MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




آثار الطلب القضائي

     


من إنجاز الطلب الباحث :

رشيد صبيح

تحت إشراف الدكتور :
الوالي المفضل



آثار الطلب القضائي

المقدمة


إذا كانت الدعوى هي الوسيلة التي استبقاها القانون لصاحب الحق أو مجرد زاعمه للذود عنه بواسطة القضاء، بعد أن حرمه من اقتضاء حقه بنفسه، فإن هذه الوسيلة تمارس بواسطة الطلبات القضائية – هذا من طرف المدعي أما المدعى عليه فيمارسها بواسطة الدفوع – والطلبات القضائية قد تكون أصلية أو عارضة، وسنقتصر في بحثنا هذا معالجة آثار الطلبات الأصلية – لما لها من خصوصية – وقد سلف التطرق في مواضيع سبقت بحثنا إلى تعريف الطلبات القضائية وعناصرها...
فالطلب القضائي – الأصلي – باعتباره الإجراء الذي يتقدم به أحد الخصوم مفتتحا به الخصومة لأول مرة في مواجهة خصمه الذي ينازعه في حقه، تتولد عنه مجموعة من الآثار القانونية، هذه الآثار محددة من قبل بواسطة القانون، ويكفي أن يفصح الشخص عن إرادته في استعمال الطلب القضائي حتى تسيل هذه الآثار في معزل من الإرادة الفردية.
فالطلب القضائي باعتباره كذلك مجرد إعلان رغبة مقدمه إلى القضاء الحصول على الحماية القضائية، هو مجرد عمل شرطي حدده القانون لتوليد هذه الآثار، وهذه الآثار
[1] منها ما هو إجرائي وما هو موضوعي.
لذلك سنعالجها في مطلبين :

المطلب الأول : الآثار الإجرائية للطلب القضائي.
المطلب الثاني : الآثار الموضوعية للطلب القضائي
 
 
المطلب الأول : الآثار الإجرائية للطلب القضائي

بمجرد ما يتقدم الشخص بطلب قضائي أي المحكمة فإنه تترتب على ذلك مجموعة من الآثار القانونية، فالطلب القضائي باعتباره مجرد إعلان رغبة مقدمه إلى القضاء والحصول على الحماية القضائية هو إذن مجرد عمل شرطي حدد القانون مجموعة من الآثار القانونية عليه.

الفقرة الأولى : إلزام المحكمة بالبث في حدود الطلبات

أولا : نشأة الخصومة

يترتب على تقديم الطلب القضائي – سواء أكان أصليا أو إضافيا أو عارضا – نشأة الخصومة. والخصومة كما حددها الفقهاء مجموعة من الإجراءات المسطرية التي تنتهي بصدور حكم قضائي.
وبديهي أن قيام الخصومة يجعل الحق متنازعا فيه.

ثانيا : إلزامية القاضي بالبث في النزاع

يلتزم القاضي بالبث في كل الالتزامات القضائية بحكم قضائي، ولا يحق له الامتناع وإلا عُدّ منكرا للعدالة. وفي هذا جاء المشرع بمقتضى صريح في الفصل 2 من ق.م.م الذي جاء فيه : <<لا يحق للقاضي الامتناع عن الحكم أو إصدار قرار، ويجب البث في كل قضية رفعت إلى المحكمة>>.
وكذا الفصل 15 من ق.م.م الذي أشار إلى أن المحكمة ثبت في الطلبات الأصلية والمقابلة والمُقاصة.
والملاحظ أن المشرع في الفقرة الأولى من الفصل 2 من ق.م.م جاء بصيغة الوجوب والإلزام بالبث في كل قضية تكريسا للمبادئ السامية للقضاء.
إلا أن الفقرة الثانية من نفس الفصل تخفف من هذه الصبغة الإلزامية وتعطي الحق للقاضي بعدم إصدار الحكم في حالة تنازل الأطراف عن الدعوى بل يشير فقط في الجلسة إلى هذا التنازل ويسجل في سجل خاص وبالتالي تنتهي الخصومة. المشرع الفرنسي جاء بمقتضى أكثر وضوحا من نظيره المغربي حيث جاء في المادة الرابعة من القانون المدني الفرنسي : <<إذا كان القاضي الذي يمتنع الإجراءات عن الحكم متدرعا بسكوت أو غموض أو قصور القانون يمكن متابعته بجريمة إنكار العدالة>>.
[2]
وفي هذا جاء بالمجلس الأعلى بمجموعة من القرارات التي تؤكد ما سلف. وفي أحدها الصادرة 1988 : <<تكييف الدعوى والبحث عن النص القانوني الواجب التطبيقي هو من صميم اختصاص المحكمة التي عليها أن تكيف الدعوى التكييف القانوني السليم وتخضعها للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق ولو لم يطلبها الأطراف أو طلبوا غيرها>>.
وفي قرار آخر صادر 1986 <<أن المحكمة ملزمة بأن تكيف الدعوى حسب الوقائع الثابتة أمامها وتطبق عليها النص الواجب التطبيق عملا بالفصل 3 من ق.م.م>>.
إضافة إلى ذلك فإنه ليس من حق القاضي التستر وراء الطلب في تأويل النص بل يجب عليه استنادا للمبادئ العامة للقانون و الاجتهاد القضائي والحالات المشابهة.

ثالثا : إغفال القاضي البث في بعض الطلبات والتنازل

إن إغفال القاضي البث في بعض الطلبات دون الآخرين يجعل والحالة هاته الخصم المتضرر من هذا  الإغفال إعلام خصمه بالحضور إلى نفس المحكمة والبث في الطلب والحكم فيه
[3]. وهذا ما نصت عليه المادة 193 من قانون المرافعات المصري أما بالنسبة للتشريع المغربي  فإن القاضي الذي يبث في بعض الطلبات دون البعض الآخر يتعرض حكمه للطعن بالنقض أو إعادة النظر إذا كان حكمه انتهائيا أو كان صادرا عن محاكم الاستئناف طبقا لمقتضيات الفصلين 353 و 402 من ق.م.م.
من جهة أخرى فإن القاضي يمكن له أن لا يصدر حكما  في الطلب إذا تنازل الأطراف باتفاق منهم حيث يسجل القاضي هذا الاتفاق ويشير له دون أن يصدر حكما وإنما مجرد الإشارة إليه في سجل الجلسة، وهذا ما نص عليه الفصل 121 من ق.م.م الذي جاء فيه : <<يسجل القاضي على الأطراف اتفاقهم ولا يقبل ذلك أي طعن...>>.
ولكن إذا تعرض الخصم على هذا التنازل بعلة تقديم دعوى مقابلة بث القاضي بحكم في صحة ذلك يكون قابلا الاستئناف (121 من ق.م.م).

رابعا : تغاضي القاضي عن البث في النزاع

إن القاضي الذي يفتتح عن البث في نزاع معين يصبح منكرا للعدالة وهي جريمة كما حددها المشرع في الفصل 240 من القانون الجنائي.
وقد جاء في الفصل 392 من ق.م.م إلى أنه : <<يعتبر القاضي منكرا للعدالة إذا رفض البث في المقالات وأهمل إصدار الأحكام في القضايا الجاهزة بعد حلول دون تعيينها في الجلسة>> كما أن الفقرة الأخيرة من الفصل 391 من ق.م.م إشارة الجريمة إنكار العدالة وهاته الجريمة التي يرتكبها القضاة تترتب عليها عقوبات تأديبية كالعزل مثلا وعقوبات جنائية كما أكد ذلك المشرع في الفصل 240 من ق.ج حيث نص : <<كل قاضي أو موظف عمومي له اختصاصات قضائية امتنع من الفصل بين الخصوم لأي سبب كان ولو تعلل بسكوت القانون أو غموضه وصمم على الامتناع بعد الطلب القانوني الذي قدم إليه ورغم الأمر الصادر إليه من رؤسائه يمكن أن يتابع ويحكم عليه بغرامة من 250 إلى 2500 درهم على الأكثر وبالحرمان من تولي الوظائف العمومية من سنة إلى 10>>.

خامسا : تقييد المحكمة في حدود الطلبات

أهم الآثار بالنسبة للمحكمة المتعلقة بالطلب هو التقيد بما ورد في الطلب القضائي فلا يسوغ للمحكمة أن تعدل أو تغير ما تضمنه الطلب وإلا عرضت حكمها للنقض خرقا للقاعدة العامة الواردة في الفصل 3 من ق.م.م. الذي جاء فيه : <<يتعين على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبث دائما طبقا للقوانين...>>.
وفي هذا الإطار هناك مجموعة من قرارات المجلس الأعلى التي تسير في هذا الاتجاه نورد بعضا منها للتوضيح أكثر :
وفي قرار صادر من المجلس الأعلى سنة 1983 جاء فيه : <<يجب على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف ولا يجوز له أن يغير تلقائيا موضوع أن سبب هذه الطلبات...>>
[4].
وفي قرار آخر صدر سنة 1986 : <<إن الفصل 3 من ق.م.م الذي يمنح القاضي تغيير سبب الطلب لا يشكل عائقا للمدعي الذي سبق أن أقام دعواه على أساس المسؤولية التقصيرية من تأسيسها>> ذلك على قواعد المسؤولية العقدية
[5].
وفي قرار آخر سنة 1987 جاء فيه : <<إن المحكمة عندما تبث في ملكية الأرض المتنازع عليها بدلا من البث في الحيازة التي هي موضوع الدعوى المرفوعة إليها تكون قد غيرت موضوع الدعوى وخرقت بالتالي مقتضيات الفصل 3 من ق.م.م>>
[6].
وفي قرار لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة جاء فيه : <<الفصل 3 من ق.م.م يقضي بوجوب تقيد القاضي بالبث في حدود طلبات الأطراف وعدم جواز تغيير موضوع أو سبب هذه الطلبات>>
[7].

الفقرة الثانية : نزع الاختصاص

للإحاطة بنزع الاختصاص كأثر عن الطلب القضائي ينبغي الإشارة إلى الاختصاص عموما وعليه فالاختصاص إما نوعي أو محلي.

1 – الاختصاص النوعي : حدده الفصل 5 من ظهير 15 يوليوز 1974.

  • فالمحكمة تبث انتهائيا وابتدائيا دون الاستئناف عندما لا يتعدى مبلغ النزاع 3000 درهم حسب مقتضيات الفصل 19 من ق.م.م.
  • ثبت المحكمة ابتدائيا مع إمكانية الاستئناف عندما يقل مبلغ النزاع عن 3000 درهم.
  • ثبت المحكمة ابتدائيا فقط إذا كان مبلغ النزاع في حدود 3000 درهم ماعدا الغرامات في تشريع خاص لحالات الشغل والأمراض المهنية.
2 – الاختصاص المحلي : حسب القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 27 من ق.م.م. فإن المحكمة المختصة محليا هي محكمة المدعى عليه أو محل إقامته في حالة عدم وجود موطن المدعى عليه.
بالنسبة للمشرع المصري يعرف فيما يتعلق بالاختصاص
[8]، فهناك :
  • الاختصاص الولائي : يتحدد هذا الاختصاص حسب جنسية الخصوم وقت رفع أو التقدم بالدعوى فلا يؤثر التغيير اللاحق في الجنسية على ولاية المحكمة.
  • الاختصاص المحلي : فإنه يتحدد حسب موطن المدعى عليه وقت رفع الدعوى، ولا يؤثر التغيير في الموطن بعد ذلك على الاختصاص المحلي للمحكمة.
  • الاختصاص النوعي القيمي : يتحدد بقيمتها في السوق مثلا ولا تأثير لتغير هذه القيمة السوقية بعد ذلك.
ويترتب على أن الاختصاص يتحدد بالدعوى وقت رفعها مما يرتب نزع الاختصاص الفصل 109 ق.م.م حيث أنه إذا كانت هناك دعوى واحدة تدخل في اختصاص أكثر من محكمة وإن كانت هاته المحاكم مختصة بالنظر طبقا للقانون فإن تقديم الطلب أمام محكمة أراد المدعي اللجوء إليها فإن ينزع الاختصاص عن باقي المحاكم ولو كانت مختصة في نفس الموضوع جاز لدي مصلحة الدفع بإحالة القضية إلى المحكمة التي رفعت إليها أولا.
بالنسبة للمشرع المصري، تتبين المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى طبقا لحالتها وقت رفع الطلب، وبالتالي لا يؤذي أي تغيير لاحق في قيمة الدعوى أو في جنسية الخصوم أو في محل إقامتهم في اختصاص المحكمة.
ويقال تعبيرا عن كل ذلك بأنه يتعين الفصل في الطلب القضائي بشكله ووصفه وبحالته وقت الإدلاء به، وبحيث تترتب آثاره من هذه اللحظة، وإذا حكم ببطلان الإجراء الذي رفع به الطلب القضائي فإنه يعتبر كأن لم يكن ولا يولد أي أثر.
 
 الفقرة الثالثة : تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق وكذا تحديد وقت  النظر في الدعوى  

يترتب على تقديم الطلب إلى القضاء بقيده تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق بوقت تقديم هذا الطلب فلا يجوز تطبيق قانون صدر أثناء النزاع إلا أن يكون ذا أثر رجعي أو يكون مفسرا لقانون سابق.
كما يترتب على رفع الطلب إلى القضاء تحديد الوقت الذي ينظر فيه إلى اختصاص المحكمة بالدعوى، ولا يؤدي أي تغيير لاحق سواء في قيمة الشيء المطالب به أو في محل إقامة المدعى عليه أو في جنسية الخصوم أو في أية واقعة أخرى مؤثرة في تحديد الاختصاص إلى جعل المحكمة غير مختصة، إلا إذا صدر قانون يضم مكان المدعى عليه إلى محكمة أخرى، أو بإحداث محكمة أخرى جاهزة إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى، بحيث تحيل المحكمة الأولى القضية متى كانت جاهزة إلى المحكمة الجديدة للحكم فيها
[9].

الفقرة الرابعة : تحديد مراكز الخصوم

يترتب على تقديم الطلب القضائي، تحديد مراكز الخصوم، وذلك من خلال معرفة الشخص الذي يتقدم بالطلب القضائي وهو الذي يتخذ صفة المدعي باعتبار هذا الأخير هو الشخص الذي يتقدم بالطلب القضائي إلى المحكمة يدعي فيه أن حق من حقوقه قد تعرض للمساس من طرف الغير، ومعرفة كذلك الشخص الذي قدّم الطلب القضائي ضده أو المطلوب في الدعوى الذي يتخذ صفة المدعى عليه يجب على هذا الأخير أن يكون معينا، لأن تحديد الأطراف له أهمية كبرى فما يخص تحديد الاختصاص المكاني بناء على موطن المدعى عليه كقاعدة عامة حسب الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية.
ولذلك لا يجب أن يفهم أن المدعي يبقى مدعي والمدعى عليه يبقى بهذه الصفة، فلو أن شخصا تقدم بطلب يرمي إلى استرداد حيازة عقار، فإنه من الواجب عليه أن يثبت هذه الحيازة بصفته مدعيا، لكن لو قام المدعى عليه بإثبات عكس ذلك فإن المدعي يصبح هو المدعى عليه ومن واجبه إثبات عكس ما ادعاه المدعى عليه في الدعوى
[10].
 
المطلب الثاني : الآثار الموضوعية للطلب القضائي

إن تقديم الطلب القضائي من طرف المدعي إلى المحكمة كما سبق أن قلنا بأنه تترتب عليه آثار إجرائية فإن ذلك لا يخلو من آثار موضوعية، يتجلى ذلك في فكرة أساسية وهي أن الخصم لا يجوز أن تتأثر حقوقه بسبب ما يثيره خصمه من نزاع، وما يقتضيه تحقيق الدعوى من تأخير وبطء في الفصل فيها. لذلك حرص المشرع المغربي على حماية صاحب الحق دون أن يناله ضرر من جراء هذا التأخير فاعتبر ما قضي له به وكأنه حصل عليه يوم تقديم الطلب الأصلي
[11]، وبل أكثر من ذلك فإن هذا الحق في حالة وفاة صاحبه قد ينتقل إلى الورثة سواء عن طريق الميراث أو عن طريق الحوالة وسوف نعالج ذلك في مجموعة من الفقرات.

الفقرة الأولى : إنذار المدعى عليه

فيترتب على المطالبة القضائية إنذار المدعى عليه واعتباره في حالة مطل بالنسبة لتنفيذ الالتزام المطلوب الحكم به،
[12] وهذا ما نص عليه الفصل 255 من ق.ل.ع : <<يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام.
فإن لم يعين للالتزام أجل، لم يعتبر المدني في حالة مطل، إلا بعد أن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين ويجب أن يتضمن هذا الإنذار :
1 – طلبا موجها إلى المدين بتنفيذ التزامه في أجل معقول،
2 – تصريحا بأنه إذا انقضى هذا الأجل فإن الدائن يكون حرا في أن يتخذ ما يراه مناسبا إزاء المدين.
ويجب أن يحصل هذا الإنذار كتابة، ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو برسالة مضمونة، أو بالمطالبة ولو رفعت إلى قاضي غير مختص>>.

الفقرة الثانية : قطع التقادم

يترتب على رفع الطلب إلى القضاء قطع التقادم الساري لمصلحة المدعي، ويبقى التقادم مقطوعا ما بقيت الخصومة إلى أن يحكم فيها، وتنقطع مدة التقادم ولو رفع الطلب إلى محكمة غير مختصة أو قضي ببطلانه لعيب في الشكل.
فقد ورد في الفقرة الأولى من الفصل 381 من قانون الالتزامات والعقود أنه : <<ينقطع التقادم :
بكل مطالبة قضائية أو غير قضائية يكون لها تاريخ ثابت ومن شأنها أن تجعل المدين في حالة مطل لتنفيذ التزامه، ولو رفعت أمام قاض غير مختص، أو قضى ببطلانها لعيب في الشكل...>>.

الفقرة الثالثة : سريان الفوائد التأخيرية

تبدأ سريان الفوائد التأخيرية، وذلك إن كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض فوائد تأخيرية، وتسري هذه الفوائد في حق المدين من تاريخ رفع الدعوى
[13].

الفقرة الرابعة : يصبح الحق منازعا فيه

هذا الأثر يجعل الحق يخضع لأحكام التعامل في الحقوق المنازع فيها
[14] كبطلان حوالته للغير ما لم تتم بموافقة المدين.
فالحقوق التي تكون موضوع نزاع تتطلب حوالتها توافر شرط خاص هو اقترانها بموافقة المدين... المحال عليه تحت طائلة البطلان، وبهذا صرح الفصل 192 ق.ل.ع
[15] وقد أوضح المشرع أن المقصود في هذا الصدد يكون الحق المتنازع فيه، أن يكون تمة نزاع في الجوهر أو الدين نفسه عند البيع أو الحوالة، أو أن تكون هناك ظروف من شأنها أن تجعل من المتوقع إثارة منازعات قضائية جدية حول جوهر الحق نفسه[16].

الفقر ة الخامسة : قابلية الحق للانتقال إلى الورثة

يقبل الحق موضوع الطلب القضائي الانتقال إلى الورثة، ولو كان من الحقوق المتعلقة بشخص صاحبه
[17].
إذ يفرض المنطق والعدالة استفادة الورثة من حق طالب به المورث نفسه إبان حياته، والمثال الواضح على هذه الحالة هو انتقال الحق في التعويض إلى الورثة إذا تعلق بالضرر المعنوي
[18].


الفقرة السادسة : رد غير المستحق من طرف متسلمه

يترتب عن الطلب الأصلي حق الحائز حسن النية في قبض ثمار الشيء الواقع تحت حيازته وصيرورته ملزما برد ما يكون منها موجودا في تاريخ رفع الدعوى عليه برد الشيء وما يجنيه منها بعد ذلك
[19] وهذا ما نستشفه من خلال الفصل 103 من ق.ل.ع الذي جاء فيه : <<الحائز عن حسن نية يتملك الثمار، ولا يلزم إلا برد ما يكون منها موجودا في تاريخ رفع الدعوى عليه برد الشيء وما يجنيه منها بعد ذلك، وهو يتحمل، من ناحية أخرى، مصروفات الحفظ ومصروفات جني الثمار.

الحائز الحسن النية هو من يحوز الشيء بمقتضى حجة يجهل عيوبها>>.

الفقرة السابعة : احتفاظ الحق بطبيعته

<<حيث لا يترتب عن الطلب الأصلي تجديد الحقوق المطالب بها، فالحق موضوع الطلب يبقى محتفظا بذاتيته وطبيعته التي كانت له قبل الادعاء به. ولا يستبدل بحق آخر، حتى ولو سقطت الدعوى أوردت بسبب عدم الاختصاص أو لعيب في الشكل، حيث يجوز للمدعي تجديد دعواه للمطالبة بحقه>>
[20].
 


الهوامش

[1]- نبيل إسماعيل عمر : "أصول المرافعات المدنية والتجارية"، منشأة المعارف، الإسكندرية، طبعة 1986.
[2]- ريولط أدوليف تعريف إدريس ملين : "المسطرة المدنية في شروح منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية"
[3]- أحمد هندي : "أصول المحاكمات المدنية و التجارية"، 1919، الدار  الجامعية، ص : 192
[4]- قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 15/12/1982 تحت عدد 812 في القضية عدد 1837، منشور بمجلة رابطة القضاة عدد 14 و 15، ص : 46 وما يليها، مأخوذ كتاب محمد بفقير، "قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي بالمغرب".
[5]- قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 28/05/1986 تحت عدد 1442 في الملف المدني عدد 92280 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 40، ص :62.
[6]- قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 9/2/1987 تحت عدد 303 في الملف المدني عدد 4/715/84 منشور بمجلة الندوة عدد 4، ص : 85
[7]- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة 10/6/1991، منشور بمجلة الإشعاع، عدد 6، ص : 92.
[8]- محمد نصر الدين كامل : "الدعوى وإجراءاتها في القضاء العادي والإداري"، عالم الكتب، القاهرة، 1989.
[9]- الدكتور الطيب الفصايلي : "الوجيز في القانون القضائي الخاص"، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، 1999، ص : 237 و 238.
[10]- الدكتور عبد الكريم الطالب : "المختصر في الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"، الطبعة الأولى، ص : 109.
[11]- الدكتور الطيب الفصايلي : مرجع سابق، ص : 237
[12]- الدكتور الوالي المفضل : "محاضرات في المسطرة المدنية"، سلك الإجازة،  ص : 47.
[13]- أحمد هندي : "أصول المحاكمات المدنية والتجارية"،  1919، الدار الجامعية، ص : 192.
[14]- وجدي راغب فهمي : "مبادئ القضاء المدني"، دار الفكر العربي، الطبعة 1987، ص : 509
[15]- الفصل 192 ق.ل.ع : <<تبطل حوالة الحق المنازع فيه ما لم تتم بموافقة المدين المحال عليه>>
[16]- مأمون الكزبري : "نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي"، الجزء الثاني، مطابع دار القلم، بيروت، طبعة 1970، ص : 506.
[17]- الوالي المفضل : "محاضرات في قانون المسطرة المدنية"، سلك الإجازة.
[18]- عبد الكريم الطالب : "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"، مطبوعات المعرفة، 2008.
[19]- عبد العزيز حضري : "القانون القضائي الخاص"، الطبعة الأولى، 1999، ص : 186.
[20]- الطيب الفصايلي : "الوجيز في القانون القضائي الخاص"، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، 1996، ص : 239.




الاربعاء 5 مارس 2014

عناوين أخرى
< >

تعليق جديد
Twitter