MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




في الطبيعة الإدارية لقرار توقيف الوزير"أوزين" من طرف جلالة الملك

     



في الطبيعة الإدارية لقرار توقيف الوزير"أوزين" من طرف جلالة الملك
تواتر الاجتهاد القضائي قبل دستور 2011، على اعتبار القرارات الملكية قرارات غير إدارية. وقد نجد لهذا التوجه مبررا في ظل الدساتير السابقة، حيث بنية الدولة المغربية كانت تعاني من حالة تداخل كبير على مستوى سلطها الثلاث وتبعية القضاء خاصة في المادة الإدارية للإدارة.

وهكذا نجد أن هناك ما يشبه الإجماع حول عدم قابلية القرارات الملكية للطعن بالإلغاء، سواء لدى الفقه أو لدى الاجتهاد القضائي، دون أن نغفل الأصوات الفقهية -على قلتها- والتي لا طالما نادت بخضوع بعض قرارات المؤسسة الملكية ذات الصبغة الإدارية للطعن بالإلغاء والمخلفة لأثرها في المراكز القانونية، واعتبار أن الطعن في قرار الملك لا يعني الطعن في شخص الملك. ولو أن هذا الاتجاه صوت كان خافتا أمام التيار الجارف والذي كان يتحفظ في النظر في القرارات الصادرة عن المؤسسة الملكية.

بتاريخ 18 يونيو 1960 قضت الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى في قضية «عبد الحميد الروندا»، بأنها غير مختصة للفصل في القضايا المتعلقة بالطعن في ظهائر ملكية بدعوى عدم صدورها عن سلطة إدارية بالمفهوم الذي ينص عليه الفصل الأول من ظهير تأسيس المجلس الأعلى، وعشر سنوات بعد ذلك قضت نفس الغرفة في الحكم المتعلق بالشركة الفلاحية لمزرعة عبد العزيز بتاريخ 20 مارس 1970، بأن القرارات الملكية غير قابلة للطعن طالما أن الدستور لم يعهد إلى هيئة معينة بالنظر في الطعون المقدمة ضد هذه القرارات.

« وحيث إن جلالة الملك يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه أمير المؤمنين طبقا للفصل 19 من الدستور
»
 
ومع الدستور الجديد وباستحضار لاختصاصات الملك نجد على أن الملك هو رئيس الدولة من خلال الفصل 42  ويمارس مهامه من خلال الظهائر الموقعة بالعطف من طرف رئيس الحكومة اللهم ما تم التنصيص عليه في الفصول 41و47و51 و54 و59 و130و174.

والملك هو الذي يعين الوزراء باقتراح من رئيس الحكومة الفصل47.معنى هذا أن الملك هو رئيس السلطة التنفيذية وبالتالي فالمشرع الدستوري فصل إمارة المؤمنين عن رئاسة   السلطة التنفيذية وبالتالي ما ذهب إليه الفقه و الاجتهاد القضائي من خلال الغرفة الإدارية لدى المجلس الأعلى من كون القضاء من وظائف الإمامة وكون ألأحكام القضائية تنطق باسم جلالة الملك وبالتالي لا يمكن اعتبار القرار الملكي قرارا إداريا ولا يمكن الطعن فيه بالإلغاء...أصبح غير ذي موضوع خاصة مع استقلال السلطة القضائية طبقا للفصل 107
هذا وتجدر الإشارة إلى التنصيص الدستوري على ربط المسؤولية بالمحاسبة، و إلغاء الفصل 23 الذي كان ينص على أن الملك مقدس وتعويضه بالفصل 46 الذي صار ينص فقط على أن "شخص الملك لا تنتهك حرمته, وللملك واجب التوقير والاحترام"

هذا يحيلنا أيضا للإشارة إلى أن القضاء الإداري في تحديده لطبيعة القرار الإداري عرف تطورات متواترة. فنجد على سبيل المثال أن القانون المنظم للمجلس الأعلى يؤكد أنه يختص من خلال غرفته الإدارية للطعن بالإلغاء في المقررات الإدارية الصادرة عن السلطة القضائية، وهذا يعني أن المجلس الأعلى أخذ بالمعيار العضوي لتحديد طبيعة القرار الإداري، لكن هذا التصور الكلاسيكي سرعان ما تجاوزه قانون المحاكم الإدارية الذي أصبح يتحدث عن الطعن في المقررات الصادرة عن الإدارة وفي هذا توسيع لمجال القرار الإداري بحيث يشمل إضافة إلى المعيار العضوي المعيار الموضوعي.

لكن القاعدة الدستورية الجديدة من خلا الفصل 118 أصبحت تتحدث عن  كل القرارات الإدارية  الصادرة في المجال الإداري، وبهنا أصبح بإمكان القضاء الإداري أن يبسط رقابته عن كل قرار سواء بالأخذ بالمعيار العضوي أو بالمعيار الموضوعي أو بالمعيار الفعلي...

و"كل" هنا تفرض على القاضي الإداري ان لا يخرج أي قرار إداري من الرقابة، وبالتالي هناك منع لأي تحصين يطال القرارات الإدارية في كليتها، مما يوسع من دائرة ماهية القرار الإداري .

من خلال ما سبق وبالعودة إلى القرار الملكي بتوقيف الوزير أوزين يمكن إبداء الملاحظات التالية:

إن قرار الملك بالتوقيف هو صادر من رئاسة الدولة أي صادر من سلطة التعيين ومعلوم أن سلطة التعيين هي الوحيدة الموكول لها سلطة التوقيف.

إن هذا القرار لم يصدر في صيغة ظهير وبالتالي فهو قرار ملكي  يحمل صبغة الأمر النابع من سلطة رئاسية.

إن هذا القرار يستجمع كل أركان القرار الإداري سواء نظرنا إليه باعتبار المعيار العضوي أو الموضوعي.

إن مقتضيات الدستور الجديد تفصل بشكل واضح بين إمارة المؤمنين التي تستمد مشروعيتها من البيعة،ورئاسة الدولة والتي تستمد مشروعيتها من التعاقد القانوني الذي يخول للملك ممارسة السلطة التنفيذية.

إن القرار المتخذ لم يكن في حالة استثناء أو حالة حرب أو أي حالة يمكن أن تدرجه ضمن أعمال السيادة، بحيث يعبر القرار على مضمون عقابي، وإن تم الدفع بأن القرار تحقيقا للمصلحة العليا للوطن فإن القضاء الإداري وحده القادر على التكييف والملاءمة وهذا نقاش آخر...
 



الخميس 25 ديسمبر 2014

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة



1.أرسلت من قبل جابر في 25/12/2014 20:49
إن قراءتنا لهذه المقالة لن تمنعنا من القول بأن الباحث بذل الجهد والاجتهاد في تكييف "قرار التوقيف الملكي للوزارة مع المقتضيات الدستورية وبناء على المنطلقات النظرية لأركان القرار الاداري ومفهومه"، إلا أن هذا الاجتهاد يبقى في آخر المطاف معرضا للنقاش والنقد وذلك بناء على عدة اعتبارت نوردها على الشكل التالي:
- أن القول بتوقيف مهام وزارة معينة يستدعي ممن قام بالقرار أن يستند إلى سند دستوري وقانوني وهو ما نجد له مأوى لا في نصوص الدستور ولا في نصوص القانون.
- ثانيا أن من بين شروط الضرورية التي يجب توفرها حتى يعتبر القرار قرارا إداريا أن يقوم على ركن الاختصاص، وهو ما لا يظهر لا في الدستور ولا في اي قانون آخر يجيز للملك توقيف مهام الوزارة.
- أن القول بأن القرار الملكي قرارا إداريا فهذا يعني الطعن فيه بالإلغاء أمام المحاكم الادارية وهو ما سيؤدي بهذه الأخيرة أن تقرر بعدم الاختصاص.
- أن الدستور أعطى بالنسبة للملك في علاقته بالوزارة حق الإعفاء ولم يعطي له حق التوقيف
- أن القول بمن له سلطة التعيين له سلطة التوقيف هو قول صائب في ما يتعلق بأعمال السلطة الإدارية ، وليس فيما يتعلق بالغلاقة بين الملك والوزراء، فسلطة التعيين الممنوحة للملك ليست يالتبعية تؤدي إلى الحق في التوقيف، نظرا لأن هذه العلاقة محددة ومضبوظة دستوريا، والتي تفيد أن الملك عليه أن يقدم على حقه في إقالة الوزير وليس توقيفه، نظرا لأن سلطة تعيين الحكومة الممنوحة للملك مشروطة كذلك بالتنصيب البرلماني.
- وعلى أساس ذلك فإن الملك في ظل دستور 2011 ملزم لكي يمارس صلاحياته الدستورية في إطار علاقته بالوزارة أو أي اختصاص آخر، أن يقوم بهذا السلوك بموجب ظهائر، وهو ما لم يتوفر في هذا المجال.
- ثم ان القول بأن الملك كرئيس للدولة يستمد مشروعيته من التعاقد القانوني المتمثل في الدستور قول صائب لكن ذلك لا يجعله يمارس السلطة التنفيذية بموجب صريح نصوص الدستور التي نصت على أن الحكومة هي التي تمارسها طبقا لما هو وارد في الباب الخامس المعنون بالسلطة التنفيذية، وبناء على ما تنص عليه الفصل 89 من الدستور، حتى ولو قلنا بممارسة الملك للسلطة التنفيذية فإن ممارسته هذه محددة في ما هو مكرس أثناء ترأسه للمجلس الوزاري في الفصل 49 من الدستور الذي لم ينص على أي مقتضى يفيد أن الملك يمكن له أن يقرر وقف أشغال أي وزارة.
- وبناء على هذا كله يمكن القول بأن هذا القرار لا هو بقرار إداري مستوف لأركانه ولا هو بقرار دستوري وهو الامر الذي سيفرض علينا أن هذا القرار ما هو إلا قرار ملكي انفرادي فيه تجاوز لنصوص الدستور من جهة وفيه إحياء لسياسي لمسوغات الدستور الضمني والعرفي الذي حاول ان يتجاوزه دستور 2011 بتقييد سلطات الملك في ظل اعتماده على الطبيعة البرلمانية للنظام الدستوري المغربي من جهة أخرى.
وبه وجب البيان وارجوا أن أكون مخطئا فيما سلفت.

2.أرسلت من قبل مراد بن عمر إطار بوزارة التجهيز في 26/12/2014 13:07
بعيدا عن الغموض الذي يطرح عند محاولىة التفريق بين مفهومي إمارة المؤمنين ورئاسة الدولة، دعوني في البداية القول بأن المبادرة الملكية المتخذة في حق "محمد أوزين" وزير الشباب والرياضة، هي مبادرة بناءة وشجاعة تستحق الوقوف عندها واستشراف مغزاها، كون أن جلالة الملك لأول مرة يتدخل لإعمال سلطته في مراقبة عمل أعضاء الحكومة من هذا القبيل، وهي مسألة محمودة عند ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن الإجراء المتخذ من طرف الملك هو عمل دستوري، يجد سنده في الفصل 47 من دستور 2011 الذي ينص في الفقرة الثالثة على أن: "للملك بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم".
وبالرجوع إلى الفصل 42 من الدستور فإن الملك ريس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها يسهر على احترام الدستور... والملك يمارس المهام المنوطة به بمقتضى ظهائر من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.
صحيح أن مبادرة الملك في حق السيد أوزين لم تتم بمقتضى ظهير، لأن ما تم اتخاذه في حق الوزير هو إجراء مؤقت، يخص نشاط معين من الأنشطة التي يختص بممارستها الوزير المعني وليس كل اأنشطة الوزارة، وبالتالي فهو إجراء احترازي إلى أن تظهر نتائج التحقيق في ملف ملعب الأمير مولاي عبدالله.
وبخصوص التساؤل المطروح حول ما إذا كانت القرارات الصادرة عن جلالة الملك هي قرارات إدارية تقبل الطعن؟ أم لا؟ وباستقراءنا للفصل 118 من الدستور الفقرة الثانية والتي جاء فيها: " كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة"، يمكن القول بأن بأن القرارات الصادرة عن الملك بالرغم من التبريرات المحتشومة التي ذهب إليها الإجتهاد القضائي وبعض الفقهاء لنفي الصفة الإدارية عليها، هي قرارات إدارية تنفيذية لا يمكن نفي عليه هذه الصفة، باعتبار أن الملك هو رئيس المجلس الوزاري وبالتالي فهو يمارس أعمال إدارية مادية.
لكن حتى وإن كانت هذه القرارات إدارية تنفيذية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فهي تبقى بعيدة عن مجال الطعن بالإلغاء، لأنه لايمكن تصور قرار صادر عن الملك يجانب الصواب وبعيد عن المصلحة العامة، فهذا النوع من القرارات يدخل في خانة أعمال السيادة التي يمارسها الملك باعتباره الحكم الأسمى ورمز وحدة الأمة.
وأعمال السيادة هذه، هي طائفة من أعمال السلطة التنفيذية التي لا تخصضع لرقابة القضاء سواء العادي أو الإداري، ولا تكون محلا للإلغاء، أو وقف تنفيذ، وهي تخرج بهذه الصورة على مبدأ المشروعية، وهنا تدخل القرارات الصادرة عن جلالة الملك.
وقد نشأت نظرية أعمال السيادة في فيرنسا ويرجع الفضل في تأسيسها إلى قضاء مجلس الدولة وذلك في النصف الأول من القرن التاسع عشر. (وللمزيد حول هذه النظرية أحيلكم على مرجع للدكتورة ثورية العيوني: "القضاء الإداري ورقابتعه على أعمال الإدارة -دراسة مقارنة-"، الطبعة الأولى 2005، دار النشر الجسور وجدة، ص 34 وما يليها.
إذا من خلال ماتم بسطه أعلاه، نشير إلى أنه حتى وإن تم الحسم بأن القرارات الصادرة عن الملك هي قرارات إدارية تنفيذية، فإنه في أخر المطاف لا تقبل الطعن، لأن هذا النوع من القرارات يدخل في نطاق اعمال السيادة التي يمارسها الملك وهي بذلك تبقى بعيدة عن رقابة الجهات المختصة بالبت في مشروعية الأعمال الإدارية.

تعليق جديد
Twitter