مقدمة:
اذاكان القاعدة ان البيع عقد ينقل لاحد المتعاقدين ملكية شيئ او حق مقابل ثمن يلتزم الاخر بدفعه له ،ولن يكون تماما الا بتراضي طرفي العقدوتراضيهما على المبيع والثمن ،الا ان بيع العقاريختلف فيما اذا كان المبيع عبارة عن بناء قائم او عبارة عن قطعة ارضية ،ففي الحالة الاولى فان المقاول والمهندس المعماري اوالمهندس مسؤولان عن البناء وذلك باعمال أحكام المسؤولية العشرية ان هي ظهرت العيوب التي تهدد متانة وسلامة البناء خلال مدة معينة، كما أن لصاحب الحق في الضمان أن يقوم برفع دعواه خلال مدة محددة،و ان كان هذا تفويت هذا العقاريخضع لعدة ضمانات منها الحفاظ على سلامة وصحة قاطنيه ،فانه لايحول دون اتمام عقد البيع، في حين ان اتمام بيع عقار غير مبني يتطلب من كل طرفي العقد الوفاء بالتزاماتهما المتبادلة وهكذا سيكون بحثي مقسم الى مبحثين ، المبحث الاول(اتمام عقد البيع لعقار قائم حديث),المبحث الثاني(اتمام عقدالبيع لعقار غير مبني) .
المبحث الاول: اتمام عقد بيع عقار قائم حديث
لا يمكن الحديث عن بيع عقار قائم حديث الا اذا تم تشييده وفق معايير صحية وتقنية مضبوطة منها توفرها على التهوية ،وتصاميم مطابقة لما هو قائم في الواقع ومصادقة عليها من طرف السلطات المختصة ،اضافة الى الحصول على رخصة السكن او المطابقة حسب استعمال العقار كمحل للسكن او التجارة ،وان لا تظهر هذه العيوب خلال مدة معينة.
المطلب الأول : مدة ضمان الأعمال
كان المشرع المغربي صريحا حين اعتبر بأن مدة الضمان هي عشر سنوات وببطلان الاتفاقات المعفية من المسؤولية العشرية، كنظيره المصري والفرنسي حيث نصت المادة 653 مدني مصري والمادة 1792/5 مدني فرنسي بأن البطلان لايقتصر على الاتفاقات المعفية من المسؤولية بل يقع على الشروط المخففة للمسؤولية المعمارية، تبعا لما تنص عليه المادة 651 مدني مصري و المادة 1792 مدني فرنسي.[1] وهكذا نرى أن القضاء الفرنسي وإن تشدد في اعتبار المسؤولية العشرية أو الخاصة للمعماريين من النظام العام،فإنه قضى بأنه يجوز للطرفين الاتفاق على انقاص مدة الضمان للوقت اللازم لتبين العيوب، بينما قضى ببطلان الاتفاق على إنقاص هذا الضمان لمدة قصيرة بحيث تنعدم المسؤولية، كما تحدث على أن يقتصر الضمان على عمل معين دون آخر ،بينما قضى ببطلان الاتفاقات التي يترتب عنها إعفاء المهندس المشرف على التنفيذ من كل المسؤولية وقضى بأن الاتفاقات على الحد من الضمان تفقد كل قيمتها في حالة حدوث خطأ عمدي من جانب المسؤول، لتبقى مدة الضمان محددة في عشر سنوات من تسلم الاعمال كنظيره المصري والفرنسي ، وإن كان القضاء الفرنسي قد اعتبر أن نقطة بداية سريان المدة القانونية للضمان الخاص هي من وقت التقبل أو القبول[2] ،أي من وقت المخالصة المقدمة من رب العمل للمعماري ،وليس من وقت إنجاز العمل ، لا من وقت حدوث الضرر.[3] حيث اعتبر هذا الأخير مدة الضمان محددة في عشر سنوات من وقت تسلم الأعمال (المادة 1792 مدني فرنسي) ، واعتبر في المادة 2270 مدني فرنسي أنه بمرور عشر سنوات يتم إعفاء المشيدين من هذا الضمان.
وهكذا جعل المشرع الفرنسي عشر سنوات من تسلم الأشغال تتحد مع مدة دعوى الضمان وبعبارة أصح، إن هذه العشر سنوات في نفس الوقت مدة سقوط وتقادم على خلاف المشرع المصري الذي فرق بين مهلة الضمان ومدة رفع الدعوى ، حيث حدد مدة الضمان ،وهي عشر سنوات من حيث الأصل[4]. أما الدعوى فتسقط بانقضاء ثلاث سنوات تعتبر من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب[5] وفي المغرب، إن قانون الالتزامات والعقود حدد مدة عشر سنوات كمهلة لضمان الأعمال .
إلا أن الإشكالية التي تثار هل يحسب سريان المدة من التسليم المؤقت أم من التسليم النهائي. وهو ما سيجرنا إلى التعريف بتسلم الأعمال..
المطلب الثاني : تسلم الأشغال أو الأعمال:
لم يعرف المشرع المغربي في قانون التعمير لسنة 17 يونيو1990[6] تسلم الأعمال ، لكنه حدد الطريقة التي تتم بها بأن يبادر المقاول في طلب تسلم الأعمال من رب العمل، بعد أخذ رأي مكتب المراقبة إن كان رب العمل إدارة. بعد ذلك تجتمع لجنة مكونة من مصالح الجماعة المحلية و ممثل عن وكالة توزيع الماء الكهرباء والصرف الصحي و المهندس المعماري ، المقاول أو من يمثله ن ومهندس مكتب المراقبة ، وقد أضاف مشروع مدونة التعمير في المادة 90 منه[7] المهندس المختص، والمهندس المساح الطبوغرافي كأعضاء ضمن هذه اللجنة ، والتي تسمى اللجنة المكلفة بالتسليم المؤقت للأشغال ، عكس المشرع الفرنسي الذي عرف تسلم الأعمال في المادة 1792/6 والتي أدخلها إلى المجموعة المدنية بقانون 4 يناير 1978 بأنه " التعرف الذي بموجبه يقرر رب العمل قبوله للعمل أو بدون تحفظات "
و معلوم أن التسليم يهم المقاول كما يهم كل من يتحمل مسؤولية تنفيذ الأعمال من مهندس و مقاول من الباطن، و يعتبر أحد الالتزامات الواجبة على رب العمل، و هكذا نجد أن القانون المدني المصري ينص في المادة 655 منه على أنه" متى أتم المقاول العمل يوضع تحت تعرف رب العمل، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن، بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي، اعتبر أن العمل قد سلم إليه" .
وهي دعوى صريحة لتسلم الأشغال ، عكس القانون المدني الفرنسي و إن كان يستشف من المادة 1792/6 على أنها" دعوى صريحة للتسلم، إذ تقضي بأن التسليم يتم بناء على الطرف صاحب المصلحة في التعجيل به، و ذلك بشكل ودي وإلا فقضائي".
الفقرة الاولى:الطبيعة القانونية لتسلم الأعمال في فرنسا قبل صدور قانون 1978: [8]
هنالك ثلاثة اتجاهات:
أ- الاتجاه الأول: التسليم مجرد واقعة مادية أو عمل مادي
Acte matérielو يرى بعض الشراح أنها مجرد وسيلة فنية عادية للتثبت من إعطاء الأعمال لرب العمل، ولا تعبر عن مطابقة ما نفذه من أعمال بما تعهد به في مواجهة رب العمل، عكس المطابقة للأعمال فهي تبرئ ذمة المقاول بإدارة المشرع.
ب- الاتجاه الثاني: التسليم، اتفاق منفصل عن عقد المقاولة الأصلي: وفي هذه الحالة يصدر المقاول إيجابا لرب العمل لتسلم الأعمال، وبقبول الإيجاب بالوفاء يظهر الرضا، فالتسليم إذن هو قبول للوفاء من جانب رب العمل" إلا أن القانون المصري الذي اعتبر في المادة 655 مدني أن التسليم يكون حكمي حين يمتنع رب العمل من تسلم الأعمال التي تمت رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي، إذ يعتبر في هذه الحالة العمل قد سلم إليه و واقعيا، لم يبدي رضاه عن الأعمال المنفذة.
ج- الاتجاه الثالث:
التسليم تعبير عن إرادة منفردة من جانب رب العمل:
لقد أتى الفقه الفرنسي برأي راجح مفاده أن رب العمل حين تسلم الأعمال مكتملة، فهي إذن تعبير عن إرادة منفردة من جانبه ،و ذلك بموافقته على هذه الأعمال، بل إقرار منه بأنها نفذت بشكل مرضي، و تنازلا منه ضمنيا عن التمسك بالعيوب التي وقعت في هذه الأعمال.
الفقرة الثانية: الفترة اللاحقة لقانون 1978.
حسم المشرع الفرنسي الخلاف في هذه الاتجاهات حيث اعتبر نص الفقرة الأولى من المادة 6/1792 صفة التصرف القانوني لتسلم الأعمال.
الفقرة الثالثة : صور و أشكال التسليم:
أولا: التسليم الصريح و التسليم الضمني وتاجير البناء
أ- التسليم الصريح:
إن التسليم الصريح يتم كما جرت العادة بأن يحرر بشأنه محضرا يوقع عليه رب العمل و المقاول و المهندس، ولا يشترط فيه أي شكل خاص لا في القانون المصري ولا في الفرنسي.
ب- التسليم الضمني:
وهو التسليم الذي يستخلص من بعض الوقائع، و التي تعبر بوضوح عن رب العمل في قبول الأعمال كالحيازة الفعلية للبناء أو استعماله، وهي لا تعني بالضرورة موافقة حتى ولو كانت الأعمال قد اكتملت و إنما يفهم من هذه الموافقة في أغلب الأحيان استمرار وضع اليد لبعض الوقت دون أن يبدي رب العمل اعتراضاته أو تحفظاته.
ج- تأجير البناء:
تتجلى كذلك في هذه الحالة الموافقة الضمنية لرب العمل على الأعمال بمجرد القيام بتأجير البناء، إلا أنها ليست قرينة قاطعة على أن تأجير البناء يعتبر التسليم ضمنيا للأعمال لكون المستأجرين الذين يتذمرون من العيوب الموجودة في البناء ،نادرا ما يطلبون من رب العمل إصلاح تلك العيوب نظرا لحاجتهم الماسة للسكن.
و بعد صدور قانون 1978 لم يعد بالإمكان القول بالتسليم الضمني، على اعتبار أن المشرع لما قام بتنظيم التسليم القضائي إذا لم يتم وديا إنما قصد أن يكون التسليم عملا إيجابيا مستحثا.[9]
ثانيا: التسليم المؤقت و التسليم النهائي:
وحسب المادة 90من مشروع مدونة التعمير، فإن اللجنة المكلفة بالتسليم تتكون من ممثلين عن الجماعة ،وممثلين للإدارة والمؤسسات العمومية التابعة لها والمصالح المكلفة بتوزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي ، وكذا متعهد الشبكة العامة للمواصلات ، ويستدعى صاحب التجزئة والمقاول والمهندس المعماري، المهندس المختص والمهندس الطبوغرافي لحضور اجتماع اللجنة المذكورة. وتجدر الإشارة إلى أن التسليم الضمني للأعمال يعتبر مجرد تسليم مؤقت وليس تسليما نهائيا ،وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف الباريسية حيث اعتبرت ان شغل العمارة قبل التسليم النهائي وصيانة المبنى لا يمكن أن يعتبر تسليما نهائيا.
أما في مصر فإن محكمة النقض المصرية اكتفت بالإشارة إلى تسلم الأعمال دون الإشارة إلى نوع التسليم أما في فرنسا فقد انقسم الفقه والقضاء إلى اتجاهين.
فهناك من يعتد بالتسليم المؤقت لعدة اعتبارات أولها ان مهلة التجربة تبدأ من أول يوم يعاني فيه البناء، كما أن العيوب التي تؤخر التسليم النهائي للأعمال تكون غالبا عيوبا تافهة كما أن الإعمال بالتسليم النهائي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة سنة أخرى لمدة الضمان. أما أنصار مبدأ سريان مدة الضمان بالتسليم النهائي للأعمال فمن بين ما يتخذونه للدفاع عن هذا المبدأ كون التسليم النهائي ،هو الذي يعبر بدقة عن حسن سير تنفيذ الصفقة المبرمة بين المشيد ورب العمل ،وأن إخلاء الطرف المشيد ما بذمته من واجبات اتجاه رب العمل لا يتم إلا بالتسليم النهائي الذي يرفع جميع التحفظات.
إلا أن هذه الازدواجية في التسليم سرعان ما بدأت تنهار، حيث بدأت تنهار، حيث بدأ الاتجاه في العمل الفرنسي على الأخذ بنظام التسليم الواحد، حيث تم إحداث نوع جديد من الضمان يتحمل به المقاول في علاقته برب العمل يعرف بضمان الأعمال على الوجه الأكمل بموجب قانون 4 يناير 1978.
ثالثا : التسليم الكلي والتسليم الجزئي
يعتبر التسليم الكلي متى قام المقاول بإتمام الأعمال وجعلها رهن إشارة رب العمل في مجموعها، إلا أنه قد يشار في الصفقة إلى التسليم عن مراحل، ومثل ذلك في حالة إبرام صفقة إنشاء مجموعة من المباني أو الوحدات المنفصلة[12]، كذلك في حالة تعاقد رب العمل مع مجموعة من المقاولين من دووي الاختصاصات المختلفة ،فإن تسلم الأعمال يتم وبصفة منفصلة عن كل عمل قام به أحد المقاولين[13].
رابعا : التسليم الحكمي في القانون المصري، والتسليم القضائي في القانون الفرنسي :
الأصل أن التسليم يتم بشكل ودي بين المقاول ورب العمل، إلا أنه في بعض الأحيان لا يتم عن هذا الشكل وهكذا نرى أن المادة 655 مدني مصري تنص على أنه : " متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل وجب على هذا أن يبادر على تسلمه في أقرب وقت ممكن، بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه."
وهو لا يختلف كثيرا عما قضت به المادة 1792 – 6 من قانون 4 يناير 1978 من أن التسليم " يتم بناء على طلب الطرف صاحب المصلحة في التعجيل به، وذلك بشكل ودي وإلا فقضائي " .
ويستشف من خلال النص المصري أنه يحمل رب العمل الممتنع بدء المبادرة في اللجوء إلى القضاء[14]، بينما يلقي النص الفرنسي بهذا العبء على المقاول.
إلا أن الإشكالية التي تطرح في القانون الفرنسي المدة تتعلق بالمدة التي يبدأ منها احتساب التسليم القضائي، وقد اعتبر بعض الشراح أن التسليم يكون بشكل مطابق لما اتفق عليه بين المتعاقدين[15]. وبالنسبة للصفقات العمومية، فإن تسلم الأشغال لا يتم إلا إذا قدم المقاول شهادة تحمله بالضمان لكل ما من شانه عرض البناية للرطوبة، على أن تكون هذه الشهادة موقعة من طرف مؤمن المقاول. لكن ما هي المهلة المعطاة لرب العمل للدفاع عن حقوقه ؟. وهو ما سنتناوله في هدا المطلب الموالي.
المطلب الثالث :آجال رفع دعوى الضمان
سبق القول أن مسؤولية المشيدين تقوم نتيجة الإخلال بالالتزام الخاص بضمان متانة البناء خلال مدة عشر سنوات من تسلم الأعمال مقبولة من طرف رب العمل .
و ذهب القضاء الفرنسي في هذا الاتجاه واعتبر دعوى الضمان المعماري هي دعوى ذات طبيعة تعاقدية ،إلا أنه لا يعتبر من طبيعة العلاقة بين المقاول أو المهندس ورب العمل ، فالعقد الذي يحكم هذه العلاقة لا ينتهي بالتسليم، لأن التسليم يعتبر واقعة وليس تصرفا قانونيا ، والعقد ينطوي على مرحلتين ،مرحلة تنفيذ الالتزام ومرحلة الضمان أي التأكد من حسن أداء هذا التنفيذ ، فالضمان يعتبر من ملحقات التنفيذ.[16]
وفي القانون المغربي، فان آجال رفع الدعوى هي ثلاثون يوما من حصول العيب الموجب للضمان.
أما في القانون الفرنسي ، فقد حدد الضمان العشري في عشر سنوات بواسطة المادة 1792 مدني فرنسي تبتدئ من وقت تسلم الأعمال. وفي المادة 2270 أورد أن إعفاء المهندسين المعماريين والمقاولين تتم بعد مضي عشر سنوات من تسلم الأعمال. وينظر الفقه والقضاء الفرنسيان إلى المدة العشرية بحسبانها مدة سقوط وليست مدة تقادم ، وبالتالي فإنها لا تقبل الوقف كما أنها لا تقبل الانقطاع ، اللهم برفع الدعوى أو باعتراف المشيد المدعى عليه بمسؤوليته عن العيب الموجب للضمان. وقد تضارب جانب من الفقه حول مدة رفع الدعوى.
إلا أن القضاء الفرنسي اعتبر أن دعوى الضمان تسقط بعد مضي عشر سنوات من تسلم الأعمال من خلال قرار الدوائر المجتمعة لمحكمة النقض لسنة 1882. [18].
أما في مصر، فقد فرق المشرع بين مدة الضمان فحددها في عشر سنوات أما الدعوى فتسقط بانقضاء ثلاث سنوات من حصول التهدم أو انكشاف العيب (م/654)[19] أما إذا كان المبنى يتكون من عدة وحدات فيبدأ أجل رفع الدعوى خلال ثلاث سنوات من حصول التهدم أو انكشاف العيب في هذه الوحدة.
يتبين من خلال ما سبق ان بيع العقار القائم الحديث يتم بعد توافق طرفي العقد ،في حين ان اتمام بيع عقار غير مبني يتطلب وفاء طرفي العقد بالتزاماتهما المتبادلة والااصبحت مباشرة دعوى الالتزام دون جدوى.
المبحث الثاني: اتمام عقد بيع عقار غير مبني
كما جرت العادة يقوم رب العمل بطلب خدمات المقاول لاجل تجهيز التجزئة المراد تقسيمها ، وذلك بالعمل على ربطها بالصرف الصحي ، الماء والكهرباء ، وعند انتهاء هذه الاشغال يعرض المقاول على رب العمل تسلم هذه الاشغال ، والتي تتوج بمحضر يوقعه جميع الاطراف المعنية بتلك الاشغال بما في ذلك الجماعة التي تقع التجزئة بنفوذ ترابها والمصالح المعنية الاخرى.
وفي حالة الموافقة على تسلم تلك الاشغال لا تطرح اية اشكاالية في بيع العقار غير المبني ، فالعقد شريعة المتعاقدين ، في حين ان اتمام هذا البيع قد يصطدم بعدة عقبات عند تعذر تسلم اشغال التجهيز.
المطلب الاول:تعذر تسلم الاشغال لقوة قاهرة
قد يقوم رب العمل بكل الاجراءات الادارية قصدتسلم الاشغال الا ان طارئا يخرج عن ارادته يحول دون تسلم هذه الاشغال ، ويبقى بذلك اتمام بيع هذا العقار غير المبني مؤجلا ، وفي هذه الحالة فان المشتري لايحق له اجبار البائع على تنفيذ ذلك العقد ، ويصادف ذلك ان يكون المشتري لم يؤد الثمن الاجمالي لتلك القطعة الارضية ، وفي هذه الحالة فرفع دعوى ضد البائع لاتمام البيع يكون دون جدوى.
المطلب الثاني: تعذرتسلم الاشغال راجع لاهمال البائع
لنسلم على سبيل الفرض ان المشتري لم يتمم اداء ثمن هذا العقار ، ولم يتم تسلم الاشغال نظرا لاهمال البائع وفي تلك المرحلة ارتفعت اسعار العقار فهل يجبر المشتري على اتمام البيع، وبالمقابل هل يمكن للبائع مطالبة المشتري باداء الفرق بين الثمن الذي اتفق عليه
والسعر الحالي للعقار.
ان الاجابة على هذا السؤال يختزله الفصل 234 من ق.ل.ع.م الذي ينص على انه:"
لايجوز لاحد ان يباشر الدعوى الناتجة عن الالتزام ،الا اثبت انه ادى او عرض ان يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق او القانون او العرف." وهو ما اكدته محكمة النقض حين اعتبرت ان القاعدة المعتمدة من طرف محكمة الاستئناف بالرباط20 التي اجازت مطالبة البائع بتنفيذ عقد البيع بناء على ان تغيير تصميم التهيئة من طرف المصالح المختصة وما اصبح يفرضه من تكاليف جديدة لايشكل قوة قاهرة تبرر الامتناع عن اتمام اجراءات البيع ، كما انه اذا اثبت المشتري استعداده لتنفيذ التزاماته وادى جزءا كبيرامن ثمن القطعة الارضية المشتراة،فانه يكون محقا في مقاضاة الطرف الاخر واجباره على تنفيذ التزامه باتمام اجراءات البيع،تجانب الصواب واعتبرت بذلك انه لايجوز ان يباشر دعوى الالتزام الا اذا ادى او عرض ان يؤدي كل ما هو ملتزم به طبقا للاتفاق او العرف او القانون ، والمحكمة حين عللت قرارها بان المشتري عند ادائه لجزء كبير من ثمن القطعة الارضية المبيعة يعطيه حق مقاضاة الطرف الاخر واجباره على تنفيذ التزامه،مع ان الفصل234 من ق.ل.ع يستلزم اداء الثمن كاملا ، تكون قد طبقت هذا الفصل تطبيقا خاطئاوعرضت قرارها للنقض.21
الخاتمة:
يمكن القول ان اتمام بيع عقار سواء اكان مشيدا ام غير مبني يتطلب اولا ان يكون خاضعا لتصميم التهيئة وان يكون مرخصا، رخصة السكن بالنسبة للاماكن المعدة للسكنى ورخصة المطابقة بالنسبة للاماكن المعدة لغير السكنى ، كما يتطلب اتمام ثمن البيع ،فاداء الثمن بالكامل يجبر البائع على اتمام البيع وان كان ذلك لايعفي المشتري من اداء نسبة مئوية كزيادة في سعر العقار اذا كان تاخر تسلم الاشغال ناتج عن ظروف طارئة كالقوة القاهرة.
21 )القرار رقم 2801 المؤرخ في 05 يونيو الغرفة المدنية القسم السابع الملف عدد 3716/7/2010-القاضي بنقض القرار الاستئنافي.
اذاكان القاعدة ان البيع عقد ينقل لاحد المتعاقدين ملكية شيئ او حق مقابل ثمن يلتزم الاخر بدفعه له ،ولن يكون تماما الا بتراضي طرفي العقدوتراضيهما على المبيع والثمن ،الا ان بيع العقاريختلف فيما اذا كان المبيع عبارة عن بناء قائم او عبارة عن قطعة ارضية ،ففي الحالة الاولى فان المقاول والمهندس المعماري اوالمهندس مسؤولان عن البناء وذلك باعمال أحكام المسؤولية العشرية ان هي ظهرت العيوب التي تهدد متانة وسلامة البناء خلال مدة معينة، كما أن لصاحب الحق في الضمان أن يقوم برفع دعواه خلال مدة محددة،و ان كان هذا تفويت هذا العقاريخضع لعدة ضمانات منها الحفاظ على سلامة وصحة قاطنيه ،فانه لايحول دون اتمام عقد البيع، في حين ان اتمام بيع عقار غير مبني يتطلب من كل طرفي العقد الوفاء بالتزاماتهما المتبادلة وهكذا سيكون بحثي مقسم الى مبحثين ، المبحث الاول(اتمام عقد البيع لعقار قائم حديث),المبحث الثاني(اتمام عقدالبيع لعقار غير مبني) .
المبحث الاول: اتمام عقد بيع عقار قائم حديث
لا يمكن الحديث عن بيع عقار قائم حديث الا اذا تم تشييده وفق معايير صحية وتقنية مضبوطة منها توفرها على التهوية ،وتصاميم مطابقة لما هو قائم في الواقع ومصادقة عليها من طرف السلطات المختصة ،اضافة الى الحصول على رخصة السكن او المطابقة حسب استعمال العقار كمحل للسكن او التجارة ،وان لا تظهر هذه العيوب خلال مدة معينة.
المطلب الأول : مدة ضمان الأعمال
كان المشرع المغربي صريحا حين اعتبر بأن مدة الضمان هي عشر سنوات وببطلان الاتفاقات المعفية من المسؤولية العشرية، كنظيره المصري والفرنسي حيث نصت المادة 653 مدني مصري والمادة 1792/5 مدني فرنسي بأن البطلان لايقتصر على الاتفاقات المعفية من المسؤولية بل يقع على الشروط المخففة للمسؤولية المعمارية، تبعا لما تنص عليه المادة 651 مدني مصري و المادة 1792 مدني فرنسي.[1] وهكذا نرى أن القضاء الفرنسي وإن تشدد في اعتبار المسؤولية العشرية أو الخاصة للمعماريين من النظام العام،فإنه قضى بأنه يجوز للطرفين الاتفاق على انقاص مدة الضمان للوقت اللازم لتبين العيوب، بينما قضى ببطلان الاتفاق على إنقاص هذا الضمان لمدة قصيرة بحيث تنعدم المسؤولية، كما تحدث على أن يقتصر الضمان على عمل معين دون آخر ،بينما قضى ببطلان الاتفاقات التي يترتب عنها إعفاء المهندس المشرف على التنفيذ من كل المسؤولية وقضى بأن الاتفاقات على الحد من الضمان تفقد كل قيمتها في حالة حدوث خطأ عمدي من جانب المسؤول، لتبقى مدة الضمان محددة في عشر سنوات من تسلم الاعمال كنظيره المصري والفرنسي ، وإن كان القضاء الفرنسي قد اعتبر أن نقطة بداية سريان المدة القانونية للضمان الخاص هي من وقت التقبل أو القبول[2] ،أي من وقت المخالصة المقدمة من رب العمل للمعماري ،وليس من وقت إنجاز العمل ، لا من وقت حدوث الضرر.[3] حيث اعتبر هذا الأخير مدة الضمان محددة في عشر سنوات من وقت تسلم الأعمال (المادة 1792 مدني فرنسي) ، واعتبر في المادة 2270 مدني فرنسي أنه بمرور عشر سنوات يتم إعفاء المشيدين من هذا الضمان.
وهكذا جعل المشرع الفرنسي عشر سنوات من تسلم الأشغال تتحد مع مدة دعوى الضمان وبعبارة أصح، إن هذه العشر سنوات في نفس الوقت مدة سقوط وتقادم على خلاف المشرع المصري الذي فرق بين مهلة الضمان ومدة رفع الدعوى ، حيث حدد مدة الضمان ،وهي عشر سنوات من حيث الأصل[4]. أما الدعوى فتسقط بانقضاء ثلاث سنوات تعتبر من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب[5] وفي المغرب، إن قانون الالتزامات والعقود حدد مدة عشر سنوات كمهلة لضمان الأعمال .
إلا أن الإشكالية التي تثار هل يحسب سريان المدة من التسليم المؤقت أم من التسليم النهائي. وهو ما سيجرنا إلى التعريف بتسلم الأعمال..
المطلب الثاني : تسلم الأشغال أو الأعمال:
لم يعرف المشرع المغربي في قانون التعمير لسنة 17 يونيو1990[6] تسلم الأعمال ، لكنه حدد الطريقة التي تتم بها بأن يبادر المقاول في طلب تسلم الأعمال من رب العمل، بعد أخذ رأي مكتب المراقبة إن كان رب العمل إدارة. بعد ذلك تجتمع لجنة مكونة من مصالح الجماعة المحلية و ممثل عن وكالة توزيع الماء الكهرباء والصرف الصحي و المهندس المعماري ، المقاول أو من يمثله ن ومهندس مكتب المراقبة ، وقد أضاف مشروع مدونة التعمير في المادة 90 منه[7] المهندس المختص، والمهندس المساح الطبوغرافي كأعضاء ضمن هذه اللجنة ، والتي تسمى اللجنة المكلفة بالتسليم المؤقت للأشغال ، عكس المشرع الفرنسي الذي عرف تسلم الأعمال في المادة 1792/6 والتي أدخلها إلى المجموعة المدنية بقانون 4 يناير 1978 بأنه " التعرف الذي بموجبه يقرر رب العمل قبوله للعمل أو بدون تحفظات "
و معلوم أن التسليم يهم المقاول كما يهم كل من يتحمل مسؤولية تنفيذ الأعمال من مهندس و مقاول من الباطن، و يعتبر أحد الالتزامات الواجبة على رب العمل، و هكذا نجد أن القانون المدني المصري ينص في المادة 655 منه على أنه" متى أتم المقاول العمل يوضع تحت تعرف رب العمل، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن، بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي، اعتبر أن العمل قد سلم إليه" .
وهي دعوى صريحة لتسلم الأشغال ، عكس القانون المدني الفرنسي و إن كان يستشف من المادة 1792/6 على أنها" دعوى صريحة للتسلم، إذ تقضي بأن التسليم يتم بناء على الطرف صاحب المصلحة في التعجيل به، و ذلك بشكل ودي وإلا فقضائي".
الفقرة الاولى:الطبيعة القانونية لتسلم الأعمال في فرنسا قبل صدور قانون 1978: [8]
هنالك ثلاثة اتجاهات:
أ- الاتجاه الأول: التسليم مجرد واقعة مادية أو عمل مادي
Acte matérielو يرى بعض الشراح أنها مجرد وسيلة فنية عادية للتثبت من إعطاء الأعمال لرب العمل، ولا تعبر عن مطابقة ما نفذه من أعمال بما تعهد به في مواجهة رب العمل، عكس المطابقة للأعمال فهي تبرئ ذمة المقاول بإدارة المشرع.
ب- الاتجاه الثاني: التسليم، اتفاق منفصل عن عقد المقاولة الأصلي: وفي هذه الحالة يصدر المقاول إيجابا لرب العمل لتسلم الأعمال، وبقبول الإيجاب بالوفاء يظهر الرضا، فالتسليم إذن هو قبول للوفاء من جانب رب العمل" إلا أن القانون المصري الذي اعتبر في المادة 655 مدني أن التسليم يكون حكمي حين يمتنع رب العمل من تسلم الأعمال التي تمت رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي، إذ يعتبر في هذه الحالة العمل قد سلم إليه و واقعيا، لم يبدي رضاه عن الأعمال المنفذة.
ج- الاتجاه الثالث:
التسليم تعبير عن إرادة منفردة من جانب رب العمل:
لقد أتى الفقه الفرنسي برأي راجح مفاده أن رب العمل حين تسلم الأعمال مكتملة، فهي إذن تعبير عن إرادة منفردة من جانبه ،و ذلك بموافقته على هذه الأعمال، بل إقرار منه بأنها نفذت بشكل مرضي، و تنازلا منه ضمنيا عن التمسك بالعيوب التي وقعت في هذه الأعمال.
الفقرة الثانية: الفترة اللاحقة لقانون 1978.
حسم المشرع الفرنسي الخلاف في هذه الاتجاهات حيث اعتبر نص الفقرة الأولى من المادة 6/1792 صفة التصرف القانوني لتسلم الأعمال.
الفقرة الثالثة : صور و أشكال التسليم:
أولا: التسليم الصريح و التسليم الضمني وتاجير البناء
أ- التسليم الصريح:
إن التسليم الصريح يتم كما جرت العادة بأن يحرر بشأنه محضرا يوقع عليه رب العمل و المقاول و المهندس، ولا يشترط فيه أي شكل خاص لا في القانون المصري ولا في الفرنسي.
ب- التسليم الضمني:
وهو التسليم الذي يستخلص من بعض الوقائع، و التي تعبر بوضوح عن رب العمل في قبول الأعمال كالحيازة الفعلية للبناء أو استعماله، وهي لا تعني بالضرورة موافقة حتى ولو كانت الأعمال قد اكتملت و إنما يفهم من هذه الموافقة في أغلب الأحيان استمرار وضع اليد لبعض الوقت دون أن يبدي رب العمل اعتراضاته أو تحفظاته.
ج- تأجير البناء:
تتجلى كذلك في هذه الحالة الموافقة الضمنية لرب العمل على الأعمال بمجرد القيام بتأجير البناء، إلا أنها ليست قرينة قاطعة على أن تأجير البناء يعتبر التسليم ضمنيا للأعمال لكون المستأجرين الذين يتذمرون من العيوب الموجودة في البناء ،نادرا ما يطلبون من رب العمل إصلاح تلك العيوب نظرا لحاجتهم الماسة للسكن.
و بعد صدور قانون 1978 لم يعد بالإمكان القول بالتسليم الضمني، على اعتبار أن المشرع لما قام بتنظيم التسليم القضائي إذا لم يتم وديا إنما قصد أن يكون التسليم عملا إيجابيا مستحثا.[9]
ثانيا: التسليم المؤقت و التسليم النهائي:
- التسليم المؤقت
وحسب المادة 90من مشروع مدونة التعمير، فإن اللجنة المكلفة بالتسليم تتكون من ممثلين عن الجماعة ،وممثلين للإدارة والمؤسسات العمومية التابعة لها والمصالح المكلفة بتوزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي ، وكذا متعهد الشبكة العامة للمواصلات ، ويستدعى صاحب التجزئة والمقاول والمهندس المعماري، المهندس المختص والمهندس الطبوغرافي لحضور اجتماع اللجنة المذكورة. وتجدر الإشارة إلى أن التسليم الضمني للأعمال يعتبر مجرد تسليم مؤقت وليس تسليما نهائيا ،وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف الباريسية حيث اعتبرت ان شغل العمارة قبل التسليم النهائي وصيانة المبنى لا يمكن أن يعتبر تسليما نهائيا.
- التسليم النهائي
أما في مصر فإن محكمة النقض المصرية اكتفت بالإشارة إلى تسلم الأعمال دون الإشارة إلى نوع التسليم أما في فرنسا فقد انقسم الفقه والقضاء إلى اتجاهين.
فهناك من يعتد بالتسليم المؤقت لعدة اعتبارات أولها ان مهلة التجربة تبدأ من أول يوم يعاني فيه البناء، كما أن العيوب التي تؤخر التسليم النهائي للأعمال تكون غالبا عيوبا تافهة كما أن الإعمال بالتسليم النهائي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة سنة أخرى لمدة الضمان. أما أنصار مبدأ سريان مدة الضمان بالتسليم النهائي للأعمال فمن بين ما يتخذونه للدفاع عن هذا المبدأ كون التسليم النهائي ،هو الذي يعبر بدقة عن حسن سير تنفيذ الصفقة المبرمة بين المشيد ورب العمل ،وأن إخلاء الطرف المشيد ما بذمته من واجبات اتجاه رب العمل لا يتم إلا بالتسليم النهائي الذي يرفع جميع التحفظات.
إلا أن هذه الازدواجية في التسليم سرعان ما بدأت تنهار، حيث بدأت تنهار، حيث بدأ الاتجاه في العمل الفرنسي على الأخذ بنظام التسليم الواحد، حيث تم إحداث نوع جديد من الضمان يتحمل به المقاول في علاقته برب العمل يعرف بضمان الأعمال على الوجه الأكمل بموجب قانون 4 يناير 1978.
ثالثا : التسليم الكلي والتسليم الجزئي
يعتبر التسليم الكلي متى قام المقاول بإتمام الأعمال وجعلها رهن إشارة رب العمل في مجموعها، إلا أنه قد يشار في الصفقة إلى التسليم عن مراحل، ومثل ذلك في حالة إبرام صفقة إنشاء مجموعة من المباني أو الوحدات المنفصلة[12]، كذلك في حالة تعاقد رب العمل مع مجموعة من المقاولين من دووي الاختصاصات المختلفة ،فإن تسلم الأعمال يتم وبصفة منفصلة عن كل عمل قام به أحد المقاولين[13].
رابعا : التسليم الحكمي في القانون المصري، والتسليم القضائي في القانون الفرنسي :
الأصل أن التسليم يتم بشكل ودي بين المقاول ورب العمل، إلا أنه في بعض الأحيان لا يتم عن هذا الشكل وهكذا نرى أن المادة 655 مدني مصري تنص على أنه : " متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل وجب على هذا أن يبادر على تسلمه في أقرب وقت ممكن، بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه."
وهو لا يختلف كثيرا عما قضت به المادة 1792 – 6 من قانون 4 يناير 1978 من أن التسليم " يتم بناء على طلب الطرف صاحب المصلحة في التعجيل به، وذلك بشكل ودي وإلا فقضائي " .
ويستشف من خلال النص المصري أنه يحمل رب العمل الممتنع بدء المبادرة في اللجوء إلى القضاء[14]، بينما يلقي النص الفرنسي بهذا العبء على المقاول.
إلا أن الإشكالية التي تطرح في القانون الفرنسي المدة تتعلق بالمدة التي يبدأ منها احتساب التسليم القضائي، وقد اعتبر بعض الشراح أن التسليم يكون بشكل مطابق لما اتفق عليه بين المتعاقدين[15]. وبالنسبة للصفقات العمومية، فإن تسلم الأشغال لا يتم إلا إذا قدم المقاول شهادة تحمله بالضمان لكل ما من شانه عرض البناية للرطوبة، على أن تكون هذه الشهادة موقعة من طرف مؤمن المقاول. لكن ما هي المهلة المعطاة لرب العمل للدفاع عن حقوقه ؟. وهو ما سنتناوله في هدا المطلب الموالي.
المطلب الثالث :آجال رفع دعوى الضمان
سبق القول أن مسؤولية المشيدين تقوم نتيجة الإخلال بالالتزام الخاص بضمان متانة البناء خلال مدة عشر سنوات من تسلم الأعمال مقبولة من طرف رب العمل .
و ذهب القضاء الفرنسي في هذا الاتجاه واعتبر دعوى الضمان المعماري هي دعوى ذات طبيعة تعاقدية ،إلا أنه لا يعتبر من طبيعة العلاقة بين المقاول أو المهندس ورب العمل ، فالعقد الذي يحكم هذه العلاقة لا ينتهي بالتسليم، لأن التسليم يعتبر واقعة وليس تصرفا قانونيا ، والعقد ينطوي على مرحلتين ،مرحلة تنفيذ الالتزام ومرحلة الضمان أي التأكد من حسن أداء هذا التنفيذ ، فالضمان يعتبر من ملحقات التنفيذ.[16]
وفي القانون المغربي، فان آجال رفع الدعوى هي ثلاثون يوما من حصول العيب الموجب للضمان.
أما في القانون الفرنسي ، فقد حدد الضمان العشري في عشر سنوات بواسطة المادة 1792 مدني فرنسي تبتدئ من وقت تسلم الأعمال. وفي المادة 2270 أورد أن إعفاء المهندسين المعماريين والمقاولين تتم بعد مضي عشر سنوات من تسلم الأعمال. وينظر الفقه والقضاء الفرنسيان إلى المدة العشرية بحسبانها مدة سقوط وليست مدة تقادم ، وبالتالي فإنها لا تقبل الوقف كما أنها لا تقبل الانقطاع ، اللهم برفع الدعوى أو باعتراف المشيد المدعى عليه بمسؤوليته عن العيب الموجب للضمان. وقد تضارب جانب من الفقه حول مدة رفع الدعوى.
أما في مصر، فقد فرق المشرع بين مدة الضمان فحددها في عشر سنوات أما الدعوى فتسقط بانقضاء ثلاث سنوات من حصول التهدم أو انكشاف العيب (م/654)[19] أما إذا كان المبنى يتكون من عدة وحدات فيبدأ أجل رفع الدعوى خلال ثلاث سنوات من حصول التهدم أو انكشاف العيب في هذه الوحدة.
يتبين من خلال ما سبق ان بيع العقار القائم الحديث يتم بعد توافق طرفي العقد ،في حين ان اتمام بيع عقار غير مبني يتطلب وفاء طرفي العقد بالتزاماتهما المتبادلة والااصبحت مباشرة دعوى الالتزام دون جدوى.
المبحث الثاني: اتمام عقد بيع عقار غير مبني
كما جرت العادة يقوم رب العمل بطلب خدمات المقاول لاجل تجهيز التجزئة المراد تقسيمها ، وذلك بالعمل على ربطها بالصرف الصحي ، الماء والكهرباء ، وعند انتهاء هذه الاشغال يعرض المقاول على رب العمل تسلم هذه الاشغال ، والتي تتوج بمحضر يوقعه جميع الاطراف المعنية بتلك الاشغال بما في ذلك الجماعة التي تقع التجزئة بنفوذ ترابها والمصالح المعنية الاخرى.
وفي حالة الموافقة على تسلم تلك الاشغال لا تطرح اية اشكاالية في بيع العقار غير المبني ، فالعقد شريعة المتعاقدين ، في حين ان اتمام هذا البيع قد يصطدم بعدة عقبات عند تعذر تسلم اشغال التجهيز.
المطلب الاول:تعذر تسلم الاشغال لقوة قاهرة
قد يقوم رب العمل بكل الاجراءات الادارية قصدتسلم الاشغال الا ان طارئا يخرج عن ارادته يحول دون تسلم هذه الاشغال ، ويبقى بذلك اتمام بيع هذا العقار غير المبني مؤجلا ، وفي هذه الحالة فان المشتري لايحق له اجبار البائع على تنفيذ ذلك العقد ، ويصادف ذلك ان يكون المشتري لم يؤد الثمن الاجمالي لتلك القطعة الارضية ، وفي هذه الحالة فرفع دعوى ضد البائع لاتمام البيع يكون دون جدوى.
المطلب الثاني: تعذرتسلم الاشغال راجع لاهمال البائع
لنسلم على سبيل الفرض ان المشتري لم يتمم اداء ثمن هذا العقار ، ولم يتم تسلم الاشغال نظرا لاهمال البائع وفي تلك المرحلة ارتفعت اسعار العقار فهل يجبر المشتري على اتمام البيع، وبالمقابل هل يمكن للبائع مطالبة المشتري باداء الفرق بين الثمن الذي اتفق عليه
والسعر الحالي للعقار.
ان الاجابة على هذا السؤال يختزله الفصل 234 من ق.ل.ع.م الذي ينص على انه:"
لايجوز لاحد ان يباشر الدعوى الناتجة عن الالتزام ،الا اثبت انه ادى او عرض ان يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق او القانون او العرف." وهو ما اكدته محكمة النقض حين اعتبرت ان القاعدة المعتمدة من طرف محكمة الاستئناف بالرباط20 التي اجازت مطالبة البائع بتنفيذ عقد البيع بناء على ان تغيير تصميم التهيئة من طرف المصالح المختصة وما اصبح يفرضه من تكاليف جديدة لايشكل قوة قاهرة تبرر الامتناع عن اتمام اجراءات البيع ، كما انه اذا اثبت المشتري استعداده لتنفيذ التزاماته وادى جزءا كبيرامن ثمن القطعة الارضية المشتراة،فانه يكون محقا في مقاضاة الطرف الاخر واجباره على تنفيذ التزامه باتمام اجراءات البيع،تجانب الصواب واعتبرت بذلك انه لايجوز ان يباشر دعوى الالتزام الا اذا ادى او عرض ان يؤدي كل ما هو ملتزم به طبقا للاتفاق او العرف او القانون ، والمحكمة حين عللت قرارها بان المشتري عند ادائه لجزء كبير من ثمن القطعة الارضية المبيعة يعطيه حق مقاضاة الطرف الاخر واجباره على تنفيذ التزامه،مع ان الفصل234 من ق.ل.ع يستلزم اداء الثمن كاملا ، تكون قد طبقت هذا الفصل تطبيقا خاطئاوعرضت قرارها للنقض.21
الخاتمة:
يمكن القول ان اتمام بيع عقار سواء اكان مشيدا ام غير مبني يتطلب اولا ان يكون خاضعا لتصميم التهيئة وان يكون مرخصا، رخصة السكن بالنسبة للاماكن المعدة للسكنى ورخصة المطابقة بالنسبة للاماكن المعدة لغير السكنى ، كما يتطلب اتمام ثمن البيع ،فاداء الثمن بالكامل يجبر البائع على اتمام البيع وان كان ذلك لايعفي المشتري من اداء نسبة مئوية كزيادة في سعر العقار اذا كان تاخر تسلم الاشغال ناتج عن ظروف طارئة كالقوة القاهرة.
الهوامش
القرار رقم 189 الصادر بتاريخ 31 دجنبر 2009 الغرفة العقارية – الملف عدد 139-2008-13 [1] - د. محمد ناجي ياقوت "مسؤولية المعماريين بعد إتمام الأعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل دار وهدان للطباعة والنشر 1984 ص: 261.
[2] - د. محمد ناجي ياقوت، م.س ص: 149
[3] - قضت محكمة النقض الفرنسية (الدائرة المدنية) في حكم صادر في 8/1/1980 دالوز قسم المعلومات السريعة ص: 218 بأنه لا يحتسب من ضمن مدة العشر سنوات هذه اليوم الذي حدث فيه تقبل العمل.
حيث أجاز في المادة 651 الاتفاق على إقامة منشات معينة تبقى أقل من عشر سنوات .[4]
نقض مصري 31/5/1973. مجموعة السنة 24 ص 853 رقم 356 [5]
[6] - يتعلق بالقانون رقم 25.90
[7] - مشروع مدونة التعمير لسنة 2007 المعد من وزارة السكنى والتعمير والتنمية المجالية بعد اقتراحات وتوصيات الجماعات المحلية.
[8] - أي قانون 1804 و1967 من القانون المدني الفرنسي.
[9] - محمد شكري سرور مسؤولية مهندس ومقاول البناء والمنشات الثابثة الاخرى دراسة مقارنة دار الفكر العربي القاهرة ص : 158 .
[10] - يرى بعض الشراح أنه لم يكن هناك بدقة تسليم مؤقت وتسليم نهائي وهو في الحقيقة تسليم جزئي لجانب من الأعمال، وهو الجانب الذي لم يبدي رب العمل بشأنه أية تحفظات، ومن تم تسليمه الضمان العشري بالنسبة له من يوم التسليم، وتسليم نهائي وهو جزئي أيضا يبدأ منه سريان مهلة عشرية أخرى خاصة بجانب من الأعمال الذي كان رب العمل قد تحفظ عليه، متى كان المقاول قد علم بالعيوب التي جعلت محلا لهذه لتحفظات، أنظر Costa P40 .
[11] - راجع في تفاصيل ذلك.Caston pp 85 et 86 N° 131
[12] - محمد شكري سرورم.س ص 162.
[13] - المادة 1791 من المجموعة المدنية الفرنسية من أنه : " حين يتعلق الأمر بعمل ( أو بصنع شيء) من عدة أجزاء أو بالقطعة، فإن فحصه يصح أن يكون بالأجزاء، ونفترض في هذا الفحص قد تم بالنسبة لكل جزء دفع أجره، متى كان الاتفاق يقضي بأن الأجرة تستحق للعامل ( المقاول) بنسبة كل عمل منفذ"
[14] - ومن الناحية العملية فإن ذلك غالبا ما سيحدث، لو أن العيب الذي ظهر في المبنى قد انكشف بعد عشر سنوات من تاريخ الإنذار الرسمي، أو بعبارة أخرى من تاريخ التسليم الحكمي.
[15] - راجع Costa P 42 .
[16] - حسين منصور محمد "المسؤولية المعمارية في حوادث وانهيار المباني بعد التشييد والتأمين الإجباري عنها (المهندسون والمقاولون – العمال والفنيون، موردو وصانعو مواد البناء – الملاك والسكان) دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 1999 ص 143.
[17] - MAZEAUD OP N°137 p 573-574 T. 31968 .
[18] - V.: civ. 03/07 1969 Bul .c.v1969p.406N°542 ; poitiers19/12/1951 D 1952-64. Paris 16-12-1953 D 1954-80 C.E 09/01//53D 1954-277.
[19] - في هذا المعنى نقض مصري 1973/05/31 مجموعة أحكام النقض السنة 24ص 853رقم 356 .
21 )القرار رقم 2801 المؤرخ في 05 يونيو الغرفة المدنية القسم السابع الملف عدد 3716/7/2010-القاضي بنقض القرار الاستئنافي.