المقدمة:
يعتبر توثيق المعاملات و العقود بين الناس منبعا لاستقرارها و شعور المتعاملين في إطارها بالأمن و الاطمئنان و ضمان الحقوق, و بذلك فالتوثيق أصبح ركيزة أساسا لنماء الدول في كافة الحقول و الميادين (اجتماعيا, اقتصاديا, سياسيا...).
و مؤسسة التوثيق في المغرب لم تكن وليدة اليوم, بل لها جذور ممتدة العمق في التاريخ, تعود بوادرها إلى دخول الإسلام إلى المغرب, و منذ ذاك الحين, مر التوثيق بمجموعة من المحطات, كانت لكل محطة سمة أضفتها على هذه المؤسسة, سواء بتضييق الخناق أو بتوسيع دائرة التعامل في إطار هذا العلم الجليل.
و تتقاسم مشهد التوثيق في المغرب ثلاثة أقطاب رئيسة, توثيق عرفي و عدلي و آخر عصري, تختلف الأوراق و المحررات الصادرة عن كل قطب باختلاف تكوينه و طريقة اشتغاله, فإذا كان التوثيق العرفي يصدر محررات عرفية تنقض مقتضياتها بكافة طرق الإثبات, فإن كلا من التوثيق العدلي و العصري ينتجان محررات رسمية لا يطعن فيها سوى بطرق واحد, حصره المشرع المغربي في دعوى الزور الفرعية, و المساواة بين الورقة الصادرة عن العدل و الأخرى الصادرة عن الموثق من حيث الحجية, لا يعني أن كلاهما تمر بنفس المسطرة و تتقاسمان نفس الإجراءات, بل لكل مرفق خصوصياته و مميزاته التي ينفرد بها.
و لعل الوثيقة الرسمية الصادرة عن الموثق العصري –و هي موضوع دراستنا- تحتل المكانة الأسمى بين باقي الوثائق الأخرى سالفة الذكر, نظرا لما متع به المشرع المغربي مرفق التوثيق العصري من حسن في التنظيم, إلى جانب الظروف و الكفاءات العالية المنوط بها السهر على إعداد هذه الوثائق و تحريرها.
و كان مرفق التوثيق العصري منظما ابتداء بظهير 4 ماي 1925, هذا الأخير الذي استوحى أحكامه من القانون الفرنسي 25 فانتوز, إلا أن ظهير 1925 لم يعد مواكبا للتطورات التي شهدها المجتمع المغربي, الشئ الذي دفع بالمشرع إلى سن قانون جديد بمقتضيات جديدة, و هو القانون رقم 32.09[1].
و تكمن أهمية دراسة الموضوع فيما للورقة الرسمية من أهمية بالغة في ضمان الحقوق و استقرار المعاملات, كما أن دراسة الورقة الرسمية من المنظور القانوني يفيد كثيرا في تمييزها عن ما قد يشتبه بها من الوثائق الأخرى المعدة للإثبات, إلى جانب أن الوقوف على حقيقة الورقة الرسمية من حيث قوتها الثبوتية, لا محالة سيزيد من بعث الثقة في نفوس المتعاقدين و حثهم على توثيق عقودهم و إضفاء الرسمية عليها, الشئ الذي سيساعد على تحقيق النماء و جلب الاستثمار.
و يتبنى الموضوع طرحا فريدا مفاده القوة الثبوتية التي يتمتع بها المحرر الرسمي الصادر عن الموثق العصري في إطار احكام القانون 32.09, تتفرع عنه مجموعة من الأسئلة الفرعية من قبيل؛ ما هي أبرز الضمانات التي يوفرها المحرر الرسمي للمتعاملين في إطاره؟ إلى أي حد يتمتع المحرر الرسمي بالقوة في الإثبات و الحجية الرسمية بين عاقديه؟ و ما حدود امتداد هذه الحجية إلى الأغيار؟ و هل يمكن اعتبار المحررات الإلكترونية محررات متمتعة بنفس حجية المحرر الورقي؟ و ما هي الوسائل المقررة قانونا للطعن في حجية الورقة الرسمية؟
و للإحاطة بمختلف جوانب الموضوع و كذا جعله منسجما شكلا و مضمونا, فقد ارتأينا تقسيمه إلى مطلبين, نتناول في الأول منهما حجية المحرر الرسمي بين الأطراف المنشئة له و كذا حجيته في مواجهة الغير, على أساس أن نكرس مقتضيات المطلب الثاني للحديث عن المحررات الإلكترونية و الحجية التي تتمتع بها من حيث الإثبات إلى جانب دراسة دعوى الزور الفرعية.
و نعتمد لكل هذا منهجا وصفيا تحليليا, وفق النسق الآتي:
المطلب الأول: حجية المحرر الرسمي بين عاقديه و على الغير
المطلب الثاني: حجية المحرر الإلكتروني و دعوى الزور الفرعية
المطلب الأول: حجية المحرر الرسمي بين عاقديه و على الغير
بعد تحرير الوثيقة الرسمية وفق الضوابط القانونية و من طرف موثق أهل لمارسة التوثيق, فإنها تكتسب حجية مطلقة في الجانب المتعلق بما راج أمام هذا الأخير, و بذلك فهي تعتبر حجة قاطعة على أطراف التعاقد (الفقرة الأولى) كما أنها حجة حتى في مواجهة الأغيار (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: حجية المحرر الرسمي بين الأطراف
و بهذا تكون هذه المحررات طبقا للفصل 420 من قانون الالتزامات و العقود[2] حجة قاطعة في الاتفاقات و الشروط الواقعة بين الطرفين و كذا في الأسباب المذكورة فيها و غير ذلك من الوقائع التي لها علاقة مباشرة بجوهر العقد, كما أنها تعتبر حجة على الأمور التي يثبت الموثق وقوعها مع ضرورة ذكر كيفية معرفتها باستثناء تلك التي لا يكون لها أثر[3], و بصفة عامة جميع البيانات التي يدركها الموثق بالسمع أو البصر و يضمنها في الوثيقة بحيث تكون لها حجية في الاثبات إلى أن يتم الطعن فيها بالزور, إذ ذاك تتعطل عن السريان إلى أن تثبت صحتها أو زوريتها.
من خلال ما سبق يتضح أن مختلف البيانات الموضوعية التي ضمنت في حضور الموثق تكون لها حجية رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بدعوى الزور المدنية الفرعية, ويفاد من ذلك أن باقي البيانات الموضوعية التي ضمنت في العقد و في غير حضور الموثق لا تكتسب الحجة الرسمية و إنما تبقى لها فقط حجية عادية, و العبرة في ذلك أن الموثق لا يستطيع التأكيد على مصداقية هذه البيانات, وبالتالي يمكن إثبات خلافها بكافة وسائل الإثبات و هذا ما كرسه القضاء المغربي[4] و كذلك القضاء الفرنسي في قرارات لمحكمة النقض الفرنسية[5]
كما جاءت المادة 11 من قانون البينات الفلسطيني[6] صريحة و واضحة في منح المحرر الرسمي حجية في مواجهة المتعاقدين و لا يجوز لذوي المصلحة او الغير نفي هذه الحجية إلا بإثبات التزوير, و انطلاقا من هذا المقتضى يتضح أن المشرع الفلسطيني نحى نحو المشرع المغربي في إقرار حجية المحرر الرسمي و مدى قوة إثباته فيما بين الأطراف.
و بالرجوع الى قانون البينات السوري رقم 359 في المواد المدنية و التجارية نجده نص في الفقرة الثانية من مادته السادسة على الآتي: " 2 - أما ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات فيعتبر صحيحا حتى يقوم الدليل على ما يخالفه." و بذلك يكون قد نهج ما سار عليه المشرعين المغربي والفلسطيني لاعتباره المحرر حجة قاطعة بين أطرافه, إلى حين إثبات ما يخالف ذلك.
الفقرة الثانية: حجية المحرر الرسمي في مواجهة الغير
و يتضح من خلال مضمون هذه الفقرة أن حجية الورقة الرسمية لا تسري على الأطراف فقط بل تشمل الغير بصفة عامة, و عليه لا يستطيع هذا الأخير أن يكذب ما تضمنه المحرر من بيانات رسمية دون أن يسلك نفس الطريق الذي يلزم أطراف العقد سلوكه للوصول الى هذا التكذيب و هو مسطرة الزور الفرعي[7].
و قد أعطى المشرع المغربي الحق للمتضرر أو صاحب المصلحة في حالة الطعن في مشروعية الورقة الرسمية بواسطة إكراه او احتيال او تدليس أو صورية او خطإ مادي ان يثبت عكس ذلك بواسطة شهادة الشهود او عن طريق القرائن القوية أو الملائمة دون حاجة الى القيام بالزور[8].
و في هذا ساق الدكتور عبد المجيد بوكير في كتابه " التوثيق العصري المغربي " مثالا لذلك بأنه اذا حصل و أن باع شخص مدين دارا بتوثيق رسمي و ادعى الدائن ان هذا البيع الرسمي لم يصدر من مدينه ليتمكن بذلك من تنفيذ حقه على الدار المبيعة, فانه و الحالة هاته لا يستطيع انكار ما ورد بالمحرر الرسمي من بيانات قام بها الموثق في حدود مهنته او وقعت من ذوي الشأن بحضوره, كصدور البيع من المدين الا ان يدعي الزور, لان حجية وثيقة البيع الرسمية حجة ثابتة و قاطعة على الغير الذي هو الدائن في هذا الفرض مثلما هي حجة على المدين (البائع) و على المشتري.
غير أن الدائن (الغير) يستطيع في هذا الفرض انكار البيع في ذاته الذي اثبته الموثق دون مساس او تعرض لأمانة هذا الموثق او صدقه و ذلك بادعاء صورية البيع الصادر من مدينه ويتمتع في ذلك بحرية الاثبات[9].
كما ان قانون البينات في المواد المدنية و التجارية السوري أكد على أن الحجية في السند الرسمي تثبت له في مواجهة الغير[10], فلا يمكن بذلك اثبات عكسها مادام صادرا عن موظف رسمي أو موقعا من الجهات المختصة بحضور هذا الموظف, و لا يكون الطعن فيها مقررا إلا بطريق واحد, و هو دعوى الزور.
و نشير في ختام هذا المطلب الى ما استقر عليه الفقه الاسلامي بخصوص حجية المحرارات, فهو لم يفرق فيها بين الرسمية و العرفية, كما لم يميز بخصوصها فيما يتعلق بالمسائل المدنية و المسائل الجنائية, فقد اعتمد بشكل كلي على صحة الدليل و قوة البينة, سواء جاء هذا الدليل في محرر رسمي أو عرفي, دونه موظف عام أو فرد عادي[11].
المطلب الثاني: حجية المحرر الإلكتروني و دعوى الزور الفرعية
سبق و أكدنا أن المحرر الرسمي الورقي يحمل حجية قاطعة بين عاقديه و حتى في مواجهة الغير, لكن يبقى التساؤل عن القوة الثبوتية التي تحملها المحررات الإلكترونية, و ما إذا كانت تتمتع بحجية مطلقة شأنها في ذلك شأن المحرر الرسمي الورقي, أم ان هذه المحررات تتمتع بمقتضيات خاصة (الفقرة الأولى), و كما أشرنا سلفا فإن المحرر الذي جاء وفق الشكل المحدد قانونا و حرره موثق متمتع بصلاحية التوثيق, يكتسب حجية قاطعة لا يمكن الطعن فيها إلا بدعوى الزور الفرعية, ليبقى التساؤل عن طبيعة هذه الدعوى و إطارها القانوني (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: حجية المحرر الالكتروني من حيث الإثبات
و عموما يمكن تعريف هذه المحررات بكل الحروف أو الرموز أو الأرقام أو العلامات التي تثبت على دعامة إلكترونية أو ضوئية أو ورقمية أو أية وسيلة أخرى مشابهة شريطة أن تعطي دلالة قابلة للإدراك[12].
كما تعرف بأنها كل عقد يحرر على دعامة إلكترونية و ذلك بتلاقي العرض و الطلب و القبول, او ينفذ كليا أو جزئيا على شبكة للاتصال عن بعد عن طريق استعمال وسائل الكترونية[13].
و برجوعنا إلى القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية[14], نجد أن المشرع المغربي قد ساوى بين حجية الدليل الكتابي و الدليل الإلكتروني.
فالوثيقة الإلكترونية تقبل بدورها الإثبات بالطريق الذي يتم به إثبات المحرر الورقي, لكن شرط أن يكون بالإمكان التعرف على الشخص مصدر المحرر الإلكتروني, وكذا أن يكون معدا بشكل يضمن سلامته و هذا ما جاء به الفصل 417-1 من قانون الالتزامات و العقود المغربي المعدل بموجب القانون 53.05, حيث جاء نصه كالتالي: " تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة الكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.
تقبل الوثيقة المحررة بشكل الكتروني للإثبات, شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق, شريطة ان يكون بالإمكان التعرف, بصفة قانونية, على الشخص الذي صدرت عنه و أن تكون معدة و محفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها".
نفس الاتجاه سار عليه المشرع المصري من خلال المادة 15 من القانون 15-2004 المتعلق بالتوقيع الالكتروني, حيث جاء فيها مايلي: " للكتابة الالكترونية و المحررات الإلكترونية, في نطاق المعاملات المدنية و التجارية و الإدارية، ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية و العرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وفقا للضوابط الفنية و التقنية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون"
و تجدر الإشارة إلى أن المحرر الإلكتروني لا يتمتع بالحجية سالفة الذكر إلا إذا استوفى مجموعة من الشروط أوردها الفصلين 417-1 و 417-2 من قانون الالتزامات و العقود, و هي أن يكون بالمقدور التعرف على الجهة المصدرة للمحرر الالكتروني, كما أن هذا الأخير لابد من إعداد بشكل يحفظه و يضمن تماميته, إلى جانب تضمين توقيع على المحرر[15], و أخيرا أن يحمل المحرر تاريخا ثابتا.
و باستجماع هذه الشروط فإن المحرر الإلكتروني للموثق العصري يصبح نظاميا و معمولا به و ذا حجية مضاهية لتلك التي تتمتع بها المحررات المعدة على دعامة ورقية[16]
الفقرة الثانية: الطعن في المحررات الرسمية بدعوى الزور الفرعية
بعدما تطرقنا في النقاط السابقة الى أن المحرر الرسمي سواء كان إلكترونيا أو ورقيا يتمتع بقوة ثبوتية, و حجية قوية, و أشرنا إلى أن هذه الحجية لا يمكن الطعن فيها إلا بدعوى الزور الفرعي, كان لزاما علينا أن نخصص نقطة من نقاط هذا الموضوع للحديث عن هذه الدعوى.
فهذه الأخيرة جعلها المشرع المغربي السبيل الوحيد للطعن في المقتضيات المضمنة بالعقد, و سبق و أن أشرنا إلى أنه ليست كل البيانات المضمنة بالعقد لها نفس القوة الثبوتية و نفس الحجية, و إنما تلك التي تمت في حضور الموثق هي وحدها المتمتعة بهذه الحجية, أما باقي البيانات الأخرى؛ أي التي تمت في غير أنظار أو مسمع الموثق, فيمكن إثبات عكسها بجميع طرق الإثبات.
و جعل المشرع المغربي دعوى الزور الفرعية السبيل الوحيد للطعن في حجية المحرر, كان تكريسا لمختلف الضمانات التي منحها للمحررات الرسمية, حتى لا تبقى عرضة للتشويش و الطعن في مصداقيتها كل حين.
و يعرف الأستاذ محمد منجي دعوى الزور الفرعية بأنها دعوى عارضة يتم رفعها أثناء سريان دعوى أصلية قائمة, في أحد المستندات المقدمة فيها بهدف الطعن في صحتها, وبالتالي عدم اعتمادها من المحكمة كدليل للإثبات في الدعوى الأصلية[17], كما تعرف كذلك بكونها سلسلة الإجراءات المتبعة لإثبات تزوير مستند مقدم إلى هيئة الحكم سواء كان المستند رسميا أو عرفيا[18]
و بالرجوع الى قانون المسطرة المدنية المغربي, نجد مشرعه خصص الفصول من 92 الى 102 لتنظيم مختلف المقتضيات المتعلقة بدعوى الزور الفرعية المدنية, كما أنه اعتبر هذه الدعوى طلبا عارضا و ليس أصليا[19], و بذلك يكون قد حسم النزاع بين قائل بأن دعوى الزور الفرعية دعوى أصلية, و بين قائل باعتبارها طلبا عارضا.
و ما دام الطعن بالزور طلبا عارضا, كما وضح ذلك الفصل 94 أعلاه, فان شروطه تبقى هي نفسها شروط الطلبات العارضة الأخرى, و نجملها في أن التزوير يجب أن يكون موجها للمحرر الرسمي نفسه, و وجوب قيام دعوى أصلية معروضة على هيئة الحكم, بالإضافة إلى ضرورة توفر شرط المصلحة في المتمسك بالزور[20].
خاتمة:
حاول الموضوع الجمع بين مجموعة من القوانين المختلفة ليدرس حجية المحررات الرسمية الصادرة عن الموثق العصري, ابتداء من الأحكام المنظمة للورقة الرسمية في قانون الالتزامات و العقود, و كذا أحكامها الواردة في القانون رقم 32.09, دون إغفال الانفتاح على مقتضيات القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية, و كذا أحكام قانون المسطرة المدنية, خصوصا الفصول من 92 إلى 102 المنظمة للزور الفرعي كطلب عارض.
و تماشيا مع كل ما ذكر, تناول الموضوع حجية المحرر الرسمي بين الأطراف المنشئة له, مؤكدا على أنه يكسب حجية قاطعة على هذا المستوى, إلى جانب تناوله امتداد هذه الحجية حتى إلى الأغيار و ذلك انطلاقا من تحليل مقتضيات الفصل 419 من قانون الالتزامات و العقود, مستأنسا بالمقارنة مع قانون البينات السوري في المواد المدنية و التجارية.
كما درس الموضوع المحررات الإلكترونية, مفتتحا الحديث بتعريفها, مختتما إياه بتأكيده على مساواتها للمحرر الورقي من حيث الإثبات, كما عالج الموضوع دعوى الزور الفرعية كطريق حصري للطعن في حجية هذه المحررات.
و من خلال كل ما سبق, سجلنا مجموعة من الملاحظات لعل أبرزها:
- أن المحررات الرسمية الصادرة عن الموثق العصري هي بحق وسيلة فعالة لضمان الحقوق و حمايتها من الضياع, و ذلك باعتبارها حجة على أطراف التعاقد, بل تمتد حجيتها حتى إلى الأغيار.
- أن المشرع المغربي, و وعيا منه بأهمية مرفق التوثيق و دوره البارز في تحقيق الاستقرار على كافة المستويات, بادر إلى تعديل مقتضيات ظهير 1925 بالقانون 32.09, و بذلك يكون قد ساير ركب الدول المتقدمة في مجال تقنين مرافق الدولة الحساسة.
- حسنا فعل المشرع المغربي لما متع المحررات الإلكترونية بنفس الحجية التي خولها للمحررات الورقية, و ذلك فطنة منه إلى ما عرفته الساحة الدولية من تطور و تقدم في مجال التعاقد الإلكتروني و التعاقد عن بعد, و بتقنينه لهذا النوع من المحررات يكون قد قطع شوطا مهما في تحقيق النماء و جلب الاستثمار.
لائحة المراجع:
أولا: الكتب
- عبد المجيد بوكير, التوثيق العصري المغربي، الطبعة الثانية، مكتبة دار السلام،2010
- العربي جنان, التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية, الطبعة الأولى, المطبعة و الوراقة الوطنية, مراكش, 2008
- محمد حسين منظور, قانون الإثبات, دار الجامعة الجديدة للنشر, الاسكندرية, مصر
- محمد منجي, دعوى الزور الفرعية في المواد المدنية, الطبعة الاولى, منشأة المعارف, الاسكندرية, 1992.
- الطيب الفصايلي, الوجيز في القانون القضائي الخاص, الجزء الثاني, الطبعة الثانية, مطبعة النجاح الجديدة, الدار البيضاء, 1999
- جواد بوكلاطة الإدريسي, الطبيعة القانونية لدعوى الزور الفرعي في التشريع المغربي و المقارن, الطبعة الأولى, مطبعة النجاح الجديدة, الدار البيضاء, 2005
- مجلة المحاكم المغربية,عدد 832, سنة 1939.
- مجلة المحاكم المغربية, العدد 112, يناير- فبراير 2008.
- مجلة المحاكم المغربية, العدد المزدوج 137-138 دجنبر 2012.
- مجلة الملف, العدد 16, أبريل 2010.
- مجلة الدراسات الاجتماعية, العدد 12 يوليو- ديسمبر, 2001.
الهوامش
[1] الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.179 بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 المواقف لـ 22 نونبر 2011, الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011.
[2] جاء في هذا الفصل مايلي: " الورقة الرسمية حجة في الاتفاقات و الشروط الواقعة بين المتعاقدين و في الأسباب المذكورة فيها و في غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد, و هي أيضا حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي وقوعها إذا ذكر كيفية وصوله لمعرفتها. و كل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له اثر"
[3] د.عبد المجيد بوكير, التوثيق العصري المغربي، الطبعة الثانية، مكتبة دار السلام،2010, ص 103.
[4] قرار محكمة الاستئناف بالرباط, بتاريخ 23 ماي 1939, منشور بمجلة المحاكم المغربية لسنة 1939 عدد 832, ص 219, نقلا عن نور الدين لعرج, حجية التوثيق الرسمي في الاثبات و في التنفيذ,ص 7, غير منشور.
[5] قرار محكمة النقض الفرنسية, رقم 230, الغرفة المدنية الثالثة, صادر بتاريخ 27 مارس 1973, نقلا عن نور الدين لعرج, ص 7, غير منشور.
[6] نصت هذه المادة على التالي: " السندات حجة على الكافة بما دون فيها من امور قام بها محررها في حدود مهمته, أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره مالم يثبت تزويرها بالطرق المقررة قانونا."
[7] د.عبد المجيد بوكير, المرجع السابق, ص 103.
[8] و هذا ما جاء به نص الفقرة الثانية من الفصل 419 من قانون الالتزامات و العقود: " إلا انه اذا وقع الطعن في الورقة بسبب اكراه او احتيال او تدليس او صورية او خطإ مادي فانه يمكن اثبات ذلك بواسطة الشهود و حتى بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج الى القيام بدعوى الزور."
[9] د.عبد المجيد بوكير, المرجع السابق, ص 104.
[10] جاء في الفقرة الاولى من المادة 6 من قانون البينات السوري: " تكون الاسناد الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من افعال مادية قام بها الموظف العام في حدود مهمته او وقعت من ذوي الشأن في حضوره و ذلك ما لم يثبت تزويرها بالطرق المقررة قانونا."
[11] عبد الله أحمد فروان, المحررات و حجيتها في الإثبات في الفقه الاسلامي و القانون اليمني, مقال منشور بمجلة الدراسات الاجتماعية, العدد 12 يوليو- ديسمبر, 2001, ص 157.
[12] نور الدين الناصري, المحررات الإلكترونية و حجيتها في إثبات التصرفات المدنية و التجارية, مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية, العدد 112, يناير- فبراير 2008, ص 43.
[13] مصطفى مالك, ابرام العقد الالكتروني, مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية, العدد المزدوج 137-138 دجنبر 2012, ص 77.
[14] الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.07.129 بتاريخ 19 ذي القعدة 1428 الموافق لـ 30نونبر 2007, المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر 2007, الصفحة 3879.
[15] تجدر الإشارة إلى أن التوقيعات الواردة على المحرر الإلكتروني متعددة و مختلفة, فهي إما أن تأتي في صورة توقيع يدوي رقمي, أو توقيع بيومتري, أو توقيع رقمي, أو توقيع مركب من البطاقة الإلكترونية و الرقم السري, للتوسع في موضوع التوقيع الإلكتروني ينظر العربي جنان, التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية, الطبعة الأولى, المطبعة و الوراقة الوطنية, مراكش, 2008 ص 38 و ما بعدها. و محمد حسين منظور, قانون الإثبات, دار الجامعة الجديدة للنشر, الاسكندرية, مصر, ص 286 و ما بعدها.
[16] عبد المجيد بوكير, ضوابط المحررات الالكترونية الصادرة عن الموثق العصري, مقال منشور بمجلة الملف, العدد 16, أبريل 2010, ص 65.
[17] محمد منجي, دعوى الزور الفرعية في المواد المدنية, الطبعة الاولى, منشأة المعارف, 1992, الاسكندرية, ص 105.
[18] الطيب الفصايلي, الوجيز في القانون القضائي الخاص, الجزء الثاني, الطبعة الثانية, مطبعة النجاح الجديدة, الدار البيضاء, 1999, ص 83.
[19] و ذلك بمقتضى الفصل 94 من قانون المسطرة المدنية المغربي و الذي جاء فيه: " اذا وضع المستند اجرى القاضي التحقيق في الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي."
[20] للمزيد من التفصيل في شروط دعوى الزور الفرعية ينظر جواد بوكلاطة الإدريسي, الطبيعة القانونية لدعوى الزور الفرعي في التشريع المغربي و المقارن, الطبعة الأولى, مطبعة النجاح الجديدة, الدار البيضاء, 2005, ص 125 و ما بعدها.