تعرف الساحة السياسية بالمغرب حالة من اللامعنى على مستوى الخطاب.ولأن الخطاب هو إنتاج لغوي واللغة ليس شيئا آخر غير انعكاس لمرجعية قيمية معينة، فإننا نكاد لا نعرف للخطاب السائد الآن هوية ما.بمعنى آخر فأن هذا الخطاب يفقد اللغة نفسها.
إن الفاعل السياسي يعبر باستمرار على الوضع الشاذ الذي يعكس -بمعنى ما- حالة الضبابية التي تعتري المشهد في تفصيلاته الاجتماعية والاقتصادية والقيمية... هذه الفوضى تجعل التماسك يغيب داخل بنية هذا الخطاب، بحيث إن الحجة نفسها يمكن أن نجدها في خطابين متعارضين على مستوى المنطوق السياسي، حتى لا نقول على مستوى الخطاب السياسي.
هذا يحملنا على القول أن هناك تشابه كبير بين مضامين القول السياسي مما لا يتيح عملية التدافع التي تنجم عادة على وجود التنوع الذي يبلغ درجة التوتر، فيفرز تلقائيا حركة إلى الأمام.إن واحدية القول السياسي تفرز بالضرورة ستاتيكية سلبية، ينجم عنها الاطمئنان المستمر للأجوبة السائدة حول القضايا المجتمعية.
وإذا كان القول السياسي يعاني من التفكك الداخلي من حيث بنيته ويفقد اللغة الدالة على هويته ويعاني الواحدية، فهو يواجه أيضا الحذر المستمر من الوقوع في المحرم اللغوي السياسي.وهذا يجعله خارج التاريخ والسياق ومتطلبات المرحلة، بما هي مرحلة مواجهة الذات وإعادة ترتيب المواقع السياسية على مستوى الفعل السياسي وبروز مخاطب جديد أصبح بإمكانه مقارنة ما يحدث ببلادنا بما يحدث في البلدان المشابهة...
يزيد المشهد غموضا كلما تأملنا الضمانات الدستورية الجديدة للقول السياسي.فباستعراض لمضامين الدستور الجديد يمكن الجزم أن الإطار القانوني يضمن الحد الضروري لممارسة سياسية متحررة من هواجس الاختلاف، فأفرد للمعارضة دورا مهما على مستوى التشريع والرقابة وأقر الديمقراطية التشاركية واستوعب الفرقاء الاجتماعيين في مساطر التشريع...
والغاية هي تكريس الديمقراطية التعددية كخيار لا رجعة فيه للدول في طور البناء.لكن الإشكالية تنبسط مرة أخرى. لماذا استمر القول السياسي نفسه وبالعلل نفسها؟
لعل أول ما يتبادر للذهن هو أن هناك نوع من الانفصال بين النص القانوني والقول السياسي في بلادنا، لأن هذا النص المؤطر للتعاقد المجتمعي رفع السقف السياسي إلى درجة نجد أن رئيس الحكومة يتنازل عن بعض اختصاصاته مثلا، ونجد المعارضة غير قادرة على تحريك المساطر الرقابية المخولة لها،والمجتمع المدني لا يضطلع بالأدوار الكبيرة المتاحة...
ألا يعاني القول السياسي من الوسواس القهري الذي يمنعه اقتحام المحرم اللغوي والذي لم يعد كذلك إلا في تمثلات الفاعل السياسي؟ألا يمكن القول أننا في حاجة ملحة لإعادة تشكيل التكتلات السياسية بالشكل الذي يجعل لكل تكتل هويته الخاصة؟ألا يمكن القول أن تشجيع الاختلاف هو أساس كل خطاب سياسي حقيقي؟ بأي معنى يتحول الخطاب السياسي المفكك إلى وسيلة لتعنيف المخاطب؟
إن النتيجة الحتمية لهذا الوضع المأساوي على مستوى القول السياسي هو العنف.نعم العنف اللامادي -وأشدد على هذا القول- إنه عنف موجه يبعد باستمرار المواطن من حلبة الصراع السياسي ويكرس غربة الخطاب المختلف وخطاب الغربة السياسية المتجبر.
الخطورة إذن أن أغلب المخاطبين لا يكترثون بما يجري من تدافع صوري في اللعبة السياسية المملة.ولأن الإنسان كائن سياسي بالضرورة في التصور الأرسطي فسيذهب تلقائيا للبحث عن ممارسة السياسة في مساحات أخرى غارقة في التيولوجية واللاهوتية لا تؤمن بالتعددية، فيملأ المواطن بذلك الفراغات المهولة والتي يتركها باستمرار القول السياسي البئيس في بلادنا فيعرض المرحلة بكاملها للانهيار.
إن الفاعل السياسي يعبر باستمرار على الوضع الشاذ الذي يعكس -بمعنى ما- حالة الضبابية التي تعتري المشهد في تفصيلاته الاجتماعية والاقتصادية والقيمية... هذه الفوضى تجعل التماسك يغيب داخل بنية هذا الخطاب، بحيث إن الحجة نفسها يمكن أن نجدها في خطابين متعارضين على مستوى المنطوق السياسي، حتى لا نقول على مستوى الخطاب السياسي.
هذا يحملنا على القول أن هناك تشابه كبير بين مضامين القول السياسي مما لا يتيح عملية التدافع التي تنجم عادة على وجود التنوع الذي يبلغ درجة التوتر، فيفرز تلقائيا حركة إلى الأمام.إن واحدية القول السياسي تفرز بالضرورة ستاتيكية سلبية، ينجم عنها الاطمئنان المستمر للأجوبة السائدة حول القضايا المجتمعية.
وإذا كان القول السياسي يعاني من التفكك الداخلي من حيث بنيته ويفقد اللغة الدالة على هويته ويعاني الواحدية، فهو يواجه أيضا الحذر المستمر من الوقوع في المحرم اللغوي السياسي.وهذا يجعله خارج التاريخ والسياق ومتطلبات المرحلة، بما هي مرحلة مواجهة الذات وإعادة ترتيب المواقع السياسية على مستوى الفعل السياسي وبروز مخاطب جديد أصبح بإمكانه مقارنة ما يحدث ببلادنا بما يحدث في البلدان المشابهة...
يزيد المشهد غموضا كلما تأملنا الضمانات الدستورية الجديدة للقول السياسي.فباستعراض لمضامين الدستور الجديد يمكن الجزم أن الإطار القانوني يضمن الحد الضروري لممارسة سياسية متحررة من هواجس الاختلاف، فأفرد للمعارضة دورا مهما على مستوى التشريع والرقابة وأقر الديمقراطية التشاركية واستوعب الفرقاء الاجتماعيين في مساطر التشريع...
والغاية هي تكريس الديمقراطية التعددية كخيار لا رجعة فيه للدول في طور البناء.لكن الإشكالية تنبسط مرة أخرى. لماذا استمر القول السياسي نفسه وبالعلل نفسها؟
لعل أول ما يتبادر للذهن هو أن هناك نوع من الانفصال بين النص القانوني والقول السياسي في بلادنا، لأن هذا النص المؤطر للتعاقد المجتمعي رفع السقف السياسي إلى درجة نجد أن رئيس الحكومة يتنازل عن بعض اختصاصاته مثلا، ونجد المعارضة غير قادرة على تحريك المساطر الرقابية المخولة لها،والمجتمع المدني لا يضطلع بالأدوار الكبيرة المتاحة...
ألا يعاني القول السياسي من الوسواس القهري الذي يمنعه اقتحام المحرم اللغوي والذي لم يعد كذلك إلا في تمثلات الفاعل السياسي؟ألا يمكن القول أننا في حاجة ملحة لإعادة تشكيل التكتلات السياسية بالشكل الذي يجعل لكل تكتل هويته الخاصة؟ألا يمكن القول أن تشجيع الاختلاف هو أساس كل خطاب سياسي حقيقي؟ بأي معنى يتحول الخطاب السياسي المفكك إلى وسيلة لتعنيف المخاطب؟
إن النتيجة الحتمية لهذا الوضع المأساوي على مستوى القول السياسي هو العنف.نعم العنف اللامادي -وأشدد على هذا القول- إنه عنف موجه يبعد باستمرار المواطن من حلبة الصراع السياسي ويكرس غربة الخطاب المختلف وخطاب الغربة السياسية المتجبر.
الخطورة إذن أن أغلب المخاطبين لا يكترثون بما يجري من تدافع صوري في اللعبة السياسية المملة.ولأن الإنسان كائن سياسي بالضرورة في التصور الأرسطي فسيذهب تلقائيا للبحث عن ممارسة السياسة في مساحات أخرى غارقة في التيولوجية واللاهوتية لا تؤمن بالتعددية، فيملأ المواطن بذلك الفراغات المهولة والتي يتركها باستمرار القول السياسي البئيس في بلادنا فيعرض المرحلة بكاملها للانهيار.