MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




كثــر الحديــــث عــــن المــــرأة

     

الأستاذ يوسف مرصود
محامي
بهيئة الدار البيضاء






بادئ ذي بدء أشير إلى أن وجهة النظر التي انأ بصدد تحريرها تتعلق فقط بالمرأة المغربية، فكلما اقترب 8 مارس أو حل أجله أو ولى ببعض الأيام إلا كثر الحديث عن المرأة، بين مطالب بتمتيعها بحقوقها الكاملة، ومناد بمساواتها بالرجل، ومصر على أن يبلغ حد المساواة كل ما يتعلق بالميراث.
 
  وهذا يطالب بتمثيلية المرأة في جميع المناصب ومواقع المسؤولية، وآخر يحث على التمسك بنظام" الكوتا  " من اجل تمكين المرأة من تواجدها بقلة ولو إلى حين.
 
  لعمري إن موضوع المرأة أصبح موضوع من لا موضوع له، وحديث من لا حديث له وقضية من لا قضية له.
 
  لعمري أننا نتحسس النفاق والكذب باديا في أعين بعض المطالبين والمرافعين عن قضية المرأة. 
 
   لعمري أنهم يشغلون قضية المرأة لأغراض شخصية وانتخابية، ويلعبونها ورقة لتحقيق ما تتأبطه أنفسهم الخبيثة.
 
   بل إن المشرع نفسه واستجابة لهؤلاء وأولئك يصنع ويحاول صنع بعض من القوانين المطلعة بحماية حقوق المرأة وتنظيم قضايا الأنثى، ليس إيمانا منه في اغلب الأحيان  بأحقيتها بذلك، لكن إرضاء للمنظم الدولي بجميع مكوناته خصوصا الفاعلين فيه مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبنك النقد الدولي وهو المصادق على مجموعة من المواثيق الدولية في مجال المرأة.
 
   وتبقى أخر صيحة في مجال المرأة هو مشروع القانون 13/103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الصادر عن وزارة التضامن والمرأة  والأسرة والتنمية الاجتماعية، هذا المشروع الذي ما أن ظهر حتى اختفى، وما إن ذاع صيته إلا وأخرست الألسنة التي كانت تلوك بالحديث عنه.
 
   هذا المشروع الذي ولد وبه عدة تشوهات خلقية، يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وما أن تطلع على مضامنيه حتى تجده يتحدث أيضا عن الطفل، أي كان الأجدر إن يسمى مشروع قانون يتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة والطفل، ثم إن نصوصه تتعلق فقط بتعديلات على القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، وبالتالي فهو ليس بقانون قائم الذات بنفسه وهو ما يكشف الأزمة المهولة التي تعرفها صناعة التشريع في هذه البلاد، وأيضا يكشف عن سياسة الترقيع والتسرع لإسكات الأفواه إرضاءا للآخرين عبر قوانين مشوهة موضوعا وبارز عنوانها للعيان، يخفى ما تتضمنه من أعطاب، ويعري على أننا نهتم فقط بالقشرة ولا نأبه للب والموضوع، فهذه الفقرة الأولى من الفصل 19 من الدستور المغربي الجديد نصت على مايلي:
 
" يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور أو في مقتضيات أخرى، وكذا في الاتفاقيات المواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"
 

 فلماذا كل هذا اللغط والسخط، اتركوا لفظة رجل وامرأة وتحدثوا عن الإنسان وكفى متاجرة بقضية المرأة. 
  فالأصل أصلا أن المرأة والرجل متساويان في كل شيء إلا ما حرم بنص ثابت مقدس لا يدخله الشك لا من بين يديه ولا من أمامه أو من خلفه.
 
  وإنه لضمن القوانين أو المشاريع أو المقترحات التي يتشدقون علينا بها ما نجد فيه ما لا ينفع المرأة بشيء ويحط من قيمتها، بقدر ما ينفع المتاجرة بقضيتها.
 
  ونضرب نظام " الكوتا " مثلا، والكوتا هي نظام يفرض حصصا معينة للمرأة في المجالس التشريعية أو سواها بما يسمح لها من الحضور والتواجد على أساس أنها امرأة.
 
   وإذا ما بحثنا في تاريخ "الكوتا" منذ أول ظهور له وكان يصطلح عله بالإجراء الايجابي حيث أطلق لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة تعويض الجماعات المحرومة إما من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص، وقد كان في الأصل نابعا عن حركة الحقوق المدنية ويتصل بالأقلية السوداء، ثم تعدى ذلك إلى الحركة الطلابية عبر إلزام بعض الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها الذين ينتمون إلى أقليات أثنية، ثم ظهرت الحركات النسائية، وهكذا وبالتالي فان نظام الكوتا نشأ ليعالج مشكلة اجتماعية خاصة بالفئات المهضومة أو المضطهدة أو المهمشة داخل نظام عنصري.
 
  وهنا نتساءل هل المرأة أقلية مهمشة حتى تعامل بنظام "الكوتا" مثلا.
 
   وإذا ما تأملنا في نظام "الكوتا" الآن نجد انه لا يتوافق البتة مع المبادئ الدستورية القائمة على المساواة بين الرجل والمرأة.
 
  فهذا دستورنا المغربي يتحدث في الفصل 19 بأن الرجل والمرأة متساويان في الحقوق والحريات المدنية والسياسية، ثم تأتي بعض القوانين كذلك المشروع الذي ينظم فئة هامة في المجتمع تتربع على عرش العدالة في الأرض وليس في السماء، وهم القضاة، نجد أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وفي المادة 20 منه ينص على ما يلي:
 
يحدد بقرار للرئيس المنتدب للمجلس :    
- التاريخ الذي تجرى فيه الانتخابات بما لا يقل عن خمسة وأربعين (45) يوما قبل انقضاء مدة ولاية المجلس ؛
- الحد الأدنى لعدد المقاعد المخصصة للنساء القاضيات، من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي بالنسبة لكل هيئة؛

 
  ولا يخفى على احد أن الجسد القضائي يعج بالنساء، لما لا تترك لهن الفرصة لإنتخاب من يرونها أهلا في تقلد المنصب، لما يتم فرضهن فرضا.
 
   وإن لفي ذلك من التناقض الصريح والصارخ بين الواقع والمطالبة والمناداة والمناشدة.
 
  وسأضرب مثلا في مهنتي التي أمتهنها وهي المحاماة في هيئة الدار البيضاء التي انتمي إليها، فلم يحدث قط أن انتخبت امرأة نقبيا، أو كانت تمثيلية المرأة في مجلس الهيئة بقدر مهم ولو ملامسا حصة الثلث، رغم أن عدد المحاميات النساء مهم و وازن داخل الهيئة.
 
  لماذا لا يصوتن النساء على بعضهن لما لا يلتئمن ويتحدن وينتخبن نقبيا امرأة من بينهم، أو نصف أعضاء مجلس الهيئة أو ما يزيد إن رغبن في ذلك، سؤال حيرني فعلا ولم أجد له جواب لحد الآن سوى مايدغدغ مفكرتي بين اللحظة والأخرى أهو حسد النساء وغيرتهن من بني جنسهن، أو ملامستهن لعدم كفاءة بعضهن لتقليد مناصب مسؤولية.
 
   وتجدني أوقوم بقياس هذه الحالة على الواقع العام، لما النساء لا يصوتن على بعضهن لماذا لا يتضامن فيما بينهم لماذا لا يصوتن الناخبات على المنتخبات، ولو شئن لملأن البرلمان بالنساء.
 
   إن الحديث عن حقوق المرأة لا يأتي فيفرضها فرضا بقوة القانون لأنها ليست أقلية مهمشة، بل يأتي ذلك بالتوعية السياسية والحقوقية وإشاعة مسافات اكبر من الحريات والمتنفسات الثقافية والقانونية ليصبح تكافؤ الفرص هو أساس مبدأ المساواة أمام القانون هو ثقافة ولغة الجميع.
 




السبت 22 مارس 2014

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter