إذا كان من المستجدات القانونية التي حملها دستور 2011، هو تبني نمط متقدم من اللامركزية الترابية القائم على الجهوية المتقدمة، فإن تجسيد ذلك يمكن قياسه ارتباطا بمبدأ التدبير الحر للشؤون الإدارية والمالية، والذي يرتبط في جانب أساسي منه بالاستقلال المالي للجهات كوحدات ترابية خولها المشرع الريادة في تنزيل التنمية الجهوية المندمجة، مع ما صاحب ذلك من إعادة للنظر في مسلسل الرقابة الإدارية على عمل مجالس الجهات ورؤسائها، بغية ضمان حرية تدبيرها لمواردها المالية المخولة لها، ذاتية كانت أو محولة أو ناتجة عن قروض.
وبما أن ميزانية الجهات مجال خصب لتقدير مدى استقلاليتها المالية، فإن الاستقلال المالي هذا يلعب دورا محوريا في تفعيل التدبير الحر للجهات، إذ لا يمكن تفعيل هذا الأخير ما لم تمكن الجهات من الموارد اللازمة لعملها، أي توفرها على حد أدنى من الاستقلال المالي عن طريق توفرها على موارد مالية لممارسة اختصاصاتها، وعلى درجة في صرفها حتى لا تبقى مرتبطة بمساعدات وإعانات الدولة كما كان عليه الأمر في القانون السابق رقم 96.47، وهو ما حاول المشرع الدستوري تجاوزه من خلال التنصيص على توفر الجهات على موارد ذاتية وأخرى مرصودة من الدولة، وبذلك نجد الدستور أقر قاعدتين تشكلان عماد الاستقلال المالي للجماعات الترابية، والترجمة المالية لمبدأ التدبير الحر لشؤونها.
وقياسا على الوضع الذي عرفتها ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018، إذ أن وزارة الداخلية بلغت رئيس الجهة يوم 12 يناير 2018، الميزانية مؤشر عليها مع خصم الاعتمادات المخصصة لتغطية جانب من منح طلبة الجهة، وذلك تنزيلا للاتفاقية التي صادق عليها مجلس الجهة سابقا، مما عرضها للمس بمبدأ توازن الميزانية كمبدأ أساسي كرسه القانون التنظيمي للجهات في مادته 167 الفقرة 2، وأعتبره عنصرا أساسيا تتدخل من خلاله سلطة التأشير لرفض الميزانية وطلب القراءة الثانية، لاسيما وأن مبدأ توازن الميزانية يظل مرتبطا بشكل وتيق بمبدأ صدقيتها.
وبما أن واقع الحال، يعبر عن تجاوز سلطة التأشير لمجال تدخلها، والمتمثلة حدوده في التأشير على الميزانية الجهوية لجهة درعة تافيلالت أو رفضها مع تعليل الأسباب، وإرجاعها للمجلس من أجل القراءة الثانية، انسجاما مع مقتضيات المادة 202 و204 من القانون التنظيمي، دون أن تتعدى ذلك إلى التصرف في الاعتمادات المقررة بالميزانية سواء بالزيادة أو النقصان أو الحذف، - وهو ما وقع على مستوى ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018-، فإن ذلك وإن لم يكن خطئا ماديا وقع سهوا، فإنه يعكس نوعا من المس بالاستقلال المالي لجهة درعة تافيلالت، من خلال التصرف في ميزانيتها دون مراعاة اختصاصات مجلسها، وبالتالي المس بسلطة تدبيرها لميزانيتها كعنصر أساسي من حرية تدبيرها لشؤونها.
مما يجعل هذه الحالة، تشكل سابقة في التعاطي مع قضايا الجهات من قبل وزارة الداخلية، بالنظر للتطورات القانونية التي عززت استقلالية مجالس الجهات عن الدولة وظيفيا ومؤسساتيا وماليا، بعد تبني الجهوية المتقدمة، ذلك أن حذفها لإعتمادات بحجم 12 مليون درهم من ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018، كانت مخصصة لاتفاقية تربطها بوزارة التعليم العالي، في إطار الاختصاصات المشتركة، دون الرجوع لمجلس الجهة لطلب القراءة الثانية كما أشارت لذلك المادة 204، وكذلك بالتأشير على الميزانية وحذف جزء منها دون سند قانوني مما جعلها غير متوازنة، كلها إشارات تعبر عن الشطط في استعمال السلطة من قبل سلطة التأشير، خاصة في ظل غياب أي نص قانوني يجيز لها التصرف في الميزانية، بعيدا عن رغبات ومقررات مجلس جهة درعة تافيلالت، مما يكون فيه الطعن أمام القضاء الإداري حول هذا التصرف ممكنا ولازما، حفاظا على سلطة الجهة في تقرير مقرراتها، وبالتالي ضمان حرية تدبيرها لشؤونها.
لذلك، فسلطة التأشير في هذه الحالة، وباعتبارها مكلفة فقط بالتأشير على ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018 أو الرفض بناءا على أسباب معللة، وإن كان الأمر ليس مقصودا ولا يحمل دوافع سياسية، فإنها ارتكبت مس خطيرا بمضمون القانون التنظيمي للجهات، للأسباب التالية :
وبما أن ميزانية الجهات مجال خصب لتقدير مدى استقلاليتها المالية، فإن الاستقلال المالي هذا يلعب دورا محوريا في تفعيل التدبير الحر للجهات، إذ لا يمكن تفعيل هذا الأخير ما لم تمكن الجهات من الموارد اللازمة لعملها، أي توفرها على حد أدنى من الاستقلال المالي عن طريق توفرها على موارد مالية لممارسة اختصاصاتها، وعلى درجة في صرفها حتى لا تبقى مرتبطة بمساعدات وإعانات الدولة كما كان عليه الأمر في القانون السابق رقم 96.47، وهو ما حاول المشرع الدستوري تجاوزه من خلال التنصيص على توفر الجهات على موارد ذاتية وأخرى مرصودة من الدولة، وبذلك نجد الدستور أقر قاعدتين تشكلان عماد الاستقلال المالي للجماعات الترابية، والترجمة المالية لمبدأ التدبير الحر لشؤونها.
وقياسا على الوضع الذي عرفتها ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018، إذ أن وزارة الداخلية بلغت رئيس الجهة يوم 12 يناير 2018، الميزانية مؤشر عليها مع خصم الاعتمادات المخصصة لتغطية جانب من منح طلبة الجهة، وذلك تنزيلا للاتفاقية التي صادق عليها مجلس الجهة سابقا، مما عرضها للمس بمبدأ توازن الميزانية كمبدأ أساسي كرسه القانون التنظيمي للجهات في مادته 167 الفقرة 2، وأعتبره عنصرا أساسيا تتدخل من خلاله سلطة التأشير لرفض الميزانية وطلب القراءة الثانية، لاسيما وأن مبدأ توازن الميزانية يظل مرتبطا بشكل وتيق بمبدأ صدقيتها.
وبما أن واقع الحال، يعبر عن تجاوز سلطة التأشير لمجال تدخلها، والمتمثلة حدوده في التأشير على الميزانية الجهوية لجهة درعة تافيلالت أو رفضها مع تعليل الأسباب، وإرجاعها للمجلس من أجل القراءة الثانية، انسجاما مع مقتضيات المادة 202 و204 من القانون التنظيمي، دون أن تتعدى ذلك إلى التصرف في الاعتمادات المقررة بالميزانية سواء بالزيادة أو النقصان أو الحذف، - وهو ما وقع على مستوى ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018-، فإن ذلك وإن لم يكن خطئا ماديا وقع سهوا، فإنه يعكس نوعا من المس بالاستقلال المالي لجهة درعة تافيلالت، من خلال التصرف في ميزانيتها دون مراعاة اختصاصات مجلسها، وبالتالي المس بسلطة تدبيرها لميزانيتها كعنصر أساسي من حرية تدبيرها لشؤونها.
مما يجعل هذه الحالة، تشكل سابقة في التعاطي مع قضايا الجهات من قبل وزارة الداخلية، بالنظر للتطورات القانونية التي عززت استقلالية مجالس الجهات عن الدولة وظيفيا ومؤسساتيا وماليا، بعد تبني الجهوية المتقدمة، ذلك أن حذفها لإعتمادات بحجم 12 مليون درهم من ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018، كانت مخصصة لاتفاقية تربطها بوزارة التعليم العالي، في إطار الاختصاصات المشتركة، دون الرجوع لمجلس الجهة لطلب القراءة الثانية كما أشارت لذلك المادة 204، وكذلك بالتأشير على الميزانية وحذف جزء منها دون سند قانوني مما جعلها غير متوازنة، كلها إشارات تعبر عن الشطط في استعمال السلطة من قبل سلطة التأشير، خاصة في ظل غياب أي نص قانوني يجيز لها التصرف في الميزانية، بعيدا عن رغبات ومقررات مجلس جهة درعة تافيلالت، مما يكون فيه الطعن أمام القضاء الإداري حول هذا التصرف ممكنا ولازما، حفاظا على سلطة الجهة في تقرير مقرراتها، وبالتالي ضمان حرية تدبيرها لشؤونها.
لذلك، فسلطة التأشير في هذه الحالة، وباعتبارها مكلفة فقط بالتأشير على ميزانية جهة درعة تافيلالت لسنة 2018 أو الرفض بناءا على أسباب معللة، وإن كان الأمر ليس مقصودا ولا يحمل دوافع سياسية، فإنها ارتكبت مس خطيرا بمضمون القانون التنظيمي للجهات، للأسباب التالية :
- تجاوز مضمون المادة 204 من القانون التنظيمي للجهات لاسيما الفقرة 1 منها، والتي تعطي الحق لسلطة التأشير في رفض التأشير على الميزانية فقط، وإحالتها على رئيس الجهة بناءا على أسباب وداخل أجل 15 يوما إبتداءا من تاريخ توصلها بالميزانية، وهو ما كرسته بالفعل حيث لم تبلغ رئيس الجهة بالميزانية إلا في 12 يناير 2018، مؤشر عليها ومحذوف منها الاعتماد الخاص باتفاقية تغطية منح طلبة الجهة؛
- تجاوز مضمون المادة 202 من القانون التنظيمي والتي حددت الأسباب التي على أساسها يمكن رفض التأشير على الميزانية، والتي من ضمنها توازن وصدقية الميزانية، وبما أن الميزانية سلمت لسلطة التأشير متوازنة وفي الآجال القانونية، وبحكم تصرف الأخيرة في مضمونها عبر حذف 12 مليون درهم منها، دون سند قانوني، مما مس بتوازنها، تكون قد تجاوز حدود ما خولها المشرع من صلاحيات للتأشير أو عدم التأشير بناءا على أسباب معللة، دون أن تكون لها أحقية التصرف وتغيير مضمون الميزانية، لما فيه من مس خطير بمقرر مجلس الجهة؛
- التأخر الحاصل في تبليغ رئيس جهة درعة تافيلالت بالميزانية مؤشر عليها مع حذف جزء من اعتماداتها، حيث لم يبلغ الرئيس بالميزانية إلا يوم 12 يناير 2018، وهو ما خالف مضمون المادة 204 الفقرة 4، والتي تلزم وزارة الداخلية بالتأشير على الميزانية في تاريخ أقصاه 30 دجنبر، في جميع الحالات، أو اللجوء لمقتضيات المادة 208 في حالة تعذر التأشير أو عدم توصلها بالميزانية بعد انقضاء أجل 30 دجنبر، وهو ما لم يحصل في هذه الحالة، مما يجعل سلطة التأشير قد تجاوزت مضمون القانون التنظيمي.
- ضرورة احترام الآجال القانونية للتعرض أو الإحالة على القضاء أو التأشير على القرارات والمقررات، 20 يوما بالنسبة للمقررات الواردة في المادة 115 من القانون التنظيمي، وبالتالي فمرور هذه الآجال يعتبر عدم تعرض أو تأشير حسب الحالة، وهي إجراءات تضمن تحصين المقررات بما فيها الميزانية من أي تدخل أو شطط من قبل سلطة المراقبة غير مبرر، إلى جانب تسريع مسطرة تنفيذ المقررات، بالإضافة لأجال 24 ساعة و48 ساعة لبت القضاء الاستعجال في التعرضات حسب الحالة، وأجل 30 يوما لبث المحكمة في النزاع؛
- تمتيع المجالس الجهوية بحق رفض أسباب عدم التأشير أو حق الرد : وذلك خاصة بعد إجراء القراءة الثانية للمقرر والتمسك بمضمونه السابق، لاسيما ما يرتبط بالميزانية، حينها يفتح الباب للقضاء الإداري للفصل في النزاع، وهنا يمكن الإشارة لنوع من الحرية في التداول والتقرير من ناحية التمسك بمضمون المقرر أثناء القراءة الثانية، مما يفرض على القضاء الانتصار من وجهة نظرنا لهذا التمسك، خاصة إذا ما احترم القانون عند عملية إقراره، مما سيعزز من حرية المجالس في التداول وإقرار مقرراتها.