MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




قراءة في نظام التقييد الإحتياطي على ضوء قانون 14.07

     

من إنجاز: أحمد السكسيوي
طالب باحث في العلوم القانونية





 
مقدمة

يهدف النظام العقاري إلى استقرار الملكية العقارية عن طريق ترسيخ الحقوق العينية وإعطائها مظهرا رسما وقوة ثبوتية فاعلة،
[1] ومن المعلوم إن ما يقيد على الرسم العقاري من حقوق عينية يعتبر المنطلق الوحيد لمعرفة مالك تلك الحقوق، وما ترد عليها من قيود وذلك بصريح الفصل 65 من القانون المذكور[2].
   - وقد جاء في مضامينه :
"يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، وكذا جميع عقود أكريه العقارات لمدة تفوق ثلاث سنوات، وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه."
  عند قراءتنا للفصل 65 من قانون 14.07 و كذلك الفصلين 66و 67
[3] منه نستنتج أن التقييد له أهمية على الرسم العقاري و تظهر قوته و حجيته الايجابية و السلبية،  حيث إن كل ما غير مقيد بالرسم العقاري غير موجود.
لكن المشرع أوجد نظاما حمائيا، يضمن لصاحب الحق تقييده تقييدا مؤقتا، وذلك لعدم تمكن صاحب الحق من تقييده، فهو إجراء بياني يرد على الرسم العقاري، ليقيد الحق الناتج عنه بما هو وارد في مطلب التقييد الاحتياطي
[4]، ويتم بعد الحسم في الحق تشطيب عليه.
 
_إشكالية وخطة الدراسة_
 
  • كيف نظم المشرع المغربي نظام التقييد الاحتياطي؟ وكيف تعامل العمل القضائي مع هذا النظام؟
  • وماهو تعريف التشطيب كإجراء لاحق ينهي التقييد الاحتياطي؟ وماهي أهم حالاته؟
سنحاول في هذا البحث رصد أحكام التقييد الاحتياطي والتشطيب مع بيان الإشكالات القانونية والعملية، ودلك وفق المطلبين التاليين:

المطلب الأول: ماهية التقييد الاحتياطي
الفقرة الأولى: مفهوم التقييد الاحتياطي وغايته
الفقرة الثانية: حالات التقييد الاحتياطي
المطلب الثاني: أحكام التشطيب
الفقرة الأولى: مفهوم التشطيب
الفقرة الثانية: حالات التشطيب والجهة المختصة
 
 
المطلب الأول: ماهية التقييد الاحتياطي
 
يعتبر التقييد الاحتياطي كما قلنا إجراء وقتي يهم حفظ حق غير محسوم فيه، لكن رغم كثرة استعمال التقييد الاحتياطي كما يبدو ذلك ظاهريا فانه مفهوم بكيفية سيئة و يستعمل بكيفية أسوا.
[5]
و يرجع محمد بن الحاج السلمي هذا الفهم و الاستعمال السيئ للنص التشريعي الذي لم يضع تحريرا مناسبا للنص القانوني و كذلك تشتت إحكام التقييد على مجموعة قوانين.
و بهذا لا ضير من إعطاء بعض من المحاولات لتعريف التقييد الاحتياطي مع بيان غياته (فقرة أولى) تم التطرق لحالاته ( فقرة ثانية)
 
فقرة أولى : مفهوم التقييد الاحتياطي وغياته
[6]
   سنتطرق إلى مفهوم التقييد (أولا) والى غاية التقييد الاحتياطي (ثانيا)
 
  • أولا: مفهوم التقييد الاحتياطي
إن المشرع المغربي لم يعرف كعادته التقييد الاحتياطي .مكتفيا بوضع شروطه وأحكامه تاركا الباب مفتوحا لكل اجتهاد فقهي وقضائي باعتبارهما مصدرين من مصادر القانون.
 
  وبهذا فأول تعريف فقهي نصادفه، تعريف الدكتور مأمون الكزبري حيث عرفه بأنه إجراء يقوم به صاحب الحق تعذر عليه تسجيله،
[7] ويتصل هذا  التعريف مع تعريف الدكتور محمد خيري الذي يعرفه بأنه إمكانية يخولها القانون لكل من يدعي حقا على عقار محفظ قصد الاحتفاظ المؤقت به، في انتظار تحويل هذا الحق إلى تسجيل وتقييد نهائي. [8]
 
   كما أن الأستاذان حسن عبد اللطيف وعبد الرحمان هموش عرفا التقييد الاحتياطي.
فعرفه الأول انه قيد مؤقت غايته حماية حق لصاحبه، الذي يتعارض مع حق يكتسبه شخص أخر.
[9]
 أما الثاني فيرى بأن التقييدات المؤقتة، هي التي تهدف إلى المحافظة مؤقتا على حق وارد على عقار محفظ، يتم تقييده في انتظار استكمال الشروط القانونية، وهي بذلك تساهم في الحد من منبدأ القوة الثبوثية والمطلقة لقيود الرسم العقاري المغربي، حماية الحقوق الغير مقيدة عن حسن نية ووفق مقتضيات الفصل 67 من قانون رقم 14,07[10].
   أما القضاء فاتجه إلى تعريف التقييد الاحتياطي في عدة مقررات قضائية، فإننا نورد قرار من محكمة الاستئناف جاء فيه:
 " إن دور التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري هو المحافظة المؤقتة إما على وجود حق. لكن متنازع فيه وينتظر من القضاء إن يعطي كلمة فيه. وإما على حق تعذر استكماله لتأخر توفره على شكلية من الشكليات "
[11]
ورغم اختلاف الأسلوب الذي اتبعه الفقه والقضاء في تعريف التقييد الاحتياطي، فإن جلها يهدف إلى تحديد الوظيفة التي يضطلع بها هذا الإجراء، وعليه فالتقييد الاحتياطي وسيلة قانونية لحماية حق مؤقت، وبذلك يتميز بكونه حماية وضمانة لصاحب الحق الذي لم يحسم فيه لصالحه.
 
  • ثانيا: غاية التقييد الاحتياطي
يلعب التقييد الاحتياطي دوران أساسيان:
  • الدور الأول حماية حق غير قابل لتقييد النهائي
  • الدور الثاني الحد من سلطات المحافظ
 
  • حماية حقوق الغير القابلة للتقييد النهائي:
حفاظا على حقوق الغير المعنية بالتقييد النهائي، وضع المشرع المغربي التقييد الاحتياطي أو المؤقت، والذي يقوم بوظيفة تأمينية علي الحقوق الغير القابلة للتقييد النهائي التي لا تستوقف الإجراءات الشكلية، أو معلقة على حكم قضائي، للاعتراف بها، فهو إذا يؤمن الحقوق المهددة في حال تم التقييد بشكل نهائي، وفي نفس السياق يقول الأستاذ ماسيغلي:
"... وهذه الحماية يضمنها التقييد الاحتياطي عن طريق إشراك هذه الحقوق في الانتفاع من الإشهار، وذلك في انتظار أن يسمح له بالحصول على القوة الثبوثية المتعلقة بالتقييد "
[12]
 
  •  وضع رقابة على سلطة المحافظ:
نظرا لسلطة المحافظ في كل ما يهم مجال الأملاك العقارية، أوجد المشرع المغربي جهاز ليحد من سلطته وحريته الواسعتين،[13] والموكولتين له.
فالمحافظ العقاري حسب الفصل 72 من القانون التحفيظ العقاري، يقوم بالتحقيق من كل الوثائق المدلى بها، ومتخدا بذلك مجموعة من الإجراءات، وبهذا يكون المحافظ العقاري ذا سلطة تقديرية يترتب عليها رفض تقييد العقود الباطلة أو إذا كانت تشوبها شائبة.
وقد كان التخوف كبيرا في عرقلة التقييد بسبب سلطة المحافظ الواسعة، لأجل ذلك إستحدث المشرع المغربي لمؤسسة التقييد الاحتياطي كحد لسلطات المحافظ، ومتأثرا في ذلك بنظامي Widers Pruch  وVORMER KUNG المنظمة في القانون الألماني، في حين المشرع الاسترالي - الذي يتبع المغرب نفس الشهر المتواجد باستراليا أي الشهر العيني-  لا يستخدم هذه المؤسسة.
لكن هذا لا يعني أن المحافظ لا يتدخل في عملية التقييد، بل إنه يقوم بالتحقق من الوثائق والحقوق المراد صيانتها، وبطبيعة الحال لا يكون تدخله بالحدة التي يتدخل بها في التقييدات النهائية.
 
الفقرة الثانية: حالات التقييد الاحتياطي  

  إذا كان المشرع قد منح لكل راغب في الحفاظ على حقه العقاري ان يتقدم بطلب لإجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري للمحافظ على الأملاك العقارية،
[14]فإن المحافظ العقاري لا ينظر في الطلب ويقره إستنادا لهذا الطلب، أو بناءا على تقديره الخاص أو جهة النظر شخصية. لكن المشرع المغربي ربط المحافظ وطالب التقييد بثلاث حالات نص عليها في الفصل 85[15] و 86 من قانون التحفيظ العقاري، وهي:
  • بناء على سند صحيح يؤيد طلب التقييد
  • بناء على أمر قضائي
  • بناء على نسخة من مقال دعوى
 
  • أولا: بناءا على سند صحيح يؤيد طلب التقييد
يؤكد الفصل 85 المذكورة سلفا أن أولى الحالات التقييد الاحتياطي هي السند الصحيح، و هو كل وثيقة صحيحة و صالحة الاثباث[16]، ويتم التقييد الاحتياطي بناء على سند خلال أجل 10 أيام، إذ تعتبر هي فترة صلاحية التقييد الاحتياطي، وقد أكد المشرع على أن يتم "... على الحق الذي تعذر تقييده ..."، والذي يجب خلاله إجراء التقييد النهائي فإذا تم تقييده نهائيا فإن مفعوله يسري بأثر رجعي، أما إذا لم يتم ذلك فإنه يلغى تلقائيا ويشطب عليه. (الفصل 92 من ظهير التحفيظ العقاري).
من خلال ما سبق نستنج أن هذه الطريقة هي الطريقة التلقائية التي تقدم للمحافظ لكن كيف يمكن القول بان هذه مؤسسة التقييد الاحتياطي تقيد سلطات المحافظ ؟ إن المشرع المغربي لم يحدد ما يلزم المحافظ على الأملاك العقارية على الاستجابة التلقائية لطلب التقييد الاحتياطي وهذا ما أكده أستاذنا الدكتور العربي محمد مياد
[17]، وهذا في حد ذاته إشكال كبير.
و لقد جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف ما يلي:
" إن التقييد الاحتياطي الذي يمنحه المحافظ على الاملاك العقارية لمدة تتعدى 10 أيام خاضع  لسلطته التقديرية ..."
[18]
 
  • ثانيا: بناءا على أمر المحكمة
لقد نص المشرع عن هذه الحالة كحالة ثانية، ويقصد بأمر من المحكمة، ذلك الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية، بصفته كرئيس وليس بصفته قاضيا للمستعجلات المنظم طبقا للفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، و هي تهمنا لأنها حالة قضائية و الأمر القضائي نوع من المقررات التي تواجه المحافظ، و هذا الأمر يسري مفعوله في ثلاثة أشهر عوض ستة أشهر و يعتبر ملزما للمحافظ مع إمكانية الرفض، لذلك جرى العمل على اختتام هذه الأوامر بعبارة :
           " نصرح بالرجوع ألينا في حالة قيام صعوبات "
والأمر القضائي الصادر بناء على طلب لا يخضع لأي شكل معين فالقاضي المختص يصدر أمره بناء على طلب يقدم له ودون حاجة لحضور الأطراف أو الخصوم. ولا يشترط تنصيب محام ولا حضور كاتب الضبط إل في بعض الحالات الخاصة.
و يجب أن  يحتوي طلب التقييد الاحتياطي على عرض موجز للوقائع وأن يشير بدقة إلى موضوع الإجراء المطلوب، وان قبول الطلب لا يستلزم التعليل مبدئيا، أما رفضه فإنه يستوجب التعليل، لان طالب التقييد الاحتياطي يجب أن يعرف أسباب الر فض حتى يمكنه  استئنافه.
 
  • ثالثا: بناءا على مقال الدعوى المرفوع للقضاء [19]
حيث يتقدم المعني بالأمر إلى المحافظ بطلب للتقييد الاحتياطي مرفوعا بنسخة من مقال الدعوى مؤشرا عليها من طرف المحكمة الابتدائية الموجودة بدائرة اختصاصها موقع العقار الذي يتعلق بالنزاع هذا النوع من التقييد الاحتياطي وليس من الضروري أن يكون هذا التقييد المبني على مقال الدعوى مسبوقا بتقييد مبني على سند أو بتقييد مبني على أمر من المحكمة، بل يمكن اللجوء مباشرة إلى هذه الحالة، وعلى المحافظ أن يستجيب إلى طلب التقييد الحتياطي استنادا إلى نسخة من المقال.
ولكن يتعين على المحافظ أن يتأكد بأن المقال يتعلق فعل بعقار محفظ، وبحق قابل للتسجيل.
وأن الدعوى مرتبطة بمالك العقار المسجل اسمه على الرسم العقاري، وذلك حتى يكون هناك ارتباط بين مقال الدعوى وبين العقار الذي سيكون موضوعا للتقييد الحتياطي.
ويكون محتفظا بجل آثاره خلال مدة النزاع وحتى اتخاذ التقييد النهائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به الذي يحسم النزاع وحتى اتخاذ التقييد  النهائي لهذا الحكم بالرسم العقاري المعنى بالأمر إذا اعترف القضاء بالحق المنازع. فيه ويعود بذلك هذا التقييد النهائي بأثر رجعي إلى تاريخ التقييد الاحتياطي
[20].
للإشارة فان هناك طرق أخرى للتقييد منصوص عليها في قوانين أخري متل:
  • التقييد في اطار قانون نزع الملكية
  • التقييد الاحتياطي في اطار مدونة تحصيل الديون العمومية
  • التقييد الاحتياطي في اطار قانون بيع العقار في طور الانجاز
 

 
 
المطلب الثاني: التشطيب وأحكامه
 
 
لقد ورد التنصيص على قاعدة التشطيب في الفصل 91 من قانون التحفيظ العقاري و جاء فيه:
مع مراعاة أحكام الفصل 86 أعلاه، يمكن أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين، في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق.
 
والتشطيب حسب هذا الفصل ينهي الحق المقيد في مواجهة كل من يعنيهم أمر هذا الحق، ويتم التشطيب على هذا الحق، إما لعقد صحيح أو إستنادا لحكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وهناك حالة أخرى يمكن إستنتاجها من فصول متعددة من قانون التحفيظ العقاري في التشطيب التلقائي.
وإذا كان التقييد الاحتياطي كما سبق الإشارة إليه على أنه وسيلة مؤقتة، حيث لا ينشئ حق الحق ولا يعدله أو يسقطه، فلا يمكن إبقائه بصفة مطلقة، بل يتم التشطيب عليه أو إلغائه.
والتشطيب والإلغاء مفهومان يمكن التمييز بينهما بأن الأول يرد على حق مقيد بطريقة قانونية، أما الإلغاء فيرد على حق مسجل إستنادا إلى الغش أو الاحتيال.
  • فماهو التشطيب من خلال الفقه والقضاء؟
  • وماهي حالات التشطيب؟
 
الفقرة الأولى: مفهوم التشطيب

نظرا لما للتقييد الاحتياطي من آثار بالغة على المعاملات العقارية ، تكفل المشرع بمنح وسيلة قانونية للمالك من أجل التخفيف من هذه الآثار تتمثل على الخصوص في مؤسسة التشطيب
[21]، وكما رأينا سابقا أن التقييد لم يعرفه المشرع، وهذا ينطبق على التشطيب لم يعرفه المشرع المغربي و ترك المجال للفقه و اعتبره البعض بأنه بمثابة عملية ايجابية تتمثل في التسجبل، لكن اثره على الحق اثر سلبي و يؤدي إلى إسقاطه و إنهائه. [22]
و عرفه محمد بن الحاج السلمي بانه محو أثار التقييد النهائي بالنسبة للمستقبل و ذلك بسبب انعدام او انقضاء الحق الذي يتعلق به .[23]  
 
   و تجدر الملاحظة الى ان التشطيب يتعلق بالحقوق المسجلة بالرسم العقاري فقط و قد ذهبت محكمة النقض مؤيدة لهذا المقتضى حيث أكدت على ان التشطيب يرد على العقار المحفظ حسب الفصلين 91و96 من قانون  14.07. 
[24]
 
    و في قرار آخر جاء فيه
" الحقوق التي يمكن ان يشطب عليها بمقتضي عقد أو حكم يثبت انقضاؤها و عدم صحتها هي التي يقع إشهارها بالرسم العقاري بعد أن  يكون العقار قد حفظ  فأما الحقوق التي يحفظ بها العقار فهي محمية بمقتضى القانون من عملية التشطيب " .
[25]
 
الفقرة الثانية: حالات التشطيب والجهة المختصة.

سنحاول التطرق لحالات التشطيب على التقييد الاحتياطي، ثم سنعرج على إشكالية الجهة المختصة في التشطيب.
  • أولا: حالات التشطيب
   بالرجوع للفصل 91 من قانون 14.07 نجد أن المشرع أورد ثلاثة حالات لتشطيب هي :
  • التشطيب التلقائي
  • التشطيب بأمر قضائي
  • التشطيب بأمر من الأطراف
 
  • التشطيب التلقائي
  يسميه الأستاذ محمد بولمان[26] بالتشطيب الإداري أي يوضع بدون تدخل القضاء ويشطب طبقا للفصل 86 من قانون التحفيظ ، ومن خلال قراءتنا لهذا الفصل يتبين لنا أنة يرد:
  • بالنسبة للتقييد الاحتياطي بناء على سند يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية التشطيب عليه تلقائيا بعد انتهاء الأجل المحدد في 10ايام.
  • كما يتم التشطيب تلقائيا على التقييد الاحتياطي المتخذ بمقتضى أمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة، بانتهاء مدة ثلاثة أشهر المحددة في الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري ما لم يقع تمديد هذا الأجل بواسطة أمر جديد أو بواسطة مقال مرفوع لدى المحكمة المختصة.
 
 
 
  • التشطيب بأمر قضائي
  إّذا تم التقييد بناءا على مقال الدعوى المرفوع للقضاء، فحينما يصبح الحكم نهائيا فانه يتم التشطيب على الحق.
و كذلك التشطيب القضائي يثيره قضاء الاستعجال. حسب الفصل 86 من قانون 14.07 لكن يبقى هذا الرأي محط خلاف حيث يري حسن فتوح
[27] انه غير مختص . أما العمل القضائي فيؤكد على اختصاص القضاء الاستعجالي [28].
 
  •  حالة التشطيب بناءا على طلب الأطراف أو احدهم
  إضافة إلى التشطيب النهائي والتلقائي هناك التشطيب المبني على طلب الأطرف ( بمقتضى عقد صلح بين الأطراف بواسطة المحكمة المرفوع إليها النزاع أو التنازل عن التقييد الاحتياطي مصحوبا بتنازل عن الدعوى )  فقد منح المشرع للأفراد تقديم طلبات إلى المحافظ قصد التشطيب على بعض الحقوق المسجلة أو التقييدات الاحتياطية بناءا على اتفاقاتهم، فليست كل الحقوق قابلة للتشطيب، فمثلا حق الملكية لا يمكن للأفراد الاتفاق على تشطيبه ولا على إلغائه لأنه حق دائم وثابت، ولكن لهم أن يتفقوا على نقله إلى الغير. وكذا الحقوق التي يتم تحفيظها مع تأسيس الرسم العقاري
 
  • ثانيا: إشكالية الجهة المختصة في التشطيب
كانت مسألة اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية في التشطيب محل خلاف، حيث يري حسن فتوح [29] انه غير مختص، واعتبر بعضه الآخر، أن القضاء ألاستعجالي مختص بالتشطيب على التقييد الاحتياطي بناء على مقال لعدم وجود نص قانوني يمنع ذلك وأن ولاية القضاء المستعجل ليست مقيدة ولا محصورة.[30] ويقول الأستاذ محمد بن الحاج السلمي[31] "... فان رئيس المحكمة الابتدائية بوصفه قاضيا للمستعجلات ليس مختصا أبدا للنظر في طلب ترقين التقييد الاحتياطي في هذه الحالة وذلك بكل بساطة لأنه ليس قاضيا للموضوع ولم يمنحه القانون هذه الصلاحية ... "
اما العمل القضائي فقد ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط 98 في أول الأمر إلى سلب قاضي المستعجلات اختصاص النظر في التشطيب على التقييد الاحتياطي ثم عكست الاتجاه تماما في عدة قرارات 99 معتبرة أن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات يكون مختصا من الناحية المبدئية لاتخاذ قرار بالتشطيب على التقييد الاحتياطي على أساس أن هناك ضرورة مستعجلة وحجة ماسة لهذا التشطيب،
لكن المشرع في تعديل 14.07، وضح اختصاص القضاء الاستعجالي أكثر من السابق، فقد جاء الفصل 86 في الفقرة الأخيرة أنه يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات أن يأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي إذا ما تبث لديه أن الأسباب التي استند عليها طالب التقييد الاحتياطي غير جدية وغير صحيحة.
 
 

 
خلاصة واستنتاجات
 
إن هذا البحث المتواضع والذي لا ندعي فيه الكمال والصواب حاولنا فيه قدر المستطاع أن نحيط ببعض مواضيعه وإشكالاته من خلال دراسة مكونين أساسيين هما :
- التقييد الاحتياطي: باعتباره وسيلة قانونية لحماية حق مؤقت، وبذلك يتميز بكونه حماية وضمانة لصاحب الحق الذي لم يحسم فيه لصالحه.
- والتشطيب: الذي يقوم كإجراء لاحق على التقييد منهيا هذا التقييد الاحتياطي بشتى الطرق المحدد قانونا.
ومن خلال ما عرضناه نستنتج مجموعة من الإشكالات أهمها:
  • أن هناك ارتباك واضح في صياغة مقتضيات التقييد الاحتياطي وخصوصا الفصلين 85 و86 من قانون التحفيظ.
  • ويلاحظ كذلك أن المشرع المغربي لم ينظم بشكل دقيق مؤسسة التشطيب، رغم أهمية هذه المؤسسة وأثرها على التقييدات واستنادا إلى الفصل 91 من قانون 14.07، لم يتم التنصيص على الإجراءات القانونية لاسيما في حالة اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم قضائي بذلك.
  • إضافة إلى صلاحيات المحافظ العقاري بشأن التشطيب التلقائي لم يحدد المشرع، إجراءاتها القانونية التي يمكن على ضوءها مراقبة من خلالها من لا يتعسف في استعمال هذه السلطة المخول له .
والرأي فيما أعتقد أنه يجب دعم نظام التقييد الاحتياطي بمجموعة من المواد التي تعزز الاجراءات المبهمة والغامدة.
 
 

المراجع المعتمدة
  • المختار بن احمد عطار، التحفيظ العقاري على ضوء القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط الأولى، 2007,
  • محمد ألقدوري، إشكالات المثارة بشان التقييدات والتشطيبات على الرسوم القضائية، مجلة الحقوق المغربية سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية الإصدار الثالث.
  • محمد بوعزاية، الضمانات القانونية في الحقوق العقارية، الجزء الأول التقييد الاحتياطي
  • محمد بن الحاج السلمي، التقييد الاحتياطي في التشريع المغربي، دار القلم 2002
  • إدريس سماحي، القانون المدني، الحقوق العينية و نظام التحفيظ العقاري، مطبعة فضالة امبراز مكناس 2003،    
  • مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية.
  • محمد خيري "قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" مطبعة دار المعارف الجديدة الرباط 2010
حسين عبد اللطيف حمدان، أحكام الشهر العيني، الدر الجامعية بروث، ص 16-17
  • عبد الرحمان حموش، التقييدات المؤقتة في التشريع المغربي، رسالة نيل دبلوم الدراسات المعمقة، مراكش 2002 -2003 .ص 34
  • قرار محكمة الاستئناف، صادر بتاريخ 1934
  • نعيمة بن سليمان و عبد الرحيم بالختاني, التقييد الاحتياطي لإنشاء الحقوق , بحث لنيل شهادة الإجازة مسلك القانون الخاص أسفي 2010-2011
  • العربي محمد مياد، مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء القانون رقم 07. 14 المغير والمتمم لقانون التحفيظ
  • محمد بن أحمد أبو نبات، قوانين التحفيظ و التسجيل و التجزئة العقارية،  منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش، سلسلة الكتب 1997،
  • محمد المهدي الجم، التحفيظ العقاري في المغرب، مطبوعات دار الثقافة للنشر و التوزيع الدار البيضاء، الطبعة 2. 1985.
  • قرار محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 23-4-1990 تحت عدد 971 في الملف المدني عدد 3510 89 نشور بمجلة المحامي عدد 19
  • قرار محكمة النقض، عدد 28 بتاريخ  04.01.1989، في الملف عدد 2232
  • قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 17 .06.1987 عدد 1401 في ملف مدني عدد 9921
  • محمد  بالفقير،ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2013،                                      
  • محمد بولمان، منطلقات لقراءة المستجدات مؤسسة التقييد الاحتياطي، من موقع الالكتروني :www.kalamkom.com
  • حسن فتوح. التقييد الاحتياطي وعلاقته بالحجوزات،
  • أمر استعجالي .عدد 272 الصادر بتاريخ 21-08-1984 الرباط      
  • حسن فتوح . التقييد الاحتياطي وعلاقته بالحجوزات، ص 348
  • الحسن بويقين، حول التقييد الاحتياطي و الحجز التحفظي على عقار محفظ، منشور بمجلة الإشعاع عدد : 12
 
الهوامش
[1] المختار بن احمد عطار، التحفيظ العقاري على ضوء القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط     الأولى، 2007 ص: 132 .
[2] محمد ألقدوري، إشكالات المثارة بشان التقييدات والتشطيبات على الرسوم القضائية، مجلة الحقوق المغربية  سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية الإصدار الثالث، ص 97
[3]جاء في الفصلين :
  الفصل 66: " كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم     التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية , لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا   التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة.
  الفصل 67:" إن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أوالإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، دون    الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم.
[4]  محمد بوعزاية، الضمانات القانونية في الحقوق العقارية، الجزء الأول التقييد الاحتياطي،
 
[5] محمد بن الحاج السلمي، التقييد الاحتياطي في التشريع المغربي، دار القلم 2002، ص 35
[6] يجب أن نميز بين التسجيل و التقييد فالأول يهدف إلى تأسيس حق عقاري و يتميز بالديمومة أما الثاني فهو  إجراء بياني يرد على الرسم عقاري لتقييد حق لاحق بصفة مؤقتة.
   إدريس سماحي، القانون المدني، الحقوق العينية و نظام التحفيظ العقاري، مطبعة فضالة امبراز مكناس 2003،    ص 293
[7] مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية، ص 126
[8] محمد خيري، قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة دار المعارف الجديدة الرباط 2010434
[9] حسين عبد اللطيف حمدان، أحكام الشهر العيني، الدر الجامعية بروث، ص 16-17
[10] عبد الرحمان حموش، التقييدات المؤقتة في التشريع المغربي، رسالة نيل دبلوم الدراسات المعمقة، مراكش          2002 -2003 .ص 34
[11] قرار محكمة الاستئناف، صادر بتاريخ 1934
[12]   تقرير الأستاذ ماسغلني، حول إشهار الحقوق العينية، الذي ألقاه أمام اللجنة البرلمانية، أورده  محمد بن الحاج            السلمي ، مرجع سابق، ص 58
[13]  محمد بن الحاج السلمي ، مرجع سابق، ص60 ومابعدها
[14]  نعيمة بن سليمان و عبد الرحيم بالختاني , التقييد الاحتياطي لإنشاء الحقوق , بحث لنيل شهادة الإجازة           مسلك القانون الخاص أسفي 2010-2011
[15]  ينص الفصل 85 من قانون 14.07: على :" يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا       للاحتفاظ به مؤقتا.يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري إما:
     بناء على سند يثبت حقا على عقار ويتعذر على المحافظ تقييده على حالته؛
     بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها؛
     بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
     إن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به.
     تبقى التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص."
 
[16] محمد خيري، مرجع سابق، ص 459
[17] مقال بعنوان:
     العربي محمد مياد، مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء القانون رقم 07. 14 المغير والمتمم لقانون التحفيظ
 
[18]قرار محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 23-4-1990 تحت عدد 971 في الملف المدني عدد 3510 89         منشور بمجلة المحامي عدد 19 ص 263 وما بعدها
[19] للتوسع:
    محمد بن أحمد أبو نبات، قوانين التحفيظ و التسجيل و التجزئة العقارية،  منشورات كلية العلوم القانونية      و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش، سلسلة الكتب 1997، ص 57-58-59
[20]محمد ابن الحاج السلمي، مرجع سابق، ص 182
[21]  محمد العربي مياد، نفس المرجع السابق
[22]محمد المهدي الجم، التحفيظ العقاري في المغرب، مطبوعات دار الثقافة للنشر و التوزيع الدار البيضاء، الطبعة 2. 1985. ص 226
[23]محمد الحاج السلمي، مرجع سابق، ص : 77
[24] قرار محكمة النقض، عدد 28 بتاريخ  04.01.1989، في الملف عدد 2232
[25] قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 17 .06.1987 عدد 1401 في ملف مدني عدد 9921
    اورده: محمد  بالفقير،ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي، مطبعة النجاح الجديدة الداربيضاء 2013، ص 165
[26]محمد بولمان، منطلقات لقراءة المستجدات مؤسسة التقييد الاحتياطي، من موقع الالكتروني :www.kalamkom.com
[27]  حسن فتوح . التقييد الاحتياطي وعلاقته بالحجوزات، ص 348
[28]  أمر استعجالي .عدد 272 الصادر بتاريخ 21-08-1984 الرباط       
[29]  حسن فتوح . التقييد الاحتياطي وعلاقته بالحجوزات، ص 348
[30]  الحسن بويقين، حول التقييد الاحتياطي و الحجز التحفظي على عقار محفظ، منشور بمجلة الإشعاع عدد : 12           ص41 –
[31] محمد الحاج السلمي، مرجع سابق، ص : 210




الاثنين 16 ديسمبر 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter