في خضم الحراك القضائي الذي تشهده الساحة الوطنية، وقبيل ساعات قليلة من تنظيم الوقفة الوطنية الثانية للقضاة ببذلهم أمام وزارة العدل والحريات ليوم الثامن من فبراير، قرر السيد وزير العدل والحريات أن ينظم مؤتمرا صحفيا لإطلاع الرأي العام عن بعض من مواقف جمعية نادي قضاة المغرب، وهي الجمعية التي دعت إلى الوقفة المرتقبة للقضاة. وإذا كان أمر اجتماع السيد الوزير بوسائل الاعلام أمرا عاديا يدخل ضمن انفتاح الوزارة على الصحافة الوطنية والدولية ، فإن من غير المألوف أن يخصص السيد وزير العدل والحريات الجزء الأكبر من مؤتمره الصحفي لتسليط الضوء على مواقف جمعية مهنية قضائية بعينها وهي نادي قضاة المغرب، رغم أن المشهد القضائي الوطني يعرف تواجد أكثر من خمس جمعيات مهنية قضائية، مما يدفع للتساؤل حول أسباب هذا الاستثناء الوزاري لجمعية دون غيرها ؟ وان كان واقع الحال يؤكد أنه ربما من أسباب هذا الاستثناء الفريد كون هذه الجمعية تبقى الفاعل الرئيسي في الساحة القضائية سواء من حيث مقترحاتها أو مواقفها سواء في نظر العديد من القضاة أو ربما حتى من وجهة نظر الوزارة.
وإذا تجاوزنا موضوع المؤتمر الصحفي وحاولنا الوقوف على بعض الرسائل التي قدمها المؤتمر يمكن القول أن السبب الرئيسي لعقده هو تسليط الضوء على الوقفة الوطنية الثانية التي يعتزم نادي قضاة المغرب تنظيمها قريبا أمام وزارة العدل حيث ينتظر أن يحتج القضاة بزيهم الرسمي، وفي هذا الصدد عمد السيد الوزير لمحاولة تمرير فكرة مفادها أن ارتداء القضاة بذلهم في الشارع خارج أسوار المحكمة يعد انتهاكا للبذلة وخرقا للقانون بل وتدنيسا للزي الرسمي الذي يبقى مكانه الأوحد هو أسوار المحكمة.
ويبدو من خلال هذا التصريح الجديد للسيد الوزير أنه تجاهل كون خروج قضاة المغرب للاحتجاج ببذلهم في الفضاء العام لا يعتبر أمرا جديدا في الممارسة القضائية سواء داخل المغرب أو خارجه، فقبيل حوالي سنة ونصف قام أزيد من 2000 قاض ينتمي إلى نفس الجمعية المهنية القضائية بارتداء الزي الرسمي في وقفة وطنية لهم أمام محكمة النقض ولم يصدر عن الوزارة يومئذ أي تلميح او اعتراض عن ذلك رغم أنها أصدرت بيانا تناولت فيه بعض الشعارات المرفوعة في وقفة السادس من أكتوبر من قبيل استقلال القضاء ومحاربة الرشوة ووصفتها بالشعارات المستهلكة ، وبالتالي ما الجديد في الأمر؟ ولماذا احتجاج الوزارة اليوم بقدسية البذلة ؟ وماذا اختلف بين وقفة السادس من أكتوبر، ووقفة الثامن من فبراير ؟
لا شك أن الجواب السريع نقرؤه في مكان الوقفة المرتقبة أي أمام وزارة العدل والحريات، فلا شك أن اختيار القضاة لهذا المكان الذي يحمل عدة دلالات يبقى أمرا محرجا للوزارة حتم على السيد وزير العدل أن يراجع مواقفه ويعيد ترتيب أوراقه، ليختار التمسك بمبرر قدسية البذلة، كما أن بين التاريخين المذكورين وقع حدث هام وهو الانتهاء مما سمي بالحوار الوطني حول الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، فأن يحتج القضاة في زمن الحوار أمر ربما لا يبعث نفس الاشارات المقلقة التي يبعثها احتجاجهم بعد الانتهاء من الحوار المذكور لأن في احتجاجهم اللاحق دليل على فشل هذا الحوار الذي لم يستطع أن يستوعب تصوراتهم وينصت لمطالبهم.
وبالتالي فما بين زمان ومكان الوقفة الوطنية الأولى والثانية للقضاة وقعت بعض المتغيرات التي حتمت على الوزارة أن تغير سياستها في التعامل مع ممارسة القضاة لحقوقهم في التعبير والعمل الجمعوي.
وإذا كان السيد الوزير اعتبر أن بذلة القضاة مقدسة ولا يجوز بأي حال من الاحوال للقضاة أن يرتدوها خارج أسوار المحكمة فيكفي أن نذكر السيد الوزير بأن قضاة المغرب لا يعيشون في قرية معزولة عما يجري في العالم ، وحراكهم القضائي الراهن هو جزء من حراك قضائي عاشته وتعيشه عدد من بلدان الجوار وعدد من الديمقراطيات الحديثة، ففي جارتنا الشقيقة تونس خرج زملاؤنا القضاة المطوقين بنفس الامانة والحاملين لنفس الرسالة ببذلهم للمطالبة باستقلال القضاء وارتدوا زيهم الرسمي ووقفوا أمام المجلس التأسيسي ومن قبله أمام محكمة التعقيب وكذا أمام وزارة العدل سواء قبل ثورة الياسمين أو بعدها ، ولم نسمع أحدا من الوزراء المتعاقبين على وزارة العدل ينتقد خروجهم للفضاء العام ، وفي فرنسا التي نستورد منها الكثير من التشريعات ونستلهم العديد من الممارسات وقف قضاتها بالزي الرسمي أمام محكمة النقض احتجاجا على تصريحات رئيس الدولة شكلت اهانة ومسا خطيرا باستقلال القضاء ، وفي مصر وقف قضاتها قبل سنوات أمام دار القضاء العالي بزيهم الرسمي دفاعا عن استقلالهم ورفضا لأي محاولة للمساس بحقوقهم المكتسبة، وكذلك في اليمن وعدد من البلدان الأسيوية والإفريقية وكذا بأوروبا، في كل هذه البلدان أصبح زي القضاة أداة للتعبير وأداة لإيصال صوت القاضي لمن يهمه الامر، فرغم اختلاف أسباب الاحتجاج فإن الأشكال المتخذة تبقى متشابهة بين التجارب الدولية لسبب بسيط وهو ان الدفاع عن استقلال السلطة القضائية يستمد شرعيته وجذوره من المعايير والمبادئ الدولية التي لا تقبل التمسك بأي خصوصية. وبالتالي من غير المقبول أن نقول في زمن أضحى فيه العام قرية صغيرة أن احتجاج القاضي المغربي ببذلته يعد انتهاكا لهذه البذلة، وخرقا للقانون، في الوقت الذي يحتج فيه زميله القاضي الفرنسي والتونسي والمصري وباقي قضاة العالم بنفس الشكل لا سيما وأنهم جميعا يستندون لمنظومة قيم قضائية كونية.
ان السيد وزير العدل والحريات في المؤتمر الصحفي الأخير حاول أن يفرض بشكل أو بآخر رقابة على عمل احدى الجمعيات المهنية القضائية كما حاول التضييق على أنشطتها ومن بينها الوقفة المرتقبة التي تدخل ضمن الأشكال التعبيرية المكفولة وفق دستور 2011 والمعايير والتجارب الدولية ذات الصلة، فلماذا يحاول السيد الوزير أن يصادر حق القضاة المنخرطين في جمعية مهنية تأسست طبق قوانين المملكة من تنفيذ قرارات جمعيتهم التي اتخذت وفق آليات التسيير الديمقراطي ويعمد إلى جمع المسئولين القضائيين ومحاولة حثهم على ثني القضاة عن تنفيذ قرارات جمعية اختاروا الانضمام لها عن طواعية، علما بأن نطاق عمل المسؤول القضائي ينصرف للتسيير الاداري للمحاكم ولا يمتد إلى مراقبة النشاط الجمعوي للقضاة، مثلما أن السيد الوزير يترأس جهاز النيابة العامة في اطار الفترة الانتقالية التي نعيشها قبل صدور القوانين الجديدة، ويشرف على الادارة القضائية، لكن رئاسته للنيابة العامة وإشرافه على الادارة القضائية لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يمتد لمحاولة التدخل في عمل الجمعيات المهنية القضائية.
ان وزارة العدل اليوم وفي اطار دستور 2011 وما واكبه من حراك مجتمعي وحقوقي واسع أضحت وزارة مسؤولة أيضا عن الحريات وبالتالي كان من المفروض على وزير العدل باعتباره مسؤولا أيضا عن الحريات أن يحترم حرية القضاة في الاختيار وفي التجمع وأن يحتفظ بمسافة كافية بينه كوزير وبين ما هو قضائي وما هو اداري وما هو جمعوي فزمن الولاء للإدارة المركزية من طرف جمعيات القضاة قد ولى مثلما ولى ذلك الزمان التي كانت فيه الوزارة هي التي تدعو القضاة لعقد الجموع العامة لجمعياتهم وتتولى صياغة قوانينها الأساسية وتحدد طريقة عملها.
لكل هذا فإن قضاة المغرب سيقفون ببذلهم أمام وزارة العدل يوم الثامن من فبراير 2014، مثلما وقفوا قبيل حوالي سنة ونصف ببذلهم أمام محكمة النقض، ومثلما وقف الآلاف من زملائهم القضاة في عدد من بلدان الجوار وكذا في ديمقراطيات عريقة بزيهم الرسمي في الفضاء العام، فالزي الرسمي للقضاة أمانة، وواجب الدفاع عن الاستقلال الفعلي الحقيقي للسلطة القضائية هو أيضا أمانة تحتم علينا كقضاة الخروج ببذلنا للفضاء العام، كيف لا والقضاء أصبح شأنا مجتمعيا وبالتالي أضحى من اللازم علينا أن نشرك المجتمع في الانصات لمطالب القضاة والتعبير عن واقعهم وظروف اشتغالهم وتطلعاتهم ومواقفهم من الاصلاحات المعلن عنها ، فإذا كان القضاء شأنا مجتمعيا فمن حق الشعب والمجتمع أن يعرف أن قضاته غاضبون وأن لهم مطالب تم تجاهلها ، وتم العمل على محاولة الالتفاف حتى على المكتسبات التي أقرها لهم الدستور الجديد عن طريق مشاريع قوانين حكومية تشكل انتكاسة حقيقية بالنظر إلى انتظارات القضاة من حوار قيل عنه أنه يحمل مشروع اصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة ، لكنه لم يفرز سوى مقترحات تفتقد لأدنى المعايير اللازمة لضمان الاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية.
وفي الأخير اذا كان السيد وزير العدل والحريات يعتبر أن ارتداء القضاة بذلهم خارج المحاكم يعتبر خرقا للقانون في اشارة للمرسوم الذي ينظم شكليات البذلة الرسمية للقضاة فحري بنا أن نتساءل اليوم هل البذلة التي نرتديها تستجيب فعلا للمواصفات القانونية المحددة في المرسوم المذكور ؟
وإذا تجاوزنا موضوع المؤتمر الصحفي وحاولنا الوقوف على بعض الرسائل التي قدمها المؤتمر يمكن القول أن السبب الرئيسي لعقده هو تسليط الضوء على الوقفة الوطنية الثانية التي يعتزم نادي قضاة المغرب تنظيمها قريبا أمام وزارة العدل حيث ينتظر أن يحتج القضاة بزيهم الرسمي، وفي هذا الصدد عمد السيد الوزير لمحاولة تمرير فكرة مفادها أن ارتداء القضاة بذلهم في الشارع خارج أسوار المحكمة يعد انتهاكا للبذلة وخرقا للقانون بل وتدنيسا للزي الرسمي الذي يبقى مكانه الأوحد هو أسوار المحكمة.
ويبدو من خلال هذا التصريح الجديد للسيد الوزير أنه تجاهل كون خروج قضاة المغرب للاحتجاج ببذلهم في الفضاء العام لا يعتبر أمرا جديدا في الممارسة القضائية سواء داخل المغرب أو خارجه، فقبيل حوالي سنة ونصف قام أزيد من 2000 قاض ينتمي إلى نفس الجمعية المهنية القضائية بارتداء الزي الرسمي في وقفة وطنية لهم أمام محكمة النقض ولم يصدر عن الوزارة يومئذ أي تلميح او اعتراض عن ذلك رغم أنها أصدرت بيانا تناولت فيه بعض الشعارات المرفوعة في وقفة السادس من أكتوبر من قبيل استقلال القضاء ومحاربة الرشوة ووصفتها بالشعارات المستهلكة ، وبالتالي ما الجديد في الأمر؟ ولماذا احتجاج الوزارة اليوم بقدسية البذلة ؟ وماذا اختلف بين وقفة السادس من أكتوبر، ووقفة الثامن من فبراير ؟
لا شك أن الجواب السريع نقرؤه في مكان الوقفة المرتقبة أي أمام وزارة العدل والحريات، فلا شك أن اختيار القضاة لهذا المكان الذي يحمل عدة دلالات يبقى أمرا محرجا للوزارة حتم على السيد وزير العدل أن يراجع مواقفه ويعيد ترتيب أوراقه، ليختار التمسك بمبرر قدسية البذلة، كما أن بين التاريخين المذكورين وقع حدث هام وهو الانتهاء مما سمي بالحوار الوطني حول الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، فأن يحتج القضاة في زمن الحوار أمر ربما لا يبعث نفس الاشارات المقلقة التي يبعثها احتجاجهم بعد الانتهاء من الحوار المذكور لأن في احتجاجهم اللاحق دليل على فشل هذا الحوار الذي لم يستطع أن يستوعب تصوراتهم وينصت لمطالبهم.
وبالتالي فما بين زمان ومكان الوقفة الوطنية الأولى والثانية للقضاة وقعت بعض المتغيرات التي حتمت على الوزارة أن تغير سياستها في التعامل مع ممارسة القضاة لحقوقهم في التعبير والعمل الجمعوي.
وإذا كان السيد الوزير اعتبر أن بذلة القضاة مقدسة ولا يجوز بأي حال من الاحوال للقضاة أن يرتدوها خارج أسوار المحكمة فيكفي أن نذكر السيد الوزير بأن قضاة المغرب لا يعيشون في قرية معزولة عما يجري في العالم ، وحراكهم القضائي الراهن هو جزء من حراك قضائي عاشته وتعيشه عدد من بلدان الجوار وعدد من الديمقراطيات الحديثة، ففي جارتنا الشقيقة تونس خرج زملاؤنا القضاة المطوقين بنفس الامانة والحاملين لنفس الرسالة ببذلهم للمطالبة باستقلال القضاء وارتدوا زيهم الرسمي ووقفوا أمام المجلس التأسيسي ومن قبله أمام محكمة التعقيب وكذا أمام وزارة العدل سواء قبل ثورة الياسمين أو بعدها ، ولم نسمع أحدا من الوزراء المتعاقبين على وزارة العدل ينتقد خروجهم للفضاء العام ، وفي فرنسا التي نستورد منها الكثير من التشريعات ونستلهم العديد من الممارسات وقف قضاتها بالزي الرسمي أمام محكمة النقض احتجاجا على تصريحات رئيس الدولة شكلت اهانة ومسا خطيرا باستقلال القضاء ، وفي مصر وقف قضاتها قبل سنوات أمام دار القضاء العالي بزيهم الرسمي دفاعا عن استقلالهم ورفضا لأي محاولة للمساس بحقوقهم المكتسبة، وكذلك في اليمن وعدد من البلدان الأسيوية والإفريقية وكذا بأوروبا، في كل هذه البلدان أصبح زي القضاة أداة للتعبير وأداة لإيصال صوت القاضي لمن يهمه الامر، فرغم اختلاف أسباب الاحتجاج فإن الأشكال المتخذة تبقى متشابهة بين التجارب الدولية لسبب بسيط وهو ان الدفاع عن استقلال السلطة القضائية يستمد شرعيته وجذوره من المعايير والمبادئ الدولية التي لا تقبل التمسك بأي خصوصية. وبالتالي من غير المقبول أن نقول في زمن أضحى فيه العام قرية صغيرة أن احتجاج القاضي المغربي ببذلته يعد انتهاكا لهذه البذلة، وخرقا للقانون، في الوقت الذي يحتج فيه زميله القاضي الفرنسي والتونسي والمصري وباقي قضاة العالم بنفس الشكل لا سيما وأنهم جميعا يستندون لمنظومة قيم قضائية كونية.
ان السيد وزير العدل والحريات في المؤتمر الصحفي الأخير حاول أن يفرض بشكل أو بآخر رقابة على عمل احدى الجمعيات المهنية القضائية كما حاول التضييق على أنشطتها ومن بينها الوقفة المرتقبة التي تدخل ضمن الأشكال التعبيرية المكفولة وفق دستور 2011 والمعايير والتجارب الدولية ذات الصلة، فلماذا يحاول السيد الوزير أن يصادر حق القضاة المنخرطين في جمعية مهنية تأسست طبق قوانين المملكة من تنفيذ قرارات جمعيتهم التي اتخذت وفق آليات التسيير الديمقراطي ويعمد إلى جمع المسئولين القضائيين ومحاولة حثهم على ثني القضاة عن تنفيذ قرارات جمعية اختاروا الانضمام لها عن طواعية، علما بأن نطاق عمل المسؤول القضائي ينصرف للتسيير الاداري للمحاكم ولا يمتد إلى مراقبة النشاط الجمعوي للقضاة، مثلما أن السيد الوزير يترأس جهاز النيابة العامة في اطار الفترة الانتقالية التي نعيشها قبل صدور القوانين الجديدة، ويشرف على الادارة القضائية، لكن رئاسته للنيابة العامة وإشرافه على الادارة القضائية لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يمتد لمحاولة التدخل في عمل الجمعيات المهنية القضائية.
ان وزارة العدل اليوم وفي اطار دستور 2011 وما واكبه من حراك مجتمعي وحقوقي واسع أضحت وزارة مسؤولة أيضا عن الحريات وبالتالي كان من المفروض على وزير العدل باعتباره مسؤولا أيضا عن الحريات أن يحترم حرية القضاة في الاختيار وفي التجمع وأن يحتفظ بمسافة كافية بينه كوزير وبين ما هو قضائي وما هو اداري وما هو جمعوي فزمن الولاء للإدارة المركزية من طرف جمعيات القضاة قد ولى مثلما ولى ذلك الزمان التي كانت فيه الوزارة هي التي تدعو القضاة لعقد الجموع العامة لجمعياتهم وتتولى صياغة قوانينها الأساسية وتحدد طريقة عملها.
لكل هذا فإن قضاة المغرب سيقفون ببذلهم أمام وزارة العدل يوم الثامن من فبراير 2014، مثلما وقفوا قبيل حوالي سنة ونصف ببذلهم أمام محكمة النقض، ومثلما وقف الآلاف من زملائهم القضاة في عدد من بلدان الجوار وكذا في ديمقراطيات عريقة بزيهم الرسمي في الفضاء العام، فالزي الرسمي للقضاة أمانة، وواجب الدفاع عن الاستقلال الفعلي الحقيقي للسلطة القضائية هو أيضا أمانة تحتم علينا كقضاة الخروج ببذلنا للفضاء العام، كيف لا والقضاء أصبح شأنا مجتمعيا وبالتالي أضحى من اللازم علينا أن نشرك المجتمع في الانصات لمطالب القضاة والتعبير عن واقعهم وظروف اشتغالهم وتطلعاتهم ومواقفهم من الاصلاحات المعلن عنها ، فإذا كان القضاء شأنا مجتمعيا فمن حق الشعب والمجتمع أن يعرف أن قضاته غاضبون وأن لهم مطالب تم تجاهلها ، وتم العمل على محاولة الالتفاف حتى على المكتسبات التي أقرها لهم الدستور الجديد عن طريق مشاريع قوانين حكومية تشكل انتكاسة حقيقية بالنظر إلى انتظارات القضاة من حوار قيل عنه أنه يحمل مشروع اصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة ، لكنه لم يفرز سوى مقترحات تفتقد لأدنى المعايير اللازمة لضمان الاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية.
وفي الأخير اذا كان السيد وزير العدل والحريات يعتبر أن ارتداء القضاة بذلهم خارج المحاكم يعتبر خرقا للقانون في اشارة للمرسوم الذي ينظم شكليات البذلة الرسمية للقضاة فحري بنا أن نتساءل اليوم هل البذلة التي نرتديها تستجيب فعلا للمواصفات القانونية المحددة في المرسوم المذكور ؟