تمنح العديد من جمعيات الأعمال الاجتماعية للموظفين قروضا بنسبة فائدة معينة، وهي جمعيات تم حلها وتحويلها بمقتضى قوانين إلى مؤسسات للأعمال الاجتماعية، حيث نقلت ممتلكاتها وأصولها إلى هذه المؤسسات الجديدة، في خرق سافر للقانون والدستور، الذي يعطي صلاحية حل الجمعيات للقضاء، أي بواسطة حكم قضائي وليس بقانون صادر عن البرلمان بعد تصويته على المشروع المقدم له من الحكومة، وإذا كنا قد تناولنا في إحدى العرائض التي رفعناها إلى السيد رئيس الحكومة عدم مشروعية حل الجمعيات بقانون، فإننا في هذه الدراسة سنتناول مدى جواز منح القروض بفائدة من قبل جمعيات الأعمال الاجتماعية للموظفين، والتي حلت محلها مؤسسات أحدتث بقانون وشرعت محل الجمعيات المذكورة في استخلاص أقساط القروض بفائدة.
فهل هناك أساس قانوني لمنح القروض بفائدة من طرف جمعيات الأعمال الإجتماعية للموظفين.؟
على سبيل المثال تمنح جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الإقتصاد والمالية قرضا بمبلغ 60.000 درهم (ستون ألف درهم) لفائدة موظفي وموظفات وزارة الاقتصاد والمالية المنخرطين بالجمعية المذكور بنسبة فائدة تساوي 5 0/0 سنويا، وبتأمين يقارب 1000 درهم.
إلا أنه وبعد مراجعة كلا من:
1 - الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر 1958) المنظم لتأسيس الجمعيات كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 75.00 الصادر بتاريخ 23 يوليوز 2002؛
2- ثم للقانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها (ظهير 14 فبراير 2006)؛[1]
- ثم القانون رقم 97-18 المتعلق بالسلفات الصغيرة (ظهير 5 فبراير 1999)،[2] كما تم تتميمه بالقانون رقم 07-04 ( ظهير 30 نونبر 2007).[3]
يتضح أن نسبة الفائدة التي يتم استخلاصها مع أصل الدين من طرف جمعية الأعمال الاجتماعية = ومعها المؤسسة التي أحدتث= لوزارة الاقتصاد والمالية لا تستند على أي أساس قانوني وذلك للاعتبارات التالية:
أولا: إن جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الاقتصاد والمالية هي جمعية مؤسسة في إطار ظهير 1958، وبالتالي تسري عليها أحكام الظهير المذكور وكذا نظامها الأساسي؛
ثانيا: إن ظهير 1958 يكرس في فصله الأول أن الجمعية لا تسعى إلى تحقيق الربح، وبالتالي لها فقط بموجب الفصل 6 من نفس الظهير أن تقتني بعوض وتتملك وتتصرف في الإعانات العمومية والإنخراطات، وليس لها أن تمنح القروض بفائدة؛
ثالثا: إن النظام الأساسي لجمعية الأعمال الاجتماعية ليس فيه أي مقتضى بشأن منح القروض بفائدة، ذلك أن الفصل الثاني من النظام الأساسي المذكور الذي يحدد غرض الجمعية، قد نص فقط على أنه:
" تسعى جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الاقتصاد والمالية إلى تحقيق الأهداف التالية:
- العمل، قدر الإمكان، على تحسين أوضاع موظفي وزارة المالية من خلال الإحداث والتدبير المباشر للأعمال الاجتماعية المناسبة.
- تنسيق ودعم أنشطة المجموعات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والتربوي والترفيهي والرياضي التي تخدم مصالح موظفي وزارة الاقتصاد والمالية.
- السهر على تسهيل، وبالنسبة للأنشطة غير الخاضعة لمجموعة متواجدة، على ربط العلاقات مع الجمعيات الوطنية والأجنبية والمؤسسات الدولية التي تضم جمعيات ذات طابع اجتماعي."
" تتكون موارد الجمعية أساسا مما يلي:
- الموارد الخاصة بالجمعية.
- الإعانات المالية أو السلفات المدفوعة من طرف وزارة الاقتصاد والمالية أو المؤسسات المعنية بالعمل الاجتماعي.
- الاشتراكات المؤداة سنويا أو شهريا من طرف أعضاء المجموعات والأشخاص المشار إليهم في الفصل 5، يحدد مبلغ هذا الاشتراك من قبل الجمع العام باقتراح من المكتب.
- الهبات والمساعدات والوصايا.
- ناتج الضرائب شبه الجبائية المحدثة لفائدتها."
خامسا: إن منح القروض بفائدة هو من مهام مؤسسات الائتمان (البنوك وشركات التمويل) طبقا للقانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها؛
وحيث إن جمعيات الأعمال الاجتماعية للموظفين ليست من صنف جمعيات السلفات الصغيرة، ولا من صنف مؤسسات الائتمان اللتين يمكنهما وحدهما أن يقوما بمنح قروض بعوض.[6]
وحيث يمنع بموجب المادة 136 من القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على كل شخص غير معتمد باعتباره مؤسسة ائتمان أن يحترف بصفة اعتيادية القيام بمنح القروض بفائدة.
وحيث إن اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه، وسواء جاء صريحا، أو اتخذ شكل هدية، أو أي نفع آخر للمقرض، أو لأي شخص غيره يتخذه وسيطا له، كما يقضي بذلك الفصل 870 من قانون الالتزامات والعقود.
وحيث يترتب على كل ذلك، أن نسبة الفائدة التي يتم استخلاصها عن القروض الممنوحة من طرف جمعيات الأعمال الاجتماعية للموظفين، وخاصة جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الاقتصاد والمالية لا تستند على أي أساس قانوني.
لكل هذه الأسباب،
ليس هناك أي أساس قانوني لاشتراط الفائدة بشأن قرض 60.000 درهم الذي تمنحه جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الاقتصاد والمالية. وكذا الجمعيات الأخرى الخاصة بالموظفين في سائر الوزارات.
الهوامش
[1] ج ر عدد 5397 بتاريخ 20 فبراير 2006.
[2] ج ر عدد 4678 بتاريخ فاتح أبريل 1999.
[3] ج ر عدد 5584 بتاريخ 6 ديسمبر 2007.
[4] نصت المادة 1 من القانون رقم 97-18 المتعلق بالسلفات الصغيرة على انه: " تعتبر جمعية للسلفات الصغيرة كل جمعية تؤسس وفقا لأحكام الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 وننبر 1958) بتنظيم الحق في تأسيس الجمعيات ويكون غرضها توزيع سلفات صغيرة طبقا للشروط المقررة في هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه."
[5] حدد المشرع عدة شروط لممارسة أي جمعية لنشاط منح السلفات الصغيرة، من تلك الشروط الحصول على ترخيص، حيث نصت المادة 5 من القانون رقم 97-18 المذكور على أنه: " يجب على كل جمعية من جمعيات السلفات الصغيرة قبل الإقدام على مزاولة أي نشاط يتعلق بمنح هذه السلفات أن تحصل على رخصة تمنح لهذا الغرض بقرار يصدره الوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي المجلس الاستشاري للسلفات الصغيرة المنصوص عليه في المادة 19 أدناه.
يجب أن ينشر القرار المذكور في الجريدة الرسمية."
هذا، ولا يمنح الترخيص المذكور إلا إذا توفرت في الجمعية الشروط الأخرى التي حددتها المادة 6 من نفس القانون التي نصت على أنه: " تمنح الرخصة المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه عندما تتوفر في الجمعية الشروط التالية:
يجب أن ينشر القرار المذكور في الجريدة الرسمية."
هذا، ولا يمنح الترخيص المذكور إلا إذا توفرت في الجمعية الشروط الأخرى التي حددتها المادة 6 من نفس القانون التي نصت على أنه: " تمنح الرخصة المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه عندما تتوفر في الجمعية الشروط التالية:
- أن ينص نظامها الأساسي بوجه خاص على:
- اقتصار غرضها على القيام بالعمليات المنصوص عليها في المواد 1 و 2 و 3 من هذا القانون؛
- منح السلف الصغير دون ميز كيفما كان نوعه؛ ...."
[6] نصت المادة 3 من القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على أنه: " يعتبر عملية ائتمان كل تصرف، بعوض، يقوم بمقتضاه شخص من الأشخاص:
- بوضع أموال أو الالتزام بوضعها رهن تصرف شخص آخر يكون ملزما بإرجاعها..."
- بوضع أموال أو الالتزام بوضعها رهن تصرف شخص آخر يكون ملزما بإرجاعها..."