مقدمة:
كرس المشرع مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في الميدان الأسري من خلال إرساءه لمدونة الأسرة سنة 2004 التي ألغت مدونة الأحول الشخصية لسنة 1957 والتي لم تكن مقتضياتها مواكبة لروح ومستجدات العصر .
إن مدونة الأسرة جاءت بعدة مستجدات، حافظت من خلالها على المراجع الدينية و الاتفاقيات الدولية، وصبت روح التغيير عن عدة مفاهيم كان بالأمس من الصعب النبش فيها كالمفهوم الجديد للخطبة.
فالغاية من الخطبة التي تعتبر مقدمة من مقدمات الزواج هي بحث الرجل عن المرأة التي تناسبه و بحث المرأة عن الرجل الذي يناسبها.
تجد هذه الأخيرة سندها الشرعي في آيات قرآنية، نذكر منها ما جاء في سورة البقرة حيث يقول الله تعالى في خطبة المعتدة من وفاة زوجها " وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ"[1]
وجاء في حديث لرسول الله صل الله عليه وسلم قال " اذا خطب أحدكم المرأة،فان استطاع أن ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل"[2].
أما التنظيم التشريعي للخطبة فقد توسعت فيه مدونة الأسرة حيث خصصت لها "خمسة فصول في باب واحد " الباب الأول" إضافة إلى المادة 156 الخاصة بنسب الحمل أثناء الخطوبة ، على عكس ما كان عليه الحال في مدونة الأحوال الشخصية التي دمجت الزواج و الخطبة في باب واحد و خصصت لها مجرد مادتين الثانية و الثالثة لا غير .
فماهو التعريف القانوني للخطبة؟ و ماهي شروطها؟ و كيف تنقضي؟ و ما هي الآثار المترتبة عن عدول أحد الطرفين عن الخطوبة؟ وهل له الحق في التعويض نتيجة لذلك ؟ وماهي اثار نسب الحمل أثناء الخطوبة؟
تلك جملة من التساؤلات سنعرض لها وفق مطلبين :
المطلب الأول: تعريف الخطبة و شروطها
المطلب الثاني: انقضاء الخطبة و اثارها
المطلب الأول: تعريف الخطبة و شروطها
أقر المشرع المغربي الخطبة كمقدمة من المقدمات التي تسبق إبرام عقد الزواج إقرارا منه لمبدأ الترابط الأسري و دوام العشرة بين الزوج و الزوجة.
الفقرة الأولى: التعريف القانوني للخطبة
الخطبة لغة :خطب الرجل المرأة يخطبها خطبا و خطبة ، بكسر الخاء أي طلب المرأة للزواج.
فالخطبة هي إعلان الرجل رغبته في الزواج من امرأة خالية من الموانع الشرعية، حيث نصت المادة الخامسة من مدونة الأسرة على أنه " الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج. تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا".
وباستقرائنا لمقتضيات المادة 19 ، نجدها حددت أهلية الزواج في 18 سنة شمسية كاملة بينما المادة 5 و ما بعدها لم تحدد سنا معينة للخطبة.
و إذا ما تمت الخطبة بين رجل و امرأة فإنها لا تعدوا أن تكون تواعدا بينهما على عقد زواجهما في المستقبل دون أن يكون ذلك التواعد ملزما لأي منهما من الناحية القانونية، فالفترة الفاصلة بين التعبير عن هذا التواعد و الإشهاد على الزواج تعتبر فترة خطبة و لا تلزم الطرفين و لو أنها تنبني على الإيجاب و القبول مثلها في ذلك مثل عقد الزواج ،إلا أنها تختلف مع هذا الأخير في عنصر الإلزام.
فالخطبة بهذا المفهوم ليست إلا وسيلة تعارف بين الخاطبين، و تتم في غالب الأحيان شفويا وذلك ما يمكن استخلاصه ضمنيا من قراءتنا للفقرة الثانية من المادة الخامسة ". تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا".
الفقرة الثانية : شروط الخطبة
الشرط الأول : ألا تكون محرمة على الرجل تحريما مِؤبدا سواء بالنسب أو المصاهرة أو الرضاعة
فمتى كان الزواج حراما كانت الخطبة التي هي وسيلة إليه حراما كذلك.
أما إذا كانت من المحرمات مؤقتا،فيمكن أن يخطبها عند زوال سبب التحريم كإسلام المرأة المشركة.
الشرط الثاني: ألا تكون المخطوبة زوجة لرجل آخر
فلا يجوز خطبة امرأة متزوجة و الحكمة من تحريم هذه الخطبة، أن في ذلك اعتداء صارخا على ذلك الزوج، غير أنه تحل زوجة الغير لزوج آخر بعد توافر شرطين: الشرط الثالث: ألا تكون المخطوبة معتدة من طلاق رجعي
لأن الزوجة تبقى قائمة حكما و بالتالي لا تجوز خطبة المعتدة رجعيا .
الشرط الرابع :ألا تكون معتدة من طلاق بائن
فلا تجوز خطبتها تصريحا و لا تعريضا حتى تنقضي فترة العدة
الشرط الخامس : ألا تكون المخطوبة معتدة من وفاة
فلا تجوز خطبة المتوفى عنها زوجها تصريحا، ولكن يمكن خطبتها تعريضا. مصداقا قوله تعالى :" وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا.[3]
الشرط السادس : ألا تكون من يراد خطبتها مخطوبة من رجل آخر
هذه المسألة لم يتعرض لها المشرع المغربي و لكنها مسألة فقهية دينية صرفة،فقد نهى رسول الله صل الله عليه وسلم أن يخطب الرجل عن خطبة أخيه فعن أبي هريرة عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " المؤمن أخو المؤمن فلا يحل أن يبتاع على بيع أخيه و لا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" [4] و الحكمة من ذلك تلافي الشحناء و البغضاء بين الخاطبين، وقد يترتب عن ذلك حكم بالتعويض للطرف المدني المتضرر[5] و لو أن المسألة دينية وفقهية .
وادا كانت المرأة قد رفضت خطيبها الأول أو عدل هو نفسه عن تلك الخطبة صح لغيره أن يخطبها لنفسه[6]
الشرط السابع : قراءة الفاتحة وماله من أثر على قوة التواعد بالزواج
فأثناء الخطبة يتبادل الخاطب و المخطوبة الهدايا وتقام حفلة بالمناسبة وتقرأ الفاتحة مما يدل أن جميع الإجراءات قد تمت لكتابة عقد الزواج أو الاتفاق على موعد هذه الكتابة .
تعتبر سورة الفاتحة في بعض المناطق بالمغرب بمثابة العقد، و يترتب عليها عدم قدرة المرأة على فسخه،كما أن تراجع الرجل يعتبر بمثابة طلاق قبل الدخول بها، وله نصف ما أعطاه للمرأة من هدايا بتلك المناسبة .
المطلب الثاني: انقضاء الخطبة و آثارها
تنقضي الخطبة إما بإبرام عقد الزواج، وقد تنقضي لأسباب أخرى كوفاة أحد الخطيبين،أو عدول أحدهما عن الخطبة حينما لا تتحقق ركائز الاتفاق والانسجام والتوافق والاطمئنان.
وهنا يطرح إشكال اثر هذا العدول عن ما قدم من صداق وهدايا؟ وهذا ما سنقوم بتوضيحه في الفقرة الأولى.
ولعل أهم أثر ينتج عن الخطبة هو إثبات النسب الذي يعتبر مستجدا جاءت به مدونة الأسرة في المادة 156، والذي سنتعرض له و لإشكالاته في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: اثار العدول عن الخطبة و التعويض عن ضرره.
الخطبة مجرد وعد متبادل بين رجل و امرأة على الزواج في المستقبل، و بالتالي يمكن لأحد الطرفين أن يعدلا نهائيا عن مشروع الزواج بإرادة منفردة في أي وقت شاءا، ولو لم يستند هذا العدول إلى أسباب معقولة و في هدا الصدد نصت المادة السادسة " يعتبر الطرفان في فترة خطبة الى حين الإشهاد على عقد الزواج،ولكل من الطرفين حق العدول عنها"
فإذا وقع النكول انقضت الخطبة و لا يجوز للطرف الذي لم يعدل أن يطلب من القضاء أن يحكم له بإلزام الطرف الآخر بالاستمرار في الخطبة أو إبرام عقد الزواج، غير أنه في بعض الأحيان يمكن أن ينتج عن العدول عدة مشاكل بين الخاطب و المخطوبة و خاصة إذا تبادلا الهدايا أو دفع الخاطب الصداق،فضلا عن الأضرار المعنوية وكذلك المادية التي يمكن أن تنجم عن العدول فما هو إذا موقف القانون من هذه المشاكل وكيف يعالجها؟
إذا لم ترغب المخطوبة في أداء المبلغ الذي حول إلى جهاز،تحمل المتسبب في العدول ما قد ينتج عن ذلك من خسارة بين قيمة الجهاز و المبلغ المؤدى فيه".
الفقه الحنفي: يرى أبو حنيفة يرى أن الهدايا المقدمة الى المخطوبة حكمها حكم الهبة، و يرد منها ما كان قائما دون ما هلك أو استهلك سواء كان العدول من طرف الخاطب أو من المخطوبة لأن هذه الهدايا قدمت على سبيل التبرع.
الفقه الشافعي: ذهبت الشافعية إلى القول بارجاع الهدايا سواء لازالت باقية أم لا.فان كان ما قدم كهدية ما يزال قائما أخد بعينه،وان كان قد استهلك أو تلف وجب في هذه الحالة رد قيمته ان كان مقوما و مثله ان كان مثليا، بغض النظر عن الجهة التي صدر منها العدول عن الخطبة.
الفقه المالكي : جعل حكم الهدايا مرهونا بالجهة التي صدر منها العدول. فإذا وقع العدول عن الخطبة من طرف الخاطب فلا حق له في استرجاع ما دفعه من هدايا،و لا تلزم المخطوبة برد ما أخدته من الخاطب.
أما إذا كان العدول من جانب المخطوبة، يحق حينئذ للخاطب أن يسترد هداياه ان كانت
موجودة أو قيمتها أو مثلها إن استهلكت أو تلفت .
موقف مدونة الأسرة
تقضي المادة الثامنة منها بأن " لكل من الخاطب و المخطوبة أن يسترد ما قدمه من هدايا، ما لم يكن العدول عن الخطبة من قبله. ترد الهدايا بعينها،أو بقيمتها حسب الأحوال ".
وتجب الإشارة إلى أن القضاء المغربي سبق و أن طبق مقتضيات هذه المادة حيت صرحت محكمة الاستئناف بمكناس في قرارها الصادر بتاريخ 1980/10/07 بأن " للخاطب الحق في استرجاع هديته بعدما تبين له أن ما قامت به المخطوبة هو عمل مشوب بسوء نية، لكونها عمدت الى الزواج من رجل آخر الشيء الذي يستخلص منه أن العدول كان من جانبها و ليس من جانبه..."
و بالتالي فان ثبوت توصل أحد الطرفين بالهدايا، فانه يكون هو الملزم بإثبات أن العدول عن الخطبة إنما صدر من الطرف الآخر.
و نلاحظ ّأن المشرع لم يتعرض لموضوع الهدايا في حالة وفاة أحد الطرفينـ كما هو الحال في الصداق، ولذلك فليس من الملزم للطرف الآخر أن يرد الهدايا في حالة الوفاة التي لا يد للطرفين فيها .و لا حق للورثة في استرجاعها لأن حكمها حكم الهبة و الوفاة مانع من حق الرجوع فيها.
و حكم االهدايا في الخطبة هو غير حكمها في الزواج، دلك أن المشرع لم يتعرض الى حكم الهدايا أثناء سريان عقد الزواج، ومن ثمة تطبق قواعد الفقه المالكي التي أحالت عليها المادة 400 من مدونة الأسرة، ذلك أن ما يبعثه الزوج قبل البناء من ثياب وحلي و غير ذلك، ثم يقع الفراق بطلاق أو فسخ، فلا يجوز ارتجاعه و كان للزوجة ، إلا أن يفسخ النكاح بينهما قبل البناء بوجه من وجوه الفسخ، فله حينئذ استخلاص ما ضاع منها فلا تطالب به.
كثيرا ما يصاحب عدول أحد الخطيبين عن الخطبة خيبة أمل لدى الطرف الآخر، وقد يلحق به ضرر ماديا كان أو معنويا.
و على عكس ما كان عليه الحال في مدونة الأحول الشخصية التي لم يتعرض المشرع المغربي إلى إمكانية رفع دعوى التعويض من الطرف المتضرر تاركا بدلك المجال للاراء الفقيهة، على عكس ما جاءت به مقتضيات مدونة الأسرة التي حسمت في الأمر في المادة السابعة " مجرد العدول عن الخطبة لا يترتب عنه تعويض، غير أنه اذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر ،يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض".
فقد يحمل الخاطب خطيبته على الاستقالة من عملها، أو الانقطاع عن الدراسة، ثم يفسخ الخطبة دون سبب،أو أن تحمل المخطوبة خطيبها على تغيير مهنته أو إنفاق عدة مصاريف لكراء أو تأثيث شقة، ثم تتراجع دون أي سبب عن الخطبة. وبالتالي وجب تطبيق مقتضيات المسؤولية المدنية المنصوص عليها في الفصلين 77 و78 من قانون الالتزامات و العقود .
جاء في حكم لابتدائية الحسيمة " حيث إن المدعية تهدف من طلبها الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا مدنيا قدره ثلاثمائة ألف درهم، عن الضرر الحاصل لها بسبب التغرير بها وعدوله عن الزواج بعد الإذن له بالزواج بها، وتحميله الصائر في الأقصى.
وحيث إنه بمقتضى المادة 7 من مدونة الأسرة فإنه في حالة ما إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض.
وحيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف، أن المدعية تطالب بالتعويض عن فعل التغرير الذي ارتكبه المدعى عليه الذي مارس الجنس معها بمنزلها كما هو ثابت بإقرارها.
وحيث إن القول بتغرير المدعى عليه للمدعية قصد ممارسة الجنس معها لا يمكن الاستكانة إليه، على اعتبار أن المدعية تبلغ من السن ما يسمح معه بتدبير أمورها جيدا وتقدر أفعالها بكل دقة، خصوصا وأنها متعلمة ومربية أطفال تعي جيدا أن الأفعال التي قامت بها مخالفة للشرع وللعرف والتقاليد وللقانون الذي لا يبيح العلاقة الجنسية بين الطرفين إلا في نطاقها الشرعي، خصوصا وأن
الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، وبالتالي يكون الخطيبان قد استسلمـا معا للرغبة الجنسيـة، ورضيت المدعية بذلك بدون إكـراه، فإنه لا موجب لأي تعويض لا لضرر مادي أو معنوي وحيث إنه وبناء على ما ذكر أعلاه يكون طلب المدعية غير مرتكز على أساس قانوني سليم ويتعين التصريح برفضه.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها."[7]
وخلافا للاتجاه الذي ينطلق من إضفاء الطابع العقدي على الخطبة و ترتيبها لالتزام على عاتق الطرفين،ومن ثمة إعمال قواعد المسؤولية العقدية إلا أن التعويض المقرر في مدونة الأسرة هو الذي يرتبط بقواعد المسؤولية التقصيرية ذلك أنها تضمن حق العدول و لا ترتب عليه أي مساءلة من حيث المبدأ إلا إذا صاحبته أفعال مستقلة ترتب عنها ضرر .
و في الأخير تجدر الإشارة أن الالتزام الذي تولده الخطبة هو التزام ببدل عناية لا بتحقيق نتيجة .
الفقرة الثانية: ثبوت نسب الحمل الناتج في فترة الخطوبة
ان مسألة إثبات الخطبة تظهر بأكبر تجلياتها في حالة الحمل الذي قد ينتج عنها , و إشكالية إلحاق هذا الحمل بالخاطب للشبهة بشروط محددة في المادة 156 من مدونة الأسرة [8], هذه المادة التي تعتبر مستجدا تشريعيا حسمت الجدل المحتدم فقهيا و قضائيا حول النسب الناتج عن الخطبة , و كرست حق الطفل المزداد في فترة الخطبة في نسبه لأبيه الخاطب , و إن كانت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لم تتطرق لإمكانية لحوق الحمل الناتج عن الخطبة .
أليس في إقرار مسألة إلحاق الولد بالخاطب ضرب لما دهب اليه الفقه المالكي الذي يعارض مسألة إلحاق الولد بالخاطب و يعتبرونه ولدا غير شرعي، و يستدلون في هذا الصدد بحديث الرسول الأكرم صلى الله عليه و سلم : الولد للفراش ( أي لعقد الزواج الصحيح ) وللعاهر الحجر. ؟ فما موقف مدونة الأحوال الشخصية الملغاة من الحمل الناتج عن الخطبة؟ و ما غاية المشرع من إقرار المادة 156 كمستجد في مدونة الأسرة ؟ و ما هي أهم الإشكاليات التي تطرحها هذه المادة ؟
فالمشرع المغربي لم ينظم الحمل الناتج عن فترة الخطوبة متأثرا بدلك بالفقه الإسلامي، وهو ما فيه خرق صارخ لحقوق الطفل الذي يبقى محروما من نسبه إلى والده الخاطب . و هو الأمر الذي تداركه في مدونة الاسرة التي اقرت بالنسب الشرعي للحمل الذي ثم في فترة الخطوبة ولكن بشروط تنص عليها المادة 156.
أن المادة موضوع الدراسة جاءت في الباب الثاني من القسم الأول من الكتاب الثالث تحث عنوان النسب ووسائل إثباته, مما يفضي إلى القول أن هاجس إثبات النسب كان حاضرا في تقرير أحكام المادة 156.
نجد أن المشرع ينص على إثبات النسب وإلحاقه بالخاطب خلال فترة الخطبة على اعتبار هذه الأخيرة بتوافرها على الشروط المنصوص عليها في المادة 156 تعتبر زواج غير موثق، و في هدا الصدد جاء في حكم لابتدائية الجديدة " وحيث إن إنكار المدعى عليه لنسب التوأمين ----------- يفنده تقرير الخبرة القضائية الجينية، الذي أكد بأن تحاليل البصمات الجينية المستعملة في هذه الخبرة أثبتت علاقة قرابة بين الطفلين التوأمين ---------- موضوع الخبرة والسيدة ___كأم والسيد _____ كأب بيولوجي، الأمر الذي يفيد قطعا بأن نسب التوأمين ---------------- لاحق لوالدهما المدعى عليه، ويبقى ما أثاره المدعى عليه من دفوع بشأن الخبرة غير مرتكز على أساس قانوني، طالما أن الطرفين أعطيا كتابة موافقتهما لإجراء دراسة الحامض النووي لعينات من دمهما ودم الطفلين موضوع الخبرة، مما تبقى معه الخبرة قانونية وتبقى جميع الدفوع غير جديرة بالاعتبار وينبغي استبعادها.
وحيث إن قيام كافة الشروط المنصوص عليها في المادة 156 يجعل نسب الطفلين التوأمين ----------- للمدعى عليه شرعيا استنادا للشبهة وتبقى منازعته ونفيه ودفوعاته مفتقدة للسند القانوني.
وحيث إن المادة 156 من مدونة الأسرة نصت على أنه متى تبت النسب ولو في زواج فاسد أو بشبهة با ستلحاق ترتب عليه جميع نتائج القرابة، فيمنع الزواج بالمصاهرة أو الرضاع وتستحق به نفقة القرابة والإرث."[9]
وتجدر الاشارة انه لا مجال لإعمال الخبرة الا عند ثبوث الخطبة وذلك ما أكدته محكمة النقض في قرارها الصادر 15/11/2011" لكن حيث ان المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عللته بأنها أمرت تمهيديا بحثا من أجل الاستماع لشهود الطاعنة غير أنهم أكدوا بعد أدائهم لليمين القانونية، بأنه لا علم لهم بصلة الخطبة بين الطرفين و من ثم فانه لا يلجأ للخبرة الا بعد تبوث الخطبة لذلك يتعين رفض الطلب وبذلك تكون المحكمة قد طبقت صحيح القانون ولم تخرق المادة المحتج بها و عللت قرارها تعليلا كافيا و ما بالنعي غير قائم على أساس"[10]
خاتمة
و صفوة القول أن المشرع و على العكس ما كان عليه الحال في مدونة الأحوال الشخصية التي لم تولي أهمية كبرى للخطبة،أدخل مستجدات منظمة لهذه المؤسسة كمرحلة سابقة لتوثيق عقد الزواج، التي تتجلى في حق التعويض للطرف المتضرر نتيجة العدول عنها كما نجد أن المشرع في المقتضيات الجديدة ساوى بين طرفي الخطبة ، ولعل أبرز مستجد ثم إقراره هو إلحاق نسب الطفل للخاطب في فترة الخطوبة كما ثم شرحه سابقا.
أحكام قضائية :
حكم المحكمة الابتدائية بالجديدة رقم : 258-07الصادر بتاريخ 7/3/07 في الملف عـدد 804-05.
"حيث أن المدعى عليه نازع في ادعاءات المدعية موضحا بأنه لم يسبق أن خطب المدعية أو ارتبط بها بأي رابط شرعي، وأن ما تدعيه من كون الطفلين اللذين ولدتهما من صلبه إنما هو إدعاء كاذب وباطل من أساسه ويرمي إلى الإثراء على حسباب الغير بدون وجه مشروع.
وحيث إن المحكمة أمرت تمهيديا بتاريخ 26/10/2005 بإجراء بحث مع الطرفين والشهود أجري بمكتب القاضي استمعت خلاله إلى مجموعة من الشهود أدوا اليمين القانونية على كونهم حضروا الوليمة التي أقامها والد المدعية ببيته ب------------- وقرأوا الفاتحة بهذه المناسبة التي دعوا إليها، وهي خطبة المدعى عليه للمدعية، بل إن بعضهم أضاف أن المدعى عليه بعد قراءة الفاتحة قبل رأس والد المخطوبة.
وحيث إن المادة 156 من مدونة الأسرة نصت على أنه إذا تمت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة، نسب للخاطب للشبهة إذا توفرت الشروط التالية:
1- إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتصاء.
2- إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة، و أقر الخطيبان أن الحمل منهما:
وإذا أنكر الخاطب أن يكون الحمل منه أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسيب.
وحيث إنه فضلا على شهادة الشهود الذين أكدوا واقعة الخطبة، فإن هناك قرائن قوية تفيد قيام علاقة شرعية بين الطرفين، فمن خلال محضر الدرك الملكي بأولاد افرج عدد 1895 وتاريخ 4/6/2002 يتبين أن المدعي صرح خلال الاستماع إليه بأن المدعية زوجته كانت جالسة بالقرب من المقعد الأمامي المجاورله، ثم إن محضر معاينة واستجواب منجز من طرف العون القضائي السيد --------------- على ذمة الملف التنفيذي عدد 610/06 ،يتبين من خلاله إقامة الطرفين ببيت واحد لمدة سنة وأربعة أشهر بإقامة ------------- ويعاشران بعضهما معاشرة الأزواج، بل إن من شهود المحضر من يؤكد بأنهما زوجان.
وحيث إن هذه المعطيات تفند زعم المدعى عليه ونفيه لأية علاقة تربطه بالمدعية، مما ينبغي معه عدم الالتفات إلى ادعاءاته واستبعادها.
وحيث أمرت المحكمة تمهيديا بتاريخ 22/3/2006 بإجراء خبرة طبية أسندت مأمورية القيام بها إلى البرفسور ------------------- الذي خلص في تقريره الموضوع بكتابة الضبط بتاريخ 3/7/2006 إلى علاقة القرابة بين الطفلين التوأمين ---------------- موضوع الخبرة والسيد --------------------- كأب بيولوجي.
وحيث إن إنكار المدعى عليه لنسب التوأمين ----------- يفنده تقرير الخبرة القضائية الجينية، الذي أكد بأن تحاليل البصمات الجينية المستعملة في هذه الخبرة أثبتت علاقة قرابة بين الطفلين التوأمين ---------- موضوع الخبرة والسيدة ___كأم والسيد _____ كأب بيولوجي، الأمر الذي يفيد قطعا بأن نسب التوأمين ---------------- لاحق لوالدهما المدعى عليه، ويبقى ما أثاره المدعى عليه من دفوع بشأن الخبرة غير مرتكز على أساس قانوني، طالما أن الطرفين أعطيا كتابة موافقتهما لإجراء دراسة الحامض النووي لعينات من دمهما ودم الطفلين موضوع الخبرة، مما تبقى معه الخبرة قانونية وتبقى جميع الدفوع غير جديرة بالاعتبار وينبغي استبعادها.
وحيث إن قيام كافة الشروط المنصوص عليها في المادة 156 يجعل نسب الطفلين التوأمين ----------- للمدعى عليه شرعيا استنادا للشبهة وتبقى منازعته ونفيه ودفوعاته مفتقدة للسند القانوني.
وحيث إن المادة 156 من مدونة الأسرة نصت على أنه متى تبت النسب ولو في زواج فاسد أو بشبهة باستلحاق ترتب عليه جميع نتائج القرابة، فيمنع الزواج بالمصاهرة أو الرضاع وتستحق به نفقة القرابة والإرث.
وحيث أنه مادام من أسباب وجود النفقة القرابة، فقد ارتأت المحكمة بعد إعمال عناصر التقدير المقررة بمقتضى المادة 189 من مدونة الأسرة تحديد نفقة الطفلين التوأمين -------في مبلغ 600 درهم شهريا لكل واحد منهما.
حيث أن تكاليف السكنى تعتبر مستقلة عن النفقة في تقديرها، وارتأت المحكمة تحديدها في مبلغ 300 درهم شهريا لكل واحد من الطفلين التوأمين.
وحيث إن توسعة الأعياد الدينية هي من النفقات الإضافية التي تقتضيها العادات وارتأت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية تحديدها في مبلغ 5000 درهم بالنسبة لعيد الفطر و 1000 بالنسبة لعيد الأضحى لهما معا.
وحيث وإن المدعية محقة في طلبها المتعلق بمصاريف النفاس والعقيقة، على اعتبار أن الأولى مرتبطة بالعادات المحلية والثانية ورد بشأنها حديث رسول الله ( كل مولود رهين بعقيقته)، وارتأت المحكمة تبعا لذلك تحيد هذه المصاريف في مبلغ 2000 درهم.
وحيث إن أجرة الرضاع تجب على المكلف بالنفقة وارتأت المحكمة في تحديدها في مبلغ 300 درهم شهريا للطفلين.
وحيث إنه عملا بمقتضيات المادة 54 من مدونة الأسرة فإن للأطفال على أبويهم حقوقا منها العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة بالنسبة للأم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية، الأمر الذي يتعين معه الاستجابة لطلب المدعية وذلك بالحكم على المدعى عليه بتسجيل ولديه التوأمين_____ المزدادين بتاريخ 14/7/2005 حسب شهادة ولادتهما المسلمة من مصحة --------------- بالجديدة بتاريخ 1/7/2005 بسجلات الحالة المدنية.
حيث إنه بالنسبة لطلب نفقة المدعية ليس له ما يبرره مما ينبغي معه رده.
حيث ينبغي شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
حكـم المحكمة الابتدائية بالحسيمة رقـم : 195 الصادر بتاريـخ : 22/03/2007
في الملـف عدد : 536/2006 .
حيث إن المدعية تهدف من طلبها الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا مدنيا قدره ثلاثمائة ألف درهم، عن الضرر الحاصل لها بسبب التغرير بها وعدوله عن الزواج بعد الإذن له بالزواج بها، وتحميله الصائر في الأقصى.
وحيث إنه بمقتضى المادة 7 من مدونة الأسرة فإنه في حالة ما إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض.
وحيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف، أن المدعية تطالب بالتعويض عن فعل التغرير الذي ارتكبه المدعى عليه الذي مارس الجنس معها بمنزلها كما هو ثابت بإقرارها.
وحيث إن القول بتغرير المدعى عليه للمدعية قصد ممارسة الجنس معها لا يمكن الاستكانة إليه، على اعتبار أن المدعية تبلغ من السن ما يسمح معه بتدبير أمورها جيدا وتقدر أفعالها بكل دقة، خصوصا وأنها متعلمة ومربية أطفال تعي جيدا أن الأفعال التي قامت بها مخالفة للشرع وللعرف والتقاليد وللقانون الذي لا يبيح العلاقة الجنسية بين الطرفين إلا في نطاقها الشرعي، خصوصا وأن الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، وبالتالي يكون الخطيبان قد استسلمـا معا للرغبة الجنسيـة، ورضيت المدعية بذلك بدون إكـراه، فإنه لا موجب لأي تعويض لا لضرر مادي أو معنوي (انظر الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، السنهوري، المجلد الثاني، ص 938 وما بعدها).
وحيث إنه وبناء على ما ذكر أعلاه يكون طلب المدعية غير مرتكز على أساس قانوني سليم ويتعين التصريح برفضه.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها.
المراجع المعتمدة
www.marocdroit.com-
http://adala.justice.gov.ma-
الهوامش
كرس المشرع مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في الميدان الأسري من خلال إرساءه لمدونة الأسرة سنة 2004 التي ألغت مدونة الأحول الشخصية لسنة 1957 والتي لم تكن مقتضياتها مواكبة لروح ومستجدات العصر .
إن مدونة الأسرة جاءت بعدة مستجدات، حافظت من خلالها على المراجع الدينية و الاتفاقيات الدولية، وصبت روح التغيير عن عدة مفاهيم كان بالأمس من الصعب النبش فيها كالمفهوم الجديد للخطبة.
فالغاية من الخطبة التي تعتبر مقدمة من مقدمات الزواج هي بحث الرجل عن المرأة التي تناسبه و بحث المرأة عن الرجل الذي يناسبها.
تجد هذه الأخيرة سندها الشرعي في آيات قرآنية، نذكر منها ما جاء في سورة البقرة حيث يقول الله تعالى في خطبة المعتدة من وفاة زوجها " وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ"[1]
وجاء في حديث لرسول الله صل الله عليه وسلم قال " اذا خطب أحدكم المرأة،فان استطاع أن ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل"[2].
أما التنظيم التشريعي للخطبة فقد توسعت فيه مدونة الأسرة حيث خصصت لها "خمسة فصول في باب واحد " الباب الأول" إضافة إلى المادة 156 الخاصة بنسب الحمل أثناء الخطوبة ، على عكس ما كان عليه الحال في مدونة الأحوال الشخصية التي دمجت الزواج و الخطبة في باب واحد و خصصت لها مجرد مادتين الثانية و الثالثة لا غير .
فماهو التعريف القانوني للخطبة؟ و ماهي شروطها؟ و كيف تنقضي؟ و ما هي الآثار المترتبة عن عدول أحد الطرفين عن الخطوبة؟ وهل له الحق في التعويض نتيجة لذلك ؟ وماهي اثار نسب الحمل أثناء الخطوبة؟
تلك جملة من التساؤلات سنعرض لها وفق مطلبين :
المطلب الأول: تعريف الخطبة و شروطها
المطلب الثاني: انقضاء الخطبة و اثارها
المطلب الأول: تعريف الخطبة و شروطها
أقر المشرع المغربي الخطبة كمقدمة من المقدمات التي تسبق إبرام عقد الزواج إقرارا منه لمبدأ الترابط الأسري و دوام العشرة بين الزوج و الزوجة.
الفقرة الأولى: التعريف القانوني للخطبة
الخطبة لغة :خطب الرجل المرأة يخطبها خطبا و خطبة ، بكسر الخاء أي طلب المرأة للزواج.
فالخطبة هي إعلان الرجل رغبته في الزواج من امرأة خالية من الموانع الشرعية، حيث نصت المادة الخامسة من مدونة الأسرة على أنه " الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج. تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا".
وباستقرائنا لمقتضيات المادة 19 ، نجدها حددت أهلية الزواج في 18 سنة شمسية كاملة بينما المادة 5 و ما بعدها لم تحدد سنا معينة للخطبة.
و إذا ما تمت الخطبة بين رجل و امرأة فإنها لا تعدوا أن تكون تواعدا بينهما على عقد زواجهما في المستقبل دون أن يكون ذلك التواعد ملزما لأي منهما من الناحية القانونية، فالفترة الفاصلة بين التعبير عن هذا التواعد و الإشهاد على الزواج تعتبر فترة خطبة و لا تلزم الطرفين و لو أنها تنبني على الإيجاب و القبول مثلها في ذلك مثل عقد الزواج ،إلا أنها تختلف مع هذا الأخير في عنصر الإلزام.
فالخطبة بهذا المفهوم ليست إلا وسيلة تعارف بين الخاطبين، و تتم في غالب الأحيان شفويا وذلك ما يمكن استخلاصه ضمنيا من قراءتنا للفقرة الثانية من المادة الخامسة ". تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا".
الفقرة الثانية : شروط الخطبة
الشرط الأول : ألا تكون محرمة على الرجل تحريما مِؤبدا سواء بالنسب أو المصاهرة أو الرضاعة
فمتى كان الزواج حراما كانت الخطبة التي هي وسيلة إليه حراما كذلك.
أما إذا كانت من المحرمات مؤقتا،فيمكن أن يخطبها عند زوال سبب التحريم كإسلام المرأة المشركة.
الشرط الثاني: ألا تكون المخطوبة زوجة لرجل آخر
فلا يجوز خطبة امرأة متزوجة و الحكمة من تحريم هذه الخطبة، أن في ذلك اعتداء صارخا على ذلك الزوج، غير أنه تحل زوجة الغير لزوج آخر بعد توافر شرطين:
- أن تزول عصمة الزوج الأول عنها بموت أو طلاق
- أن تستوفي العدة
لأن الزوجة تبقى قائمة حكما و بالتالي لا تجوز خطبة المعتدة رجعيا .
الشرط الرابع :ألا تكون معتدة من طلاق بائن
فلا تجوز خطبتها تصريحا و لا تعريضا حتى تنقضي فترة العدة
الشرط الخامس : ألا تكون المخطوبة معتدة من وفاة
فلا تجوز خطبة المتوفى عنها زوجها تصريحا، ولكن يمكن خطبتها تعريضا. مصداقا قوله تعالى :" وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا.[3]
الشرط السادس : ألا تكون من يراد خطبتها مخطوبة من رجل آخر
هذه المسألة لم يتعرض لها المشرع المغربي و لكنها مسألة فقهية دينية صرفة،فقد نهى رسول الله صل الله عليه وسلم أن يخطب الرجل عن خطبة أخيه فعن أبي هريرة عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " المؤمن أخو المؤمن فلا يحل أن يبتاع على بيع أخيه و لا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" [4] و الحكمة من ذلك تلافي الشحناء و البغضاء بين الخاطبين، وقد يترتب عن ذلك حكم بالتعويض للطرف المدني المتضرر[5] و لو أن المسألة دينية وفقهية .
وادا كانت المرأة قد رفضت خطيبها الأول أو عدل هو نفسه عن تلك الخطبة صح لغيره أن يخطبها لنفسه[6]
الشرط السابع : قراءة الفاتحة وماله من أثر على قوة التواعد بالزواج
فأثناء الخطبة يتبادل الخاطب و المخطوبة الهدايا وتقام حفلة بالمناسبة وتقرأ الفاتحة مما يدل أن جميع الإجراءات قد تمت لكتابة عقد الزواج أو الاتفاق على موعد هذه الكتابة .
تعتبر سورة الفاتحة في بعض المناطق بالمغرب بمثابة العقد، و يترتب عليها عدم قدرة المرأة على فسخه،كما أن تراجع الرجل يعتبر بمثابة طلاق قبل الدخول بها، وله نصف ما أعطاه للمرأة من هدايا بتلك المناسبة .
المطلب الثاني: انقضاء الخطبة و آثارها
تنقضي الخطبة إما بإبرام عقد الزواج، وقد تنقضي لأسباب أخرى كوفاة أحد الخطيبين،أو عدول أحدهما عن الخطبة حينما لا تتحقق ركائز الاتفاق والانسجام والتوافق والاطمئنان.
وهنا يطرح إشكال اثر هذا العدول عن ما قدم من صداق وهدايا؟ وهذا ما سنقوم بتوضيحه في الفقرة الأولى.
ولعل أهم أثر ينتج عن الخطبة هو إثبات النسب الذي يعتبر مستجدا جاءت به مدونة الأسرة في المادة 156، والذي سنتعرض له و لإشكالاته في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: اثار العدول عن الخطبة و التعويض عن ضرره.
الخطبة مجرد وعد متبادل بين رجل و امرأة على الزواج في المستقبل، و بالتالي يمكن لأحد الطرفين أن يعدلا نهائيا عن مشروع الزواج بإرادة منفردة في أي وقت شاءا، ولو لم يستند هذا العدول إلى أسباب معقولة و في هدا الصدد نصت المادة السادسة " يعتبر الطرفان في فترة خطبة الى حين الإشهاد على عقد الزواج،ولكل من الطرفين حق العدول عنها"
فإذا وقع النكول انقضت الخطبة و لا يجوز للطرف الذي لم يعدل أن يطلب من القضاء أن يحكم له بإلزام الطرف الآخر بالاستمرار في الخطبة أو إبرام عقد الزواج، غير أنه في بعض الأحيان يمكن أن ينتج عن العدول عدة مشاكل بين الخاطب و المخطوبة و خاصة إذا تبادلا الهدايا أو دفع الخاطب الصداق،فضلا عن الأضرار المعنوية وكذلك المادية التي يمكن أن تنجم عن العدول فما هو إذا موقف القانون من هذه المشاكل وكيف يعالجها؟
- مصير الصداق
إذا لم ترغب المخطوبة في أداء المبلغ الذي حول إلى جهاز،تحمل المتسبب في العدول ما قد ينتج عن ذلك من خسارة بين قيمة الجهاز و المبلغ المؤدى فيه".
- مصير الهدايا
الفقه الحنفي: يرى أبو حنيفة يرى أن الهدايا المقدمة الى المخطوبة حكمها حكم الهبة، و يرد منها ما كان قائما دون ما هلك أو استهلك سواء كان العدول من طرف الخاطب أو من المخطوبة لأن هذه الهدايا قدمت على سبيل التبرع.
الفقه الشافعي: ذهبت الشافعية إلى القول بارجاع الهدايا سواء لازالت باقية أم لا.فان كان ما قدم كهدية ما يزال قائما أخد بعينه،وان كان قد استهلك أو تلف وجب في هذه الحالة رد قيمته ان كان مقوما و مثله ان كان مثليا، بغض النظر عن الجهة التي صدر منها العدول عن الخطبة.
الفقه المالكي : جعل حكم الهدايا مرهونا بالجهة التي صدر منها العدول. فإذا وقع العدول عن الخطبة من طرف الخاطب فلا حق له في استرجاع ما دفعه من هدايا،و لا تلزم المخطوبة برد ما أخدته من الخاطب.
أما إذا كان العدول من جانب المخطوبة، يحق حينئذ للخاطب أن يسترد هداياه ان كانت
موجودة أو قيمتها أو مثلها إن استهلكت أو تلفت .
موقف مدونة الأسرة
تقضي المادة الثامنة منها بأن " لكل من الخاطب و المخطوبة أن يسترد ما قدمه من هدايا، ما لم يكن العدول عن الخطبة من قبله. ترد الهدايا بعينها،أو بقيمتها حسب الأحوال ".
وتجب الإشارة إلى أن القضاء المغربي سبق و أن طبق مقتضيات هذه المادة حيت صرحت محكمة الاستئناف بمكناس في قرارها الصادر بتاريخ 1980/10/07 بأن " للخاطب الحق في استرجاع هديته بعدما تبين له أن ما قامت به المخطوبة هو عمل مشوب بسوء نية، لكونها عمدت الى الزواج من رجل آخر الشيء الذي يستخلص منه أن العدول كان من جانبها و ليس من جانبه..."
و بالتالي فان ثبوت توصل أحد الطرفين بالهدايا، فانه يكون هو الملزم بإثبات أن العدول عن الخطبة إنما صدر من الطرف الآخر.
و نلاحظ ّأن المشرع لم يتعرض لموضوع الهدايا في حالة وفاة أحد الطرفينـ كما هو الحال في الصداق، ولذلك فليس من الملزم للطرف الآخر أن يرد الهدايا في حالة الوفاة التي لا يد للطرفين فيها .و لا حق للورثة في استرجاعها لأن حكمها حكم الهبة و الوفاة مانع من حق الرجوع فيها.
و حكم االهدايا في الخطبة هو غير حكمها في الزواج، دلك أن المشرع لم يتعرض الى حكم الهدايا أثناء سريان عقد الزواج، ومن ثمة تطبق قواعد الفقه المالكي التي أحالت عليها المادة 400 من مدونة الأسرة، ذلك أن ما يبعثه الزوج قبل البناء من ثياب وحلي و غير ذلك، ثم يقع الفراق بطلاق أو فسخ، فلا يجوز ارتجاعه و كان للزوجة ، إلا أن يفسخ النكاح بينهما قبل البناء بوجه من وجوه الفسخ، فله حينئذ استخلاص ما ضاع منها فلا تطالب به.
- التعويض عن ضرر العدول
كثيرا ما يصاحب عدول أحد الخطيبين عن الخطبة خيبة أمل لدى الطرف الآخر، وقد يلحق به ضرر ماديا كان أو معنويا.
و على عكس ما كان عليه الحال في مدونة الأحول الشخصية التي لم يتعرض المشرع المغربي إلى إمكانية رفع دعوى التعويض من الطرف المتضرر تاركا بدلك المجال للاراء الفقيهة، على عكس ما جاءت به مقتضيات مدونة الأسرة التي حسمت في الأمر في المادة السابعة " مجرد العدول عن الخطبة لا يترتب عنه تعويض، غير أنه اذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر ،يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض".
فقد يحمل الخاطب خطيبته على الاستقالة من عملها، أو الانقطاع عن الدراسة، ثم يفسخ الخطبة دون سبب،أو أن تحمل المخطوبة خطيبها على تغيير مهنته أو إنفاق عدة مصاريف لكراء أو تأثيث شقة، ثم تتراجع دون أي سبب عن الخطبة. وبالتالي وجب تطبيق مقتضيات المسؤولية المدنية المنصوص عليها في الفصلين 77 و78 من قانون الالتزامات و العقود .
جاء في حكم لابتدائية الحسيمة " حيث إن المدعية تهدف من طلبها الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا مدنيا قدره ثلاثمائة ألف درهم، عن الضرر الحاصل لها بسبب التغرير بها وعدوله عن الزواج بعد الإذن له بالزواج بها، وتحميله الصائر في الأقصى.
وحيث إنه بمقتضى المادة 7 من مدونة الأسرة فإنه في حالة ما إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض.
وحيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف، أن المدعية تطالب بالتعويض عن فعل التغرير الذي ارتكبه المدعى عليه الذي مارس الجنس معها بمنزلها كما هو ثابت بإقرارها.
وحيث إن القول بتغرير المدعى عليه للمدعية قصد ممارسة الجنس معها لا يمكن الاستكانة إليه، على اعتبار أن المدعية تبلغ من السن ما يسمح معه بتدبير أمورها جيدا وتقدر أفعالها بكل دقة، خصوصا وأنها متعلمة ومربية أطفال تعي جيدا أن الأفعال التي قامت بها مخالفة للشرع وللعرف والتقاليد وللقانون الذي لا يبيح العلاقة الجنسية بين الطرفين إلا في نطاقها الشرعي، خصوصا وأن
الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، وبالتالي يكون الخطيبان قد استسلمـا معا للرغبة الجنسيـة، ورضيت المدعية بذلك بدون إكـراه، فإنه لا موجب لأي تعويض لا لضرر مادي أو معنوي وحيث إنه وبناء على ما ذكر أعلاه يكون طلب المدعية غير مرتكز على أساس قانوني سليم ويتعين التصريح برفضه.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها."[7]
وخلافا للاتجاه الذي ينطلق من إضفاء الطابع العقدي على الخطبة و ترتيبها لالتزام على عاتق الطرفين،ومن ثمة إعمال قواعد المسؤولية العقدية إلا أن التعويض المقرر في مدونة الأسرة هو الذي يرتبط بقواعد المسؤولية التقصيرية ذلك أنها تضمن حق العدول و لا ترتب عليه أي مساءلة من حيث المبدأ إلا إذا صاحبته أفعال مستقلة ترتب عنها ضرر .
و في الأخير تجدر الإشارة أن الالتزام الذي تولده الخطبة هو التزام ببدل عناية لا بتحقيق نتيجة .
الفقرة الثانية: ثبوت نسب الحمل الناتج في فترة الخطوبة
ان مسألة إثبات الخطبة تظهر بأكبر تجلياتها في حالة الحمل الذي قد ينتج عنها , و إشكالية إلحاق هذا الحمل بالخاطب للشبهة بشروط محددة في المادة 156 من مدونة الأسرة [8], هذه المادة التي تعتبر مستجدا تشريعيا حسمت الجدل المحتدم فقهيا و قضائيا حول النسب الناتج عن الخطبة , و كرست حق الطفل المزداد في فترة الخطبة في نسبه لأبيه الخاطب , و إن كانت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لم تتطرق لإمكانية لحوق الحمل الناتج عن الخطبة .
أليس في إقرار مسألة إلحاق الولد بالخاطب ضرب لما دهب اليه الفقه المالكي الذي يعارض مسألة إلحاق الولد بالخاطب و يعتبرونه ولدا غير شرعي، و يستدلون في هذا الصدد بحديث الرسول الأكرم صلى الله عليه و سلم : الولد للفراش ( أي لعقد الزواج الصحيح ) وللعاهر الحجر. ؟ فما موقف مدونة الأحوال الشخصية الملغاة من الحمل الناتج عن الخطبة؟ و ما غاية المشرع من إقرار المادة 156 كمستجد في مدونة الأسرة ؟ و ما هي أهم الإشكاليات التي تطرحها هذه المادة ؟
- موقف مدونة الأحوال الشخصية الملغاة من الحمل الناتج عن الخطبة
فالمشرع المغربي لم ينظم الحمل الناتج عن فترة الخطوبة متأثرا بدلك بالفقه الإسلامي، وهو ما فيه خرق صارخ لحقوق الطفل الذي يبقى محروما من نسبه إلى والده الخاطب . و هو الأمر الذي تداركه في مدونة الاسرة التي اقرت بالنسب الشرعي للحمل الذي ثم في فترة الخطوبة ولكن بشروط تنص عليها المادة 156.
- إشكاليات المادة 156 من مدونة الأسرة
أن المادة موضوع الدراسة جاءت في الباب الثاني من القسم الأول من الكتاب الثالث تحث عنوان النسب ووسائل إثباته, مما يفضي إلى القول أن هاجس إثبات النسب كان حاضرا في تقرير أحكام المادة 156.
نجد أن المشرع ينص على إثبات النسب وإلحاقه بالخاطب خلال فترة الخطبة على اعتبار هذه الأخيرة بتوافرها على الشروط المنصوص عليها في المادة 156 تعتبر زواج غير موثق، و في هدا الصدد جاء في حكم لابتدائية الجديدة " وحيث إن إنكار المدعى عليه لنسب التوأمين ----------- يفنده تقرير الخبرة القضائية الجينية، الذي أكد بأن تحاليل البصمات الجينية المستعملة في هذه الخبرة أثبتت علاقة قرابة بين الطفلين التوأمين ---------- موضوع الخبرة والسيدة ___كأم والسيد _____ كأب بيولوجي، الأمر الذي يفيد قطعا بأن نسب التوأمين ---------------- لاحق لوالدهما المدعى عليه، ويبقى ما أثاره المدعى عليه من دفوع بشأن الخبرة غير مرتكز على أساس قانوني، طالما أن الطرفين أعطيا كتابة موافقتهما لإجراء دراسة الحامض النووي لعينات من دمهما ودم الطفلين موضوع الخبرة، مما تبقى معه الخبرة قانونية وتبقى جميع الدفوع غير جديرة بالاعتبار وينبغي استبعادها.
وحيث إن قيام كافة الشروط المنصوص عليها في المادة 156 يجعل نسب الطفلين التوأمين ----------- للمدعى عليه شرعيا استنادا للشبهة وتبقى منازعته ونفيه ودفوعاته مفتقدة للسند القانوني.
وحيث إن المادة 156 من مدونة الأسرة نصت على أنه متى تبت النسب ولو في زواج فاسد أو بشبهة با ستلحاق ترتب عليه جميع نتائج القرابة، فيمنع الزواج بالمصاهرة أو الرضاع وتستحق به نفقة القرابة والإرث."[9]
وتجدر الاشارة انه لا مجال لإعمال الخبرة الا عند ثبوث الخطبة وذلك ما أكدته محكمة النقض في قرارها الصادر 15/11/2011" لكن حيث ان المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عللته بأنها أمرت تمهيديا بحثا من أجل الاستماع لشهود الطاعنة غير أنهم أكدوا بعد أدائهم لليمين القانونية، بأنه لا علم لهم بصلة الخطبة بين الطرفين و من ثم فانه لا يلجأ للخبرة الا بعد تبوث الخطبة لذلك يتعين رفض الطلب وبذلك تكون المحكمة قد طبقت صحيح القانون ولم تخرق المادة المحتج بها و عللت قرارها تعليلا كافيا و ما بالنعي غير قائم على أساس"[10]
خاتمة
و صفوة القول أن المشرع و على العكس ما كان عليه الحال في مدونة الأحوال الشخصية التي لم تولي أهمية كبرى للخطبة،أدخل مستجدات منظمة لهذه المؤسسة كمرحلة سابقة لتوثيق عقد الزواج، التي تتجلى في حق التعويض للطرف المتضرر نتيجة العدول عنها كما نجد أن المشرع في المقتضيات الجديدة ساوى بين طرفي الخطبة ، ولعل أبرز مستجد ثم إقراره هو إلحاق نسب الطفل للخاطب في فترة الخطوبة كما ثم شرحه سابقا.
أحكام قضائية :
حكم المحكمة الابتدائية بالجديدة رقم : 258-07الصادر بتاريخ 7/3/07 في الملف عـدد 804-05.
"حيث أن المدعى عليه نازع في ادعاءات المدعية موضحا بأنه لم يسبق أن خطب المدعية أو ارتبط بها بأي رابط شرعي، وأن ما تدعيه من كون الطفلين اللذين ولدتهما من صلبه إنما هو إدعاء كاذب وباطل من أساسه ويرمي إلى الإثراء على حسباب الغير بدون وجه مشروع.
وحيث إن المحكمة أمرت تمهيديا بتاريخ 26/10/2005 بإجراء بحث مع الطرفين والشهود أجري بمكتب القاضي استمعت خلاله إلى مجموعة من الشهود أدوا اليمين القانونية على كونهم حضروا الوليمة التي أقامها والد المدعية ببيته ب------------- وقرأوا الفاتحة بهذه المناسبة التي دعوا إليها، وهي خطبة المدعى عليه للمدعية، بل إن بعضهم أضاف أن المدعى عليه بعد قراءة الفاتحة قبل رأس والد المخطوبة.
وحيث إن المادة 156 من مدونة الأسرة نصت على أنه إذا تمت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة، نسب للخاطب للشبهة إذا توفرت الشروط التالية:
1- إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتصاء.
2- إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة، و أقر الخطيبان أن الحمل منهما:
وإذا أنكر الخاطب أن يكون الحمل منه أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسيب.
وحيث إنه فضلا على شهادة الشهود الذين أكدوا واقعة الخطبة، فإن هناك قرائن قوية تفيد قيام علاقة شرعية بين الطرفين، فمن خلال محضر الدرك الملكي بأولاد افرج عدد 1895 وتاريخ 4/6/2002 يتبين أن المدعي صرح خلال الاستماع إليه بأن المدعية زوجته كانت جالسة بالقرب من المقعد الأمامي المجاورله، ثم إن محضر معاينة واستجواب منجز من طرف العون القضائي السيد --------------- على ذمة الملف التنفيذي عدد 610/06 ،يتبين من خلاله إقامة الطرفين ببيت واحد لمدة سنة وأربعة أشهر بإقامة ------------- ويعاشران بعضهما معاشرة الأزواج، بل إن من شهود المحضر من يؤكد بأنهما زوجان.
وحيث إن هذه المعطيات تفند زعم المدعى عليه ونفيه لأية علاقة تربطه بالمدعية، مما ينبغي معه عدم الالتفات إلى ادعاءاته واستبعادها.
وحيث أمرت المحكمة تمهيديا بتاريخ 22/3/2006 بإجراء خبرة طبية أسندت مأمورية القيام بها إلى البرفسور ------------------- الذي خلص في تقريره الموضوع بكتابة الضبط بتاريخ 3/7/2006 إلى علاقة القرابة بين الطفلين التوأمين ---------------- موضوع الخبرة والسيد --------------------- كأب بيولوجي.
وحيث إن إنكار المدعى عليه لنسب التوأمين ----------- يفنده تقرير الخبرة القضائية الجينية، الذي أكد بأن تحاليل البصمات الجينية المستعملة في هذه الخبرة أثبتت علاقة قرابة بين الطفلين التوأمين ---------- موضوع الخبرة والسيدة ___كأم والسيد _____ كأب بيولوجي، الأمر الذي يفيد قطعا بأن نسب التوأمين ---------------- لاحق لوالدهما المدعى عليه، ويبقى ما أثاره المدعى عليه من دفوع بشأن الخبرة غير مرتكز على أساس قانوني، طالما أن الطرفين أعطيا كتابة موافقتهما لإجراء دراسة الحامض النووي لعينات من دمهما ودم الطفلين موضوع الخبرة، مما تبقى معه الخبرة قانونية وتبقى جميع الدفوع غير جديرة بالاعتبار وينبغي استبعادها.
وحيث إن قيام كافة الشروط المنصوص عليها في المادة 156 يجعل نسب الطفلين التوأمين ----------- للمدعى عليه شرعيا استنادا للشبهة وتبقى منازعته ونفيه ودفوعاته مفتقدة للسند القانوني.
وحيث إن المادة 156 من مدونة الأسرة نصت على أنه متى تبت النسب ولو في زواج فاسد أو بشبهة باستلحاق ترتب عليه جميع نتائج القرابة، فيمنع الزواج بالمصاهرة أو الرضاع وتستحق به نفقة القرابة والإرث.
وحيث أنه مادام من أسباب وجود النفقة القرابة، فقد ارتأت المحكمة بعد إعمال عناصر التقدير المقررة بمقتضى المادة 189 من مدونة الأسرة تحديد نفقة الطفلين التوأمين -------في مبلغ 600 درهم شهريا لكل واحد منهما.
حيث أن تكاليف السكنى تعتبر مستقلة عن النفقة في تقديرها، وارتأت المحكمة تحديدها في مبلغ 300 درهم شهريا لكل واحد من الطفلين التوأمين.
وحيث إن توسعة الأعياد الدينية هي من النفقات الإضافية التي تقتضيها العادات وارتأت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية تحديدها في مبلغ 5000 درهم بالنسبة لعيد الفطر و 1000 بالنسبة لعيد الأضحى لهما معا.
وحيث وإن المدعية محقة في طلبها المتعلق بمصاريف النفاس والعقيقة، على اعتبار أن الأولى مرتبطة بالعادات المحلية والثانية ورد بشأنها حديث رسول الله ( كل مولود رهين بعقيقته)، وارتأت المحكمة تبعا لذلك تحيد هذه المصاريف في مبلغ 2000 درهم.
وحيث إن أجرة الرضاع تجب على المكلف بالنفقة وارتأت المحكمة في تحديدها في مبلغ 300 درهم شهريا للطفلين.
وحيث إنه عملا بمقتضيات المادة 54 من مدونة الأسرة فإن للأطفال على أبويهم حقوقا منها العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة بالنسبة للأم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية، الأمر الذي يتعين معه الاستجابة لطلب المدعية وذلك بالحكم على المدعى عليه بتسجيل ولديه التوأمين_____ المزدادين بتاريخ 14/7/2005 حسب شهادة ولادتهما المسلمة من مصحة --------------- بالجديدة بتاريخ 1/7/2005 بسجلات الحالة المدنية.
حيث إنه بالنسبة لطلب نفقة المدعية ليس له ما يبرره مما ينبغي معه رده.
حيث ينبغي شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
حكـم المحكمة الابتدائية بالحسيمة رقـم : 195 الصادر بتاريـخ : 22/03/2007
في الملـف عدد : 536/2006 .
حيث إن المدعية تهدف من طلبها الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا مدنيا قدره ثلاثمائة ألف درهم، عن الضرر الحاصل لها بسبب التغرير بها وعدوله عن الزواج بعد الإذن له بالزواج بها، وتحميله الصائر في الأقصى.
وحيث إنه بمقتضى المادة 7 من مدونة الأسرة فإنه في حالة ما إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض.
وحيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف، أن المدعية تطالب بالتعويض عن فعل التغرير الذي ارتكبه المدعى عليه الذي مارس الجنس معها بمنزلها كما هو ثابت بإقرارها.
وحيث إن القول بتغرير المدعى عليه للمدعية قصد ممارسة الجنس معها لا يمكن الاستكانة إليه، على اعتبار أن المدعية تبلغ من السن ما يسمح معه بتدبير أمورها جيدا وتقدر أفعالها بكل دقة، خصوصا وأنها متعلمة ومربية أطفال تعي جيدا أن الأفعال التي قامت بها مخالفة للشرع وللعرف والتقاليد وللقانون الذي لا يبيح العلاقة الجنسية بين الطرفين إلا في نطاقها الشرعي، خصوصا وأن الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، وبالتالي يكون الخطيبان قد استسلمـا معا للرغبة الجنسيـة، ورضيت المدعية بذلك بدون إكـراه، فإنه لا موجب لأي تعويض لا لضرر مادي أو معنوي (انظر الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، السنهوري، المجلد الثاني، ص 938 وما بعدها).
وحيث إنه وبناء على ما ذكر أعلاه يكون طلب المدعية غير مرتكز على أساس قانوني سليم ويتعين التصريح برفضه.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها.
المراجع المعتمدة
- محمد الكشبور " الوسيط في شرح مدونة الأسرة" الكتاب الأول " عقد الزواج و اثاره" الطبعة الثانية 2009
- عبد السلام زوير " شرح مدونة الأسرة (الزواج-الطلاق-التطليق) مطبعة اليت،الرباط 2009
- محمد الشافعي ،الجزء الأول : " الزواج " المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش.2006
- ظهير الالتزامات و العقود
- الظهير الشريف رقم 1.57.343غشت 1957 ينظم مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية.
- ظهير شريف رقم 1.04.22صادر في 03 فبراير 2004 بتنفيد قانون رقم 70,03 بمثابة مدونة الأسرة
www.marocdroit.com-
http://adala.justice.gov.ma-
الهوامش
[1] سورة البقرة 235
[2] رواه أحمد بن حنبل و مسلم
[3] سورة البقرة الاية 235
[4] رواه البخاري و النسائي
[5] المادة السابعة من مدونة الأسرة
[6] محمد الكشبور " الوسيط في شرح مدونة الأسرة " الكتاب الأول " عقد الزواج و اثاره " الطبعة الثانية 2009 ص 176
[7] حكـم المحكمة الابتدائية بالحسيمة رقـم : 195 الصادر بتاريـخ : 22/03/2007 في الملـف عدد : 536/2006 .منشور http://adala.justice.gov.ma
[8] " المادة 156 " إذا تمت الخطوبة ،وحصل الإيجاب والقبول وحالت قوة قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة ، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية :
- ا - إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء،
- ب –إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة،
- ج – إذا أقر الخاطبان أن الحمل منهما.
تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.
إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه،أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب.
- ا - إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء،
- ب –إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة،
- ج – إذا أقر الخاطبان أن الحمل منهما.
تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.
إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه،أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب.
[9] حكم المحكمة الابتدائية بالجديدة رقم : 258-07الصادر بتاريخ 7/3/07 في الملف عـدد 804-05.منشور بموقع http://adala.justice.gov.ma/
[10] قرار محكمة النقض بالرباط عدد 639 الصادر 15/11/2011 في الملف الشرعي عدد 166/2/2010 قرار منشور " رصد مدونة الأسرة من خلال محكمة النقض " العدد الأول2014