MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الحقوق البيئية بين النظرية والتطبيق

     

د عتيق السعيد
باحث جامعي في القانون العام والعلوم السياسية



الحقوق البيئية  بين النظرية والتطبيق

ساهم التطور الثقافي والحضاري بشكل كبير ومؤثر في تحديث منظومة حقوق الإنسان عبر العالم، فبعد ما كانت الحقوق تتمثل في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العام 1984، ظهرت الحاجة إلى إصدار اتفاقات دولية تعنى بحقوق الإنسانلتشمل تدريجيا الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية تم الجيل الثالث من الحقوق وهوالحقوق البيئية والتنموية
 
التطور التاريخي للحقوق البيئية
 
منذسنة 1968 إلى حدود سنة 2002 تم انعقاد سلسلة من المؤتمرات و القمم التي تعنى بالمجال البيئيبدءا بقمة الأرض العالمية مرورا بقمة الأرض الأولى التي انعقدت سنة 1992، كما أصدرت الهيئة العامة للأمم المتحدةسلسلة من قرارات ركزت على العلاقة بين البيئة وتمتع الإنسانبحقوقه, وقد شكل إعلان ستوكهولم لسنة 1972 اعترافا واضحا بأنّعناصر البيئة هي من العوامل الأساسية لحياة الإنسان وتلاه ايضا إعلانلاهاي ليثبت حق الإنسان في الحياة،وتتوج هذه القرارات والإعلانات بقرار الهيئة العامة للأمم المتحدة في سنة 1990 إلى حق الأفرادفي بيئة مناسبة من اجل عيشهم في افضل الظروف و الوضعيات الانسانية
 
 من أجل دلك عملالمنتظم الدولي على صيغةدقيقة تدعم البيئة كحقمن حقوق الإنسان حيثأقامت منظمة اليونسكو بقرار من الجمعية العامةمؤتمراً عالمياً يتمحورحول الإنسان سبل تحسين حياتهوالذي عقد في استكهولم سنة 1972 من خلاله تم وضعالخطوط العريضة للحقوق البيئية ومدى ترابطها بقضايا حقوق الإنسان كأولى تعاقد دولي يرميإلى ترسيخ نقاط التقاطع بين الحركات البيئية وحركاتحقوق الإنسان نظراً للترابط العضوي بين حق الإنسان في بيئة نظيفة وفي تنميةمستدامة.
  1. حقوق الانسان والبيئة علاقة التأثير والتأثر
تعتبر العلاقة ما بين المجال البيئي أو مجال الحريات و حقوق الإنسان علاقة تبادلية مكملة بين المجالين ويصعب التفريق بينهما، بحيث انالبيئة لا يمكن ان تستقلعن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلق بالتنمية الاجتماعية المستدامة و ذلك لان ما بين البيئة و الاشخاص أو الافراد علاقة متبادلة إذ يؤثر كل نشاط إنساني على البيئةو كذلك تؤثر البيئةعلى الحياة الإنسانية 
إنّ مأسسة حقوق الانسان البيئية لا يمكن أن تستقيم إلا من خلال تبني خططوأهداف التنمية المستدامةممثلة في جوهرها بالمساواة بين الأجيال سواء الحاضرة والمستقبلية.

وكدلك مشاركة المجتمع المدني في صناعة القرار التنموي من خلال عملية تقييم الاثر البيئي. تعد أحد أهم الآليات باتجاه مؤسسة الحقوق البيئية ليمكن المجتمعات من حمايتها

لكن في مقابل هذا التصور الدولي للحقوق البيئية نجد ان الواقع يفرض إكراهات عديدة يمكن ان نلمسها من خلال تداخل السياسة وقضايا البيئة بحيث ان انتهاك حقوق الإنسان المتعلقة بالبيئة في العديد من الدول العربية لايتم الاهتمام بها وفق درجة الوعي والارادة المطلوبة للحد من الظواهر التي تلوث المجال البيئي وتأثر سلبا على وضعية الانسان المعيشية وبالتالي انتهاك غير مباشر لحقوقه الاساسية كحقه في العيش السليم وفي الحياة.     

لقد عانت البيئة منذ القدم من ظلم الإنسان وتعديه المباشرواللامبالي على أبسط حقوق هذه البيئة حيث انتهك حرماتهاوخاصة في العصر الحديث وقد تم ذلك من خلال ممارساته الجائرة وتصرفاته العشوائية، فكل أجزاء البيئة سواء الهواء أو الماء أو التربة قد تضررت من انتهاك لحقوقها ووجودها ،و لعل ابرز برهان على تلك الممارسات انشغال الإنسان بتنفيذ مخططاته الصناعية والتنموية على حساب البيئة، كما نسي في خضم أعماله اليومية الكثيرة أحد المفاهيم المهمة جداً وهي أن أي ظلم أو تعد على البيئة يُعد ظلماً وتعدياً على الإنسان نفسه ، وإهدار لحقوقه الأساسية التي تتضمن حق كل إنسان في العيش في بيئة نظيفة وسليمة وصحية .

 
أي تفعيل للحقوق البيئية؟

 
هناك قناعة الان ان أي انتهاك للفضاء البيئي هو تعد صريح وواضح لحقوق الانسان لكن رغم تلك القناعة يبقى الرهان مرتبط بالإعمال الفعلي للحقوق البيئيةحيث ان تكريس الحق في البيئة يقتضي اعتماد مقاربة بيداغوجية في مجال التربية والتحسيس والتكوين.

زيادة الى اعمال حق التظلم فيما يتعلق بالحقوق البيئية من قبيل التكييف القانوني للجرائم المتعلقة بانتهاك الحق في البيئة السليمة وتحديد الطرف الذي يملك أهلية المتابعة القضائية، لاسيما أن الحق في البيئة يظل حقا فرديا وجماعيا في الآن ذاته، وكذا حول الطرف الذي يمكن أن يكون موضوع المتابعة القضائية، أي تحديد نوعية وحجم المسؤولية عن المخالفات المرتبطة بانتهاك الحق في البيئة

أصبح لزاما سن تشريعات في عدد من جوانب المتعلقة بالحق في البيئة التي لا ينظمها القانون حتى الآن. كما دعتالضرورة لتجميع بعض القوانين المتعلقة بالبيئة في مدونة موحدة من أجل تيسير الولوج لهذه النصوصوتفعيلها على ارض الواقع. بالإضافة الى دعم التربية والتحسيس في مجال الحق في البيئة الدي يبقى مسؤولية مشتركة بين جميع الفاعلين المعنيين وهو الأمر الذي يقتضي تبني مقاربة تشاركية، قائمة على النوع، التلقائية ومرتكزة على التنسيق وخلق الانسجام بين المستويات المحلية والوطنية والدولية.
 



الاحد 28 غشت 2016
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter