يعتبر استقلال القضاء أحد المواضيع التي تحتل مكانة القلب في الجسد بالنسبة للديمقراطيات الحديثة. فهي الالية الضرورية لحماية حقوق الافراد والجماعات[[1]]url:#_ftn1 . فإذا صلح القضاء صلح كل شيء وإذا فسد فسد كل شيء..
لذلك فاستقلال القضاء عن باقي السلط التشريعية والتنفيذية أصبحت لا تخلو منها أغلب الدساتير في العالم. فلا يمكن تخيل محاكمات عادلة في غياب الفصل بين السلط وفي غياب استقلال القضاء. ومع كثرة الحديث منذ مدة ليست بالقصيرة عن ضرورة إصلاح القضاء مع ما يعنيه ذلك من اعتراف ضمني بالاختلالات التي عرفها وما يزال يعرفها الجهاز القضائي في بلادنا، ومع دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ، يحق لنا أن نطرح من جديد موضوع استقلال القضاء وذلك من خلال دراسة مقارنة مع الدستور المصري الجديد الذي أعقب الحراك الاجتماعي الذي شهدته مصر. لذلك، سنحاول في هذه الدراسة تحديد مفهوم استقلال القضاء (I) وكذا أهميته ونشأته (II)، قبل أن نتطرق إلى الموضوع الذي يهمنا هنا الذي هو استقلال القضاء في الدستور المغربي الجديد وفي الدستور المصري الذي جاء بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011.
- مفهوم استقلال القضاء
هذا التحصين للقضاة وللقضاء لا يعني البتة الانفصال التام أو المطلق عن باقي السلطات، وإنما الهدف هو منع ممارسة أي ضغط أو ترغيب أو ترهيب في حق القضاة حتي يسود القانون على الجميع ويتم حماية حقوق الأفراد والجماعات. فالقاضي أثناء مزاولته لعمله لا يخضع إلا لسلطة القانون واضعا نصب عينيه إقرار الحق والعدل بين الناس. فإذا كان العدل هو أساس الملك، فإن هذا العدل لا يمكن أن يتحقق إلا بالقضاة ومن خلالهم.
- نشأة استقلال القضاء وأهميته:
كما أن هذا المبدأ ونظرا لأهميته الكبيرة تم التنصيص عليه كذلك في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة حيث نصت على حق الشعوب في "نظام قضائي نزيه ومستقل". كما نص الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 في المادة 8 على حق كل انسان في اللجوء الى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي تمنحها على قدم المساواة مع الآخرين أن تنظر قضيته في محكمة مستقلة ومحايدة. كما نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 14 على مبدأ حيدة واستقلال القضاء. ولقد نص على هذا المبدأ أيضا الإعلان العالمي لإستقلال العدالة الذي صدر عن مؤتمر مونتريال في العام [[3]]url:#_ftn3 1983. و نصت عليه مبادئ الأمم المتحدة بشأن إستقلالية القضاء العام 1985[[4]]url:#_ftn4 ، حيث نص البند الأول على أن " تكفل الدولة إستقلال السلطة القضائية و ينص عليه في دستور البلد أو قوانينه و من واجب جميع المؤسسات الحكومية و غيرها من المؤسسات إحترام و مراعاة إستقلال السلطة القضائية ".
ونفس الشيء نص عليه إعلان القاهرة خلال المؤتمر الثاني للعدالة العربية في شباط [[5]]url:#_ftn5 2003، حيث أكد على أن "النظام القضائي المستقل يشكل الدعامة الرئيسية لدعم الحريات المدنية، و حقوق الإنسان و عمليات التطوير الشاملة، و الإصلاحات في أنظمة التجارة و الإستثمار و التعاون الإقتصادي الإقليمي و الدولي و بناء المؤسسات الديمقراطية".
هذا بالنسبة لأهمية استقلال القضاء، أما ما يخص نشأته فمن الجدير بالذكر أن استقلال القضاء بني على مبدأ أخر لا يقل أهمية، بل لا يمكن الحديث عن استقلال القضاء في غيابه. والأمر يتعلق هنا بطبيعة الحال بمبدأ الفصل بين السلطات الذي احتل مكانة مركزية في الفكر السياسي والقانوني ونظر له فلاسفة كبار من قبيل جون لوك، وتحديدا مونتسكيو في كتابه المعروف روح الشرائع[[6]]url:#_ftn6 De l’esprit des lois الذي أسس من خلاله لمبدأ الفصل بين السلطات قبل أن ينتشر هذا المبدأ في أوروبا وباقي العالم. وهذا المبدأ هو الذي تقوم عليه المجتمعات الحديثة حيث يقتضي توزيع السلطات Distribution of Powers. ولقد اعتبر هذا المبدأ انذاك كسلاح في وجه الحكومات المطلقة التي كانت تحتكر وتركز السلطة في يد شخص واحد أو قلة من الحاكمين. كما استعمل أيضا كوسيلة للتخلص من استبداد الملوك وسلطتهم المطلقة. وهذا المبدأ حسب مونتسكيو هو الكفيل بأن يمنع الانحراف بالسلطة كون أن كل سلطة من السلط الثلاث تحد من بعضها البعض مانعة بذلك الإنحراف بالسلطة وذلك من خلال الرقابة التي تفرضها كل سلطة على السلطة الأخرى، كل واحدة في نطاق اختصاصاتها. وهو ما يعبر عنه مونتسكيو بـ " السلطة تحد أو توقف السلطة" " Power should be a check to power". وهو ما يعبر عنه بالفرنسية بـ " le pouvoir arrête le pouvoir ". إن تركيز السلطة في يد واحدة أو في يد قلة قليلة من الحاكمين من شأنه أن يشكل خطرا على حقوق الأفراد والجماعات وبالتالي على المجتمع ككل. لذلك يقول مونتسكيو في كتابه روح الشرائع: " كل شيء سيضيع إذا مارس نفس الشخص أو نفس الهيئة، سواء كانت مكونة من وجهاء البلاد ونبلائه أو من الشعب نفسه، هذه السلطات الثلاث: السلطة التي تسن القوانين، وتلك التي تعمل على تنفيذ القرارات العامة، والفصل في الجرائم والمنازعات الفردية".
لكن، وللإنصاف يجب أن نعترف أن مونتسكيو لم يكن أول من نادى بالفصل بين السلطات، وإنما سبقه في ذلك الفيلسوف الانجليزي جون لوك الذي نادى بضرورة الفصل بين السلطات في كتابه " الحكومة المدنية " Civil Government لسنة 1690. وهكذا تحدث لوك في مؤلفه عن السلطة التشريعية Power Legislative التي تختص بوضع القوانين اللازمة لحفظ أفراد المجتمع، وتحدث كذلك عن السلطة التنفيذية Executive Power التي تختص بتنفيذ القوانين التي تضعها الجماعة، والسلطة الفيدرالية أو الاتحادية Federative Power التي تختص بالعلاقات الخارجية مع الجماعات الأخرى كما تختص أيضا بعقد المعاهدات وإعلان حالتي الحرب والسلم.
وللإشارة أيضا، فإن هذا المبدأ لا يعد اختراعا خاصا بالفيلسوف جون لوك وإنما يمتد إلى أبعد من ذلك. أي إلى الفلاسفة الإغريق كأفلاطون وأريسطو اللذين تنبها إلى أهمية الفصل بين السلطات. فأفلاطون في كتابه "القوانين" رأى ضرورة توزيع وظائف الدولة على عدة هيئات بحيث تختص كل هيئة من هذه الهيئات بالمهمة الموكلة إليها. وهكذا تم تقسيم تلك الهيئات إلى مجلس السيادة الذي يختص بمختلف الشؤون العامة؛ وهيئة كبار الحكماء والمشرعين ومهمتها حماية التشريعات والسهر على تطبيقها؛ ومجلس منتخب من الشعب ومهمته وضع القوانين اللازمة لحياة الناس؛ وهيئة قضائية تختص بفض النزاعات بين الأفراد؛ وهيئة الشرطة للحفاظ على الأمن داخل المجتمع؛ وأخيرا هيئة الجيش للدفاع ضد الاعتداءات الخارجية. وبهذه الطريقة، حسب أفلاطون، ومن خلال التعاون بين كل هذه الهيئات يتم تفادي الاستبداد وتتحقق المصلحة العامة وتستقر الأوضاع الاجتماعية.
ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لأرسطو الذي رأى هو الأخر ضرورة توزيع السلط داخل الدولة أو الجماعة. حيث تحدث في كتابه السياسة Politics عن السلطة التداولية The Deliberative Power التي يتولاها المجلس العام Public Assembly الذي يختص بالنظر في فحص القضايا العامة ومناقشتها؛ وسلطة إصدار الحكم أو الأوامر Command التي يتولاها الحكام Magistrates وكبار الموظفين وتختص بتنفيذ القوانين؛ وسلطة القضاء Judicial Power التي تتولى مهمة الفصل في النزاعات التي تنشأ بين الأفراد وفي الجرائم.
إن مبدأ الفصل بين السلط الذي لا يمكن أن نتصور استقلال القضاء بدونه يعود في الواقع إلى أبعد من زمن مونتسكيو، إلا أن هذا المبدأ التصق في ذهن الناس بالفيلسوف مونتسكيو لأنه هو الذي وضحه وأعطاه شكله النهائي بالصورة التي نعرفها اليوم.
- استقلال القضاء في القانون المغربي والمصري
ان استقلال القضاء هو أحد المبادئ- كما أشرنا إلى ذلك سابقا- التي لا يكاد يخلو منها أي دستور في الوقت الراهن. بل حتى الأنظمة الشمولية أصبحت تنص على هذا المبدأ العالمي في دساتيرها تجنبا للاستنكار الدولي الذي قد يلحق بها من قبل العالم المتحضر إذا ما أغفلت التنصيص على هذا المبدأ في دساتيرها. إلا أن التنصيص على هذا المبدأ غير كاف في حد ذاته، ما دام أن هذه الاستقلالية تمر عبر مجموعة من المستويات التي ترتبط وتتفاعل فيما بينها. وهذه الأخيرة سنتناولها كل على حدة على النحو آلاتي:
- على مستوى الاعتراف الدستوري بمبدأ استقلال القضاء
- على مستوى استقلال النيابة العامة
- على مستوى نقل القضاة وعزلهم
- على مستوى الولاية التامة للقضاء
- على مستوى الادارة الذاتية للجهاز القضائي
- على مستوى الاستقلال المالي
- على مستوى الحماية القانونية للقضاة
- على مستوى الاعتراف الدستوري بمبدأ استقلال القضاء
إن تناولنا لمسألة استقلال القضاء في الدستورين المغربي والمصري، يحتم علينا طرح التساؤل التالي: إلى أي حد يمكن القول أن الدستور المغربي والمصري في صورتهما الحالية يعترفان بمبدأ استقلال السلطة القضائية؟
ينص الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 في مادته 107 على أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية". ولقد نص المشرع في السابق على استقلالية القضاء في دساتير 1962، و 1970، و 1972، و 1992، و 1996 رغم أنه لم يتم انذاك الحديث عن القضاء[[7]]url:#_ftn7 كسلطة قائمة بذاتها في مقابل السلطتين التشريعية والتنفيذية. وعدم التنصيص على القضاء باعتبارها سلطة قائمة بذاتها معناه أن القضاء في تلك الدساتير كان ينظر إليه باعتباره وظيفة وليس سلطة. وهذا معناه أيضا أن المشرع لم يكن يرى في الدولة إلا سلطة سياسية واحدة وهي السلطة التنفيذية[[8]]url:#_ftn8 التي كانت تقوم بوضع السياسة العامة للمجتمع، الشيء الذي يعني انتفاء فكرة تعدد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ولم يتم التنصيص على القضاء بصفته سلطة إلى جانب السلطة التشريعية والتنفيذية إلا في دستور 2011 في المادة 107 كما سبقت الاشارة إلى ذلك.
ونفس الشيء ينص عليه الدستور المصري في مادته 168 حيث تنص على أن " السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون". وتضيف نفس المادة زيادة على ذلك على أن " التدخل في شؤون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم". فبينما نجد أن الدستور المصري يجرم التدخل في القضاء وأن هذا التدخل يعد جريمة لا تسقط بالتقادم، نجد أن الدستور المغربي في المادة 109 يتحدث عن المنع فقط فيما يخص التدخل في القضايا المعروضة أمام القضاء، كما أن القانون يعاقب كل من يحاول التأثير على القضاء "بكيفية غير مشروعة". والذي يمكن أن يستشف من هذه العبارات هو أنه بالإمكان التأثير على القضاء بكيفية مشروعة، وهذا يتعارض مع الفقرة الأولى من نفس المادة التي تنص على ما يلي" يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط". وإذا فهمنا هذه المادة بهذا الشكل، فهذا يحيلنا على سؤال هو كالتالي: ما هي الطرق المشروعة التي يمكن من خلالها التأثير على القاضي في القضايا المعروضة أمامه؟
إذن، كما هو ملاحظ فمن خلال قراءة سريعة لمضامين الدستورين المغربي والمصري يتضح أن هناك اعتراف واضح باستقلالية السلطة القضائية وبالحماية الدستورية له. لكن، كما أشرنا الى ذلك سابقا، فالتنصيص على هذا المبدأ ليس كافيا في حد ذاته إنما يجب أن نبحث في المستويات الأخرى التالية.
- على مستوى استقلال النيابة العامة
أما الدستور المصري، فبالرغم من أنه لا يتحدث صراحة عن استقلال قضاة النيابة العامة، إلا أن هذا الاستقلال يمكن أن نستشفه من خلال طريقة اختيار رئيس النيابة العامة. فهذا الأخير يختاره مجلس القضاء الأعلى طبقا للمادة 173 من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بالاستئناف والنواب العامين المساعدين، وهو ليس معينا من طرف رئيس الجمهورية أو رئيس السلطة التنفيذية وإنما الرئيس يصدق فقط على اختيار مجلس القضاء الأعلى.
- على مستوى نقل القضاة وعزلهم
وللإشارة، فإن القانون المصري كان هو الآخر قبل التعديل الوارد في القانون 35 لسنة 1984، يعطي للسلطة التنفيذية الحق مثلا في عزل أعضاء النيابة العامة دونما الحاجة إلى عرضهم على المجلس التأديبي. إلا أن هذا التعديل وضع حدا لذلك بأن منح الحصانة من العزل لقضاة النيابة العامة، ما عدا معاوني النيابة العامة.
لا يمكن الحديث عن استقلال القضاء من دون استقلال النيابة العامة، وذلك من خلال التنصيص على استقلاليتها عن وزير العدل. بالإضافة طبعا إلى اعطاء الضمانات الضرورية للمتهمين أثناء البحث التمهيدي معهم.
- على مستوى الولاية التامة للقضاء
إن التقاضي أما القاضي الطبيعي هو حق من حقوق الإنسان وهو أحد المبادئ الذي يقتضيه فصل السلط وكذلك استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية و التنفيذية. وانتزاع دعوى من بين يدي القاضي الطبيعي ووضعها في يد قاض أخر يعد اعتداء على استقلال السلطة القضائية. لذلك، عد مبدأ القاضي الطبيعي استكمالا لاستقلال السلطة القضائية. يتضح مما سبق أن إنشاء المحاكم الاستثنائية للنظر في جرائم بعينها أو مثلا محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية يعد مساسا بمبدأ الولاية التامة للقضاء الذي أصبح بمثابة مظهر لمسار الحياة الديمقراطية خاصة في الدول المتقدمة. فهذه الدول قامت منذ زمن بعيد بإلغاء المحاكم الاستثنائية وجعلت اختصاص المحاكم العسكرية يقتصر على جرائم ومخالفات العسكريين فقط. أما فيما يخص المغرب فما يزال المدنيون يحاكمون أما المحاكم العسكرية وما المحاكمات الأخيرة لمعتقلي أكديم إزيك[[10]]url:#_ftn10 إلا خير دليل على ذلك. ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للقانون المصري، فهذا الأخير ما يزال يسمح بمحاكمة المدنيين أم المحاكم العسكرية. وهذا من شأنه أن ينتقص من استقلال السلطة القضائية وأن لا يوفر شروط المحاكمة العادلة.
- على مستوى الإدارة الذاتية للجهاز للقضائي
إن قراءة لهذا النظام القضائي يجعلنا نصل الى نتيجة مفادها أن هذا الأخير لا يوفر الضمانات الكافية لاستقلال القضاء وأن الجهاز القضائي يدار في الغالب الأعم من جهات أخرى غير الجهاز القضائي. فالترقية في الدرجة والرتبة والتي تحتل مكانة هامة بالنسبة لجميع موظفي القطاع العمومي هي بيد وزير العدل الذي يعود إليه الحق في تهييء وحصر لوائح الأهلية للترقية كما هو منصوص عليه في المادة 23 من النظام القضائي السالف الذكر. كما أنه لا يمكن، حسب نفس المادة، ترقية أي قاض إلى الدرجة الموالية إن لم يكن مسجلا في لوائح الأهلية التي يضعها وزير العدل. و الترقية حسب نفس النظام أصبحت مرادفا لنقلهم حسب نص المادة 55 التي تنص على أن نقل القضاة لا يتم إلا "بناء على طلبهم أو على إثر ترقية". يبدو إذن انطلاقا من المادتين الأنفتي الذكر أن الحياة المهنية للقضاة يتحكم فيها وزير العدل الذي يمثل السلطة التنفيذية، الشيء الذي لا يبقى معه لمبدأ استقلال القضاء أي مدلول أو معنى.
كما أن الفصل 57 من نفس القانون يخول لوزير العدل الحق في نقل القضاة في إطار الانتداب من محكمة إلى محكمة لأخرى لمدة محددة، وبالإمكان تجديد هذه المدة لفترة أخرى لا تتجاوز ثلاثة أشهر. إلا أن هذه المدة لا يتم احترامها في الكثير من الأحيان. ويمكن أن يكون نقل القضاة بمثابة اجراء تأديبي حسب ما هو منصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 59. ويمكن لهذا الإجراء التأديبي أن يكون مرفوقا بالإنذار والتوبيخ أو بالتدحرج من الدرجة والإقصاء المؤقت عن العمل لمدة لا تتجاوز ستة أشهر مع حرمانه من أي مرتب باسثناء التعويضات العائلية في حالة إخلال القاضي لواجباته المهنية. وحسب نفس المادة فإن لوزير العدل الحق في حرمان القضاة من الترقي لمدة لا تتجاوز العامين، وكذلك حذفهم من لائحة الأهلية للترقي باعتبارها عقوبات تأديبية.
تصدر هذه العقوبات كما هو منصوص عليه في المادة 60 بعد استشارة المجلس الأعلى وليس موافقته بالنسبة للعقوبات المتعلقة بالإنذار والتوبيخ والتأخير عن الترقي من رتبة إلى رتبة أعلى لمدة لا تتجاوز سنتين؛ والحذف من لائحة الأهلية من طرف وزير العدل، وبناء على ظهير شريف بالنسبة للعقوبات المتعلقة بالتدحرج من الدرجة؛ والإقصاء المؤقت عن العمل لمدة لا تتجاوز ستة أشهر مع حرمانه من أي مرتب باستثناء التعويضات العائلية؛ والإحالة على التقاعد التلقائي أو الانقطاع عن العمل إذا لم يكن للقاضي الحق في راتب التقاعد؛ والعزل مع حفظ الحقوق في التقاعد أو الحرمان منها.
على الرغم من أن الفصل 61 يمنح بعض الضمانات للقاضي المتابع من قبيل الإطلاع على الملف وعلى جميع المستندات أو أن تتم مؤازرته بأحد زملائه أو بأحد المحامين...إلا أن هذا ليس بالأمر الكافي ما دام أن الفصل 62 يخول لوزير العدل الحق في أن يوقف القاضي المتابع في قضية جنائية أو في حالة ارتكابه خطأ خطيرا. وكما هو واضح من هذه المادة، فإن المشرع لم يبين لنا ما هي طبيعة الخطأ الخطير الذي يوجب التوقيف الفوري. ثم إن التوقيف الفوري في حالة المتابعة الجنائية مخالف لأحد المبادئ الأساسية في القانون ألا وهي ما يطلق بقرينة البراءة[[12]]url:#_ftn12 . أي أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته من خلال محاكمة تتوفر فيها كل شروط المحاكمة العادلة.
أما بالنسبة لمصر، فبصدور القانون رقم 142 لسنة 2006، أصبح وفقا لأحكام المادة 93 من هذا القانون الحق لوزير العدل فقط في الإشراف الإداري على المحاكم ولا سلطة له على تأديب القضاة، ويمكن قول نفس الشيء بالنسبة لقضاة النيابة العامة. ووفقا لهذا القانون أيضا، فلقد استلزم المشرع موافقة وليس استشارة مجلس القضاء الأعلى بالنسبة لكل الأعمال التي يغلب عليها الطابع القضائي، بينما اكتفى بأخذ رأيه فيما يخص المسائل ذات الطبيعة الإدارية التي يتولاها وزير العدل نظرا لما تتطلبه هذه الأخيرة من مرونة ولأن هذا الأخير يبقى مسؤولا عنها أمام مجلس الشعب.
على العموم، فإن مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه رئيس محكمة النقض هو الذي يشرف على سير شؤون القضاة. وهذا المجلس لا يتكون إلا من القضاة، وهو الشيء الكفيل بضمان استقلال القضاة والجهاز القضائي. على عكس ما هو عليه الحال في المغرب حيث أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يترأسه الملك الذي يعين عددا من أعضائه وينوب عنه رئيس محكمة النقض. هكذا، فان للسلطة التنفيذية حضور وازن داخل الجهاز القضائي.ثم إن كانت المادة 113 من الدستور تمنح سلطة التعيين والترقية والتأديب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإن المادة 114 تجعل المقررات المتعلقة بالوضعية الفردية للقضاة والصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة. وهذه ليست إلا محكمة النقض. وهكذا، فان رئيس هذا المجلس هو في نفس الوقت رئيس محكمة النقض. لذلك، فهو في ان الخصم والحكم. إن تدخل السلطة التنفيذية في القضاء من شأنه أن يضرب مبدأ استقلال القضاء في الصميم. لذلك، ليس بالأمر الغريب أن أحد المعايير الأساسية التي ينطلق منها فقهاء القانون للحكم عما إذا كان النظام السائد في بلد ما ديمقراطيا أم لا هو ما إذا كان القضاء مستقلا أم أنه مسيطر عليه من السلطة التنفيذية أو من أية جهة كانت. والقضاء عندما لا يكون مستقلا، يصبح في غالب الأحيان وسيلة لتحقيق أهداف وغايات السلطة التنفيذية من قبيل تصفية الخصوم السياسيين للنظام القائم من خلال تلفيق التهم والمحاكمات الصورية التي تغيب فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة كما نصت عليها مختلف المواثيق والمعاهدات الدولية الأنفة الذكر. وهذه الممارسات تشترك فيها إن بشكل أو أخر معظم الدول العربية، وهي الإجراءات التي ما فتئت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية تشجبها.
خلاصة القول إن القانون الأساسي لرجال القضاء بعيد كل البعد عن الاستقلالية المشار إليها في الدستور[[13]]url:#_ftn13 ، لذلك أصبح لزاما تعديل هذا القانون لأنه ينتمي لحقبة أخرى، وأيضا حتى ينسجم مع المقتضيات الدستورية الجديدة وخاصة تلك المتعلقة باستقلال السلطة القضائية واحترام حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا، ذلك أن هذا الاحترام لا يمكن أن يتحقق في غياب تمتع رجال ونساء القضاء بالاستقلالية اللازمة لذلك.
- على مستوى الاستقلال المالي
- على مستوى الحماية القانونية للقضاة
غير أن هذه الحماية القانونية تبقى ناقصة في حال المتابعة التأديبية للقضاة. فبالرغم من وجود بعض الضمانات التي تناولناها سابقا والمنصوص عليها في الفصل 61 من النظام الأساسي لرجال القضاء، إلا أن هذه الضمانات ليست كافية البته. كون مثلا أن الحكم الصادر على المتابع جنائيا هو حكم نهائي غير قابل للطعن وفقا للفقرة الأخيرة من الفصل 62 من القانون الانف الذكر. وهذا حتى في الحالات التي قد يكون فيها الحكم الصادر مخالفا للقانون أو مشوبا بعيب يبطله. ونفس الشيء كان موجودا بالنسبة للقانون المصري. إلا أن قانون السلطة القضائية المصري المعدل بموجب القانون رقم 142 لسنة 2006 ونزولا عند رغبة وطلبات القضاة أجاز للقضاة الطعن في الأحكام الصادرة بحقهم من مجلس التأديب خلال مدة ثلاثين يوما أمام مجلس تأديب أعلى يتكون من رئيس محكمة النقض وأقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف وأحدث ثلاثة نواب لرئيس محكمة النقض. وفي هذه الحالة، يعتبر القاضي في إجازة حتمية تصرف خلالها مستحقاته المالية وذلك إلى حين الفصل نهائيا في ملفه. وهكذا، أصبح التقاضي يتم على درجتين وهذا من شأنه أن يسهم في استقلالية رجال القضاء والجهاز القضائي ككل.
خـــاتمة:
إن التأكيد على استقلال القضاء نابع من كون أن القضاء يقف، في واقع الأمر في مواجهة سلطتين هما أكثر قوة منه وتستطيعان التأثير فيه بقوة إذا ما سمح لهم بذلك. فالسلطة التشريعية تمثل إرادة الشعب وهي بذلك تصدر تشريعات ملزمة للسلطة القضائية وللسلطة التنفيذية. أما السلطة التنفيذية فيمكن لها أن تتدخل في السلطة القضائية عبر القرارات التنظيمية التي تصدرها وعبر تنفيذها لمختلف القوانين. لذلك، فالقضاء هو الجهة الوحيدة التي لها القدرة على حماية حقوق الأفراد والجماعات سواء في مواجهة الحكومة أو المؤسسات أو فيما يخص النزاعات التي تنشأ بين الأفراد فيما بينهم. فالقضاء له ولاية عامة على الأشخاص والمنازعات في الدولة كافة. وهذه الولاية تستوجب الاستقلال التام في إصدار الأحكام والفصل في المنازعات، وهذا من شأنه أن يعزز ثقة الأفراد في القضاء وبالتالي في الدولة، وكذا الشعور بالأمان والطمأنينة كون أن هناك جهة، وهي القضاء بالطبع، قادرة على الضرب على أيدي الظالمين ورد الحقوق إلى أصحابها. إلا أنه وكما رأينا سابقا، فعلى الرغم من أن الدستور المغربي يعترف ولأول مرة بالقضاء كسلطة قائمة بذاتها، إلا أن الضمانات القانونية التي منحها المشرع غير كافية البته لترجمة هذا المبدأ الكوني إلى واقع معاش وملموس من قبل أبناء هذا البلد. فهناك مشاكل تتعدى ما هو قانوني. فبالإضافة الى معضلة الرشوة التي ما تزال تنخر جسم القضاء، هناك مشاكل أخرى تتعلق بالبطء في الفصل في المنازعات وكذا عدم تنفيذ عدد كبير من الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية.
لذلك، ومن أجل تحقيق استقلال حقيقي للقضاء وتفادي كل ما من شأنه أن يفرغ استقلال القضاء من محتواه، لا بد من العمل من أجل تجاوز العوائق المشار إليها أعلاه. ولأجل بلوغ هذا الهدف لابد من إشراك القضاة في عملية الاصلاح القضائي التي نتمنى أن ترى النور قريبا وذلك بتبني ما جاء في الوثيقة التي أصدرها نادي قضاة المغرب والمعنونة بـوثيقة " "المطالبة بالكرامة والاستقلال الحقيقي والفعلي للسلطة القضائية". فالقضاة هم أفضل من يضع قانونا ينظم شؤونهم ويحقق استقلالهم بما يجعهلم يؤدون واجباتهم دون أي تدخل من أي جهة كانت. إن استقلال القضاء لا يهم القضاة وحدهم وإنما يهم الشعب ككل. لهذا، فعلى المجتمع المدني وقواه الحية أن تدعم القضاة في مطالبهم العادلة. إن الوثيقة الأنفة الذكر تضمنت في الواقع مطالب من شأنها أن تضمن استقلال القضاء، ولا بأس من إعادة التذكير بها هنا وهي كآلاتي:
1- المطالبة باستقلال حقيقي وفعلي للسلطة القضائية : وهو ما لا يتأتى إلا بالتنزيل الحقوقي والديمقراطي للباب السابع من الدستور الجديد، لاسيما في شقه المتعلق بالقوانين التنظيمية المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة، من خلال:
أ- مبدأ اشتغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية وفق معايير: الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص؛
ب- مبدأ عدم قابلية القضاة للنقل، وعدم استعمال هذا الأخير تحت أية ذريعة لاسيما ما يسمى بـ"المصلحة القضائية" أو التكليف بمسؤولية؛
ت- مبدأ استقلال جهاز المفتشية العامة عن وزارة العدل، مع جعلها مستقلة ينتخب أعضاؤها من طرف القضاة لمدة معينة؛
ث- مبدأ إلغاء نظام تنقيط القضاة من قبل مسؤوليهم المباشرين، وإلغاء التفتيش التسلسلي وتعويضه بنظام التأطير القضائي؛
ج- مبدأ استقلال قضاء التحقيق عن النيابة العامة، وعن وزارة العدل في التعيين وإنهاء المهام، وتكريس مبدأ عينية التحقيق، وذلك بعدم تقييد سلطة قاضي التحقيق في توجيه الاتهام بملتمس النيابة العامة؛
ح- ضرورة إخضاع جهاز الشرطة القضائية بكل مكوناتها لسلطة النيابة العامة بشكل مباشر وحصري، وذلك بالنسبة لتنقيطهم وترقيتهم ونقلهم، وللغرفة الجنحية فيما يتعلق بتأديبهم.
وضرورة مراعاة مبدأ الفصل بين السلط في كل جزئياته، وذلك بتكريس استقلال حقيقي لسلطة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، ضمانا لسمو القانون وتأمينا لمساواة الجميع أمامه،
2- المطالبة بعدم انتهاك حرمة القضاء والانتقاص منه
3- المطالبة بعدم الإجهاز على الفصل 111 من الدستور المتعلق بحق القضاة في التعبير
4- المطالبة بالكرامة اللائقة بالسلطة القضائية والقضاة
الهوامش
[[1]]url:#_ftnref1 - القضاء كما تنص على ذلك المادة 117 من الدستور هو الذي يتولى 'حماية حقوق الاشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون'.
[[2]]url:#_ftnref2 - أنظر مداخلة ساندرا داي أوكونور، قاضية وعضو في المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية، بعنوان " أهمية استقلال النظام القضائي"، في المنتدى القضائي العربي المنعقد بالمنامة، البحرين، بتاريخ 15 سبتمبر 2003.
[[3]]url:#_ftnref3 - لقد نص هذا الاعلان على مجموعة عناصر لاستقلال القضاء منها أن " تتوفر للقاضي حرية البت بحياد في المسائل المعروضة عليه حسب تقييمه للوقائع وفهمه للقانون دون أية قيود أو ضغوط أو تهديد أو تدخلات مباشرة أو غير مباشرة من أي جهة كانت، وأن تستقل السلطة القضائية عن كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية..".
[[4]]url:#_ftnref4 - الجمعية العامة للأمم المتحدة، " مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية"، ميلانو، القرار رقم 40/32 بتاريخ 29 نوفمبر 1985، والقرار رقم 40/146 بتاريخ 13 ديسمبر 1985.
[[5]]url:#_ftnref5 - المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، مؤتمر العدالة العربي الثاني، "إعلان القاهرة حول دعم وتعزيز استقلال القضاء" القاهرة، فبراير 2003.
[[6]]url:#_ftnref6 - كتاب روح القوانين لصاحبه مونتسكيو صدر في عام 1748 وفيه ضمنه نظريته حول فصل السلطات. ولقد حقق كتابه هذا نجاحا باهرا انذاك. وهذا ليس بالأمر المفاجئ إذا ما عرفنا أن هذا الكتاب تطلب تأليفه أربعة عشر عاما من عمر مونتسكيو.
[[7]]url:#_ftnref7 - ينص الفصل 82 من دستور 1962، والفصل 75 من دستور 1970، والفصل 76 من دستور 1972، والفصل 80 من دستور 1992، وكذلك الفصل 82 من دستور 1996 وبنفس العبارات على أن "القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية".
[[8]]url:#_ftnref8 - بالنسبة للسلطة التشريعية، من الملاحظ أنه في غالب الأحيان يكاد يكون دورها ثانويا أمام الدينامية والفعالية التي تتحلى بها السلطة التنفيذية. وللتدليل على ذلك فعدد مقترحات القوانين غالبا ما يكون هزيلا إذا ما قورن بمشروعات القوانين من طرف الحكومة أو السلطة التفيذية. ثم إنه في بعض الأحيان يكون هناك توحد شبه تام بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية خاصة عندما تنبثق السلطة التشريعية عن الأغلبية المتحكمة داخل البرلمان، أو لكونهما تنتميان معا لنفس الحزب أو لنفس الائتلاف.
[[9]]url:#_ftnref9 - من المعلوم أن الملك حسب الدستور الجديد يوجد على رأس السلطة التنفيذية والتشريعية وحتى السلطة الدينية وفقا للمواد 48، 56، 41 من الدستور، الشيء الذي يمكنه من التدخل في جميع هذه السلط، وهو أيضا الشيء الذي يجعل معه الحديث عن فصل السلط غير ذي معنى ما دام أن الملك هو الفاعل الأساسي في كل تلك المجالات.
[[10]]url:#_ftnref10 - في الحقيقة انتقدت العديد من الجمعيات الحقوقية المغربية محاكمة المتابعين في أحداث أكديم إزيك أمام المحاكم العسكرية، من بينها: جمعية عدالة، والوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، ومركز التفكير الإستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية، والمرصد المغربي للحريات العامة. وعلى المستوى الدولي كان هناك انتقاد واسع لتلك المحاكمات، نذكر منها على سبيل المثال انتقادات أمنستي إنترناشيونال Amnesty International وكذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان haut commissariat aux droits de l’homme.
[[11]]url:#_ftnref11 - هذا النظام وجد في السبعينيات وهو يحوي مجموعة القواعد التي تحكم الحياة المهنية للقضاة، بالإضافة الى حقوق وواجبات رجال ونساء القضاء وكذا المقتضيات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء.
[[12]]url:#_ftnref12 - تعتبر قرينة البراءة من المستجدات التي جاء بها القانون رقم 01-22 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر في 3 أكتوبر 2002، حيث أقر هذا القانون عدة مبادئ عامة في مجال حقوق الانسان وتوفير شروط المحاكمة العدالة من بينها قرينة البراءة التي جعلها هي الأصل بالنسبة لكل شخص مشتبه فيه أو متابع.
[[13]]url:#_ftnref13 - وهذا ما يشير إليه أخر تقرير دولي لسنة 2013 ونشرته صحيفة وول ستريت جورنال بشراكة مع مؤسسة الأبحاث هيريتيدج فاوندايشن Heritage Foundation، حيث احتل المغرب الرتبة 9 من بين 15 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بناء على عدد من المؤشرات كدولة الحق والقانون، والانفتاح الاقتصادي، والسياسة الجبائية...أما بالنسبة للقضاء، فلقد أشار التقرير إلى أن " النظام القضائي، الذي ينسف الجهود المبذولة لمكافحة الفساد، لا زال غير ناجع ويتعرض للتأثير السياسي".
[[14]]url:#_ftnref14 - تمخض هذا الإعلان والمعروف بإعلان بيروت الصادر عن المؤتمر العربي الأول بشأن العدالة المنعقد في بيروت سنة 1999، عن مجموعة من التوصيات تتعلق بضمانات للقضاء، وانتخاب وتعيين القضاة، ومؤهلات القضاة وتدريبهم، والرقابة القضائية على دستورية القوانين، وضمانات لحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة، والنساء ومنصب القاضي، والمحكمة الجنائية الدولية.
[[15]]url:#_ftnref15 - تجدر الإشارة هنا أن الفصل 116 من الدستور الجديد ينص على الاستقلال الإداري والمالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية فقط، وليس للجهاز القضائي ككل.