تقديم:
منذ ظهور الإنسان تميز تطوره باتصاله اليومي مع بيئته فلا يستطيع العيش بعيدا عن الموارد الطبيعية،فقد كان الانسان من قبل ضعيفا لا يتوفر على وسائل لحمايته من الظواهر الطبيعية.
وبتطور المعارف الانسانية بدأ الانسان يبتكر وسائل لحمايته من قوى الطبيعة وجعل مواردها لصالحه فظهرت الزراعة والصيد البحري ومجموعة أنشطة يستحيل ابتعادها عن الطبيعة فكانت هذه الاخيرة بذلك إطارا للنشاط الاقتصادي وللانفتاح على مجالات أخرى غير اقتصادية. وبتوالي الاكتشافات الجغرافية حاول الإنسان البحث عن موارد أخرى غير مألوفة،وكانت نتيجة ذلك التطور ما عرف بالثورة الصناعية وتطور مجموعة من العلوم وابتكار عدة وسائل كرست الاستمرارية في التغلب على الطبيعة،إلا ان الإنسان منذ ظهوره نادرا ما فكر في الحفاظ على الطبيعة كإطار لاستمراره، وكان هناك دائما صراع بينهما ينتهي بغلبة الإنسان ولم تكن هناك محاولة للصلح بينهما إلا مؤخرا.
وكان من أهم نتائج الثورة الصناعية ظهور أنشطة اقتصادية واسعة لأول مرة تستعمل وسائل وتقنيات متطورة تصنف ضمن الوسائل الملوثة،كما أدت إلى تراكم الإنتاج الذي يوجه للتجارة، مما أدى إلى ظهور الحركات الاستعمارية، وكان ذلك استعمارا للطبيعة وتخريبا لها مما أثر سلبا على توازنها المعهود.[1]
وبعد الحرب العالمية الثانية، اقتصر الجهد المبذول على اعتماد بعض القوانين الدولية في المجال المالي والسياسي والاقتصادي وكانت البيئة آخر موضوع يمكن التفكير فيه آنذاك، بعد ذلك عرفت الدول الصناعية ثلاث عقود من التطور الاقتصادي والتجاري كنتيجة للاتفاقيات المعتمدة بعد الحرب ولكن هذا التطور كان نسبيا لكون هذه الدول لم تأخذ في الحسبان أن هذا التقدم لا يمكن ان يستمر إلا بالنظر إلى النظام البيئي العالمي، وهذا التهميش دفع بالعديد من المنظمات الحكومية والسياسيين والمفكرين إلى إصدار تقارير ونداءات للمجتمع الدولي للتحذير من النتائج الكارثية للاستمرار في إعطاء الأهمية فقط للجانب الاقتصادي وحده.
وكان من أهم هذه التقارير تقرير نادي روما Club Rome نهاية الستينات والذي سمي Halte أي الحد من التقدم الاقتصادي والصناعي،وسبب هذا النداء هو توصل الخبراء إلى نتائج بيئية صادمة ستؤثر على قدرة البشرية على الاستمرار. هذا التقرير أثر على العديد من رجال السياسة والسلطة في العالم مما حذى بمنظمة الامم المتحدة إلى إعلان تنظيم أول مؤتمر دولي للبيئة وهو مؤتمر ستوكهولم سنة 1972[2] لمناقشة وتقييم أوضاع البيئة والإمكانيات التي يمكن اعتمادها لتصحيح الاختلالات في النظام البيئي العالمي ومحاولة إعادة التوازن إليه،وكان المؤتمر مناسبة لنشر الوعي ضمن حكومات العالم برغم عدم مشاركة العديد من الدول النامية التي كانت مستعمرة آنذاك،ولكون بعض الدول المستقلة رفضت ذلك بحجة أن الدول المصنعة وصلت مستوى كبيرا من النمو فقررت المناورة لمنع الدول النامية من اعتماد نفس النهج الاقتصادي لتحقيق نفس التقدم بفرض قوانين لمنعها من تنمية اقتصادها[3].
وقد انتهى المؤتمر باعتماد ما سمي "بإعلان ستوكهولم للبيئة "وبعض الاتفاقيات البيئية،كما انتهى بتوصية لإحداث أول مؤسسة بيئية على المستوى الدولي، وهو برنامج الامم المتحدة للبيئة PNUE[4] رغم انه لم تعط له القوة الكافية ليتمتع بنفس السلطة التي يتمتع بها مثلا صندوق النقد الدولي على مستوى العالم، وسبب ذلك ان الدول المصنعة نفسها رفضت خلق مؤسسة تفرض سياسة بيئية صارمة يجب احترامها مما يفسر غياب مؤسسة بيئية لها قوة في فرض سياستها حتى الآن، واستمر الوضع إلى منتصف الثمانينات حيث أكد العديد من المراقبين ان مؤتمر ستوكهولم كان فقط لترسيخ الوعي الدولي البيئي وليس للتأثير على مجرى الامور لضبط السلوك البيئي الدولي حيث لم يخرج ببنود ملزمة...
بعد ذلك،وبموازاة مع تطور العلوم البيئية صدرت عن الامم المتحدة توصية لتركيب لجنة دولية سميت ب commution de Brundhland برونتلاند، وكلفت بدراسة إمكانية التوصل إلى خلق مفهوم يمكنه أن يمنح تصورا يوفق بين ما هو اقتصادي واجتماعي وبيئي، فقد كان المشكل هو ان العديد من الدول الصناعية لم يكن يهمها سوى الزيادة في الإنتاج والمنافسة والتقدم دون الاهتمام بالآثار السلبية على البيئة مما يعني أن ذلك التقدم جد نسبي،وهذا هو ما جعل الأمم المتحدة تطالب بابتكار مفهوم جديد مقنع على المستوى العلمي والسياسي ويمكن ان يصبح فلسفة جديدة للاقتصاديين والباحثين والمفكرين..
وبعد سنوات من الدراسة والتفكير تم التوصل إلى مفهوم التنمية المستدامةle developpement durable حيث خلق ثورة فكرية وفيما بعد أضفى نوعا من الدينامية على المستوى السياسي وفلسفة تستوحى منها البرامج والقوانين.
في ظل هذا المستجد والاختراق الكبير، دعت الامم المتحدة إلى عقد ثاني اكبر مؤتمر عالمي للبيئة سنة 1992 بريو دي جانيرو البرازيلية[5]، وهو ما سمي بقمة الأرض ،وكان الهدف منه هو تكريس مفهوم التنمية المستدامة وتطبيق هذا المفهوم لحل العديد من قضايا البيئة،حيث سجل هذا المؤتمر مشاركة مكثفة للدول النامية،وسبب ذلك هو ان مفهوم التنمية المستدامة غير التركيز الدولي على ماهو بيئي خالص إلى الاهتمام بعلاقة البيئة بالتنمية السوسيواقتصادية.
بعد مؤتمر ريو عقدت مؤتمرات اخرى لتتبع هذه المجهودات العالمية على المستوى البيئي وتفعيل البنود التي تم الاتفاق عليها،ومن اهم هذه الإتفاقيات المعتمدة بروتوكول كيوطو 1997 وهو برنامج من اجل الشروع فعليا في حل قضية التغيرات المناخية وتقليص إنبعاثات الغازات الدفيئة المسخنة.
وفي سنة 2002، عقد ثالث مؤتمر بيئي وكان في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا حيث إعتمد إتفاقيات كانت إستمرارية لمؤتمر ريو إلى حد جعل المراقبين يصفونه ب Rio+ 10 ،و إعتبر قمة مثالية ومناسبة لتقييم الإنجازات التي تحققت على مدى العقد الماضي منذ الإعلان عن المذكرة 21 بريو،وقام الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير سردي ومرجعي حول تنفيذ بنود ما إتفق عليه سابقا.
والمغرب أبدى بدوره إنخراطا كبيرا في الجهود العالمية البيئية،حيث وقع على إتفاقية ريو 1992[6]،كما صادق في فبراير 2010 على المذكرة "المنظمة للمبادئ التوجيهية لبرنامج البيئية للأمم المتحدة بشأن وضع التشريعات الوطنية المتعلقة بالحصول على المعلومات والمشاركة العامة والوصول إلى العدالة في القضايا البيئية"[7].
وللحديث عن موضوع التنمية المستدامة سوف نتناولنه وفق التصميم التالي:
الفصل الأول: التنمية المستدامة
يقتضي البحث في التنمية المستدامة الوقوف عند عدة مكونات نظرا لأخطبوطية وعمومية المصطلح من جهة، ولانطوائه على مجموعة من المفاهيم والأبعاد من جهة ثانية كما تؤثر فيه العديد من العوائق التي تتطلب الليونة منها العمل على الاخذ مجموعة من التحديات.
لدى وللإحاطة بكل هذه المقومات وملامستها سنقف على ذلك من خلال مبحثين نتطرق في المبحث الأول للإطار العام للتنمية المستدامة من خلال تحديد ماهية المصطلح والأبعاد الكبرى التي يعنى بها، ثم الحديث عن المعيقات والتحديات المعمول بها للنهوض بالأهداف التنموية المرجوة من وراء هذه العملية، وذلك في مبحث ثاني
المبحث الاول:الاطار العام للتنمية المستدامة
التنمية كما يعرفها البعض[8] هي انماء وتطوير وتطويع واستخدام والانتفاع بهذه الظواهر الطبيعية والمعنوية لتلبية احتياجات الانسان المادية والمعنوية مع المحافظة على ما يحيط به من المؤهلات وعدم الاضرار بهده الموارد الطبيعية على اعتبار ان مفهوم التنمية خرج من حيزه الضيق ، الى حيزه المتسع بعدما اصبحنا نتحدث عن مفهوم التنمية المستدامة.
هذا المفهوم كان نتاجا لعدد من الدراسات والأبحاث التي توخت التفكير عن إدارة امثل لمختلف الموارد والحاجيات، ويبقى أهم ما تمخض عن ذلك عقد مؤتمر ريو هو ما أطلق عليه " أجندة 21"[9] وهو عبارة عن تصور متكامل لخطة عمل الإنسانية في مجال البيئة خلال القرن الواحد والعشرين ، حيث غطت توصيات هذه الأجندة أربع مجالات رئيسية هي:
1- القضايا الاجتماعية والاقتصادية مثل التعاون الدولي في الإسراع بتنفيذ مستلزمات التنمية المستدامة، ومكافحة الفقر وتغيير أنماط الاستهلاك و الديناميكية السكانية والاستدامة، وترقية وحماية صحة الإنسان.
2 - المحافظة على الموارد وإدارتها للأغراض التنموية، مثل حماية الغلاف الجوي، مكافحة إزالة الغابات، ومكافحة التصحر والجفاف، وتعزيز التنمية الريفية والزراعية المستدامة، والمحافظة على التنوع البيولوجي وحماية موارد المياه العذبة والمحيطات، والإدارة السليمة للكيماويات السامة والنفايات الخطرة.
3- دعم دور المجموعات الرئيسية، بما في ذلك المرأة والشباب والأطفال والشعوب الفطرية (السكان الأصليين) ومجتمعاتها، والمنظمات غير الحكومية، ومبادرات السلطات المحلية في دعم أجندة /21 /، والعمال واتحاداتهم المختلفة، وقطاع الصناعة والأعمال، والمجتمعات العلمية والتقنية،والمزارعين.
4- توفير وسائل التنفيذ، بما في ذلك الآليات والموارد المالية ونقل التقنية السليمة بيئيا وترقية التعليم والتوعية والتدريب الشعبي، والترتيبات المؤسسية الدولية، والآليات والأدوات القانونية الدولية، وتوفير المعلومات لمتخذي القرار. [10]
المطلب الاول : ماهية التنمية المستدامة
يتخذ مفهوم التنمية ابعاد وأفاق متعددة ويشمل كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للمجتمع البشري الذي تتفاعل فيه عدة مسارات تنموية فنجد التنمية البشرية والتنمية الادارية والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية الزراعية الى غير ذلك من ابعاد التنمية التي يعبر عنها بالتنمية المستدامة ،والتي تصبغ اليوم الجزء الاكبر من السياسة البيئية المعاصرة ولقد كان للعمومية التي اتصف بها المفهوم دورا كبيرا في جعله شعارا شائعا وبرقا مما جعل كل الحكومات تقريبا تتبنى التنمية المستدامة كأجندة سياسية حتى ولو عكست تلك الاجندة التزامات سياسية مختلفة جدا تجاه الاستدامة [11].
ونظرا لعمومية المصطلح لابد من الاحاطة بمفهومه من خلال اعطائه ثلاث تعاريف تشملها موضوعاته مع تحديد اهدافه وخصائصه.
الفقرة الاولى :مفهوم للتنمية المستدامة
أولا: التعريف الاقتصادي والبيئي للتنمية المستدامة
تركز بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الادارة المثلى للموارد الطبيعية ,وذلك بالتركيز على الحصول على الحد الاقصى من منافع التنمية الاقتصادية بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ودون ان يقلل استخدام هذه الاخيرة من الدخل الحقيقي لأجيال المستقبل وهو ما يدعم القاعدة القائلة "بالعيش على ارباح مواردنا والاحتفاظ بقاعدة الأصول"[12]
وفي الاطار نفسه فقد ذهب البعض [13] ابعد من ذلك عندما عرف التنمية المستدامة في بعدها التكنولوجي بقوله "التنمية المستدامة مفهوم يعنى باستخدام تكنولوجيا جديدة تكون انظف وأكفأ واقدر على انقاد الموارد الطبيعية حتى يتسنى الحد من التلوث والمساعدة على تحقيق استقرار المناخ واستيعاب النمو في عدد السكان وفي النشاط الاقتصادي.
ثانيا :التعريف الاجتماعي للتنمية المستدامة
يرتبط التعريف الاجتماعي للتنمية المستدامة بالمستوى المعيشي للساكنة ,حيث تهدف هذه العملية الى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاهية الاجتماعية والإنصاف والعدالة[14]، وتحقيق هذه التنمية في شقها الاجتماعي رهين بالمقاربة التشاركية للمجتمع المدني لكي تتحرر الجماعات من الهيمنة المطلقة للرأسمال المالي العالمي من خلال حيازة المشاريع التنموية المؤدية الى التغيرات الدائمة لكي تستعيد المنظومة البشري قوتها للحفاظ على التوازنات في العلاقات الاجتماعية .
انطلاقا من هاته التعاريف يمكن الخروج بتعريف موحد للتنمية المستدامة يجمع بين الابعاد الثلاثة لها والدي مفاده ان التنمية المستدامة هي التنمية المتجددة التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الاجيال القادمة على تلبية حاجاتهم التي تحقق التوازن بين النظام البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
وهذا التعريف الاخير يقرب التعريف الذي ساقته اللجنة العالمية للتنمية المستدامة في تقريرها المعنون "بمستقبلنا المشترك" إلى أن هناك حاجة إلى طريق جديد للتنمية، طريق يستديم التقدم البشري لا في مجرد أماكن قليلة أو لبضع سنين قليلة، بل للكرة الأرضية بأسرها وصولا إلى المستقبل البعيد". والتنمية المستدامة حسب تعريف وضعته هذه اللجنة سنة 1987 تعمل على "تلبية احتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة"14..[15]
الفقرة الثانية :خصائص التنمية المستدامة
- تنمية يعتبر البعد الزمني هو الاساس فيها ,فهي تنمية طويلة المدى بالضرورة و تعتمد على تقدير امكانات الحاضر ويتم التخطيط لها لأطول فترة زمنية مستقبلية يمكن خلالها التنبؤ بالمتغيرات.
- تنمية تراعي تلبية الاحتياجات القادمة في الموارد الطبيعية للمجال الحيوي لكوكب الارض.
- تنمية تضع تلبية احتياجات الافراد في المقام الأول فأولوياتها هي تلبية الحاجات الاساسية والضرورية في الغداء والملبس والتعليم والخدمات الصحية,وكل ما يتصل بتحسين نوعية حياة البشر المادية والاجتماعية.
- تنمية تراعي الحفاظ على المحيط الحيوي في البيئة الطبيعية بسائر عناصره ومركباته الاساسية كالهواء,والماء مثلا,او العمليات الحيوية في المحيط الحيوي كالغازات مثلا,لذلك فهي تنمية تشترط عدم استنزاف قاعدة الموارد الطبيعية في المحيط الحيوي,كما تشترط ايضا الحفاظ على العمليات الدورية الصغرى,والكبرى في المحيط الحيوي ,والتي يتم عن طريقها انتقال الموارد والعناصر وتنقيتها بما يضمن استمرار الحياة.
- تنمية متكاملة تقوم على التنسيق بين سلبيات استخدام الموارد، واتجاهات الاستثمارات والاختيار التكنولوجي، ويجعلها تعمل جميعها بانسجام داخل المنظومة البيئية بما يحافظ عليها ويحقق التنمية المتواصلة المنشودة.
المطلب الثاني: الأبعاد الكبرى للتنمية المستدامة
ظهرت التنمية المستدامة كفكرة تؤطر للتنمية التي تحقق التوازن بين النظام الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دون اختلال بين هذه الانظمة الثلاثة مجتمعة.
فأبعاد التنمية المستدامة تختلف بحسب منظور كل نظام على حدة، فالاقتصاديون يجعلون الاهداف الاقتصادية محددا هاما لهذه التنمية، والاجتماعيون يشددون على مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف في الحياة، أما البيئيون فيؤكدون على اهمية حماية الطبيعة كمدخل هام وأساسي لهذه التنمية.
وسنركز على هذه الأبعاد الثلاثة كل واحد على حدة.[16]
الفقرة الأولى:الابعاد الاقتصادية للتنمية المستدامة
تتطلب التنمية المتواصلة والمتجددة استعمالا رشيدا وأمثلا للمناهج الاقتصادية المتبعة.
ففي مرحلة أولى كانت العلاقة بين الاقتصاد والبيئة تشهد تنافرا كبيرا حيث كان هاجس الدول آنذاك هو تحقيق نوع من النمو و الرفاه الاقتصادي عبر الرفع من معدلات الدخل والاستهلاك بأي وسيلة،وكان هذا التقدم يتم على حساب استنزاف أكبر قدر ممكن من الموارد البيئية دون إعارة الاهتمام لما قد يلحق هذه البيئة من أضرار.
وكانت الجامعات تدرس علم الاقتصاد على انه العلم الذي يبحث في الاستخدام الأمثل للموارد المائية والبشرية بهدف تحقيق أكبر ربح ممكن،أو إشباع الحاجيات الإنسانية بأقل تكلفة ممكنة،وهذا المفهوم لم يكن يأخذ بعين الاعتبار الجانب البيئي في النشاط الاقتصادي[17].
لكن، ومع منتصف السبعينات ظهرت بوادر لتحول في طريقة تبني السياسات الاقتصادية وعلاقتها بالبيئة،حيث تعالت الدعوات إلى تبني إستراتيجيات تؤخذ بعين الاعتبار الكلفة البيئية لبناء الاقتصاد، وتمت الدعوة إلى اعتماد ما سمي "بالناتج القومي الأخضر أو الطبيعي pib"، وهو الرأسمال الطبيعي الذي يشتمل على ترشيد استعمال الموارد الطبيعية ذات القيمة الاقتصادية وإدارتها بشكل أمثل لا يحول دون قدرتها على الاستمرارية والتجدد.
وبالفعل تم التنصيص على ضرورة مراجعة أنماط الاستهلاك السائدة بشكل متوازن والعمل على استمرارية الموارد المالية والتقنية والتكنولوجية بشكل يحقق لنا من جهة الغايات الاقتصادية المتوخاة منها، ومن جهة أخرى لا يؤثر تأثيرا جسيما على البيئة.
ومن هنا يمكن القول ان البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة ركز على المسائل التالية:
الفقرة الثانية: الأبعاد الاجتماعية للتنمية المستدامة
يركز البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة على ان الإنسان هو جوهر التنمية وهدفها الأسمى،فبدون تأهيله وأخذ مصالحه بعين الاعتبار لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية.[18]
ويهتم هذا البعد بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر وتوزيع الموارد بشكل متساو،زد على ذلك تقديم الخدمات الاجتماعية الرئيسية إلى كل المحتاجين دون أي تمييز.
ويكون النظام مستداما اجتماعيا في حال تحقق المساواة في التوزيع وإيصال الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم إلى المستفيدين الأجدر بها بالإضافة إلى إشراك الأفراد في اتخاذ القرار بشكل شفاف ودقيق.وتتحدد الركائز الاجتماعية للتنمية المستدامة في ما يلي:
ضبط السكان: فالزيادة السكانية تبلغ نحو 80 مليون نسمة كل سنة، وهي زيادة لا تتسع لها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية، وأغلب هذه الزيادة تكون في دول العالم الثالث الموسوم بالاكتظاظ والفقر والتخلف،وهذا الأمر يزيد الفقراء فقرا أكثر ،لذا وجب وضع سياسات تحاول ضبطا أمثل لنسبة تزايد السكان على المستوى المحلي.
تعزيز العدالة الاجتماعية: وذلك عبر الأخذ بيد الفئات الاجتماعية والمساواة بين الأجيال في توزيع الموارد وطرق الحصول عليها.وبالرغم من التزام جل الدول بمبدأ المساواة إلا أنه يبقى صعب التحقق على أرض الواقع وذلك بالنظر لما تسجله معدلات الفقر في جل البلدان خصوصا النامية منها
فكرة تنمية البشر: وهذه التنمية تتحقق عبر تحديد دقيق لسياسات التعليم والصحة وجميع الجوانب المرتبطة بالإنسان والضامنة لنمائه وتطوره.
وضع خطط لتنمية الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة في إطار زمني يحقق متطلبات الجيل الحاضر ويأخذ بعين الاعتبار متطلبات الأجيال المقبلة.
الاهتمام بالتعليم: باعتباره قاعدة الانطلاقة الحقيقية للتنمية وذلك بالنظر إلى دوره في تحقيق التنمية البشرية والارتقاء بقدرات ومعارف ومهارات الأفراد الذين هم سواعد العملية التنموية وتشكيل اتجاهاتهم وقيمهم الفكرية.
الصحة العامة: فالحصول على مياه شرب نظيفة وغذاء صحي ورعاية صحية دقيقة من أهم مبادئ التنمية المستدامة،وذلك بتوفير الرعاية الصحية اللازمة وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.
توفير السكن: وهو من أهم ركائز التنمية المستدامة على المستوى الاجتماعي،إذ ان ضمان توفيره يعد من أهم احتياجات هذه التنمية،بحيث شكلت الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن أحد أهم أسباب زيادة نسب المتشردين أو الذين لا مأوى لهم.
توفير الأمن: وهو ما يعرف بالأمن الاجتماعي وحماية المواطنين من الجريمة خاصة ضد الأطفال والمرأة وجرائم المخدرات والاستغلال الجنسي، ويتم قياس هذا المؤشر عادة من خلال عدد الجرائم المرتكبة لكل 100 ألف نسمة.
وقد ترجمت هذه الأبعاد الاجتماعية أثناء صياغة تقرير"مستقبلنا المشترك " الذي صدر عام 1987 ببروتلاند، حيث كان إدخال كلمة " التنمية " في عنوان المؤتمر اختراقا حقيقيا في دمج الأولويات التنموية والبيئية بعدما كان ينظر إليهما سابقا أنهما من الصعب ان يلتقيا.[19]
وهذا التنصيص كان يمثل استجابة غير مباشرة لملاحظات رئيسة وزراء الهند السابقة " أنديرا غاندي" في مؤتمر ستوكهولم 1972 والتي قالت فيه بأن "الفقر هو أسوأ أنواع التلوث !!
الفقرة الثالثة: الأبعاد البيئية للتنمية المستدامة
يركز البعد البيئي للتنمية المستدامة على مفهوم الحدود البيئية، والتي تعني أن لكل نظام بيئي طبيعي حدودا معينة لا يمكن تجاوزها من الاستهلاك والاستنزاف وأن أي تجاوز لهذه القدرة الطبيعية تعني تدهور النظام البيئي بلا رجعة،وبالتالي فإن الاستدامة تعني دائما وضع الحدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج السيئة واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة.
ويجد هذا البعد نوجهه من خلال مجموعة من الإجراءات منها:
استعمال تكنولوجيا أنظف: حيث تتميز جل التكنولوجيا المستعملة بقلة كفاءتها وكثرة تسببها في التلوث،والتنمية المستدامة تتطلب الإسراع بالأخذ بالتكنولوجيا المحسنة،وكذلك بالنصوص القانونية الزاجرة،لأن من شأن التعاون بين التكنولوجيا والبيئة إلى الحيلولة دون مزيد من تدهور هذه الأخيرة.
المحروقات والاحتباس الحراري: حيث ان استخدام المحروقات يستدعي اهتماما خاصا لأنه مثال واضح على العمليات الصناعية غير المغلقة، لأنه يتم استخراجها وإحراقها وطرح نفاياتها داخل البيئة فتصبح بذلك مصدرا رئيسيا لتلوث الهواء في المناطق العمرانية والزيادة من معدل الاحتباس الحراري الذي يهدد بتغير المناخ .والمستويات الحالية لانبعاث الغازات الحرارية من انشطة البشر تتجاوز قدرة الأرض على امتصاصها، لأن آثار ذلك أصبحت واضحة المعالم في عالمنا اليوم، إذ أن معظم العلماء متفقون على أمثال هذه الإنبعاثات الغازية لا يمكن لها ان تستمر إلى ما لانهاية سواء بالمستويات الحالية أو بمستويات متزايدة دون أن تتسبب في إحترار عالمي للمناخ.
الحد من تدهور طبقة الأوزون: وبرز الاهتمام بذلك من خلال وثيقة "الأجندة 21 " التي وضعت العديد من التوصيات همت مشاكل الغلاف الجوي،إذ تمت الدعوة إلى منع استخدام المركبات التي تدمر طبقة الاوزون وكذلك تحسين نوعية التقنيات البيئية لتقليل الإنبعاثات السامة والملوثات الغازية من المصادر الثابتة والمتحركة لتحسين نوعية الهواء.
وقد مثلت هذه الإجراءات المتخذة سابقة مشجعة لمعالجة هذه المشاكل،فجاءت اتفاقية كيوطو 1997 لتدق ناقوس الخطر وتدعو للتخلص تدريجيا من المواد الكيميائية المهددة للآوزون، على الرغم من أن هذا البروتوكول لم يدخل حيز التنفيذ حتى سنة 2005 وذلك لرفض و.م.أ التصديق عليه ،حيث أن من شروطه ضرورة مصادقة كل الدول التي تساهم ب 50% من الإنبعاثات، وكان سبب رفض و.م.أ هو طلبها أن تشارك بعض الدول النامية مثل المكسيك والصين، لكن السبب الحقيقي والخفي كان هو أن بعض الشركات الأمريكية غير قادرة على المنافسة في مجال التكنولوجيا البديلة فلجأت للمناورة لتمكينها من ذلك قبل المصادقة على بروتوكول كيوطو.[20]
الحفاظ على التنوع الحيوي: حيث ساد الاعتقاد بداية الأمر أن التنوع الحيوي يعني فقط حماية الحيوانات والنباتات البرية وإنشاء المحميات وان ذلك يصطدم عادة مع التقدم الاقتصادي.
ولكن التنوع الحيوي في حقيقة الامر هو أهم عناصر التنمية المستدامة،والمحافظة عليه لا تعتبر واجبا أخلاقيا ـو بيئيا فقط بل أساسية لتأمين هذه التنمية المستدامة ،حيث ان توسع مجال التنمية اصبح مرتبطا بجودة البيئة،وعلى سبيل المثال فإن حوالي 20% من الأدوية التي يتداولها العالم هي مصنوعة من نباتات برية ذات خصائص طبية وعلاجية متميزة،وهذه النباتات إذا ما فقدت من الطبيعة فإن قيمتها العلاجية قد تفقد أيضا [21].
المياه العذبة: حيث أن المياه تشكل عصب الحياة الرئيسي،وأصبح توفيرها بشكل آمن في مقدمة الأولويات في العالم،حيث أصبحت معرضة للاستنزاف والتلوث.
ويتم عادة قياس التنمية المستدامة في مجال المياه العذبة بالاعتماد على مؤشر نوعية المياه،ثم كمية المياه السطحية والجوفية المتوفرة فيها.
بالإظافة إلى كل ما تقدم يدعو البعض إلى ضرورة تبني فكرة المحاسبة البيئية بشكل يوفر ملائمة متوازنة بين جميع المستويات البيئية.
المبحث الثاني: معيقات التنمية المستدامة والتدابير المعتمدة لتجاوزها
المطلب الأول: معيقات التنمية المستدامة
لا تخلو أية سياسة تنموية من صعوبات وعراقيل، تواجهها الدول أثناء تطبيق البرنامج الإنمائي وخاصة مع الدول النامية، إن لم نقل تصادفها ولو عقبة معينة، ومن ضمن هذه المعيقات والتي نعتبرها عقبات رئيسية.
الفقرة الأولى: معيقات اقتصادية واجتماعية
أولا: المعيقات الاقتصادية
تتمثل هذه المشكلة في أن الدول النامية تقوم بالدرجة الأولى بإنتاج وتصدير السلع الأولية، والسلع الغذائية، كالبن والسكر والقطن والبترول والمطاط ... بعكس الدول المتقدمة التي تقوم بإنتاج وتصدير السلع الصناعية، لأن الدول النامية في مجملها تعتمد على ما يسمى باقتصاد الريع، حيث أن نصيب الدول النامية من إجمالي الصادرات يتناقص، بينما الدول المتقدمة يتزايد. ذلك أن الدول النامية في حاجة ماسة لعائدات الصادرات من النقد الأجنبي، بجانب المدخرات والموارد المحلية لتمويل عملية التنمية.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، إنما تجابه الدول النامية وضعا أخطر من ذلك وهو تخصص هذه الدول في إنتاج وتصدير سلعة واحدة أو سلعتين على الأكثر من هذه السلع ، وبالتالي فإن أي هزة في إنتاجها أو في أسعارها، قد تؤدي إلى هزات اقتصادية خطيرة لدى هذه الدول. بعبارة أخرى أن اقتصاديات الدول النامية عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية، أي في حالة تبعية، حيث أن مستويات الدخل والمعيشة في تلك الدول، تكون متوقفة إلى حد كبير على الظروف السائدة في أسواق التصدير بالخارج، مما ينجر عن ذلك العجز في الميزان التجاري سنة بعد سنة [22].
نقص وتذبذب مصادر التمويل : إذ تعتمد الدولة في عملية التنمية، على مصادر التمويل المختلفة سواء كانت داخلية أو خارجية
فالداخلية نذكر منها ، الأموال العمومية التي تتحصل عليها الدولة من عائدات قطاع الأعمال والمشروعات في القطاعات الاقتصادية، وكذا الإيرادات الجبائية كالضرائب بأنواعها والرسم والرخص والغرامات المالية، حيث تسجل هذه الإيرادات جزء من مجمل توظيفاتها المالية، من أجل القيام بمشاريع تنموية. والملاحظ أنها في تذبذب مستمر، نظرا لضعف الأجهزة والمؤسسات التي تقوم بهذا الدور[23].
والمصادر الخارجية للتمويل وهي ثلاثة، الأولى تتمثل في حصيلة الصادرات، فمن المعلوم أن الزيادة في حصيلة الصادرات تؤدي إلى زيادة الدخل الوطني، وهذا قد يؤدي إلى زيادة الإنفاق العمومي. لكن هذا الأمر صعب المنال خاصة وأن البلدان النامية تتشكل مصادر تمويله إلى حولي 70 في المائة أو أكثر، مما يجعلها في الكثير من الأحيان الاعتماد عليها كمصدر أساسي لتمويل موازنتها السنوية
والثانية تتمثل في الاستثمارات الأجنبية، وهي تلك المشروعات التي يديرها الأجانب بسبب ملكيتهم الكاملة لها أو لجزء منها، والتي في كثير من الأحيان تكون عائقا في توفير مناصب الشغل لدى أفراد البلد، أو تكون على شكل تشغيل الأفراد واليد العاملة الرخيصة بكيفية استعبادية. وعلى العموم فإن مصادر التمويل من الاستثمارات تتناقص، نظرا لعزوف المستثمرين عن الاستثمارات نظرا للشروط والقوانين التي تحكمه
أما ثالث المصادر الخارجية للتمويل فتتمثل في المعونات الأجنبية ويمكن التمييز بين نوعين من المعونات هنا
المعونة التي تقدمها حكومات الدول المتقدمة والهيئات المالية الدولية دون مقابل، وهي ما تعرف بالمنح الخالصة الهبات.
المعونة التي يدفع لها مقابل آجلا أو عاجلا، وهي ما تعرف بالقروض الطويلة الأجل، والتي تكون في الغالب موجهة لتغطية الأعباء في ميزانية الدولة المقرض لها، أو العجز الحاصل في ميزان مدفوعاتها.
وهي المعونات التي تشكل خطرا كبيرا ووقوع أغلب الدول في فخ المديونية، وما لها من مساوئ على الدول النامية، حيث تتيح لها الفرصة للتدخل في الشؤون الداخلية (اقتصاديا ، سياسيا وعسكريا وحتى ثقافيا)[24].
ثانيا: المعيقات الاجتماعية
الفقر الذي هو أساس لكثير من المعضلات الصحية والاجتماعية والأزمات النفسية والأخلاقية، وعلى المجتمعات المحلية والوطنية والدولية أن تضع من السياسات التنموية وخطط الإصلاح الاقتصادي ما يقضي على هذه المشاكل، بإيجاد فرص العمل، والتنمية الطبيعية والبشرية والاقتصادية والتعليمية للمناطق الأكثر فقراً، والأشدّ تخلفاً، والعمل على مكافحة الأمية.
نجد أن التقاليد والعادات ودوافع إرضاء طبقة معينة على أخرى، والمجاملات الغير موضوعية السائدة في المجتمعات النامية، كثيرا ما تقف عقبة أمام التغيير، كذلك من الأمثلة التي تقف كعقبة أمام التنمية، شل حرية الحركة في الوظائف والفرص المفتوحة أمام الأشخاص الأكفاء، ووضع أشخاص آخرين من ذوي المحسوبية والمحاباة في تلك الوظائف، مما يفرز غليان المجتمع، وانتشار آفة الجريمة والفساد ، وغيرها من الآفات الاجتماعية الخطيرة ، التي تعرقل سير عملية التنمية.
الفقرة الثانية: معيقات بيئية
تبرز العديد من المشاكل ذات الصبغة البيئية تقف حاجزا امام تحقيق أمثل للتنمية المستدامة في شقها البيئي،ومن ذلك مشكل تناثر الأكياس البلاستيكية الذي لا يزال يؤدي إلى تشويه المحيط البيئي ويخنق بالوعات مياه الامطار مما يتسبب في إنتشار برك المياه في المدن وتضرر الماشية نتيجة إبتلاعها لهذه الأكياس السامة،إظافة إلى مخاطر تنقل الميكروبات،هذا إظافة إلى مشكل النفايات المنزلية الذي لم ينتهي خلال السنوات القليلة المقبلة ،لأن معالجة نفايات المدن لوحدها سيتطلب إنتظار سنة 2030 ولن تحصل كل ساكنة المدن على شبكات الربط بالمياه إلا في نفس السنة أيظا حسب التقرير الذي أعدته وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة مطلع 2012،حيث تبلغ نسبة ساكنة المدن التي لا تتوفر على شبكة تطهير 30 % .
عرفت قاعدة الموارد الطبيعية تدهورا واستمر استنزافها لدعم أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية مما يزيد في نضوب قاعدة الموارد الطبيعية وإعاقة تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية الديون التي تمثّل - إضافة إلى الكوارث الطبيعية بما فيها مشكلات الجفاف والتصحر والتخلف الاجتماعي الناجم عن الجهل والمرض والفقر- أهمَّ المعوّقات التي تحول دون نجاح خطط التنمية المستدامة وتؤثر سلباً في المجتمعات الفقيرة بخاصة والأسرة الدولية بعامة، ومن واجب الجميع التضامن للتغلب على هذه الصعوبات حماية للإنسانية من مخاطرها وتأثيراتها السلبية على المجتمع
الحروب والنزاعات المسلحة والاحتلال الأجنبي التي تؤثر بشكل مضر على البيئة وسلامتها، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي ووضع تشريعات والتزامات تحرّم وتجرّم تلويث البيئة أو قطع أشجارها أو إبادة حيواناتها، ومراعاة الكرامة في معاملة الأسرى طبقاً للقوانين الدولية وعدم التمثيل بالموتى ومنع تخريب المنازل والمنشآت المدنية ومصادر المياه
الفقرة الثالثة: معيقات سياسية، أمنية وتنظيمية
يعتبر عدم توافر الاستقرار السياسي مرضا من الأمراض المزمنة لعملية التنمية، فعدم الاستقرار السياسي و
الأمني، يخلق نوع من التدابير الرامية إلى محاربة تلك الأوضاع السائدة، خاصة في البلدان المتخلفة وإهمال القطاعات الحيوية في التنمية، كما يؤثر على اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية المهمة، التي تعمل على تغيير المجتمع نحو النمو المنشود، كما أنه يخلق نوعا من عدم الاطمئنان لدى المستثمر الأجنبي ويجعله يحجم الاستثمار في مثل هذه المجتمعات، ويتولد نفس الشعور لدى المواطنين، وخاصة أصحاب رؤوس الأموال منهم، بحيث يدفعهم هذا الوضع إلى استثمار أموالهم في خارج الدولة، بدلا من استثمارها في الداخل بالرغم من حاجة هذه الدول الماسة لرأس المال.
كما يعتبر الفساد الإداري والتنظيمي عقبة هامة أمام عملية التنمية، كانتشار الرشوة في أفراد المنظمات، آفة خطيرة جدا. كذلك وما تفرزه من نتائج على إفلاس وتورط العديد من المؤسسات في القضايا المالية، أمر بات من صفات وعلامات منظمات البلدان النامية اليوم [25].
الفقرة الرابعة: معيقات تكنولوجية وفنية
لعب التقدم التكنولوجي والفني دورا كبيرا في تنمية الدول الصناعية المتقدمة، حتى وصلت ما وصلت إليه من تغيير في هياكلها الاقتصادية والاجتماعية، وحققت بالتالي مستوى مرتفع من المعيشة لأفرادها، ولقد تم هذا التقدم الفني عن طريق البحوث، والتي تكبدت فيها الدول المتقدمة كثيرا من الأموال، ومن ثمة فقد جاءت وسائل التقدم الفني متماشية مع متطلبات هذه الدول لظروفها، ولما هو متوافر بها من موارد اقتصادية، فجاءت وسائل الإنتاج لتستخدم العمالة ذات المهارة العالية، لكن هذا الوضع لم يكن من نصيب البلدان النامية الذي يتصف على العموم بـ :
اتخذ المغرب مسار التنمية المستدامة كباقي دول العالم محاولا الانخراط في مسلسل اصلاحي مهم من اجل تحقيق تنمية مستدامة ,ناهجا لأجل دلك مجموعة من التحديات لتحقيق الرهان التنموي على جميع مستوياته سواء منها القانونية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وكذا العمرانية والبيئية والتي تكرس مجهودات المغرب للعمل على الانتقال من التنمية الى التنمية المستدامة
الفقرة الاولى: التدابير المعمول بها على المستويين السياسي والقانوني
إن دمقرطة المؤسسات الدستورية تتم بصفة معمقة وعن طريق صيرورة حية ودلك بتوسيعه الى جميع مجالات الحياة الوطنية. فمجموعة من القوانين الاساسية تمت المصادقة عليها وخرجت حيز التنفيذ، ومن بينها الدستور الذي وسع من مجالات الحريات العمومية وخصوصا المتعلقة بالصحافة وخلق جمعيات اللمجتمع المدني والمنظمات الحكومية وغير الحكومية[27] وتأسيس الشفافية في تسير الاحزاب والاستشارات الانتخابية.
كما تم خلق هيئات استشارية تعنى بشؤون المواطنين والتي تم التوسع فيها في ظل الدستور الجديد. فالمجلس الوطني لحقوق الانسان يؤمن الدفاع عن حقوق الانسان والحريات وحمايتها وضمان ممارستها الكاملة [28] وهنا الهيئات الساهرة على تفعيل المقتضيات المتعلقة بالتنمية المستدامة الى جانب مؤسسة الوسيط [29]التي يعهد اليها بالدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الادارة والمرتفقين و الاسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف هدا اضافة الى عدة هيئات استشارية اخرى.
فعلى مستوى العدالة تم احداث محاكم متخصصة في الادارة والتجارة و الأسرة، ورغبة من المغرب في تقريب الادارة من المواطنين ثم احداث قضاء القرب الذي شرع بتنفيذه كقانون رقم 10.42 كما ثم تعديل مجموعة من المقتضيات و النصوص القانونية لمواكبة البنية الاجتماعية للمجتمع المغربي.
وفي ميدان الحكامة المحلية فان المفهوم الجديد للسلطة الذي دعى جلالة الملك الادارات المحلية للانخراط فيه،ذلك لإنعاش وتفعيل مفهوم سياسة القرب لمعالجة مشاكل المواطنين وقد احدثت من اجل ذلك هيئات سميت حسب الفصل 165 من الدستور "هيئات الحكامة الجيدة والتقنين" كالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
لكن تبقى الإشار ة الصريحة والواضحة إلى تبني الدولة والسعي نحو تحقيق تنمية مستدامة ما جاء في فصول عديدة من الدستور الجديد لسنة [30]2011،حيث أكد في فصله 31 على أنه " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية،على تعبئة كل الوسائل المتاحة،لتيسيير أسباب إستفادة المواطنين والمواطنات:على قدم المساواة،من الحق في:
... الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة.
هذا بالإظافة إلى الفصل 71 الذي يؤكد على أنه " يختص القانون،بالإظافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور،بالتشريع في الميادين التالية:
...القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة"
هذا بالإظافة إلى الفصل وفي نفس الاتجاه ,فان مجموعة من الصلاحيات التي كانت من اختصاص الادارة المركزية وخصوصا تلك المتعلقة بإنعاش الاستثمار قد نقلت الى ولاة الجهات.
الفقرة الثانية: التدابير المتخذة على المستوى الاقتصادي
ان المغرب قد اختار ومنذ امد بعيد ،موازاة مع التعددية السياسية والاقتصاد الحر المتفتح على السوق العالمية ،وقد التزم وانخرط خلال سنوات الثمانينات في برنامج التقويم الهيكلي من اجل بلوغ مستوى التنافسية التي يحتمها التفتح.
ومن اجل تحقيق تنمية مستدامة في وجهها الاقتصادي فقد تم اتخاذ مجموع من التدابير القانونية والتدبيرية التي تؤدي بدورها الى الدفع بتحريك التجارة وضمان سوق مشروعة تحقق للمستهلك والمقاول مبتغاهما.
وفي هذا الصدد فقد صدر قانون حرية الاسعار والمنافسة رقم 06-96 وقانون حماية المستهلك اضافة الى بعض النصوص التنظيمية ،ولا ننسى ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة ومدونة الشغل وذلك لتأسيس علاقات مهنية جد مرنة تهدف الى تامين اطار قانوني ومؤسساتي واجتماعي للمقاولات تحث على تشجيع التشغيل ،علاوة على احداث مجلس المنافسة كهيئة مكلفة في اطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة لضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية خاصة من خلال تحليل وضعية المنافسة في الاسواق ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار(الفصل 166 من الدستور)
فالمغرب اليوم يعرف اصلاحات هامة وأوراش ضخمة كمشروع طنجة المتوسطي وميناء الناظور، والمخطط الازرق كما تم بناء ست محطات شاطئية جديدة سنة 2010 ومشروع المغرب الاخضر لتطوير الفلاحة في العالم القروي باستثمار اكثر من 10 مليار دولار ,ومشروع المغرب الرقمي لتطوير الادارة العمومية والرفع من تنافسية القطاع الخاص.
وترسيخا من المغرب في النهوض بمقومات التنمية المستدامة في وجهها الاقتصادي وعلى الصعيد الدولي ,فقد وقع على عدة اتفاقيات للتبادل الحر مع عدة دول كالولايات المتحدة الامريكية وتركيا ومصر والأردن وتونس والإمارات العربية المتحدة مما يؤهل لجلب استثمارات للتصدير لبعض الاسواق ويساعده على دلك موقعه الاستراتيجي.
ومن التوجهات الهامة للمغرب للنهوض بالاقتصاد وتنميته فقد تم توقيع اتفاقية التبادل الحر مع عدد من الشركاء الدوليين خلال السنوات الاخيرة وقد افادت "مجموعة اكسفورد للأعمال " بان هده الاتفاقية ثمتل رافعة لتعزيز علاقات المغرب الدولية على اعتبار ان الاتحاد الاوروبي يبقى الشريك التجاري الاول للمغرب بما يمثل 60 في المائة من اجمالي المبادلات التجارية للمملكة وفي الشأن الاقتصادي فقد ذكر المكتب الدولي للذكاء الاقتصادي (اكسفورد بيزنيس )في تقريره السنوي حول المغرب ان الاقتصاد المغربي ابان عن مناعته في مواجهة الاضطرابات السياسية التي هزت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سنة 2011 لكن الى اي حد ستصدى هده المناعة الى مشكل الجفاف لهذه السنة؟
الفقرة الثالثة: التدابير المتخذة على المستوى الاجتماعي
من المبادئ والقيم التي تضمنها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الرقي الاجتماعي على اعتبار ان التنمية المستدامة ينبغي ان تشكل قيمة اساسية للمجتمع المغربي ,دلك لان الرقي الاجتماعي للأمة كما اسلفنا الذكر هو مكون من مكونات التنمية المستدامة والدي لا ينفصل عن التضامن الاجتماعي التضامن بين الاجيال والتضامن المجالي ,كما يقوم على مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى تكوين الشباب وتنمية الجماعات المحلية وبالمناسبة فقد اتى دستور 2011 بمقتضى مؤسساتي جديد في الفصل 170 منه الذي ينص على احداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي كهيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية ,ودلك عن طريق ادماج الشباب في كل ما هو ثقافي واجتماعي واقتصادي عن طريق تقديم اقتراحاتهم من اجل تنمية طاقاتهم الابداعية ,وتحفيزهم عن الانخراط في الحياة الوطنية هدا من جهة.
ومن جهة ثانية فمن التحديات المعمول بها على الصعيد الوطني للنهوض بالتنمية المستدامة في شقها الاجتماعي مايلي:
اولا: القضاء على الفقر المدقع والجوع
يبقى الفقر هو الهاجس الاكبر لكل السياسات التنموية للدول النامية او السائرة في طور النمو كالمغرب ,ولتحدي هده المعضلة المتفشية خاصة في المناطق الريفية[31] فقد خاض المغرب كرهان للنهوض بالتنمية المستدامة في بعدها الاجتماعي ضرورة التقليص من الاقصاء الاجتماعي باعتباره مسلسلا للتفقير التدريجي وعمل في هدا الاطار على توزيع هبات ومساعدات غذائية ومالية في مناسبات عديدة لمساعدة الاسر المعوزة ودوي الاحتياجات الخاصة,بل الاكثر من دلك فهو يسعى الى تحقيق رهان التقليص بثلاثة ارباع من الاقصاء الاجتماعي في افق 2015 ,ولأجل دلك فمن التوجهات الكبرى التي خاضها المغرب في هدا الاطار ما يعرف " بالمبادرة الوطنية للتنمية ألبشرية التي انطلقت مند 18 ماي 2005 كتحول استراتيجي كبير يرمي الى محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي ,وقد تمخض عن هده المبادرة انجازات مهمة ومشاريع تنموية همت كل القطاعات وخاصة الاجتماعي منها.
ثانيا:ضمان توفير التعليم للجميع
التعليم حق دستوري[32] هدفه الحد من معدل الامية فهو الاهداف التي تتوخاها اية تنمية مستدامة بأي بلد , وحرصا من المغرب على دلك فقد تم احداث مجلس اعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بموجب الفصل 168 من الدستور كهيأة استشارية للنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة . مهمتها ابداء الاراء حول كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي وقبل ان تتم دسترة هده المؤسسة فقد عمل المغرب على جعل التعليم نقطة الانطلاق لتحقيق باقي المشاريع ,وإسهاما منه في دلك فقد تم احداث اقسام لمحاربة الامية بشراكة مع الاتحاد الاوروبي، وإطلاق مشروع المليون محفظة وقد رصد لدلك غلاف مالي مهم عند بداية كل موسم دراسي .
وسيرا على نفس المنوال فقد دشن جلالة الملك عدة دور للطلبة والفتاة لتشجيع تمدرس الفتاة ’وإحداث مراكز للتكوين المهني.
ثالثا: النهوض بالمساواة بين الجنسين
من النقط التي حسم المغرب على ضرورتها للنهوض بالتنمية المستدامة تمتيع الرجل والمرأة على قدم المساواة ,بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاجتماعية الثقافية والبيئية وتحقيق مبدأ المساواة بين الرجال و النساء، ولأجل هدا ستحدث بموجب الدستور هيئة للتكافؤ ومحاربة كل اشكال التمييز. وعلى اعتبار ان الاسرة هي المكان المقدس لتربية اجيال المستقبل فقد تم احداث هيئة استشارية تعنى بالأسرة والطفولة [33],تكلف بمهمة تامين تتبع و ضعيتهما، وأخرى تعنى بمحاربة كل اشكال التمييز.
رابعا: تقليص وفيات الاطفال اقل من خمس سنوات
وفي هدا الاطار فقد تمت برمجة برنامج التلقيح الذي بلغ اليوم معدل يناهز 90 في المائة والدي سيبلغ في افق 2015 95 في المائة حسب التقرير السنوي المنجز في 2005 .
خامسا: صحة الامومة
وبالمناسبة ومن اجل السهر على انجابية تتخذ فيها القرارات صفة مشتركة بين النساء والرجال فقد تضافرت عدة مجهودات للنهوض بإنجابية خالية من مخاطر الوفيات التي لا تكاد تفارق نسبها المرتفعة جميع المستشفيات الوطنية، ولأجل هدا وللرفع من مستوى صحي لجميع الفئات العمرية ولتفعيل المقتضيات الدستورية التي تجعل العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية من اهم الحقوق التي يتساوى فيها كل المواطنين ,فقد تم احداث عدة مراكز صحية وتعبئة العالم القروي بعدة مستوصفات ,والرفع من الحملات الصحية، والتحسيس ببعض الامراض الخطيرة ,والتكثيف من البرامج الاعلامية الاشهارية.
الفقرة الرابعة: التدابير المتخذة للنهوض بالتنمية المستدامة في شقيها التعمير – البيئة
اولا: الشق المتعلق بالتعمير
يعتبر العقار اساس كل المشاريع الاقتصادية والسكنية مما يجعله عنصرا بالغ الاهمية في مجال النهوض بقطاع الاستثمار ،وينعكس بشكل مباشر على التنمية المستدامة لمجموع التراب الوطني والتنمية الجهوية على وجه الخصوص .
ولأجل دلك وسيرا مع التطورات الراهنة التي يعرفها المغرب والتحديات المستقبلية المرتبطة بالاستجابة للحاجيات المتزايدة التي تفرضها التنمية خاصة التزايد المستمر في الطلب على الاراضي ،اقتضى الامر ضرورة نهج سياسة محكمة وتدبير عقلاني للعقار ودلك لجعله رهن اشارة الاستثمار الوطني والأجنبي لتوفير احتياطات عقارية مهمة كفيلة باستيعاب النمو الديمغرافي مع توالي السنوات دون المساس بالتوازنات البيئية مع المحافظة على مصادر الثروات وهدا اساس التنمية المستدامة[34].
وفي ظل هاته المتطلبات فقد سعى المغرب الى تحديث المنظومة التشريعية المنظمة للعقار وعلى رأسها القوانين التي تهدف الى تقنين مساطر التحفيظ العقاري
كقانون 14.07 المعدل والمغير لظهير 12 غشت 1913 وإصدار مدونة الحقوق العينية ،على اعتبار ان الحقوق العينية على اعتبار هده الاخيرة هي المحرك الاساسي للعقار والناقل القوي له من وضعية السكون الى وضعية الحركة للقيام بوظيفته الاقتصادية وبالتالي النهوض بالتنمية المستدامة التي تضمنها الى جانب دلك قوانين التعمير و التجزئات السكنية التي ترمي الى تهيء المجال من اراضي سكنية مجهزة وأراضي مخصصة للمرافق الاجتماعية وأخرى معدة للاستثمار.
هذا مع العلم ان الوصول الى تنمية مستدامة في جانبها العقاري يقتضي وضع تخطيط حضاري فعال منبثق من وثائق مدروسة بكيفية عقلانية ومنصفة ،اضافة الى ضرورة التوفر على سياسة عقارية ناجعة كفيلة بالحد من المضاربة العقارية التي تؤثر سلبا على الاستثمار ولا يساير ارتفاع قيمتها نسبة النمو الاقتصادي للبلاد.
وفي الاخير كما جاء في الميثاق الوطني لإعداد التراب الوطني فان الوقت قد حان من اجل انتهاج سياسة عقارية تنطلق من مبدأ ان الارض ثروة وطنية ذات وظيفة اقتصادي واجتماعية.[35]
تانيا: الشق المتعلق بالبيئة
حضيت البيئة باهتمام واسع سواء على الصعيد الدولي او الوطني ،فعلى الصعيد الدولي فقد تزايد الاهتمام بحماية البيئة والتنمية المستدامة مند مؤتمر الامم المتحدة للبيئة والتنمية الذي عقد في يونيو 1992 في ريو دي جانيرو بالبرازيل، والذي تمخض عنه ابرام عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية لقيت من المغرب عضوا من الاعضاء المشاركة فيها نظرا لرغبته في النهوض ببيئته ،عن طريق استغلال الموارد الطبيعية لتحقيق القفزة الاقتصادية والاجتماعية وتوحيد الرؤى من اجل صياغة قوانين حديثة، وإيجاد حلول ناجعة للمحافظة على البيئة الطبيعية[36].
اما على المستوى الوطني فقد جعل المغرب القضايا البيئية في صلب برامجه التشريعية بانتهاج سياسة رائدة لتعبئة الموارد المائية ومحاربة الفيضانات والجفاف وبإطلاقه وتفعيله للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية فضلا عن بلورة مخططات تنموية استراتيجية قطاعية ولا سيما في المجالات الفلاحية وحماية البيئة ،ومن اجل دلك فقد تم اعداد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وتطوير الطاقات المتجددة ،وفي هدا الصدد اطلق صاحب الجلالة برنامجا مندمجا وموسعا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.
من خلال بناء محطات بقوة اجمالية قدرها 2000 ميغاوات، هذا المشروع الذي سيمكن من رفع نسبة الطاقات المتجددة لتشكل 42 في المائة من الطاقة الكهربائية بالمغرب في افق 2020،وكدا تفادي ما يعادل 3,7 مليون طن من أوكسيد الكربون سنويا وباعتماده لهذا النموذج التنموي المستدام فان المغرب يؤكد انخراطه القوي في المجهود الدولي لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري، التي لا ينبغي حصر تحدياتها المصيرية فقط في ضمان تنمية مستدامة تستجيب لمتطلبات الاجيال الحاضرة وتصون حقوق الاجيال الصاعدة بل ان خطورة الاوضاع قد بلغت مرحلة حرجة وحاسمة تتطلب التزاما جماعيا قوي لانقاد البشرية وكوكبنا الارض من الهلاك و الفناء[37].
ومما لاشك ان خطوات هامة قد تحققت في المجال التشريعي بالمغرب لحماية البيئة الارضية والمناخية والمائية والهوائية ونمثل لدلك بالمرسوم رقم 2ـ79 ـ152 بتاريخ 5 نونبر 1980 القاضي باحدات جائزة الحسن الثاني للبيئة تمنح سنويا لأشخاص ذاتيين ومعنويين مكافأة لهم عن عمل يرجع بالنفع العام على البيئة وحمايتها، و الاكثر من ذلك فقد تمت دسترة البيئة كحق للجميع بموجب الفصل 31 منه الذي ينص في فقرته ما قبل الاخيرة على ما يلي"...المواطنات والمواطنين على قدم المساواة ،من الحق في:...الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة...".
وفي إطار برنامج الحكومة الجديدة،إستمرت المجهودات المبدولة على المستوى البيئي،حيث إعتبر التقرير السالف الذكر أن من بين أهداف الوزارة المكلفة في إطار النهوض بالمجال البيئي جمع الاكياس البلاستيكية المستعملة والتخلص منها نهائيا والقضاء على النقط السوداء للأكياس وتحسيس السكان بضرورة إستعمال بدائل بيئية،وبموازاة مع ذلك بلغت الكلفة الإجمالية للبرنامج الوطني لتشجيع إنتاج وإستعمال الأكياس الإيكولوجية حوالي 70مليون درهم،يسعى إلى إنتاج حوالي 4 ملايين كيس من الثوب لدفع مليوني أسرة مغربية من إستعمال البدائل الإيكولوجية.
وفيما يخص معالجة المياه العادمة،أكد التقرير أن الحكومة سترصد 50 مليار درهم في أفق 2020 للربط بشبكة التطهير السائل بنسبة 80% مشيرا إلى غن هذا البرنامج سيشمل 330 مدينة ومركزا حضريا وسيقوي من الشبكات الصارفة لمياه الأمطار وينجز محطات لمعالجة المياه العادمة.
وفيما يتعلق بمحاربة التلوث الصناعي،تم إحداث صندوق لمكافحة التلوث الصناعي،هدفه الحث على تغيير طرق الإنتاج بإستعمال تكنولوجيا نظيفة،وتحويل بعض الوسائل المستعملة في الأنشطة الصناعية إلى النظام الإيكولوجي.
وأمام هذه التدابير المتخذة فقد أبانت الإحصائيات التي قدمتها وزارة الطاقة والمعادن والبيئة يوم 6 يونيو 2012[38] عن أرقام صادمة ومخجلة بعد 20 سنة من التنمية المستدامة تجسدت بالأساس على المستويين الإجتماعي والبيئي.
فعلى المستوى الإجتماعي وخاصة الشق التعليمي منه فقد إعترفت الوزارة بواقع مزر للمدارس المغربية بالقرى حيث إعترفت بوجود 17 ألف مدرسة بدون مراحيض،و 15 ألف مدرسة لا تتوفر على المياه الصالحة للشرب مما يفسر مرة اخرى الإنقطاع عن الدراسة خصوصا في وسط الإناث.
أما على المستوى البيئي،فلا تزال تحديات محاربة الأكياس البلاستيكية والتلوث الصناعي تطرح نفسها بقوة رغم كل الميزانيات المرصودة لها .
ومن جهة ثانية فإن نسبة جمع النفايات تبلغ حاليا 80% و 32% يتم وضعها بمطارح المقاربة،وحوالي 10 % يتم تدويرها وإعادة إستغلالها ،وحسب التقرير فإن المغرب سيرفع من نسبة جمع النفايات إلى مستوى 85 % سنة 2016 لتصل إلى 100% سنة 2030،وهي السنة التي تراهن عليها الوزارة ليصبح المغرب خاليا تماما من النفايات،وهو ما يعني أن المغرب سيظل غارقا في النفايات إلى حدود هذه السنة (2030).
وختاما نعود إلى التأكيد على أنه برغم أن مفهوم التنمية المستدامة قد لقي قبولا واستخداما دوليا واسعا منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي إلا أن العالم لم ينجح حتى الآن في تبني خطوات حقيقية جادة على طريق الاستدامة الحقيقية نحو التوفيق بين تلك التناقضات التنمية والبيئة الناتجة عن نموذج التنمية المهيمن منذ منتصف القرن العشرين مما يجعل البشرية تواجه مستقبلا محفوفا بالمخاطر وعدم التيقن من مصيرها. ومن هنا، نورد هذه التوصيات والإقتراحات الكفيلة بتجاوز الصعوبات والعراقيل التي تحول وتقف حاجزا امام تحقيق تنمية مستدامة:
توصيات
على المستوى الإقتصادي:
الجرأة والأجرأة في تطبيق القوانين البيئية بشكل سليم.
منذ ظهور الإنسان تميز تطوره باتصاله اليومي مع بيئته فلا يستطيع العيش بعيدا عن الموارد الطبيعية،فقد كان الانسان من قبل ضعيفا لا يتوفر على وسائل لحمايته من الظواهر الطبيعية.
وبتطور المعارف الانسانية بدأ الانسان يبتكر وسائل لحمايته من قوى الطبيعة وجعل مواردها لصالحه فظهرت الزراعة والصيد البحري ومجموعة أنشطة يستحيل ابتعادها عن الطبيعة فكانت هذه الاخيرة بذلك إطارا للنشاط الاقتصادي وللانفتاح على مجالات أخرى غير اقتصادية. وبتوالي الاكتشافات الجغرافية حاول الإنسان البحث عن موارد أخرى غير مألوفة،وكانت نتيجة ذلك التطور ما عرف بالثورة الصناعية وتطور مجموعة من العلوم وابتكار عدة وسائل كرست الاستمرارية في التغلب على الطبيعة،إلا ان الإنسان منذ ظهوره نادرا ما فكر في الحفاظ على الطبيعة كإطار لاستمراره، وكان هناك دائما صراع بينهما ينتهي بغلبة الإنسان ولم تكن هناك محاولة للصلح بينهما إلا مؤخرا.
وكان من أهم نتائج الثورة الصناعية ظهور أنشطة اقتصادية واسعة لأول مرة تستعمل وسائل وتقنيات متطورة تصنف ضمن الوسائل الملوثة،كما أدت إلى تراكم الإنتاج الذي يوجه للتجارة، مما أدى إلى ظهور الحركات الاستعمارية، وكان ذلك استعمارا للطبيعة وتخريبا لها مما أثر سلبا على توازنها المعهود.[1]
وبعد الحرب العالمية الثانية، اقتصر الجهد المبذول على اعتماد بعض القوانين الدولية في المجال المالي والسياسي والاقتصادي وكانت البيئة آخر موضوع يمكن التفكير فيه آنذاك، بعد ذلك عرفت الدول الصناعية ثلاث عقود من التطور الاقتصادي والتجاري كنتيجة للاتفاقيات المعتمدة بعد الحرب ولكن هذا التطور كان نسبيا لكون هذه الدول لم تأخذ في الحسبان أن هذا التقدم لا يمكن ان يستمر إلا بالنظر إلى النظام البيئي العالمي، وهذا التهميش دفع بالعديد من المنظمات الحكومية والسياسيين والمفكرين إلى إصدار تقارير ونداءات للمجتمع الدولي للتحذير من النتائج الكارثية للاستمرار في إعطاء الأهمية فقط للجانب الاقتصادي وحده.
وكان من أهم هذه التقارير تقرير نادي روما Club Rome نهاية الستينات والذي سمي Halte أي الحد من التقدم الاقتصادي والصناعي،وسبب هذا النداء هو توصل الخبراء إلى نتائج بيئية صادمة ستؤثر على قدرة البشرية على الاستمرار. هذا التقرير أثر على العديد من رجال السياسة والسلطة في العالم مما حذى بمنظمة الامم المتحدة إلى إعلان تنظيم أول مؤتمر دولي للبيئة وهو مؤتمر ستوكهولم سنة 1972[2] لمناقشة وتقييم أوضاع البيئة والإمكانيات التي يمكن اعتمادها لتصحيح الاختلالات في النظام البيئي العالمي ومحاولة إعادة التوازن إليه،وكان المؤتمر مناسبة لنشر الوعي ضمن حكومات العالم برغم عدم مشاركة العديد من الدول النامية التي كانت مستعمرة آنذاك،ولكون بعض الدول المستقلة رفضت ذلك بحجة أن الدول المصنعة وصلت مستوى كبيرا من النمو فقررت المناورة لمنع الدول النامية من اعتماد نفس النهج الاقتصادي لتحقيق نفس التقدم بفرض قوانين لمنعها من تنمية اقتصادها[3].
وقد انتهى المؤتمر باعتماد ما سمي "بإعلان ستوكهولم للبيئة "وبعض الاتفاقيات البيئية،كما انتهى بتوصية لإحداث أول مؤسسة بيئية على المستوى الدولي، وهو برنامج الامم المتحدة للبيئة PNUE[4] رغم انه لم تعط له القوة الكافية ليتمتع بنفس السلطة التي يتمتع بها مثلا صندوق النقد الدولي على مستوى العالم، وسبب ذلك ان الدول المصنعة نفسها رفضت خلق مؤسسة تفرض سياسة بيئية صارمة يجب احترامها مما يفسر غياب مؤسسة بيئية لها قوة في فرض سياستها حتى الآن، واستمر الوضع إلى منتصف الثمانينات حيث أكد العديد من المراقبين ان مؤتمر ستوكهولم كان فقط لترسيخ الوعي الدولي البيئي وليس للتأثير على مجرى الامور لضبط السلوك البيئي الدولي حيث لم يخرج ببنود ملزمة...
بعد ذلك،وبموازاة مع تطور العلوم البيئية صدرت عن الامم المتحدة توصية لتركيب لجنة دولية سميت ب commution de Brundhland برونتلاند، وكلفت بدراسة إمكانية التوصل إلى خلق مفهوم يمكنه أن يمنح تصورا يوفق بين ما هو اقتصادي واجتماعي وبيئي، فقد كان المشكل هو ان العديد من الدول الصناعية لم يكن يهمها سوى الزيادة في الإنتاج والمنافسة والتقدم دون الاهتمام بالآثار السلبية على البيئة مما يعني أن ذلك التقدم جد نسبي،وهذا هو ما جعل الأمم المتحدة تطالب بابتكار مفهوم جديد مقنع على المستوى العلمي والسياسي ويمكن ان يصبح فلسفة جديدة للاقتصاديين والباحثين والمفكرين..
وبعد سنوات من الدراسة والتفكير تم التوصل إلى مفهوم التنمية المستدامةle developpement durable حيث خلق ثورة فكرية وفيما بعد أضفى نوعا من الدينامية على المستوى السياسي وفلسفة تستوحى منها البرامج والقوانين.
في ظل هذا المستجد والاختراق الكبير، دعت الامم المتحدة إلى عقد ثاني اكبر مؤتمر عالمي للبيئة سنة 1992 بريو دي جانيرو البرازيلية[5]، وهو ما سمي بقمة الأرض ،وكان الهدف منه هو تكريس مفهوم التنمية المستدامة وتطبيق هذا المفهوم لحل العديد من قضايا البيئة،حيث سجل هذا المؤتمر مشاركة مكثفة للدول النامية،وسبب ذلك هو ان مفهوم التنمية المستدامة غير التركيز الدولي على ماهو بيئي خالص إلى الاهتمام بعلاقة البيئة بالتنمية السوسيواقتصادية.
بعد مؤتمر ريو عقدت مؤتمرات اخرى لتتبع هذه المجهودات العالمية على المستوى البيئي وتفعيل البنود التي تم الاتفاق عليها،ومن اهم هذه الإتفاقيات المعتمدة بروتوكول كيوطو 1997 وهو برنامج من اجل الشروع فعليا في حل قضية التغيرات المناخية وتقليص إنبعاثات الغازات الدفيئة المسخنة.
وفي سنة 2002، عقد ثالث مؤتمر بيئي وكان في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا حيث إعتمد إتفاقيات كانت إستمرارية لمؤتمر ريو إلى حد جعل المراقبين يصفونه ب Rio+ 10 ،و إعتبر قمة مثالية ومناسبة لتقييم الإنجازات التي تحققت على مدى العقد الماضي منذ الإعلان عن المذكرة 21 بريو،وقام الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير سردي ومرجعي حول تنفيذ بنود ما إتفق عليه سابقا.
والمغرب أبدى بدوره إنخراطا كبيرا في الجهود العالمية البيئية،حيث وقع على إتفاقية ريو 1992[6]،كما صادق في فبراير 2010 على المذكرة "المنظمة للمبادئ التوجيهية لبرنامج البيئية للأمم المتحدة بشأن وضع التشريعات الوطنية المتعلقة بالحصول على المعلومات والمشاركة العامة والوصول إلى العدالة في القضايا البيئية"[7].
وللحديث عن موضوع التنمية المستدامة سوف نتناولنه وفق التصميم التالي:
المبحث الاول : الإطار العام للتنمية المستدامة
المبحث الثاني:معيقات التنمية المستدامة والتدابير المتخذة لتجاوزها
الفصل الأول: التنمية المستدامة
يقتضي البحث في التنمية المستدامة الوقوف عند عدة مكونات نظرا لأخطبوطية وعمومية المصطلح من جهة، ولانطوائه على مجموعة من المفاهيم والأبعاد من جهة ثانية كما تؤثر فيه العديد من العوائق التي تتطلب الليونة منها العمل على الاخذ مجموعة من التحديات.
لدى وللإحاطة بكل هذه المقومات وملامستها سنقف على ذلك من خلال مبحثين نتطرق في المبحث الأول للإطار العام للتنمية المستدامة من خلال تحديد ماهية المصطلح والأبعاد الكبرى التي يعنى بها، ثم الحديث عن المعيقات والتحديات المعمول بها للنهوض بالأهداف التنموية المرجوة من وراء هذه العملية، وذلك في مبحث ثاني
المبحث الاول:الاطار العام للتنمية المستدامة
التنمية كما يعرفها البعض[8] هي انماء وتطوير وتطويع واستخدام والانتفاع بهذه الظواهر الطبيعية والمعنوية لتلبية احتياجات الانسان المادية والمعنوية مع المحافظة على ما يحيط به من المؤهلات وعدم الاضرار بهده الموارد الطبيعية على اعتبار ان مفهوم التنمية خرج من حيزه الضيق ، الى حيزه المتسع بعدما اصبحنا نتحدث عن مفهوم التنمية المستدامة.
هذا المفهوم كان نتاجا لعدد من الدراسات والأبحاث التي توخت التفكير عن إدارة امثل لمختلف الموارد والحاجيات، ويبقى أهم ما تمخض عن ذلك عقد مؤتمر ريو هو ما أطلق عليه " أجندة 21"[9] وهو عبارة عن تصور متكامل لخطة عمل الإنسانية في مجال البيئة خلال القرن الواحد والعشرين ، حيث غطت توصيات هذه الأجندة أربع مجالات رئيسية هي:
1- القضايا الاجتماعية والاقتصادية مثل التعاون الدولي في الإسراع بتنفيذ مستلزمات التنمية المستدامة، ومكافحة الفقر وتغيير أنماط الاستهلاك و الديناميكية السكانية والاستدامة، وترقية وحماية صحة الإنسان.
2 - المحافظة على الموارد وإدارتها للأغراض التنموية، مثل حماية الغلاف الجوي، مكافحة إزالة الغابات، ومكافحة التصحر والجفاف، وتعزيز التنمية الريفية والزراعية المستدامة، والمحافظة على التنوع البيولوجي وحماية موارد المياه العذبة والمحيطات، والإدارة السليمة للكيماويات السامة والنفايات الخطرة.
3- دعم دور المجموعات الرئيسية، بما في ذلك المرأة والشباب والأطفال والشعوب الفطرية (السكان الأصليين) ومجتمعاتها، والمنظمات غير الحكومية، ومبادرات السلطات المحلية في دعم أجندة /21 /، والعمال واتحاداتهم المختلفة، وقطاع الصناعة والأعمال، والمجتمعات العلمية والتقنية،والمزارعين.
4- توفير وسائل التنفيذ، بما في ذلك الآليات والموارد المالية ونقل التقنية السليمة بيئيا وترقية التعليم والتوعية والتدريب الشعبي، والترتيبات المؤسسية الدولية، والآليات والأدوات القانونية الدولية، وتوفير المعلومات لمتخذي القرار. [10]
المطلب الاول : ماهية التنمية المستدامة
يتخذ مفهوم التنمية ابعاد وأفاق متعددة ويشمل كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للمجتمع البشري الذي تتفاعل فيه عدة مسارات تنموية فنجد التنمية البشرية والتنمية الادارية والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية الزراعية الى غير ذلك من ابعاد التنمية التي يعبر عنها بالتنمية المستدامة ،والتي تصبغ اليوم الجزء الاكبر من السياسة البيئية المعاصرة ولقد كان للعمومية التي اتصف بها المفهوم دورا كبيرا في جعله شعارا شائعا وبرقا مما جعل كل الحكومات تقريبا تتبنى التنمية المستدامة كأجندة سياسية حتى ولو عكست تلك الاجندة التزامات سياسية مختلفة جدا تجاه الاستدامة [11].
ونظرا لعمومية المصطلح لابد من الاحاطة بمفهومه من خلال اعطائه ثلاث تعاريف تشملها موضوعاته مع تحديد اهدافه وخصائصه.
الفقرة الاولى :مفهوم للتنمية المستدامة
أولا: التعريف الاقتصادي والبيئي للتنمية المستدامة
تركز بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الادارة المثلى للموارد الطبيعية ,وذلك بالتركيز على الحصول على الحد الاقصى من منافع التنمية الاقتصادية بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ودون ان يقلل استخدام هذه الاخيرة من الدخل الحقيقي لأجيال المستقبل وهو ما يدعم القاعدة القائلة "بالعيش على ارباح مواردنا والاحتفاظ بقاعدة الأصول"[12]
وفي الاطار نفسه فقد ذهب البعض [13] ابعد من ذلك عندما عرف التنمية المستدامة في بعدها التكنولوجي بقوله "التنمية المستدامة مفهوم يعنى باستخدام تكنولوجيا جديدة تكون انظف وأكفأ واقدر على انقاد الموارد الطبيعية حتى يتسنى الحد من التلوث والمساعدة على تحقيق استقرار المناخ واستيعاب النمو في عدد السكان وفي النشاط الاقتصادي.
ثانيا :التعريف الاجتماعي للتنمية المستدامة
يرتبط التعريف الاجتماعي للتنمية المستدامة بالمستوى المعيشي للساكنة ,حيث تهدف هذه العملية الى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاهية الاجتماعية والإنصاف والعدالة[14]، وتحقيق هذه التنمية في شقها الاجتماعي رهين بالمقاربة التشاركية للمجتمع المدني لكي تتحرر الجماعات من الهيمنة المطلقة للرأسمال المالي العالمي من خلال حيازة المشاريع التنموية المؤدية الى التغيرات الدائمة لكي تستعيد المنظومة البشري قوتها للحفاظ على التوازنات في العلاقات الاجتماعية .
انطلاقا من هاته التعاريف يمكن الخروج بتعريف موحد للتنمية المستدامة يجمع بين الابعاد الثلاثة لها والدي مفاده ان التنمية المستدامة هي التنمية المتجددة التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الاجيال القادمة على تلبية حاجاتهم التي تحقق التوازن بين النظام البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
وهذا التعريف الاخير يقرب التعريف الذي ساقته اللجنة العالمية للتنمية المستدامة في تقريرها المعنون "بمستقبلنا المشترك" إلى أن هناك حاجة إلى طريق جديد للتنمية، طريق يستديم التقدم البشري لا في مجرد أماكن قليلة أو لبضع سنين قليلة، بل للكرة الأرضية بأسرها وصولا إلى المستقبل البعيد". والتنمية المستدامة حسب تعريف وضعته هذه اللجنة سنة 1987 تعمل على "تلبية احتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة"14..[15]
الفقرة الثانية :خصائص التنمية المستدامة
- تنمية يعتبر البعد الزمني هو الاساس فيها ,فهي تنمية طويلة المدى بالضرورة و تعتمد على تقدير امكانات الحاضر ويتم التخطيط لها لأطول فترة زمنية مستقبلية يمكن خلالها التنبؤ بالمتغيرات.
- تنمية تراعي تلبية الاحتياجات القادمة في الموارد الطبيعية للمجال الحيوي لكوكب الارض.
- تنمية تضع تلبية احتياجات الافراد في المقام الأول فأولوياتها هي تلبية الحاجات الاساسية والضرورية في الغداء والملبس والتعليم والخدمات الصحية,وكل ما يتصل بتحسين نوعية حياة البشر المادية والاجتماعية.
- تنمية تراعي الحفاظ على المحيط الحيوي في البيئة الطبيعية بسائر عناصره ومركباته الاساسية كالهواء,والماء مثلا,او العمليات الحيوية في المحيط الحيوي كالغازات مثلا,لذلك فهي تنمية تشترط عدم استنزاف قاعدة الموارد الطبيعية في المحيط الحيوي,كما تشترط ايضا الحفاظ على العمليات الدورية الصغرى,والكبرى في المحيط الحيوي ,والتي يتم عن طريقها انتقال الموارد والعناصر وتنقيتها بما يضمن استمرار الحياة.
- تنمية متكاملة تقوم على التنسيق بين سلبيات استخدام الموارد، واتجاهات الاستثمارات والاختيار التكنولوجي، ويجعلها تعمل جميعها بانسجام داخل المنظومة البيئية بما يحافظ عليها ويحقق التنمية المتواصلة المنشودة.
المطلب الثاني: الأبعاد الكبرى للتنمية المستدامة
ظهرت التنمية المستدامة كفكرة تؤطر للتنمية التي تحقق التوازن بين النظام الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دون اختلال بين هذه الانظمة الثلاثة مجتمعة.
فأبعاد التنمية المستدامة تختلف بحسب منظور كل نظام على حدة، فالاقتصاديون يجعلون الاهداف الاقتصادية محددا هاما لهذه التنمية، والاجتماعيون يشددون على مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف في الحياة، أما البيئيون فيؤكدون على اهمية حماية الطبيعة كمدخل هام وأساسي لهذه التنمية.
وسنركز على هذه الأبعاد الثلاثة كل واحد على حدة.[16]
الفقرة الأولى:الابعاد الاقتصادية للتنمية المستدامة
تتطلب التنمية المتواصلة والمتجددة استعمالا رشيدا وأمثلا للمناهج الاقتصادية المتبعة.
ففي مرحلة أولى كانت العلاقة بين الاقتصاد والبيئة تشهد تنافرا كبيرا حيث كان هاجس الدول آنذاك هو تحقيق نوع من النمو و الرفاه الاقتصادي عبر الرفع من معدلات الدخل والاستهلاك بأي وسيلة،وكان هذا التقدم يتم على حساب استنزاف أكبر قدر ممكن من الموارد البيئية دون إعارة الاهتمام لما قد يلحق هذه البيئة من أضرار.
وكانت الجامعات تدرس علم الاقتصاد على انه العلم الذي يبحث في الاستخدام الأمثل للموارد المائية والبشرية بهدف تحقيق أكبر ربح ممكن،أو إشباع الحاجيات الإنسانية بأقل تكلفة ممكنة،وهذا المفهوم لم يكن يأخذ بعين الاعتبار الجانب البيئي في النشاط الاقتصادي[17].
لكن، ومع منتصف السبعينات ظهرت بوادر لتحول في طريقة تبني السياسات الاقتصادية وعلاقتها بالبيئة،حيث تعالت الدعوات إلى تبني إستراتيجيات تؤخذ بعين الاعتبار الكلفة البيئية لبناء الاقتصاد، وتمت الدعوة إلى اعتماد ما سمي "بالناتج القومي الأخضر أو الطبيعي pib"، وهو الرأسمال الطبيعي الذي يشتمل على ترشيد استعمال الموارد الطبيعية ذات القيمة الاقتصادية وإدارتها بشكل أمثل لا يحول دون قدرتها على الاستمرارية والتجدد.
وبالفعل تم التنصيص على ضرورة مراجعة أنماط الاستهلاك السائدة بشكل متوازن والعمل على استمرارية الموارد المالية والتقنية والتكنولوجية بشكل يحقق لنا من جهة الغايات الاقتصادية المتوخاة منها، ومن جهة أخرى لا يؤثر تأثيرا جسيما على البيئة.
ومن هنا يمكن القول ان البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة ركز على المسائل التالية:
- حصة الاستهلاك الفردي من الموارد الطبيعية
- ايقاف تبدير المورارد الطبعية
- تقليص تبعية البلدان النامية للبلدان المقدمة
- المساواة في توزيع الموارد الطبيعية
- الحد من تفاوت المداخل بين الافراد في الدول النامية
- تقليص من الانفاق العسكري على حساب التنمية.
الفقرة الثانية: الأبعاد الاجتماعية للتنمية المستدامة
يركز البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة على ان الإنسان هو جوهر التنمية وهدفها الأسمى،فبدون تأهيله وأخذ مصالحه بعين الاعتبار لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية.[18]
ويهتم هذا البعد بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر وتوزيع الموارد بشكل متساو،زد على ذلك تقديم الخدمات الاجتماعية الرئيسية إلى كل المحتاجين دون أي تمييز.
ويكون النظام مستداما اجتماعيا في حال تحقق المساواة في التوزيع وإيصال الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم إلى المستفيدين الأجدر بها بالإضافة إلى إشراك الأفراد في اتخاذ القرار بشكل شفاف ودقيق.وتتحدد الركائز الاجتماعية للتنمية المستدامة في ما يلي:
ضبط السكان: فالزيادة السكانية تبلغ نحو 80 مليون نسمة كل سنة، وهي زيادة لا تتسع لها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية، وأغلب هذه الزيادة تكون في دول العالم الثالث الموسوم بالاكتظاظ والفقر والتخلف،وهذا الأمر يزيد الفقراء فقرا أكثر ،لذا وجب وضع سياسات تحاول ضبطا أمثل لنسبة تزايد السكان على المستوى المحلي.
تعزيز العدالة الاجتماعية: وذلك عبر الأخذ بيد الفئات الاجتماعية والمساواة بين الأجيال في توزيع الموارد وطرق الحصول عليها.وبالرغم من التزام جل الدول بمبدأ المساواة إلا أنه يبقى صعب التحقق على أرض الواقع وذلك بالنظر لما تسجله معدلات الفقر في جل البلدان خصوصا النامية منها
فكرة تنمية البشر: وهذه التنمية تتحقق عبر تحديد دقيق لسياسات التعليم والصحة وجميع الجوانب المرتبطة بالإنسان والضامنة لنمائه وتطوره.
وضع خطط لتنمية الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة في إطار زمني يحقق متطلبات الجيل الحاضر ويأخذ بعين الاعتبار متطلبات الأجيال المقبلة.
الاهتمام بالتعليم: باعتباره قاعدة الانطلاقة الحقيقية للتنمية وذلك بالنظر إلى دوره في تحقيق التنمية البشرية والارتقاء بقدرات ومعارف ومهارات الأفراد الذين هم سواعد العملية التنموية وتشكيل اتجاهاتهم وقيمهم الفكرية.
الصحة العامة: فالحصول على مياه شرب نظيفة وغذاء صحي ورعاية صحية دقيقة من أهم مبادئ التنمية المستدامة،وذلك بتوفير الرعاية الصحية اللازمة وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.
توفير السكن: وهو من أهم ركائز التنمية المستدامة على المستوى الاجتماعي،إذ ان ضمان توفيره يعد من أهم احتياجات هذه التنمية،بحيث شكلت الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن أحد أهم أسباب زيادة نسب المتشردين أو الذين لا مأوى لهم.
توفير الأمن: وهو ما يعرف بالأمن الاجتماعي وحماية المواطنين من الجريمة خاصة ضد الأطفال والمرأة وجرائم المخدرات والاستغلال الجنسي، ويتم قياس هذا المؤشر عادة من خلال عدد الجرائم المرتكبة لكل 100 ألف نسمة.
وقد ترجمت هذه الأبعاد الاجتماعية أثناء صياغة تقرير"مستقبلنا المشترك " الذي صدر عام 1987 ببروتلاند، حيث كان إدخال كلمة " التنمية " في عنوان المؤتمر اختراقا حقيقيا في دمج الأولويات التنموية والبيئية بعدما كان ينظر إليهما سابقا أنهما من الصعب ان يلتقيا.[19]
وهذا التنصيص كان يمثل استجابة غير مباشرة لملاحظات رئيسة وزراء الهند السابقة " أنديرا غاندي" في مؤتمر ستوكهولم 1972 والتي قالت فيه بأن "الفقر هو أسوأ أنواع التلوث !!
الفقرة الثالثة: الأبعاد البيئية للتنمية المستدامة
يركز البعد البيئي للتنمية المستدامة على مفهوم الحدود البيئية، والتي تعني أن لكل نظام بيئي طبيعي حدودا معينة لا يمكن تجاوزها من الاستهلاك والاستنزاف وأن أي تجاوز لهذه القدرة الطبيعية تعني تدهور النظام البيئي بلا رجعة،وبالتالي فإن الاستدامة تعني دائما وضع الحدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج السيئة واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة.
ويجد هذا البعد نوجهه من خلال مجموعة من الإجراءات منها:
استعمال تكنولوجيا أنظف: حيث تتميز جل التكنولوجيا المستعملة بقلة كفاءتها وكثرة تسببها في التلوث،والتنمية المستدامة تتطلب الإسراع بالأخذ بالتكنولوجيا المحسنة،وكذلك بالنصوص القانونية الزاجرة،لأن من شأن التعاون بين التكنولوجيا والبيئة إلى الحيلولة دون مزيد من تدهور هذه الأخيرة.
المحروقات والاحتباس الحراري: حيث ان استخدام المحروقات يستدعي اهتماما خاصا لأنه مثال واضح على العمليات الصناعية غير المغلقة، لأنه يتم استخراجها وإحراقها وطرح نفاياتها داخل البيئة فتصبح بذلك مصدرا رئيسيا لتلوث الهواء في المناطق العمرانية والزيادة من معدل الاحتباس الحراري الذي يهدد بتغير المناخ .والمستويات الحالية لانبعاث الغازات الحرارية من انشطة البشر تتجاوز قدرة الأرض على امتصاصها، لأن آثار ذلك أصبحت واضحة المعالم في عالمنا اليوم، إذ أن معظم العلماء متفقون على أمثال هذه الإنبعاثات الغازية لا يمكن لها ان تستمر إلى ما لانهاية سواء بالمستويات الحالية أو بمستويات متزايدة دون أن تتسبب في إحترار عالمي للمناخ.
الحد من تدهور طبقة الأوزون: وبرز الاهتمام بذلك من خلال وثيقة "الأجندة 21 " التي وضعت العديد من التوصيات همت مشاكل الغلاف الجوي،إذ تمت الدعوة إلى منع استخدام المركبات التي تدمر طبقة الاوزون وكذلك تحسين نوعية التقنيات البيئية لتقليل الإنبعاثات السامة والملوثات الغازية من المصادر الثابتة والمتحركة لتحسين نوعية الهواء.
وقد مثلت هذه الإجراءات المتخذة سابقة مشجعة لمعالجة هذه المشاكل،فجاءت اتفاقية كيوطو 1997 لتدق ناقوس الخطر وتدعو للتخلص تدريجيا من المواد الكيميائية المهددة للآوزون، على الرغم من أن هذا البروتوكول لم يدخل حيز التنفيذ حتى سنة 2005 وذلك لرفض و.م.أ التصديق عليه ،حيث أن من شروطه ضرورة مصادقة كل الدول التي تساهم ب 50% من الإنبعاثات، وكان سبب رفض و.م.أ هو طلبها أن تشارك بعض الدول النامية مثل المكسيك والصين، لكن السبب الحقيقي والخفي كان هو أن بعض الشركات الأمريكية غير قادرة على المنافسة في مجال التكنولوجيا البديلة فلجأت للمناورة لتمكينها من ذلك قبل المصادقة على بروتوكول كيوطو.[20]
الحفاظ على التنوع الحيوي: حيث ساد الاعتقاد بداية الأمر أن التنوع الحيوي يعني فقط حماية الحيوانات والنباتات البرية وإنشاء المحميات وان ذلك يصطدم عادة مع التقدم الاقتصادي.
ولكن التنوع الحيوي في حقيقة الامر هو أهم عناصر التنمية المستدامة،والمحافظة عليه لا تعتبر واجبا أخلاقيا ـو بيئيا فقط بل أساسية لتأمين هذه التنمية المستدامة ،حيث ان توسع مجال التنمية اصبح مرتبطا بجودة البيئة،وعلى سبيل المثال فإن حوالي 20% من الأدوية التي يتداولها العالم هي مصنوعة من نباتات برية ذات خصائص طبية وعلاجية متميزة،وهذه النباتات إذا ما فقدت من الطبيعة فإن قيمتها العلاجية قد تفقد أيضا [21].
- ويتم قياس التنوع الحيوي من زاوية مؤشرين رئيسيين هما
المياه العذبة: حيث أن المياه تشكل عصب الحياة الرئيسي،وأصبح توفيرها بشكل آمن في مقدمة الأولويات في العالم،حيث أصبحت معرضة للاستنزاف والتلوث.
ويتم عادة قياس التنمية المستدامة في مجال المياه العذبة بالاعتماد على مؤشر نوعية المياه،ثم كمية المياه السطحية والجوفية المتوفرة فيها.
بالإظافة إلى كل ما تقدم يدعو البعض إلى ضرورة تبني فكرة المحاسبة البيئية بشكل يوفر ملائمة متوازنة بين جميع المستويات البيئية.
المبحث الثاني: معيقات التنمية المستدامة والتدابير المعتمدة لتجاوزها
المطلب الأول: معيقات التنمية المستدامة
لا تخلو أية سياسة تنموية من صعوبات وعراقيل، تواجهها الدول أثناء تطبيق البرنامج الإنمائي وخاصة مع الدول النامية، إن لم نقل تصادفها ولو عقبة معينة، ومن ضمن هذه المعيقات والتي نعتبرها عقبات رئيسية.
الفقرة الأولى: معيقات اقتصادية واجتماعية
أولا: المعيقات الاقتصادية
تتمثل هذه المشكلة في أن الدول النامية تقوم بالدرجة الأولى بإنتاج وتصدير السلع الأولية، والسلع الغذائية، كالبن والسكر والقطن والبترول والمطاط ... بعكس الدول المتقدمة التي تقوم بإنتاج وتصدير السلع الصناعية، لأن الدول النامية في مجملها تعتمد على ما يسمى باقتصاد الريع، حيث أن نصيب الدول النامية من إجمالي الصادرات يتناقص، بينما الدول المتقدمة يتزايد. ذلك أن الدول النامية في حاجة ماسة لعائدات الصادرات من النقد الأجنبي، بجانب المدخرات والموارد المحلية لتمويل عملية التنمية.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، إنما تجابه الدول النامية وضعا أخطر من ذلك وهو تخصص هذه الدول في إنتاج وتصدير سلعة واحدة أو سلعتين على الأكثر من هذه السلع ، وبالتالي فإن أي هزة في إنتاجها أو في أسعارها، قد تؤدي إلى هزات اقتصادية خطيرة لدى هذه الدول. بعبارة أخرى أن اقتصاديات الدول النامية عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية، أي في حالة تبعية، حيث أن مستويات الدخل والمعيشة في تلك الدول، تكون متوقفة إلى حد كبير على الظروف السائدة في أسواق التصدير بالخارج، مما ينجر عن ذلك العجز في الميزان التجاري سنة بعد سنة [22].
نقص وتذبذب مصادر التمويل : إذ تعتمد الدولة في عملية التنمية، على مصادر التمويل المختلفة سواء كانت داخلية أو خارجية
فالداخلية نذكر منها ، الأموال العمومية التي تتحصل عليها الدولة من عائدات قطاع الأعمال والمشروعات في القطاعات الاقتصادية، وكذا الإيرادات الجبائية كالضرائب بأنواعها والرسم والرخص والغرامات المالية، حيث تسجل هذه الإيرادات جزء من مجمل توظيفاتها المالية، من أجل القيام بمشاريع تنموية. والملاحظ أنها في تذبذب مستمر، نظرا لضعف الأجهزة والمؤسسات التي تقوم بهذا الدور[23].
والمصادر الخارجية للتمويل وهي ثلاثة، الأولى تتمثل في حصيلة الصادرات، فمن المعلوم أن الزيادة في حصيلة الصادرات تؤدي إلى زيادة الدخل الوطني، وهذا قد يؤدي إلى زيادة الإنفاق العمومي. لكن هذا الأمر صعب المنال خاصة وأن البلدان النامية تتشكل مصادر تمويله إلى حولي 70 في المائة أو أكثر، مما يجعلها في الكثير من الأحيان الاعتماد عليها كمصدر أساسي لتمويل موازنتها السنوية
والثانية تتمثل في الاستثمارات الأجنبية، وهي تلك المشروعات التي يديرها الأجانب بسبب ملكيتهم الكاملة لها أو لجزء منها، والتي في كثير من الأحيان تكون عائقا في توفير مناصب الشغل لدى أفراد البلد، أو تكون على شكل تشغيل الأفراد واليد العاملة الرخيصة بكيفية استعبادية. وعلى العموم فإن مصادر التمويل من الاستثمارات تتناقص، نظرا لعزوف المستثمرين عن الاستثمارات نظرا للشروط والقوانين التي تحكمه
أما ثالث المصادر الخارجية للتمويل فتتمثل في المعونات الأجنبية ويمكن التمييز بين نوعين من المعونات هنا
المعونة التي تقدمها حكومات الدول المتقدمة والهيئات المالية الدولية دون مقابل، وهي ما تعرف بالمنح الخالصة الهبات.
المعونة التي يدفع لها مقابل آجلا أو عاجلا، وهي ما تعرف بالقروض الطويلة الأجل، والتي تكون في الغالب موجهة لتغطية الأعباء في ميزانية الدولة المقرض لها، أو العجز الحاصل في ميزان مدفوعاتها.
وهي المعونات التي تشكل خطرا كبيرا ووقوع أغلب الدول في فخ المديونية، وما لها من مساوئ على الدول النامية، حيث تتيح لها الفرصة للتدخل في الشؤون الداخلية (اقتصاديا ، سياسيا وعسكريا وحتى ثقافيا)[24].
ثانيا: المعيقات الاجتماعية
الفقر الذي هو أساس لكثير من المعضلات الصحية والاجتماعية والأزمات النفسية والأخلاقية، وعلى المجتمعات المحلية والوطنية والدولية أن تضع من السياسات التنموية وخطط الإصلاح الاقتصادي ما يقضي على هذه المشاكل، بإيجاد فرص العمل، والتنمية الطبيعية والبشرية والاقتصادية والتعليمية للمناطق الأكثر فقراً، والأشدّ تخلفاً، والعمل على مكافحة الأمية.
نجد أن التقاليد والعادات ودوافع إرضاء طبقة معينة على أخرى، والمجاملات الغير موضوعية السائدة في المجتمعات النامية، كثيرا ما تقف عقبة أمام التغيير، كذلك من الأمثلة التي تقف كعقبة أمام التنمية، شل حرية الحركة في الوظائف والفرص المفتوحة أمام الأشخاص الأكفاء، ووضع أشخاص آخرين من ذوي المحسوبية والمحاباة في تلك الوظائف، مما يفرز غليان المجتمع، وانتشار آفة الجريمة والفساد ، وغيرها من الآفات الاجتماعية الخطيرة ، التي تعرقل سير عملية التنمية.
الفقرة الثانية: معيقات بيئية
تبرز العديد من المشاكل ذات الصبغة البيئية تقف حاجزا امام تحقيق أمثل للتنمية المستدامة في شقها البيئي،ومن ذلك مشكل تناثر الأكياس البلاستيكية الذي لا يزال يؤدي إلى تشويه المحيط البيئي ويخنق بالوعات مياه الامطار مما يتسبب في إنتشار برك المياه في المدن وتضرر الماشية نتيجة إبتلاعها لهذه الأكياس السامة،إظافة إلى مخاطر تنقل الميكروبات،هذا إظافة إلى مشكل النفايات المنزلية الذي لم ينتهي خلال السنوات القليلة المقبلة ،لأن معالجة نفايات المدن لوحدها سيتطلب إنتظار سنة 2030 ولن تحصل كل ساكنة المدن على شبكات الربط بالمياه إلا في نفس السنة أيظا حسب التقرير الذي أعدته وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة مطلع 2012،حيث تبلغ نسبة ساكنة المدن التي لا تتوفر على شبكة تطهير 30 % .
عرفت قاعدة الموارد الطبيعية تدهورا واستمر استنزافها لدعم أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية مما يزيد في نضوب قاعدة الموارد الطبيعية وإعاقة تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية الديون التي تمثّل - إضافة إلى الكوارث الطبيعية بما فيها مشكلات الجفاف والتصحر والتخلف الاجتماعي الناجم عن الجهل والمرض والفقر- أهمَّ المعوّقات التي تحول دون نجاح خطط التنمية المستدامة وتؤثر سلباً في المجتمعات الفقيرة بخاصة والأسرة الدولية بعامة، ومن واجب الجميع التضامن للتغلب على هذه الصعوبات حماية للإنسانية من مخاطرها وتأثيراتها السلبية على المجتمع
الحروب والنزاعات المسلحة والاحتلال الأجنبي التي تؤثر بشكل مضر على البيئة وسلامتها، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي ووضع تشريعات والتزامات تحرّم وتجرّم تلويث البيئة أو قطع أشجارها أو إبادة حيواناتها، ومراعاة الكرامة في معاملة الأسرى طبقاً للقوانين الدولية وعدم التمثيل بالموتى ومنع تخريب المنازل والمنشآت المدنية ومصادر المياه
الفقرة الثالثة: معيقات سياسية، أمنية وتنظيمية
يعتبر عدم توافر الاستقرار السياسي مرضا من الأمراض المزمنة لعملية التنمية، فعدم الاستقرار السياسي و
الأمني، يخلق نوع من التدابير الرامية إلى محاربة تلك الأوضاع السائدة، خاصة في البلدان المتخلفة وإهمال القطاعات الحيوية في التنمية، كما يؤثر على اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية المهمة، التي تعمل على تغيير المجتمع نحو النمو المنشود، كما أنه يخلق نوعا من عدم الاطمئنان لدى المستثمر الأجنبي ويجعله يحجم الاستثمار في مثل هذه المجتمعات، ويتولد نفس الشعور لدى المواطنين، وخاصة أصحاب رؤوس الأموال منهم، بحيث يدفعهم هذا الوضع إلى استثمار أموالهم في خارج الدولة، بدلا من استثمارها في الداخل بالرغم من حاجة هذه الدول الماسة لرأس المال.
كما يعتبر الفساد الإداري والتنظيمي عقبة هامة أمام عملية التنمية، كانتشار الرشوة في أفراد المنظمات، آفة خطيرة جدا. كذلك وما تفرزه من نتائج على إفلاس وتورط العديد من المؤسسات في القضايا المالية، أمر بات من صفات وعلامات منظمات البلدان النامية اليوم [25].
الفقرة الرابعة: معيقات تكنولوجية وفنية
لعب التقدم التكنولوجي والفني دورا كبيرا في تنمية الدول الصناعية المتقدمة، حتى وصلت ما وصلت إليه من تغيير في هياكلها الاقتصادية والاجتماعية، وحققت بالتالي مستوى مرتفع من المعيشة لأفرادها، ولقد تم هذا التقدم الفني عن طريق البحوث، والتي تكبدت فيها الدول المتقدمة كثيرا من الأموال، ومن ثمة فقد جاءت وسائل التقدم الفني متماشية مع متطلبات هذه الدول لظروفها، ولما هو متوافر بها من موارد اقتصادية، فجاءت وسائل الإنتاج لتستخدم العمالة ذات المهارة العالية، لكن هذا الوضع لم يكن من نصيب البلدان النامية الذي يتصف على العموم بـ :
- عدم مسايرة التكنولوجيا الحديثة
- عدم التمسك بسياسة التغير، والعمل بأساليب التسيير القديمة
- نقص المكننة واستعمال وسائل إنتاج مهتلكةـ ضعف الأجهزة النقدية والمصرفية لعدم حداثتها، واستعمال تقنيات بسيطة، ما سجل ضعفا في سياساتها الائتمانية بالجملة[26].
اتخذ المغرب مسار التنمية المستدامة كباقي دول العالم محاولا الانخراط في مسلسل اصلاحي مهم من اجل تحقيق تنمية مستدامة ,ناهجا لأجل دلك مجموعة من التحديات لتحقيق الرهان التنموي على جميع مستوياته سواء منها القانونية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وكذا العمرانية والبيئية والتي تكرس مجهودات المغرب للعمل على الانتقال من التنمية الى التنمية المستدامة
الفقرة الاولى: التدابير المعمول بها على المستويين السياسي والقانوني
إن دمقرطة المؤسسات الدستورية تتم بصفة معمقة وعن طريق صيرورة حية ودلك بتوسيعه الى جميع مجالات الحياة الوطنية. فمجموعة من القوانين الاساسية تمت المصادقة عليها وخرجت حيز التنفيذ، ومن بينها الدستور الذي وسع من مجالات الحريات العمومية وخصوصا المتعلقة بالصحافة وخلق جمعيات اللمجتمع المدني والمنظمات الحكومية وغير الحكومية[27] وتأسيس الشفافية في تسير الاحزاب والاستشارات الانتخابية.
كما تم خلق هيئات استشارية تعنى بشؤون المواطنين والتي تم التوسع فيها في ظل الدستور الجديد. فالمجلس الوطني لحقوق الانسان يؤمن الدفاع عن حقوق الانسان والحريات وحمايتها وضمان ممارستها الكاملة [28] وهنا الهيئات الساهرة على تفعيل المقتضيات المتعلقة بالتنمية المستدامة الى جانب مؤسسة الوسيط [29]التي يعهد اليها بالدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الادارة والمرتفقين و الاسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف هدا اضافة الى عدة هيئات استشارية اخرى.
فعلى مستوى العدالة تم احداث محاكم متخصصة في الادارة والتجارة و الأسرة، ورغبة من المغرب في تقريب الادارة من المواطنين ثم احداث قضاء القرب الذي شرع بتنفيذه كقانون رقم 10.42 كما ثم تعديل مجموعة من المقتضيات و النصوص القانونية لمواكبة البنية الاجتماعية للمجتمع المغربي.
وفي ميدان الحكامة المحلية فان المفهوم الجديد للسلطة الذي دعى جلالة الملك الادارات المحلية للانخراط فيه،ذلك لإنعاش وتفعيل مفهوم سياسة القرب لمعالجة مشاكل المواطنين وقد احدثت من اجل ذلك هيئات سميت حسب الفصل 165 من الدستور "هيئات الحكامة الجيدة والتقنين" كالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
لكن تبقى الإشار ة الصريحة والواضحة إلى تبني الدولة والسعي نحو تحقيق تنمية مستدامة ما جاء في فصول عديدة من الدستور الجديد لسنة [30]2011،حيث أكد في فصله 31 على أنه " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية،على تعبئة كل الوسائل المتاحة،لتيسيير أسباب إستفادة المواطنين والمواطنات:على قدم المساواة،من الحق في:
... الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة.
- التنمية المستدامة"
هذا بالإظافة إلى الفصل 71 الذي يؤكد على أنه " يختص القانون،بالإظافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور،بالتشريع في الميادين التالية:
...القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة"
هذا بالإظافة إلى الفصل وفي نفس الاتجاه ,فان مجموعة من الصلاحيات التي كانت من اختصاص الادارة المركزية وخصوصا تلك المتعلقة بإنعاش الاستثمار قد نقلت الى ولاة الجهات.
الفقرة الثانية: التدابير المتخذة على المستوى الاقتصادي
ان المغرب قد اختار ومنذ امد بعيد ،موازاة مع التعددية السياسية والاقتصاد الحر المتفتح على السوق العالمية ،وقد التزم وانخرط خلال سنوات الثمانينات في برنامج التقويم الهيكلي من اجل بلوغ مستوى التنافسية التي يحتمها التفتح.
ومن اجل تحقيق تنمية مستدامة في وجهها الاقتصادي فقد تم اتخاذ مجموع من التدابير القانونية والتدبيرية التي تؤدي بدورها الى الدفع بتحريك التجارة وضمان سوق مشروعة تحقق للمستهلك والمقاول مبتغاهما.
وفي هذا الصدد فقد صدر قانون حرية الاسعار والمنافسة رقم 06-96 وقانون حماية المستهلك اضافة الى بعض النصوص التنظيمية ،ولا ننسى ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة ومدونة الشغل وذلك لتأسيس علاقات مهنية جد مرنة تهدف الى تامين اطار قانوني ومؤسساتي واجتماعي للمقاولات تحث على تشجيع التشغيل ،علاوة على احداث مجلس المنافسة كهيئة مكلفة في اطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة لضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية خاصة من خلال تحليل وضعية المنافسة في الاسواق ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار(الفصل 166 من الدستور)
فالمغرب اليوم يعرف اصلاحات هامة وأوراش ضخمة كمشروع طنجة المتوسطي وميناء الناظور، والمخطط الازرق كما تم بناء ست محطات شاطئية جديدة سنة 2010 ومشروع المغرب الاخضر لتطوير الفلاحة في العالم القروي باستثمار اكثر من 10 مليار دولار ,ومشروع المغرب الرقمي لتطوير الادارة العمومية والرفع من تنافسية القطاع الخاص.
وترسيخا من المغرب في النهوض بمقومات التنمية المستدامة في وجهها الاقتصادي وعلى الصعيد الدولي ,فقد وقع على عدة اتفاقيات للتبادل الحر مع عدة دول كالولايات المتحدة الامريكية وتركيا ومصر والأردن وتونس والإمارات العربية المتحدة مما يؤهل لجلب استثمارات للتصدير لبعض الاسواق ويساعده على دلك موقعه الاستراتيجي.
ومن التوجهات الهامة للمغرب للنهوض بالاقتصاد وتنميته فقد تم توقيع اتفاقية التبادل الحر مع عدد من الشركاء الدوليين خلال السنوات الاخيرة وقد افادت "مجموعة اكسفورد للأعمال " بان هده الاتفاقية ثمتل رافعة لتعزيز علاقات المغرب الدولية على اعتبار ان الاتحاد الاوروبي يبقى الشريك التجاري الاول للمغرب بما يمثل 60 في المائة من اجمالي المبادلات التجارية للمملكة وفي الشأن الاقتصادي فقد ذكر المكتب الدولي للذكاء الاقتصادي (اكسفورد بيزنيس )في تقريره السنوي حول المغرب ان الاقتصاد المغربي ابان عن مناعته في مواجهة الاضطرابات السياسية التي هزت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سنة 2011 لكن الى اي حد ستصدى هده المناعة الى مشكل الجفاف لهذه السنة؟
الفقرة الثالثة: التدابير المتخذة على المستوى الاجتماعي
من المبادئ والقيم التي تضمنها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الرقي الاجتماعي على اعتبار ان التنمية المستدامة ينبغي ان تشكل قيمة اساسية للمجتمع المغربي ,دلك لان الرقي الاجتماعي للأمة كما اسلفنا الذكر هو مكون من مكونات التنمية المستدامة والدي لا ينفصل عن التضامن الاجتماعي التضامن بين الاجيال والتضامن المجالي ,كما يقوم على مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى تكوين الشباب وتنمية الجماعات المحلية وبالمناسبة فقد اتى دستور 2011 بمقتضى مؤسساتي جديد في الفصل 170 منه الذي ينص على احداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي كهيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية ,ودلك عن طريق ادماج الشباب في كل ما هو ثقافي واجتماعي واقتصادي عن طريق تقديم اقتراحاتهم من اجل تنمية طاقاتهم الابداعية ,وتحفيزهم عن الانخراط في الحياة الوطنية هدا من جهة.
ومن جهة ثانية فمن التحديات المعمول بها على الصعيد الوطني للنهوض بالتنمية المستدامة في شقها الاجتماعي مايلي:
اولا: القضاء على الفقر المدقع والجوع
يبقى الفقر هو الهاجس الاكبر لكل السياسات التنموية للدول النامية او السائرة في طور النمو كالمغرب ,ولتحدي هده المعضلة المتفشية خاصة في المناطق الريفية[31] فقد خاض المغرب كرهان للنهوض بالتنمية المستدامة في بعدها الاجتماعي ضرورة التقليص من الاقصاء الاجتماعي باعتباره مسلسلا للتفقير التدريجي وعمل في هدا الاطار على توزيع هبات ومساعدات غذائية ومالية في مناسبات عديدة لمساعدة الاسر المعوزة ودوي الاحتياجات الخاصة,بل الاكثر من دلك فهو يسعى الى تحقيق رهان التقليص بثلاثة ارباع من الاقصاء الاجتماعي في افق 2015 ,ولأجل دلك فمن التوجهات الكبرى التي خاضها المغرب في هدا الاطار ما يعرف " بالمبادرة الوطنية للتنمية ألبشرية التي انطلقت مند 18 ماي 2005 كتحول استراتيجي كبير يرمي الى محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي ,وقد تمخض عن هده المبادرة انجازات مهمة ومشاريع تنموية همت كل القطاعات وخاصة الاجتماعي منها.
ثانيا:ضمان توفير التعليم للجميع
التعليم حق دستوري[32] هدفه الحد من معدل الامية فهو الاهداف التي تتوخاها اية تنمية مستدامة بأي بلد , وحرصا من المغرب على دلك فقد تم احداث مجلس اعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بموجب الفصل 168 من الدستور كهيأة استشارية للنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة . مهمتها ابداء الاراء حول كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي وقبل ان تتم دسترة هده المؤسسة فقد عمل المغرب على جعل التعليم نقطة الانطلاق لتحقيق باقي المشاريع ,وإسهاما منه في دلك فقد تم احداث اقسام لمحاربة الامية بشراكة مع الاتحاد الاوروبي، وإطلاق مشروع المليون محفظة وقد رصد لدلك غلاف مالي مهم عند بداية كل موسم دراسي .
وسيرا على نفس المنوال فقد دشن جلالة الملك عدة دور للطلبة والفتاة لتشجيع تمدرس الفتاة ’وإحداث مراكز للتكوين المهني.
ثالثا: النهوض بالمساواة بين الجنسين
من النقط التي حسم المغرب على ضرورتها للنهوض بالتنمية المستدامة تمتيع الرجل والمرأة على قدم المساواة ,بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاجتماعية الثقافية والبيئية وتحقيق مبدأ المساواة بين الرجال و النساء، ولأجل هدا ستحدث بموجب الدستور هيئة للتكافؤ ومحاربة كل اشكال التمييز. وعلى اعتبار ان الاسرة هي المكان المقدس لتربية اجيال المستقبل فقد تم احداث هيئة استشارية تعنى بالأسرة والطفولة [33],تكلف بمهمة تامين تتبع و ضعيتهما، وأخرى تعنى بمحاربة كل اشكال التمييز.
رابعا: تقليص وفيات الاطفال اقل من خمس سنوات
وفي هدا الاطار فقد تمت برمجة برنامج التلقيح الذي بلغ اليوم معدل يناهز 90 في المائة والدي سيبلغ في افق 2015 95 في المائة حسب التقرير السنوي المنجز في 2005 .
خامسا: صحة الامومة
وبالمناسبة ومن اجل السهر على انجابية تتخذ فيها القرارات صفة مشتركة بين النساء والرجال فقد تضافرت عدة مجهودات للنهوض بإنجابية خالية من مخاطر الوفيات التي لا تكاد تفارق نسبها المرتفعة جميع المستشفيات الوطنية، ولأجل هدا وللرفع من مستوى صحي لجميع الفئات العمرية ولتفعيل المقتضيات الدستورية التي تجعل العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية من اهم الحقوق التي يتساوى فيها كل المواطنين ,فقد تم احداث عدة مراكز صحية وتعبئة العالم القروي بعدة مستوصفات ,والرفع من الحملات الصحية، والتحسيس ببعض الامراض الخطيرة ,والتكثيف من البرامج الاعلامية الاشهارية.
الفقرة الرابعة: التدابير المتخذة للنهوض بالتنمية المستدامة في شقيها التعمير – البيئة
اولا: الشق المتعلق بالتعمير
يعتبر العقار اساس كل المشاريع الاقتصادية والسكنية مما يجعله عنصرا بالغ الاهمية في مجال النهوض بقطاع الاستثمار ،وينعكس بشكل مباشر على التنمية المستدامة لمجموع التراب الوطني والتنمية الجهوية على وجه الخصوص .
ولأجل دلك وسيرا مع التطورات الراهنة التي يعرفها المغرب والتحديات المستقبلية المرتبطة بالاستجابة للحاجيات المتزايدة التي تفرضها التنمية خاصة التزايد المستمر في الطلب على الاراضي ،اقتضى الامر ضرورة نهج سياسة محكمة وتدبير عقلاني للعقار ودلك لجعله رهن اشارة الاستثمار الوطني والأجنبي لتوفير احتياطات عقارية مهمة كفيلة باستيعاب النمو الديمغرافي مع توالي السنوات دون المساس بالتوازنات البيئية مع المحافظة على مصادر الثروات وهدا اساس التنمية المستدامة[34].
وفي ظل هاته المتطلبات فقد سعى المغرب الى تحديث المنظومة التشريعية المنظمة للعقار وعلى رأسها القوانين التي تهدف الى تقنين مساطر التحفيظ العقاري
كقانون 14.07 المعدل والمغير لظهير 12 غشت 1913 وإصدار مدونة الحقوق العينية ،على اعتبار ان الحقوق العينية على اعتبار هده الاخيرة هي المحرك الاساسي للعقار والناقل القوي له من وضعية السكون الى وضعية الحركة للقيام بوظيفته الاقتصادية وبالتالي النهوض بالتنمية المستدامة التي تضمنها الى جانب دلك قوانين التعمير و التجزئات السكنية التي ترمي الى تهيء المجال من اراضي سكنية مجهزة وأراضي مخصصة للمرافق الاجتماعية وأخرى معدة للاستثمار.
هذا مع العلم ان الوصول الى تنمية مستدامة في جانبها العقاري يقتضي وضع تخطيط حضاري فعال منبثق من وثائق مدروسة بكيفية عقلانية ومنصفة ،اضافة الى ضرورة التوفر على سياسة عقارية ناجعة كفيلة بالحد من المضاربة العقارية التي تؤثر سلبا على الاستثمار ولا يساير ارتفاع قيمتها نسبة النمو الاقتصادي للبلاد.
وفي الاخير كما جاء في الميثاق الوطني لإعداد التراب الوطني فان الوقت قد حان من اجل انتهاج سياسة عقارية تنطلق من مبدأ ان الارض ثروة وطنية ذات وظيفة اقتصادي واجتماعية.[35]
تانيا: الشق المتعلق بالبيئة
حضيت البيئة باهتمام واسع سواء على الصعيد الدولي او الوطني ،فعلى الصعيد الدولي فقد تزايد الاهتمام بحماية البيئة والتنمية المستدامة مند مؤتمر الامم المتحدة للبيئة والتنمية الذي عقد في يونيو 1992 في ريو دي جانيرو بالبرازيل، والذي تمخض عنه ابرام عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية لقيت من المغرب عضوا من الاعضاء المشاركة فيها نظرا لرغبته في النهوض ببيئته ،عن طريق استغلال الموارد الطبيعية لتحقيق القفزة الاقتصادية والاجتماعية وتوحيد الرؤى من اجل صياغة قوانين حديثة، وإيجاد حلول ناجعة للمحافظة على البيئة الطبيعية[36].
اما على المستوى الوطني فقد جعل المغرب القضايا البيئية في صلب برامجه التشريعية بانتهاج سياسة رائدة لتعبئة الموارد المائية ومحاربة الفيضانات والجفاف وبإطلاقه وتفعيله للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية فضلا عن بلورة مخططات تنموية استراتيجية قطاعية ولا سيما في المجالات الفلاحية وحماية البيئة ،ومن اجل دلك فقد تم اعداد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وتطوير الطاقات المتجددة ،وفي هدا الصدد اطلق صاحب الجلالة برنامجا مندمجا وموسعا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.
من خلال بناء محطات بقوة اجمالية قدرها 2000 ميغاوات، هذا المشروع الذي سيمكن من رفع نسبة الطاقات المتجددة لتشكل 42 في المائة من الطاقة الكهربائية بالمغرب في افق 2020،وكدا تفادي ما يعادل 3,7 مليون طن من أوكسيد الكربون سنويا وباعتماده لهذا النموذج التنموي المستدام فان المغرب يؤكد انخراطه القوي في المجهود الدولي لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري، التي لا ينبغي حصر تحدياتها المصيرية فقط في ضمان تنمية مستدامة تستجيب لمتطلبات الاجيال الحاضرة وتصون حقوق الاجيال الصاعدة بل ان خطورة الاوضاع قد بلغت مرحلة حرجة وحاسمة تتطلب التزاما جماعيا قوي لانقاد البشرية وكوكبنا الارض من الهلاك و الفناء[37].
ومما لاشك ان خطوات هامة قد تحققت في المجال التشريعي بالمغرب لحماية البيئة الارضية والمناخية والمائية والهوائية ونمثل لدلك بالمرسوم رقم 2ـ79 ـ152 بتاريخ 5 نونبر 1980 القاضي باحدات جائزة الحسن الثاني للبيئة تمنح سنويا لأشخاص ذاتيين ومعنويين مكافأة لهم عن عمل يرجع بالنفع العام على البيئة وحمايتها، و الاكثر من ذلك فقد تمت دسترة البيئة كحق للجميع بموجب الفصل 31 منه الذي ينص في فقرته ما قبل الاخيرة على ما يلي"...المواطنات والمواطنين على قدم المساواة ،من الحق في:...الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة...".
وفي إطار برنامج الحكومة الجديدة،إستمرت المجهودات المبدولة على المستوى البيئي،حيث إعتبر التقرير السالف الذكر أن من بين أهداف الوزارة المكلفة في إطار النهوض بالمجال البيئي جمع الاكياس البلاستيكية المستعملة والتخلص منها نهائيا والقضاء على النقط السوداء للأكياس وتحسيس السكان بضرورة إستعمال بدائل بيئية،وبموازاة مع ذلك بلغت الكلفة الإجمالية للبرنامج الوطني لتشجيع إنتاج وإستعمال الأكياس الإيكولوجية حوالي 70مليون درهم،يسعى إلى إنتاج حوالي 4 ملايين كيس من الثوب لدفع مليوني أسرة مغربية من إستعمال البدائل الإيكولوجية.
وفيما يخص معالجة المياه العادمة،أكد التقرير أن الحكومة سترصد 50 مليار درهم في أفق 2020 للربط بشبكة التطهير السائل بنسبة 80% مشيرا إلى غن هذا البرنامج سيشمل 330 مدينة ومركزا حضريا وسيقوي من الشبكات الصارفة لمياه الأمطار وينجز محطات لمعالجة المياه العادمة.
وفيما يتعلق بمحاربة التلوث الصناعي،تم إحداث صندوق لمكافحة التلوث الصناعي،هدفه الحث على تغيير طرق الإنتاج بإستعمال تكنولوجيا نظيفة،وتحويل بعض الوسائل المستعملة في الأنشطة الصناعية إلى النظام الإيكولوجي.
وأمام هذه التدابير المتخذة فقد أبانت الإحصائيات التي قدمتها وزارة الطاقة والمعادن والبيئة يوم 6 يونيو 2012[38] عن أرقام صادمة ومخجلة بعد 20 سنة من التنمية المستدامة تجسدت بالأساس على المستويين الإجتماعي والبيئي.
فعلى المستوى الإجتماعي وخاصة الشق التعليمي منه فقد إعترفت الوزارة بواقع مزر للمدارس المغربية بالقرى حيث إعترفت بوجود 17 ألف مدرسة بدون مراحيض،و 15 ألف مدرسة لا تتوفر على المياه الصالحة للشرب مما يفسر مرة اخرى الإنقطاع عن الدراسة خصوصا في وسط الإناث.
أما على المستوى البيئي،فلا تزال تحديات محاربة الأكياس البلاستيكية والتلوث الصناعي تطرح نفسها بقوة رغم كل الميزانيات المرصودة لها .
ومن جهة ثانية فإن نسبة جمع النفايات تبلغ حاليا 80% و 32% يتم وضعها بمطارح المقاربة،وحوالي 10 % يتم تدويرها وإعادة إستغلالها ،وحسب التقرير فإن المغرب سيرفع من نسبة جمع النفايات إلى مستوى 85 % سنة 2016 لتصل إلى 100% سنة 2030،وهي السنة التي تراهن عليها الوزارة ليصبح المغرب خاليا تماما من النفايات،وهو ما يعني أن المغرب سيظل غارقا في النفايات إلى حدود هذه السنة (2030).
وختاما نعود إلى التأكيد على أنه برغم أن مفهوم التنمية المستدامة قد لقي قبولا واستخداما دوليا واسعا منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي إلا أن العالم لم ينجح حتى الآن في تبني خطوات حقيقية جادة على طريق الاستدامة الحقيقية نحو التوفيق بين تلك التناقضات التنمية والبيئة الناتجة عن نموذج التنمية المهيمن منذ منتصف القرن العشرين مما يجعل البشرية تواجه مستقبلا محفوفا بالمخاطر وعدم التيقن من مصيرها. ومن هنا، نورد هذه التوصيات والإقتراحات الكفيلة بتجاوز الصعوبات والعراقيل التي تحول وتقف حاجزا امام تحقيق تنمية مستدامة:
توصيات
على المستوى الإقتصادي:
- ضمان المساواة في توزيع الموارد الإقتصادية وترشيد المناهج المتبعة في ذلك.
- وضع إستراتيجية متكاملة لدعم وتطوير المؤسسات التنموية.
- دعم القطاع الخاص وإشراكه في جهود التنمية الإقتصادية.
- العمل على إقامة التوازن بين الموارد المتاحة والحاجيات الأساسية للأفراد.
- تقليص الانفاق العسكري والتسابق نحو التسلح.
- ضرورة البحث عن مصادر أخرى للتمويل والبحث عن شراكات مندمجة.
- تعزيز آليات الحكامة بإعتبارها رافعة كبرى للتنمية المستدامة.
- نشر الوعي بأهمية البحث العلمي،وجعل الجامعة منبعا للمخططات البديلة.
- العمل على إشراك مختلف مكونات المجتمع في بلورة التصورات والمناهج الكفيلة بتحقيق التنمية المنشودة.
- الحد من التفاوت في المداخيل ومراجعة أنماط الإستهلاك.
- العمل على إقامة التوازن بين حاجات الجماعة وبين الموارد المتاحة.
- مواصلة تنفيذ سياسة التغطية الصحية الإجبارية والرفع من نسبة المستفيدين منها.
- الرفع من نسبة التمدرس و تعميم التعليم عبرمحاربة الأمية والهدر المدرسي.
- زيادة مستوى الإستثمار العمومي للجهة بشكل يتناسب مع الوزن الديموغرافي والجغرافي.
- فك العزلة عن الوسط القروي عن طريق مواجهة الخصاص في التجهيزات الطرقية عبر إكمال البرنامج الوطني لبناء الطرق الوطنية الذي تمت مباشرته بداية 2012.
- التحسيس بضرورة التقليص من نسبة النمو الديموغرافي لما يسببه من تفاقم لظاهرة البطالة وتأثيره على تدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.
- دعم الجماعات القروية والحضرية الفقيرة بالوسائل الضرورية لضمان إنخراطها في التنمية المستدامة .
- إرساء العدالة والتضامن بين قاطني المدن والمجال القروي.
- وضع آليات وبرامج لتشجيع الأنشطة المدرة للدخل التي من شأنها النقص من ضغط الساكنة على الموارد الطبيعية.
- ضرورة تعزيز دور الإعلام في نشر الثقافة المسؤولة وتوعية المجتمع بضرورة
- تسهيل عمل المخططات الحكومية.
- ضرورة تنزيل وتفعيل البيئة كحق دستوري أصيل مواجه به اتجاه الدولة عبر تمكين المواطن من فرصة اللجوء للقضاء للمطالبة به.
الجرأة والأجرأة في تطبيق القوانين البيئية بشكل سليم.
- تشجيع وفرض إستعمال تكنولوجيا نظيف في مختلف المشاريع المضرة بالمجال البيئي وترشيد إستغلال الموارد البيئية.
- تشجيع الإختصاص في موضوع حماية البيئة.
- تعميم الأحزمة الخضراء ومكافحة ظاهرة التصحر.
- تحسين الفلاحين بضرورة عقلنة إستعمال الأسمدة والمبيدات في الأنشطة الفلاحية.
- إيقاف تبديد الموارد المتجددة وغير المتجددة.
- ضرورة الإنخراط في الجهود الإقليمية والدولية المشتركة لحماية البيئئة ومكوناتها.
- وضع نظام لإدارة الكوارث والمخاطر الطبيعية داخل مختلف مؤسسات الدولة.
- إنخراط القضاء في الرفع من حصيلة تدخله في القضايا المرتبطة بالمجال البيئي.
- زيادة التنسيق بين الأجهزة المتدخلة في حماية البيئة كمنظمة الزراعة والأغدية والأرصاد الجوية.
- تفعيل دور المراكز البحث العلمي في المجال البيئي.
- تعزيز الآليات الجزرية عبر تحديد معالم الجرائم البيئية بدقة.
- ضرورة التفكير في إضفاء مبدأ الإلزامية في القانون الدولي للبيئة عبر إلزام الدول بالمصادقة على مختلف الإتفاقيات البيئة.
الهوامش
[1] محمد بهناسي، محاضرت في القانون الدولي للبيئة، كلية الحقوق أكادير،موسم 2007-2008
[2] عقد مؤتمر ستوكهولم بمشاركة عقد بالسويد ما بين 15 و 16 يوليوز بحضور 115 دولة، بعد أربع سنوات من التحضير وبناءا على قرار الجمعية العامة الصادر عام 1968 على ضوء الدراسة التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ليشكل أول خطوة تهدف إلى وضع سياسة عالمية لبيئة الإنسان آخذة بعين الاعتبار عامل الفقر كمسبب للمشكلات البيئية،وقد خرج ب 109 توصية شملت 26 مبدأ عاما
[3] خضر زكريا، إشكالية التنمية: بحث في الاحتمالات والحلول، مجلة النهج، مطبعة الكويت 1997، ص 42
[4] Programmes des nations unies pour l’environnement
[5] عقد المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية في مدينة ري ودي جانيرو البرازيلية في الفترة ما بين 3 و 14 يوينيو 1992 تحت مظلة الأمم المتحدة ،وقد كان هذا المؤتمر الأكبر والاوسع نظرا للعدد الهائل من المشاركين حيث حضره 30 ألفا من ممثلي حوالي 178 دولة و 130 من رؤساء الدول والحكومات
[6] صادق المغرب على إتفاقية ريو في دجنبر 1995
[7] تقرير مركز حرية الإعلام الرباط 2011 ص 4
يوسف ابن ابراهيم السلوم "البيئة والتنمية المستدامة"دون دكر الطبعة الصفحة 11/12[8]
[9] وقد تضمنت الأجندة 21 حوالي 2500 توصية تخص الإشكاليات المتعلقة بالصحة والسكن وتلوث الهواء وإدارة البحار والغابات والمناطق الجبلية، ومسألة التصحر وإدارة الموارد المائية والتصريف الصحي، والتنظيم الزراعي والتخلص من النفايات بكل أنواعها. وأهم نقاطها
• البعد الاجتماعي والاقتصادي:
التعاون الدولي باتجاه التنمية المستدامة في البلدان النامية، والكفاح ضد الفقر، تغيير العادات الاستهلاكية، التنظيم السكاني، حماية وتنمية الصحة، تطوير سكن الإنسان.
• حماية وإدارة الموارد في سبيل التنمية:
حماية الغلاف الغازي، اعتماد مفهوم متكامل للتخطيط ولإدارة الأقاليم، الكفاح ضد قطع الغابات والتصحر والجفاف، تطوير تنمية مستدامة للزراعة وللريف، الحفاظ على التنوع الحيوي، حماية الموارد المائية العذبة والمحافظة على ديمومتها ونوعيتها، إدارة عقلانية للبيئة الحيوية من خلال مراقبة النفايات بكل أنواعها.
• دعم المجموعات الاجتماعية الأساسية:
المرأة والطفل والشباب، السكان المحليين الجمعيات الأهلية، الإدارة المحلية والعمال والنقابات، التجارة والصناعة والعلماء والفنيين والمزارعين.
• وسائل وضع هذه التوصيات موضع التطبيق :
الموارد وآليات تأمين الدعم المالي، تبادل الخبرات الفنية والتعاون الدولي، العلم في خدمة التنمية المستدامة، تطوير التعليم وتوعية الجمهور والتكوين المهني، الأدوات المؤسساتية والقانونية المناسبة، الإعلام.
• البعد الاجتماعي والاقتصادي:
التعاون الدولي باتجاه التنمية المستدامة في البلدان النامية، والكفاح ضد الفقر، تغيير العادات الاستهلاكية، التنظيم السكاني، حماية وتنمية الصحة، تطوير سكن الإنسان.
• حماية وإدارة الموارد في سبيل التنمية:
حماية الغلاف الغازي، اعتماد مفهوم متكامل للتخطيط ولإدارة الأقاليم، الكفاح ضد قطع الغابات والتصحر والجفاف، تطوير تنمية مستدامة للزراعة وللريف، الحفاظ على التنوع الحيوي، حماية الموارد المائية العذبة والمحافظة على ديمومتها ونوعيتها، إدارة عقلانية للبيئة الحيوية من خلال مراقبة النفايات بكل أنواعها.
• دعم المجموعات الاجتماعية الأساسية:
المرأة والطفل والشباب، السكان المحليين الجمعيات الأهلية، الإدارة المحلية والعمال والنقابات، التجارة والصناعة والعلماء والفنيين والمزارعين.
• وسائل وضع هذه التوصيات موضع التطبيق :
الموارد وآليات تأمين الدعم المالي، تبادل الخبرات الفنية والتعاون الدولي، العلم في خدمة التنمية المستدامة، تطوير التعليم وتوعية الجمهور والتكوين المهني، الأدوات المؤسساتية والقانونية المناسبة، الإعلام.
[10] الدكتورعماد الدين عدلي المنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية " ورقة عمل حول"التنمية المستدامة للصحاري" ص 8. 9
عبد الرحمان ابن جمعان الغامدي "التنمية المستدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسؤولية عن حماية البيئة" طبعة 2009 ص9[11]
[12] وعرفها وليم رولكز هاوس w.ruchelshaus ( مدير حماية البيئة الامريكية بانها "تلك العملية التي تقر بضرورة تحقيق نمو اقتصادي يتلاءم والقدرات البيئة,ذلك من منطلق ان التنمية الاقتصادية ,والمحافظة على البيئة هي عملية متكاملة وليست متناقضة (3 ( Church, 1998, P
وعرّف قاموس ويبستر Webster التنمية المستدامة على أنها تلك التنمية التي تستخدم الموارد الطبيعية دون أن تسمح باستنزافها أو تدميرها جزئياً أو كلياً . Geis and Kutzmark, 1997,
وعرّف قاموس ويبستر Webster التنمية المستدامة على أنها تلك التنمية التي تستخدم الموارد الطبيعية دون أن تسمح باستنزافها أو تدميرها جزئياً أو كلياً . Geis and Kutzmark, 1997,
www .hrdiscussion.com/hr 14764.html [13]
[14] هناك نوعين من الانصاف ،انصاف الاجيال البشرية التي لم تولد بعد والتي لم تاخد مصالحها بعين الاعتبار عند وضع التحليلات الاقتصادية ولا تراعي قو السوق المتوحشة هده المصالح.وإنصاف من يعيشون اليوم والدين لا يجدون فرصا متساوية للحصول على الموارد الطبيعية
[15] Sustainable development is development that meets "the needs of the
present without compromising the ability of future generations to meet their own needs"
present without compromising the ability of future generations to meet their own needs"
[16] اذا كنا نجمل ابعاد التنمية المستدامة في ثلاتة ابعاد هي البعد الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي فانه هناك من اضاف بعدا رابع يتعلق بالجانب المؤسساتي
[17] عبدالله بن جمعان الغامدي، الـتنمية المسـتدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسئولية عن حماية البيئة،جامعة الملك سعود ص 12
[18] المهندسة ريدة ديب والمهندس سليمان مهنا مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية المجلد الخامس والعشرون العدد الاول 2009 "التخطيط من اجل التنمية المستدامة" ص 5
[19] باتر محمد علي وردم،مرجع سابق ص 190
[20] محمد بهناسي، مرجع سابق
[21] باتر محمد علي وردم،مرجع سابق ص 198
[22]- عدنان منعم ، عدنان منعم ، التخطيط الاقتصادي بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية. مكتبة سمعان للكتاب الجامعي ، مصر ، 1981 ، ص 440
[23] - تامر الطنبراني ، مشكلات العصر في البلدن المتخلفة. دار الملك للنشر ، ص 241
[24] - تامر الطنبراني ،. مرجع سابق ، ص: 241-242
[25] - تامر الطنبراني ، مرجع سابق ، ص: 243- 244
[26] - حبيب ابراهيم فايز ، التنمية الاقتصادية بين النظرية وواقع الدول النامية. عمادة شؤون المكتبات ، الرياض ، 1985
الفصل 12 من دستور المملكة "تؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس انشطتها بحرية.."[27]
[28] الفصل 161 من الدستور"المجلس الوطني لحقوق الانسان مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الانسان والحريات وحمايتها..."
كانت تسمى سابق بديوان المظالم ولقد أحدتث مؤسسة الوسيط بتاريخ 17 مارس 2011 بمقتضى ظهير 25.11.1[29]
[30] دستور المملكة المغربية لفاتح يوليوز،ظهير شريف رقم 91-11 -1 صادر بالجريدة الرسمية 29 يوليوز 2011
باتر محمد علي وردم، مرجع سابق، ص262[31]
الفصل 31 من الدستور ينص في فقرته الرابعة على مايلي"المواطنين والمواطنات على قدم المساوة في الحق في: [32]
...الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج ودي جودة..."
...الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج ودي جودة..."
[33] الامر يتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة الحدث بموجب الفصل 169 من الدستور
[34] احمد المرجاني مقال بعنوان "التعمير والتنمية المستدامة"اشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة اقليم الحوز بتاريخ 19 يونيو 2003 ص 145/146
عبد العزيز بلقزبر مقال بعنوان "العقار والتنمية المستدامة" اشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة اقليم الحوز بتاريخ 19 يونيو 2003[35]
[36] ادريس المحجوب مقال بعنوان "أي مجهود لحماية البيئة؟وأي دور للأجهزة القضائية في تفعيل القواعد القانونية للبيئة والتنمية المستدامة؟" منشور بسلسلة الموائد المستديرة بمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 2011 ص41
تصريح لمحمد السادس منشور بمجلة الشرطة في يناير 2010 العدد60 الصفحة 7[37]
[38] تقرير "20 سنة من التنمية المستدامة بالمغرب" بمناسبة اليوم العالمي للبيئة،وزارة الطاقة والمعادن،ملخص منه منشور بجريدة أخبار اليوم عدد 774 بتاريخ 7 يونيو2012