في إطار مزاولتي لمهنتي كمحامي بهيئة المحامين بالرباط، تقدم إلى مكتبي أحد الموكلين الذي كلفني بتقديم دعوى في مواجهة أحد الاشخاص، لن أدخل في تفاصيل القضية و ووقائعها، بالنظر لالتزامي بالسر المهني وفق ما تنص على ذلك مقتضيات المادة 36 من قانون المحاماة.
لكن سأحدثكم عما ما جرى أثناء سير الدعوى و صدور الحكم، فعند تقديمي للدعوى أمام المحكمة الابتدائية بتمارة، توجهت لصندوق المحكمة الخاص بالتوصل بعرائض الدعاوى و استخلاص الرسوم القضائية عنها، و قمت بإيداع المقال الافتتاحي.
غير أن الملف وجه إلى غرفة بها قضاء جماعي، و هو أمر غير سليم ما دام أن موضوع الدعوى يبقى من اختصاص القضاء الفردي، ليتم بعدها إحالة الملف من جديد على القضاء الفردي للبت فيه طبقا للقانون.
بعد إحالة الملف على القضاء الفردي المختص للبت في النازلة، صدر الحكم، بتاريخ 10 يونيو 2014.
لكن لغاية كتابة هاته السطور لم نتمكن من الحصول على نسخة من الحكم، لسبب بسيط هو عدم جاهزية النسخة، (و ليس هذا هو الملف الوحيد بل هناك قضية، بنفس المحكمة، صدر بشأنها حكم بتاريخ 25/3/2014 لم نتمكن بعد من الحصول على نسخة الحكم).
قلت مع نفسي سأكتفي بالاطلاع على مسودة الحكم،
أولا: لمعرفة الاسباب التي استند عليها القاضي للقول بما جاء في منطوقه، لأنه من المعلوم أن اي حكم ينبغي أن يكون معللا حسب الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية بالنسبة للأحكام الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى، و الفصل 345 من نفس القانون بالنسبة للقرارات الصادرة عن محكمة الدرجة الثانية، لأن التعليل هو الذي يعطي الثقة في القضاء و يريح نفسية المتقاضين سواء رابح الدعوى أو خاسرها، لأنه يخاطبهما و يبين الاسانيد التي اعتمدها للوصول إلى النتيجة.
و ثانيا إخبار موكلي بمآل القضية وفق ما يقتضيه قانون المهنة خاصة المادة 43 منه، إذ لا يكفي أن أخبره بمنطوق الحكم دون معرفة التعليل.
لكن دائما تكون هناك أشياء غير متوقعة، إذ وجدت أن مسودة الحكم غير جاهزة و الملف لا زال لدى القاضي المكلف.
فأخبرني أحد الموظفين بأن الامر العادي جدا، و لا يوجد فقط في محاكم الدرجة الاولى أو الثانية، بل يعاني منه المحامين و المتقاضين حتى على مستوى أعلى هيئة قضائية بالمملكة، و هي محكمة النقض، إذ أنه في بعض الغرف تنتظر ثلاث اشهر للحصول على نسخة القرار بعدما تقطع اشواط التحرير ثم الرقن على الحاسوب ليتم تصحيحها، ثم ياتي بعد ذلك توقيع المستشار المقرر و بعده رئيس الغرفة.
و هو ما يطرح معه السؤال إلى متى ستظل الامور هكذا دون تقييد بفترة زمنية لتجهيز نسخة الحكم أو القرار.
فمثلا نجد في مصر أن قانون المرافعات المدنية ينص في مادته 175 على أنه يجب فى جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً، ويكون المتسبب فى البطلان ملزماً بالتعويضات.
و تضيف المادة 177، من قانون المرافعات المدنية المصري، على أنه تحفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقة وأسبابه بالملف، ولا تعطى منها صور، ولكن للخصوم و دفاعهم الحق في الاطلاع عليها إلى حين إتمام نسخة الحكم الأصلية.
و بذلك نجد أنه من الضروري و نحن مقبلين على تعديل قانون المسطرة المدنية، من التنصيص على ضرورة تجهيز نسخة الحكم أو القرار في وقت معقول يحقق النجاعة القضائية و الحق في المحاكمة العادلة، و الوصول إلى الحق في أقرب وقت.
و في انتظار ذلك، ندعوا جميع المحاكم لإعداد سجل خاص لمراقبة جاهزية النسخ يتضمن المعلومات التالية : رقم الحكم أو القرار، رقم الملف، تاريخ النطق بالحكم أو القرار، تاريخ جاهزية النسخة[1].
و ذلك ليتم ضبط الزمن القضائي الفاصل بين النطق بالحكم أو القرار، و تجهيز النسخة، التي قد تظل، في انتظارها، أحيانا شهور و شهور.
و حيث إن كتابة هاته السطور لا تجعلنا ننسى أن هناك من نساء و رجال القضاء من يلتزم بتجهيز نسخة الحكم في يوم النطق به ــ بالرغم من كثرة الملفات التي لا يمكن بتاتا ان تستعمل كذريعة في التاخيرــ ولا تنتظر سوى ترقيمها و توقيعها من طرف كاتب الضبط، و ذلك في نفس المحكمة الابتدائية بتمارة، و كذا بالمحكمة الادارية بالرباط، و المحكمة الابتدائية بقلعة سراغنة، إذ لا أنسى حديثي مع أحد السادة القضاة بهاته المحكمة الاخيرة الذي يستشعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه، حينما أخبرني أن سبب تجهيزه لنسخة الحكم يوم النطق به، يعود بالأساس إلى ما يراه من معاناة المواطنين و كثرة ترددهم على المحكمة للسؤال عن جاهزية النسخة من عدمها، و هم أناس بسطاء يحتاجون توفير مصاريف النقل لقضاء أمور أخرى، و اعتبر أن كل تأخير من طرفه يزيد من معاناة المواطن.
فتحية إجلال و احترام لهذا القاضي الجليل.
لكن سأحدثكم عما ما جرى أثناء سير الدعوى و صدور الحكم، فعند تقديمي للدعوى أمام المحكمة الابتدائية بتمارة، توجهت لصندوق المحكمة الخاص بالتوصل بعرائض الدعاوى و استخلاص الرسوم القضائية عنها، و قمت بإيداع المقال الافتتاحي.
غير أن الملف وجه إلى غرفة بها قضاء جماعي، و هو أمر غير سليم ما دام أن موضوع الدعوى يبقى من اختصاص القضاء الفردي، ليتم بعدها إحالة الملف من جديد على القضاء الفردي للبت فيه طبقا للقانون.
بعد إحالة الملف على القضاء الفردي المختص للبت في النازلة، صدر الحكم، بتاريخ 10 يونيو 2014.
لكن لغاية كتابة هاته السطور لم نتمكن من الحصول على نسخة من الحكم، لسبب بسيط هو عدم جاهزية النسخة، (و ليس هذا هو الملف الوحيد بل هناك قضية، بنفس المحكمة، صدر بشأنها حكم بتاريخ 25/3/2014 لم نتمكن بعد من الحصول على نسخة الحكم).
قلت مع نفسي سأكتفي بالاطلاع على مسودة الحكم،
أولا: لمعرفة الاسباب التي استند عليها القاضي للقول بما جاء في منطوقه، لأنه من المعلوم أن اي حكم ينبغي أن يكون معللا حسب الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية بالنسبة للأحكام الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى، و الفصل 345 من نفس القانون بالنسبة للقرارات الصادرة عن محكمة الدرجة الثانية، لأن التعليل هو الذي يعطي الثقة في القضاء و يريح نفسية المتقاضين سواء رابح الدعوى أو خاسرها، لأنه يخاطبهما و يبين الاسانيد التي اعتمدها للوصول إلى النتيجة.
و ثانيا إخبار موكلي بمآل القضية وفق ما يقتضيه قانون المهنة خاصة المادة 43 منه، إذ لا يكفي أن أخبره بمنطوق الحكم دون معرفة التعليل.
لكن دائما تكون هناك أشياء غير متوقعة، إذ وجدت أن مسودة الحكم غير جاهزة و الملف لا زال لدى القاضي المكلف.
فأخبرني أحد الموظفين بأن الامر العادي جدا، و لا يوجد فقط في محاكم الدرجة الاولى أو الثانية، بل يعاني منه المحامين و المتقاضين حتى على مستوى أعلى هيئة قضائية بالمملكة، و هي محكمة النقض، إذ أنه في بعض الغرف تنتظر ثلاث اشهر للحصول على نسخة القرار بعدما تقطع اشواط التحرير ثم الرقن على الحاسوب ليتم تصحيحها، ثم ياتي بعد ذلك توقيع المستشار المقرر و بعده رئيس الغرفة.
و هو ما يطرح معه السؤال إلى متى ستظل الامور هكذا دون تقييد بفترة زمنية لتجهيز نسخة الحكم أو القرار.
فمثلا نجد في مصر أن قانون المرافعات المدنية ينص في مادته 175 على أنه يجب فى جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً، ويكون المتسبب فى البطلان ملزماً بالتعويضات.
و تضيف المادة 177، من قانون المرافعات المدنية المصري، على أنه تحفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقة وأسبابه بالملف، ولا تعطى منها صور، ولكن للخصوم و دفاعهم الحق في الاطلاع عليها إلى حين إتمام نسخة الحكم الأصلية.
و بذلك نجد أنه من الضروري و نحن مقبلين على تعديل قانون المسطرة المدنية، من التنصيص على ضرورة تجهيز نسخة الحكم أو القرار في وقت معقول يحقق النجاعة القضائية و الحق في المحاكمة العادلة، و الوصول إلى الحق في أقرب وقت.
و في انتظار ذلك، ندعوا جميع المحاكم لإعداد سجل خاص لمراقبة جاهزية النسخ يتضمن المعلومات التالية : رقم الحكم أو القرار، رقم الملف، تاريخ النطق بالحكم أو القرار، تاريخ جاهزية النسخة[1].
و ذلك ليتم ضبط الزمن القضائي الفاصل بين النطق بالحكم أو القرار، و تجهيز النسخة، التي قد تظل، في انتظارها، أحيانا شهور و شهور.
و حيث إن كتابة هاته السطور لا تجعلنا ننسى أن هناك من نساء و رجال القضاء من يلتزم بتجهيز نسخة الحكم في يوم النطق به ــ بالرغم من كثرة الملفات التي لا يمكن بتاتا ان تستعمل كذريعة في التاخيرــ ولا تنتظر سوى ترقيمها و توقيعها من طرف كاتب الضبط، و ذلك في نفس المحكمة الابتدائية بتمارة، و كذا بالمحكمة الادارية بالرباط، و المحكمة الابتدائية بقلعة سراغنة، إذ لا أنسى حديثي مع أحد السادة القضاة بهاته المحكمة الاخيرة الذي يستشعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه، حينما أخبرني أن سبب تجهيزه لنسخة الحكم يوم النطق به، يعود بالأساس إلى ما يراه من معاناة المواطنين و كثرة ترددهم على المحكمة للسؤال عن جاهزية النسخة من عدمها، و هم أناس بسطاء يحتاجون توفير مصاريف النقل لقضاء أمور أخرى، و اعتبر أن كل تأخير من طرفه يزيد من معاناة المواطن.
فتحية إجلال و احترام لهذا القاضي الجليل.
[1] - هذه التجربة معمول بها مثلا في محكمة الاستيناف الادارية بالرباط، إذ قبل التوجه لمكتب تسليم النسخ تراقب مدى جاهزية القرار بمكتب خاص بذلك.