مقدمة:
يدخل هذا العمل في إطار الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس محكمة الاستئناف بالرباط التي تأسست سنة 1913 إبان فترة الحماية عند انتداب المقيم العام الفرنسي المارشال اليوطي باعتباره أول من أرسى دعائم النظام القانوني المغربي خلال الفترة الممتدة ما بين 1913 و 1938،وقد عين السيد ستيفان بيرج كأول رئيس لمحكمة الاستئناف بالرباط عند تأسيسها سنة 1913،كما تم تعيين السيد أدولف لوندري كأول وكيل عام لمحكمة الاستئناف بنفس الفترة.
ويمكن استعراض نوستالجيا مقر محكمة الاستئناف بالرباط خلال تلك الفترة حيث كانت تتواجد بساحة البريد دار المقري طريق دار المخزن ثم في سنة 1932 انتقلت إلى مقر البرلمان الآن بشارع محمد الخامس،وبعد تأسيس البرلمان بنفس البناية انتقل مقر محكمة الاستئناف إلى بناية مجاورة لمقر البرلمان بشكل مؤقت،ورغبة في توسعة البرلمان تم نقل مقر المحكمة سنة 1998 إلى مكان بالقرب من مسجد السنة حيث تتواجد المحكمة الإدارية - التجارية في الوقت الراهن،وفي سنة 2003 تم نقل المحكمة إلى المقر الحالي لمحكمة الاستئناف بحي الرياض شارع النخيل،ونشير إلى أنه سنة 2005 تم اعتماد بناية تابعة للمحكمة الابتدائية بسلا كملحقة تابعة لمحكمة الاستئناف ( القسم الجنحي )،ومن مشاريع وزارة العدل المرتقبة بناء قصر العدالة يضم جميع محاكم الرباط بما فيها محكمة الاستئناف وهو مشروع في مراحل دراسته الأخيرة.
بالرجوع إلى مقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 338-74-1 الصادر بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 الموافق ل 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة،وبناء على مقتضيات القانون رقم 10-34 الذي يغير ويتمم الظهير لآنف ذكره،نجد التنظيم القضائي يشمل المحاكم التالية:المحاكم الابتدائية،محاكم الاستئناف،المحاكم الإدارية،المحاكم التجارية،محاكم الاستئناف الادارية،محاكم الاستئناف التجارية،ومحكمة النقض
غير ان دراستنا ستقتصر على معرفة اختصاصات محاكم الاستئناف العادية و الاستثنائية بشكل عام ،وبشكل خاص الاختصاص الوطني لمحكمة الاستئناف بالرباط التي لها من الاختصاص ما يشكل استثناء لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية أو نصوص قانونية أخرى.
ومعلوم أن الاختصاص هو سلطة المحكمة للحكم في الدعوى وهو الولاية التي يمنحها المشرع لمحكمة ما للبث في القضايا
1- اختصاص محاكم الاستئناف:
إن الاختصاص في مفهوم القضاء الجنائي يتنوع استنادا إلى مجموعة من الاعتبارات فقد نجده يتعلق مرة بنوع الفعل المجرم المرتكب وهذا ما يصطلح عليه بالاختصاص النوعي،ومرة يتعلق بشخص الفاعل ما يصطلح عليه بالاختصاص الشخصي ومرة أخرى بمكان اقتراف الفعل الجرمي وهو ما يصطلح عليه بالاختصاص المكاني.
أ_ الاختصاص النوعي: يطلق عليه أيضا الاختصاص المادي أو المطلق وهو الذي يعتمد عليه في توزيع الاختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية،ونوع الجريمة يقصد به في هذا المقام درجة خطورتها في سلم تصنيف الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات حسب مقتضيات الفصول 16 17 18 111 من القانون الجنائي.
ب_الاختصاص الشخصي : يقوم على الاعتداد ببعض الصفات المتوفرة في مرتكبي الجرائم أو حالتهم أو طبيعتهم كالأحداث وأصحاب المناصب السامية والعسكريون حيث يعقد القانون تبعا لهذه الصفات الاختصاص للنظر في جرائمهم لجهة معينة.
وللمعيار الشخصي في توزيع الاختصاص بين المحاكم العادية المختلفة دور جد محدود بحيث لا نجد له سوى بعض التطبيقات المتواضعة كالتي وردت في الفصول من 264 إلى 268 من قانون المسطرة الجنائية التي تنتقل بمقتضاها الاختصاص في النظر في بعض الجرائم التي يرتكبها كبار الموظفين إما إلى محكمة النقض أو إلى محكمة الاستئناف .
ج_ الاختصاص المكاني :المقصود بالاختصاص المكاني أو المحلي أو الترابي صلاحية المحكمة من جملة محاكم لها نفس الاختصاص النوعي بالنظر في الدعوى الناجمة عن جريمة من الجرائم .
د_ قواعد الاختصاص والنظام العام :
إن ربط قواعد الاختصاص الزجري بالنظام العام واعتبارها قواعد آمرة لا ينبغي مخالفتها يترتب عنه عدم السماح لأطراف الدعوى بإجراء أي تعديل فيها سواء كان ذلك عن طريق الاتفاق الصريح أو الضمني كما يخول لها الحق في إثارة الدفع بعدم الاختصاص بالنظر في الدعوى في اية مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام المجلس الأعلى ، هذا على خلاف المشرع السوري الذي حسم النقاش صراحة واعتبر قواعد الاختصاص بجميع أنواعها قواعد آمرة بدون تمييز في الحكم بين قواعد الاختصاص النوعي أو الشخصي أو المكاني.
غير أن المشرع المغربي تعرض للموضوع بكيفية مباشرة وحاسمة استنادا إلى الفصل 323 من ق م ج الذي يستفاد منه أن الاختصاص النوعي هو من النظام العام ينبغي على المحاكم مراعاته تلقائيا،كما يتعين إثارته في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، وقد قضى بذلك المجلس الأعلى سابقا في إحدى قراراته رقم 707 الصادر بتاريخ 29 – 04 – 1964 .
وبناء على التنظيم القضائي للمملكة فإن محاكم الاستئناف تشتمل تحت سلطة رؤسائها الأولين وتبعا لأهميتها على عدد من الغرف المختصة من بينها غرفة الجنايات كما لا ننسى دور النيابة العامة وأهميتها في إثارة المتابعة الجنائية،وقضاة للتحقيق وقضاة الأحداث،وكتابة الضبط وكتابة النيابة العامة كما أضيف إليها استنادا إلى القانون رقم 10.43 أقسام الجرائم المالية بأربعة محاكم استئناف على الصعيد الوطني.
إن الاختصاص العادي لمحاكم الاستئناف بالنظر في الأحكام الصادرة ابتدائيا عن المحاكم الابتدائية،وكذا في جميع القضايا الأخرى التي تختص بالنظر فيها بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية أو نصوص أخرى عند الاقتضاء.
فغرف الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف تختص مبدئيا بالنظر في الاستئناف الذي يرفع إليها ضد الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية والتي تكون قابلة للاستئناف لديها.
كما تختص الغرفة الجنحية وفقا لمقتضيات المواد 213 214 247 من ق م ج للبث في طلبات الإفراج المقدمة إليها مباشرة ووفقا لأحكام المادة 179 من ق م ج وفي تدابير المراقبة القضائية وطلبات بطلان إجراءات التحقيق،والاستئناف المرفوع ضد أوامر قاضي التحقيق.
وتختص غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالنظر ابتدائيا في الأفعال الموصوفة قانونا بأنها جنايات وفي الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها وفق الفقرة الأولى من المادة 254 من ق م ج.
أما غرفة الجنايات الاستئنافية فتختص بالنظر في استئناف القرارات الباتة في الجوهر الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية بنفس المحكمة.
2- الاستثناءات الواردة على أحكام الاختصاص
المشرع أورد بعض الاستثناءات على قواعد الاختصاص لإدخال بعض المرونة على القواعد الثلاث السابق ذكرها وتتحدد هذه الاستثناءات في التالي:
الإحالة من أجل تشكك مشروع: الأصل أن المحكمة التي عرض عليها النزاع تكون هي صاحبة الاختصاص للبث فيه إلا أنه قد تتوافر ظروف تجعل المشرع يتدخل لسحب القضية من محكمة أو هيئة مكلفة بالتحقيق ويحيلها على هيئة قضائية أخرى للبث فيها وفق المادتين 270 و 271 من ق م ج،وأن الجهة القضائية المخول لها سحب القضية من الغرفة الجنائية هي الغرفة الجنائية بمحكمة النقض.
الإحالة من أجل المصلحة العامة: الإحالة من أجل المصلحة العامة يمكن تقديمها من أجل الأمن العمومي أو لتحقيق حسن سير العدالة وفق المادة 272 من ق م ج.
الإحالة بسبب نقض محكمة النقض للقرار: استنادا إلى مقتضيات المادة 500 من ق م ج حيث أنه إذا أبطلت محكمة النقض مقررا صادرا عن محكمة زجرية أحالت الدعوى والأطراف إلى نفس المحكمة متركبة من هيئة أخرى وبصفة استثنائية على محكمة من نفس النوع ودرجة المحكمة التي أصدرت القرار المنقوض.
جرائم الجلسات : الأصل أن تتم إحالة مرتكب الجريمة على الجهة المختصة طبقا للقواعد العادية للاختصاص،إلا أن المشرع خرج عن هذه القاعدة بحيث تختص المحكمة التي ارتكب أمامها بالنظر في القضية وذلك بموجب ملتمسات النيابة العامة أو تلقائيا خلافا للقواعد العادية الراجعة للاختصاص.
الجرائم المرتبطة:هذا النوع من الجرائم الذي يتخذ صورتين من الصور،الأولى وهي صورة الارتباط البسيط وتتجلى فيما عرض له الفصل 257 من ق م ج والذي بناء عليه يمكن القول أن حالات الارتباط البسيط تقوم كلما تواجدت علاقة واضحة تجمع بين ملابسات وظروف جريمة أخرى حتى ولو لم يكن الأمر يتعلق بأحد حالات الارتباط كالوقت الواحد أو الاتفاق أو تقديم وسائل المساعدة على ارتكاب جرائم أخرى أو إخفاء الأشياء المرتبطة بالجريمة ، وتتجلى الصورة الثانية وفق المادة 256 من ق م ج بحيث تجعل الجريمة المرتبطة من المستحيل تجزئتها والفصل في كل واحدة منها على حدى مثل تزوير أوراق شخصية لانتحال صفة بقصد النصب .
اختصاص محكمة الاستئناف بالرباط في الجريمة الارهابية:
إن هذا الاختصاص هو من مستجدات قانون المسطرة الجنائية والتي جاء بها قانون مكافحة الارهاب رقم 03.03 والتي جاءت المادة السابعة فيه بما يلي: "بصرف النظر عن قواعد الاختصاص المقررة في قانون المسطرة الجنائية أو في نصوص أخرى تختص محاكم الاستئناف بالرباط بالمتابعة والتحقيق والحكم في الجرائم الارهابية "
يستخلص من النص أن محكمة الاستئناف بالرباط هي المختصة قانونا بالنظر في الجرائم الارهابية بمعنى أن الاختصاص هو اختصاص وطني بغض النظر عن مكان اقتراف الجريمة الارهابية أو مكان القاء القبض أو مكان إقامة المتهم،وتبعا لذلك فإن محكمة الاستئناف بالرباط هي التي خول لها المشرع تدبير القضايا المتعلقة بالجريمة الارهابية بدء بالمتابعة وما يسبقه من إشراف النيابة العامة على عمل الضابطة القضائية،مرورا بالتحقيق الاعدادي وانتهاء بالمحاكمة.
غير أن هذا الاستثناء يمكن الخروج عليه بحيث يمكن لمحكمة الاستئناف بالرباط أن تعقد جلساتها بمقر أي محكمة أخرى وذلك لأسباب تتعلق بالأمن العمومي.
وما ينبغي الإشارة إليه أن الاختصاص القضائي في الجرائم المتعلقة بصنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة يبقى لمحكمة الاستئناف بالرباط ما دامت هذه الجرائم جاءت في إطار أفعال إرهابية لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي وتهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف ولا يعود الاختصاص للمحكمة العسكرية للبث في الجرائم المرتبطة بالأسلحة والمتفجرات إلا إذا ارتكبت في إطار الجرائم العادية كما هو منصوص عليه في ظهير 02 شتنبر 1958 بشأن الزجر عن المخالفات للتشريع بالأسلحة والعتاد والأدوات القابلة للانفجار.
وقد أخذ المشرع المغربي هذا التوجه من نظيريه الفرنسي والاسباني الذين يعطيان الاختصاص في الجرائم الارهابية على التوالي لمحاكم باريس ومدريد.
وقد سجلت عدد القضايا الارهابية التي تم البث فيها من طرف محكمة الاستئناف بالرباط منذ 2004 إلى حدود تاريخ تحرير هذا الموضوع إلى 388 قضية في المرحلة الابتدائية بمعدل 43,11 قضية في السنة وبنسبة اعتقال تقارب 96 في المائة،وسجلت غرفة الجنايات الاستئنافية في قضايا الارهاب 456 قضية بمعدل 50,60 قضية في السنة وبنسبة اعتقال قاربت 83 في المائة.
اختصاص محاكم الرباط في الافعال التي تكون جرائم غسل الأموال:
تنص المادة 38 من قانون رقم 43.05 المتعلق بغسل الأموال على ما يلي :"بالرغم من قواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية أو في نصوص أخرى تختص محاكم الرباط فيما يتعلق بالمتابعات والتحقيق والبث في الأفعال التي تكون جرائم غسل الأموال.
ويمكن للمحاكم المذكورة لأسباب تتعلق بالأمن العام وبصفة استثنائية عقد جلساتها في مقرات محاكم أخرى."
يستنفاد من نص المادة 38 من القانون رقم 43.05 أن محاكم الرباط هي المختصة وعلى اعتبار تكييف المشرع لجريمة غسل الأموال على أنها جنحة فإن الاختصاص يبقى للمحكمة الابتدائية بالرباط،غير أنه في الواقع العملي يصعب إن لم نقل يستحيل إيجاد جريمة غسل الأموال مستقلة بذاتها إذ لا بد من ارتباطها بجناية وفق ما هو محدد في مقتضيات المادة 574-2 من القانون الجنائي وعليه فإن الاختصاص في جرائم غسل الأموال والجرائم المرتبطة بها يعود إلى محكمة الاستئناف بالرباط .
اختصاص محكمة الاستئناف بالرباط في القضايا المرتبطة بالفساد المالي.
واستنادا إلى المادة 7 من قانون 79.03 الذي يغير ويتمم بموجبه القانون الجنائي ويحذف محكمة العدل الخاصة فإن اختصاصها خول لمحاكم الاستئناف التسعة وهي الدارالبيضاء،الرباط،فاس،مكناس،مراكش،أكادير،طنجة إلى غاية 16-09-2009 وبعد هذا التاريخ أصبح الاختصاص في الجنايات المذكورة لغرف الجنايات بسائر محاكم الاستئناف بالمملكة.وفي إطار مخطط إصلاح القضاء اعتمد المشرع بمقتضى المادة 260-1 من المسطرة الجنائية التي تمت إضافتها بمقتضى القانون رقم 10.36 الذي ارتأى إسناد الاختصاص في القضايا المالية لأقسام الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف في كل من الرباط فاس مراكش والدار البيضاء.
فقد أوضح وزير العدل السابق المرحوم الطيب الناصري في ندوة صحفية نظمتها وزارة العدل لعرض الحصيلة الأولية لورش إصلاح القضاء بمناسبة الذكرى الثانية للخطاب الملكي السامي ل 20 غشت 2009 بشأن الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة،فإن إحداث الأقسام المالية في محاكم الاستئناف في كل من محكمة الاستئناف بالرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس يأتي في إطار مراجعة قانون التنظيم القضائي ولمواجهة تراكم قضايا جرائم المال العام،وطول المدة التي تستغرق للنظر فيها،بما فيها تلك التي تمت إحالتها من قبل المجلس الأعلى للحسابات إثر إلغاء محكمة العدل الخاصة.
وسجل الوزير خلال الندوة أن مثل هذه القضايا تتطلب معرفة وتقنيات خاصة بالمالية والمحاسبة وتسيير المجالس الجماعية والصفقات العمومية،وأنه تم تكوين 50 قاضيا لقراءة الوثائق ذات الصبغة المحاسباتية والمالية والبث على ضوئها في الجرائم المالية التي تهم المال العام،غير أن ما يعاتب على الوزارة المعنية هو عدم مسايرة إحداث الاقسام المالية من صياغة برنامج تكويني لأطر هيئة كتابة الضبط الذين يلجون الجلسات التي تناقش القضايا المالية لما لهذه الأخيرة من مصطلحات تقنية واقتصادية دقيقة.
وقد عرفت عدد القضايا المسجلة بمحكمة الاستئناف بالرباط منذ 2004 بغرفة الجنايات الابتدائية أموال 118 قضية بمعدل 13.1 قضية في السنة،وجاءت نسبة قضايا الاعتقال بهذا الخصوص تعادل 39,80 في المائة في حين عرفت عدد القضايا بغرفة الجنايات الاستئنافية 104 قضية بمعدل 11,5 قضية في السنة،وبنسبة اعتقال تقدر ب 49,03 في المائة
خاتمة:
إن محكمة الاستئناف بالرباط التي يرأسها الدكتور ادريس بلمحجوب عرفت تطورا ملحوظا سنة بعد سنة،مواصلة للمسيرة التي بدأها السيد ستيفان بيرج،ويظهر هذا جليا على مستوى الحصيلة السنوية للنشاط القضائي التي يتم استعراضها من خلال الجلسات الرسمية للافتتاح السنوات القضائية،كما لا ننسى دور النيابة العامة بمحكمة الاستئناف في الرباط في شخص رئيسها المباشر الدكتور حسن الداكي كخصم شريف في تفعيل دور الإدارة القضائية وتمثيل المجتمع أحسن تمثيل والدفاع عنه لتحقيق غاية الانصاف والعدل.
وبناء على تكامل وانسجام بين عمل رئاسة المحكمة وعمل النيابة العامة كل من زاويته في تفعيل العمل القضائي ومواكبة المؤسسة القضائية لكل المستجدات القانونية والحقوقية،تم وضع سياسة استشرافية لبناء صرح قضائي سليم من خلال الوقوف على كل العراقيل التي تعيق العمل القضائي بشكل أو بآخر،من خلال استقراء الأرقام المسجلة في عدد القضايا سواء منها المسجلة أو المخلفة أو الرائجة أو المحكومة لقياس مدى النجاعة القضائية للسادة القضاة والمسار المهني للسادة أطر وموظفي هيئة كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة،كما أن اهتمام محكمة الاستئناف بالرباط بالحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة جعلها تعقد مجموعة من اللقاءات العلمية الهادفة إلى إغناء النقاش ضمن اللقاءات الجهوية لإصلاح منظومة العدالة صاغت من خلالها مجموعة من التقارير تضمنت اقتراحات وأراء متعددة لفعاليات حقوقية شاركت في هذه اللقاءات.
إن احتفاء محكمة الاستئناف بالرباط بالذكرى المئوية لتأسيسها تحت شعار العدل قوام دولة الحق والمؤسسات وسيادة القانون،يندرج في إطار اعتراف العدالة بالجميل الذي قدمه هذا الصرح القضائي ورجالاته من قضاة وموظفين وما زال يقدمه وسيقدمه للأجيال اللاحقة،وكذلك في إطار التشجيع وحشد الهمم للرقي بالعمل القضائي وجعله يستجيب لشعار "القضاء في خدمة المواطن" الذي اعلنه جلالة الملك،وكذا التشبع بمبادئ استقلال القضاء عن باقي السلطات والتحلي بالقيم والأخلاق النبيلة في ظل دستور قائم على اساس دولة الحق والقانون والمؤسسات.