MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الحق في الشغل من منظور القاضي الإداري ودور محضر 20 يوليوز في تكريسه ـ تعليق على حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بقلم ذ يونس وحالو

     

بتاريخ 27 شتنبر 2012 ملف رقم 178/5/2012






الحق في الشغل من منظور القاضي الإداري ودور محضر 20 يوليوز في تكريسه ـ تعليق على حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بقلم ذ يونس وحالو

يونس وحالو: باحث في العلوم السياسية والقانونية

أولا: وقائع الحكم
 
تقدمت الطاعنة بدعواها للمحكمة  تعرض فيه أنه في إطار تفعيل مضامين القرار الحكومي الرامي إلى ادماج 4304 من حاملي الشهادات العليا في الحياة العملية ، وإستنادا إلى رسالة السيد رئيس الحكومة تحت عدة 747 بتاريخ 4-4-2011 والتي بموجبها تم الترخيص لوزارة التربية الوطنية بإدماج 1473 من الفئة المذكورة . وطبقا للمرسوم الصادر بتاريخ 201-4-8 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5933 بتاريخ 2011-4-11 تم توظيفها كأستاذة للتعليم الثانوي التأهيلي ابتداء من 2011-3-1 كما هو ثابت من شهادة العمل رفقته ،وتم تعينها بالثانوية التأهيلية  سيدي محمد بن رحال بإقليم سطات إبتداءا من تاريخ 2011-9-22 لتوفجأ بقرار السيد وزير التربية الوطنية عدد  072 12- الصادر بتاريخ 27 مارس 2012 بحذفها من الوظيفة . وعلى خلاف ما ورد في القرار فإنها حاصلة على شهادة الماستر المتخصص من جامعة بن طفيل ، كلية العلوم  القنيطرة بميزة مستحسن لسنة 2010 ، وأن القرار المطعون فيه جاء مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة من ناحية تحصن قرار التعيين من السحب والإلغاء لوقوعه خارج أجل الستين يوما، ومن ناحية أخرى عدم صحة سبب المقرر المطلوب الغائه لكون شهادة الماستر  ترجع لسنة 2011 ، والتمست الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 12-074 الصادر بتاريخ 27 مارس 2012 وبأحقية ادماجها في سلك الوظيفة العمومية ابتداءا من فاتح يناير 2012 مع ما يترتب عن ذلك من أثار قانونية وباستحقاقها المرتب المطابق للسلم 11 إبتداءا من تاريخ التوظيف 2011-3-1 إلى غاية رسالة رئيس الحكومة عدد 02469 بتاريخ 2011-12-30 وشمل الحكم بالنفاذ المعجل مع تحميل المدعى عليها السائر.
وبناء على عرض القضية بجلسة 2012-9-20 حضر خلالها نائب المدعي وأكد الطلب وتخلفت الجهة المدعى عليها رغم التوصل ،فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية التي بسطها بالجلسة  
 
ثانيا: تعليل الحكم
 
-إنقضاء المدة المقررة قانونا للسحب أي بمرور أجل الستين يوما([1]) اكتسب القرار الإداري المطعون فيه حصنا تعصمه من أي إلغاء أو سحب أو تعديل من جانب الإدارة وترتب على ذلك أن اصدار القرار المضاد يعد أمرا مخالفا للقانون وإخلالا بالحقوق المكتسبة وباستقرار الأوضاع القانونية ومسا بالمال العام للدولة وبالحق في الشغل كحق دستوري لعدم ارتكاب الطاعن لأي عمل تدليسي مما يجعل القرار المتخذ لفائدته قد أصبح  حق مكتسبا بالنسبة إليه ،إذ القول بخلاف ذلك يحل دون انضباط العمل الإداري ،ويفقد ثقة المستفيدين في استقرار مراكزهم القانونية المتولدة عن هذه القرارات ،ويكون قرار السحب تبعا لذلك غير مؤسس ومشوب بعيب مخالفة القانون .
-إن القرار المطعون فيه،فضلا عن عدم مشروعيته لانبنائه على سبب غير صحيح يتعلق بسنة الحصول على شهادة الماستر ،كون المرسوم الصادر بتاريخ 8 ابريل 2011 المؤسس عليه لم يرد فيه شرط صريح بهذا الخصوص لأنه يتحدث عن تاريخ انتهاء المهلة المحددة للتوظيف المباشر بحلول 2012-12-31 ،وليس تاريخ الحصول على الشهادة الذي يعد قيدا إضافيا يفتقد في جميع الأحوال للقيمة القانونية لعدم إشارة المرسوم السالف الذكر له، و لا سند له في القانون لأنه يضرب الحق في المساواة في الصميم،ويشكل اعتداءا مباشرا على الحق في الشغل واستمراريته الذي لا يعقل ربطه بسنة محددة بذاتها ،كما يعصف  بالأمن القانوني وما يرتبط به من أمن وظيفي بشكل يجعله مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة وحليفه الإلغاء .

ثالثا: الأساس القانوني :

-الدستور : ألفصل 117 و 118
-القانون : قانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية ،قانون المسطرة المدنية
-المراسيم: مرسوم 2-11-100 الصادر بتاريخ 2001-4-8 جريدة رسمية عدد 5933 بتاريخ 2011-4-11

رابعا : المنطوق

في الشكل : قبول الطلب
في الموضوع : إلغاء قرار وزير التربية الوطنية رقم 074-12 القاضي بحذف الطاعن من الوظيفة العمومية  
 
خامسا : التعليق 

بعد أن رأينا وقائع الحكم إلى جانب التعليل الذي تبناه القاضي الإداري في هذا الحكم  من أجل البت في القضية ليصل إلى المنطوق الذي سبقت الإشارة إليه أعلاه ،بأساس حجاجي احتكم فيه إلى الدستور والقانون والمراسيم المختلفة ذات العلاقة بالموضوع؛
سنبدأ بالتعليق على الحكم  بتحليل التوجه الحاسم الذي جاء به القاضي الإداري انطلاقا من الحكم الذي  أقر بحماية غير مسبوقة للحق في الشغل ؛ثم ننتقل إلى البحث في المباديء المرتكز عليها لإلغاء القرار المطعون فيه ،ونقارنه بالمعطيات المحيطة بقضية محضر 20 يوليوز المتشابهة مع وقائع النازلة لنطرح تساؤلا مهما حول التطابق الحاصل بينهما .

1 الحق في الشغل طبقا لمبدأ الحق المكتسب :
 
بالرجوع إلى حيثيات الحكم نجد أن المحكمة عالجت عيوب القرار من زاوية مخالفة القانون الذي استمده من تحصن قرار  التعيين من السحب والإلغاء وذلك طبقا لقاعدة جوهرية تتمثل في حماية الحق المكتسب ، بحيث أنه لا يمكن سحب القرارات الإدارية السليمة والتي رتبت حق مكتسبا إلا في الحدود المقررة قانونا ،فكما استقر القضاء الفرنسي والمصري وحتى المغربي على أنه لا يجوز سحب القرار السليم تأسيسا على مبدأ عدم رجعية القرارات وضرورة استقرار الأوضاع و المراكز القانونية   الناشئة عن ذلك القرار بل لايمكن حتى اصدر قرارا مضادا، وهذا ما أكده القاضي الإداري في هذا الحكم   بحيث أنه لا يمكن كما هو متعارف عليه فقها وقضاءا القيام بذلك إلا إذا كان القرار معيبا وداخل أجل الستين يوما الذي هو ميعاد الطعن ، أما إذا كان القرار تم تحصنه وتبين أنه قام  على تدليس فإنه يجوز إصدار قرارا مضادا يصحح ذلك وهو الشيء الذي انتفى في قرار تعيين الطاعن في أسلاك الوظيفة العمومية  .
السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان القانونية المحضة لماذا تم الإتفاق فقها وقضاءا وقانونا  على تقرير هذه الضمانات لتحصين مثل هاته القرارات يبقى السبب في ذلك هو حماية الحق المكتسب ؛والحق المكتسب برغم من تعدد التعاريف له يبقى في الأخير هو المركز القانوني الذي بموجبه تتحصن المنفعة التي يتحصل عليه الأفراد أو الفرد من جراء قانون أو قرار إداري من الإلغاء أو التعديل ؛وهنا نشير إلى مسألة مهمة جدا فمادام المرسوم 2-11-100 القاضي بتوظيف حاملي الشهادات العليا المتخذ من المحكمة كأساس لإلغاء قرار وزير التربية الوطنية ،قرارا إداريا تنظيميا  رتب حقا مكتسبا للفئة المعنية به  المتقدمة بطلب ترشيحها وفق المواصفات والشروط التي نص عليها، فهل يجوز للحكومة الحالية أن تمتنع عن تنفيذه وتطبيق المحضر المذكور الموقع مع مجموعات المعطلين  بإعتباره تنفيذا للمرسوم ؟ الجواب هو النفي لثبوت المراكز القانونية أو المنفعة المتحصل عليها شرعيا وقانونيا وجب الحفاظ على استقرارها،أو إصدار قرارا مضادا لعدم قيامه عل تدليس بل طبقا للاجراءت المطلوبة قانونا   وبالتالي لا يجوز بتاتا المساس بالحق المكتسب الذي رتبه ؛ والمرسوم والمحضر يعتبران تمظهرا أخرا لتنفيذ قانون أسمى ألا وهو المادة 22 من قانون الوظيفة العمومية السابق ([2]) قبل تعديلها .
وهل يجوز الآن الحديث على أن المحضر والمرسوم  التزامين وتصرفين قانونين يهم فقط الحكومة السابقة ؟ يجيبنا الفصل 154 من الدستور بأن القاعدة المتحكمة في عمل الحكومات المسيرة للمرافق العمومية وتعاقبها على ذلك هو الاستمرارية في أداء الخدمات؛   بمعنى الاشتغال وفق ديمومة العمل المرفقي واحترام جميع الالتزامات الناشئة عن تطبيق قوانين منظمة لهذا الاشتغال وهذا المبدأ ماهو إلا وسيلة من الوسائل المشروعة للحفاظ عل استقرار المراكز القانونية  حماية للحقوق المكتسبة   

2 الحق في الشغل طبقا لمبدأ المساواة :
 
مبدأ المساواة يعد من الأركان التي ينبني عليها العمل الديمقراطي وتجسيد الحقوق والحريات بمعناها الممارستي ومن أهمها الحق في الشغل ويراد بها في هذا الصدد  تحديدا المساواة أمام القانون والتي يقصد بها أن الأفراد سواسية أمام القانون بدون تمييز بينهم. وجاء في الحكم أن قرار حذف الطاعن من الوظيفة العمومية يضرب الحق في المساواة في الصميم ويشكل اعتداءا مباشرا على الحق في الشغل واستمراريته ؛
ومن خلال وقائع النازلة تقدمت الطاعنة بدعواها للمحكمة  تعرض فيه أنه في إطار تفعيل مضامين القرار الحكومي الرامي إلى ادماج 4304 من حاملي الشهادات العليا في الحياة العملية ، وإستنادا إلى رسالة السيد رئيس الحكومة تحت عدة 747 بتاريخ 4-4-2011 والتي بموجبها تم الترخيص لوزارة التربية الوطنية بإدماج 1473 من الفئة المذكورة . وتبعا للمرسوم الصادر بتاريخ 201-4-8 المنشور  بالجريدة الرسمية عدد 5933 بتاريخ 2011-4-11 تم توظيفها كأستاذة للتعليم الثانوي التأهيلي ابتداء من 2011-3-1 كما هو ثابت من شهادة العمل رفقته ،وتم تعينها بالثانوية التأهيلية  سيدي محمد بن رحال بإقليم سطات ابتداءا من تاريخ 2011-9-22 لتوفجأ بقرار السيد وزير التربية الوطنية عدد  072 12- الصادر بتاريخ 27 مارس 2012 بحذفها من الوظيفة . وعلى خلاف ما ورد في القرار فإنها حاصلة على شهادة الماستر المتخصص من جامعة بن طفيل ، كلية العلوم  القنيطرة بميزة مستحسن لسنة 2010 ، وأن القرار المطعون فيه جاء مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة من ناحية تحصن قرار التعيين من السحب والإلغاء لوقوعه خارج أجل الستين يوما، ومن ناحية أخرى عدم صحة سبب المقرر المطلوب الغائه لكون شهادة الماستر  ترجع لسنة 2011 ، والتمست الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 12-074 الصادر بتاريخ 27 مارس 2012 وبأحقية ادماجها في سلك الوظيفة العمومية ابتداء من فاتح يناير 2012 ،وإجابة القاضي الإداري على ذلك كانت  بتأكيده على أن القرار المطعون فيه ، فضلا عن عدم مشروعيته لانبنائه على سبب غير صحيح يتعلق بسنة الحصول على شهادة الماست ، لكون المرسوم الصادر بتاريخ 8 ابريل 2011 المؤسس عليه لم يرد في شرط صريح بهذا الخصوص لأنه يتحدث عن تاريخ انتهاء المهلة المحددة للتوظيف المباشر بحلول 2012-12-31 ،وليس تاريخ الحصول على الشهادة الذي يعد قيدا إضافيا يفتقد في جميع الأحوال للقيمة القانونية لعدم إشارة المرسوم السالف الذكر له ،ولاسند له في القانون لأنه يضرب الحق في المساواة في الصميم، ويشكل اعتداءا مباشرا على الحق في الشغل واستمراريته الذي لا يعقل ربطه بسنة محددة بذاتها ،كما يعصف  بالأمن القانوني ومايرتبط به من أمن وظيفي بشكل يجعله مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة وحليفه الإلغاء 
إجابات القاضي كانت في حدود ماتم تقديمه في دفوعات الطاعن وفي حدود المطلوب في القضية لكنه كرس ضمنيا  لمبدأ مهم جدا ألا وهو المساواة في الحق في الشغل ، أو كما درج تسميته في الميدان الإداري بالمساواة في تقلد الوظائف العمومية  فهل تنطبق على محضر 20 يوليوز نفس المواصفات التي تحترم مبدأ المساواة ليستفيد أصحابه من التوظيف ؟
مقتضى مبدأ المساواة القانونية أو المساواة أمام القانون أن يكون القانون عاما عمومية مطلقة وينطبق على جميع  أفراد الجماعة دون استثناء أو تمييز ،إلا أن ذلك يستحيل عمليا إذ القانون دائما يتضمن شروطا وقواعد تحكم تطبيقه ،ويستحيل أن تتوفر كافة الشروط التي يتطلبها القانون لدى كل أفراد الجماعة ،وإنما سيكون كذلك بالنسبة لكل الأفراد الذين تتوفر فيهم شروطه فقط ، فالقانون سيطبق ،لا بطريقة عمومية مطلقة وإنما بطريقة واحدة على الأفراد ذوي المراكز المتماثلة دون تفرقة بينهم لسبب يتعلق بأشخاصهم أو ذواتهم .([3]) وبذلك تبقى المساواة عند حدود تكافؤ الفرص أو الإمكانيات أمام الأفراد  ، وعلى ذلك فإن صدور قانون لا يخاطب إلى فئة محدودة منهم ([4]  ) لا يخل بعمومية القاعدة القانونية بهذا المعنى ولا بمبدأ المساواة أمام القانون إذ كل من تتوفر فيهم شروط تطبيق القاعدة سوف تطبق عليهم  بغير تمييز أو استثناء (وهذا ما لم يتم احترامه بين الدفعة الأولى للمرسوم رقم 100-11-2 والدفعة الثانية له ) "فلمقتضيات الصالح  العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توفرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد  وجب اعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية فإذا انتفى مناط التسوية بينهم ،بأن توفرت الشروط في بعضهم دون  البعض الأخر ،كان لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يتمتعوا بالحقوق التي كفلها  لهم القانون ([5])هذا وتعني المساواة أمام الوظيفة العمومية أن يتساوى جميع المواطنين في الولوج إليها وأن يعامل نفس المعاملة من حيث المؤهلات والشروط المطلوبة قانونا لكل وظيفة ولا يتنافى مع  هذا المبدأ  التفرقة بين الوظائف المختلفة  من حيث المزايا أو الشروط المطلوبة لها ([6]) ، والمواطنين يعتبرون طائفة واحدة أمام القانون دون تمييز بينهم، لكن ليست المساواة في ولوج الوظائف مطلقة من كل قيد وشرط وإنما لا تصبح حق إلا بتوفر شروطها ،إن التفرقة بين الوظائف المختلفة أمر لا يتنافى مع مبدأ المساواة لأن تصبح لأنها لا تكون إلا بين ذوي الظروف المتماثلة([7]) .
ومما سبق نستنتج أننا إذا أخذنا المساواة بمفهومها المطلق أو النسبي نجد أن أصحاب المحضر أول من تنطبق عليهم مواصفاتها بمنطق الأولوية، هذا  إلى جانب باقي حاملي الشهادات العليا المتوفرة فيهم الشروط المطلوبة قانونا المتضمنة في المرسوم والدستور على حد سواء .
إذن فإن المحضريين من حقهم الولوج للوظائف العمومية طبقا لمبدأ المساواة لما يلي من الأسباب :
-الفصل 6 من الدستور الحالي أكد على مبدأ المساواة أمام القانون وكذلك في الفصل 31 المساواة في الحق في الشغل والفصل 5 من دستور 1996 الذي وقع محضر 20 يوليوز ابان سريانه و الذي نص :" جميع المغاربة سواء أمام القانون."، و كذلك الفصل  12 منه والذي نص :"يمكن جميع المواطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب العمومية وهم سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها " . هاته النصوص الدستورية(مع العلم أن الدساتير المغربية كلها نصت على هذا المبدأ ) عندما تتحدث عن المساواة " فإنها تشكل سندا قويا لصالح التوظيف المباشر ،إذ كيف يعقل أن يتم توظيف مجموعة من حملة الشواهد سنة 2011 بناءا على المرسوم 100-11-2  ويتم التوقيع مع اخرين لتعدهم الحكومة بتوظيفهم ضمن نفس الإطار فتخل بالتزامها ووعدها. فما وجه المساواة بين الذين إستفادوا والذين لم يستفيدوا؟" ([8])
-تماثل وتساوي الشروط والظروف مع الدفعة الأولى 4304 الملتحقة بالوظيفة العمومية  
- كيف يمكن للدستور الذي يعتبر أسمى قانون أن يكون بعكس ذلك، إذ كيف يمكن أن يكون معنى المساواة الذي جاء في الفصل 31 من دستور 2011 هو المباراة المنصوص عليها في المادة 22 من القانون رقم 50.05 المتمم للنظام الأساسي للوظيفة العمومية علما أنه صدر قبل الإقرار العمل بدستور 2011 بشهرين 

سادسا : أثار الحكم

للحكم الذي رأيناه عدة أثار أهمها تلك التي تهم تسوية وضعية الطاعن ،إلى جانب إعطاء المحضر شرعية أكثر إستنادا إلى مبدأي  المساواة والحق المكتسب 
وفي الأخير لا بد من الإشارة إلى مجموعة من الحقائق القانونية حول محضر 20 يوليوز 2011 التي ستبين بالملموس قوته الإلزامية والتطبيقية في مواجهة موقف الحكومة الذي تم بنائه والتصريح به على معطيات ناقصة إن لم نقول أنه موقف شخصي لرئيس الحكومة بتفسير دستوري وقانوني غير صحيح تم تغليفه بحمولة سياسية  :
-على فرض أن قرار  الحكومة  صائب - ونحن من الذين يخالفونه جملة وتفصيلا- فإن توقيع المحضر بعد صدر قانون  50.05  بتاريخ 19 ماي 2011 لا يمنع بأي وجه مطابقته  للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل انذاك فالمادة 22 التي يتم التحجج بها لم تكن سارية المفعول وقتئذ وذلك راجع إلى عدم صدور المرسوم الذي يبين شروط المباراة التي نص عليها بالإضافة إلى كيفياته  مما يعطي شرعية أكثر للمرسوم 100-11-2 
-قد يقول قائل أن المحضر وجميع هذه الحجج أعلاه لن تصمد بحلول سنة 2012 ودخول القانون 50.05 حيز التنفيذ لكن هناك بعض المسائل واجب إدراك عمقها القانوني وهي :
  • نص المحضر على أنه سيتم برمجة المناصب المالية للموقعين عليه وهذا الاجراء بمثابة تخصيص عمومية العبارة الواردة في نص المادة 22 من قانون 50.05 اذ أن تفريد بند خاص بذلك في قانون المالية بعد البرمجة يعتبر تعديلا ضمنيا لنفس المادة بمنطق القانون اللاحق يلغي أو يعدل أو يفسر القانون السابق ،  وكذلك بمنطق التعارض  بين حكم قديم عام وحكم حديث خاص فإذا حدث تعارض بين حكم عام فى القانون القديم وحكم خاص فى القانون الجديد ، فإنه لا يترتب على هذا التعارض إلغاء أثر الحكم القديم كلية، إنما يترتب على ذلك تخصيص الحكم العام أو تقييد عمومه وبالتالي  تخصيص عموم عبارة المباراة   وإدخال الإستثناء   عليه ؛لكن التراخي الحاصل والتماطل في تنفيذ ذلك بسب أحداث وطنية مختلفة حال دون ذلك.
  • حسب  موقف الحكومة - على فرض أنه سليم - فإن  ما يخالف القانون هو التوظيف المباشر  وبالتالي المحضر هو إلتزام بالتوظيف على طريقة الإدماج المباشر وما يخالف القانون هي الطريقة وليس الالتزام ككل ولذلك يبقى الالتزام بالتوظيف ساري المفعول، ولكون المادة 22 تتيح إمكانية أخرى لإدماج هذه الفئة   بحديثها على مساطر تضمن المساواة لولوج الوظيفة العمومية، إضافة الى أن الحديث عن مساطر بصيغة الجمع   للتوظيف في مقابل إقتران لفظ لا سيما بعبارة مسطرة المباراة بصيغة المفرد يفيد أن ورودها هو من باب التفضيل وليس من باب التخصيص .
 
الهوامش

[1] .تنص المادة 23 من قانون المحاكم الادارية: رقم 41.90 (الظهير الشريف رقم 225 .91. 1 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 ـ 10 شتنبر 1993 ): يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر
[2] ينص الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958 الذي يعد بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، قبل تعديله  في المادة 22 على ما يلي: "يقع التوظيف في كل منصب من المناصب إما عن طريق مباريات تجرى بواسطة الاختبارات أو نظرا للشهادات، حددت هذه المادة كيفية الولوج إلى الوظيفة العمومية في عن طريق التوظيف المباشر بناءا على الشهادات دون إجراء المبارة على أساس الدبلومات و الشواهد المحصل عليها، خاصة الشهادات التي تخول التوظيف في السلم 11
[3]   كالمرسوم  2.11.100   صادر في 4 جمادى الأولى 1432 (8 أبريل 2011) يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات القاضي توظيف حاملي الشهادات العليا الجريدة الرسمية عدد 5933 الصادرة بتاريخ 7 جمادى الأولى 1432 ( 11 أبريل 2011 )
[4]  حمدي عطية مصطفى عامر ،حماية حقوق الإنسان وحرياته العامة الأساسية ،دار الفكرة الجامعي الإسكندرية 2010 ص : 675  
حمدي عطية مصطفى عامر : مرجع سابق، ص :676   حكم للمحكمة القضاء الاداري المصري أورده [5]
[6] حمدي عطية مصطفى عامر ، نفس المرجع ص 677
[7] بوعلام السنوسي ، قانون الوظيفة العمومية ،دار النشر المغربية الدار البيضاء ،2008 ص 67 
[8]  محمد أوزيان، التوظيف المباشر لحاملي الشواهد العليا الموقعين على محضر 20 يوليوز، مجلة الحقوق العدد 14 يناير ماي 2013 ص 11



الجمعة 1 مارس 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter