تجدر الإشارة في البداية إلى أن الهدف الذي توخاه المشرع الدستوري من إقرار الحق في تقديم الملتمسات والحق في تقديم العرائض ومجموعة من الحقوق الأخرى، هو توسيع مجال المشاركة المواطنة في مسارات القرارات والسياسات العمومية، وذلك بغية جعل تدبير الشأن العام قضية مجتمع وليس فقط اختصاص سلطات منتخبة أو معينة.
والدليل على ذلك هو أن المقتضيات المتعلقة بحقوق الإنسان وبالديمقراطية التشاركية، تشكل حيزا مهما من دستور 2011. وقد أحال المشرع الدستوري فيما يتعلق بتنظيم هذه الحقوق على مجموعة من القوانين التنظيمية والقوانين العادية.
ومن بين القوانين التنظيمية التي أحال عليها المشرع الدستوري، القانون التنظيمي المتعلق بالحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع وذلك طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 14 من الدستور.
وبهدف وضع مقتضيات هذا القانون، نظمت الحكومة في شخص الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، حوارا عموميا موسعا، أطلق عليه الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة. وقد استغرق هذا الحوار قرابة سنة من الزمن، وتم في إطاره التوصل إلى الاتفاق حول مجموعة من المسودات القانونية المتعلقة بمجموعة من الحقوق الدستورية التي تندرج أو ترتبط بمجال الديمقراطية التشاركية.
وبناءا على مضامين تلك المسودات عملت الحكومة على صياغة مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالملتمسات وبالعرائض. وقد أثارت هذه المشاريع مجموعة من الملاحظات والانتقادات حتى من داخل الحكومة، ولهذا تم سحب المشاريع التي أعدت في عهد الوزير السابق الحبيب الشوباني، وتم وضع مشاريع جديدة هي الآن موضوع نقاش في إطار البرلمان بعدما تمت المصادقة عليها في المجلس الحكومي والمجلس الوزاري.
وبناءا على ما تضمنه مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالملتمسات في مجال التشريع، يمكن القول بأن هذا المشروع يقيد ممارسة هذا الحق أكثر مما يعمل على تنظيمه وتيسير ممارسته. كما يتبين بأن هذا المشروع لا يراعي روح وسياق دستور 2011، ولا يستفيد مما راكمته دول أخرى من تجارب وممارسات فضلى في إطار القانون المقارن.
وعموما يمكن الإدلاء بالملاحظات التالية:
لا يتضمن هذا المشروع ديباجة تبين وتحدد المرتكزات المعتمد عليها في إعداد مقتضياته، والتي تتجلى أساسا في مضامين دستور 2011 وفي الخطب الملكية، وفي مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان وخصوصا منه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ربط الحق في تقديم الملتمسات بشرط التسجيل في اللوائح الانتخابية (المادة الثانية)، يقيد ممارسة هذا الحق. ويتناقض هذا الشرط مع الهدف من إقرار هذا الحق والذي يتجلى أساسا في ضمان إشراك أكبر عدد ممكن من المواطنات والمواطنين في تدبير الشأن العام وضمان انخراطهم الايجابي والواعي في مسار القرارات والسياسات العمومية.
ربط ممارسة هذا الحق بضرورة انتساب لجنة تقديم الملتمس إلى ثلث عدد جهات المملكة على الأقل (المادة الثانية) من شأنه أن يمنع المغاربة المقيمين بالخارج من ممارسة هذا الحق الدستوري وذلك بالنظر لتواجدهم خارج التراب الوطني، وبالتالي من الضروري العمل على تيسير ممارسته لهذا الحق.
في المادة الثالثة من هذا المشروع يجب الإشارة بشكل صريح لمقتضيات الفصل 71 من الدستور والذي يحدد أهم اختصاصات البرلمان في مجال التشريع.
في المادة الرابعة يستحسن الإشارة فيما يتعلق بالاستثناءات، لمقتضيات الفصل 175 من الدستور والتي تحدد المقتضيات الدستورية غير القابلة للمراجعة.
في المادة الخامسة ينبغي تحديد مفهوم المصلحة العامة وذلك تفاديا للتفسير والتأويل الذي يمكن أن تتعرض له والذي قد يشكل أساسا لتقييد ممارسة الحق في تقديم الملتمسات، ولهذا يستحسن النص مثلا على النص على أن يكون الهدف من الملتمس هو وضع قاعدة عامة ومجردة تدخل ضمن مجال القانون.
في المادة الخامسة، يجب النص أيضا على لغة تحرير الملتمس، ومن الضروري احترام مقتضيات الفصل 5 من الدستور في هذا الخصوص والذي ينص على اللغتين العربية والأمازيغية كلغتين رسميتين للمملكة المغربية.
المادة السابعة تشترط أن تكون لائحة دعم الملتمس موقعة من قبل 25000 من مدعمي الملتمس على الأقل, وهذا الشرط يعتبر شرطا تعجيزيا، ولهذا ينبغي النقص من عدد التوقيعات المطلوبة، ويستحسن الاكتفاء بشرط 6000 توقيع على الأقل.
في المادة التاسعة، ينبغي النص على إمكانية تدارك النقص الحاصل في الوثائق أو التوقيعات أو الشروط، وذلك بإعطاء مهلة زمنية معقولة لأصحاب الملتمس لتصحيح وتدارك النقائص وذلك قبل الرفض الشكلي للملتمس، ومن شأن هذا الأمر ضمان عدم ضياع الجهد الكبير الذي قام به أصحاب ومدعمو الملتمس.
في المادة التاسعة ينبغي تقليص مدة البث من قبل مكتب المجلس المعني في الملتمس المودع لديه، ولذلك ينبغي النص على مدة 15 يوما على الأكثر عوض ستين يوما من تاريخ إيداع الملتمس.
يبغي النص في المادة التاسعة أيضا على ضرورة تعليل قرار رفض الملتمس وذلك ضمانا للحق في الحصول على المعلومة التي كانت سببا في الرفض.
وإضافة لمجموع هذه الملاحظات والاقتراحات السابقة، نسجل غياب النص على بعض التدابير الهامة جدا ، والتي من شأنها تيسير ممارسة هذا الحق، ونذكر منها ما يلي:
وجوب النص على إمكانية اعتماد التوقيع الالكتروني، مع اتخاذ التدابير اللوجستيكية والتقنية اللازمة لضمان إعمال التوقيع الالكتروني، أو إحداث موقع الكتروني رسمي خاص بالتوقيع الالكتروني.
وجوب النص على حق الدعم العمومي لفائدة لجنة تقديم الملتمس، وهذا الدعم يجب أن يتضمن الدعم المادي وأيضا الدعم اللوجستيكي. فالديمقراطية ليس لها ثمن ولكن لها كلفة.
وجوب النص على حماية مقدمي الملتمسات من جميع أنواع التضييق التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء أو بعد تقديم الملتمس.
وجوب النص على دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ مباشرة بعد نشره بالجريدة الرسمية.
ومن خلال مختلف هذه الملاحظات و المقترحات، يمكن تيسير ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع. فدور المشرع هو تنظيم وتبسيط ممارسة الحقوق، وليس تقييدها أو وضع شروط مسطرية تعجيزية تحول دون ممارستها.
كما أن سياق ومقتضيات وروح دستور 2011، تتطلب عدم إثقال مسالك المشاركة المواطنة بضوابط شكلية ومسطرية قد تفرغ هذه الحقوق من محتواها وقد تحول دون ممارستها.
والدليل على ذلك هو أن المقتضيات المتعلقة بحقوق الإنسان وبالديمقراطية التشاركية، تشكل حيزا مهما من دستور 2011. وقد أحال المشرع الدستوري فيما يتعلق بتنظيم هذه الحقوق على مجموعة من القوانين التنظيمية والقوانين العادية.
ومن بين القوانين التنظيمية التي أحال عليها المشرع الدستوري، القانون التنظيمي المتعلق بالحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع وذلك طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 14 من الدستور.
وبهدف وضع مقتضيات هذا القانون، نظمت الحكومة في شخص الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، حوارا عموميا موسعا، أطلق عليه الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة. وقد استغرق هذا الحوار قرابة سنة من الزمن، وتم في إطاره التوصل إلى الاتفاق حول مجموعة من المسودات القانونية المتعلقة بمجموعة من الحقوق الدستورية التي تندرج أو ترتبط بمجال الديمقراطية التشاركية.
وبناءا على مضامين تلك المسودات عملت الحكومة على صياغة مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالملتمسات وبالعرائض. وقد أثارت هذه المشاريع مجموعة من الملاحظات والانتقادات حتى من داخل الحكومة، ولهذا تم سحب المشاريع التي أعدت في عهد الوزير السابق الحبيب الشوباني، وتم وضع مشاريع جديدة هي الآن موضوع نقاش في إطار البرلمان بعدما تمت المصادقة عليها في المجلس الحكومي والمجلس الوزاري.
وبناءا على ما تضمنه مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالملتمسات في مجال التشريع، يمكن القول بأن هذا المشروع يقيد ممارسة هذا الحق أكثر مما يعمل على تنظيمه وتيسير ممارسته. كما يتبين بأن هذا المشروع لا يراعي روح وسياق دستور 2011، ولا يستفيد مما راكمته دول أخرى من تجارب وممارسات فضلى في إطار القانون المقارن.
وعموما يمكن الإدلاء بالملاحظات التالية:
لا يتضمن هذا المشروع ديباجة تبين وتحدد المرتكزات المعتمد عليها في إعداد مقتضياته، والتي تتجلى أساسا في مضامين دستور 2011 وفي الخطب الملكية، وفي مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان وخصوصا منه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ربط الحق في تقديم الملتمسات بشرط التسجيل في اللوائح الانتخابية (المادة الثانية)، يقيد ممارسة هذا الحق. ويتناقض هذا الشرط مع الهدف من إقرار هذا الحق والذي يتجلى أساسا في ضمان إشراك أكبر عدد ممكن من المواطنات والمواطنين في تدبير الشأن العام وضمان انخراطهم الايجابي والواعي في مسار القرارات والسياسات العمومية.
ربط ممارسة هذا الحق بضرورة انتساب لجنة تقديم الملتمس إلى ثلث عدد جهات المملكة على الأقل (المادة الثانية) من شأنه أن يمنع المغاربة المقيمين بالخارج من ممارسة هذا الحق الدستوري وذلك بالنظر لتواجدهم خارج التراب الوطني، وبالتالي من الضروري العمل على تيسير ممارسته لهذا الحق.
في المادة الثالثة من هذا المشروع يجب الإشارة بشكل صريح لمقتضيات الفصل 71 من الدستور والذي يحدد أهم اختصاصات البرلمان في مجال التشريع.
في المادة الرابعة يستحسن الإشارة فيما يتعلق بالاستثناءات، لمقتضيات الفصل 175 من الدستور والتي تحدد المقتضيات الدستورية غير القابلة للمراجعة.
في المادة الخامسة ينبغي تحديد مفهوم المصلحة العامة وذلك تفاديا للتفسير والتأويل الذي يمكن أن تتعرض له والذي قد يشكل أساسا لتقييد ممارسة الحق في تقديم الملتمسات، ولهذا يستحسن النص مثلا على النص على أن يكون الهدف من الملتمس هو وضع قاعدة عامة ومجردة تدخل ضمن مجال القانون.
في المادة الخامسة، يجب النص أيضا على لغة تحرير الملتمس، ومن الضروري احترام مقتضيات الفصل 5 من الدستور في هذا الخصوص والذي ينص على اللغتين العربية والأمازيغية كلغتين رسميتين للمملكة المغربية.
المادة السابعة تشترط أن تكون لائحة دعم الملتمس موقعة من قبل 25000 من مدعمي الملتمس على الأقل, وهذا الشرط يعتبر شرطا تعجيزيا، ولهذا ينبغي النقص من عدد التوقيعات المطلوبة، ويستحسن الاكتفاء بشرط 6000 توقيع على الأقل.
في المادة التاسعة، ينبغي النص على إمكانية تدارك النقص الحاصل في الوثائق أو التوقيعات أو الشروط، وذلك بإعطاء مهلة زمنية معقولة لأصحاب الملتمس لتصحيح وتدارك النقائص وذلك قبل الرفض الشكلي للملتمس، ومن شأن هذا الأمر ضمان عدم ضياع الجهد الكبير الذي قام به أصحاب ومدعمو الملتمس.
في المادة التاسعة ينبغي تقليص مدة البث من قبل مكتب المجلس المعني في الملتمس المودع لديه، ولذلك ينبغي النص على مدة 15 يوما على الأكثر عوض ستين يوما من تاريخ إيداع الملتمس.
يبغي النص في المادة التاسعة أيضا على ضرورة تعليل قرار رفض الملتمس وذلك ضمانا للحق في الحصول على المعلومة التي كانت سببا في الرفض.
وإضافة لمجموع هذه الملاحظات والاقتراحات السابقة، نسجل غياب النص على بعض التدابير الهامة جدا ، والتي من شأنها تيسير ممارسة هذا الحق، ونذكر منها ما يلي:
وجوب النص على إمكانية اعتماد التوقيع الالكتروني، مع اتخاذ التدابير اللوجستيكية والتقنية اللازمة لضمان إعمال التوقيع الالكتروني، أو إحداث موقع الكتروني رسمي خاص بالتوقيع الالكتروني.
وجوب النص على حق الدعم العمومي لفائدة لجنة تقديم الملتمس، وهذا الدعم يجب أن يتضمن الدعم المادي وأيضا الدعم اللوجستيكي. فالديمقراطية ليس لها ثمن ولكن لها كلفة.
وجوب النص على حماية مقدمي الملتمسات من جميع أنواع التضييق التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء أو بعد تقديم الملتمس.
وجوب النص على دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ مباشرة بعد نشره بالجريدة الرسمية.
ومن خلال مختلف هذه الملاحظات و المقترحات، يمكن تيسير ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع. فدور المشرع هو تنظيم وتبسيط ممارسة الحقوق، وليس تقييدها أو وضع شروط مسطرية تعجيزية تحول دون ممارستها.
كما أن سياق ومقتضيات وروح دستور 2011، تتطلب عدم إثقال مسالك المشاركة المواطنة بضوابط شكلية ومسطرية قد تفرغ هذه الحقوق من محتواها وقد تحول دون ممارستها.