في قراءة استباقية للأفكار والمواقف التي تطرح بخصوص مشاريع الإصلاح، وفي محاولة لصبغ أغوار ما يفكر فيه ساستنا ومسؤولينا بمناسبة تدبيرهم لأمور الدولة ومواجهة التحديات التي تطرح أمامهم، يمكن الوقوف عندما أصبح يشكله نادي قضاة المغرب من إحراج للمعنيين بتدبير الشأن المحلي بمناسبة دخوله في مسلسل احتجاجي، تفيد كل التكهنات أنه سوف يكون طويلا ومشوقا في الآن نفسه، بالنظر الى سياسة صم الآذان التي تمارس بشكل ممنهج في وجهه.
والقصد بخصوص المعنيين بتدبير الشأن المحلي ينصرف بطبيعة الحال إلى حكومة المملكة المغربية بإعتبارها الجهة المكلفة بتدبير الشأن العام للوطن والمواطنين, وهنا اسمحولي بأن ارجع الى ما سلف من حال القضاء والتراكمات التي أسفرت عن النتائج التي دفعت الحكومات المتعاقبة إلى جعل موضوع اصلاح القضاء من اهم الشعارات الرنانة التي ترفع بمناسبة تسيير الحملات الانتخابية للأحزاب المنبثقة عنها . فمنذ عقود ظل القضاء في بلدنا العزيز في آخر أجندات اهتمام ساستنا، اللهم من شعار هنا وآخر هناك من قبيل اصلاح القضاء وإصلاح منظومة العدالة، أو بمناسبة إلقاء اللوم وتحميل كل البلايا للقضاء والقضاة؛ أو أثناء استعراض العضلات أمام كاميرات التلفزة بمناسبة توقيف قاضي هنا أو هناك، حيث اقترن ذكر القضاء والقضاة حصرا بإحدى الحالات المذكورة أعلاه.
غير أن الشيء الخطير الذي كان يجري بالموازاة مع ذلك –عن قصد او عن غير قصد- هو رسم صورة نمطية خبيثة جدا لدى الشارع المغربي عن القضاء والقضاة ، وهو ما جعل أغلبهم يتصورونه بعبعا حقيقيا ؛ أو كائنا غارقا في المحظورات الى حد الأذنين لا ينتظر منه خير ولا ترجى منه فائدة .
وهي الصورة التي بلغت ذروتها بمناسبة ميلاد نادي قضاة المغرب وخروج القضاة من قوقعتهم ونزولهم من أبراجهم العاجية واختلاطهم وانفتاحهم على المجتمع ، حيث اتضح جليا درجة انعدام الثقة في القضاء، بل والأخطر من ذلك الحقد والبغض الذي تكنه شريحة واسعة من المواطنين للقضاء و القاضي، ويكفي المرء في هذا المجال أن يتتبع تعليقات الزوار على أي خبر كيفما كان منشور بإحدى المواقع الالكترونية لتصيبه الصدمة مما يكال للقاضي من كل أصناف التهم و لما يلصق به من البلايا وكأنه والعياذ بالله شيطان متجسد في صورة انسان.
صحيح ان ليست كل تلك التعليقات هي تلقائية، وأكيد أن نسبة كبيرة منها موجهة وموجهة -بكسرالجيم-، لكن لا أحد يستطيع ان ينكر أن المغاربة عموما لا يثقون في مؤسستهم القضائية.
وصحيح ايضا ان سلوكات بعض اهل الدار سامحهم الله ساهمت بشكل كبير في رسم تلك الصورة وترسيخها في اذهان الناس ، غير ان منطق الامور –ان كان للأمور منطق – كان يقضي ان يتم التعامل مع هذا الامر في اطاره دون اسقاط وضع البعض على الكل ، ودون تعميم حكم الخاص على العام حتى لا يسقط المواطن المغربي في المحظور و يصيب اقواما من القضاة الشرفاء بجهالة نتيجة خبر زائف او نتيجة لغو صادر عن فاسق ، دون ان ننسى دور باقي المتدخلين في منظومة العدالة بكل ثقله وحمولاته والتي لا شك في انها ساهمت وتساهم بشكل كبير في رسم تلك الصورة القاتمة عن القاضي المغربي في اعين العامة ، فضلا عن دور شريحة واسعة من المواطنين انفسهم ممن الفوا الطرق الملتوية والصيد في الماء العكر سواء ممن كان منهم على حق او من كان معتديا.
اليوم وبعد كل هاته السنين وبعدما خرج القضاة عن صمتهم بسبب جمعيتهم الأكثر تمثيلا-نادي قضاة المغرب- التي تأسست بالشارع العام، وحوصرت وضيق عليها وعلى أعضائها، بل ومنهم من هدد في نفسه ورزقه، يمكن ان نستنتج أنما كان يحاك للقضاء منذ زمن بعيد هو أخطر من مجرد الإهمال وعدم الاهتمام المؤدي إلى النسيان، واعتباره موضوعا غير ذي اهمية او لا يأتي من ضمن أولويات اهتمام الحكومات المتعاقبة.
واقع الحال يدفعنا الى القول بان مناهضي اصلاح القضاء وأعداء استقلال السلطة القضائية تنبئوا منذ القدم بمجيء يوم ينتفض فيه القضاة ويخرجون فيه إلى الناس، ويعلنون احتجاجهم وتمردهم ضد النسيان . لأجل ذلك كرسوا جهدهم وتفكيرهم في إيجاد آلية لمواجهة استيقاظ القضاة دون الدخول في مواجهة مباشرة معهم حفظا لماء الوجه ، فعمدوا الى ما عمدوا إليه من تأليب الرأي العام وتكريس تلك الصورة النمطية لدى المواطن ضد القاضي، بحيث حتى إذا فار التنور واستيقظ القضاة من طول سباتهم وعميق نومهم، وضعوا بطريقة اوتماتيكية أمام سخط وغضب الرأي العام، وهو أمر من شأنه أن يكفي هؤلاء شر القتال و عناء الدخول في مواجهة غير محسوبة مع القضاة .
هو أمر يجب أن يتفطن له القضاة من داخل نادي قضاة المغرب ، فالمواطن المغربي لا يثق في القضاء وإرجاع الثقة لهذا المواطن المغلوب على أمره يجب أن يشكل أولى اهتمامات الجمعية المهنية لنادي قضاة المغرب خصوصا، والقضاة بصفة عامة، لأنه لا إصلاح من دون ارجاع الثقة للمواطن في قضائه, ولأنه مهما حقق النادي من نتائج فلن يكون لها طعم إلا بإرجاع الثقة للمواطن في مؤسسته القضائية .
على المواطن المغربي اليوم من جهته ان يفهم بان هناك من يسعى الى وضعه في مواجهة حراك القضاة, ويجب ان يعي ايضا ان حراك القضاة من داخل نادي قضاة المغرب هو لأجل مصلحته بالدرجة الاولى، لان هدف النادي هو التأسيس لسلطة قضائية حقيقية قوية ومستقلة يتساوى امامها القوي والضعيف الغني والفقير، سلطة قضائية كفيلة بتحقيق الامن القضائي وصون حقوق الافراد والجماعات والدفاع عن كرامتهم .
حراك القضاة يهدف ايضا الى معالجة بعض الظواهر المرضية التي تنخر جسم القضاء والأجهزة المتدخلة فيه او المحيطة به، وذلك عن طريق الانخراط الايجابي في مسلسل التخليق وجعل القاضي في خدمة القانون والعدالة بعيدا عن كل ما من شأنه ان يدفع به الى الزيغ عن هذه الرسالة النبيلة، حراك القضاة يهدف في نهاية المطاف الى ما فيه صالح الوطن و المواطن .
والقصد بخصوص المعنيين بتدبير الشأن المحلي ينصرف بطبيعة الحال إلى حكومة المملكة المغربية بإعتبارها الجهة المكلفة بتدبير الشأن العام للوطن والمواطنين, وهنا اسمحولي بأن ارجع الى ما سلف من حال القضاء والتراكمات التي أسفرت عن النتائج التي دفعت الحكومات المتعاقبة إلى جعل موضوع اصلاح القضاء من اهم الشعارات الرنانة التي ترفع بمناسبة تسيير الحملات الانتخابية للأحزاب المنبثقة عنها . فمنذ عقود ظل القضاء في بلدنا العزيز في آخر أجندات اهتمام ساستنا، اللهم من شعار هنا وآخر هناك من قبيل اصلاح القضاء وإصلاح منظومة العدالة، أو بمناسبة إلقاء اللوم وتحميل كل البلايا للقضاء والقضاة؛ أو أثناء استعراض العضلات أمام كاميرات التلفزة بمناسبة توقيف قاضي هنا أو هناك، حيث اقترن ذكر القضاء والقضاة حصرا بإحدى الحالات المذكورة أعلاه.
غير أن الشيء الخطير الذي كان يجري بالموازاة مع ذلك –عن قصد او عن غير قصد- هو رسم صورة نمطية خبيثة جدا لدى الشارع المغربي عن القضاء والقضاة ، وهو ما جعل أغلبهم يتصورونه بعبعا حقيقيا ؛ أو كائنا غارقا في المحظورات الى حد الأذنين لا ينتظر منه خير ولا ترجى منه فائدة .
وهي الصورة التي بلغت ذروتها بمناسبة ميلاد نادي قضاة المغرب وخروج القضاة من قوقعتهم ونزولهم من أبراجهم العاجية واختلاطهم وانفتاحهم على المجتمع ، حيث اتضح جليا درجة انعدام الثقة في القضاء، بل والأخطر من ذلك الحقد والبغض الذي تكنه شريحة واسعة من المواطنين للقضاء و القاضي، ويكفي المرء في هذا المجال أن يتتبع تعليقات الزوار على أي خبر كيفما كان منشور بإحدى المواقع الالكترونية لتصيبه الصدمة مما يكال للقاضي من كل أصناف التهم و لما يلصق به من البلايا وكأنه والعياذ بالله شيطان متجسد في صورة انسان.
صحيح ان ليست كل تلك التعليقات هي تلقائية، وأكيد أن نسبة كبيرة منها موجهة وموجهة -بكسرالجيم-، لكن لا أحد يستطيع ان ينكر أن المغاربة عموما لا يثقون في مؤسستهم القضائية.
وصحيح ايضا ان سلوكات بعض اهل الدار سامحهم الله ساهمت بشكل كبير في رسم تلك الصورة وترسيخها في اذهان الناس ، غير ان منطق الامور –ان كان للأمور منطق – كان يقضي ان يتم التعامل مع هذا الامر في اطاره دون اسقاط وضع البعض على الكل ، ودون تعميم حكم الخاص على العام حتى لا يسقط المواطن المغربي في المحظور و يصيب اقواما من القضاة الشرفاء بجهالة نتيجة خبر زائف او نتيجة لغو صادر عن فاسق ، دون ان ننسى دور باقي المتدخلين في منظومة العدالة بكل ثقله وحمولاته والتي لا شك في انها ساهمت وتساهم بشكل كبير في رسم تلك الصورة القاتمة عن القاضي المغربي في اعين العامة ، فضلا عن دور شريحة واسعة من المواطنين انفسهم ممن الفوا الطرق الملتوية والصيد في الماء العكر سواء ممن كان منهم على حق او من كان معتديا.
اليوم وبعد كل هاته السنين وبعدما خرج القضاة عن صمتهم بسبب جمعيتهم الأكثر تمثيلا-نادي قضاة المغرب- التي تأسست بالشارع العام، وحوصرت وضيق عليها وعلى أعضائها، بل ومنهم من هدد في نفسه ورزقه، يمكن ان نستنتج أنما كان يحاك للقضاء منذ زمن بعيد هو أخطر من مجرد الإهمال وعدم الاهتمام المؤدي إلى النسيان، واعتباره موضوعا غير ذي اهمية او لا يأتي من ضمن أولويات اهتمام الحكومات المتعاقبة.
واقع الحال يدفعنا الى القول بان مناهضي اصلاح القضاء وأعداء استقلال السلطة القضائية تنبئوا منذ القدم بمجيء يوم ينتفض فيه القضاة ويخرجون فيه إلى الناس، ويعلنون احتجاجهم وتمردهم ضد النسيان . لأجل ذلك كرسوا جهدهم وتفكيرهم في إيجاد آلية لمواجهة استيقاظ القضاة دون الدخول في مواجهة مباشرة معهم حفظا لماء الوجه ، فعمدوا الى ما عمدوا إليه من تأليب الرأي العام وتكريس تلك الصورة النمطية لدى المواطن ضد القاضي، بحيث حتى إذا فار التنور واستيقظ القضاة من طول سباتهم وعميق نومهم، وضعوا بطريقة اوتماتيكية أمام سخط وغضب الرأي العام، وهو أمر من شأنه أن يكفي هؤلاء شر القتال و عناء الدخول في مواجهة غير محسوبة مع القضاة .
هو أمر يجب أن يتفطن له القضاة من داخل نادي قضاة المغرب ، فالمواطن المغربي لا يثق في القضاء وإرجاع الثقة لهذا المواطن المغلوب على أمره يجب أن يشكل أولى اهتمامات الجمعية المهنية لنادي قضاة المغرب خصوصا، والقضاة بصفة عامة، لأنه لا إصلاح من دون ارجاع الثقة للمواطن في قضائه, ولأنه مهما حقق النادي من نتائج فلن يكون لها طعم إلا بإرجاع الثقة للمواطن في مؤسسته القضائية .
على المواطن المغربي اليوم من جهته ان يفهم بان هناك من يسعى الى وضعه في مواجهة حراك القضاة, ويجب ان يعي ايضا ان حراك القضاة من داخل نادي قضاة المغرب هو لأجل مصلحته بالدرجة الاولى، لان هدف النادي هو التأسيس لسلطة قضائية حقيقية قوية ومستقلة يتساوى امامها القوي والضعيف الغني والفقير، سلطة قضائية كفيلة بتحقيق الامن القضائي وصون حقوق الافراد والجماعات والدفاع عن كرامتهم .
حراك القضاة يهدف ايضا الى معالجة بعض الظواهر المرضية التي تنخر جسم القضاء والأجهزة المتدخلة فيه او المحيطة به، وذلك عن طريق الانخراط الايجابي في مسلسل التخليق وجعل القاضي في خدمة القانون والعدالة بعيدا عن كل ما من شأنه ان يدفع به الى الزيغ عن هذه الرسالة النبيلة، حراك القضاة يهدف في نهاية المطاف الى ما فيه صالح الوطن و المواطن .