لم تدخر الحكومة الحالية أي جهد أو مناسبة للقول بأن أهم الأوراش التي باشرت فيها إصلاح العدالة، ونحن هنا ليس لنفي أو إثبات ما تدعيه الحكومة. لكن الكل يلاحظ ويعاين بالعين المجردة بأن كل الفئات المعنية تكاد تجمع بأن هناك تغرات أو نقائص في ما عرضته وزارة العدل والحريات من مسودة مشروع قانون تنظيمي يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة على الخصوص.
وقد اطلعت كمهتم بمسطرة الولوج إلى السلك القضائي من طرف فئات الموظفين ،ذلك أن المادة 28 من هذه المسودة تنص على أنه يمكن أن تفتح مباراة الولوج إلى السلك القضائي للفئات التالية:
ان المطلع على هذه المادة يجدها أنها بعيدة عن الواقع وتنطلق من خلفية إقصائية توحي بأن هناك رغبة لدى واضعها في الحط من تجربة فئة عريضة من أطر الدولة سواء كانوا من مساعدي القضاء أو موظفي الدولة أو الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية. وبيان ذلك الشروط التعجيزية المتمثلة في الفترة الواجب قضاؤها في المهنة أو التدريس الجامعي ، ذلك أن أقل سن للحصول على الدكتوراه هو معدل 30 سنة ، يضاف إليها 15 سنة أو 10 سنوات المطلوبة، أي أن يكون سن المرشح هو 45 سنة في جل الأحوال .يضاف إلى شرط السن التقدم إلى الامتحان ( الكتابي والشفوي) .
والكل يعلم أن الموظف العمومي المعين في سلم 11، إنما عين بناء على مباراة من أجل الولوج إلى الوظيفة العمومية ، وكذلك الشأن بالنسبة للأستاذ الجامعي ، ونفس الأمر بالنسبة لمساعدي القضاء الذين يجتازون امتحانات صعبة من أجل الولوج للمهنة ، ومن ضمنهم الزملاء الموثقين مثلا , ثم يطلب منهم انتظار 10 أو 15 سنة من أجل اجتياز مباراة ثانية من أجل الولوج إلى مهنة عمومية .
لنتصور أن أستاذ جامعي حاصل على دكتوراه الدولة ، وتخرج على يديه أفواج من رجال القانون ، ورغب في ممارسة القضاء ، عليه أن يتقدم بعد 10 سنوات من التدريس لاجتياز مباراة جانبا إلى جنب مع طلبته ، وأمام لجنة مفروض ان تكون علمية ، ومنها قد يكون أحد طلبته . أليس في هذا إنقاص من قدر العلم والعلماء .
ثم لماذا يطلب من الموظف العمومي الذي قضى 15 سنة في الإدارة ، وأصبح خبيرا في المجال الإداري ، لاسيما إذا كان يربط التطبيقي بالنظري وساهم في أبحاث جامعية وطنية ودولية، ومشهود له بالكفاءة والعلم ، أن يتقدم للمباراة من أجل ولوج القضاء الإداري مثلا ’فهل لا يعتبر مثل هذا الخبير إضافة نوعية للقضاء الإداري ، في الوقت الذي يتم تعيين بعض القضاة في هذا المجال ، ولم يسبق لهم أن ولجوا الإدارة ولو من باب التكوين التطبيقي.
ثم إذا كان هذا الموظف أو الأستاذ الجامعي أو احد مساعدي القضاء يرغب في اجتياز المباراة ، فلماذا سينتظر 15 سنة ، و بإمكانه التقدم لها في أي وقت ، لأنه ليس هناك أي امتياز إذا انتظر كل هذه السنوات ، ثم هل هناك نص قانوني يمنعه من ذلك ؟
إن الجهة التي وضعت هذه المسودة ، لم تربطها بالواقع المعاش ، لأن تحصين الجهاز القضائي ، يأتي عن طريق اختيار زبد المرشحين إليه وطرد من لا أمانة له، فلا يمكن عن طريق المباراة، الإدعاء أن هناك إصلاحا ، فالإصلاح يتم عن طريق التكوين المستمر والقاعدي ، خاصة وان القضاء ليس امتياز وإنما تشريف وتكليف ، يمارسه أهل الشرف والعفة والكفاءة والأخلاق .
كما أن القضاء ليس وظيفة عادية، وإنما مهنة شريفة تدخل في المجال الديني والدنيوي، وتمثل السيادة .
وعلى هذا الأساس فهي أكبر من أن تعالج بقرارات فردية سواء كان صاحب هذا القرار ، لجنة مقترحة أو وزير في السلطة التنفيذية.
لذلك نرى أن إصلاح القضاء لا يتم عن طريق الإجهاز على الحقوق المكتسبة للمهنيين والموظفين العموميين ، ويكفي الإشارة هنا ، أن منصب الولاة والعمال في العهد الجديد ، مفتوح أمام كل المغاربة رجالا ونساء ، ويكفي التوفر على الكفاءة والثقة ، دون أن يتم ربط ذلك بشروط أسدية من أجل الإقصاء.
ثم ، كان على واضع المادة 28 من المسودة ، أن يعين لجنة من رؤساء المحاكم ، وخاصة الإدارية لتقييم تجربة الموظفين العموميين الذين ولجوا القضاء الإداري ، لمعرفة هل هناك إضافة نوعية ، أم لا ، ويتم التقييم بناء على معايير موضوعية وعلمية .
إن ما يلاحظ على وزارة العدل والحريات ، أنه بعد أن تسلمت طلبات الموظفين العموميين المتوفرين على الشروط القانونية طبقا للفصل 3 من النظام الأساسي لرجال القضاء الساري المفعول، وعرض هؤلاء على البحث لدى السلطات العمومية، وطلبت أن توافيه الإدارات العمومية المعنية بتقريرها حول الحياة العملية للطالب ، تراجعت عن كل هذه المسطرة ، وربطت مصيرهم بمشروع قد يرى النور أو قد يبقى في عداد الأماني.
هذا ، في الوقت الذي كل النقابات التي " تمثل وتدافع عن حقوق الموظفين" لم تحرك ساكنا ، وكأن إصلاح القضاء لا يعنيها ، وأن المعركة فقط معركة القضاة وكتاب الضبط .
وهذا حيف تجاه فئة عريضة من الموظفين ، الذين أفنوا حياتهم في الإدارة بأجور زهيدة ، في الوقت الذي ينعم زملاءهم في القطاع الخاص بحياة رغيدة ، منهم الخبراء والمستشارين القانونيين، والمدراء......، و أقصى ما قد يطمح إليه رجل الإدارة الحامل للشهادات العلمية العليا ، هو عدم المضايقة ، وأن يسند إليه عمل يليق بمركزه الاعتباري .
وقد اطلعت كمهتم بمسطرة الولوج إلى السلك القضائي من طرف فئات الموظفين ،ذلك أن المادة 28 من هذه المسودة تنص على أنه يمكن أن تفتح مباراة الولوج إلى السلك القضائي للفئات التالية:
- موظفو كتابة الضبط الحاصلين على شهادة الاجازة أو ما يعادلها والمنتمين الى درجة مرتبة في سلم الأجور رقم 11 أو درجة في حكمها والذين قضوا عشر (10) سنوات على الأقل من الخدمة العمومية الفعلية؛
- المحامون الذين زاولوا مهامهم بصفة فعلية مدة 10 سنوات على الأقل؛
- أساتذة التعليم العالي الذين قاموا بتدريس احدى مواد العلوم القانونية (القانون الخاص) لمدة 10 سنوات على الأقل ،
- الموثقون والعدول والمفوضون القضائيون الحاصلين على شهادة الإجازة أو ما يعادلها والذين زاولوا مهامهم بصفة فعلية مدة 15 سنة على الأقل؛
- موظفو الإدارات والمؤسسات العمومية ، والحاصلون على شهادة الإجازة أو ما يعادلها والمنتمون إلى درجة مرتبة في سلم الأجور رقم 11 أو درجة في حكمها والذين قضوا مدة 15 سنة على الأقل في الخدمة العمومية الفعلية .
والكل يعلم أن الموظف العمومي المعين في سلم 11، إنما عين بناء على مباراة من أجل الولوج إلى الوظيفة العمومية ، وكذلك الشأن بالنسبة للأستاذ الجامعي ، ونفس الأمر بالنسبة لمساعدي القضاء الذين يجتازون امتحانات صعبة من أجل الولوج للمهنة ، ومن ضمنهم الزملاء الموثقين مثلا , ثم يطلب منهم انتظار 10 أو 15 سنة من أجل اجتياز مباراة ثانية من أجل الولوج إلى مهنة عمومية .
لنتصور أن أستاذ جامعي حاصل على دكتوراه الدولة ، وتخرج على يديه أفواج من رجال القانون ، ورغب في ممارسة القضاء ، عليه أن يتقدم بعد 10 سنوات من التدريس لاجتياز مباراة جانبا إلى جنب مع طلبته ، وأمام لجنة مفروض ان تكون علمية ، ومنها قد يكون أحد طلبته . أليس في هذا إنقاص من قدر العلم والعلماء .
ثم لماذا يطلب من الموظف العمومي الذي قضى 15 سنة في الإدارة ، وأصبح خبيرا في المجال الإداري ، لاسيما إذا كان يربط التطبيقي بالنظري وساهم في أبحاث جامعية وطنية ودولية، ومشهود له بالكفاءة والعلم ، أن يتقدم للمباراة من أجل ولوج القضاء الإداري مثلا ’فهل لا يعتبر مثل هذا الخبير إضافة نوعية للقضاء الإداري ، في الوقت الذي يتم تعيين بعض القضاة في هذا المجال ، ولم يسبق لهم أن ولجوا الإدارة ولو من باب التكوين التطبيقي.
ثم إذا كان هذا الموظف أو الأستاذ الجامعي أو احد مساعدي القضاء يرغب في اجتياز المباراة ، فلماذا سينتظر 15 سنة ، و بإمكانه التقدم لها في أي وقت ، لأنه ليس هناك أي امتياز إذا انتظر كل هذه السنوات ، ثم هل هناك نص قانوني يمنعه من ذلك ؟
إن الجهة التي وضعت هذه المسودة ، لم تربطها بالواقع المعاش ، لأن تحصين الجهاز القضائي ، يأتي عن طريق اختيار زبد المرشحين إليه وطرد من لا أمانة له، فلا يمكن عن طريق المباراة، الإدعاء أن هناك إصلاحا ، فالإصلاح يتم عن طريق التكوين المستمر والقاعدي ، خاصة وان القضاء ليس امتياز وإنما تشريف وتكليف ، يمارسه أهل الشرف والعفة والكفاءة والأخلاق .
كما أن القضاء ليس وظيفة عادية، وإنما مهنة شريفة تدخل في المجال الديني والدنيوي، وتمثل السيادة .
وعلى هذا الأساس فهي أكبر من أن تعالج بقرارات فردية سواء كان صاحب هذا القرار ، لجنة مقترحة أو وزير في السلطة التنفيذية.
لذلك نرى أن إصلاح القضاء لا يتم عن طريق الإجهاز على الحقوق المكتسبة للمهنيين والموظفين العموميين ، ويكفي الإشارة هنا ، أن منصب الولاة والعمال في العهد الجديد ، مفتوح أمام كل المغاربة رجالا ونساء ، ويكفي التوفر على الكفاءة والثقة ، دون أن يتم ربط ذلك بشروط أسدية من أجل الإقصاء.
ثم ، كان على واضع المادة 28 من المسودة ، أن يعين لجنة من رؤساء المحاكم ، وخاصة الإدارية لتقييم تجربة الموظفين العموميين الذين ولجوا القضاء الإداري ، لمعرفة هل هناك إضافة نوعية ، أم لا ، ويتم التقييم بناء على معايير موضوعية وعلمية .
إن ما يلاحظ على وزارة العدل والحريات ، أنه بعد أن تسلمت طلبات الموظفين العموميين المتوفرين على الشروط القانونية طبقا للفصل 3 من النظام الأساسي لرجال القضاء الساري المفعول، وعرض هؤلاء على البحث لدى السلطات العمومية، وطلبت أن توافيه الإدارات العمومية المعنية بتقريرها حول الحياة العملية للطالب ، تراجعت عن كل هذه المسطرة ، وربطت مصيرهم بمشروع قد يرى النور أو قد يبقى في عداد الأماني.
هذا ، في الوقت الذي كل النقابات التي " تمثل وتدافع عن حقوق الموظفين" لم تحرك ساكنا ، وكأن إصلاح القضاء لا يعنيها ، وأن المعركة فقط معركة القضاة وكتاب الضبط .
وهذا حيف تجاه فئة عريضة من الموظفين ، الذين أفنوا حياتهم في الإدارة بأجور زهيدة ، في الوقت الذي ينعم زملاءهم في القطاع الخاص بحياة رغيدة ، منهم الخبراء والمستشارين القانونيين، والمدراء......، و أقصى ما قد يطمح إليه رجل الإدارة الحامل للشهادات العلمية العليا ، هو عدم المضايقة ، وأن يسند إليه عمل يليق بمركزه الاعتباري .