من المعروف والمعلوم فقها وقضاء ان الرقابة على دستورية القوانين هي التحقق من مخالفة القوانين والتشريعات العادية للدستور تمهيدا لعدم إصدارها إذا لم تكن صادرة او لإلغائها او الامتناع عن تطبيقها اذا كان قد تم اصدارها.
لهذا فانه و في جميع الحالات فان هذه الرقابة تنطلق أساسا من مبدأ علو الدساتير عن القوانين العادية، وتعد إحدى الضمانات الأساسية والرئيسية التي تكفل احترام تطبيق نصوص الدستور وحماية الحقوق والحريات التي يضمنها.
وفي هذا الإطار وما دام ان الدستور هو الذي يحدد مهام وصلاحيات السلطات العامة بما فيها السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص في إصدار التشريعات، فان هذه الأخيرة ملزمة بضرورة احترام نصوص الدستور, وعدم مخالفة قواعده او الخروج عنها تحت طائلة إبطال التشريعات المخالفة.
وباستقراء القانون المقارن نجد ان رقابة دستورية القوانين تتم إما عن طريق الرقابة السياسية, أو عن طريق الرقابة القضائية، وتهدف الطريقتان معا لحماية المبادئ والقواعد الدستورية من جهة وصيانة حقوق وحريات الأفراد من جهة ثانية.
وباستقراء التجربة الدستورية المغربية نجد أن رقابة دستورية القوانين عرفت في بدايتها بالرقابة السياسية, او الرقابة شبه القضائية ,وفي هدا الاطار أسندت الدساتير الأولى لمغرب الاستقلال أي دساتير سنوات 1962 و1970و1972 هذه المهمة الى الغرفة الدستورية بشكل محدود جدا .
ان هذه الدساتير الاولى لم تمنح المحاكم صراحة الحق في إعمال الرقابة على دستورية القوانين, وذلك ما اكده الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية , الذي نص صراحة على انه لا يجوز للجهات القضائية ان تبث في دستورية القوانين، ولم تمنح الغرفة الدستورية كذلك هذا الحق بحيث منحت فقط حق ان تمارس الرقابة الوقائية والإجبارية فيما يتعلق القانون الداخلي لمجلس النواب الذي لا يمكن العمل بمقتضياته إلا بعد ان تصرح الغرفة الدستورية باتساقه مع أحكام الدستور.
وكذلك القوانين التنظيمية التي لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذها إلا بعد أن تصرح الغرفة الدستورية كذلك بموافقتها مع الدستور.
كما ان النصوص الصادرة في صيغة قانون لا يمكن تغييرها بمقتضى مرسوم إلا بعد موافقة الغرفة الدستورية وذلك عندما تكون تلك النصوص من اختصاص السلطة التنظيمية.
ومن جهة اخرى فان الغرفة الدستورية كان يدخل في اختصاصها البت في حالة حدوث خلاف بين الحكومة ومجلس النواب في حالة اعتراض الحكومة على مقترحات القوانين ,باعتبار أنها لا تدخل في مجال القانون ,وهي اختصاصات كلها تتعلق بالمراقبة القبلية, والبت في الخلافات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أي الحكومة والبرلمان.
وبصدور الدستور الرابع لسنة 1992 حل المجلس الدستوري محل الغرفة الدستورية هذا الأخير الذي كلف بالبت في احترام القوانين التنظيمية والقوانين العادية لسمو قواعد الدستور بحيث وبمقتضى القواعد الدستورية تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها وكذلك الأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقهم إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور.
وبالإضافة إلى هذه الرقابة الوجوبية التي كانت لدى الغرفة الدستورية كذلك فان المجلس الدستوري تمتع بالرقابة ألاختيارية والتي تتجلى في إعمال الرقابة على القوانين العادية ,بحيث يمكن للمجلس الدستوري ان يمارس الرقابة على القوانين العادية بناء على الإحالة عليه من الجهات التي نص عليها دستور 1996 .
وهكذا يمكن إحالة القوانين العادية بعد التصويت عليها من طرف البرلمان بمجلسيه وقبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري، حينما يرى طرف من الأطراف المخول لهم حق الإحالة ان القانون المصوت عليه مخالف او مشوب بعدم الدستورية
,وهذا ما يوضح ان دستور 1996 نص على إمكانية اللجوء إلى الطعن في عدم دستورية قانون عادي، وبصفة خاصة تمكين الاقلية والمعارضة داخل احد مجلسي البرلمان بان تدافع عن وجهة نظرها حينما ترى ان القانون الذي اقره البرلمان يتضمن مخالفة لأحكام الدستور، ليكون حل الخلاف ليس عن طريق إلزام الأقلية بما تقرره الأغلبية بل عن طريق القرار الصادر عن المجلس الدستوري.
وما يميز هذه الرقابة أنها قبلية اي قبل إصدار النص القانوني موضوع الطعن بعدم الدستورية.
لذلك ونتيجة النقاش المجتمعي حول الوثيقة الدستورية صدر دستور2011 والذي انتقل من المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية أي الانتقال إلى الرقابة القضائية عن طريق الرقابة الوجوبية والاختيارية وعن طريق الرقابة البعدية المتمثل في الدفع بعدم دستورية القوانين.
غير ان دستور2011 جاء بمقتضيات جديدة انتقلت بالتجربة المغربية من الرقابة القبلية لدستورية القوانين والتي كانت سائدة في الوثائق الدستورية السابقة الى الرقابة البعدية عن طريق انشاء المحكمة الدستورية والإسناد لها إمكانية البت في طلبات الأطراف من خلال قاعدة الدفع بعدم الدستورية أمام محاكم الموضوع بخصوص القوانين التي يرى الأطراف انها تمس بالحقوق والحريات المكفولة لهم بمقتضى المبادئ الدستورية .
وقد ذهبت الوثيقة الدستورية الى الإشارة في المادة 133 الى قانون تنظيمي سيحدد الإجراءات الشكلية والموضوعية التي يمكن من خلالها ممارسة مسطرة الدفع بعدم الدستورية، والأكيد انه ومن خلال استقراء التجارب المقارنة وخصوصيات النسق القانوني المغربي سوف نجد أن هذا المبدأ في صيغته الجديدة سيحدد توجه النسق القانوني المغربي المركب في علاقته بالمبادئ الدستورية .
دلك ان هذه المحكمة أي المحكمة الدستورية ومن خلال تدخلها للبت في طلبات الأطراف ستجد نفسها ملزمة بتحديد توجه السياسة العامة في ابعادها المختلفة من خلال تفسير القواعد القانونية من منظور المبادئ الدستورية ذات الحمولات الفلسفية المتعددة, لكن قبل ذلك فان النص التنظيمي وفي إرهاصاته الأولى نجد انه يسير في اتجاه تضييق مسطرة الدفع بعدم دستورية القوانين الماسة بالحقوق والحريات التي
يضمنها الدستور
إن مسودة النص التنظيمي حددت المفاهيم القانونية المشار اليها في المادة 133 سواء فيما يتعلق بمفهوم القانون او أطراف الدعوى او الدفع بعدم الدستورية.
وفي هذا الإطار فالمقصود بالقانون المشار اليه في المادة 133 من الدستور من منظور المسودة كل مقتضى ذو طابع تشريعي أي صادر عن سلطة تشريعية، أي النص التشريعي الذي يرى احد أطراف الدعوى انه يمس حق من الحقوق او حرية من الحريات التي يضمنها الدستور، ونرى ان النص التشريعي كما هو تابت في الدستور نفسه يمكن ان يصدر عن البرلمان كما يمكن ان يصدر عن المؤسسة الملكية او الحكومة كل في إطار النصوص الموكولة له التشريع فيها سواء تعلق الأمر بالنصوص الصادرة تنفيذا للدستور الحالي او الدساتير السابقة وكذلك المقتضيات التشريعية السائدة سابقا.
وهذا ما يوضح ان النصوص القانونية التي تأتي في مرتبة اقل من النصوص الصادرة عن السلطة التشريعية فيمكن مراقبتها أصلا من طرف المحاكم الإدارية في إطار مقتضيات المسطرة المدنية والتي أعطتها الصلاحية في ذلك.
أما أطراف الدعوى حسب المسودة فهم المدعي والمدعى عليه في الدعاوى المدنية او التجارية او الادارية وكل متهم او مطالب بالحق المدني او مسؤول مدني في الدعوى العمومية ,ونرى ان الأصل ان كل طرف في نزاع معروض على المحاكم كيفما كانت طبيعته يمكنه وفقا لمقتضيات المادة133 ،والتي جاءت عامة، ويمكنه سلوك مسطرة الدفع بعدم الدستورية ويستوي في ذلك أطراف الدعوى المدنية وأطراف الدعوى العمومية.
وفي هذا الإطار فان المدعي او المدعى عليه او المدخل قانونا او المتدخل في الدعوى يمكنهم التمسك بعدم دستورية النص المراد تطبيقه اذا كان يمس الحقوق والحريات التي تكفلها القواعد والمبادئ الدستورية لهم ,وهذا ما يوضح ان الدفع بعدم دستورية قانون يمكن ان يثار من طرف أطراف النزاع القضائي وأمام مختلف المحاكم سواء كانت عادية او متخصصة مثل المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض او امام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية والمحكمة الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم المالية من مجلس الأعلى للحسابات او المجالس الجهوية للحسابات والمحكمة العسكرية وكذا أمام المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالطعون الانتخابية.
والأكيد ان إثارة الدفع بعدم الدستورية يتعلق بالقوانين المخالفة او الماسة بالحقوق والحريات, ولا يمكن اثارته الا من طرف المتضرر من هده القوانين ومن له المصلحة والصفة في ذلك ومن اجل تجنب سوء النية في التقاضي وفق مقتضيات المادة 5 من قانون المسطرة المدنية التي تستوجب التقاضي بحسن نية فان الدفع وفق المسودة يجب ان يثار قبل اعتبار القضية المعروضة امام المحكمة جاهزة للحكم, وان كان البت في القضية لا يحول دون إثارته أمام المحاكم الأعلى درجة.
1- الشروط الإجرائية لممارسة الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحاكم:
الأكيد ان محاكم الموضوع التي يثار أمامها الدفع بعدم دستورية قانون سوف تطبق القواعد العامة الإجرائية المنصوص عليها في قوانين الإجراءات المغربية، أي قانون المسطرة المدنية في القضايا المدنية , والادارية ,والتجارية ,وقانون المسطرة الجنائية في قضايا الدعاوى العمومية, مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات الخاصة ادا كان لها وجود, والإجراءات التي سوف ينص عليها القانون التنظيمي المنصوص عليه في المادة133 من الدستور.
وفي هذا الاطار لا يصح الدفع بعدم دستورية قانون امام محكمة الموضوع الا ممن له الصفة والأهلية او المصلحة لإثبات حقوقه، ومعلوم ان القاضي او الهيئة يمكن ان يثير او تثير تلقائيا انعدام الصفة والأهلية او المصلحة او الإذن بالتقاضي اذا كان ضروريا.
ويجب على المعني بالأمر ان يثير الدفع بعدم الدستورية بواسطة مذكرة مستقلة هذه المذكرة التي يجب ان تتوفر فيها شروط شكلية تتمثل في كون المتمسك بالدفع طرف في الدعوى المنظور فيها.كما يجب ان تتضمن معطيات جدية ومفصلة عن القانون المتمسك بعدم دستوريته وعلاقته بالدعوى الاصلية ,أي ان المذكرة وكما جاء في مسودة المشروع ينبغي ان تكون معللة ومقدمة بصفة مستقلة عن المقال الأصلي، متضمنة للمقتضى التشريعي موضوع الدفع بعدم الدستورية الذي يعتبره صاحب الدفع انه يمس بحق من الحقوق او بحرية من الحريات التي يضمنها الدستور مع الإشارة وبيان أوجه الخرق او الانتهاك او الحرمان من الحق او الحرية المذكورة في المادة 133 من الدستور.
مع العلم ان الإجراءات المرتبطة بالوصل وأداء الرسم القضائي والنسخ المساوية لعدد أطراف الدعوى والوثائق المراد الإدلاء بها ذهب فيها مشروع النص التنظيمي الى ترسيخ القواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات المغربي أي قانون المسطرة المدنية.
والأكيد ان التقدم بمذكرة الدفع بعدم الدستورية يجعل من المسطرة مسطرة كتابية و تشترط في القواعد العامة المسطرية توقيع محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب مما يضمن للمتمسك بالدفع الشروط الحقوقية المنصوص عليها دوليا والمتمثلة في الولوج المتبصر للعدالة, اذ لا يمكن تصور ممارسة الدفع بعدم الدستورية من متقاضين في غياب المختصين في القانون, والذي اسند لهم التشريع الحقوقي صلاحية حماية الحقوق والحريات ,هدا مع العلم ان المسودة أي مسودة المشروع وعلى غرار باقي مقتضيات المحكمة الدستورية نصت على امكانية التقدم بالمذكرة من طرف المتقاضين.
والاكيد ان المحكمة المعروض عليها الدفع بعدم دستورية قانون في اطار المشروع ملزمة بالتأكد تحت طائلة عدم القبول من توفر شروط تتجلى في كون القانون موضوع الدفع هو الذي تم تطبيقه او يراد تطبيقه في الدعوى او المسطرة او يشكل أساسا للمتابعة حسب الحالة وان يكتسي الدفع طابع الجدية، والا يكون قد سبق البت بمطابقة المقتضى محل الدفع للدستور، ما لم تتغير الظروف كما جاء في المسودة ،
ومسودة المشروع قيدت المحكمة بأجل شهر للتأكد من توفر الشروط اعلاه تبتدئ من تاريخ إثارة الدفع بعدم دستورية قانون امامها.
و المحكمة المثار الدفع امامها ملزمة ان تحدد اجل شهر لصاحب الدفع في حالة قبوله لكي يتقدم بدفعه امام المحكمة الدستورية, هذا الأخير الذي يجب عليه ان يدلي للمحكمة بما يفيد ممارسة الدفع امام المحكمة الدستورية داخل اجل الشهر المشار اليه تحت طائلة اعتباره كان لم يكن, مع العلم ان المحكمة الدستورية ملزمة بدورها في حالة التقدم بالدفع امامها بإخبار محكمة الموضوع المثار الدفع امامها بذلك داخل اجل 8 ايام من تاريخ تقديم الدفع .
اما اذا تبت للمحكمة عدم استيفاء الدفع للشروط المذكورة فانها تبلغ مقررها القاضي بعدم قبول الدفع فورا للإطراف, وهذا يطرح تساؤل كبير بحيث وان كان الاجل قصير ويمثل طموح كبير للبت في اقرب الاجل ,فانه وبالنظر الى عدد الملفات المعروضة سنويا على المحاكم والتي يمكن ان تكون موضوع الدفع فان التبليغ اكيد يتطلب استعمال التقنيات الحديثة أي البريد الالكتروني والذي من المفروض ان يتوفر في مختلف المحاكم ولدى هيئات الدفاع في حالة الاتجاه صوب اعتبار المحام ضروريا في مثل هذه المساطر.
وبعد تصفية طلبات الدفع بعدم الدستورية من طرف محاكم الموضوع وفق ما جاء في مسودة المشروع فان قبول الدفع من طرف محاكم الموضوع الاكيد انه سيترتب عنه توقف المحكمة عن البت في الدعوى من تاريخ صدور مقررها القاضي بالإذن لمثير الدفع بتقديم دفعه امام المحكمة الدستورية ولا تستأنف المحكمة البت في الدعوى إلا في الحالات التي يكون فيها الطلب غير منتج ومنها اذا لم يدل مثير الدفع بما يفيد تقديم دفعه امام المحكمة الدستورية ولم تشعر هذه الاخيرة المحكمة المعنية بذلك داخل اجل شهر بالنسبة لمثير الدفع واجل 8 ايام بالنسبة للمحكمة الدستورية ,وهذا يطرح تساؤل حول ما اذا لم تشعر المحكمة الدستورية محكمة الموضوع داخل اجل8 ايام رغم الدفع المقدم من طرف المعني بالامر هل سيترتب عن ذلك مواصلة الدعوى ام ان ادلاء المعني بالامر بما يفيد الدفع كاف لاستمرار ايقاف البت في الدعوى؟
ويمكن ان تواصل محكمة الموضوع كذلك الدعوى في حالة تبليغها بقرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم قبول الدفع او اذا صدر قرار هذه الاخيرة برفض الدفع.
والأكيد ان الادلاء بمذكرة الدفع امام المحكمة الدستورية داخل الاجال القانونية سيترتب عنه ايقاف البت وجميع الاجالات المرتبطة بالدعوى الاصلية وان كان واضع مسودة المشروع قد استثنى من دلك اجراءات التحقيق في المجالين المدني والجنائي هذا الاجراء الذي يطرح الكثير من التساؤلات بخصوص الهدف من توقيف الاجراءات ما دام ان اهم الاجراءات المرتبطة بالدعوى المدنية والدعوى العمومية هي اجراءات تحقيق الدعوى واذا كان الدفع لا يترتب عنه ايقاف اجراءات التحقيق فان معنى ذلك ان الدعوى سوف تستمر في جميع الحالات ما دام ان اغلب القضايا تكون فيها اجراءات التحقيق.
ذلك انه ووفق مقتضيات المادة55 من قانون المسطرة المدنية مثلا فانه يمكن للقاضي بناء على طلب الاطراف او احدهم او تلقائيا، ان يأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة او وقوف على عين المكان، او بحث او تحقيق خطوط او أي اجراء اخر من اجراءات التحقيق.
وهكذا وباستقراء اغلب القضايا نجد مسطرة او مساطر التحقيق ممارسة في الدعوى مثال ذلك الخبرات في جميع القضايا المدنية المرتبطة بالتعويض.
كما ان ايقاف اجراءات الدعوى وفق ما هو مسطر في المسودة لا يترتب عنه ايقاف القيام باتخاذ التدابير والإجراءات الوقتية او التحفظية الضرورية، وكذلك اتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة متى تعلق الامر بتدبير سالب للحرية او عندما ينص القانون على اجل محدد للبت في الدعوى او البت على سبيل الاستعجال.
كما ان مسودة المشروع نصت على انه لا يمكن ايقاف البت في الدعوى الاصلية اذا كان الاجراء يؤدي الى احداث ضرر بحقوق احد الاطراف غير قابل للاستدراك.
والاكيد ان التقدم بطلب الدفع بعدم دستورية قانون امام المحكمة الدستورية يعطي لهذه الاخيرة الصلاحية المطلقة للبت في الدفع دلك انه لا يمكن قبول تنازل مثير الدفع بعد ايداعه بالمحكمة الدستورية،
كما ان التنازل عن الدعوى الاصلية من طرف المدعي او من طرف محرك الدعوى العمومية لا ينتج أي اثر ولا يعتد به. بعد صدور الاذن بسلوك مسطرة الدفع لمثيره بتقديم دفعه امام المحكمة الدستورية .
2- شروط وإجراءات البت في الدفع بعدم دستورية قانون امام المحكمة الدستورية
الاكيد ان الاتجاه بخصوص الاجراءات الواجبة الاتباع امام المحكمة الدستورية ينص عليها النظام الداخلي للمحكمة المنصوص عليه في المادة 43 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية اضافة الى مجموعة من القواعد المستمدة من قانون المسطرة المدنية ، بحيث يذهب الاتجاه الى ان الدفع بعدم دستورية قانون المثار من قبل احد اطراف الدعوى يودع بكتابة ضبط المحكمة الدستورية مرفق بمقرر الاذن الصادر عن محكمة الموضوع المعروض عليها الدعوى الاصلية بتقديم هذا الدفع.
كما ان الدفع بعدم دستورية قانون بمناسبة الطعن المتعلق بانتخاب اعضاء البرلمان فانه يودع مباشرة لدى نفس المحكمة.
وما دامت المسطرة امام المحكمة الدستورية بخصوص الدفع بعدم دستورية القوانين مسطرة كتابية فان الشروط الواجب توفرها هي نفس الشروط المنصوص عليها في مقتضيات المادة 32 من قانون المسطرة المدنية بحيث ينبغي ان تتضمن على الاسماء العائلية والشخصية وصفة او مهنة وموطن او محل اقامة صاحب الدفع والمتمسك بالدفع ضده ليبقى السؤال الذي ينبغي الجواب عنه مرتبط بمدى احقية الاشخاص المعنوية التمسك والدفع بعدم دستورية قانون يمس الحقوق والحريات المكفولة للجميع بمقتضى الدستور.
و يجب على المتمسك بالدفع ان يبين بإيجاز في مذكرة الدفع المقتضى التشريعي موضوع الدفع بعدم الدستورية الذي يعتبره صاحب الدفع انه يمس بحق من الحقوق او بحرية من الحريات التي يضمنها الدستور ،كما يجب ان تتضمن اوجه الخرق او الانتهاك او الحرمان من الحق او الحرية المذكورة.
وترفق مذكرة الدفع بالوثائق والمستندات التي ينوي صاحبها استعمالها عند الاقتضاء.
والأكيد انه وعلى غرار العديد من الدعاوى فانه يمكن إصلاح المسطرة والإدلاء بالبيانات الناقصة المشار اليها أعلاه، اما اذا تخلف عنصر من العناصر التي سوف يشار اليها في المسودة فان مصير دعوى الدفع بعدم الدستورية عدم القبول.
وتشترط المسودة لقبول الدفع بعدم دستورية قانون امام المحكمة الدستورية ان يتم تقديم الدفع داخل اجل شهر من صدور مقرر الإذن وتقديم الدفع خارج هذا الأجل مصيره عدم القبول ذلك ان الأجل هو اجل سقوط.
يشترط كذلك ان يكون القانون موضوع الدفع هو الذي تم تطبيقه او يراد تطبيقه في الدعوى او المسطرة او يشكل أساسا للمتابعة في الدعوى العمومية ويجب ان يكون الدفع جدي والا يكون الهدف منه تطويل المسطرة فقط, وأخيرا الا يكون قد سبق البت بمطابقة المقتضى محل الدفع للدستور، ما لم تتغير الظروف،
واذا تأكد للمحكمة الدستورية عدم توفر الدفع على الشروط القانونية صرحت بعدم قبول الدفع ,غير أننا وعلى عكس ما جاء في المسودة نرى ان قرارها ينبغي ان يكون معللا تطبيقا لمبدا المشروعية المنصوص عليها في المادة 125 من الدستور التي نصت على ان الاحكام تكون معللة وتصدر في جلسة علنية , وفق الشروط المنصوص عليها في القانون.
والأكيد انه ومادام ان القرار الصادر عن المحكمة الدستورية في هدا الشان غير قابل لأي طعن فان تبليغه سيقتصر على التبليغ الى المحكمة المثار أمامها الدفع.
اما ادا تأكد للمحكمة الدستورية توفر شروط قبول الدفع فانها تقوم بتبليغ مذكرة الدفع الى رئيس الحكومة ورئيس كل من مجلس النواب والمستشارين وباقي أطراف دعوى الدفع بعدم الدستورية.
هؤلاء الذين لهم الحق في الإدلاء بملاحظاتهم الكتابية بخصوص الدفع، داخل اجل تحدده المحكمة والأكيد ان العمل القضائي لدى المحاكم الإدارية ذهب في اتجاه تحديد15 يوما من تاريخ التبليغ مما يوضح إمكانية الاستئناس بهذا الأجل في تحديد الأجل من طرف المحكمة الدستورية.
والملاحظ ان كل المذكرات والتي تتضمن الملاحظات وكذا مذكرة الدفع بعدم الدستورية تبلغ للأطراف المعنية في الدفع مع تحديد اجل للتعقيب تحت طائلة تطبيق مقتضيات القوانين المسطرية بخصوص اجل الجواب والآثار المرتبطة بها.
وعند اعتبار القضية جاهزة يحدد رئيس المحكمة الدستورية تاريخ الجلسة، ويتم اشعار رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان والأطراف بذلك قبل انعقادها بعشرة ايام على الأقل كما جاء في المسودة.
مع العلم انه وفي إطار تحقيق دعوى الدفع بعدم الدستورية فان المحكمة يمكنها ان تطلب التوصل بنسخة من ملف الدعوى الأصلية داخل اجل يمكنها من الاطلاع عليه وهو محدد في مسودة المشروع في 10 ايام من تاريخ الطلب ,والمحكمة الدستورية التي تصدر أحكامها من حيث المبدأ في جلسة علنية ,وتبت في الملف داخل اجل ستين يوما ابتداءا من تاريخ توصلها بمذكرة الدفع, كما جاء في المسودة فان المشروع ملزم بالتنصيص على الجزاء فيما يخص عدم احترام الأجل القانوني اعلاه حتى لا تطول المدة الى درجة يتضرر فيها أطراف النزاع الأصلي.
والأكيد ان النص الدستوري رتب عن القرار الصادر عن المحكمة الدستورية بعدم دستورية مقتضى قانوني اثارا قانونية تتجلى في نسخة ابتداءا من تاريخ تحدده هذه الأخيرة في قرارها كما ان جل محاكم المملكة ملزمة قانونا بالتفسير الذي تعطيه المحكمة الدستورية للمقتضى القانوني موضوع الدفع، والذي قررت هذه الأخيرة مطابقته للدستور تحت شرط التفسير المشار اليه من المحكمة الدستورية.
والقرار الصادر بشان الدفع بعدم دستورية قانون يتم تبليغه الى المحكمة المثار امامها الدفع داخل اجل 8 ايام من تاريخ صدوره في كل الحالات كما يتم تبليغه الى رئيس الحكومة والى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين وباقي الأطراف.
اما القرارات الصادرة بعدم دستورية قانون فان المحكمة تبلغها الى الملك كما تنشر كل القرارات الصادرة بشان الدفع بعدم دستورية القوانين بالجريدة الرسمية داخل اجل لا يزيد عن ثلاثين يوما ابتداءا من تاريخ صدورها.