MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




مقبرة النصوص التشريعية بالمغرب

     

سعيد موقـوش
باحـــــث بسلك الماستر
كلية الحقوق بمكناس



مقبرة النصوص التشريعية بالمغرب
   لا يغدو هذا التوصيف سوى صورة تراجيدية لواقع الأمانة العامة للحكومة، التي يتربع على عرشها الرئيس الأول السابق للمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) التقنوقراطي إدريس الضحاك الخبير في القانون البحري ، الذي إختار هذه المرة - في آخر سنوات مشواره العلمي والمهني الحافل- الإبحار داخل دهاليز الأمانة العامة للحكومة .

  " الضحاك يدافع عن إستقلالية الأمانة العامة للحكومة"، " الضحاك يشبه الأمانة العامة بالجيش التركي " … ، تلك كانت بعض العناوين العريضة التي تناولتها الصحافة الوطنية الأسبوع الماضي، وذلك في معرض تقديم الأمين العام للحكومة ميزانية قطاعه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب.

  حيث قدم سي الضحاك مرافعة بنوع من التعالي المؤسساتي ، وبمنطق الإدارة الضامنة لإستمرارية الدولة، على شاكلة " تمخزانيت الخاوية " على حد تعبير الدكتور المهدي المنجرة ، إذ صرح السيد الأمين العام أمام اللجنة البرلمانية بأنه " في كل الدول هناك مؤسسات مهمتها الحرص على إستمرارية الدولة، لأن تغيير الحكومات لا يعني تغيير الدولة، إنها حالة الجيش التركي مثلا " .

  طبعا، الأمين العام يتحدث عن أمانته التي أستأمن عليها كجهاز من أجهزة الدولة الباترمنيالية، وليس فقط مجرد " وزارة سيادية " ، فلم يجد الدكتور الضحاك ما يشبه به الأمانة العامة للحكومة سوى بـ " حالة الجيش التركي" .       

  فكيف إذن بمؤسسة أوكل لها المشرع بمقتضى المادة 4 من المرسوم المؤرخ في 19 ماي 2010 المتعلق بتنظيم الأمانة العامة للحكومة مهام التنسيق وإعداد وصياغة مشاريع القوانين الذي تشكل وعاء دولة الحق والقانون، أن توصم بقلعة جيش لا يجيد إلا لغة الحديد والنار !!

ومتى كانت مهمة الجيش والعسكر التحقق من مدى مطابقة مشاريع القوانين لأحكام الدستور !!

  ربما أن مستشاري الحكومة الجديدة ، البالغ عددهم 15 مستشارا موظفا بمقبرة صياغة النصوص التشريعية بالمغرب، ما زالوا يحنون ويتوسلون بمفاهيم وأدبيات أطروحة الجمود.

 ويزداد التخوف والتوجس عندما نعلم أن أزيد من 20 قانون تنظيمي حمله دستور 1 يوليوز 2011 ، كالقانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية ( الفصل 5)، وقانون الإضراب ( الفصل 29 )، والهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز( الفصل 164) ... ، وغيرها من النصوص التنظيمية التي سترقد إلى أن يشاء الله في مقبرة الأمانة العامة للحكومة، مما يفتح الباب على مصراعيه للتأويل غير الديمقراطي لأحكام الدستور الجديد، وذلك عبر كبح وفرملة بعض الضمانات التي حملها دستور 1 يوليوز 2011 ، هذا على إعتبار أن معظم النصوص التشريعية عبارة عن مشاريع قوانين مصدرها الأمانة العامة للحكومة، إذ سجل سنة 2011 ما مجموعه 88 مشروع قانون، في مقابل 9 مقترحات قوانين فقط تقدم بها البرلمان .

 كما تجدر الإشارة إلى أن عبارة "الأمين العام للحكومة " عبارة غير دستورية، لكون الدستور الجديد لم يستعمل عبارة " الأمين العام" ولا " وزير منتدب" ولا " وزير دولة " ، وذلك في معرض حديثه عن تشكيلة الحكومة، إذ جاء في الفصل 87 من دستور 1 يوليوز 2011 على أنه : " تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتابا للدولة " .

   وعلى سبيل الختام فإن تصريح السيد الضحاك، ومن قبله فقط بيومين المندوب العام لإدارة السجون حفيظ بنهاشم، الذي قال " بأنه إدارة وليس حكومة " ، تنبئ عن نوع من الإفلاس القانوني، تجعلنا في حالة تناقض مستمر مع الوثيقة الدستورية الجديدة حد الهذيان، طالما أن هناك من لا زال يخاطبها من فوق قلاعه الحصينة، وتذكرنا الحالة هاته بمقولة للجنرال أفقير عندما قال بأن " مهمة المسؤولين هي خرق القانون " وما زالت سارية المفعول في مغرب ما بعد السكتة .
         
 

تاريخ التوصل 9أبريل2012
تاريخ النشر 9ابريل 2012




الاثنين 9 أبريل 2012

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter