MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




البعد الترابي و إسهامه في تحقيق السياسات العمومية و تجويد المرفق العام

     



الاسم الكامل : الكحلون محمد
أستاذ باحث و خريج ماستر القانون المدني و الاعمال




 
 مقدمة :

تعتبر الدولة الحديثة هي الدولة التي تقوم على مبادئ ترتكز أساسا على الفصل بين السلط و ضمان توازنها ، و تدعيم حقوق الإنسان و صيانة الوحدة الترابية و تضع لذلك سياسات عمومية تتناسب و حاجيات الإدارة و المواطن و تهدف لتطوير هياكل الدولة و تحديث الإدارة مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار البعد الترابي كأحد أهم الركائز التي تستند علبها التنمية المستدامة و ذلك في إطار تفعيل حسن النهوض بالمرفق العام و حسن تفعيل توجهات السياسات العمومية.
و حيث انه في إطار اللامركزية و اللاتمركز كسياسة ترابية تنتهجها الدولة فإن ارتباط هذه السياسة التي شهدت تدرجا و تطورا أهلاها لتكون شكلا من أشكال التدبير الترابي المعتمدة، وذلك  في إطار الجهوية المتقدمة كإطار عام و توجه حاسم للدولة المغربية في تنظيمها الترابي الذي يؤهل لضبط و رصد و تقييم السياسات العمومية و علاقة السلطة بالإدارة و المواطن وفق المفهوم الجديد للسلطة ، من خلال  تخطي الدور الاعتيادي للإدارة و المؤسسات العمومية نحو نهج نمط رشيد في التدبير العمومي خصوصا و ان جوهر البعد الترابي للمملكة يقوم على جوهر ديمقراطي تشاركي يسعى إلى إشراك الفاعلين المؤهلين في تحقيق السياسات العمومية ، و يهدف إلى تقوية النسيج الجمعوي و تأهيل الإدارة و إشراك المواطنين عن طريق المنتخبين في تنزيل المرامي الأساسية للدولة من خلال توخي أهدافها و بلورة مشاريعها التنموية وفق سياسة شاملة مكرسة للتنمية المندمجة في سياق الحكامة الجيدة.
فإلى أي حد ترتبط أهمية البعد الترابي في تحقيق السياسات العمومية؟ و هل البعد الترابي احد التوجهات المساعدة على تجويد المرفق العام ؟
         
          المحور الأول : البعد الترابي و تحقيق السياسات العمومية .

إن التنظيم الترابي للمملكة يقوم على الجهوية المتقدمة في إطار تقسيم للجماعات الترابية وفق المجالس الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات.
و حيث ان الجماعات الترابية تتوخى تنزيل السياسات العمومية في مجال ترابها ، فإنها تستفيد أساسا من التقسيم المذكور أعلاه، و ذلك وفق ما نص عليه الدستور، و تستفيد أيضا من البعد المحلي في تدبير شؤون ترابها وفق ما تقتضيه الاختيارات الثابتة للدولة، من ضرورة إشراك المواطنين في خلق و تدبير السياسات العمومية و تعزيز حضور المرأة و الدفع بها للمشاركة المنتجة و الفاعلة و ضمان حضورها وفق مقاربة النوع مع الاعتماد على الحكامة الجيدة و المنهجية الديمقراطية في الاشتغال.
فتدبير الشأن المحلي من خلال تعزيز اللامركزية و اللاتمركز أدى إلى توسيع اختصاصات و صلاحيات الجماعات الترابية بناء على مبدأ التفريع و ذلك باختصاصات مزدوجة ، اختصاصات ذاتية و اختصاصات منقولة لها من الدولة وأخرى تتشارك فيها مع الدولة ، في سبيل تطبيق فعال و مندمج للسياسات العمومية يروم تحقيق التنمية الشاملة و المستدامة.
إن تعزيز و تدعيم الموارد المالية للجماعات الترابية من طرف الدولة و تدعيم الشراكة المندمجة معها في تدبير الشأن المحلي ينعكس أساسا على تطوير المسار الديمقراطي و التنموي ببلادنا.
إن توخي البعد الترابي كأساس تنظيمي و تدبيري للسياسات العمومية يقتضي تنزيل الدستور بناء على إخراج القوانين التنظيمية لمجموعة من المؤسسات الجهوية في إطار ملائمة التشريع و تحيينه و عصرنته و إتاحة المساطر القانونية و الإدارية مصبوغة بالبساطة و المرونة من أجل ضمان نجاح استراتيجيات الدولة القطاعية على مستوى التراب .
و على اعتبار ان الدستور نص في الفصل 146 على الميثاق الوطني للاتركيز و على ضرورة استصدار نصوص تنظيمية تقوي التوجه الترابي المبني على هذا الأساس، فإن ما يرافق هذا التوجه من حكامة جيدة ، و استعمال معقلن للموارد و العمل على تحسين مردودية الإدارة و تحديثها، و السهر على تكوين البنيات الفوقية و الأطر البشرية و تثمينها هو دافعة أساسية لتحقيق السياسات العمومية و بالتالي إنجاح مسلسل التنمية .
 
                         المحور الثاني: البعد الترابي كتوجه مساعد للنهوض
                                                       بالمرفق العام


يعتبر تبني التوجه المبني على اللامركزية و اللاتركيز أحد أهم العوامل المساعدة في تحرير المرفق العام من التركيز العمودي للسلطة و بالتالي إعطاءه دينامية ومساحة جديدة على مستوى الاشتغال .
و حيث أن البعد الترابي المبني على التقسيم و التقطيع الترابيين للمملكة بناء على معطيات اقتصادية و اجتماعية و بيئية يؤسس لتعزيز حضور المرفق العام عن طريق تثمين الرأسمال البشري و رصد الموارد الضرورية لإنجاز الأعمال المنوطة به و ضمان استقلاله عن المركز ضمن الحالات و الشروط المحددة في القوانين النظيمية.
و لما كان المرفق العام هو الآلية لتطبيق السياسيات العمومية للدولة عن طريق الرفع من جودة الخدمات الإدارية و حسن تسييره لمصالحه التابعة له و تكريس الشفافية و المصداقية اللازمة و الحد من ظاهرة الرشوة و مكافحتها عن طريق إحداث أجهزة مراقبة و ضبط تتكفل بمحاربة هذه الآفة الخطيرة.
فإن البعد الترابي بما يتيحه من مقومات ناجعة تؤسس لفضاء المريح و عصري بالنسبة للمرافق العامة ، يؤسس تماشيا مع مفاهيم مثل المفهوم الجديد للسلطة و تقريب الإدارة من المواطن و إشراكه في اتخاذ القرار إلى الرقي بالمؤسسات و تطوير الهياكل العميقة للدولة.
 
 




الجمعة 31 يناير 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter