يفاد من الأمر موضوع التعليق أن قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بالرباط قضى في الملف الاستعجالي عدد 1664 / 1101 / 2014 بالأمر بإيقاف أشغال الأجهزة المنتخبة بالجمع العام العادي الثاني لنادي قضاة المغرب المنعقد بتاريخ 18 /10 / 2014 إلى حين البت في الدعوى الجارية أمام قضاء الموضوع الرامية إلى بطلانه وتحميل جهة الطلب الصائر و بتنفيذ الأمر الاستعجالي الصادر على الأصل.
أولا: الوقائع بإيجاز:
تقدم أربعة من أعضاء نادي قضاة المغرب بطلب استعجالي إلى السيد رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط يرمي إلى إيقاف الأجهزة المنتخبة بالجمع العام العادي الثاني لنادي قضاة المغرب المنعقد بتاريخ 18/10/2014 إلى حين البت في الدعوى الجارية أمام قضاء الموضوع الرامية إلى بطلانه ؛ مؤسسين طعنهم على عدم احترام ضوابط النصاب القانوني لصحة الجمع العام المؤدية لبطلانه وهو ما أدى إلى رفعهم دعوى في الموضوع تروم بطلان الجمع المذكور، وتفاديا لاتخاذ قرارات أو بيانات أو بلاغات من لدن أجهزته المنتخبة قد تؤثر سلبا على حقوق المنخرطين؛ التمسوا ايقاف أنشطة الأجهزة المنتخبة.
أجاب ممثل جمعية نادي قضاة المغرب أن الجمع العام انعقد وفقا للضوابط القانونية المنظمة لانعقاده،وأن مناقشة الأسس المعتمدة من طرف جهة الادعاء من شأنه المساس بجوهر النزاع .
وبعد تبادل المذكرات صدر الأمر موضوع الطعن .
ثانيا: ملخص التعليل المعتمد من قبل الأمر موضوع التعليق:
تضمن تعليل الأمر المذكور العلل التالية :
"وحيث بالرجوع إلى ظاهر محضر المعاينة المحرر بتاريخ 11/11/2014 والمقتبس من الموقع الرسمي لنادي قضاة المغرب على الشبكة العنكبوتية يتضح أنه جاء في بيان المكتب التنفيذي للنادي المؤرخ في 19/10/2014 بأن الجمع العام حضره 564 قاضية وقاض عن محاكم المملكة ،وأنه احترم كل مواد القانون الأساسي لا سيما ما تعلق منها بتحديد حالات التنافي في العضوية داخل النادي وحالات فقدها وصوت على صحة وقانونية انعقاده 550 صوتا مقابل عشرة أصوات .
وحيث إنه بالرجوع إلى اللائحة المستدل بها من طرف جهة الادعاء بأن عدد القضاة والقاضيات المنضويين تحت لواء جمعية نادي قضاة المغرب يبلغ 1343 عضوا منخرطا.
وحيث إن المادة 23 من القانون الأساسي لجمعية نادي قضاة المغرب ،تنص على ما يلي:يكون انعقاد الجمع العام لاجتماعاته العادية أو الاستثنائية صحيحا،إذا حضره على الأقل نصف عدد الأعضاء المنخرطين بالنادي.
إذا لم يتوافر هذا النصاب القانوني في اجتماعات الجمع العام ،ينعقد بعد خمسة عشر يوما بأي عدد من الأعضاء المنخرطين الحاضرين "
وحيث إن الحاضرين للجمع العام البالغ عددهم 564 منخرطا لا يشكلون النصاب القانوني المحدد على الأقل في نصف عدد الأعضاء المنخرطين المحدد في 1343 عضوا ،علما بأنه على ضوء اجتماع المكتب التنفيذي للنادي بتاريخ 16/11/2013 تم توجيه كتاب إلى السادة رؤساء المكاتب الجهوية بتاريخ 25/12/2013 بتحيين لائحة المنخرطين بالمكاتب الجهوية.
.....
.....
وحيث إنه للأسباب التي تم بسطها أعلاه وتفاديا لصدور قرارات عن الأجهزة الجديدة للنادي قد يصعب أو يستحيل تدارك آثارها ،تكون جهة الادعاء محقة في الحماية القانونية العاجلة التي يوفرها تدخل قضاء الاستعجال والتي لا تتحقق من اتباع الإجراءات العادية للتقاضي ،الأمر الذي يجعل الاختصاص ينعقد لهذا الأخير لاتخاذ التدبير اللازم لإيقاف أشغال الأجهزة المنتخبة عن الجمع العام المنعقد بتاريخ إلى حين الفصل في الدعوى الرائجة أمام قضاء الموضوع سندا للفصل 152 من ق.م.م الذي جاء فيه "لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر .
وحيث إن الأوامر الاستعجالية إذا كانت مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون سندا للفصل 153 من ق.م.م فإن طبيعة الدعوى الاستعجالية الراهنة وما تقتضي من غل سلطة الأجهزة المنتخبة على وجه الاستعجال تبرر تنفيذ الأمر الصادر على الأصل"
ثالثا: نص التعليق على الأمر:
ستقتصر دراستنا على الخروقات الشكلية لمقال الدعوى:
1 ـ حول انعدام صفة الطاعنين:
تعتبر الصفة من النظام العام؛ إذ تثيرها المحكمة تلقائيا؛ واعتبارا لكون الصفة في الطعن الانتخابي تقضي أن يكون الطاعن قد قدم ترشحه للأجهزة المطعون في انتخابها، وأمام عدم إثبات الطاعنين كونهم تقدموا ترشيحهم وفق المفصل أعلاه فإن طعنهم يكون غير مقبول؛ وفق ما سار عليه قضاء محكمة النقض؛ معللة في إحدى قراراتها بـ :
"إذا كانت الصفة تكون مواكبة للمصلحة في المادة الانتخابية ومندرجة في إطارها ، وإذا كان الفصل 70 من مدونة الانتخابات يخول الطعن لكل من له مصلحة في ذلك فإن المصلحة تقتضي بالدرجة الأولى أن يكون الطاعن مرشحا سواء للانتخابات الجماعية أو لانتخاب أعضاء المكتب الجماعي حتى يمكنه أن يطعن في صحة وسلامة الانتخاب".
(قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 1514 بتاريخ 20/11/1997 ملف إداري 1588/5/97) .
2 ـ حول عدم توجيه الدعوى ضد من يجب (انعدام صفة المطعون ضدها):
بالرجوع إلى مقال الدعوى يتبين أن المدعين وجهوا دعواهم ضد جمعية نادي قضاة المغرب التي هم أعضاء منخرطين بها، بدل توجيهها ضد الأجهزة المنتخبة في الجمع العام ليوم 18/10/2014 ؛ مما يجعل الدعوى غير موجهة ضد من يجب .
ونشير إلى أن دعوى المنازعة الانتخابية هي دعوى موضوعية توجه ضد إجراءات الغاية منها التحقق من سلامة العمليات الانتخابية ؛ وهو ما أكده المجلس الأعلى (حاليا محكمة النقض) في القرارات التالية:
ـــ جاء في قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى(حاليا محكمة النقض) عدد 1689 بتاريخ 11/12/1997 ملف إداري 1709/5/1/97 :" وحيث إن النزاعات الانتخابية يجب أن تنصب على المقررات الصادرة عن مكاتب التصويت " .
ـ وجاء في قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 160بتاريخ 25/2/2004 في الملف إداري 26/4/2/2004: "وحيث إن الطاعن لم يقدم طعنه ضد الأجهزة حتى يمكن الطعن في نتيجة الانتخابات ".
ـــ وهو حال القرارات التالية:
ـ (قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 1337 بتاريخ 1/10/1997 ملف إداري عدد 1455/5/1/97).
ـ (قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 1264 بتاريخ 24/9/1997 ملف إداري عدد 1348/5/1/97).
وإذا ثبت ما سبق؛ واعتبارا لكون صفة أطراف الدعوى من النظام العام وفق السالف ذكره؛ فإن الدعوى تكون غير مقبولة على الحالة ؛ وهو ما لم يثره الحكم موضوع التعليق .
3- حول خرق الفصل 295 من ق.م.م لتوفر إحدى شروط التجريح في قاضي المستعجلات المصدر للحكم:
بالرجوع إلى وثائق الملف سيما اللائحة التي ناقشها الحكم المطعون فيه واعتمدها ضمن حيثياته يتبين أن اسم قاضي المستعجلات مصدر الحكم موجود ضمنها كمنخرط بالجمعية المدعى عليها؛ فكان يتعين عليه أن يجرح نفسه طبقا للفصل 295 من ق م م لوجود مصلحة شخصية في المنازعة .
ولما بت القاضي رغم علمه بوجود التجريح؛ ودون أن يتخلى تلقائيا عن البت في المنازعة فان الأمر الاستعجالي يكون ماسا بالحياد وقواعد العدالة؛ مما يجعله معرضا فقط لهذا السبب للبطلان.
4 ـ تجاوز الحكم لطلبات الأطراف:
ويتجلى تجاوز الأمر الاستعجالي موضوع التعليق طلب الطاعنين في كونه قضى بالتنفيذ على الأصل دون أن يطلب منه ذلك؛ مما يجعله قد بت في أكثر ما طلب .
ومعلوم أن "التنفيذ على الأصل" كمؤسسة قانونية يؤمر به حالة الاستعجال القصوى لما يتطلبه رقن الأمر وفتح ملف تبليغي وبعده ملف تنفيذي من وقت قد تندثر معه المصلحة أو يزول معه الخطر أو الأمر الحال ؛ فينفذ الأمر على الأصل دون تحريره؛ سيما إذا أمر بها أيام العطل .
حاولت بما يسمح المقام من إيجاز التطرق لبعض الخروقات الشكلية التي اعترت الأمر موضوع التعليق؛ محاولا النبش فيما يشكل خرقا للمبادئ العامة للتقاضي عموما والتقاضي الانتخابي بشكل خاص؛ وهادفا من وراء ذلك تجويد العمل القضائي؛ من أجل توفير الأمن القضائي للمتقاضي؛ خاصة في مجال قرين الدفاع عن الحقوق والحريات وهو المجال الجمعوي .