قال الله في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون: الآية رقم 41 من سورة الروم)، وكان أول من عرف كلمة الفساد معجم أكسفورد الإنجليزي وذكر بشكل عام على أنه انحراف أو تدمير للنزاهة سواء كان ذلك في الوظائف العامة أو من خلال الرشوة والمحاباة، وهذا الفساد لا لون له ولا طعم فهو متمثل في شكل فساد إداري قد يتفشى في المؤسسات والإدارات العامة، أو فساد سياسي، لكن مما لا شك فيه أن أسوأ أشكال الفساد هو الفساد الأخلاقي.
إذن فالفساد هو ظاهرة دخيلة سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية وهي ومن دون أدنى شك تؤثر على جميع البلدان وموجودة فيها ولكن بنسب متفاوتة، ولكن السؤال الذي يطرح كيف يمكن مقاومتها خاصة اذا امتد ليشمل منظمات وجدت لحميات حقوق الاقليات والمظلومين . كيف يكون الفساد حينما يرافق قوانين عالميه وكيف يكون عندما يترافق مع القوة الغير رادعه .
انه الفساد الدولي الذي يقسوا على المواطن الضعيف الذي لا ظهر له .
انه الفساد الدولي المتمثل في حمامة بيضاء على شكل غول يتقاذفه الصالح العام والخاص ؟
يعطي الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن الحق باستخدام القوة العسكرية ضد أي الدولة أو مجموعة من الدول التي تهدد السلم والأمن العالمي، هذا المفهوم الخاطئ لدى البعض يفسره القادة السياسيون بأن البند السابع لم يوجد إلا لتوجيه ضربة عسكرية بينما وبالعودة إلى القراءة الصحيحة لمواد الفصل السابع وخاصة المواد 41 و42 و43 نجد أن اللجوء إلى القوة هو آخر الدواء أي ان الفصل السابع، إذا فسر بالمعنى القانوني الصحيح، ووضع إحدى الدول تحت إمرته هذا لا يعني أبدا المباشرة إلى استدعاء الأساطيل وحشد القوات العسكرية لتدمير الدول، فالفيصل يبقى دائما للمفاوضات وبعدها للعقوبات وآخرها للضربة العسكرية، سقط البند السابع بمفاوضاته وعقوباته وأصبحت الدول تتصرف في حالة المنظمات دولية.
خرجت الدول عن طورها وأصبحت الأساطيل تحشد وتدمر تحت مسميات عديدة منها السلم والأمن العالمي والكل يركز على مقولة شهيرة سنخلدها في كتبنا القانونية، إن الموضوع يدرس من الناحية القانونية. كيف تدرس الأمور بتوجيه ضربات عسكرية خارج الأمم المتحدة ومن يعطي هذه الاستشارات ومن يحاسب، فعند صدور القرارات استنادا إلى هذا الفصل تصبح متمتعة بالصفة الإلزامية.
إن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لم يوضع لاستخدام القوة العسكرية فقط بل يبدأ بخيار العقوبات التي إن فشلت في إعادة السلم كان من حق المجلس اللجوء إلى استخدام القوة، فقد وقع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو من العام 1945 في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية وكان ذلك على هامش ختام المؤتمر الخاص للأمم المتحدة الخاص والمتعلق بدراسة الأوضاع الدولية وانعكاساتها على كل دولة على حدة، وكان العالم في تلك الفترة يعاني من اضطرابات عديدة حيث إنه كان في دوامة مخاض عسير بين أزمات اقتصادية ورائحة الموت التي كانت تفوح من كل حدب وصوب نتيجة الحروب التي عصفت بالعالم.
ادخل هذا الميثاق حيز التنفيذ في 24 اكتوبر من العام 1945 وكان يعول عليه لبسط الأمن والسلم العالمي بعد أن بسطت الدول المنتصرة يدها على العالم، عدلت بعض المواد المتعلقة بالميثاق منها المواد 23 و27 و61 والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 31 أغسطس 1965 كما عدلت المادة 109 ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 12 يونيو 1968.
إن جميع هذه التعديلات التي رافقت الميثاق كان الهدف منها ضمان عودة الأمن والسلم لمناطق النزاع وكانت هذه التعديلات ليست سوى رتوش على الميثاق بالمعنى العام فلم تتطرق إلى الأسس التي وجد من اجلها ومنها فض المنازعات بالطرق السلمية.
التوسع في مفهوم التطبيق للبند السابع الذي أصبح يشكل هاجسا لدى الجميع دون أدنى معرفة لمضمون البند وأصبح يشكل ثغرة قانونية نظرا لعدم اشتماله على كل المواضيع المرتبطة بحق التدخل من عدمه، فيحق بموجب هذا الفصل لمجلس الأمن اتخاذ قرار التدخل العسكري ضد أي دولة سواء كانت عضوا في الأمم المتحدة أو لم تكن وذلك حفظا للسلم ومنعا لأي عدوان أي ان الفصل السابع ذكر صراحة مجلس الأمن، وما عدا ذلك فهو غير قانوني ويدخل بالمفهوم الدولي كما سماه المؤرخ الفرنسي بيار جينو بالعدوان المشرع وإذا كانت مواد هذا الفصل هي ثلاث عشرة مادة تتحدث المواد الثلاث الأولى عن أحقية المجلس في تقرير ما يراه مناسبا لفض النزاع وإلزام أطرافه بتنفيذ هذه القرارات سواء بالطرق الديبلوماسية أو بالعقوبات فان خيار الحرب يجب ان يبقى الملاذ الأخير لانه يدمر الدول وينهي الحضارات، ناهيك عن تطور التكنولوجيا والأسلحة التي تقضي بدورها وفي دقائق على البشر والحجر.
وإذا أعطى هذا الفصل لمجلس الأمن اتخاذ قرار التدخل العسكري ضد أي دولة سواء كانت عضوا في الأمم المتحدة أو لم تكن وذلك حفظا للسلم ومنعا لأي عدوان فهذا لا يعني أن تطغى المعطيات السياسية على القرارات وتصبح الشعوب ضحية زلات يندم عليها أصحابها في وقت لا ينفع الندم، وإذا كان القرار الذي يحمل رقم 1701 والصادر عن مجلس الأمن، والقاضي بوقف الأعمال الحربية المتسارعة وقتها في لبنان، لم يفهم منه فيما لو صدر تحت البند السادس أو السابع لان خارجه سادس وباطنه سابع وهذا القرار يبقى معلقا بين الاثنين وتطبيقه مرهون بين الاثنين، صدر بمقتضى الفصل السادس الذي يدعو إلى حل النزاعات الدولية سلميا، او الترغيب وصدر بموجب البند السابع والذي يجيز استخدام القوة العسكرية أي الترهيب، هذا يعني تأثر البند بالمفهوم السياسي الضيق لكيفية التطبيق.
وبما أن المواد الأكثر صلابة هي 41 و42 و43 حيث تطلب المادة الأولى وقف جميع الصلات، والمادة الثانية إلى الحل العسكري المباشر بينما المادة الثالثة الأكثر تأثيرا والتي تطلب من جميع الدول الممثلة في الأمم المتحدة تأمين ما يلزم من القوات المسلحة، يظهر أن مجرد اتخاذ قرار تحت الفصل السابع
لا يعني بالضرورة استخدام القوة فالمادة 41 (المادة الثالثة في هذا الفصل) تقول: لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء «الأمم المتحدة» تطبيق هذه التدابير.
هذا يعني أن الفصل السابع ليس مخصصا لاستخدام القوة العسكرية فقط عن طريق استقدام البوارج الحربية وحشد الهمم بل يبدأ بخيار العقوبات على أنواعها التي إن فشلت في إعادة السلم كان من حق المجلس اللجوء إلى استخدام القوة ضد المعتدي لإعادة السلم ووقف العدوان ولكن يبقى الموضوع داخل الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وغير ذلك يبقى على القانونيين العالميين واجب افهامنا تحت أي بند يدرج مهاجمة أي دولة ولأي سبب خارج قرارات الإجماع لدى مجلس الأمن.
أدخل العمل في ميثاق الأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر من العام 1945 والهدف وبكل تأكيد إرساء دعائم السلم والأمن العالمي.
بات هذا الميثاق لا يطبق إلا على الشعوب الفقيرة المغلوبة على أمرها وباتت مواد هذا الفصل الثلاث عشرة لا يحلو لها سوى أن تنام على أنغام التوماهوك والكروز لتؤانس وحشة الأطفال في الدول النامية خاصة في عالمنا الذي أصبح الطفل فيه خبيرا عسكريا بكل ما للكلمة من معنى، فالمواد الثلاث الأولى التي تتكلم عن أحقية المجلس في تقرير ما يراه مناسبا لفض النزاع وإلزام أطرافه أي الدول المنضوية في الأمم المتحدة بتنفيذ هذه القرارات بما فيها الإجراءات الاقتصادية والمواصلات وقطع العلاقات الديبلوماسية وفرض العقوبات، وهنا يجب التوقف عند كلمة أحقية المجلس وليس دولة معينة، أي ان الإطار القانوني للتحرك هو مجلس الأمن، سواء كان ذلك لفرض العقوبات أو لتسديد الضربات العسكرية، وما عدا ذلك له تسميات أخرى في القانون وجميعها تتسم باللاشرعية، وبالعودة الى المواد الأخرى وخاصة المادة التالية وهي الأهم والتي تتحدث عن اتخاذ الإجراءات العسكرية المباشرة بما يلزم حفظ السلم وإعادته نرى انها مبنية وبالترجمة الحرفية على حرف العطف أي الواو يعني بالترجمة أتت هذه الفقرة متممة لما قبلها، فلا يحق للدول التحرك خارج منظمة الأمم المتحدة ولا يحق لأي دولة المبادرة الى تسديد ضربات عسكرية ضد الدول إلا في إطار الإجماع للأمم المتحدة لأن هنالك آلاف الضحايا التي ستسقط.
عدلت بعض المواد المتعلقة بالميثاق منها المواد 23 و27 و61 والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 31 أغسطس 1965، كما عدلت المادة 109 ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 12 يونيو 1968 ولكن إن جميع هذه التعديلات التي رافقت الميثاق كان الهدف منها ضمان عودة الأمن والسلم لمناطق النزاع، وكانت هذه التعديلات ليست سوى رتوشا على الميثاق بالمعنى العام، فلم تتطرق إلى الأسس التي وجد من اجلها ومنها فض المنازعات بالطرق السلمية، بل ذهبت بعيدا لتعاقب بعض الدول دون الأخرى ولتهدد بعض الدول دون الأخرى ولكن للتاريخ لسان وللكتاب حروف والقلم سيكتب عن ماذا أنجز وما لا ينجز.
كثر الحديث عن هذا البند الذي يؤرق الجميع وكثر الحديث عن 13 مادة قانونية والتي تبدأ بالمادة 39 وتنتهي بالمادة 51 وكلها تدور في فلك فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، فيجب علينا الا نتطرق إلى وقائع إساءة استخدام بعض الدول النافذة في مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة، وفي تحليلنا القانوني لهذا البند يرجى النظر إلى الناحية القانونية الصرفة لأننا لا نأخذ على طرف دون الآخر، بل إننا نحلل الواقع القانوني لأننا وفي الوقت الراهن بتنا نفتش على القانون في عصر استقال القانون واستراح في إجازة مبكرة لينتدب مكانه اختصاص الفلسفة الذي يتفلسف علينا صباح مساء دون أن نفهم شيئا.
فالقانون هو نصوص، هكذا تعلمنا وخارج هذا الإطار يبقى اجتهادا، ونحن لا نأخذ بالاجتهادات عندما تصم آذان الأطفال آلاف الأطنان من اللهب والبارود، يجب تعديل المادة 39 التي تنص على انه يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم والإخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان ويقدم توصياته او يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لأحكام المواد 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدوليين، ويجب تفعيل المادة 40 نظرا لأهميتها والتي تنص على ضرورة اتخاذ إجراءات مؤقتة وعدم الاستفراد باللجوء إلى ضربات عسكرية تفيد بعض الدول دون أن تحقق المبتغى.
يجب تفعيل إجراءات مجلس الأمن منها العقوبات المؤثرة سواء كانت مؤثرة اقتصاديا أو ديبلوماسيا أو سياسيا، واستبعاد الحلول العسكرية إلا إذا كانت هنالك أدلة دامغة مقدمة من لجان مستقلة تابعة للأمم المتحدة والتي تدين دولة تهدد السلم والأمن العالميين وان يطلع الجمهور على هذه المواد، عندها ومن دون أدنى شك سنصوب أقلامنا للتشريع ونعمل على تجميل الأخطاء إذا وقعت لنقول إن الواجب يحضر المستحب وليس العكس، لنقول لأطفالنا قصرنا سامحونا لأن المصلحة العامة للأوطان تقتضي التعالي على الجراح.
نتمنى أن نجد العالم يعيش في أمن وسلام ومحبة بعيدا عن الحروب والنزاعات.
أتمنى ألا أعود لأبحر في ساعات وأيام أفتش ولو ببصيص أمل عن إيجابيات هذا البند الذي يحمل رقم الشؤم المهدد للسلم في وقتنا الحاضر.
أتمنى ان أستفيق يوما بعد حلم طويل ليقال لي إن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة اما قد وضع بين يدي الملائكة واما قد حذف من ميثاق الأمم المتحدة.