لأول مرة نجد انفسنا أمام حالة تشريعية ودستورية فريدة على امتداد عمر الحياة البرلمانية والحكومية بالمغرب، حيث تواجه البرلمان والحكومة وجها لوجه بعيدا عن مواقع اطراف اللعبة السياسية، حول السؤال المثير، من هي الجهة المختصة بالتشريع في مجال القوانين التنظيمية؟، و هل يحق للبرلمان أن يتقدم بمقترحات قوانين التنظيمية أسوة بالحكومة؟
بداية يجب التأكيد على أن القوانين التنظيمية تعتبر بمثابة نصوص تشريعية مكملة للدستور، وهي مفصلة له ومفسرة له في كثير من الجوانب والتفاصيل، من أجل ذالك وضع المشرع الدستوري مسطرة خاصة لإقرار هذه القوانين، حيث لا يتم التداول فيها أمام مجلس النواب إلا بعد مرور 10 أيام من عرضها على مكتبه، مع ضرورة إحالتها بعد المصادقة البرلمانية وجوبا على المحكمة الدستورية قصد اقرار دستوريتها.
انطلاقا من هذه الرمزية التي أضفاها المشرع الدستوري على القوانين التنظيمية، وتفعيلا لمقتضيات الدستور الجديد تقدم فريقا العدالة والتنمية والتجمع الوطني للاحرار بمجلس النواب بمقترح قانون تنظيمي متعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، عملا بمضمون الفصل 85 من الدستور الجديد، بعد دمج مقترحاتهما في نص واحد متفق حوله، وتدشينا للمسطرة التشريعية المعتمدة في هذا الصدد تم عرض هذا المقترح على لجنة العدل والتشريع في احترام تام للشروط والجزئيات الدستورية والقانونية المنصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي للمجلس، وتمت مناقشته ودراسته والاتفاق على صياغته النهائية في جو من التوافق بين جميع الفرق النيابية، لكن وقبل اخضاع النص لمرحلة التصويت الحاسمة في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، فاجأت الحكومة النواب البرلمانيين ومعهم المهتمين بالشأن البرلماني بالمصادقة على مشروع قانون مماثل تقدمت به الامانة العامة للحكومة، عملا بمقتضيات الفصل 49 من الدستور، بل أكثر من ذلك سارعت الى اصدار فتوى تؤكد أن مجال التشريع في القوانين التنظيمية هو مجال حكومي صرف بحجة أن القوانين التنظيمية تحال وجوبا على المجلس الوزاري للتداول، ومن تم فلا حق للبرلمان في اقتراح أي قانون يدخل في هذا المجال.
تعالت الكثير من الدعوات المطالبة بسحب الحكومة لقرارها وفسح المجال للبرلمان للتعبير عن إرادته في التشريع، لكن الحكومة تمنعت وأصرت على تنزيل تأويلها الدستوري المعيب، فما كان من البرلمان إلا أن أحال مقترح القانون التنظيمي مثار الجدل على التصويت، والذي حضي بالموافقة وبإجماع جميع النواب اغلبية ومعارضة.
سلوك البرلمان في تعاطيه مع صلاحياته التشريعية وفي حقه بالتقدم بمقترحات القوانين التنظيمية ينم في الحقيقة عن نظرة تقدمية لمنهجية التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد، فالفصل 85 من دستور 2011 وإن كان في الاصل مجرد صياغة جديدة لما كان مقررا في الفقرة الخامسة من الفصل 58 من دستور 1996، فإن الاصرار البرلماني أعطى لمضمون هذا النص روحا جديدة تتماشى مع القراءة السليمة للدستور، الذي ينص في فصله 85 على أنه: » ...لا يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب إلا بعد مرور عشرة أيام على عرضها على مكتبه.. « وهو ما يعني أن البرلمان يملك الصلاحية على قدم المساواة مع الحكومة في التقدم بمبادرة التشريع في مجال القوانين التنظيمية، إذ كيف يعقل أن يملك البرلمان الحق في التقدم بمبادرة قصد مراجعة الدستور عملا بالفصل 172 من الدستور ولا يملك الحق في التقدم بالمبادرة للتشريع فيما هو دون الدستور؟.
انطلاقا مما سبق يمكن القول بأن مفتوى الامانة العامة للحكومة فيها عوار كبير وتحريف صريح وبين لمضمون نصوص الدستور، فالفصل 49 من الدستور المحتج به والذي ينص على أنه: »يتداول المجلس الدستوري في القضايا والنصوص التالية:....مشاريع القوانين التنظيمية،..« يعني بأن المخاطب بهذا النص هو من يملك سلطة التشريع بموجب مشاريع القوانين، وليس من يملك سلطة التشريع بموجب مقترحات القوانين، بمعنى أن الحديث هنا عن مجال اختصاص الحكومة، التي يتعين عليها في حالة التقدم بمشروع قانون تنظيمي أن تحيله على المجلس الوزاري للنظر والتداول فيه، ولا حق لها ولا سلطان لها على مجلسي البرلمان فيما اقره وأفرده لهما من اختصاصات.
فالحكومة باختيارها تقديم مشروع قانون تنظيمي يتعلق بطرق تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، تكون بناء على ما سبق قد اختارت تأويلا رجعيا للدستور في حين أن تصويت مجلس النواب على مقترحه وتشبته بصلاحياته الدستورية في مواجهة الحكومة يكون قد دشن لأول مرة مسارا تقدميا في تفعيل وتنزيل الدستور، وهو المسار الذي قد يغري نواب الامة فيما يستقبل من الايام بتقديم مبادرة تهم مراجعة الدستور.
بداية يجب التأكيد على أن القوانين التنظيمية تعتبر بمثابة نصوص تشريعية مكملة للدستور، وهي مفصلة له ومفسرة له في كثير من الجوانب والتفاصيل، من أجل ذالك وضع المشرع الدستوري مسطرة خاصة لإقرار هذه القوانين، حيث لا يتم التداول فيها أمام مجلس النواب إلا بعد مرور 10 أيام من عرضها على مكتبه، مع ضرورة إحالتها بعد المصادقة البرلمانية وجوبا على المحكمة الدستورية قصد اقرار دستوريتها.
انطلاقا من هذه الرمزية التي أضفاها المشرع الدستوري على القوانين التنظيمية، وتفعيلا لمقتضيات الدستور الجديد تقدم فريقا العدالة والتنمية والتجمع الوطني للاحرار بمجلس النواب بمقترح قانون تنظيمي متعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، عملا بمضمون الفصل 85 من الدستور الجديد، بعد دمج مقترحاتهما في نص واحد متفق حوله، وتدشينا للمسطرة التشريعية المعتمدة في هذا الصدد تم عرض هذا المقترح على لجنة العدل والتشريع في احترام تام للشروط والجزئيات الدستورية والقانونية المنصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي للمجلس، وتمت مناقشته ودراسته والاتفاق على صياغته النهائية في جو من التوافق بين جميع الفرق النيابية، لكن وقبل اخضاع النص لمرحلة التصويت الحاسمة في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، فاجأت الحكومة النواب البرلمانيين ومعهم المهتمين بالشأن البرلماني بالمصادقة على مشروع قانون مماثل تقدمت به الامانة العامة للحكومة، عملا بمقتضيات الفصل 49 من الدستور، بل أكثر من ذلك سارعت الى اصدار فتوى تؤكد أن مجال التشريع في القوانين التنظيمية هو مجال حكومي صرف بحجة أن القوانين التنظيمية تحال وجوبا على المجلس الوزاري للتداول، ومن تم فلا حق للبرلمان في اقتراح أي قانون يدخل في هذا المجال.
تعالت الكثير من الدعوات المطالبة بسحب الحكومة لقرارها وفسح المجال للبرلمان للتعبير عن إرادته في التشريع، لكن الحكومة تمنعت وأصرت على تنزيل تأويلها الدستوري المعيب، فما كان من البرلمان إلا أن أحال مقترح القانون التنظيمي مثار الجدل على التصويت، والذي حضي بالموافقة وبإجماع جميع النواب اغلبية ومعارضة.
سلوك البرلمان في تعاطيه مع صلاحياته التشريعية وفي حقه بالتقدم بمقترحات القوانين التنظيمية ينم في الحقيقة عن نظرة تقدمية لمنهجية التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد، فالفصل 85 من دستور 2011 وإن كان في الاصل مجرد صياغة جديدة لما كان مقررا في الفقرة الخامسة من الفصل 58 من دستور 1996، فإن الاصرار البرلماني أعطى لمضمون هذا النص روحا جديدة تتماشى مع القراءة السليمة للدستور، الذي ينص في فصله 85 على أنه: » ...لا يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب إلا بعد مرور عشرة أيام على عرضها على مكتبه.. « وهو ما يعني أن البرلمان يملك الصلاحية على قدم المساواة مع الحكومة في التقدم بمبادرة التشريع في مجال القوانين التنظيمية، إذ كيف يعقل أن يملك البرلمان الحق في التقدم بمبادرة قصد مراجعة الدستور عملا بالفصل 172 من الدستور ولا يملك الحق في التقدم بالمبادرة للتشريع فيما هو دون الدستور؟.
انطلاقا مما سبق يمكن القول بأن مفتوى الامانة العامة للحكومة فيها عوار كبير وتحريف صريح وبين لمضمون نصوص الدستور، فالفصل 49 من الدستور المحتج به والذي ينص على أنه: »يتداول المجلس الدستوري في القضايا والنصوص التالية:....مشاريع القوانين التنظيمية،..« يعني بأن المخاطب بهذا النص هو من يملك سلطة التشريع بموجب مشاريع القوانين، وليس من يملك سلطة التشريع بموجب مقترحات القوانين، بمعنى أن الحديث هنا عن مجال اختصاص الحكومة، التي يتعين عليها في حالة التقدم بمشروع قانون تنظيمي أن تحيله على المجلس الوزاري للنظر والتداول فيه، ولا حق لها ولا سلطان لها على مجلسي البرلمان فيما اقره وأفرده لهما من اختصاصات.
فالحكومة باختيارها تقديم مشروع قانون تنظيمي يتعلق بطرق تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، تكون بناء على ما سبق قد اختارت تأويلا رجعيا للدستور في حين أن تصويت مجلس النواب على مقترحه وتشبته بصلاحياته الدستورية في مواجهة الحكومة يكون قد دشن لأول مرة مسارا تقدميا في تفعيل وتنزيل الدستور، وهو المسار الذي قد يغري نواب الامة فيما يستقبل من الايام بتقديم مبادرة تهم مراجعة الدستور.