مقدمة
لقد أضحى في الوقت الراهن تحديد مستوى الديمقراطية في الدولة المعاصرة يعتمد أساسا، بغض النظر عن المحددات الأخرى، على معيار الفصل بين السلط، هذا المبدأ الذي نادى به، ولأول مرة، الفقيه والفيلسوف الفرنسي " مونتيسكيو" في كتابه روح القوانين، حتى أصبح اسمه مقرونا به، ولعل أهم ما جاء به هذا المبدأ، أنه يقوم على وضع حد للحكم المطلق، وذلك واضح في قولة " مونتيسكيو" الشهيرة، " كل إنسان يمسك بالسلطة يميل إلى إساءة استعمالها، ولا يتوقف إلا عندما يجد أمامه حدودا".
وإذا كانت الحكومة هي تلك الهيأة أو الجهاز الذي يمارس العديد من الاختصاصات المهمة في المجال التشريعي والتنفيذي، فإن ذلك من شأنه أن يضعها في قفص المسؤولية والمحاسبة، سواء أمام البرلمان باعتباره ممثل الأمة أو حتى أمام رئيس الدولة، فإلى جانب امكانية البرلمان في تحريك المسؤولية السياسية للحكومة عن طريق ميكانيزمات وآليات، كملتمس الرقابة وسحب الثقة وغيرها من الوسائل، تملك مؤسسة رئيس الدولة هي الأخرى آليات ووسائل لا تقل أهمية عن تلك التي يملكها البرلمان في مساءلة ومحاسبة الحكومة عن أعمالها.
بل أكثر من هذا، يمكن القول بأن المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان قد لا تتعدى أحيانا، في بعض الدول، وظيفة المراقبة غير المباشرة، فحتى وإن افترضنا أن البرلمان فعلا توصل إلى إسقاط الحكومة التي لم يستطع أن يتعامل معها، فرفضها سواء بالتصويت المناوئ لمسألة الثقة أو المؤيد لملتمس الرقابة، لا شيء سيمنع آنئذ رئيس الدولة من إعادة تعيين حكومة جديدة من نفس التشكيلة السابقة، كما للرفض الرئاسي للحكومة يجعله يقيلها ويعين هيئة جديدة بمحض اختياره، الأمر الذي يفيد بأن مسؤولية الحكومة أمام الرئيس تعد مسؤولية مطلقة، وأمام البرلمان نسبية.[1]
ولقد ظهرت مسؤولية الحكومة أمام رئيس الدولة في الجمهوريات الرئاسية ونصف الرئاسية، حيث يقوم رئيس الدولة عن طريق هذه المسؤولية بإقالة عضومن الحكومة في حال قيام الأخير بخطوات مخالفة للبرنامج السياسي للرئيس، وليس غريبا على التشريعات الدستورية منح رئيس الجهاز التنفيذي للدولة (رئيس الوزراء) حق الطلب إلى أعضاء حكومته تقديم استقالاتهم (فرادى أو مجتمعين)، وقد وجد هذا النوع تطبيقاته في الدول البرلمانية، الجمهورية منها والملكية (المملكة المتحدة؛ اليابان؛ ايطاليا؛ الهند...الخ) فيما اشترطت تشريعات الجمهوريات النصف رئاسية موافقة رئيس الجمهورية على قرار رئيس الحكومة إقالة احد وزرائه، ذلك أن كليهما يشتركان في تعيين الوزراء.[2]
ففي المغرب كان اختصاص تشكيل الحكومة دائما في يد الملك بمفرده دون مشاركة الوزير الأول، وقد عمل دستور 1962 على دسترة تبعية الحكومة للملك سواء على مستوى تشكيلها أو على مستوى اختصاصاتها، وهي المسطرة نفسها التي أكدها الدستوران اللاحقان (1970و1972)، إلا أنه وانطلاقا من منتصف السبعينات وبداية التسعينات، أدى التقارب بين الملك والأحزاب السياسية التقليدية إلى انفتاح الملك في تكوينه للحكومة، بحيث تخلى عن تحكمه المطلق في التجنيد الوزاري وإقصاء الأحزاب السياسية من المشاركة، وأصبح للوزير الأول إلى حد ما دور في اقتراح الوزراء على الملك.
واستمرارا في مسلسل الإصلاحات التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، أو بالأحرى في إطار الانفتاح على مؤسسة الحكومة وتقييد السلطة المطلقة للمؤسسة الملكية، جاء دستور 1996 لينظر في مسألة المسؤولية السياسية للحكومة، وتلاه بعد ذلك دستور2011 ، فالإشكال الذي طرح نفسه هنا وبقوة يتعلق أساسا بدسترة مسؤولية الحكومة في كل من دستور 1996 ودستور 2011 باعتبارهما آخر الدساتير التي عرفها النظام السياسي المغربي، وتتفرع عن هذه الاشكالية الأسئلة الفرعية التالية:
المبحث الأول: مسؤولية الحكومة أمام الملك وفق دستور 1996.
يقوم النظام الدستوري المغربي على ازدواجية السلطة التنفيذية بوجود الوزير الأول إلى جانب رئيس الدولة، مع تمتيعهما باختصاصات فعلية كل في مجاله، وينص دستور 1996 على أنه " يعين الملك الوزير الأول، ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، وله أن يعفيهم من مهامهم، ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها"،[3] أما في الفصل 25 من نفس الدستور فنجد أن الملك يرأس المجلس الوزاري، وهذا يعني أن المسؤولية السياسية للحكومة تتجلى في مكانة المؤسسة الملكية في تعيين الحكومة ورئاسة المجلس الوزاري (المطلب الأول)، ناهيك عن دورها المهم في إقالة الحكومة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تعيين الحكومة ورئاسة المجلس الوزاري.
تتكون الحكومة انطلاقا من دستور 1996 من الوزير الأول والوزراء، وتتحدد مسؤولية الحكومة أمام الملك من خلال مقتضيات الفصل 24 و الفصل 60من نفس الدستور، ولا يعدو أن يكون هذا الدستور سوى مجرد امتداد للمراجعة الدستورية لسنة 1992، بيد أن ما يميزه عن سابقه كونه ربط بين المعطى السياسي والمعطى الاقتصادي إيمانا من واضعه بأن الوضع السياسي ليس إلا نتاجا للوضع الاقتصادي،[4] ولقد استهدفت المؤسسة الملكية من وراء الإقدام على هذه المراجعة الدستورية استكمال عملية الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي للمغرب الراهن، فسنة 1996 كانت سنة الإصلاح الشمولي بالمغرب، هذا ما أبرزه الملك الحسن الثاني في قوله: "إن الإصلاح الذي نادينا به ووعدنا به شعبنا لا يقتصر على تعديل بعض مقتضيات الدستور، بل هو إصلاح شامل يقتضي النظر في كل ميدان يحتاج إلى الإصلاح والتقويم..."[5]
فعند النظر إلى الفصل 24 و خصوصا الفقرة الأولى منه، "يعين الملك الوزير الأول"، نجد أن هذه الفقرة ظلت وافية لمحتواها في جل التعديلات الدستورية، والتي تفيد بأن الملك بقي محتفظا بسلطاته المطلقة في هذا المجال، فهو المسئول عن تعيين و اختيار الوزير الأول، وبالتالي تسمية الوزير الأول تبقى من الصلاحية المطلقة التي يتمتع بها الملك.
فهذه الحرية المتبعة في تعيين الوزير الأول تستند إلى الصيغة الواسعة لمقتضيات الفصل 24 من الدستور، والتي عمل الملك الحسن الثاني على تبريرها بمنطق وظيفي يروم خلق قاعدة دستورية عرفية تقضي بحياد الوزير الأول وعدم انتمائه إلى أي توجه سياسي.
وإذا كانت سلطة الملك في تعيين الوزير الأول قد استقرت في دستور 1996 مند أول دستور للبلاد، فإن باقي الوزراء لم يكن للوزير الأول الحق في اقتراحهم، إلا بموجب دستور 1992، ولعل تعديل 13 أكتوبر 1996 قد احتفظ بهذا الحق أيضا، إذ أصبح ظهير تعيين الوزراء مقرونا بالتوقيع بالعطف من طرف الوزير الأول،[6] وتحديد لائحة الوزراء تتم -عادة- بين الملك والوزير الأول، إلا أن صلاحية هذا الأخير، من الناحية الواقعية، تبقى محدودة، إذ لا يشمل اقتراحه جميع الوزراء، نظرا لاستمرار وجود وزارات محفوظة التعيين لا يدخل أمر اقتراح وزرائها صلاحية الوزير الأول، وقد بلغت ست وزارات في حكومة 14 مارس 1998، وثماني وزارات في التعديل الحكومي ل 6 شتنبر 2000.[7]
وتجدر الإشارة إلى أن الممارسة الدستورية و السياسية المغربية في تعيين الوزير الأول قد استقرت منذ دستور 1962 على سنة عدم تحزب هذا الأخير، فبالرغم من كون الأغلبية البرلمانية ضرورية لخلق حكومة متجانسة، فإن العامل الحزبي لم يلعب دورا محوريا في تعيين الوزير الأول، بل أسند هذا المنصب دائما لشخصية غير منتمية حزبية.
وإذا كان تعيين عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا على رأس الحكومة في 14 مارس 1998 شكل حدثا بارزا داخل الساحة الوطنية و حتى الخارجية، كون أن زعيم سياسي في معارضة سابقة ظلت مقصاة لمدة طويلة يقف على رأس هذه المؤسسة الضخمة، معلنا عن دخول المغرب مرحلة التناوب على الحكم، فقد فوجئ الرأي العام مع أول انتخابات برلمانية لاحقة بالعدول عن خيار التناوب ليتم تعيين وزير أول تكنوقراطي بدون أي انتماء سياسي، إدريس جطو، ليؤول الأمر برمته للفصل 24 دون اعتداد لا بتناوب سياسي ولا بأغلبيات برلمانية.[8]
إن الذي يستوجب الانتباه عند مقاربة حدث تكوين حكومة عبد الرحمان اليوسفي، دلالته الرمزية والتاريخية، وطبيعة المشهد السياسي الذي شرع في التشكل والديمومة والاستقرار، فمنذ إقالة حكومة عبد الله إبراهيم (1958-1960) لم يشهد المغرب تبدلا على مستوى تحمل المسؤولية الحكومية، حيث استمر قطاع واسع ووازن من الحركة الوطنية خارج مدارج السلطة، يمارس المعارضة، تارة بمنطق الرفض والنزوع إلى الإقصاء، وطورا بالسلم والسعي إلى الاندماج، لذلك يشكل تعيين حكومة 14 مارس 1998 تغيرا نوعيا، من شأنه إذكاء جذوة الثقة، وإحياء روح التعاقد الضمني الذي عبرت عنه عريضة الاستقلال (1944)، والمساهمة في استبدال منطق الإقصاء المتبادل بإرادة البناء المشترك.[9]
وحري بالذكر أن التجربة المغربية في هذا الإطار قد استلهمت النموذج الدستوري الفرنسي للجمهورية الخامسة، فالسلطة التقديرية للملك في تعيين الوزير الأول هي نفسها التي يتمتع بها رئيس الجمهورية الفرنسي.[10]
وبالإضافة إلى التعيين، يترتب عن المسؤولية الفعلية للحكومة أمام الملك، ممارستها لصلاحياتها في ظل توجهاته، لأنه يتحكم بشكل مباشر في تحديد السياسة العامة للبلاد من خلال رئاسته للمجلس الوزاري، و الذي يستند إلى الفصل 25 من دستور1996، حيث يعطي للملك رئاسة مجلس الوزراء وبالتالي مساهمته بشكل مباشر في اتخاذ جميع القرارات التي تتخدها الحكومة، ويعمل بذلك على رسم السياسة العامة للبلاد، فهذا المجلس يشكل إطارا لتدارس و مناقشة جميع الأنشطة التي تقوم بها الحكومة على المستوى الداخلي و الخارجي، ورئاسة الملك له تجعله يطلع على جميع أعمال الحكومة و يعمل على مراقبتها.
وعموما تبقى مؤسسة الحكومة في حالة تبعية للمؤسسة الملكية دستوريا و سياسيا، فهي تستمد وجودها من الإرادة الملكية لأنها مسئولة أمامه، و لا تعكس حقيقة الأغلبية، بحيث تشمل على ممثلي الأحزاب وكذلك على شخصيات مستقلة تحضى بثقة الملك.
فدستور 1996 قد منح الملك حرية غير مقيدة لتعيين واختيار الوزير الأول دون الاعتداد بنتائج الانتخابات التشريعية. إلا أن الموقع الذي تظهر فيه المسؤولية السياسية للحكومة أمام الملك بشكل بارز هو موضع التحكم في مصيرها واستقالتها، فالملك يضع حدا لها حتى وإن حصلت على ثقة البرلمان، فكيف يمكن للملك أن يعفي حكومة تستند على أغلبية برلمانية ؟
المطلب الثاني: إقالة الحكومة
إذا كانت الحكومة المغربية تعمل على التنسيق والتعاون فيما بين أعضائها عن طريق مجلسها الذي يضم أعضاء الحكومة برئاسة الوزير الأول،[11] فإنه وفي حالة وقوع صراع أو خلاف بين هذه الحكومة والملك، أو بينها وبين البرلمان أو حتى بين الرأي العام، يتدخل الملك بصلاحياته ليحسم الأمر بإثارة المسؤولية السياسية لهذه الحكومة فيقيلها، وذلك نظرا لوضعها الحساس داخل النظام، ولمكانتها المؤسساتية ودورها الوظيفي باعتبارها مالكة سلطة التنفيذ.[12]
فوجود الحكومة رهين بالإرادة الملكية وسلطته التقديرية، بحيث يحق للملك متى شاء إنهاء مهامها بمقتضى الفصلين 24 و 60، إما بصفة فردية أو جماعية، و للملك في هذا المجال كامل الحرية للتقرير في مسألة إقالة أحد أعضاء الحكومة، دون أن يكون مجبرا على استشارة الوزير الأول، وظهير الإقالة لا يكون موقعا بالعطف من طرف الوزير الأول، بخلاف الأمر بالنسبة لمرسوم إقالة الوزراء من طرف رئيس الجمهورية الفرنسية، والذي يكون باقتراح من الوزير الأول، مما يجعل أن كل من وزير الدولة والوزير الأول يتوفران على صلاحية عزل الوزراء.[13]
ويرى المهتمين في هذا الشأن أن عدم تمتيع الوزير الأول المغربي بهذا الحق (اقتراح إقالة الوزراء) يجعل مسألة اقتراح تعيين الوزراء المنصوص عليها في الفصل 24 فارغة من كل محتوى ومن دون جدوى، ويكاد يجمع جل المهتمين على أن الفصل 24 في صيغته الأولى المتضمنة لثلاث فقرات (قبل تعديل 4 شتنبر 1992) كان يقرر في الفقرة الثانية ما يلي:" يعين الملك أعضاء الحكومة .... باقتراح من الوزير الأول"، وكان من شأن الإبقاء على هذه الفقرة، تقوية مركز الوزير الأول تجاه باقي الوزراء، بحيث كانت ستجعل منه المشارك الرئيسي في عملية التعيين والإقالة، غير أن الصيغة النهائية للفصل 24 أبعدت هذه الإمكانية، وأصبح الوزير الأول يملك فقط حق الاقتراح، مع إبقاء حق الإقالة من اختصاص الملك وحده،[14] وقد احتفظ دستور 13 شتنبر 1996 بنفس المقتضيات مما يعني الاحتفاظ بنفس الوضعية القانونية للوزير الأول.
وعند النظر في الفقرتان الثالثة والرابعة من الفصل 24، فإننا نجدهما تنصان على التوالي " وله أن يعفي أعضاء الحكومة من مهامهم" " ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها..." و لا يكون الملك في ذلك ملزما بتعليل قراراته في هذا المجال،[15] وهكذا تكون الحكومة مرتبطة في وجودها ومصيرها بالإرادة والسلطة التقديرية للملك ولا تتحمل المسؤولية السياسية على أعمالها بشكل فعلي إلا أمامه، فالملك يمكنه في أية لحظة أن يضع حدا لمهامها حتى لو لم يحرك البرلمان مسؤوليتها أمامه.[16]
وعموما فإن الوضعية التي توجد عليها الحكومة هي التي تفسر مسؤوليتها السياسية أمام الملك، وهي التي تفسر السلطة المعترف بها للملك من أجل تعيين ليس فقط الوزير الأول، وإنما كذلك بقية الوزراء كما يمكن له وضع حد لمهامهم، لأن الفلسفة التي تحكم النظام السياسي المغربي، لا ترقى بالحكومة إلى المؤسسة القائدة التي تضع سياسة الأمة، وتسأل عنها أمام ممثلي الشعب في البرلمان، بل فقط مؤسسة تابعة تمارس بعض الاختصاصات المفوضة إليها من قبل الممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها.[17]
هذا فيما يخص المسؤولية السياسية للحكومة طبقا لمقتضيات دستور 1996، فكيف عالج يا ترى التعديل الدستوري الأخير هذه المسؤولية ؟
المبحث الثاني: مسؤولية الحكومة أمام الملك في ظل دستور 2011.
لم يقف التعديل الدستوري في محطة 1996، بل واستمرارا في مسلسل الإصلاحات المتتالية التي دخل فيها المغرب منذ فجر الاستقلال، عرف هذا الأخير ولادة دستور جديد من رحم ظروف أملتها المرحلة، ولعل إرادة واضعي هذا الدستور شملت مختلف المجالات دون أن تغض النظر عن العلاقة بين المؤسسة الملكية ومؤسسة الحكومة.
ولقد أثار دستور2011 الذي جرى التصويت عليه بأغلبية فاقت 98% الكثير من القراءات، وذلك بحسب مواقع الفاعلين ومواقفهم السياسية، فهناك من اعتبره تقدما ملحوظا من حيث البناء المؤسساتي للبلاد، وهناك من اعتبره دستورا ديمقراطيا يمكن أن يضع حدا فاصلا بين مرحلة الاستبداد ومرحلة الدخول إلى الديمقراطية، وبالمقابل نظر إليه البعض الآخر على أنه تكريس لنفس الثوابت الدستورية السابقة.[18]
وعموما، فقد مثلت سنة 2011، دون أدنى شك، منعطفا تاريخيا فاصلا ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل المتمثل في مختلف الأوراش الإصلاحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق، وفي خضم الأحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا لها، ولقد توج هذا الإصلاح بخطاب 9 مارس 2011 ليعلن الملك من خلاله عن مبادرته الداعية إلى إجراء تعديلات دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير مسبوقة، ولعل أول هذه المستجدات مست المؤسسة الملكية، إذ تم التكريس على مستوى الدستور للملكية المواطنة عبر إدراج مقتضيات جديدة تخلى بمقتضاها الملك عن بعض صلاحياته لفائدة أجهزة أخرى كرئيس الحكومة والبرلمان، وفي نفس السياق، تقوى مركز رئيس الحكومة،[19] حيث ارتقى بالمكانة الدستورية للوزير الأول إلى رئيس الحكومة الذي يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، تجسيدا لانبثاق الحكومة عن الاقتراع العام المباشر.[20]
فإذا كانت الحكومة في ظل الدساتير السابقة عملت في إطار ملكية تملك صلاحيات واسعة، هل يمكن الحديث عن حكومة مستقلة بدأت في إطار هذا الدستور الجديد ؟
ينص الفصل 47 من الدستور على أنه " يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية. يترتب عن استقالة رئيس الحكومة إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك. تواصل الحكومة المنتهية مهامها تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة "،[21] فبعد تعيين رئيس الحكومة، يقوم هذا الأخير بإجراء مشاورات مع الأطراف السياسية التي بإمكانها تشكيل أغلبية ذات امتداد برلماني، على اعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح بالأغلبية المطلقة للحزب الأول، وبعد إجراء المشاورات بين رئيس الحكومة وباقي الأطراف السياسية، يتقدم رئيس الحكومة باقتراح جميع أعضاء الحكومة أمام الملك، باعتباره متمتع بهذه السلطة أي سلطة الاقتراح، بينما الملك، وطبقا لسلطته، يقوم بالتعيين، كما يمكن للملك أن يرفض أو يتحفظ على شخصية حكومية معينة، فجميع الأمور مرتبطة بالتفاوض بين الملك وبين رئيس الحكومة.[22]
ولا بد من التأكيد، قبليا، أن الفصل 47 من دستور 2011 يختلف كليا عن فحوى الفصل 24 من دستور 1996،[23] إذ يتبين أن هناك تغييرا من حيث تعيين الملك لرئيس الحكومة، حيث أصبح يشترط فيه الانتماء إلى الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب على خلاف الفقرة الأولى من الفصل 24 والتي تقر على أن الملك يعين الوزير الأول دون أن تضم شروط لذلك.
ولعل أولى ملامح تفعيل الوثيقة الدستورية الجديدة، تظهر من خلال تعيين الملك، للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بالرغم من أن الدستور لا يقيد الملك بتعيين الأمين العام أو رئيس الحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية رئيسا للحكومة، وحري بالذكر أن تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، شكل قطيعة مع ما أسست له التجربة الدستورية المغربية، وتبرز انعكاسات هذا التعيين في كون التنافس الانتخابي أصبح يسمح نسبيا بالتداول الديمقراطي على السلطة، انطلاقا من نتائج الاقتراع العام التي من المفروض أن تعبر عن إرادة المواطنين، لذلك، فإن أهمية الفصل السابع والأربعين من دستور 2011، تكمن في كونها عززت من المركز القانوني لرئيس الحكومة، وأصبح التعيين الملكي رمزيا وشكليا، ثم إن تفاعل الرأي العام مع التعيين الملكي لرئيس الحكومة، أصبح ينظر معه إلى رئيس الحكومة باعتباره الشخصية الثانية في السلطة التنفيذية من خلال ارتباطه بالأغلبية،[24] خصوصا وأن هذا الدستور الجديد لم يحدد بشكل واضح حدود السلطة التنفيذية في علاقتها بالملكية. إذ أن هناك العديد من الفصول تخول لرئيس الحكومة أن ينوب عن الملك في عدد من المهام، كرئاسة المجلس الوزاري، أو المجلس العسكري.[25]
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الدستوري قد اتجه نحو جعل الحكومة مسئولة حصريا أمام مجلس النواب، لذلك اختفت من دستور 2011 تلك الفقرة التي ظلت حاضرة في الدساتير الخمسة السابقة (62-70-72-92-96)، والتي تجعل الحكومة مسئولة أمام الملك وأمام مجلس النواب،[26] فطبقا لمقتضيات الفصل 88 من الدستور " بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة... تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب..."،[27] أمكن التمييز من زاوية، بين سلطة التعيين التصريفية (الملك)، وسلطة التنصيب التفعيلية (البرلمان) بحيث أن مسألة تعيين الملك لرئيس الحكومة تأتي تلقائيا وتسمو على إرادة الملك بالاختيار الشعبي الانتخابي، إذ لا يكتسي التعيين الملكي لرئيس الحكومة إلا طابعا تصريفيا،[28] أما مسألة التنصيب من طرف مجلس النواب، باعتبار أن أعضاءه يستمدون نيابتهم من الأمة (الفصل 60 من الدستور)، هي التي أضحت تمنح الحكومة الوجود القانوني، إلا أنه ومن زاوية أخرى، فإن المشرع - ومن خلال الفصل 88 المذكور- لم يوفق إلى حد بعيد في ضبط المفردات الدستورية التي من شأنها أن تحسم كل النقاشات الفقهية التي قد تحوم حول هذا الموضوع، والتي أسالت مداد العديد من الباحثين قي مجال القانون الدستوري، بحيث أنه لم يقم ببعض الإضافات الجوهرية التي كانت ستيسر تطبيق المقتضيات الدستورية، فمن حيث المفردات التي تم استعمالها في الفصل 88 من دستور2011، خاصة فيما يتعلق بمصطلح "تعيين" الذي استهل به هذا الفصل من خلال عبارة: "بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة''، نلاحظ أن هذا المصطلح يتحدث عن تعيين الحكومة بمعنى تنصيبها النهائي من طرف الملك، في حين أن المفردة الأنسب لهذا المقام كان يجب أن تكون هي"موافقة"، ليصبح مدخل هذا الفصل :"بعد موافقة الملك على أعضاء الحكومة"، لأن رئيس الحكومة عندما يعرض التشكيلة الحكومية على الملك، فانه ينتظر موافقته عليها، للتوجه إلى البرلمان بعد ذلك في سعي إلى تنصيب الحكومة، لتباشر المهام التي أناطها بها الدستور، وإلا فما فائدة تعديل مقتضيات الفصل 60 من دستور1996، إذا بقي دور البرلمان محصورا في مجرد مباركة التعيين الملكي للحكومة.[29]
وفيما يخص إقالة الحكومة، فإنه وطبقا للفقرة الثالثة من الفصل 47، يندرج هذا الإجراء في إطار الصلاحيات والاختصاصات المسندة إلى الملك باعتباره أميرا للمؤمنين (الفصل 41) وباعتباره رئيسا للدولة (الفصل 42). وبالتالي، فإن مضامين هاته الفقرة تتلاءم مع نظرية الانتقال التدريجي للسلطة، [30]خلافا على ما كانت عليه نفس الفقرة من الفصل 24 من دستور1996، حيث أصبح هذا الأمر مقيدا بواجب استشارة رئيس الحكومة.
يلاحظ إذن من خلال الوقوف على مسألة تعيين الحكومة وإعفائها، أن الملك ملزم بتعيين الرئيس من الحزب المتصدر، ومادامت صلاحيات الرئيس توسعت فيما يخص إعفاء الحكومة، كما لم يعد بإمكان الملك إعفاء الحكومة بأكملها أو إقالة رئيسها، فإن مسؤولية الحكومة أمام الملك لم تعد كما كانت عليه في دستور 1996. لكن بمجرد العودة إلى الفصل 51[31] الذي منح الملك حق حل أحد مجلسي البرلمان أو هما معا، نجد أن الملك بإمكانه إسقاط الحكومة انطلاقا من هذا الفصل، بحيث لا زال الملك قادرا على التحكم في مصير الحكومة، وبالتالي بقاء الوزراء تابعين للملك بعد تعيينهم، إذ يحق له عزل أحدهم أو مجموعة منهم، بمجرد استشارة رئيس الحكومة، وهذه الاستشارة ليست ملزمة، مما يعني مسؤولية الوزراء أمام الملك، وأن له تقييم عملهم بصرف النظر عن رأي رئيس الحكومة فيهم.
ولتمكين الحكومة من أساس دستوري لممارسة مسؤولياتها، نص الدستور على «مجلس الحكومة» وتحديد وتوضيح اختصاصاته والفرق بينه وبين «مجلس الوزراء»، إذ ينعقد المجلس الوزاري برئاسة الملك بمبادرة منه أو بطلب من رئيس الحكومة، وللملك أن يفوض رئاسته على أساس جدول أعمال محدد لرئيس الحكومة (الفصل 48) تعزيزا لسلطته التنفيذية. أما مجلس الحكومة فينعقد برئاسة رئيسها وبمبادرة منه وبتركيبة تشمل كافة أعضائها، ويخول مجلس الحكومة صلاحيات تنفيذية واسعة ذاتية تقريرية وأخرى تداولية تحال إلى المجلس الوزاري ليبث فيها ضمن ما تم الاحتفاظ له به من صلاحيات إستراتيجية وتحكيمية وتوجيهية، بما فيها الحرص على التوازنات الاقتصادية والمالية التي صارت قاعدة دستورية.[32] فمضامين الفصل 49 الذي ينص على القضايا التي يتم التداول فيها بالمجلس الوزاري برئاسة الملك، ومضامين الفصل 92 المتعلقة بالقضايا التي يتم تداولها بمجلس الحكومة برئاسة رئيسها، لا تعطي للمجلس الأخير صلاحية البث النهائية، وذلك لضرورة عرضها أمام المجلس الوزاري، كما أن الفقرة الأخيرة من الفصل 92 نفسه تلزم رئيس الحكومة بأن يطلع الملك على خلاصات مداولات المجلس الحكومي، وهذا يحيل إلى الفصل 42 الذي يجعل من بين مهام الملك السهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية، وإلى الفصل الأول الذي ينص على أن الفصل بين السلط هو فصل مرن متوازن ومتعاون، بالإضافة إلى أن ذلك يعطي للملك مراقبة سير عمل الحكومة وتوجيهها،[33] وهذا يعني أن مجلس الحكومة، حتى وإن تمت دسترته كمؤسسة وتم تخويله حق البت في مشاريع القوانين العادية والمراسيم التنظيمية، فإن ذلك يتم في إطار الخضوع للتوجهات "الإستراتيجية" التي رسمها مجلس الوزراء، فمهمة مجلس الحكومة هي تحويل تلك التوجهات إلى قرارات وتدابير والانضباط لسقف ما تقرر في مجلس الوزراء، والملك لا يمارس مجرد رئاسة شرفية أو بروتوكولية لهذا المجلس، بل يمارس رئاسة فعلية، وبالتالي تكون الحكومة مسئولة أمامه.
خاتمة
وخلاصة القول، تبقى مؤسسة رئيس الدولة هي مؤسسة فوق كل سلطة، تمارس العديد من الصلاحيات تحت مظلة الشرعية، ومسؤولية الحكومة أمام هذه المؤسسة هي أقوى بكثير من المسؤولية السياسية أمام البرلمان، وبالرغم من كون التعديل الدستوري الأخير لم ينص بشكل صريح على مسؤولية الحكومة أمام الملك، وقام بتقوية مكانة رئيس الحكومة بتخويله عدة صلاحيات إضافية كما رأينا، فإنه لا يمكن أن يفهم من هذا أن مسؤولية الحكومة أمام الملك قد انقرضت مع هذا الدستور الجديد، بل ومن خلال النظر إلى الاختصاصات الدستورية التي تتمتع بها المؤسسة الملكية، خصوصا تلك المتعلقة بممارسة السلطة التنفيذية، يستشف ضمنيا أن هذه المسؤولية مازالت حاضرة وبشكل قوي، ولعل كلام الملك الراحل الحسن الثاني واضح في هذا المجال، حيث قال: " قلت وكررت ولازلت أكرر أنه بالنسبة لعبد الله الضعيف، خادم المغرب الأول، عبد ربه، بالنسبة لي ليس هناك فصل في السلطة، أنا أب الجميع، أب المشرع وأب المنفذ...".[34]
فمن الناحية الدستورية و كذلك من ناحية الممارسة الفعلية يعتبر الملك صاحب السلطة التنفيذية، نظرا لكون الحكومة تزاول مهامها تحت إشرافه وتوجيهاته، وتتجلى الصدارة والهيمنة والتفوق والسمو الملكي في كون الملك هو الذي يملك حق تعيين الحكومة وإقالتها، كما أنه يرأس المجالس الوزارية، باعتبارها أعلى هيئة تقريرية في الدولة،[35] وبالتالي تبقى المسؤولية السياسية للحكومة أمامه موجودة بشكل قوي وفعلي.
وبالرغم من قيام دستور 2011 بمحاولة تدعيم دور الحكومة وعلى رأسها مؤسسة رئيس الحكومة، إلا أنه أبقاها مجرد جهاز تنفيذي في يد الملك ومعينه على تحمل أعباء الدولة وأمانتها العظمى، وذلك نابع من معطى أساسي تتميز به الملكية المغربية وهو كونها ملكية فاعلة تسود وتحكم.
لائحة المراجع
الكتب
1_ محمد الرضواني: التنمية السياسية في المغرب، تشكل السلطة التنفيذية وممارستها من سنة 1956 إلى سنة 2000، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى 2011.
2_ امحمد مالكي: الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، طبعة 2001.
3_ مليكة الصروخ: القانون الدستوري، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1998.
4_ عبد الله ناصف إبراهيم: مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة، دار النهضة العربية، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1981.
5_ مصطفى قلوش: الدستوري المغربي، مكتبة دار السلام، الطبعة الرابعة 1994.
6_ رقية المصدق، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، دار توبقال للنشر الدار البيضاء، 1987.
الأطروحات والرسائل الجامعية
1_ يمينة هكو: المسؤولية السياسية للسلطة التنفيذية في دول المغرب العربي( المغرب-الجزائر-تونس-موريتانيا )، دراسة مقارنة، الجزء الثاني، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2005.
2_ عبد النبي كياس: توزيع السلطات في النظام السياسي المغربي على ضوء دستور1996، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق، أكدال، الرباط، 2010-2011.
3_ محمد أزواغ: اختصاصات الدولة في النظام الدستوري المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام كلية الحقوق، الرباط 1984.
المقالات
1_فلاح إسماعيل حاجم: نظرة قانونية: المعالجة القانونية لمسؤولية الجهاز التنفيذي للدولة، نشر بتاريخ: 13-4-2005، بالحوار المتمدن، العدد 1166، في: www.ahewar.org
2_محمد زين الدين: الإصلاحات الدستورية والسياسية في مغرب التسعينات، نشرفي: www.tangerpress.com.
3_ عبد المنعم لزعر: المؤسسة البرلمانية بالمغرب: توصيفات التردي ورهانات الإصلاح الدستوري الجديد لسنة2011، نشر بتاريخ 24 دجنبر 2011، في: www.marocdroit.com.
4_ ورقة تقديمية لندوة تحت عنوان " الدستور المغربي 2011: مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة "، نظمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، يومي 20-21 أبريل 2012، نشرفي: www. droit-maroc.blogspot.com
5_ لطيفة العروسني: الدستور الجديد للمغرب: احتفاظ الملك بسلطات سياسية ودينية مقابل صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، نشر بجريدة العرب الدولية- الشرق الأوسط، العدد 11891، يوم الأحد 18 رجب 1432، 19 يونيو 2011.
6_ سناء كريم: حامي الدين: للملك سلطة التعيين ولرئيس الحكومة سلطة الاقتراح، نشر بتاريخ: 15-11-2011، في: www.maghress.com 7_عبد العزيز فجال: محاولة قانونية لفهم معنى "التعيين" و"التنصيب" في الدستور المغربي الجديد، نشر يوم: 05-03-2012، في :www.maghress.com.
8_ أمين السعيد: تعيين رئيس الحكومة وسؤال الممارسة الدستورية بالمغرب، نشر في: www.arabsfordemocracy.org
9_ عبد النبي أبو العراب: في فهم العلاقة بين السلطتين الملكية والتنفيذية، نشر في: www.marocpost.net
10_ حسن طارق: الأغلبية، المعاضة والدستور: ملاحظات حول مسألة التنصيب البرلماني للحكومة، نشر يوم: 16-01-2012، في: www.hespress.com
11_ عبد النبي أبو العراب: في فهم العلاقة بين السلطتين الملكية والتنفيذية، نشر في: www.marocpost.net.
12_ عبد النبي كياس: إشكالية تنصيب الحكومة في ظل الدستور المغربي الجديد: دراسة قانونية دستورية، نشر في:
www.fsjes-agadir.info
13_ لطيفة العروسني: الدستور الجديد للمغرب: احتفاظ الملك بسلطات سياسية ودينية مقابل صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، نشر بجريدة العرب الدولية- الشرق الأوسط، العدد 11891، يوم الأحد 18 رجب 1432، 19 يونيو 2011.
14_ محمد حامي: قراءة أولية لمشروع الدستور الجديد...العلاقة بين السلط، نشر يوم 30-6-2012، في: www.maghress.com
الوثائق الرسمية
الدستور المغربي لسنة 1996
الدستور المغربي لسنة 2011
الدستور الفرنسي لسنة 1958
خطابات الملك الحسن الثاني
الهوامش
لقد أضحى في الوقت الراهن تحديد مستوى الديمقراطية في الدولة المعاصرة يعتمد أساسا، بغض النظر عن المحددات الأخرى، على معيار الفصل بين السلط، هذا المبدأ الذي نادى به، ولأول مرة، الفقيه والفيلسوف الفرنسي " مونتيسكيو" في كتابه روح القوانين، حتى أصبح اسمه مقرونا به، ولعل أهم ما جاء به هذا المبدأ، أنه يقوم على وضع حد للحكم المطلق، وذلك واضح في قولة " مونتيسكيو" الشهيرة، " كل إنسان يمسك بالسلطة يميل إلى إساءة استعمالها، ولا يتوقف إلا عندما يجد أمامه حدودا".
وإذا كانت الحكومة هي تلك الهيأة أو الجهاز الذي يمارس العديد من الاختصاصات المهمة في المجال التشريعي والتنفيذي، فإن ذلك من شأنه أن يضعها في قفص المسؤولية والمحاسبة، سواء أمام البرلمان باعتباره ممثل الأمة أو حتى أمام رئيس الدولة، فإلى جانب امكانية البرلمان في تحريك المسؤولية السياسية للحكومة عن طريق ميكانيزمات وآليات، كملتمس الرقابة وسحب الثقة وغيرها من الوسائل، تملك مؤسسة رئيس الدولة هي الأخرى آليات ووسائل لا تقل أهمية عن تلك التي يملكها البرلمان في مساءلة ومحاسبة الحكومة عن أعمالها.
بل أكثر من هذا، يمكن القول بأن المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان قد لا تتعدى أحيانا، في بعض الدول، وظيفة المراقبة غير المباشرة، فحتى وإن افترضنا أن البرلمان فعلا توصل إلى إسقاط الحكومة التي لم يستطع أن يتعامل معها، فرفضها سواء بالتصويت المناوئ لمسألة الثقة أو المؤيد لملتمس الرقابة، لا شيء سيمنع آنئذ رئيس الدولة من إعادة تعيين حكومة جديدة من نفس التشكيلة السابقة، كما للرفض الرئاسي للحكومة يجعله يقيلها ويعين هيئة جديدة بمحض اختياره، الأمر الذي يفيد بأن مسؤولية الحكومة أمام الرئيس تعد مسؤولية مطلقة، وأمام البرلمان نسبية.[1]
ولقد ظهرت مسؤولية الحكومة أمام رئيس الدولة في الجمهوريات الرئاسية ونصف الرئاسية، حيث يقوم رئيس الدولة عن طريق هذه المسؤولية بإقالة عضومن الحكومة في حال قيام الأخير بخطوات مخالفة للبرنامج السياسي للرئيس، وليس غريبا على التشريعات الدستورية منح رئيس الجهاز التنفيذي للدولة (رئيس الوزراء) حق الطلب إلى أعضاء حكومته تقديم استقالاتهم (فرادى أو مجتمعين)، وقد وجد هذا النوع تطبيقاته في الدول البرلمانية، الجمهورية منها والملكية (المملكة المتحدة؛ اليابان؛ ايطاليا؛ الهند...الخ) فيما اشترطت تشريعات الجمهوريات النصف رئاسية موافقة رئيس الجمهورية على قرار رئيس الحكومة إقالة احد وزرائه، ذلك أن كليهما يشتركان في تعيين الوزراء.[2]
ففي المغرب كان اختصاص تشكيل الحكومة دائما في يد الملك بمفرده دون مشاركة الوزير الأول، وقد عمل دستور 1962 على دسترة تبعية الحكومة للملك سواء على مستوى تشكيلها أو على مستوى اختصاصاتها، وهي المسطرة نفسها التي أكدها الدستوران اللاحقان (1970و1972)، إلا أنه وانطلاقا من منتصف السبعينات وبداية التسعينات، أدى التقارب بين الملك والأحزاب السياسية التقليدية إلى انفتاح الملك في تكوينه للحكومة، بحيث تخلى عن تحكمه المطلق في التجنيد الوزاري وإقصاء الأحزاب السياسية من المشاركة، وأصبح للوزير الأول إلى حد ما دور في اقتراح الوزراء على الملك.
واستمرارا في مسلسل الإصلاحات التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، أو بالأحرى في إطار الانفتاح على مؤسسة الحكومة وتقييد السلطة المطلقة للمؤسسة الملكية، جاء دستور 1996 لينظر في مسألة المسؤولية السياسية للحكومة، وتلاه بعد ذلك دستور2011 ، فالإشكال الذي طرح نفسه هنا وبقوة يتعلق أساسا بدسترة مسؤولية الحكومة في كل من دستور 1996 ودستور 2011 باعتبارهما آخر الدساتير التي عرفها النظام السياسي المغربي، وتتفرع عن هذه الاشكالية الأسئلة الفرعية التالية:
- ما هي المقتضيات الدستورية التي يمككنا استنباطها من دستور 1996 في موضوع مسؤولية الحكومة أمام الملك؟
- وكيف تعامل دستور 2011 مع هذه المسؤولية؟
المبحث الأول: مسؤولية الحكومة أمام الملك وفق دستور 1996.
يقوم النظام الدستوري المغربي على ازدواجية السلطة التنفيذية بوجود الوزير الأول إلى جانب رئيس الدولة، مع تمتيعهما باختصاصات فعلية كل في مجاله، وينص دستور 1996 على أنه " يعين الملك الوزير الأول، ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، وله أن يعفيهم من مهامهم، ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها"،[3] أما في الفصل 25 من نفس الدستور فنجد أن الملك يرأس المجلس الوزاري، وهذا يعني أن المسؤولية السياسية للحكومة تتجلى في مكانة المؤسسة الملكية في تعيين الحكومة ورئاسة المجلس الوزاري (المطلب الأول)، ناهيك عن دورها المهم في إقالة الحكومة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تعيين الحكومة ورئاسة المجلس الوزاري.
تتكون الحكومة انطلاقا من دستور 1996 من الوزير الأول والوزراء، وتتحدد مسؤولية الحكومة أمام الملك من خلال مقتضيات الفصل 24 و الفصل 60من نفس الدستور، ولا يعدو أن يكون هذا الدستور سوى مجرد امتداد للمراجعة الدستورية لسنة 1992، بيد أن ما يميزه عن سابقه كونه ربط بين المعطى السياسي والمعطى الاقتصادي إيمانا من واضعه بأن الوضع السياسي ليس إلا نتاجا للوضع الاقتصادي،[4] ولقد استهدفت المؤسسة الملكية من وراء الإقدام على هذه المراجعة الدستورية استكمال عملية الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي للمغرب الراهن، فسنة 1996 كانت سنة الإصلاح الشمولي بالمغرب، هذا ما أبرزه الملك الحسن الثاني في قوله: "إن الإصلاح الذي نادينا به ووعدنا به شعبنا لا يقتصر على تعديل بعض مقتضيات الدستور، بل هو إصلاح شامل يقتضي النظر في كل ميدان يحتاج إلى الإصلاح والتقويم..."[5]
فعند النظر إلى الفصل 24 و خصوصا الفقرة الأولى منه، "يعين الملك الوزير الأول"، نجد أن هذه الفقرة ظلت وافية لمحتواها في جل التعديلات الدستورية، والتي تفيد بأن الملك بقي محتفظا بسلطاته المطلقة في هذا المجال، فهو المسئول عن تعيين و اختيار الوزير الأول، وبالتالي تسمية الوزير الأول تبقى من الصلاحية المطلقة التي يتمتع بها الملك.
فهذه الحرية المتبعة في تعيين الوزير الأول تستند إلى الصيغة الواسعة لمقتضيات الفصل 24 من الدستور، والتي عمل الملك الحسن الثاني على تبريرها بمنطق وظيفي يروم خلق قاعدة دستورية عرفية تقضي بحياد الوزير الأول وعدم انتمائه إلى أي توجه سياسي.
وإذا كانت سلطة الملك في تعيين الوزير الأول قد استقرت في دستور 1996 مند أول دستور للبلاد، فإن باقي الوزراء لم يكن للوزير الأول الحق في اقتراحهم، إلا بموجب دستور 1992، ولعل تعديل 13 أكتوبر 1996 قد احتفظ بهذا الحق أيضا، إذ أصبح ظهير تعيين الوزراء مقرونا بالتوقيع بالعطف من طرف الوزير الأول،[6] وتحديد لائحة الوزراء تتم -عادة- بين الملك والوزير الأول، إلا أن صلاحية هذا الأخير، من الناحية الواقعية، تبقى محدودة، إذ لا يشمل اقتراحه جميع الوزراء، نظرا لاستمرار وجود وزارات محفوظة التعيين لا يدخل أمر اقتراح وزرائها صلاحية الوزير الأول، وقد بلغت ست وزارات في حكومة 14 مارس 1998، وثماني وزارات في التعديل الحكومي ل 6 شتنبر 2000.[7]
وتجدر الإشارة إلى أن الممارسة الدستورية و السياسية المغربية في تعيين الوزير الأول قد استقرت منذ دستور 1962 على سنة عدم تحزب هذا الأخير، فبالرغم من كون الأغلبية البرلمانية ضرورية لخلق حكومة متجانسة، فإن العامل الحزبي لم يلعب دورا محوريا في تعيين الوزير الأول، بل أسند هذا المنصب دائما لشخصية غير منتمية حزبية.
وإذا كان تعيين عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا على رأس الحكومة في 14 مارس 1998 شكل حدثا بارزا داخل الساحة الوطنية و حتى الخارجية، كون أن زعيم سياسي في معارضة سابقة ظلت مقصاة لمدة طويلة يقف على رأس هذه المؤسسة الضخمة، معلنا عن دخول المغرب مرحلة التناوب على الحكم، فقد فوجئ الرأي العام مع أول انتخابات برلمانية لاحقة بالعدول عن خيار التناوب ليتم تعيين وزير أول تكنوقراطي بدون أي انتماء سياسي، إدريس جطو، ليؤول الأمر برمته للفصل 24 دون اعتداد لا بتناوب سياسي ولا بأغلبيات برلمانية.[8]
إن الذي يستوجب الانتباه عند مقاربة حدث تكوين حكومة عبد الرحمان اليوسفي، دلالته الرمزية والتاريخية، وطبيعة المشهد السياسي الذي شرع في التشكل والديمومة والاستقرار، فمنذ إقالة حكومة عبد الله إبراهيم (1958-1960) لم يشهد المغرب تبدلا على مستوى تحمل المسؤولية الحكومية، حيث استمر قطاع واسع ووازن من الحركة الوطنية خارج مدارج السلطة، يمارس المعارضة، تارة بمنطق الرفض والنزوع إلى الإقصاء، وطورا بالسلم والسعي إلى الاندماج، لذلك يشكل تعيين حكومة 14 مارس 1998 تغيرا نوعيا، من شأنه إذكاء جذوة الثقة، وإحياء روح التعاقد الضمني الذي عبرت عنه عريضة الاستقلال (1944)، والمساهمة في استبدال منطق الإقصاء المتبادل بإرادة البناء المشترك.[9]
وحري بالذكر أن التجربة المغربية في هذا الإطار قد استلهمت النموذج الدستوري الفرنسي للجمهورية الخامسة، فالسلطة التقديرية للملك في تعيين الوزير الأول هي نفسها التي يتمتع بها رئيس الجمهورية الفرنسي.[10]
وبالإضافة إلى التعيين، يترتب عن المسؤولية الفعلية للحكومة أمام الملك، ممارستها لصلاحياتها في ظل توجهاته، لأنه يتحكم بشكل مباشر في تحديد السياسة العامة للبلاد من خلال رئاسته للمجلس الوزاري، و الذي يستند إلى الفصل 25 من دستور1996، حيث يعطي للملك رئاسة مجلس الوزراء وبالتالي مساهمته بشكل مباشر في اتخاذ جميع القرارات التي تتخدها الحكومة، ويعمل بذلك على رسم السياسة العامة للبلاد، فهذا المجلس يشكل إطارا لتدارس و مناقشة جميع الأنشطة التي تقوم بها الحكومة على المستوى الداخلي و الخارجي، ورئاسة الملك له تجعله يطلع على جميع أعمال الحكومة و يعمل على مراقبتها.
وعموما تبقى مؤسسة الحكومة في حالة تبعية للمؤسسة الملكية دستوريا و سياسيا، فهي تستمد وجودها من الإرادة الملكية لأنها مسئولة أمامه، و لا تعكس حقيقة الأغلبية، بحيث تشمل على ممثلي الأحزاب وكذلك على شخصيات مستقلة تحضى بثقة الملك.
فدستور 1996 قد منح الملك حرية غير مقيدة لتعيين واختيار الوزير الأول دون الاعتداد بنتائج الانتخابات التشريعية. إلا أن الموقع الذي تظهر فيه المسؤولية السياسية للحكومة أمام الملك بشكل بارز هو موضع التحكم في مصيرها واستقالتها، فالملك يضع حدا لها حتى وإن حصلت على ثقة البرلمان، فكيف يمكن للملك أن يعفي حكومة تستند على أغلبية برلمانية ؟
المطلب الثاني: إقالة الحكومة
إذا كانت الحكومة المغربية تعمل على التنسيق والتعاون فيما بين أعضائها عن طريق مجلسها الذي يضم أعضاء الحكومة برئاسة الوزير الأول،[11] فإنه وفي حالة وقوع صراع أو خلاف بين هذه الحكومة والملك، أو بينها وبين البرلمان أو حتى بين الرأي العام، يتدخل الملك بصلاحياته ليحسم الأمر بإثارة المسؤولية السياسية لهذه الحكومة فيقيلها، وذلك نظرا لوضعها الحساس داخل النظام، ولمكانتها المؤسساتية ودورها الوظيفي باعتبارها مالكة سلطة التنفيذ.[12]
فوجود الحكومة رهين بالإرادة الملكية وسلطته التقديرية، بحيث يحق للملك متى شاء إنهاء مهامها بمقتضى الفصلين 24 و 60، إما بصفة فردية أو جماعية، و للملك في هذا المجال كامل الحرية للتقرير في مسألة إقالة أحد أعضاء الحكومة، دون أن يكون مجبرا على استشارة الوزير الأول، وظهير الإقالة لا يكون موقعا بالعطف من طرف الوزير الأول، بخلاف الأمر بالنسبة لمرسوم إقالة الوزراء من طرف رئيس الجمهورية الفرنسية، والذي يكون باقتراح من الوزير الأول، مما يجعل أن كل من وزير الدولة والوزير الأول يتوفران على صلاحية عزل الوزراء.[13]
ويرى المهتمين في هذا الشأن أن عدم تمتيع الوزير الأول المغربي بهذا الحق (اقتراح إقالة الوزراء) يجعل مسألة اقتراح تعيين الوزراء المنصوص عليها في الفصل 24 فارغة من كل محتوى ومن دون جدوى، ويكاد يجمع جل المهتمين على أن الفصل 24 في صيغته الأولى المتضمنة لثلاث فقرات (قبل تعديل 4 شتنبر 1992) كان يقرر في الفقرة الثانية ما يلي:" يعين الملك أعضاء الحكومة .... باقتراح من الوزير الأول"، وكان من شأن الإبقاء على هذه الفقرة، تقوية مركز الوزير الأول تجاه باقي الوزراء، بحيث كانت ستجعل منه المشارك الرئيسي في عملية التعيين والإقالة، غير أن الصيغة النهائية للفصل 24 أبعدت هذه الإمكانية، وأصبح الوزير الأول يملك فقط حق الاقتراح، مع إبقاء حق الإقالة من اختصاص الملك وحده،[14] وقد احتفظ دستور 13 شتنبر 1996 بنفس المقتضيات مما يعني الاحتفاظ بنفس الوضعية القانونية للوزير الأول.
وعند النظر في الفقرتان الثالثة والرابعة من الفصل 24، فإننا نجدهما تنصان على التوالي " وله أن يعفي أعضاء الحكومة من مهامهم" " ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها..." و لا يكون الملك في ذلك ملزما بتعليل قراراته في هذا المجال،[15] وهكذا تكون الحكومة مرتبطة في وجودها ومصيرها بالإرادة والسلطة التقديرية للملك ولا تتحمل المسؤولية السياسية على أعمالها بشكل فعلي إلا أمامه، فالملك يمكنه في أية لحظة أن يضع حدا لمهامها حتى لو لم يحرك البرلمان مسؤوليتها أمامه.[16]
وعموما فإن الوضعية التي توجد عليها الحكومة هي التي تفسر مسؤوليتها السياسية أمام الملك، وهي التي تفسر السلطة المعترف بها للملك من أجل تعيين ليس فقط الوزير الأول، وإنما كذلك بقية الوزراء كما يمكن له وضع حد لمهامهم، لأن الفلسفة التي تحكم النظام السياسي المغربي، لا ترقى بالحكومة إلى المؤسسة القائدة التي تضع سياسة الأمة، وتسأل عنها أمام ممثلي الشعب في البرلمان، بل فقط مؤسسة تابعة تمارس بعض الاختصاصات المفوضة إليها من قبل الممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها.[17]
هذا فيما يخص المسؤولية السياسية للحكومة طبقا لمقتضيات دستور 1996، فكيف عالج يا ترى التعديل الدستوري الأخير هذه المسؤولية ؟
المبحث الثاني: مسؤولية الحكومة أمام الملك في ظل دستور 2011.
لم يقف التعديل الدستوري في محطة 1996، بل واستمرارا في مسلسل الإصلاحات المتتالية التي دخل فيها المغرب منذ فجر الاستقلال، عرف هذا الأخير ولادة دستور جديد من رحم ظروف أملتها المرحلة، ولعل إرادة واضعي هذا الدستور شملت مختلف المجالات دون أن تغض النظر عن العلاقة بين المؤسسة الملكية ومؤسسة الحكومة.
ولقد أثار دستور2011 الذي جرى التصويت عليه بأغلبية فاقت 98% الكثير من القراءات، وذلك بحسب مواقع الفاعلين ومواقفهم السياسية، فهناك من اعتبره تقدما ملحوظا من حيث البناء المؤسساتي للبلاد، وهناك من اعتبره دستورا ديمقراطيا يمكن أن يضع حدا فاصلا بين مرحلة الاستبداد ومرحلة الدخول إلى الديمقراطية، وبالمقابل نظر إليه البعض الآخر على أنه تكريس لنفس الثوابت الدستورية السابقة.[18]
وعموما، فقد مثلت سنة 2011، دون أدنى شك، منعطفا تاريخيا فاصلا ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل المتمثل في مختلف الأوراش الإصلاحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق، وفي خضم الأحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا لها، ولقد توج هذا الإصلاح بخطاب 9 مارس 2011 ليعلن الملك من خلاله عن مبادرته الداعية إلى إجراء تعديلات دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير مسبوقة، ولعل أول هذه المستجدات مست المؤسسة الملكية، إذ تم التكريس على مستوى الدستور للملكية المواطنة عبر إدراج مقتضيات جديدة تخلى بمقتضاها الملك عن بعض صلاحياته لفائدة أجهزة أخرى كرئيس الحكومة والبرلمان، وفي نفس السياق، تقوى مركز رئيس الحكومة،[19] حيث ارتقى بالمكانة الدستورية للوزير الأول إلى رئيس الحكومة الذي يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، تجسيدا لانبثاق الحكومة عن الاقتراع العام المباشر.[20]
فإذا كانت الحكومة في ظل الدساتير السابقة عملت في إطار ملكية تملك صلاحيات واسعة، هل يمكن الحديث عن حكومة مستقلة بدأت في إطار هذا الدستور الجديد ؟
ينص الفصل 47 من الدستور على أنه " يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية. يترتب عن استقالة رئيس الحكومة إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك. تواصل الحكومة المنتهية مهامها تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة "،[21] فبعد تعيين رئيس الحكومة، يقوم هذا الأخير بإجراء مشاورات مع الأطراف السياسية التي بإمكانها تشكيل أغلبية ذات امتداد برلماني، على اعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح بالأغلبية المطلقة للحزب الأول، وبعد إجراء المشاورات بين رئيس الحكومة وباقي الأطراف السياسية، يتقدم رئيس الحكومة باقتراح جميع أعضاء الحكومة أمام الملك، باعتباره متمتع بهذه السلطة أي سلطة الاقتراح، بينما الملك، وطبقا لسلطته، يقوم بالتعيين، كما يمكن للملك أن يرفض أو يتحفظ على شخصية حكومية معينة، فجميع الأمور مرتبطة بالتفاوض بين الملك وبين رئيس الحكومة.[22]
ولا بد من التأكيد، قبليا، أن الفصل 47 من دستور 2011 يختلف كليا عن فحوى الفصل 24 من دستور 1996،[23] إذ يتبين أن هناك تغييرا من حيث تعيين الملك لرئيس الحكومة، حيث أصبح يشترط فيه الانتماء إلى الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب على خلاف الفقرة الأولى من الفصل 24 والتي تقر على أن الملك يعين الوزير الأول دون أن تضم شروط لذلك.
ولعل أولى ملامح تفعيل الوثيقة الدستورية الجديدة، تظهر من خلال تعيين الملك، للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بالرغم من أن الدستور لا يقيد الملك بتعيين الأمين العام أو رئيس الحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية رئيسا للحكومة، وحري بالذكر أن تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، شكل قطيعة مع ما أسست له التجربة الدستورية المغربية، وتبرز انعكاسات هذا التعيين في كون التنافس الانتخابي أصبح يسمح نسبيا بالتداول الديمقراطي على السلطة، انطلاقا من نتائج الاقتراع العام التي من المفروض أن تعبر عن إرادة المواطنين، لذلك، فإن أهمية الفصل السابع والأربعين من دستور 2011، تكمن في كونها عززت من المركز القانوني لرئيس الحكومة، وأصبح التعيين الملكي رمزيا وشكليا، ثم إن تفاعل الرأي العام مع التعيين الملكي لرئيس الحكومة، أصبح ينظر معه إلى رئيس الحكومة باعتباره الشخصية الثانية في السلطة التنفيذية من خلال ارتباطه بالأغلبية،[24] خصوصا وأن هذا الدستور الجديد لم يحدد بشكل واضح حدود السلطة التنفيذية في علاقتها بالملكية. إذ أن هناك العديد من الفصول تخول لرئيس الحكومة أن ينوب عن الملك في عدد من المهام، كرئاسة المجلس الوزاري، أو المجلس العسكري.[25]
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الدستوري قد اتجه نحو جعل الحكومة مسئولة حصريا أمام مجلس النواب، لذلك اختفت من دستور 2011 تلك الفقرة التي ظلت حاضرة في الدساتير الخمسة السابقة (62-70-72-92-96)، والتي تجعل الحكومة مسئولة أمام الملك وأمام مجلس النواب،[26] فطبقا لمقتضيات الفصل 88 من الدستور " بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة... تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب..."،[27] أمكن التمييز من زاوية، بين سلطة التعيين التصريفية (الملك)، وسلطة التنصيب التفعيلية (البرلمان) بحيث أن مسألة تعيين الملك لرئيس الحكومة تأتي تلقائيا وتسمو على إرادة الملك بالاختيار الشعبي الانتخابي، إذ لا يكتسي التعيين الملكي لرئيس الحكومة إلا طابعا تصريفيا،[28] أما مسألة التنصيب من طرف مجلس النواب، باعتبار أن أعضاءه يستمدون نيابتهم من الأمة (الفصل 60 من الدستور)، هي التي أضحت تمنح الحكومة الوجود القانوني، إلا أنه ومن زاوية أخرى، فإن المشرع - ومن خلال الفصل 88 المذكور- لم يوفق إلى حد بعيد في ضبط المفردات الدستورية التي من شأنها أن تحسم كل النقاشات الفقهية التي قد تحوم حول هذا الموضوع، والتي أسالت مداد العديد من الباحثين قي مجال القانون الدستوري، بحيث أنه لم يقم ببعض الإضافات الجوهرية التي كانت ستيسر تطبيق المقتضيات الدستورية، فمن حيث المفردات التي تم استعمالها في الفصل 88 من دستور2011، خاصة فيما يتعلق بمصطلح "تعيين" الذي استهل به هذا الفصل من خلال عبارة: "بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة''، نلاحظ أن هذا المصطلح يتحدث عن تعيين الحكومة بمعنى تنصيبها النهائي من طرف الملك، في حين أن المفردة الأنسب لهذا المقام كان يجب أن تكون هي"موافقة"، ليصبح مدخل هذا الفصل :"بعد موافقة الملك على أعضاء الحكومة"، لأن رئيس الحكومة عندما يعرض التشكيلة الحكومية على الملك، فانه ينتظر موافقته عليها، للتوجه إلى البرلمان بعد ذلك في سعي إلى تنصيب الحكومة، لتباشر المهام التي أناطها بها الدستور، وإلا فما فائدة تعديل مقتضيات الفصل 60 من دستور1996، إذا بقي دور البرلمان محصورا في مجرد مباركة التعيين الملكي للحكومة.[29]
وفيما يخص إقالة الحكومة، فإنه وطبقا للفقرة الثالثة من الفصل 47، يندرج هذا الإجراء في إطار الصلاحيات والاختصاصات المسندة إلى الملك باعتباره أميرا للمؤمنين (الفصل 41) وباعتباره رئيسا للدولة (الفصل 42). وبالتالي، فإن مضامين هاته الفقرة تتلاءم مع نظرية الانتقال التدريجي للسلطة، [30]خلافا على ما كانت عليه نفس الفقرة من الفصل 24 من دستور1996، حيث أصبح هذا الأمر مقيدا بواجب استشارة رئيس الحكومة.
يلاحظ إذن من خلال الوقوف على مسألة تعيين الحكومة وإعفائها، أن الملك ملزم بتعيين الرئيس من الحزب المتصدر، ومادامت صلاحيات الرئيس توسعت فيما يخص إعفاء الحكومة، كما لم يعد بإمكان الملك إعفاء الحكومة بأكملها أو إقالة رئيسها، فإن مسؤولية الحكومة أمام الملك لم تعد كما كانت عليه في دستور 1996. لكن بمجرد العودة إلى الفصل 51[31] الذي منح الملك حق حل أحد مجلسي البرلمان أو هما معا، نجد أن الملك بإمكانه إسقاط الحكومة انطلاقا من هذا الفصل، بحيث لا زال الملك قادرا على التحكم في مصير الحكومة، وبالتالي بقاء الوزراء تابعين للملك بعد تعيينهم، إذ يحق له عزل أحدهم أو مجموعة منهم، بمجرد استشارة رئيس الحكومة، وهذه الاستشارة ليست ملزمة، مما يعني مسؤولية الوزراء أمام الملك، وأن له تقييم عملهم بصرف النظر عن رأي رئيس الحكومة فيهم.
ولتمكين الحكومة من أساس دستوري لممارسة مسؤولياتها، نص الدستور على «مجلس الحكومة» وتحديد وتوضيح اختصاصاته والفرق بينه وبين «مجلس الوزراء»، إذ ينعقد المجلس الوزاري برئاسة الملك بمبادرة منه أو بطلب من رئيس الحكومة، وللملك أن يفوض رئاسته على أساس جدول أعمال محدد لرئيس الحكومة (الفصل 48) تعزيزا لسلطته التنفيذية. أما مجلس الحكومة فينعقد برئاسة رئيسها وبمبادرة منه وبتركيبة تشمل كافة أعضائها، ويخول مجلس الحكومة صلاحيات تنفيذية واسعة ذاتية تقريرية وأخرى تداولية تحال إلى المجلس الوزاري ليبث فيها ضمن ما تم الاحتفاظ له به من صلاحيات إستراتيجية وتحكيمية وتوجيهية، بما فيها الحرص على التوازنات الاقتصادية والمالية التي صارت قاعدة دستورية.[32] فمضامين الفصل 49 الذي ينص على القضايا التي يتم التداول فيها بالمجلس الوزاري برئاسة الملك، ومضامين الفصل 92 المتعلقة بالقضايا التي يتم تداولها بمجلس الحكومة برئاسة رئيسها، لا تعطي للمجلس الأخير صلاحية البث النهائية، وذلك لضرورة عرضها أمام المجلس الوزاري، كما أن الفقرة الأخيرة من الفصل 92 نفسه تلزم رئيس الحكومة بأن يطلع الملك على خلاصات مداولات المجلس الحكومي، وهذا يحيل إلى الفصل 42 الذي يجعل من بين مهام الملك السهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية، وإلى الفصل الأول الذي ينص على أن الفصل بين السلط هو فصل مرن متوازن ومتعاون، بالإضافة إلى أن ذلك يعطي للملك مراقبة سير عمل الحكومة وتوجيهها،[33] وهذا يعني أن مجلس الحكومة، حتى وإن تمت دسترته كمؤسسة وتم تخويله حق البت في مشاريع القوانين العادية والمراسيم التنظيمية، فإن ذلك يتم في إطار الخضوع للتوجهات "الإستراتيجية" التي رسمها مجلس الوزراء، فمهمة مجلس الحكومة هي تحويل تلك التوجهات إلى قرارات وتدابير والانضباط لسقف ما تقرر في مجلس الوزراء، والملك لا يمارس مجرد رئاسة شرفية أو بروتوكولية لهذا المجلس، بل يمارس رئاسة فعلية، وبالتالي تكون الحكومة مسئولة أمامه.
خاتمة
وخلاصة القول، تبقى مؤسسة رئيس الدولة هي مؤسسة فوق كل سلطة، تمارس العديد من الصلاحيات تحت مظلة الشرعية، ومسؤولية الحكومة أمام هذه المؤسسة هي أقوى بكثير من المسؤولية السياسية أمام البرلمان، وبالرغم من كون التعديل الدستوري الأخير لم ينص بشكل صريح على مسؤولية الحكومة أمام الملك، وقام بتقوية مكانة رئيس الحكومة بتخويله عدة صلاحيات إضافية كما رأينا، فإنه لا يمكن أن يفهم من هذا أن مسؤولية الحكومة أمام الملك قد انقرضت مع هذا الدستور الجديد، بل ومن خلال النظر إلى الاختصاصات الدستورية التي تتمتع بها المؤسسة الملكية، خصوصا تلك المتعلقة بممارسة السلطة التنفيذية، يستشف ضمنيا أن هذه المسؤولية مازالت حاضرة وبشكل قوي، ولعل كلام الملك الراحل الحسن الثاني واضح في هذا المجال، حيث قال: " قلت وكررت ولازلت أكرر أنه بالنسبة لعبد الله الضعيف، خادم المغرب الأول، عبد ربه، بالنسبة لي ليس هناك فصل في السلطة، أنا أب الجميع، أب المشرع وأب المنفذ...".[34]
فمن الناحية الدستورية و كذلك من ناحية الممارسة الفعلية يعتبر الملك صاحب السلطة التنفيذية، نظرا لكون الحكومة تزاول مهامها تحت إشرافه وتوجيهاته، وتتجلى الصدارة والهيمنة والتفوق والسمو الملكي في كون الملك هو الذي يملك حق تعيين الحكومة وإقالتها، كما أنه يرأس المجالس الوزارية، باعتبارها أعلى هيئة تقريرية في الدولة،[35] وبالتالي تبقى المسؤولية السياسية للحكومة أمامه موجودة بشكل قوي وفعلي.
وبالرغم من قيام دستور 2011 بمحاولة تدعيم دور الحكومة وعلى رأسها مؤسسة رئيس الحكومة، إلا أنه أبقاها مجرد جهاز تنفيذي في يد الملك ومعينه على تحمل أعباء الدولة وأمانتها العظمى، وذلك نابع من معطى أساسي تتميز به الملكية المغربية وهو كونها ملكية فاعلة تسود وتحكم.
لائحة المراجع
الكتب
1_ محمد الرضواني: التنمية السياسية في المغرب، تشكل السلطة التنفيذية وممارستها من سنة 1956 إلى سنة 2000، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى 2011.
2_ امحمد مالكي: الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، طبعة 2001.
3_ مليكة الصروخ: القانون الدستوري، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1998.
4_ عبد الله ناصف إبراهيم: مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة، دار النهضة العربية، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1981.
5_ مصطفى قلوش: الدستوري المغربي، مكتبة دار السلام، الطبعة الرابعة 1994.
6_ رقية المصدق، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، دار توبقال للنشر الدار البيضاء، 1987.
الأطروحات والرسائل الجامعية
1_ يمينة هكو: المسؤولية السياسية للسلطة التنفيذية في دول المغرب العربي( المغرب-الجزائر-تونس-موريتانيا )، دراسة مقارنة، الجزء الثاني، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2005.
2_ عبد النبي كياس: توزيع السلطات في النظام السياسي المغربي على ضوء دستور1996، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق، أكدال، الرباط، 2010-2011.
3_ محمد أزواغ: اختصاصات الدولة في النظام الدستوري المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام كلية الحقوق، الرباط 1984.
المقالات
1_فلاح إسماعيل حاجم: نظرة قانونية: المعالجة القانونية لمسؤولية الجهاز التنفيذي للدولة، نشر بتاريخ: 13-4-2005، بالحوار المتمدن، العدد 1166، في: www.ahewar.org
2_محمد زين الدين: الإصلاحات الدستورية والسياسية في مغرب التسعينات، نشرفي: www.tangerpress.com.
3_ عبد المنعم لزعر: المؤسسة البرلمانية بالمغرب: توصيفات التردي ورهانات الإصلاح الدستوري الجديد لسنة2011، نشر بتاريخ 24 دجنبر 2011، في: www.marocdroit.com.
4_ ورقة تقديمية لندوة تحت عنوان " الدستور المغربي 2011: مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة "، نظمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، يومي 20-21 أبريل 2012، نشرفي: www. droit-maroc.blogspot.com
5_ لطيفة العروسني: الدستور الجديد للمغرب: احتفاظ الملك بسلطات سياسية ودينية مقابل صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، نشر بجريدة العرب الدولية- الشرق الأوسط، العدد 11891، يوم الأحد 18 رجب 1432، 19 يونيو 2011.
6_ سناء كريم: حامي الدين: للملك سلطة التعيين ولرئيس الحكومة سلطة الاقتراح، نشر بتاريخ: 15-11-2011، في: www.maghress.com 7_عبد العزيز فجال: محاولة قانونية لفهم معنى "التعيين" و"التنصيب" في الدستور المغربي الجديد، نشر يوم: 05-03-2012، في :www.maghress.com.
8_ أمين السعيد: تعيين رئيس الحكومة وسؤال الممارسة الدستورية بالمغرب، نشر في: www.arabsfordemocracy.org
9_ عبد النبي أبو العراب: في فهم العلاقة بين السلطتين الملكية والتنفيذية، نشر في: www.marocpost.net
10_ حسن طارق: الأغلبية، المعاضة والدستور: ملاحظات حول مسألة التنصيب البرلماني للحكومة، نشر يوم: 16-01-2012، في: www.hespress.com
11_ عبد النبي أبو العراب: في فهم العلاقة بين السلطتين الملكية والتنفيذية، نشر في: www.marocpost.net.
12_ عبد النبي كياس: إشكالية تنصيب الحكومة في ظل الدستور المغربي الجديد: دراسة قانونية دستورية، نشر في:
www.fsjes-agadir.info
13_ لطيفة العروسني: الدستور الجديد للمغرب: احتفاظ الملك بسلطات سياسية ودينية مقابل صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، نشر بجريدة العرب الدولية- الشرق الأوسط، العدد 11891، يوم الأحد 18 رجب 1432، 19 يونيو 2011.
14_ محمد حامي: قراءة أولية لمشروع الدستور الجديد...العلاقة بين السلط، نشر يوم 30-6-2012، في: www.maghress.com
الوثائق الرسمية
الدستور المغربي لسنة 1996
الدستور المغربي لسنة 2011
الدستور الفرنسي لسنة 1958
خطابات الملك الحسن الثاني
الهوامش
[1]- يمينة هكو: المسؤولية السياسية للسلطة التنفيذية في دول المغرب العربي( المغرب-الجزائر-تونس-موريتانيا )، دراسة مقارنة، الجزء الثاني، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2005، ص: 325.
[2]- فلاح إسماعيل حاجم: نظرة قانونية: المعالجة القانونية لمسؤولية الجهاز التنفيذي للدولة، نشر بتاريخ: 13-4-2005، بالحوار المتمدن، العدد 1166، في: www.ahewar.org
[3]- الفصل 24 من الدستور المغربي لسنة 1996.
[4]- محمد زين الدين: الإصلاحات الدستورية والسياسية في مغرب التسعينات، نشرفي: www.tangerpress.com.
[5]- مقتطف من خطاب الملك الحسن الثاني بمناسبة عيد العرش لسنة 1996، منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي، عدد4589، بتاريخ 4 مارس 1996، ص2.
[6]- محمد الرضواني: التنمية السياسية في المغرب، تشكل السلطة التنفيذية وممارستها من سنة 1956 إلى سنة 2000، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى 2011،ص: 72.
[7]- نفس المرجع، ص: 75.
[8]- يمينة هكو: مرجع سابق، ص :289.
[9]- امحمد مالكي: الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، طبعة 2001، ص: 376.
[10]- الفصل 8 من الدستور الفرنسي لسنة 1958.
[11]- مليكة الصروخ: القانون الدستوري، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1998، ص: 239.
-[12] يمينة هكو: مرجع سابق، ص: 321.
-[13] عبد الله ناصف إبراهيم: مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة، دار النهضة العربية، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1981، ص: 190.
[14]- مصطفى قلوش: الدستوري المغربي، مكتبة دار السلام، الطبعة الرابعة 1994، ص: 201.
[15]- محمد أزواغ: اختصاصات الدولة في النظام الدستوري المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام كلية الحقوق، الرباط 1984، ص: 35.
[16]- نفس المرجع، ص: 191.
[17] - رقية المصدق، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، دار توبقال للنشر الدار البيضاء, 1987ص: 95.
[18]- عبد المنعم لزعر: المؤسسة البرلمانية بالمغرب: توصيفات التردي ورهانات الإصلاح الدستوري الجديد لسنة2011، نشر بتاريخ 24 دجنبر 2011، في: www.marocdroit.com ص: 10.
[19]- ورقة تقديمية لندوة تحت عنوان " الدستور المغربي 2011: مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة "، نظمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، يومي 20-21 أبريل 2012، نشرفي: www. droit-maroc.blogspot.com
[20]- لطيفة العروسني: الدستور الجديد للمغرب: احتفاظ الملك بسلطات سياسية ودينية مقابل صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، نشر بجريدة العرب الدولية- الشرق الأوسط، العدد 11891، يوم الأحد 18 رجب 1432، 19 يونيو 2011.
[21]- الفصل 47 من الدستور المغربي لسنة 2011.
[22]- سناء كريم: حامي الدين: للملك سلطة التعيين ولرئيس الحكومة سلطة الاقتراح، نشر بتاريخ: 15-11-2011، في: www.maghress.com
[23]- عبد العزيز فجال: محاولة قانونية لفهم معنى "التعيين" و"التنصيب" في الدستور المغربي الجديد، نشر يوم: 05-03-2012، في :www.maghress.com.
[24]- أمين السعيد: تعيين رئيس الحكومة وسؤال الممارسة الدستورية بالمغرب، نشر في: www.arabsfordemocracy.org
[25]- عبد النبي أبو العراب: في فهم العلاقة بين السلطتين الملكية والتنفيذية، نشر في: www.marocpost.net
[26]- حسن طارق: الأغلبية، المعاضة والدستور: ملاحظات حول مسألة التنصيب البرلماني للحكومة، نشر يوم: 16-01-2012، في: www.hespress.com .
[27]- أنظر الفصل 88 من الدستور المغربي لسنة 2011.
[28]- عبد النبي أبو العراب: في فهم العلاقة بين السلطتين الملكية والتنفيذية، نشر في: www.marocpost.net.
[29]- عبد النبي كياس: إشكالية تنصيب الحكومة في ظل الدستور المغربي الجديد: دراسة قانونية دستورية، نشر في:
www.fsjes-agadir.info
www.fsjes-agadir.info
[30]- عبد العزيز فجال: محاولة قانونية لفهم معنى "التعيين"...، مرجع سابق.
[31]- " للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبق الشروط المبينة في الفصول96 و97 و 98 ".
[32]- لطيفة العروسني: الدستور الجديد للمغرب: احتفاظ الملك بسلطات سياسية ودينية مقابل صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة، نشر بجريدة العرب الدولية- الشرق الأوسط، العدد 11891، يوم الأحد 18 رجب 1432، 19 يونيو 2011.
[33]- محمد حامي: قراءة أولية لمشروع الدستور الجديد...العلاقة بين السلط، نشر يوم 30-6-2012، في: www.maghress.com
[34]- خطاب الملك الحسن الثاني، ألقاه أمام أعضاء مجلس النواب، بتاريخ 9 أكتوبر 1987.
[35]- عبد النبي كياس: توزيع السلطات في النظام السياسي المغربي على ضوء دستور1996، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق، أكدال، الرباط، 2010-2011، ص:348.