن تم إذا ما تمسك الموظف برأيه ، فذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة وليس الخاصة .
لكن ، هل إن تحقق هذه الشروط كفيلة بأن ينصت المسؤول إلى مرؤوسيه ، والغالبية العظمى من المسؤولين الإداريين، تعتقد بأنها هي الإدارة ، وليس مسيرة للإدارة ، بل من هؤلاء من تتوفر فيه جميع سمات فرعون زمانه منها :
1 ـ تمركز القرارات : أي ان كل صغيرة وكبيرة لا تتم إلا بإذنه ، فيلغي رؤساء الأقسام والمصالح ، ويجعل مجرد التوقيع على ورقة الارسال من اختصاصه .
وهذا النوع قال فيهم القرآن الكريم على لسان فرعون "ءامنتم له قبل أن آذن لكم " (سورة طه آية 71
).
2ـ التكبر والعجرفة : ذلك أن بعض المسؤولين الإداريين ، يجعل من أنفسهم أربابا من دون الله، والعياد بالله ، ألم يقل فرعون "وما رب العالمين " (سورة الشعراء الآية 23 ). وأضاف "لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ( سورة الشعراء الآية 29).
3 ـ اتخاذ المكتب الخاص في أعلى طابق : وحتى يتميز بعض المسؤولين عن العاملين تحت إمارتهم يتخذون مكاتبهم في أعلى طابق ، حتى لا يختلطون مع "العامة" ، بل منهم من يقفل على نفسه المصعد بالمفتاح حتى لا يشاركه فيه باقي الموظفين .
وقد جاء في القرآن الكريم على لسان فرعون وهو يأمر وزيره هامان " فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى " الآية 38 من سورة القصص ).
4ـ الفساد ومنهج فرق تسود: قال تعالى في سورة القصص "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين " (الآية 4).
5ـ اتخاذ بطانة السوء والمنافقين والمتملقين : ، وقد قال تعالى "وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب (سورة غافر ص 37).صدق الله العظيم.
غير أن نهاية فرعون تكون دائما نهاية مأساوية إما بمرض لا ينفع معه دواء أو ضحية الطوفان أو الغرق في اليم .......
وصفوة القول إذا كان الموظف العمومي عامة و الأطر العاملة في الإدارة العمومية والترابية ملزمة بكتمان السر المهني واحترام التسلسل الإداري، فإن من واجبها كذلك قول الحق في كل الموافق التي يتعرض لها ، والامتناع عن تنفيذ كل قرار تعسفي أو خال من المشروعية أو يرقى إلى مرتبة الجرم ، تحت طائلة المساءلة التأديبية والجنائية عند الاقتضاء