سبق للأستاذ الجليل يوسف مرصود المحامي بهيئة الدار البيضاء أن نشر موضوعا بتاريخ 12 يونيو 2015 في موقع العلوم القانونية يتحدث فيه على أن مهنة الشرفاء في المغرب هي أكبر مشغل بهذا البلد، و ذلك عقب اعلان وزارة العدل و الحريات على عدد الناجحين في الموسم الحالي بصفة نهائية في امتحان الحصول على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة و المتمثل في 2419 (من أصل 15.000 مترشح)، و على أن عدد الوافدين الجدد على مهنة النبلاء قد خلق في صفوف المحامين الممارسين نوعا من الهلع نظرا لضخامته، بل هناك من تدمر من هذا العدد و عبر بأن الهدف هو اغراق المهنة و اضعافها، و تساءل بالمقابل عن مصير هؤلاء في ظل غياب مكاتب في المستوى تحتضن المحامي المتمرن و تلقنه أعراف و تقاليد مهنة المحاماة و تعلمه فن الترافع و صياغة المقالات و المذكرات.
كما عبر على أن هذه المهنة لا تزال قادرة على استيعاب وافدين جدد من أبناء هذا الوطن الحبيب و أنها لن تصد بابا عنهم و ستفتح ذراعيها لكل من أراد الارتماء في حضنها.
بعد أشهر قليلة من تاريخ الاعلان عن النتائج النهائية للناجحين في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة و أمام استياء المحامين الأعزاء سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المؤسسات المهنية (الهيئات، الجمعية) من عدد الناجحين في الموسم الحالي، فقد بادرت بعض الهيئات في مختلف مدن المغرب الى الرفع من واجب الانخراط بحيث وصل في مدينة الدار البيضاء الى 70.000 درهم بالنسبة للوافدين الغير المسجلين في صندوق الضمان الاجتماعي و 150.000 درهم بالنسبة للأجراء و الموظفين في خطوة منها لإنقاذ المهنة من هذا الاغراق حسب تعبير بعض الأساتذة الذين نكن لهم كل التقدير و الاحترام.
أكيد أن هذا الارتفاع المهول في واجبات الانخراط في مهنة المحاماة خلف ردود أفعال متباينة بين صفوف الناجحين، بل و أثار حفيظة معظمهم، ما دفع فوج مرة و عاصي المشهود له بالنزاهة و الكفاءة للتساؤل عله يجد مجيبا:
هل من المعقول أن ترفع بعض الهيئات مبلغ الانخراط بشكل مهول ؟ ألا يشكل هذا الارتفاع الصاروخي حاجزا بين الوافدين و بين مهنة الشرفاء التي طالما حلموا بها ؟
هل التسجيل في لائحة التمرين و الالتحاق بإحدى هيئات المحامين أصبح من سابع المستحيلات؟
و كيف لمبتدئ من الصفر أن يؤدي مبلغ الانخراط ؟ و كيف لموظف أو أجير بسيط يتقاضى أجرا هزيلا لا يعرف زيادات و ما يرافق ذلك من امتيازات و تعويضات و يعيش أوضاعا مزرية أن يؤدي هذا المبلغ الضخم؟ ثم هل سيدفع ذلك بالوافدين الجدد الى مد اليد ؟
ما هو موقف الاخوان المحامون الأفاضل من هذا الارتفاع المهول؟ ألا يعلم اخواننا العارفين و الملمين بظروف اشتغال المحامين المتدربين ظروف اشتغال هذه الفئة ؟
ألا يستحق فوج مرة و عاصي للمحاماة التشجيع بدل الاحباط؟ الا يعلمون أن هناك من لا تغمض له عين و هو يفكر بكيفية أداء هذا المبلغ و لو على دفعات و يعلم أن ذلك من المعجزات؟
هل نسيت بعض الهيئات أن جل الناجحين الغاضبين هم من عائلات متواضعة ماديا حتى لا نقول فقراء؟ و هل نسي اخواننا المحامين الكرام كيف كانت بداياتهم؟ أم أن المحاماة ستبقى حكرا على أشخاص ميسورين لا يزعجهم أبدا الرفع من قيمة واجبات الانخراط في المهنة و لو تضاعف؟
ألن يكون لهذا الارتفاع الصاروخي نتائج سلبية على نسبة التسجيل؟ أليست مأساة حقيقية لمبتدئين لا يتوفرون على أي دخل؟
أم أن ذلك سيريح عددا من المحامين المتدمرين من نجاح فوج مرة و عاصي و هم يعلمون علم اليقين أن فرض هده الرسوم هو أمر متعارض مع قانون مهنة المحاماة ؟
كيف لهؤلاء الوافدين أن يدافعوا عن مصالحهم قصد الولوج للمهنة السامية و الرسالة الانسانية؟ ألا يحق أن يغضبوا؟ ألا يحق لهم الاحتجاج بطريقة حضارية؟
هل ستكون هذه أول قضية عادلة يدافعون عنها و هم يعلمون أن فرض هذه الرسوم لا تواجد لها في شروط المترشح لمهنة المحاماة؟
ثم أليس لفرض واجب الانخراط على المرشحين المقبلين على التمرين بالمحاماة أي أساس قانوني، بل و حتى عملا قضائيا؟ ألا يوجد قرار صادر عن محكمة النقض جاء فيه أن قانون مهنة المحاماة ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيئة فرض رسوم الانخراط في المرشح لمهنة المحاماة ؟
أليس المقصود بواجبات الاشتراك الواردة في الفصل 85 من القانون المنظم لمهنة المحاماة - والتي يتولىتحديدها مجلس الهيئة- هو المبلغ المالي أو الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحمل أعباء تسييرها؟ ألا تنحصر في العضو المنتمي للهيئة فقط، لا الوافد عليها لأول مرة ؟
ألا يحق للجهة الحكومية المشرفة على المهن القضائية و منها المحاماة أن تتدخل لدى مكاتب هيئات المغرب لإزالة هذه العقبة و لحثها ما أمكن على الالتزام بمضمون القرار القضائي عدد 1499 الصادر
بتاريخ 6 أبريل 2010 في الملف المدني عدد 55/1/6/2008؟
و أخيرا و ليس اخرا، هل ستستجيب وزارة العدل و الحريات و معها السيد مصطفى الرميد و السادة
أعضاء مجالس هيئات المحامين بالمغرب الى مراسلة الدكتور و الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي بتاريخ 13 غشت 2015 حول ارتفاع واجبات الانخراط في المحاماة و غياب الأساس القانوني لفرضها؟
في انتظار أجوبة على الأسئلة المطروحة أعلاه، و حتى لا يفقد الناجحون في الموسم الحالي في امتحان الحصول على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة الأمل و الحق في مزاولة هذه المهنة التي طالما حلموا بها، و حتى لا تضل شهادتهم هذه حبيسة جدران منازلهم، أختم الكلام بآية من الذكر الحكيم: "ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا". صدق الله العظيم.