خالد الدك باحث في القانون الخاص
مقدمة:
بالرجوع إلى للفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور، التي تنص على وضع قانون تنظيمي متعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفي إطار تنزيل مضامين ميثاق إصلاح منظومة العدالة، فقد أعدت وزارة العدل والحريات، بتشاور مع المجلس الأعلى للقضاء، مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفي إطار تكريس مبدأ استقلال وحياد المجلس فقد تم اعتماد معيار تنافي العضوية فيه مع عدد من المهام، كالممارسة الفعلية بالمحاكم، أو مهام ذات طابع سياسي أو نقابي، أو مسؤولية في جمعية مهنية للقضاة، لذا ارتأيت أن أدلي ببعض الملاحظات المتعلقة ببعض مواد مسودة مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والتي تتناول بعضا من هذه الجوانب التي أشرت إليها في المقدمة، (الفقرة الأولى) كما سأعمل على طرح بعض الإشكاليات المتعلقة بالتنزيل الكلي والتنظيم الجزئي لبعض فصول الدستور بالمسودة المشار إليها أعلاه، (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ملاحظات بوجه عام
أولا: مذكرة التقديم
لم يتم الاشارة في مذكرة التقديم إلى عبارة "الجمعيات المهنية" المشارة إليها في الدستور والمنظمة في هذا المشروع؛
وفي نفس السياق تعرض على أنظار المجلس، قصد إبداء الرأي، مشاريع "النصوص التشريعية" والتنظيمية المتعلقة بوضعية القضاء ومنظومة العدالة في (الصفحة رقم 6)، عبارة "النصوص التشريعية" بشكل عام يدخل ضمنها "الدستور"، وبالتالي لا يمكن عرض أحكام الدستور على المجلس الأعلى للسلطة القضائية لإبداء الراي بشأنه. لذا يستحسن تعديل عبارة "النصوص التشريعية" بعبارة "النصوص القانونية".
ثانيا: بعض مقتضيات مواد المسودة
المادة 4
جاء في الفقرة الثانية من هذه المادة "يمثل الرئيس المنتدب المجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام القضاء".
وأثناء قراءة مواد هذا المشروع نلاحظ أن الأمين العام للمجلس يمثل هو الآخر المجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام القضاء، في بعض الحالات كالطعون المتعلقة بالعمليات الانتخابية والوضعيات الفردية للقضاة.
المادة 7
أثناء قراءة هذه المادة يلاحظ أنه يمكن أن يعين الملك من بين الشخصيات أحد القضاة المشهود لهم بالكفاءة، وفي هذه الحالة يستحسن الاشارة إلى حالة تنافي عضويته مع شغل منصب مسؤول قضائي أو ممارسة فعلية لمهام قضائية بإحدى المحاكم وفق ما هو وارد في المادة 6.
المادة المادة 1111
ما دامت هذه المادة تتعلق بتحديد مدة ولاية المجلس المرتبطة بإجراء الانتخابات، فإنه يستحسن الاشارة فقط إلى الأعضاء المنتخبين فهم وحدهم المعنيون بها، دون باقي الشخصيات غير المنتخبة.
التعليق: اقتراح مادة مضافة مادامت عضوية الشخصيات التي يعينها الملك بالمجلس غير معنية بالانتخابات فيستحسن تخصيص مادة مستقلة بها.
الفقرة الثانية: نطاق تنزيل وتنظيم بعض فصول الدستور
أولا: التنزيل الكلي والتنظيم الجزئي لبعض فصول الدستور
المادة 5
تم تنزيل الفصل 115 من الدستور وتنظيمه جزئيا في هذه المادة؛
حيث تم تنظيم أحكام البندين 4 و5 المتعلقة بالقضاة المنتخبين في المادة 6،
كما تم تنظيم أحكام البند الأخير في المادة 7 المتعلق بالشخصيات التي يعينها الملك؛
ولم يتم تنظيم أحكام البنود 1 و2 و3 و 6 و7 المتعلقة بالأعضاء المعينين بصفاتهم؛
اقترح إضافة مادة تنظم أحكام البنود 1 و2 و3 و 6 و7 من المادة 5، بأن تشير إلى استثناء الأعضاء المعينون بصفاتهم من حالات التنافي المشار إليها في المادتين 6 و 7.
التعليق: اقتراح مادة مضافة يستثنى الأعضاء المعينون بصفاتهم المشار إليهم في المادة 5 أعلاه من حالات التنافي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 6، والمادة 7.
ثانيا: التنزيل والتنظيم الجزئي لبعض فصول الدستور
المادة الأولى
طبقا لأحكام الدستور ولا سيما الفصل 116 منه، يحدد هذا القانون التنظيمي انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة، ومسطرة التأديب.
التعليق: لم تتم الاشارة إلى الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور، كما هو الحال بخصوص بعض فصول الدستور المشار إليها في بعض مواد مسودة مشروع القانون التنظيمي هذا.
المادة 93
طبقا لأحكام الفصل 114 من الدستور، تكون المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية، الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة ، وتقدم الطعون أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، خلال أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ تبليغها إلى المعني بالأمر.
التعليق: بالرجوع إلى الفصل 114 من الدستور، نلاحظ أنه أشار إلى إمكانية الطعن في المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية، الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة، وبالتالي حسم هذا المشروع جهة اختصاص البت إلى الغرفة الادارية وكان بالأحرى عدم الحسم في جهة الاختصاص وترك التعديل في إطار قانون التنظيم القضائي للمملكة.
المادة 94
طبقا لأحكام الفقرتين الأولى والثانية من الفصل 109 من الدستور، يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط ؛
يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
التعليق: لم يتم تنظيم نوعية التدخل في القضايا، ولا حت تحديد بعض الأمثلة لجهات التدخل، كالإشارة مثلا للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وهل يدخل ضمن القضايا المعروضة على القضاء كل القضايا بما فيها الملفات المعروضة على الضابطة القضائية؟ والقضايا المعروضة على النيابة العامة، وكيف يمكن التمييز بين التدخل في مثل هذه القضايا وتوجيهات رئيس النيابة العامة؟ لقد جاء مفهوم القاضي في الدستور شاملا لمعنى القاضي الجالس وممثل النيابة العامة، فكيف نميز بين عدم تلقي القاضي أي أوامر أو تعليمات؟ لذا يستحسن تنظيم جهاز النيابة بشكل مستقل في باب مستقل حتى ينسجم الأمر مع استقلال جهاز النيابة العامة كمقتضى جديد منصوص عليه في الدستور؟ وحتى لا يقع الخلط بين اختصاصات قاضي الجلسات بعامة وقاضي النيابة العامة بخاصة.
المادة 98
طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 113 من الدستور، يضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بمبادرة منه، تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، ويصدر التوصيات الملائمة بشأنها.
التعليق: لم يتم تنظيم أو تفصيل هذا الحكم أو الاشارة إلى إلزامية أو نشر التوصيات؟
المادة 102
طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 113 من الدستور، يصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان، آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة فصل السلط.
التعليق: لم يتم تنظيم بشكل دقيق أحكام الفصل 113 من الدستور الوارد في هذه المادة، كيفية إصدار الآراء المفصلة المتعلقة بالعدالة؟ وهل يمكن نشرها في الجريدة الرسمية؟ ولم يتم تفصيل مفهوم مراعاة فصل السلط؟ وذلك على عكس بعض أحكام فصول الدستور المنظمة بشكل مفصل في بعض مواد مسودة مشروع القانون التنظيمي.
المادة 105
طبقا لأحكام الفصل 178 من الدستور، يستمر المجلس الأعلى للقضاء القائم في تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي بالجريدة الرسمية، في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا لمقتضيات هذا القانون التنظيمي.
التعليق: طبقا لأحكام الفصل 178 من الدستور، يستمر المجلس الأعلى للقضاء في ممارسة صلاحياته، إلى أن يتم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المنصوص عليه في هذا الدستور. في تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي بالجريدة الرسمية."
ثالثا: عدم الاشارة إلى التنزيل لبعض فصول الدستور مع عدم تنظيمها بشكل صريح
المادة 100
ورد في البند المتعلق ب:
* مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور ؛
التعليق: لم تتم الاشارة إلى أحكام فصول الدستور المتعلقة بمؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحكامة؟ وترك متاعب للقارئ في البحث عن المؤسسات والهيئات في كل فصول الدستور؟ أين الدقة في التنزيل؟