MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2014

     



الأحمدي صلاح الدين



قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2014

حظي القانون المالي بأهمية غالبة في التجارب المقارنة، إذ يجسد توجهات النشاط المالي للدولة باعتباره يرخص سنويا للحكومة بتدبير المالية العمومية، ويعكس مختلف السياسات العمومية في أبعادها المتعددة؛ الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وعلى هذا الأساس، فقانون المالية يكشف في الحقيقة عن البرنامج السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تهدف الحكومة إلى تنزيله في شكل برامج ومشاريع عمومية.  ومن هنا، فالمفهوم المعاصر الذي أفرزته التطورات المالية والاقتصادية يجعل من القانون المالي إطارا ملائما، ووسيلة حقيقية في التعبير عن الاختيارات السياسية، وتنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية خلال السنة المالية. وهذا الإطار المالي، الذي تزايدت أهميته بالنسبة للدولة والمجتمع، والذي يتضمن الأهداف والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية يجب أن يتلاءم ومتطلبات التنمية بكل أبعادها، بل يجب أن يشكل مدخلا حقيقيا لترجمة الطموحات المجتمعية إلى مشاريع عملية قد تساهم في تحقيق التنمية الشاملة. ووعيا بأهمية الترابط الحاصل بين قانون المالية والاختيارات السياسية والاقتصادية العمومية، يأتي الاشتغال على مشروع قانون المالية لسنة 2014 والذي يندرج في سياقين اثنين، الأول داخلي والثاني خارجي. ففيما يخص السياق الأول فيتجلى في مختلف المستجدات التي يعرفها المغرب على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

فبالنسبة للمستوى السياسي، فقد عرف الحقل السياسي  المغربي حراكا حزبيا تغيى محاولة إعادة بناء أقطاب وتحالفات جديدة، وذلك في ارتباط بانسحاب حزب الاستقلال من الأغلبية الحكومية، كما تزايد النقاش العمومي حول تنزيل مضامين الوثيقة الدستورية، وما يطرحه من إشكالات سياسية ودستورية على مستوى بنية السلط وعلاقاتها، فضلا عن تنامي السجالات الحزبية حول ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات المؤسساتية والقانونية.

كما كشف لنا النقاش الدائر بين الحكومة والمعارضة حول مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2014 عن تموقعات جديدة للحكومة والمعارضة على حد سواء ؛فإذا كانت المعارضة تسعى إلى استمالة تعاطف الطبقة الوسطى والفقيرة معها بتقديم مقترحات تصب في اتجاه خدمة مصالح هاتين الطبقتين إلا أن دفاع الحكومة عن بعض مقتضيات هذا المشروع يثير أكثر من تساؤل ؛ فقد تنكر الحزب الذي يقود هذه الحكومة إلى مطالبه حينما كان في المعارضة، حيث لاطالما اشتكى من تلك العقلنة المشددة للفصل 51 من دستور 1996 الذي كان يشير إلى أن المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ترفض إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود، لكنه حينما أصبح اليوم في الحكومة لم يتردد في إشهار نفس البلوكاج الدستوري الوارد في الفصل 77 من دستور 2011 والذي أصبح يشير إلى "أنه يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة. وللحكومة أن ترفض بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود."

إن مقتضيات هذا الفصل لا طالما انتقدها حزب العدالة والتنمية حينما كان في المعارضة معتبرا إياها سيفا يعقلن بشدة مسألة مناقشة السادة البرلمانيين لمشروع قانون المالية لكن الحكومة الحالية وظفت هذا الفصل أزيد من أربعين مرة في اعتراضها على مطالب ومقترحات فرق المعارضة بمجلس المستشارين.

بعيدا عن هذه المفارقة السياسية فإنه بعد تصويت مجلس المستشارين ضد مشروع قانون المالية سيتم اعادة مشروع قانون المالية برمته من جديد إلى لجنة المالية بمجلس النواب بغية دراسة مختلف التعديلات التي أبداها أعضاء مجلس المستشارين ودراسة مواده قبل التصويت عليه برمته وإحالته على الجلسة العامة للتصويت على القراءة الثانية؛ وسيكون الامتياز لمجلس النواب ، وحتى في حالة تعثر المصادقة على هذا المشروع ، وهو أمر جد مستبعد لأن الحكومة تتوفر على أغلبية نوعا ما مريحة فانه يحق للحكومة بعد مضي الوقت القانوني المحدد أي 31 ديسمبر 2013 أن تشرع في سن مرسوم قانون للمالية متجاوزة بذلك مطالب السادة المستشارين بدعوى المحافظة على حسن ضمان استمرارية المرفق العمومي ؛ وبالتالي ففي نهاية المطاف يسهل على الحكومة أن تتجاوز البرلمان عن يمينها ويسارها بآليات دستورية وسياسية؛ وهو الأمر الذي يمثل مظهرا من مظاهر البرلمان المعقلن؛ حيث نجد نفس التوجه يطبع الممارسة البرلمانية في فرنسا وفقا لمقتضيات دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة؛ لكن نعتقد أن هذا التوجه لا يستقيم مع حالة المغرب ، فالمشرع المغربي توخى من بلورة دستور 2011 أن يمارس البرلمان صلاحياته كاملة لا أن يظل عمله معقلنا.

لهذا فإن مجموعة من السياقات تدل على ذلك  بحيث نجد: السياق الداخلي  المتمثل في العامل الاقتصادي والاجتماعي، فيمكن إجماله في ضعف التنافسية الشاملة للاقتصاد، وهشاشة التوازنات المالية، وارتفاع معدلات البطالة، وتنامي الحركات الاحتجاجية، وتزايد المطالب الاجتماعية. علاوة على التأخر الذي يعرفه المغرب في مؤشرات التنمية البشرية، وفوق كل ذلك ارتياب المواطن من فعالية ونجاعة السياسات العمومية، ومدى قدرتها على تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية... هذا بالإضافة إلى استمرار التحديات التي تطرحها قضايا محورية ومصيرية من قبيل إصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد...
أما فيما يخص السياق الخارجي، فيتجلى على المستوى الدولي في استمرار الأزمة بالرغم من بداية تعافي بعض الاقتصاديات الأوربية في ظل الانفراج الذي بدأت تعرفه أوربا في الآونة الأخيرة. وعلى هذا، فإننا أمام سياق عالمي مأزوم في ظل وضع دولي سمته الأساسية الحذر والتوجس وتنامي الاحتجاجات والأزمات السياسية، ووضع إقليمي متوتر وملتبس، ومتسم بتراجع الآمال المرتبطة بما سمي ب"الربيع العربي"، في ارتباط بالصراع عن السلطة، واختلاف التصورات حول طبيعة الدولة ذاتها. ومن جانب آخر، فقد ساهم تباطؤ النمو على مستوى العالم، والارتفاع الكبير للأسعار الدولية للنفط والمواد الأولية، في التأثير على بنية الميزانية العامة للدولة، مما قاد الحكومة إلى اعتماد نظام المقايسة...

ولعل مشروع القانون المالي لسنة 2014 يندرج في سياق عام سمته الرئيسة ندرة المال العام،  وتراكم مخلفات المقاربة التقليدية للمالية العامة التي أدت إلى عجز الميزانية المستمر، وتنامي الإنفاق العمومي، وارتفاع الدين العام. وفي هذا الإطار، فالقراءة الأولية لمشروع قانون المالية لسنة 2014 تبين التوجه نحو المزيد من التقشف من خلال تجميد الترقيات، وتقليص مناصب الشغل، وبالمقابل تضريب قطاعات جديدة، والزيادة في ضرائب أخرى... مما من شأنه التأثير على التماسك الاجتماعي. ومن هذا المنطلق، يمكن تفسير مختلف السجالات السياسية والحزبية حول مختلف مضامين مشروع القانون المالي لسنة 2014، وقد تجلى جانب من ذلك في تلويح بعض الأحزاب السياسية المعارضة بإمكانية الطعن في مدى دستورية هذا القانون، فضلا عن مختلف النقاشات التي أثيرت بشأن مستجدات هذا المشروع خاصة في شقه الضريبي... ووعيا بأهمية هذه الوثيقة المالية ليس فقط في جانبها المحاسبي، لكن في مضامينها الاجتماعية والاقتصادية، ارتأت اللجنة التنظيمية تنظيم هذه المائدة المستديرة حول مشروع قانون المالية لسنة 2014 لمناقشة توجهاته العامة وأبعاده ومرجعياته، ومختلف مستجداته عبر محاور رئيسية ، وذلك من جوانب متعددة، ومقتربات متنوعة، بل خلفيات فكرية مختلفة... تقدم للمشاركين مادة أولية للقراءة والفهم والتفكير من منظور شامل واستشرافي في أطره القانونية، وتوجهاته السياسية، ومضامينه الاقتصادية، وكلفته الاجتماعية.

كما أننا حينما نتمعن في هذا المشروع نجده غير مستوفي للشروط الضرورية من قبيل  نمو إقتصادي ومستدام وتأهيل الاقتصاد المغربي لتمكينه من مواجهة تحديات الانفتاح والتنافسية وجعله قاعدة صلبة للإسثمار والتصدير وذالك عبر الرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلة والقطاعية وإنعاش التنمية الجهوية والترابية وكذا إنعاش القطاعات الاجتماعية لتقوية تماسك النسيج الاجتماعي وتلاحم مختلف شرائح المجتمع المغربي وتوفير ظروف الازدهار والرفع من مؤشرات التنمية الاجتماعية. 

كما نجد أن مشروع القانون المالي لسنة2014 يركز على إطلاق دينامية النمو عبر الاستثمار والمقاومة وتطوير أليات إنعاش التشغيل وتطوير الرأسمال البشري وتعزيز آليات التضامن المجتمعي والتحكم في عجز الميزانية والتقليص منه إلى حدود 4,9 من الناتج الداخلي الخام وذالك بالارتكاز على معدل النمو يبلغ 4,2 ومتوسط سعر صرف الدولار إلى 8,5 درهم ومتوسط سعر البترول في حدود 105 دولار للبرميل الواحد. 

أما من جهة أخرى نجد أصحاب الرأي المضاد" المعارضة" فيرون أن هذا المشروع يفتقد إلى البعد الاجتماعي ويزيد من توسيع الفارق بين الطبقات الاجتماعية عبر إفقار الفقير وإغناء الغني ، كما أن المشروع لا يستجيب لتصور شامل قادر على تأطير السياسات العمومية، زد على ذالك أن المشروع لم تراعى فيه المقاربة التشاركية ذالك إنه في الدراسات المالية المقارنة وفي ظل تنامي ظاهرة الاحتجاجات العمومية ، لم يعد من الممكن انفراد الحكومة في بلورة وصناعة القانون المالي، إذ رغم محاولة وزارة المالية  إيهام الرأي العام عبر موقعها الإلكتروني وضع ما يسمى بميزانية المواطن، وهي وثيقة مبسطة لمشروع قانون المالية تهدف رصد أراء الناس واقتراحاتهم وتخوفاتهم بغية إغناء الميزانية بناء على تفاعل متبادل حول منهجية ومضامين إعداد القانون المالي، رغم ذالك فإن المواطن المغربي لم يبادر إلى اقتراح أي شيء نظرا للطابع التقني والمعقد لهذا القانون. زد على ذالك أن البرلمان المغربي بقي غرفة للتسجيل والاستماع وليست له أي مساهمة نوعية تذكر، ولهذا فإننا نتساءل عن ماهي المؤشرات التي يمكن اعتمادها لتقييم العمل البرلماني في المجال المالي ؟ وأين تتجلى مظاهر ضعف المؤسسة البرلمانية في ممارسة اختصاصه المالي ؟ وهل راكم البرلمان المغربي الخبرة التشريعية والتفاوضية والترافعية اتجاه الحكومة حول القانون المالي ؟ وما هية المؤثرات الداخلية والخارجية التي تحد من السلطة والاستقلالية المالية للبرلمان ؟ تم هل هناك لوبيات ضاغطة من أحزاب ونقابات وشركات ومؤسسات تسعى إلى تمرير مصالحها ؟ 

وفي الحقيقة أن قانون المالية هو تنزيل سنوي للسياسات العامة للدولة في مختلف القطاعات، وبالتالي تكتسي مدارسه أهمية علمية دائمة ومتجددة، ولقد نظمت أحكام مشروع قانون المالية لسنة 2014 جملة من الإجراءات ذات صبغة اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار دفع التشغيل باعتباره مطلبا اجتماعيا ملحا بالتوازي مع مساندة ذوي الدخل المحدود وإبلاء أهمية قصوى لدعم جهود التنمية في المناطق ذات الأولوية على التراب الوطني للمغرب،بحيث نجد هناك توجه مغاير يتجلى في  أن السمة الأساسية لمشروع قانون المالية المغربية هو التقشف ومحاولة كبح عجز الميزانية ومواصلة تضريب الطبقات المتوسطة ومراجعة الضريبة على القيمة المضافة...إلخ. وتأتي هذه التدابير لمراجعة الصعوبات المرتبطة بالمالية العمومية والتوازنات الخارجية، وهي صعوبات ارتبطت بالحراك السياسي الذي غرار بعض الدول العربية إذ سعت الدولة إلى شراء السلم الاجتماعي عبر عدة تدابير عملت على إنهاك المالية وتحميل الميزاني العامة التزامات تفوق قدرة الاقتصاد الوطني على تخطيها، ومن الطبيعي أن نسدد فاتورة السلم الاجتماعي بعد انقشاع غبار هذا الحراك وانسحاب حركة 20 فبراير من المشهد الاحتجاجي.

كما يعد هذا القانون المالي ترجمة وانعكاسا لمجمل السياسات العمومية في كل أبعادها وتجلياتها، وتعبيرا عن التجسيد الفعلي والعملي للبرنامج الحكومي الذي تسعى أية حكومة إلى الالتزام به وتنزيله أو على الأقل محاولة القيام بذلك. فإن المبادرة التنظيمية هذه، قد أخذت كل تلك الاعتبارات لتجعل من موضوع مشروع قانونية المالية لسنة 2014 مادة أولية خامة للاشتغال عليها. كما يطرح مشروع قانون المالية لسنة 2014 بالمغرب، العديد من الإشكالات والتساؤلات، خاصة وأنه تزامن مع تنامي الحركات الاحتجاجية، وتزايد المطالب الاجتماعية، وتراجع المغرب في مؤشرات التنمية البشرية وتقدمه بالمقابل في مؤشرات الفساد...وغير ذلك كثير...التقاعد...في ظل وضع دولي متوثر سمته الأساسية استمرار مؤشرات الأزمة المالية والاقتصادية والحذر والتوجس الدوليين من مشاكل سياسية إقليمية ودولية.

وعليه، فالمشروع المذكور، يفرض ضرورة مقاربة سياقه العام ومرجعياته ومستجداته، وموقعه بين المستجدات الدستورية وموقعه كذلك بين  المتطلبات الاجتماعية وإكراهات التوازنات الماكر وإقتصادية؛وهاجس تحفيز النمو الاقتصادي ودعم الاستثمار والمقاولة. 

وفي هذا الجانب نجد  هناك مؤشرين أساسين يجب الاحتكام اليهما، يتمثل الأول في التحفيز الاقتصادي ويتمثل الثاني في الجانب الاجتماعي مبرزا تأثير أسعار البترول على ميزانية الدولة، وكذا الأزمة في أوروبا  ومدى تأثيرها على الجانب الاقتصادي في المغرب مبينا بالتالي العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية عن طريق فتح الخط الائتماني واحتياط العملة الصعبة، حيث أن هناك شروط مرتبطة بالحصول على الخط الائتماني.لكن تبقى هناك اختيارات مثل تنفيذ الإصلاح الجبائي، أما الأهداف المعلنة للميزانية تتمثل في مواصلة البناء المؤسساتي وتحفيز النمو وتعزيز آليات التضامن، تم إعادة التوازنات المالية العمومية، أما الأهداف الخفية فتتمثل في تقديم الهدف الرابع ألا وهو إعادة التوازنات المالية.

من خلال الميزانية تظهر جزء من المطالب الاجتماعية، ومن خلال المداخيل "الموارد العامة" هناك انخفاض وتراجع ثقة المؤسسات المالية في منح القروض أدى إلى تراجع نسبة اللجوء إلى الدين الخارجي، لكن يجب استثمار تلك الديون من أجل إرجاع الثقة، ومن أجل تحفيز النمو وبهذه المعطيات يمكن تفسير التقشف الذي اعتمد في مشروع الميزانية 2014 بتخفيض النفقات وراء هذا وجب التساؤل هل الهدف اقتصادي أم محاسباتي؟ مبرزا كون أن فرنسا على سبيل المثال سجلت هذه السنة وجود خمس ملايين و 300 ألف فقير، مع تسجيل تراجع في مؤشرات الصحة والتعليم وغيرها، وبالمغرب هناك تراجع ضرائب الشركات العامة التي تؤديها للدولة، وتراجع الرسوم الجمركية حيث تراجعت مند سنة 2000 ب 50 %  تم اتفاقيات التبادل الحر هذه الاتفاقيات التي كانت لها تأثيرات سلبية على المقاولة المغربية " الصناعة في تراجع مستمر" منها الآن 14% من الإنتاج الداخلي الخام وكوريا الجنوبية 25 % . ولعل ارتفاع النفقات ب 2.5% يفسر ذلك بتراجع قيمة الدرهم الثابت، أما نفقات التسيير فتبقى موقفة، مع تراجع نفقات الاستثمار ب 16%   وارتفاع نفقات المديونية ب46%، ناهيك على أن 57% مليار و300مليون للدين العمومي، و85% من الدين هي داخلية اتجاه البنوك ومؤسسات التأمين.

 حيث أنه في أوقات سابقة كانت الدولة توقف أداء الدين لتحفيز الاستثمار وتلبية حقوق الفئات الفقيرة، وتطور النفقات الإجمالية، وارتفاع ميزانية التربية الوطنية لكون أن التكوين التحق به التوظيف خلق حوالي 7000 منصب شغل وتراجع ميزانية الاستثمار، وارتفاع في الصحة بتوظيف 2000 شخص إضافة إلى تراجع السكنى والتعمير والتشغيل والأسرة وتراجع ميزانية الاستثمار كان له تأثير على التشغيل بالرغم من لجم التوظيفات لكون أن المتقاعدين كثر وهناك تعويض لهؤلاء فقط ناهيك عن عدم وجود مناصب صافية جديدة. 

كما أن الهدف من المقترحات الواردة فى مشروع القانون المالى 2014 هو "حفز النمو الاقتصادي المستدام, بدعم من الاستثمار فى المشاريع عن طريق تقليل وقت الدفع واسترداد ضريبة القيمة المضافة فى تخفيف حدة النقدية المؤسسة وتنفيذ أحكام المرسوم الجديد للمشتريات الحكومية، إضافة إلى تخصيص 20 فى المائة من المعاملات فى المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم وتنفيذ آليات تيسير وصول المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم على التمويل من خلال تحديث نظام الضمانات, وكذا إنشاء آلية مالية لدعم المشاريع فى صعوبة تحقيق نتائج الجبايات الضريبية فى مجال تحسين القدرة التنافسية للمشاريع, وإنشاء نظام ضريبى بما يتمشى مع قدراتها فيها. ناهيك عن وضع تدابير لدعم تحديث النقل البرى العام للمسافرين بغية تحسين القدرة التنافسية بالمدن فى روح الخطاب الملكى. وزيادة حجم الاستثمار فى قطاع العقارات واستمرار برامج تشجيع تنظيم المشاريع مثل برنامج مقاولاتي وغيره.

كما نجد مقترحات تعديل  الإتحاد العام لمقاولات المغرب يمكن تلخيصها فى أمور أساسية كإصلاح نظام ضريبة القيمة المضافة وانتشار سداد الائتمان ضريبة القيمة المضافة وتسنيد الائتمان وضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات إلى المعدل التدريجي، ناهيك عن ا لحفاظ على احتياطيات من الاستثمار وإلغاء مساهمة التضامن على الأجور وضرائب كثيرة.

والمغرب دائما يقوم بدور قيادى فى المشاريع الرئيسية مما يؤدى إلى تكاليف التوظيف والدين، واستنادا إلى هذه العناصر و المقارنة على مشروع القانون مع سابقه يلاحظ أن مشروع القانون لا يندرج فى التخطيط الاستراتيجي او على الأقل عدم وجود خط المراقبة بشكل واضح بشان القرارات المتخذة بشأن نقص ترشيد النفقات التي أعلن عنها مضمون المشروع، ويمكن استنتاج أن الحل فى تنمية الاقتصاد المغربى موجودا فى تنمية اقتصاده, بما فى ذلك القدرة على المنافسة بين المقولات المغربية كما يسعى إلى تخفيض العجز في الميزان التجاري, وذلك عن طريق شركة منافسة. 

كما أن الزيادات الضريبية التي يتضمنها مشروع قانون المالية وخاصة ما تعلق منها بالضريبة على القيمة المضافة  ماهي إلا ضريبة مرتبطة بالكرامة الإنسانية من خلال أنها تشمل في عمومها سلعا لا يستهلكها إلا الفقراء وهي المواد الأساسية الموجهة للإستهلاك .

وما في يخص الضريبة على الشركات تم فرض الضريبة على الدخول الزراعية حيث أن رقم الأعمال السنوي الذي يساوي أو يزيد على 5 مليون درهم، مع اعتماد فترة انتقالية تطبق فيها الضريبة على الشكل التالي : حيث يستمر في الاستفادة من الإعفاء على الدخول الزراعية بالنسبة لرقم الأعمال الذي يقل عن :35 مليون درهم ما بين 01 / 01 / 2014 و 31 / 12 / 2015 و20 مليون درهم ما بين 01 / 01 / 2016 و 31 / 12 / 2017، و10 مليون درهم ما بين 01 / 01 / 2018 و 31 / 12 / 2019، أما السعر المطبق على الدخول الزراعية فهو  نسبي وذلك خلال خمس سنوات المحاسبية الأولى المتتالية ابتداء من السنة الأولى لفرض الضريبة و عندما يقل رقم المعاملات المحقق خلال سنة معينة عن 5 مليون درهم لا يمنح هذا الإعفاء إلا إذا ظل رقم الأعمال المذكور أدنى من هذا المبلغ لمدة ثلاث سنوات مع  تطبيق الإقرار الإلكتروني على المهن الحرة.

و إلغاء الإعفاء المطبق على الدخول الناشئة عن إيجار المباني الجديدة أو البناءات الإضافية والذي كانت مدته ثلاث سنوات موالية للسنة التي انتهى فيها البناء، ناهيك عن نظام الربح الجزافي : وإلزامية مسك سجل مؤشر عليه من طرف مسؤول بمصلحة الوعاء الجبائي تسجل فيه جميع العمليات المتعلقة بالشراء والبيع.
أما ما يتعلق بمشروع قانون المالية لسنة 2014 والنفقات الجبائية، من حيث  المستجدات اولا قبل التوضيح يمكن تعريف النفقات الجبائية بأنها تلك المقتضيات المخالفة للنظام الضريبي المرجعي التي تخفض أو تؤجل أداء الضرائب المستحقة بالنسبة لجزء صغير من الملزمين.

غير أنه من الصعب الوصول إلى اتفاق حول النظام الضريبي الأفضل الذي في ضوئه يتحدد مفهوم النظام الضريبي المرجعي، لذلك فليس أمامنا سوى التسليم بأن النظام الضريبي المرجعي ليس سوى مجموع القواعد العامة للقانون الضريبي المغربي.

وإذا تجاوزنا مشكلة تحديد مفهوم النفقات الجبائية، فإن المفارقة التي نصادفها في تجربة تطبيقه في السياق المغربي تتمثل في كون أنه في الأصل، جاء مفهوم النفقات الجبائية لكي يمكن من إجراء مقارنة من حيث الفعالية بين التحفيزات الضريبية وبين برامج النفقات العادية ذات الأهداف الاقتصادية أو الاجتماعية المتماثلة، ولكن المتأمل لقوانين مالية السنوات القليلة الماضية ولمشروع قانون مالية هذه السنة يشعر أن مفهوم النفقات الجبائية حول التحفيزات الضريبية إلى احتياطي مالي يستعمل عند الاقتضاء لتمويل عجز الميزانية، لذلك يبدو أن الدولة تركز على جرد وتقدير قيمة التحفيزات الضريبية وتلتزم الصمت حول كل ما يتعلق بآثار حذف هذه التحفيزات على تنافسية المقاولة المغربية أو على مستوى معيشة الأسر.

فمن المؤكد أن التحفيزات الضريبية تستحق أن تفحص للتحقق من فعاليتها في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي مما إذا كان من المناسب الإبقاء عليها أو تغييرها أو حذفها، ولكن هذا الفحص لا يمكن أن يتوقف عند حدود جرد وتقدير كلفة التحفيزات الضريبية، وإنما ينبغي أن يذهب إلى أبعد من ذلك، لكي يرتب هذه التدابير ليس فقط كما هو الحال اليوم وفقا لأهميتها المالية وإنما أيضا وفقا لفعاليتها وجدواها في تحقيق الأهداف المتوخاة من إحداثها أصلا، وإلا فلا شيء سينفي الصبغة التعسفية عن القرارات المتخذة في هذا الشأن أيا كانت (إبقاء أو حذف أو تغيير).

وفي جميع الأحوال، فإنه حتى لو سلمنا بأن التحفيزات الضريبية ليست سوى احتياطي مالي لمواجهة عجز الميزانية، فلا يمكن أن نتعامل معه على أنه خزان لا ينفذ، وهكذا فقد تم جرد 412 إجراء استثنائيا خلال سنة 2013 مقابل 402 خلال سنة 2012 ومع ذلك فإن الكلفة المالية للتحفيزات الضريبية خلال سنة 2013 أقل من نظيرتها خلال سنة 2012.

ومن جانب آخر أنه تم التفكير في المقاولة الفلاحية كأنها أسرة على اعتبار أن وزير المالية قد خلص إلى أن 20 ألف درهم هي دخل الطبقة المتوسطة وهامش الربح في القطاع الفلاحي هو% 8 ،ويصل 50 ألف مليون درهم . رقم المعاملات هذا لا يعكس الربح لدى المقاولة ولايعكس المساواة الضريبية، وهذا فيه تشجيع على خلق شركات فلاحية يقل رقم معاملاتها عن ماذكر.

وفي مايتعلق بالمستجدات في مشروع قانون المالية 2014 نلاحظ أن هناك تضريب للقطاع الفلاحي حيث تم حذف الإعفاء، وتم رفع الأسعار على الدخول العقارية على مستوى النفقات ورفع الضريبة على القيمة المضافة مع فرض الضريبة على الإستغلالات الكبرى "5مليون درهم كرقم المعاملات"والإبقاء على الاستغلاليات الصغرى والمتوسطة. وأن فرض الضريبة على القطاع الفلاحي سيؤثر لامحالة على أسعار بيع المواد الغذائية معتقدا أن السؤال الجوهري الذي كان يجب طرحه مند البداية هو الحد الضريبي المطبق على المقاولات الفلاحية الأجنبية المنافسة للمقاولة الفلاحية المغربية.

لكن نلاحظ هناك تحايل من المشرع في عملية  التضريب، وما ورد بخصوص المقاولة في المشروع يعد إخناق المقاولة وإضعافها لاسيما بالنسبة لاسترجاع الضريبة على القيمة المضافة لخمس سنوات بدل شهر، وبالنسبة للاستهلاك المحلي إذا كان هناك تشجيع للمقاولة فيجب أن يوازيه تشجيع للسلع المحلية، هذه المستجدات تكشف عن ظهور نموذج الدولة الحارسة من نوع جديد، مبينا في الوقت ذاته أن الضريبة لايمكن أن تكون محايدة وبأن الضريبة ليست غاية " الدولة السلطانية" . وفيما يتعلق بالمقاولات أيضا خلص إلى أنه وجب التفكير مليا من منظور التنافسية بدل منظور القدرة التكليفية مبينا أوجه خلل النظام الجبائي كالضريبة على الشركات التي تستهدف المقاولة والضريبة على الدخل التي تستهدف الأسر وتستهدف المقاولة أيضا،  حيث أنه ليس هناك ضريبة أسرية، وليس هناك ضريبة مقاولاتية.

 
وفي الأخير يوضح لنا مشروع قانون المالي لسنة 2014 أنه ستكون له تأثيرات اجتماعية وخيمة على المستويين القريب والمتوسط. وبين سبب تواجد مقتضيات جبائية غير عادلة والتي أدت إلى غياب الانسجام وغياب التبسيط و استمرار منطق منح الامتيازات غير المبررة وهو ما أدى بالتالي إلى تكريس طابع الاستمرارية للسنوات السابقة والتراجع عن توصيات المناظرة الوطنية للإصلاح الجبائي، معتبرا البديل الحقيقي هو الإصلاح الجذري للنظام الجبائي المغربي عن طريق القيام بتشخيص علمي وموضوعي له  والبحث عن  حقول ضريبية أخرى بدل الاستمرار في منطق إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين.




الاربعاء 8 يناير 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"


1.أرسلت من قبل Saif Al.Hadidi في 04/12/2014 04:50
أرغب بنسخة من هذا البحث ترسل على بريدي الالكتروني

تعليق جديد
Twitter