من المعلوم أن القانون كائن حي كما يقال ، ينشأ و يعيش و بعد ذلك يموت ، و موت القاعدة القانونية لا يتصور في المنطلق إلا بالإلغاء أو النسخ ، و لذلك فالمشرع على اختلاف توجهاته و المدارس التي يتأثر بها يعمل على وضع قواعد منظمة لمؤسسة الإلغاء ، و لم يكن المشرع المغربي حالة شاذة في هذا الميدان ؛ إذ عم لعلى وضع قواعد تنظم أحكام الإلغاء سواء في القانون المدني أو غيره من القوانين .
و هكذا فإن الناظر في قواعد ظهير الالتزامات و العقود يجد أن المشرع تعرض لفكرة إلغاء القانون في الفصل 474 من القانون المذكور ، و هي الفكرة التي لا نجد لها ذكر في المقتضيات القانونية الجنائية . و لقد كان لعدم الذكر هذا تأثير على الفهم السليم للقاعدة القانونية الجنائية تتضح معالمه في الكثير من الأحكام و القرارات القضائية و كذا في مجموعة من الخطوات التشريعية ذات الطابع الجنائي
و لموضوع الإلغاء الضمني للقانون الجنائي أهمية كبرى و خاصة على مستوى التطبيق القانوني الجنائي ، ذلك أن أي تزحزح في الفهم عن المنطق القانوني السليم من شأنه أن يعصف بحقوق الأفراد ، و لذلك فقد ارتأينا الحديث باقتضاب عن مفهوم الإلغاء الضمني للقانون الجنائي ؛ إيمانا منا بأن القاعدة القانونية الجنائية لها خصوصية عن باقي القواعد القانونية ،و أن تلك الخصوصية تلازمها في كل مظاهرها ، و لا يجوز إلحاقها بباقي أنواع القواعد القانونية .
و إن الإشكال الذي يطرح في هذا الموضوع هو مدى إمكانية استيعاب قواعد القانون الجنائي لفكرة الإلغاء الضمني للأحكام الجنائية ، خاصة و أن سياسة التجريم و العقاب مبنية على قاعدة كونية تتمثل في مبدأ " النصية " أو قاعدة " لا عقوبة و لا جريمة إلا بنص " و هي القاعدة المصطلح عليها بمبدأ الشرعية .
فهل يمكن تصور تدخل المشرع صراحة لإخراج فعل ما من دائرة الإباحة إلى دائرة التجريم احتراما للمبدأ المذكور، و يستنكف عن الالتزام بذات المبدأ عندما يتعلق الأمر برفع الصفة الجنائية عن فعل منصوص على مخالفته للقانون الجنائي و يلوذ بالصمت تعبيرا عن إرادة لابد من حيث الأصل أن تكون صريحة ؟
نفترض أن المشرع الجنائي كما يعمل على إخراج فعل معين من دائرة الإباحة إلى دائرة التجريم صراحة من أجل الوفاء لمبدأ الشرعية ، يجب أن يعمل بنفس الصورة على إزالة الصفة الجنائية للفعل المعين و يخرجه من دائرة التجريم ليعيده لأصله المباح .
و للوقوف على مدى صحة هذا الافتراض نرى أن نتطرق للموضوع وفق الخطة التالية :
المبحث الأول : الإطار النظري لفكرة الإلغاء الضمني في القانون الجنائي
المطلب الأول : ارتباط فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية بمبدأ الشرعية
المطلب الثاني : ارتباط فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية بقاعدة سريان القانون الجنائي في الزمان
المبحث الثاني : تأثير تمثل فكرة الإلغاء الضمني على السياسة التشريعية و القضائية في الميدان الجنائي
المطلب الأول : اضطراب السياسة التشريعية بشأن فكرة الإلغاء في القانون الجنائي
المطلب الثاني : تقييم موقف القضاء من فكرة الإلغاء الضمني للقانون الجنائي
و الخطة التي اقترحناها للبحث في هذا الموضوع ارتأينا فيها المنهج الكفيل ببيان الغرض الذي نتوخاه من رفع للبس في نقطة على غاية من الأهمية رغم بساطتها .
المبحث الأول :
الإطار النظري لفكرة الإلغاء الضمني في القانون الجنائي
يعرف الفقه الإلغاء بكون إزالة قاعدة قانونية كانت سارية المفعول في زمن معين و إحلال قاعدة قانونية محلها تنظم نفس الموضوع الذي كانت تنظمه القاعدة السابقة ، و قد استقر الفقه على هذا التعريف استقرارا حمل المشرع يأخذ بذات المفهوم و هو بصدد تنظيم فكرة الإلغاء كقاعدة قانونية ، إلا أن للفكرة حدودا لم يتم الانتباه لها و خاصة عندما يتعلق الأمر بالقانون الجنائي الذي يعتبر استثناء من القواعد القانونية الجاري بها العمل على اعتبار أنه يتكون من القواعد القانونية التي تمس حريات الأفراد إلى جانب ذممهم المالية متى تعلق الأمر بخرق قاعدة من قواعده .
و هكذا فلما كانت القاعدة القانونية الجنائية تنظم مواضيع لها ارتباط بالأمن و السلم الاجتماعيين ، فإن هذه القواعد يجب أن تكون لها مميزات تميزها عن غيرها من باقي القواعد القانونية الأخرى ، و من تلك المميزات أن القاعدة القانونية الجنائية يحكمها مبدأ " الشرعية " و هو المبدأ الذي يجسد إرادة المشرع على أرض الواقع و الذي بموجبه لا يمكن أن يدرج أي فعل في خانة التجريم إلا بعد التنصيص عليه بنص قانوني و هو ما يطلق عليه أنه " لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص ".
إن هذا المبدأ و غيره من المبادئ هو الذي نظم سواء القواعد العامة أو الخاصة المتعلقة بالتشريع الجنائي و مما قرره ويقرره مسألة إلغاء القانون الجنائي ،و لذلك فقد كان لزاما التساؤل حول ارتباط فكرة الإلغاء الضمني ببعض المبادئ العامة للقانون الجنائي و على رأسها مبدأ الشرعية (المطلب الأول ) و هو نفس الأمر الذي يمكن أن ننظر فيه حول ارتباط هذه الفكرة بقاعدة سريان القانون الجنائي في الزمان ( المطلب الثاني ) .
المطلب الأول
ارتباط فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية بمبدأ الشرعية
من المسلم به أن مجموعة من القواعد القانونية الجنائية محكومة بقواعد عامة أدرجها المشرع مفرزة في مجموعة القانون الجنائي عنونها ب " مبادئ عامة " وشملت الفصول من 1 إلى 12 من نفس القانون .
وهذه القواعد لا تنطبق على أحكام القانون الجنائي بمفهومه الضيق فحسب و لكنها ترتبط بمجموع القواعد القانونية الجنائية سواء أدرجت بمجموعة القانون الجنائي أو بالنصوص الخاصة .
و من القواعد التي تضمنها التشريع الجنائي ما ورد بالفصل 3 من مجموعة القانون الجنائي و الذي جاء فيه أنه : " لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون و لا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون " و كذا ما ورد بالفصل 6 من نفس القانون و الذي جاء فيه أنه : " في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول ، بين تاريخ ارتكاب الجريمة و الحكم النهائي بشأنها ، يتعين تطبيق القانون الأصلح للمتهم" ، و كما هو مفهوم من منطوق الفصلين أن الأول يلخص مضمون مبدأ الشرعية بينما الثاني يتطرق لفكرة سريان القواعد القانونية الجنائية في الزمان ، و لذلك فقد ارتأينا النظر في فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية على ضوء فكرتي النصية و السريان في الزمان .
و من المعلوم أن مبدأ الشرعية يعتبر المؤسسة الأقوى في أي تشريع جنائي و في كل المنظومات القانونية الجنائية ، و هو بذلك يؤسس سواء للقواعد المنظمة للجرائم و العقوبات المقررة لها أو للقواعد التي تحكم القانون الجنائي عموما .
و لذلك فإن المشرع لم يكن ليهم قاعدة مهمة ، مثل قاعدة الإلغاء في القانون الجنائي، و لعله الدافع الذي جعل المشرع بنص على مقتضيات الفصل 6 من مجمعة التشريع الجنائي المغربي ، تلك المقتضيات التي أفاض الفقه في تفسيرها و تدريسها لطلبة القانون ؛ إلا أن تك الإفاضة في نظرنا تبقى عاجزة عن فهم كنه و جوهر تلك القاعدة القانونية .
و على ذلك فأي تحوير لمضمون تلك القاعدة القانونية إنما هو تحوير لجوهر القواعد المؤسسة لفكرة النصية في القانون الجنائي .
إن الفقه عندما يذهب في تفسيره للقاعدة الواردة بالفصل 6 من القانون الجنائي إلى أن المقصود بالقواعد التي تكون سارية بين تاريخ ارتكاب الفعل الجرمي و تاريخ صدور حكم نهائي بشأنه ، هي تلك القواعد القانونية التي تتوالى في الزمان بين تاريخ ارتكاب الفعل الجرمي و تاريخ صدور حكم نهائي بشأنه و التي تكون منظمة لموضوع واحد ، إنما يحصر آثار تلك القاعدة القانونية ، و يجعل فكرة الإلغاء الضمني فكرة مستساغة على اعتبار أن مؤدى التفسير الفقهي يقوم على أن كل قانون جنائي كان في وقت معين يجرم فعلا معينا لابد من هجر العمل به بمجرد صدور قانون جديد ينظم نفس الفعل و بالتالي فإما أن يرجع الفعل المجرم سابقا فعلا مباحا أو فعلا منظما بمقتضى القانون الجديد لا غير ، شريطة أن يكون التوالي في صدور تلك القوانين محصورا في الزمان بين تاريخ صدور القانون بين تاريخ ارتكاب الفعل المجرم و تاريخ صدور الحكم النهائي بشأنه .
لكن المتمعن في ذلك التفسير الفقهي يجد أنه تفسير لا يخلو ن نواقص في الفهم ، و ذلك لاعتبارات موجود في النص ذاته الذب يتم الاعتماد عليه .
فبالرجوع لمقتضيات الفصل المذكور نجد أن المشرع لما اعتمد عبارة " في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول " فإنه يكون بذلك مقرا باحتمال وجود عدة قواعد قانونية جنائية تكون سارية المفعول في آن واحد و تكون متعلقة بنفس الفعل الجرمي ، و مؤدى هذا الفعل أنه يمكن القول أن المشرع الجنائي بنفسه عن القاعدة الواردة بالفصل 474 من قانون الالتزامات و العقود ؛ لسبب بسيط هو إيمانه بأن ما تم تجريمه بالنص الصريح يتعين أن يباح بعد التجريم بنفس الصراحة .
و لعل ما ذهب إليه المشرع في نظرنا صحيح و منسجم مع مبدأ الشرعية ، إذ أنه إذا كان من المتفق عليه أن الأفعال لا تخرج من دائرة الإباحة إلى دائرة التجريم إلا بوجود قاعدة قانونية تقضي بذلك فإن ، إعادتها لدائرة الإباحة يتعين أن تخضع من حيث المبدأ إلى نفس المبدأ ، وأي يتعين صدور نص صريح يقضي برفع الصفة الإجرامية عن الفعل المجرم أو بتغيير العقوبة له مع إلغاء النص القديم الذي كان يتضمن التجريم و العقاب .
و على ذلك فإنه وفق التفسير الفقهي السائد فإنه إذا ما ارتكبت مثلا أفعال بتاريخ 01-01-2000 و كانت تلك الأفعال منظمة بنصوص معينة ،و بوشرت الأبحاث ، مثلا ، بشأنها إلى أن صدر حكم نهائي بشأنها بتاريخ 05-04-2007 و كان أن صدر بين التاريخين قانون جديد أو عدة قوانين جديدة لها عقوبات مختلفة فإن المحكمة تكون ملزمة بتطبيق القانون الأصلح للمتهم على اعتبار أن النص يقضي بذلك ، و هذا التفسير إلى غاية هذا الحد صحيح لكن هل يعني ذلك أن النص الجدي ألغى النص القديم إلغاء ضمنيا أم أننا نكون أمام ضابط آخر في التطبيق ليس هو ضابط الإلغاء الضمني ؟
إن التطبيق السليم للقانون يقضي بأن يطبق القانون الأصلح للمتهم و هو الضابط الذي ينص عليه ذات الفصل الذي لا ينص بأي وجه من الوجوه بالإلغاء الضمني .
و على ذلك فإننا نكون أمام عدة قوانين سارية المفعول في آن واحد لكن نختار منها الأصلح للمتهم في التطبيق ، و هو ما ذهبنا إليه في إعادة قراءة الفصل 6 من القانون الجنائي ، و لنا في القانون نفسه مجموعة من الأمثلة على ما ذهبنا إليه .
فبالرجوع مثلا لمجمعة القانون الجنائي نجد أن المشرع عمل على الإلغاء الصريح للفصول 19 إلى 23 من القانون الجنائي و ذلك وفق ما نصت عليه مقتضيات المادة 756 من قانون المسطرة الجنائية ؛ بينما لم ينهج نفس النهج بالنسبة لمجموعة من الجرائم التي يعتبرها الفقه و القضاء في بعض اتجاهاته ، كما هو الأمر بالنسبة للجرائم المنصوص عليها بالفصل 543 و 544 من القانون الجنائي و التي تعتبر وفق الفهم السائد أنها ملغية بصورة ضمنة وفق ما جاء بمقتضيات الفصل 316من مدونة التجارة ، كما أنه لم ينهج نفس النهج عندما أبقى على مقتضيات الفصل 468 من القانون الجنائي لما أصدر قانون الحالة المدنية و عاقب بموجب المادة 31 منه الأب الذي يتخلف عن تسجيل ابنه بسجلات الحالة المدنية داخل الأجل القانون ، و لم يكتف المشرع بالحالتين المذكورتين و إنما عمد للسير في نفس الساسة التشريعية بمناسبة إعادة تنظيمه لجريمة التفالس في مدونة التجارة ؛و الأمثلة على ذلك كثيرة .
إن إبقاء المشرع المغربي على النصوص القانونية القديمة و عدم الإقدام على إلغائها بصورة صريحة إنما هو تطبيق سليم لمقتضيات الفصل 6 من القانون الجنائي ، و عكس ما يذهب إليه الفقه و القضاء من تفسير مخالف لذلك ، و الدليل على ذلك أن الإلغاء إن لم يكن صريحا فيتعين أن ينصب على موضوع بذاته يستجمع كل الجزئيات وليس على موضع يختلف عن آخر .
و لتوضيح هذه الفكرة نورد مثلا الجرائم المرتبطة بالشيك مثلا ؛ فبالرجوع إلى الفصل 543 من القانون الجنائي نجد أن المشرع ينص على جريمة إصدار شيك بدون رصيد بسوء نية ، بينما في المادة 316 من مدونة التجارة نجده يتحدث عن جريمة مخالفة إلا و هي جريمة عدم توفير مؤونة شيك عند تقديمه للأداء .
و بالتفصيل في الأركان التكوينية لكل جريمة على حدة نجد أن المشرع فعلا قصد عدم إلغاء مقتضيات الفصل 543 من القانون الجنائي لأنها لا تتعلق بنفس الجريمة المنصوص عليها بالمادة 316 من مدونة التجارة للاعتبارات التالية :
أولا : أن وقت تحقق الجريمتين ليس واحد ، فجريمة الفصل 543 تتحقق بمجرد إصدار الشيك بينما جريمة المادة 316 لا تتحقق إلا عند التقديم أمام المؤسسة البنكية التي تتأكد من انعدام المؤونة .
ثانيا : أنه إذا كانت جريمة المادة 316 من مدونة التجارة جريمة شكلية فإن الجريمة المنصوص عليها بالفصل 543 من القانون الجنائي جريمة واجبة الإثبات و بخاصة عنصر سوء النية في الإصدار و هو ما ينتفي في الجريمة الجديدة التي تتحقق بمجرد عدم توفير المؤونة و لو عن طريق الإغفال .
ثالثا : أن عدم العمل بالجريمة المنصوص عليها بالفصل 543 ليس مرده إلى الإلغاء الضمني و لكن إلى الصعوبة في الإثبات بالنسبة للمتضررين ، بينما الإثبات متيسر في جريمة عدم توفير مؤونة شيك عند تقديمه للأداء .
هذا وجه من وجوه وجاهة الرأي الذي ذهبنا إليه من استحالة تطبيق فكرة الإلغاء الضمني في القانون الجنائي مادام أن الأمر يتعلق بجرائم مختلفة سواء في تاريخ تحققها أو في موضوعها أو قواعد إثباتها فكيف يمكن أن نساير الفقه فيما ذهب إليه .
ومثال آخر مرتبط بالجرائم المتعلقة بالشيك أيضا ؛و الأمر هنا يتعلق بالجريمة المنصوص عليها بالفصل 544 من القانون الجنائي و التي تتعلق بإصدار شيك على سبيل الضمان ، فهذه الجريمة لم يتم التنصيص عليها بمقتضيات المادة 316 من مدونة التجارة فكيف يمكن أن نذهب في اتجاه القول بأنها ألغيت بصورة ضمنية لمجرد عدم ذكرها بالمادة المذكورة ؟
إن الجريمة المذكورة بمقتضى الفصل 6 من القانون الجنائي أبقى المشرع عليها ، و لذلك لم يعلن صراحة عن إلغائها ، إذ كيف أن نفس الفصل ( 544 من القانون الجنائي ) كان ينضم أحكام جريمتي إصدار و قبول شيك على سبيل الضمان ، و لما أتي المشرع بالمادة 316 من مدونة التجارة تحدث فقط على الجريمة الثانية دون الأولى ؟
مغزى ذلك أن المشرع اعتمد التقنية ا لتشريعية الواردة في الفصل 6 من القانون الجنائي لما وضع لجريمة قبول شيك على سبيل الضمان عدة قواعد قانونية تسري في نفس الوقت و يتعين في هذه الحالة اختيار القانون الصلح للمتهم ؛ بينما عندما يتعلق الأمر بجريمة إصدار شيك على سبيل الضمان تركها منظمة بموجب الفصل 544 من القانون الجنائي الذي لم يطله أي إلغاء .
و ما قيل على الجرائم التي أخذناها كمثال يقال على باقي الجرائم التي تنظمها نصوص مختلفة، و لو أراد المشرع إلغاءها لألغاها بنص صريح كما جرمها بنص صريح تطبيقا لمبدأ الشرعية .
المطلب الثاني
ارتباط فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية بقاعدة سريان القانون الجنائي في الزمان
بالرجوع إلى الفصل 6 من القانون الجنائي نجده ينص على أنه في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول يطبق القانون الأصلح للمتهم و هذا يعني أن هذه القوانين ليست فقط القوانين التي ترتكب في ظلها الأفعال المجرمة وتلك التي تصدر فيما بعد ارتكاب الفعل الجرمي إلى غاية صدور حكم نهائي ، و إنما المقصود هو ما يكون ساري المفعول من قوانين حتى قبل ارتكاب الفعل الجرمي ، إذ أن تلك القوانين تبقى لها آثارها ولو صدرت قوانين أخرى تنظم نفس المواضيع ما لم ينص المشرع صراحة على الإلغاء .
و لنا في مثال جريمة الشيك أيضا خير دليل ، فبالرجوع لمقتضيات المادة 733 من مدونة التجارة نجدها أنه نصت صراحة على إلغاء الظهير الشريف الصادر في 28 من ذي القعدة 1357 ( 19 يناير 1939 ) الذي يتضمن تشريعا جديدا خاصا بالمدفوعات عن طريق الشيكات ؛ و بالتالي فإنه بالرغم من صدور القانون الجنائي لسنة 1962 و التنصيص فيه جريمة إصدار شيك بدون رصيد ؛ فإن نفس الجريمة التي كانت منصوص عليها بموجب الفصل 70 من ظهير 1939 بقيت سارية المفعول في الزمان و لم تلغ إلا بإلغاء الظهير المنظم لها عموما إلا سنة1996 ،و من ذلك يتضح لنا أن فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية تناقض سريان عدة قواعد قانونية في نفس الوقت كما نص على ذلك القانون الجنائي .
و يتضح منكل ذلك أنه إذا سلمنا بفكرة الإلغاء الضمني في القانون الجنائي فإنه لا مجال للتسليم بوجود عدة قوانين سارية المفعول ، فالمنطق يقتضي أن الإلغاء لا يبقى إلا قاعدة قانونية واحدة سارية المفعول و يلغى ما سواها ، هذا من جهة . و من جهة أخرى فإن وجود قانون واحد ساري المفعول لا يمكننا من فرصة اختيار القانون الأصلح للمتهم ،وبالتالي نكون أمام قاعدة قانونية واحدة هي الواجبة التطبيق.
لكن إذا لم نسلم بفكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية وفق ما يقضي به الفصل 6 من القانون الجنائي فإن فكرة اختيار القانون الأصلح للمتهم تبقى واردة كما يبقى واردا وجود عدة قوانين سارية المفعول في آن واحد ؛ إن فكرة الاختيار بين القوانين من نتائج وجود عدة قوانين سارية المفعول في آن واحد.
و إذا ثبت عندنا أن المشرع قصد عن وعي ما جاء بالفصل 6 من القانون الجنائي من مقتضيات فإننا نلاحظ أن هناك مجموعة من الاضطرابات التشريعية و القضائية تعتبر نتيجة آلية لتمثل فكرة الإلغاء الضمني في القانون الجنائي سواء وجودا أم عدما ،وهو ما سنتطرق له في المبحث الثاني.
المبحث الثاني
تأثير تمثل فكرة الإلغاء الضمني على السياسة التشريعية و القضائية في الميدان الجنائي
من الواضح كما سبق الذكر أن العمل القضائي و الفقهي قد أخذا بفكرة ملتبسة في شأن الإلغاء الضمني للقاعدة القانونية الجنائية ، و تأثير الفقه على العمل القضائي لم يقتصر عند ذلك الحد و لكنه تعداه للتأثير على الصياغة التشريعية في هذا المجال
و حري بنا في هذا المقام أن نتطرق و لو بعجالة لبعض مظاهر اضطراب السياسة التشريعية بشأن فكرة الإلغاء في القانون الجنائي ( المطلب الأول ) من خلال إيراد مجموعة من الأمثلة و النصوص القانونية الدالة على ذلك ، و التي كان لها بليغ الأثر على العمل القضائي الذي أخذ في بعض الحالات بمفهوم الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية مما يستدعي منا تقييم موقف القضاء من فكرة الإلغاء الضمني للقانون الجنائي ( المطلب الثاني ) .
المطلب الأول
اضطراب السياسة التشريعية بشأن فكرة الإلغاء في القانون الجنائي
من المعلوم أن كل نص قانوني أو تشريعي لا تسري أحكامه إلا بالنظر في تاريخ دخوله حيز التنفيذ ، و أن كل قانون جديد إما أن ينص فيه المشرع على قاعدة النسخ أو الإلغاء و بالتالي يحدد الأحكام القانونية التي همها ذلك الإلغاء أو يترك فكرة التحديد تلك للعاملين بالميدان القانونية ليستخلصوا الأحكام القانونية الواجبة التطبيق انطلاقا من مجموعة من المعايير المحددة سلفا في القانون ، كما هو الأمر بالنسبة للفصل 474 من قانون الالتزامات و العقود.
لكن على مستوى النص الجنائي ، فالمشرع نجده دائما ينص على قاعدة الإلغاء أو النسخ إما في بداية النص الجديد ، أو في نهايته ، التزاما منه بإحدى التقنيتين لإبراز إرادته من إنشاء القاعدة القانونية الجنائية الجديدة .
و هكذا فالمشرع قد يورد القاعدة القانونية التي تحدد نطاق الإلغاء إما في بداية النص التشريعي الجديد كما هو الأمر بالنسبة لمقتضيات الفصل 3 من الظهير المتعلق بالمصادقة على القانون رقم 77.339 بتاريخ 09-10-1977 المتعلق بقانون الجمارك و الضرائب غير المباشرة ، و هي المقتضيات التي حدد المشرع القوانين التي لم يعد العمل بها جاريا بمجرد دخول مقتضيات القانون الجديد حيز التنفيذ ، أو قد يودر قاعدة الإلغاء في نهاية القانون الجديد و هي الحالة الغالبة على مختلف القوانين الصادرة ؛ كما هو الأمر بالنسبة للمادة 58 من القانون رقم 03-02 المتعلق بدخول و إقامة الأجانب بالمملكة و بالهجرة غير المشروعة ، أو المادة 756 من قانون المسطرة الجنائية أو المادة 733 من مدونة التجارة أو غيرها من المواد التي ينهي بها المشرع القوانين الجديدة .
و الملاحظ كذلك أنه باستثناء النصوص الجنائية الخالصة ، فإن المقتضيات المتعلقة بالإلغاء تشمل ليس فقط المقتضيات الزجرية و إنما تمتد إلى غيرها من المقتضيات غير الزجرية ، و ذلك في الحالة التي يكون فيها قانون ما يتضمن نوعين من القوانين كما هو الأمر بالنسبة لمدونة التجارة ، التي تتضمن أحكاما تجارية و أخرى جزائية ، و هو الأمر الذي أصبح يتجسد في مجموعة من القوانين الحديثة تطبيقا لقاعدة امتداد القانون الجنائي لحماية القاعدة القانونية ذاتها بغض النظر عن المصالح المنظمة لها
و على هذا المستوى ؛ أي مستوى وجود قوانين تحتوي على نوعين من المقتضيات نجد أن المشرع يستعمل عبارات تكاد تكون موحدة للدلالة على فكرة الإلغاء من غير تمييز بين القاعدة العادية و القاعدة الجنائية في ذات القانون ؛ الأمر الذي يشوش على الفهم السليم لنطاق قاعدة الإلغاء هل يشمل كل المقتضيات المخالفة إعمالا للقاعدة الواردة بالفصل 474 من قانون الالتزامات و العقود مع الأخذ بعين الاعتبار ما يتم ذكره من قوانين صراحة في صلب المقتضى القانوني الجديد القاضي بالإلغاء ، أم أن الأمر يجب أن يستوجب تمييزا بين القاعدة العادية و القانونية الجنائية في ذات القانون .
و هكذا ، فإنه على مستوى اللفظ اللغوي المستعمل من لدن المشرع نجد هذا الأخير يستعمل لفظين غالبين و هو بصدد الحديث على فكرة الإلغاء أو النسخ في القوانين الحديثة ، إما لفظ " و لا سيما " أو لفظ "على الأخص " أو ما يسير في سياقهما ، وهو ما يجعل المشتغلين بالحقل القانوني ينبرون في تفسير دلالة تلك الألفاظ أو العبارات .
فنجد فريقا من الفقهاء و رجال القانون يحملون دلالة تلك الألفاظ على معنى التمثيل ، وبالتالي يفسرون قاعدة الإلغاء على أنها فقط أوردت النصوص المذكورة من باب المثال و ليست المقصودة لوحدها و إنما المقصود كل قاعدة قانونية قديمة تنظم نفس المواضيع التي نظمها القانون الجديد ، و ما لا يدركه هذا الاتجاه أنه يساوي بين القواعد العادية و الأخرى الجنائية .
فإذا كان هذا التفسير يسير و فحوى مقتضيات الفصل 474 من قانون الالتزامات و العقود بالنسبة للشق المتعلق بالمواد غير الزجرية من القوانين الجديدة أو اللاحقة، و التي قد يؤخذ فيها إما بالإلغاء الضمني أو الإلغاء الصريح، فإنه ليس من المعقول الأخذ بنفس القاعدة فيما يتعلق بالقاعدة الجنائية التي تبقى خاضعة لمقتضيات الفصل 6 من مجموعة القانون الجنائي و التي تعتبر قاعدة عامة في الميدان الزجري شأنها شأن القاعدة الواردة في الفصل 474 من قانون الالتزامات و العقود بالنسبة للمقتضيات القانونية غير الزجرية . و بالتالي فالقول بالتسوية بين النوعين من القواعد في تحكيم قاعدة الإلغاء أمر مجانب للصواب و كان لا بد من الأخذ بعين الاعتبار بمبدأ الشرعية على النحو المفصل أعلاه .
و أما الرأي الثاني فهو الذي يميز بين القاعدة الجنائية و القاعدة العادية في نفس القانون و بالتالي يعطي لدلالة العبارات المستعملة من طرف المشرع معنيين:
أولهما أنه إذا تعلق الأمر بالقواعد العادية فإن تلك العبارات ( لا سيما أو على الأخص ...) تأخذ معنى المثال ، و بالتالي فما يرد من نصوص في المواد التي تنظم الإلغاء لم تذكر إلا على سبيل المثال ، و ما ذلك في جوهره إلا تطبيق لمقتضيات الفصل 474 من ق ل ع .
و ثانيهما أنه متى تعلق الأمر بقاعدة جنائية في ذات القانون فإن معنى العبارات المستعملة يحمل على التخصيص ، أي أنه لا يجوز القول بإلغاء أية قاعدة قانونية جنائية أخرى غير تلك التي وردت بالنص الجديد إعمالا لمبدأ الشرعية وفق مدلوله المتعارف عليه و ما يقتضيه ذلك المدلول .
و في نظرنا فهذا الاتجاه الأخير هو الأقرب للصواب إن لم نقل هو عين الصواب على اعتبار أن قواعد القانون الجنائي تعرف باستقلاليها عن باقي القواعد سواء من حيث طبيعتها أو آثارها و بالتالي لا يمكن تسويتها بباقي القواعد الأخرى تحت أية ذريعة أو سبب .
و على ذلك نجد أن مصدر الاختلاف في تفسير دلالة العبارات التشريعية المذكورة هو الصياغة التشريعية ذاتها و التي يتعين أن تتسم بنوع من الدقة و الجودة العالية ، فمتى كانت تلك الصياغة واضحة و دقيقة كانت الدلالات واضحة و الغرض مستوفى و إرادة المشرع واضحة ، و إلا فالمنطق القانوني السليم يجب أن يواجه الإخلالات التشريعية المحتملة ، و يتعين عليه أن يحمل المصطلحات القانونية المستعملة معناها الحقيقي بما ينسجم و طبيعة تلك المقتضيات أو السياق الذي وردت فيه .
وخلاصة القول في هذا الصدد أن القاعدة التشريعية يجب أن تنأى بنفسها عن هذا النوع من عدم الدقة الذي هو ناتج بدوره عن الفهم السائد لفكرة الإلغاء ، إذ كلما اتضحت هذه الفكرة و تحدد نطاقها و نطاق تطبيقها و كيفية ذلك التطبيق مع ضبط القواعد و النواظم المؤطرة لها ، فإن الصياغة التشريعية ستكون لا محالة سببا في توحيد الفهم و مساهمة في الحفاظ على حقوق و مراكز الأفراد ، و لكن في ظل النصوص القانونية الحالية فإن تلك الحقوق و المراكز تبقى في موضع تساؤل ؛ خاصة و أن النزاع الذي يرض على القضاء يتيح لهذا الأخير فرصة التعامل مع قاعدة الإلغاء الضمني في القانون الجنائي ، وهو ما سنتطرق له في المطلب الثاني .
المطلب الثاني
تقييم موقف القضاء من فكرة الإلغاء الضمني للقانون الجنائي
يرتبط الموقف القضائي من فكرة الإلغاء الضمني للقاعدة الجنائية ، بالموقف الفقهي، ذلك أنه يمكن تفسير ذلك من خلال التعامل المتبادل بين الفقه و القضاء ، والذي يلعب فيه الفقه دورا رياديا ، إذ إن المهمة المنوطة به تجعله موضع ثقة تستدعي أن ينهل القاضي القواعد العامة و المبادئ العامة مما يقرره الفقه . و لما كان الفقه على اتجاهين وفق ما سبق التفصيل فيه أعلاه بخصوص موضع دراستنا ، فإن الموقف القضائية تشاطر بدوره إلى اتجاهين ن اتجاه يرى أن فكرة الإلغاء الضمني لا وجود لها و يعمل على تطبيق المقتضيات القانونية القديمة في معرض فصله في النزاعات المعروضة عليه ح غلا أن هذا الاتجاه لا يبدو له ذكر أمام التيار الظاهر و السائد في العمل القضائي الذي يأخذ بالعمل بقاعدة الإلغاء الضمني للقاعدة القانوني تأثرا منه بالموقف الفقهي السائد أيضا .
و هكذا فإنه بالنظر في الأحكام و القرارات القضائية على مختلف درجاتها نجدها تسير وفق أحد الاتجاهين ، ويمكن التمييز بينهما بسهولة ، كما يمكن إيراد بعض الأمثلة على هذين الاتجاهين في العمل القضائي .
ففيما يتعلق بالاتجاه الذي لا يأخذ بالإلغاء الضمني يمكن الإشارة إلى ما ذهب إليه المجلس الأعلى في أحد قراراته الصادر تحت عدد 1465/6 بتاريخ 24/6/1998 في الملف عدد 30568/3/94 و المنشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 55 السنة 22 ص 381 و ما يليها و الذي جاء فيه أنه : " في شأن وسيلة النقض المتخذة من تفريد العقاب بناء على أساس غير سليم ذلك أن القرار المطعون فيه عمد إلى رفع العقوبة المالية بزيادة خمسة آلاف درهم دون التأكد مما إذا كانت الشيكات موضوع المتابعة منعدمة الرصيد أو ناقصة ، و أنه وفقا لمقتضيات الفصل 543 من القانون الجنائي فإذا كان الرصيد ناقصا لا منعدما فلا يمكن أن يحكم إلا بغرامة مساوية لمبلغ الرصيد الناقص ، و يتعين معرفة هذا المبلغ أولا تطبيقا للفصل المذكور في مجال تفريد العقاب ، مما يكون معه القرار قد بني على غير أساس و معرضا للنقض .
حيث إنه خلافا لما أثير بالوسيلة : " فإن ما عبر عنه الفصل 543 من القانون الجنائي من كون الغرامة التي يجب الحكم بها لا تقل عن قيمة الشيك يقصد من ذلك التأكيد على عدم إمكانية النزول عن قيمة الشيك أو المبلغ الناقص " فإن الحكم بمبلغ الشيك كله أو بمبلغ الرصيد الناقص كغرامة عن إصدار شيك بدون رصيد إنما هو أمر اختياري يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع و لهذا فإن المحكمة لما قضت على الطاعن بمبلغ الشيك كغرامة لم تخرق أحكام القانون مما تبقى معه الوسيلة على غير أساس "
كما أن المجلس الأعلى سبق له أن بت في مسألة التفالس البسيط وفقا لمقتضيات الفصل 559 و 560 من القانون الجنائي و ليس وفقا لمقتضيات مدونة التجارة التي نظمت جرائم التفالس كذلك ، و ذلك بموجب قراره الصادر تحت عدد 1166/3 بتاريخ 12/04/2000 في الملف الجنائي رقم 27353/99 و المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد المزدوج 57-58 السنة 23 ص 357 وما يليها .
و الملاحظ أن المجلس الأعلى في كلا القرارين عمد إلى تطبيق مقتضيات القانون الجنائي التي هي مقتضيات الفصول 543 و 559 و 560 من القانون الجنائي و لم يتعرض لمسألة الإلغاء الضمني لتلك القواعد و الفصول وفق مقتضيات الفصل 733 من مدونة التجارة ، و مع العلم أن تاريخي صدور هذين القرارين جاءا بعد تاريخ دخول مدونة التجارة حيز التنفيذ و بالتالي لو كنا أمام القطع أو الإجماع بكون الإلغاء الضمني فكرة معمول بها في القانون الجنائي لما أقدم المجلس الأعلى القضاء على النحو الوارد بالقرارين .
و ما يلاحظ على القرارين و ما سار عليه المجلس في هذا الاتجاه أنه يطبق مضمون و صلب القاعدة الواردة بالفصل 6 من القانون الجنائي التي تقر بإمكانية سريان مجموعة من القواعد الجنائية المنظمة لنفس الموضوع في آن واحد من غير إلغاء لإحداها .
و أما فيما يتعلق بالاتجاه الثاني الذي يأخذ بالإلغاء الضمني فإن مجموعة من القرارات تسير في ذلك الاتجاه و لا تدخل في دائرة الحصر لدرجة أنها معروفة و مما لا يستدعي إيراد مثال لها لشيوعها، إلا أن كثرتها لا تعني صواب الرأي الذي تذهب إليه ، و ذلك للاعتبارات التي سبق و أن اشرنا لها أعلاه .
تم بحمد الله