MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




واجب تحفظ القاضي .. دراسة مقارنة

     

ذ/ مصطفى بونجة
دكتور في الحقوق
محام بهية طنجة

تشكل هذه المادة أصلا لمداخلة صاحبها ضمن أشغال ندوة واجب التحفظ بين الإطار القانوني والواقع العملي المنظمة من طرف المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدائرة الإستئنافية يوم 16/01/2016 بطنجة




نص الفصل 111 من الدستور في فقرته الأولى  على انه "للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية."

بمعنى أخر فان الفصل 111 من الدستور اقر بحق القاضي في التعبير و رسم حدود هذا الحق في الالتزام بواجب التحفظ و الأخلاقيات القضائية .
وإذا كان مفهوم واجب  التحفظ كما جاء به دستور 2011 يكتفه الكثير من الغموض فانه يشكل إحدى الالتزامات الملقاة على عاتق القضاة  في جميع الأنظمة القانونية المقارنة.

ولتحديد مفهوم واجب  التحفظ لدى القاضي ،  يجدر بنا البحث عن تحديد هذا المفهوم  في الأنظمة القانونية المقارنة ، هاته الأنظمة القانونية التي يمثل فيها النظام القانوني الفرنسي النظام الأقرب للمقارنة لاعتبارات عدة .

  و عليه فإننا سنعمل على تحديد الإطار القانوني  لواجب تحفظ القاضي  في  النظام القانوني الفرنسي  ( أولا  ) غير أن الركون  إلى النص القانوني لا يسعف لوحده للوقوف على دلالات واجب التحفظ مما يتعين معه الوقوف على التطبيقات العملية  لهذا الواجب( ثانيا)  .

اولا  :  الإطار القانوني  لواجب التحفظ في النظام القانوني الفرنسي .

 واجب التحفظ في النظام  الفرنسي  محدد بالمرسوم رقم -58-1270 الصادر بتاريخ 22/12/1958 المعتبر   بمثابة قانون تنظيمي متعلق بنظام القضاء ، هذا القانون التنظيمي الذي حدد  مجموعة من الالتزامات المفروضة  على القاضي الفرنسي و التي من بينها واجب التحفظ.
   فالبر جوع إلى المادة 6 من هذا النظام الأساسي و التي تحدد مضمون قسم القاضي  ،نجدها تفرض على القاضي الفرنسي  الالتزام بسرية  المداولات والالتزام بالشرف .
كما أن المادة 10 من نفس القانون تحدد مضمون  واجب التحفظ لدى القاضي  وتمنع عليه الخوض في كل المداولات السياسية أو التصريح المنافي  لمبدأ  وشكل الحكومة  وكذلك أي تصريح ذي طبيعة سياسية  يتنافى مع طبيعة مهنته او يعرقل  عمل المحاكم .
وبالرجوع الى المادة 43 من النظام الأساسي للقضاء  نجده يعتبر الخطأ التأديبي كل إخلال من طرف القاضي بواجبات الشرف و اللياقة  والكرامة .
وابتداء من سنة 2010 اعتمد المجلس الأعلى للسلطة القضائية" مجموعة قواعد سلوك القضاة " [1] وذلك  بناء على التقرير المنجز من طرف خلية التفكير حول أخلاقيات  القاضي ،هذه  الخلية التي تم إحداثها   من طرف وزير العدل الفرنسي و التي قدمت  تقريرها  سنة 2003 ، ليتم بعد ذلك تبني هذه القواعد عوضا عن إحداث مدونة للسلوك[2] .
و بالرجوع إلى" مجموعة قواعد سلوك القضاة"  هذه ، نجد بأن واجب التحفظ يشكل ركنا من بين أركان هذه القواعد .

 ثانيا : التطبيقات العملية  لواجب التحفظ في النظام القانوني الفرنسي .

زيادة على الإطار القانوني المحدد لواجب التحفظ ،  فان القرارات  الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية  باعتبارها هيئة تأديبية و  القرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي   كجهة طعن كفيلة بتبيان الخيط الابيض من الخيط الاسود لواجب التحفظ .
فعلى  مستوى  تشخيص واجب التحفظ انطلاقا من مجموعة قواعد السلوك  المنشورة  والمعتمدة  من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ،فواجب التحفظ الغاية منه الحفاظ على صورة العدالة  وذلك انطلاقا من ان القاضي هو جزء من مؤسسة العدالة  وعليه الحفاظ على هذه الصورة انطلاقا من سلوكه الشخصي.
  وانطلاقا دائما من  مجموعة قواعد السلوك التي يجب على القاضي الخضوع اليها فواجب التحفظ يمكن النظر اليه انطلاقا من الزاوية المؤسساتية  والزواية الوظيفية ثم في الاخير من الزاوية الشخصية .

على المستوى المؤسساتي  :

فواجب التحفظ مفروض على قضاة الحكم والقضاء الواقف .
فالقاضي يجب عليه الامتناع عن التعليق على القرارات  والاحكام التي اصدرها ، كما أن عليه ان يمتنع عن انتقاد الأحكام  الصادرة عن زملائه في المحكمة التي يعمل بها ، وذلك احتراما لمبدأ ان التحليل  القضائي للحكم  هو من اختصاص محكمة الطعن.
كما ان واجب التحفظ يفرض على القاضي  مراعاة سرية المداولات والنقاشات القانونية والمساطر  والمعلومات التي حصل عليها بصفته قاضيا ، كما  يمنع عليه  ان يمد  الغير بأسرار الملفات التي كانت تحت يده  وبالتالي عليه ان يتخذ واجب الحيطة كقفل مكتبه  وإغلاق الحاسوب وما إلى ذلك .

 أما على المستوى الوظيفي :

فالقاضي يجب عليه الامتناع عن التصريح بشكل فردي للصحافة حول القضايا المعروضة عليه .
غير ان واجب التحفظ لا يمنع القاضي من المشاركة في إعداد القوانين بصفته ممتهننا لمهنة قانونية ، كما انه  لا يمنع  عليه التعاطي الحر مع هذه النصوص القانونية  وبالتالي فواجب التحفظ  لا يمنع القاضي من  الانظمام  الى هيئة نقابية تمثيلية للقضاة دون أخرى .

 وعلى  المستوى الشخصي  :

فواجب التحفظ يمنع على القاضي الانتماء إلى أي تنظيم أو مجموعات الهدف منها معارضة  القضاء كما يمنع عليه التعبير العلني  عن الولاء السياسي لأي هيئة وذلك في حدود عدم المساس  بوظيفة القاضي والسلطة القضائية .
كما ان  الامتناع عن التصريح العلني  يدخل ضمنه ما يمكن  أن يصدر عن القاضي من كتابات،  هذه الكتابات التي يجب أن لا تنصب حول مذكرات  قضائية  ومتعلقة  بقضايا كانت معروضة عليه .
 وإذا كانت هذه الحدود المؤطرة لواجب التحفظ من خلال المبادئ المتبناة   من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، فان القرارات الصادرة عن هذا المجلس باعتباره هيئة تاديبية تزيد مبدأ وجوب التحفظ لدى القاضي وضوحا  .
فانطلاقا من القرارات التاديبية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية و الى حدود سنة 2014 ،
فان المجلس الاعلى للسلطة القضائية اعتبر بأن القاضي يكون مخلا بواجب التحفظ عندما يسمح لنفسه بمناقشة قضية معروضة عليه عبر شبكة التواصل الاجتماعي  و ماسا بثقة المتقاضي في القرارات القضائية و هو الضامن للحياد و التجرد [3].
و اعتبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية في قرار أخر ، بان واجب التحفظ لا يعني تقييد حق القاضي و إلزامه بالسكوت ، بل يجب أن يكون واجب التحفظ مراعيا للحق في الاستقلالية و مختلفا عن واجب التحفظ لدى الموظف العمومي [4] ، كما انه اعتبر بان واجب التحفظ لا يمس بحرية التفكير و التعبير لدى القاضي [5] .
اما على مستوى القرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي حول واجب التحفظ ، فقد اعتبر بأن قهقرة القاضي لمدة سنة بسبب تصريحه الصحفي المرفق ببيان نقابي صادر في نفس الصحيفة لا يشكل خرقا لواجب التحفظ [6] ، في حين اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في قرار أخر بأن تصريح القاضي لوسيلة إعلام و إعطاء وجهة نظره حول قضية معروضة عليه يشكل خرقا لواجب التحفظ لدى القاضي [7].
و خلاصة القول فان واجب التحفظ  يتمثل في امتناع القاضي عن التصريح الذي يؤدي الى خلق الشك حول استقلاله و حياده متى ارتبط بمهامه القضائية .
و في الاخير فانه و انطلاقا مما سبق عرضه ، فان  واجب التحفظ لم يكن الا قيدا لضمان استقلال القاضي و حياده  و احترام المتقاضي و ليس الغرض منه مصادرة حقه في التعبير و على ضوء هذا يجب قراءة مقتضيات الفصل 111 من دستور 2011 ، قراءة عمودية وأفقية .

الهوامش
[1] Conseil supérieur de la magistrature , Recueil des obligations déontologiques des magistrats, Collection : Guides Dalloz2010.
[2] Recueil des obligations déontologiques des magistrats, opc,p9.
[3] S213CE Conseil supérieur de la magistrature statuant comme conseil de discipline des magistrats du siège Date : 30/04/2014: Par l’utilisation inappropriée qu'il a faite d’un réseau social durant le déroulement d'un procès d'assises, le magistrat a manqué à son obligation de dignité et à son obligation de réserve, gage pour les justiciables de son impartialité et de sa neutralité, et porté atteinte à la confiance que les justiciables doivent pouvoir accorder aux décisions de justice .
 
[4] le Conseil supérieur de la magistrature, dans une décision du 9 octobre 1987, rappelle que « l'obligation de réserve ne saurait réduire le magistrat au silence et au conformisme, mais doit se concilier avec le droit particulier à l'indépendance qui distingue fondamentalement le magistrat du fonctionnaire. »
 
[5] CONSEIL SUPÉRIEUR DE LA MAGISTRATURE. RAPPORT D’ACTIVITÉ 2011 ;P137 et suites ; L’obligation de réserve conditionne le respect du justiciable à l’égard de l’institution judiciaire. C’est ce qu’a jugé la commission de discipline du parquet dans son avis du 28 janvier 1975 (no P006), considérant que, « si elle n’oblige pas le magistrat au conformisme et ne porte pas atteinte à sa liberté de pensée et d’expression », cette obligation « lui interdit toute expression outrancière, toutes critiques de nature à porter atteinte à la confiance et au respect que sa fonction doit inspirer aux justiciables » (voir aussi avis du 12 août 1976 no P007).
Dans son avis du 9 octobre 1987 (no P 013), la commission de discipline du parquet ajoute que l’obligation de réserve est « justifiée par le souci d’éviter que soient mises en cause l’impartialité et la neutralité des magistrats, qu’il s’agit là d’une garantie pour les justiciables ».
 
Toutefois, ce principe peut connaître des dérogations qui sont liées au statut du magistrat. Tel est le sens de l’avis du 9 octobre1987 (no P013) jugeant que « l’obligation de réserve ne saurait servir à réduire le magistrat au silence ou au conformisme, mais doit se concilier avec le droit particulier à l’indépendance qui distingue fondamentalement le magistrat du fonctionnaire ».
 
[6] Conseil d'Etat 1975-01-31 n. 84791: Abaissement de la notation d'un magistrat pour une année judiciaire ayant été exclusivement motivé par les déclarations que celui-ci avait faites à un quotidien local et qui avaient accompagné la publication d'une motion syndicale par ce journal. Compte tenu de ce que l'intéressé était membre du conseil national du syndicat en cause et de ce qu'il s'était borné à commenter la motion qui venait d'être adoptée par un congrès de cette organisation, son comportement ne constituait pas un manquement au devoir de réserve. Annulation, pour erreur de droit, de la décision portant notation de ce magistrat.
[7]Conseil d'Etat N° 337245 mai 1982: Le fait pour un magistrat de donner, au cours d'une émission de radio-télévision, son opinion sur une affaire dont il avait été saisi constitue un manquement à l'obligation de réserve prévue à l'article 43 de l'ordonnance du 22 décembre 1958.



الثلاثاء 19 يناير 2016

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter