من بين المقتضيات القانونية الواردة في مسودة مشروع القانون الجنائي ، والتي آثارت النقاش، السكر العلني البين ، بحيث هناك من يرفض تخصيص عقوبة لهذا الفعل ، وهناك من يطالب بالابقاء عليها بل والتشديد فيها ، ولكل طرف مبرراته ، فهناك من يعتبر أن الأمر يتعلق بالحرية الشخصية ولا دخل للمشرع الجنائي في ذلك ، وهناك من يعتبر أن العقاب عن السكر يدخل ضمن المعتقدات ولا يمكن التسامح مع من لا يحترم الشريعة الإسلامية ، خاصة وأن دستور المملكة لسنة 2011 يعتبر الدولة المغربية دولة إسلامية ، وبالتالي يجب أن تكون منسجمة مع نفسها ولا يحق لها إصدار أي نص قانوني مخالف للشريعة الإسلامية .
ولنا أن نتساءل كباحثين ، هل هذه المسودة بالفعل تعاقب على السكر ؟ وإلى أي حد جاءت هذه المسودة متطابقة مع الواقع المعاش ، قبل أن تبادر وزارة العدل والحريات بوضعها و تجعل وزير العدل والحريات ينافح من أجلها ؟
قبل دراسة هذه المسودة، أرى من الفائدة الاطلاع على أول نص تشريعي عاقب على السكر العلني في المغرب ، وما موقف الشريعة الإسلامية من هذه الظاهرة ، ثم ما هي المستجدات التي أتت بها هذه المسودة ، وإلى أي حد تمثل توجه الحزب الذي يقود الحكومة ويشرف على وزارة العدل والحريات وهو يعلن أن مرجعيته إسلامية .
لذا سنقسم هذا الموضوع إلى المطلبين التاليين :
المطلب الأول : موقف المشرع المغربي من السكر العلني
المطلب الثاني : ما هي مستجدات مسودة مشروع القانوني الجنائي من السكر العلني
المطلب الأول: موقف المشرع المغربي من السكر العلني
بداية لا بد من التذكير بأن أول نص تشريعي تصدى لجنحة السكر العلني في المغرب كان في بداية الحماية ، وبالضبط بمقتضى ظهير 22 شتنبر 1914 ، التاريخ الذي أذن بنشره المقيم العام ليوطي .
وقد نص الفصل الأول من هذا الظهير على أنه "كل من وجد في حالة سكر في الشوارع والطرقات والساحات العمومية والقهاوي والفنادق والحانات وغيرها من المحلات العمومية أو الأماكن التي يدخلها عامة الناس يعاقب بذعيرة تتراوح من خمسين إلى الفين فرنك وبالسجن من خمسة عشر يوما إلى ستة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ."
ويضيف الفصل الثالث بأن " كل من صدر عليه حكم لمعاودة السكر جهارا يمكن أن يعلن في الحكم الصادر عليه أنه مجرد من الحقوق الآتية : وهي لا ينتخب ولا ينتخب في أي أمر كان ، ولا يدعى حكما ولا يسمى في وظيفة معين عدلي أو محلف جنائي أو غير ذلك من الوظائف العمومية أو المختصة بإدارة عامة وأيضا لا يباشر هذه الوظائف ويجرد من حق حمل السلاح ومن حق التصرف بحالة ما ويبقى مجردا عن الحقوق المذكورة مدة سنتين ابتداء من اليوم الذي صدر عليه الحكم النهائي وإذا استحق الاسقاط من الحقوق المذكورة ثانيا بموجب حكم جديد فيبقى مجردا عنها مدة عشر سنين تضاف إليها مدة السنتين الأولى "
يستشف من هذا النص أن المشرع على عهد المقيم العام ليوطي الفرنسي الجنسية المسيحي الديانة كان قاسيا مع كل شخص وجد في حالة سكر طافح وهو يتمايل في الأماكن العمومية ، لا فرق بين أن يكون الجاني مسلما أو غير مسلم ، وخصص له عقوبة مالية وحبسية تصل حد الحبس ب 6 أشهر ، وفي حالة العود يمكن الحكم عليه بالتجريد من الحقوق الوطنية.ويعلق الحكم في الأماكن العامة . ومن أجل الحفاظ على النظام العام يمكن أن يساق هذا السكير إلى أقرب سجن على نفقته إلى أن يسترجع رشده .
وانسجاما مع هذا الاتجاه صدر عن وزارة العدل منشورا تحت رقم 49 بتاريخ 19 شتنبر 1958 في موضوع مكافحة انتشار الخمور، ورد فيه أنه لقد قررت الحكومة مباشرة حملة لا هوادة فيها ضد الإدمان على الخمر الذي هو خرق لقواعد الشريعة الإلهية والقانون الوضعي .
وهذا يعني أن الحكومة في بداية الاستقلال كانت تتناغم مع الاتجاه الذي يزجر معاقرة الخمور أو الاتجار فيه ، بل إن المنشور المذكور سارفي اتجاه معاقبة جميع الجرائم المرتكبة تحت تأثير الخمور بالعقوبة الأشد . وهذا حال المرسوم الملكي رقم 66.724 بتاريخ 14 نونبر 1967 بمثابة قانون يتعلق بالمعاقبة على السكر العلني الذي نص في فصله الأول على أنه يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها ما بين 150 و 500درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل شخص وجد في حالة سكر بين، في الأزقة أو الطرق أو المقاهي أو الكبريهات أو أماكن أخرى عمومية أو يغشاها العموم , ويمكن أن تضاعف العقوبتان إذا تسبب الشخص الموجود بحالة سكر في ضوضاء تقلق راحة العموم .
وفي حالة العود يمكن الحكم بالحرمان من ممارسة بعض الحقوق الوطنية وحمل السلاح والخدمة في الجيش وممارسة مهنة التعليم وغير ذلك ....
إذن المشرع المغربي من خلال هذا المرسوم لا يعاقب على واقعة السكر في حد ذاتها وإنما يجب أن يكون الجاني في حالة تلبس بمكان عمومي، والعلنية. والعلن هنا تحدده محاضر الشرطة القضائية رغم ما قد تعتريها من عيوب وناقص بل وتعسفات في بعض الأحيان ، لا سيما من حيث الاتبات ، خاصة وأن جل المحاضر هذه تتضمن وصف للجمشتبه فيه ،كمعاينة الاحمرار في العينين والتلعتم في الكلام والرائحة وعدم القدرة على المشي والتركيز، ومع ذلك يشار فيه بأن هذا الظنين قد وقع على المحضر.
ومما يثير الانتباه أن هذا المرسوم الملكي الذي جاء في حالة الاستثناء ، لم يمنع شرب الخمر وإنما من وجد في حالة سكر ، ويعرف من يشرب الخمر، أن مراحل السكر متنوعة ، فهناك من يشرب كمية كبيرة من الخمر دون أن يسكر ، وقد يسكر دون أن يفقد الصواب وبالتالي لا يكون في وضعية السكر البين ، هناك من يكون في حالة السكر البين مع احداث الضوضاء وبدونهرغم شربه كمية قليلة من الخمر ، والأمر سيان أن يوجد في أماكن خاصة كالمنزل أو عامة كالطرق .
والملفت للانتباه أن المشرع اعتبر الكبريهات مكانا عاما لا يجوز تناول فيها الخمر المؤدي إلى السكر ، وكأن الكبريهات وجدت للتربية والتعليم .
والواقع أن الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة لا تسمح ببيع الخمور بمحاداة الأوقاف العامة من قبيل أماكن العبادات والأضرحة والمقابر ، والمؤسسات التربوية والعسكرية والاستشفائية .وفي المقابل فإن منتوج الخمور واستهلاكه يعتبر موردا اقتصاديا هاما قد تخصص بعض الجرائد الوطنية صفحاتها من اجل اشهار انواعه دون ان تتصدى لها السلطات العمومية بالمنع .
ولقد اثبتت الدراسات العلمية والطبية أن خطورة الخمور على الصحة كبيرة ، على اعتبار أن الخمور من المواد السامة المؤثرة على القوى العقلية وتحقق أضرارا بالغة على الجهاز الهضمي والوزن الجسماني ناهيك عن ما قد تسببه من هشاشة العظام بسبب نقص من الكالسيوم .
و من المعلوم أنه حسب تقرير مركز بحوث النبيد والمشروبات الكحولية، فإن المغرب ينتج ما يفوق 100مليون لتر سنويا من الخمور، ناهيك عن كمية الخمور المهربة ، الشيء الذي يظهر هول هذه الآفة الاجتماعية. وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية حول استهلاك المشروبات الكحولية فإن المغرب يحتل المرتبة الثانية من حيث الاستهلاك بعد تونس . ويضخ القطاع ما يناهز 1.1 مليار درهم سنويا في ميزانية الدولة على شكل ضرائب .
المطلب الثاني : مستجدات مسودة مشروع القانوني الجنائي
ورد في المادة 1 ـ 286 من مسودة مشروع القانون الجنائي بأنه "يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2.000 إلى 10.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل شخص ضبط في حالة سكر علني بين ، في الأزقة أو الطرق أو في أماكن أخرى عمومية ، وتسبب في احداث الضوضاء أو الفوضى أو مضايقة العموم ."
إذن طبقا للمسودة المذكورة فإن قيام جنحة السكر تتطلب تحقق العناصر التالية :
1 ـ التواجد في حالة السكر ؛
2 ـ أن يكون هذا السكر علنيا وبينا ؛
3 . أن يضبط المعني بالأمر في مكان عمومي ؛
4 ـ أن يتسبب في إحداث الضوضاء أو الفوضى أو المضايقة للجمهور .
وهذا يعني أنه في حالة ما إذا اختل شرط من الشروط الأربعة ، لا تقوم الجنحة . وواضع المسودة عندما استعمل "كل شخص ضبط " فهو اختار المصطلح الدقيق لأن الضبط ليس من اختصاص الجمهور وإنما السلطات العمومية ، وهذا يعني حالة التلبس . ومع ذلك يجب أن يحرر محضر المعاينة من طرف ضباط الشرطة القضائية ، وفي حالة الشك أو المنازعة يلجأ إلى تحليل الدم أو اعتماد جهاز تحديد كمية الكحول في الدم . وهذه الوسيلة الأخيرة قد تعتمد بالنسبة للسياقة في حالة السكر.
ونحن نعتقد بأنمسودة مشروع القانون الجنائي لم تأت بجديد بل كانت رحيمة بالسكارى ، ولم تعاقب على السكر في حد ذاته وإنماخففت حتى من العقوبة الحبسية التي أتى بها المقيم العام ليوطي حينما رفع من الحد الأقصى للعقوبة الحبسية التي جعلها 6 أشهر. بل إن قانون الجزاء العماني مثلا رفعها إلى حد السنة، بينما اعتبر قانون العقوبات الأردني تعاطي المسكرات مخالفة عقوبتها غرامة لا تتجاوز 10 دنانير أو الاعتقال حتى أسبوع .
وصفوة القول فإن المسودة المشار إليها أعلاه ، بعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية ، ذلك أنه ورد في
القوانين الفقهية لابن جزي أن تطبيق الحد في شرب الخمر تتطلب تحقق بعض الشروطم نها:
1 ـ أن يكون الشارب عاقلا ؛
2 ـ أن يكون بالغا ؛
3, أن يكون مسلما فلا حد على الكافر في شرب الخمر ولا يمنع منه ؛
4ـ أن يكون برضاه وليس تحت الضغط والاكراه ؛
5ـ ألا يكون الدافع لشرب الخمر غصة ؛
6 ـ أن يعلم بأن المشروب خمرا ؛
7ـ أن يعلم بأن شرب الخمر حرام.
و يتم التتبث من شرب الخمر بالاعتراف أو الشهادة ، أو بالشم، والعقوبة هي الجلد.
وبالتالي نرى مناللازم إقرار عقوبة شديدة لكل من ارتكب جناية أو جنحة السكر العلني في نهار رمضان أو قام بانتهاك أماكن العبادات وحرمات الموتى ، أومؤسسات التربية والتعليم ولا سيما إذا كان من أطر التربية والتعليم .
ولنا أن نتساءل كباحثين ، هل هذه المسودة بالفعل تعاقب على السكر ؟ وإلى أي حد جاءت هذه المسودة متطابقة مع الواقع المعاش ، قبل أن تبادر وزارة العدل والحريات بوضعها و تجعل وزير العدل والحريات ينافح من أجلها ؟
قبل دراسة هذه المسودة، أرى من الفائدة الاطلاع على أول نص تشريعي عاقب على السكر العلني في المغرب ، وما موقف الشريعة الإسلامية من هذه الظاهرة ، ثم ما هي المستجدات التي أتت بها هذه المسودة ، وإلى أي حد تمثل توجه الحزب الذي يقود الحكومة ويشرف على وزارة العدل والحريات وهو يعلن أن مرجعيته إسلامية .
لذا سنقسم هذا الموضوع إلى المطلبين التاليين :
المطلب الأول : موقف المشرع المغربي من السكر العلني
المطلب الثاني : ما هي مستجدات مسودة مشروع القانوني الجنائي من السكر العلني
المطلب الأول: موقف المشرع المغربي من السكر العلني
بداية لا بد من التذكير بأن أول نص تشريعي تصدى لجنحة السكر العلني في المغرب كان في بداية الحماية ، وبالضبط بمقتضى ظهير 22 شتنبر 1914 ، التاريخ الذي أذن بنشره المقيم العام ليوطي .
وقد نص الفصل الأول من هذا الظهير على أنه "كل من وجد في حالة سكر في الشوارع والطرقات والساحات العمومية والقهاوي والفنادق والحانات وغيرها من المحلات العمومية أو الأماكن التي يدخلها عامة الناس يعاقب بذعيرة تتراوح من خمسين إلى الفين فرنك وبالسجن من خمسة عشر يوما إلى ستة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ."
ويضيف الفصل الثالث بأن " كل من صدر عليه حكم لمعاودة السكر جهارا يمكن أن يعلن في الحكم الصادر عليه أنه مجرد من الحقوق الآتية : وهي لا ينتخب ولا ينتخب في أي أمر كان ، ولا يدعى حكما ولا يسمى في وظيفة معين عدلي أو محلف جنائي أو غير ذلك من الوظائف العمومية أو المختصة بإدارة عامة وأيضا لا يباشر هذه الوظائف ويجرد من حق حمل السلاح ومن حق التصرف بحالة ما ويبقى مجردا عن الحقوق المذكورة مدة سنتين ابتداء من اليوم الذي صدر عليه الحكم النهائي وإذا استحق الاسقاط من الحقوق المذكورة ثانيا بموجب حكم جديد فيبقى مجردا عنها مدة عشر سنين تضاف إليها مدة السنتين الأولى "
يستشف من هذا النص أن المشرع على عهد المقيم العام ليوطي الفرنسي الجنسية المسيحي الديانة كان قاسيا مع كل شخص وجد في حالة سكر طافح وهو يتمايل في الأماكن العمومية ، لا فرق بين أن يكون الجاني مسلما أو غير مسلم ، وخصص له عقوبة مالية وحبسية تصل حد الحبس ب 6 أشهر ، وفي حالة العود يمكن الحكم عليه بالتجريد من الحقوق الوطنية.ويعلق الحكم في الأماكن العامة . ومن أجل الحفاظ على النظام العام يمكن أن يساق هذا السكير إلى أقرب سجن على نفقته إلى أن يسترجع رشده .
وانسجاما مع هذا الاتجاه صدر عن وزارة العدل منشورا تحت رقم 49 بتاريخ 19 شتنبر 1958 في موضوع مكافحة انتشار الخمور، ورد فيه أنه لقد قررت الحكومة مباشرة حملة لا هوادة فيها ضد الإدمان على الخمر الذي هو خرق لقواعد الشريعة الإلهية والقانون الوضعي .
وهذا يعني أن الحكومة في بداية الاستقلال كانت تتناغم مع الاتجاه الذي يزجر معاقرة الخمور أو الاتجار فيه ، بل إن المنشور المذكور سارفي اتجاه معاقبة جميع الجرائم المرتكبة تحت تأثير الخمور بالعقوبة الأشد . وهذا حال المرسوم الملكي رقم 66.724 بتاريخ 14 نونبر 1967 بمثابة قانون يتعلق بالمعاقبة على السكر العلني الذي نص في فصله الأول على أنه يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها ما بين 150 و 500درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل شخص وجد في حالة سكر بين، في الأزقة أو الطرق أو المقاهي أو الكبريهات أو أماكن أخرى عمومية أو يغشاها العموم , ويمكن أن تضاعف العقوبتان إذا تسبب الشخص الموجود بحالة سكر في ضوضاء تقلق راحة العموم .
وفي حالة العود يمكن الحكم بالحرمان من ممارسة بعض الحقوق الوطنية وحمل السلاح والخدمة في الجيش وممارسة مهنة التعليم وغير ذلك ....
إذن المشرع المغربي من خلال هذا المرسوم لا يعاقب على واقعة السكر في حد ذاتها وإنما يجب أن يكون الجاني في حالة تلبس بمكان عمومي، والعلنية. والعلن هنا تحدده محاضر الشرطة القضائية رغم ما قد تعتريها من عيوب وناقص بل وتعسفات في بعض الأحيان ، لا سيما من حيث الاتبات ، خاصة وأن جل المحاضر هذه تتضمن وصف للجمشتبه فيه ،كمعاينة الاحمرار في العينين والتلعتم في الكلام والرائحة وعدم القدرة على المشي والتركيز، ومع ذلك يشار فيه بأن هذا الظنين قد وقع على المحضر.
ومما يثير الانتباه أن هذا المرسوم الملكي الذي جاء في حالة الاستثناء ، لم يمنع شرب الخمر وإنما من وجد في حالة سكر ، ويعرف من يشرب الخمر، أن مراحل السكر متنوعة ، فهناك من يشرب كمية كبيرة من الخمر دون أن يسكر ، وقد يسكر دون أن يفقد الصواب وبالتالي لا يكون في وضعية السكر البين ، هناك من يكون في حالة السكر البين مع احداث الضوضاء وبدونهرغم شربه كمية قليلة من الخمر ، والأمر سيان أن يوجد في أماكن خاصة كالمنزل أو عامة كالطرق .
والملفت للانتباه أن المشرع اعتبر الكبريهات مكانا عاما لا يجوز تناول فيها الخمر المؤدي إلى السكر ، وكأن الكبريهات وجدت للتربية والتعليم .
والواقع أن الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة لا تسمح ببيع الخمور بمحاداة الأوقاف العامة من قبيل أماكن العبادات والأضرحة والمقابر ، والمؤسسات التربوية والعسكرية والاستشفائية .وفي المقابل فإن منتوج الخمور واستهلاكه يعتبر موردا اقتصاديا هاما قد تخصص بعض الجرائد الوطنية صفحاتها من اجل اشهار انواعه دون ان تتصدى لها السلطات العمومية بالمنع .
ولقد اثبتت الدراسات العلمية والطبية أن خطورة الخمور على الصحة كبيرة ، على اعتبار أن الخمور من المواد السامة المؤثرة على القوى العقلية وتحقق أضرارا بالغة على الجهاز الهضمي والوزن الجسماني ناهيك عن ما قد تسببه من هشاشة العظام بسبب نقص من الكالسيوم .
و من المعلوم أنه حسب تقرير مركز بحوث النبيد والمشروبات الكحولية، فإن المغرب ينتج ما يفوق 100مليون لتر سنويا من الخمور، ناهيك عن كمية الخمور المهربة ، الشيء الذي يظهر هول هذه الآفة الاجتماعية. وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية حول استهلاك المشروبات الكحولية فإن المغرب يحتل المرتبة الثانية من حيث الاستهلاك بعد تونس . ويضخ القطاع ما يناهز 1.1 مليار درهم سنويا في ميزانية الدولة على شكل ضرائب .
المطلب الثاني : مستجدات مسودة مشروع القانوني الجنائي
ورد في المادة 1 ـ 286 من مسودة مشروع القانون الجنائي بأنه "يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2.000 إلى 10.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل شخص ضبط في حالة سكر علني بين ، في الأزقة أو الطرق أو في أماكن أخرى عمومية ، وتسبب في احداث الضوضاء أو الفوضى أو مضايقة العموم ."
إذن طبقا للمسودة المذكورة فإن قيام جنحة السكر تتطلب تحقق العناصر التالية :
1 ـ التواجد في حالة السكر ؛
2 ـ أن يكون هذا السكر علنيا وبينا ؛
3 . أن يضبط المعني بالأمر في مكان عمومي ؛
4 ـ أن يتسبب في إحداث الضوضاء أو الفوضى أو المضايقة للجمهور .
وهذا يعني أنه في حالة ما إذا اختل شرط من الشروط الأربعة ، لا تقوم الجنحة . وواضع المسودة عندما استعمل "كل شخص ضبط " فهو اختار المصطلح الدقيق لأن الضبط ليس من اختصاص الجمهور وإنما السلطات العمومية ، وهذا يعني حالة التلبس . ومع ذلك يجب أن يحرر محضر المعاينة من طرف ضباط الشرطة القضائية ، وفي حالة الشك أو المنازعة يلجأ إلى تحليل الدم أو اعتماد جهاز تحديد كمية الكحول في الدم . وهذه الوسيلة الأخيرة قد تعتمد بالنسبة للسياقة في حالة السكر.
ونحن نعتقد بأنمسودة مشروع القانون الجنائي لم تأت بجديد بل كانت رحيمة بالسكارى ، ولم تعاقب على السكر في حد ذاته وإنماخففت حتى من العقوبة الحبسية التي أتى بها المقيم العام ليوطي حينما رفع من الحد الأقصى للعقوبة الحبسية التي جعلها 6 أشهر. بل إن قانون الجزاء العماني مثلا رفعها إلى حد السنة، بينما اعتبر قانون العقوبات الأردني تعاطي المسكرات مخالفة عقوبتها غرامة لا تتجاوز 10 دنانير أو الاعتقال حتى أسبوع .
وصفوة القول فإن المسودة المشار إليها أعلاه ، بعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية ، ذلك أنه ورد في
القوانين الفقهية لابن جزي أن تطبيق الحد في شرب الخمر تتطلب تحقق بعض الشروطم نها:
1 ـ أن يكون الشارب عاقلا ؛
2 ـ أن يكون بالغا ؛
3, أن يكون مسلما فلا حد على الكافر في شرب الخمر ولا يمنع منه ؛
4ـ أن يكون برضاه وليس تحت الضغط والاكراه ؛
5ـ ألا يكون الدافع لشرب الخمر غصة ؛
6 ـ أن يعلم بأن المشروب خمرا ؛
7ـ أن يعلم بأن شرب الخمر حرام.
و يتم التتبث من شرب الخمر بالاعتراف أو الشهادة ، أو بالشم، والعقوبة هي الجلد.
وبالتالي نرى مناللازم إقرار عقوبة شديدة لكل من ارتكب جناية أو جنحة السكر العلني في نهار رمضان أو قام بانتهاك أماكن العبادات وحرمات الموتى ، أومؤسسات التربية والتعليم ولا سيما إذا كان من أطر التربية والتعليم .