بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
زملائي القضاة زميلاتي القاضيات ،
إن حضوري اليوم في هذا الحفل ، هو للتعبير عن سعادتي بنجاج كل القضاة المتدربين في امتحان التخرج ، و من جهة أخرى هو لحظة تأمل حاسمة في تاريخ بناء السلطة القضائية ببلادنا ، و الذي يتزامن مع تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالباب السابع من الدستور على مستوى النصوص التنظيمية .
لهذا أعتقد زملائي القضاة زميلاتي القاضيات أنه يمكنكم المساهمة في ضمان التنزيل الديموقراطي و الحقوقي و السليم للمقتضيات الدستورية الآنف ذكرها عن طريق الانخراط في التكثلات و الروابط التي تجمع القضاة ، و التي تضطلع بدور جد هام في الدفاع عن استقلال القضاة و تمثيل مصالحهم و النهوض بتدريبهم طبقا لمختلف المبادئ و الصكوك و الاعلانات الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية و القضاة.
و في نفس السياق فان ضمان مساواة القضاة في تدبير وضعياتهم الفردية –اخواني القضاة أخواتي القاضيات- كان من أهم الأهداف التي عملنا من أجلها طيلة الدورات التي تلت تأسيس نادي قضاة المغرب ، و قد سجلنا خلال عدة مناسبات عدم التزام هاته المؤسسة الدستورية بنظامها الداخلي و خصوصا ما يتعلق بعدم اعتماد معايير واضحة لتوزيع القضاة الجدد على المحاكم ,و اننا اليوم اذ نجدد مرة أخرى مطالبة المجلس الأعلى للقضاء بالاحترام الشديد لنظامه الداخلي ، فإننا سنعمد الى القيام بدور الملاحظة و التتبع لضمان شفافية تدبير الوضعيات الفردية للقضاة،تنفيذا للتوجهات الملكية السامية بهذا الشأن ، اذا جاء في كلمته السامية بمناسبة ترؤس افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء في فاتح مارس 2002 "كما ينبغي على للمجلس أن يعمل بنفس الحزم و العزم على النهوض بدوره الأساسي في تعزيز الضمانات التي يكفلها الدستور للقضاة ، معتمدا المساواة و التجرد في تدبير وضعيتهم المهنية بناء على المعايير الموضوعية المضمنة في نظامه الداخلي الذي حظي بمصادقتنا السامية ،حريصا على مكافأة خصال النزاهة والاستقامة والاستحقاق و نكران الذات و الجدية و الاجتهاد و الشجاعة ."
و من جهة أخرى زملائي القضاة زميلاتي القاضيات ، يعتبر تنصيب القضاة الجدد في جلسات رسمية صورة من صور صيانة حرمة القضاء ووقاره و كرامة كافة أعضائه و شرفهم و هيبتهم ، و لهذه الغاية حرصنا على المطالبة بعقد جلسات التنصيب طبقا للمنشور رقم 845 الصادر بتاريخ 17 دجنبر 2010 والذي صدر بناء على أمر أمير المؤمنين رئيس المجلس الأعلى للقضاء، لهذا فانني أدعوكم الى التشبت بعقد جلسات التنصيب الرسمية التي ستبقى راسخة في نفوسكم بما تحمله من دلالات رمزية بالغة .
لا شك اخواني القضاة أخواتي القاضيات أن الجميع متفق على أن ضمان شفافية وديموقراطية الجمعيات العامة للمحاكم يعتبر من أهم مقومات استقلال القضاة ،مما يجب معه علينا الانخراط الايجابي و الفاعل و الواعي لتفعيل دورها بما يضمن النجاعة القضائية و حصول المتقاضين على حقوقهم داخل آجالات معقولة و جعل القضاء في خدمة المواطن و ذلك عن طريق تخليق منظومة العدالة .
و أخيرا زملائي القضاة زميلاتي القاضيات ، لا يخفى على أي منا الظروف المزرية التي يعيشها القضاة بالمحاكم سواء على مستوى جودة البنايات أو على مستوى توفير وسائل العمل ، و هو ما يؤكد مرة أخرى اخلال الدولة بالتزاماتها بضرورة توفير الوسائل اللازمة و الملائمة لأداء رسالة القضاء ، و خرقها للمبادئ الدولية المضمنة في المادة 14 من الميثاق العالمي للقضاة و التي تنص على أنه يجب على السلطات الأخرى في الدولة تزويد الجهاز القضائي بالوسائل اللازمة و الملائمة لأداء وظيفته ،و يجب أن تتاح للسلطة القضائية الفرصة في أن تشارك في المواضيع المتعلقة بذلك .
ان مسار استقلال السلطة القضائية –اخواني القضاة أخواتي القاضيات – مسار جد شاق و مضن و لكن بتضامننا و ايماننا بدور التكثلات و الروابط نستطيع المساهمة في بناء دولة الحق و القانون و حماية الحريات الفردية و الجماعية للمواطنين . و الدفاع عن حقوقنا المشروعة والسلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته .