بإعلان وزارة العدل والحريات على عدد الناجحين بصفة نهائية في امتحان الحصول على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة المنظم مؤخرا وهو 2419، تكون مهنة المحاماة بالمغرب أكدت مرة أخرى على أنها أكبر مشغل بهذا البلد، وأنها الدار الكبيرة التي تحتضن خريجي كليات الحقوق دون أن تكل أو تمل، ودون أن تحدد مسبقا المقاعد التي سيتم التباري عليها، كما هو الشأن لباقي المهن القضائية التي تحدد مسبقا العدد المطلوب، ولعل الإعلان الذي أصدرته وزارة العدل مؤخرا بخصوص مباراة الملحقين القضائيين أكبر شاهد، بحيث حصر العدد المطلوب في 220 مقعد، طبعا لأن هناك اعتمادات مالية سترصد لهذا العدد ستثقل كاهل الدولة، رغم أن جهاز القضاء يحتاج إلى طاقات بشرية أمام كثرة القضايا والملفات، لكن العدالة وتحقيقها لا يهم الدولة بقدر ما يهمها جيبها.
ولا نخفي سرا أن هذا العدد للوافدين الجدد على مهنة النبلاء، خلق في صفوف المحامين الممارسين سواء الرسميين أو المتمرنين نوع من الرهبة والهلع، نظرا لضخامته، ليس حسدا من عند أنفسهم أو أنانية، ولكن متسائلين عن مصير هؤلاء، وماذا أعدت لهم الدولة خصوصا في مجال التكوين والتأهيل، وكيف ستمر فترة تمرينهم، وكيف سيكون مجال اشتغالهم، وكيف ستكون المهنة في عهدهم، وماذا عن التخليق الذي لا طالما أطرب به آذاننا السيد وزير العدل ومن في زمرته.
وحيث لا يخفى على المتتبع لشأن العدالة ببلادنا، أن وزارة العدل والحريات أشرفت على ما سمي بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، بحيث ترأس السيد وزير العدل الهيئة العليا للحوار الوطني التي خلصت إلى إعداد ميثاق إصلاح منظومة العدالة.
بحيث سعت الهيئة العليا للحوار الوطني قصد بلوغ الغاية لهذا الإصلاح إلى تحقيق ستة أهداف إستراتيجية، من بينها إنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، الذي يهم كل مكونات منظومة العدالة من قضاة وموظفي هيئة كتابة الضبط ومحامين وموثقين وعدول ومفوضين قضائيين وتراجمة محلفين وغيرهم، وذلك من خلال توفير مؤسسات قادرة على تأهيل مختلف العاملين في هذه المنظومة وتحسين شروط الولوج إلى المهن القضائية والقانونية.
وضمان جودة التكوين الأساسي والارتقاء بمستوى التكوين المستمر ودعم آليات تعزيز ثقة المواطن في هذه المهن.
ومن أجل ذلك جاء في التوصيات التالية ما يلي:
فأين هي معاهد التكوين التي تم التنصيص على إحداثها من خلال ظهير 10 شتنبر 1993المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة بالمغرب، من خلال المادة 6 منه والتي جاء فيها:" تمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة من طرف معاهد جهوية للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط المحددة بمرسوم".
كما أن القانون المطبق حاليا القانون رقم 08-28 المنظم لمهنة المحاماة جاء في المادة 6 فيه:" تمنح شهادة لمزاولة مهنة المحاماة من طرف مؤسسة للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط التي ستحدد بنص تنظيميي".
فمنذ سنة 1993 أعلن عن تأسيس معاهد للتكوين ولحدود سنة 2014 أي ما يقارب سنة21 لم ير هذا المولود النور بسبب عدم تفعيل النص عبر سن قانون تنظيميي.
وهو ما يترجم غياب الإدارة الحقيقية للدولة في الإصلاح، وبالخصوص إصلاح منظومة العدالة، وبالأخص مهنة المحاماة.
فأي تناقض هذا، أن يأتي الميثاق بشعارات رنانة من مثل التخليق والتأهيل ودعم آليات تعزيز ثقة المواطن في المهن القضائية وبالخصوص مهنة المحاماة، في حين أن أرض الواقع تبقى خلاف ذلك تماما.
فلا أحد ينكر، ونحن الممارسين، أن ظروف التمرين بالنسبة للمحامي المتمرن تبقى بعيدة كل البعد عن الهدف المنشود من وراء التكوين، إن على المستوى المعرفي والقانوني والمهني أو على المستوى المعيشي، وذلك في ظل غياب مكاتب في المستوى تحتضن المحامي المتمرن وتلقنه أعراف وتقاليد مهنة المحاماة وتعلمه فن الترافع وصياغة المقالات والمذكرات، وتعلمه المساطر والإجراءات وتجعل منه محاميا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، زد على ذلك أن المحامي المتمرن يعاني على المستوى المادي بحيث أنه في أغلب الأحيان تمنح له منحة هزيلة لا تغطي حتى مصاريف تنقله، وهو القادم من الكليات والمبتدئ من الصفر، فكيف له أن يوفق بين التكوين المهني القانوني والعيش بكرامة، في غياب دخل قار يحفظ كرامته وغياب معاهد محترفة للتكوين.
وهناك أيضا في صفوف المحامين من تدمر من هذا العدد، وعبر بأن الهدف هو إغراق المهنة وإضعافها، وهنا استحضر تصريحا للنقيب الدكتور عبد الله درميش حيث قال إن مهنة المحاماة لا تزال قادرة على استيعاب وافدين جدد وأن عدد المحامين بالمغرب قليل، وهنا أود أن ألتقي بالسيد النقيب وأمام هذا العدد الكبير للوافدين الجدد لأطرح عليه السؤال هل فعلا المحاماة لا تزال قادرة على استيعاب محامين جدد.
سوف لن أنتظر جواب السيد النقيب درميش، وسأجيب نعم إنها كذلك لا تزال قادرة على استيعاب وافدين جدد، لن تحدد مقاعد معدودة لأبناء هذا الشعب، لن تصد بابها عنهم، ستفتح ذراعيها لكل من أراد أن يرتمي في حضنها، لكن ذلك مشروط بأن تعطي الدولة مقابلا صغيرا عما تقدمه مهنة المحاماة لها من توفير لمناصب شغل، وذلك بأن توفر معاهد للتكوين، أن توسع من اختصاص المحامين وتعزز حمايتها، أن تعفيهم من الضرائب، وعلى الخصوص توسيع مجال اشتغال المحامي.
ماذا أعطت الدولة لمهنة المحاماة سوى قوانين ضيقت من اختصاصات المحامي، ولا زالت مستمرة في ذلك في ما أعدته من مسودات وخصوصا مسودة قانون المسطرة المدنية، لا يهم هذا العدد ولن يحدث هلعا في صفوفنا، بل سنقول هل من مزيد، لكن لا تشرعوا بما تضيقون به على اختصاصات المحامين، وفروا معاهد للتكوين، فإذا كان التخليق هدفكم فبذلك يكون.
أما أن تتخلف الدولة على ما تعهدت به من إنشاء معاهد للتكوين، و أيضا ما أعدته وتعده من قوانين تقلص فيها دور المحامي، وتعلن عن امتحانات يمر عبرها الآلاف، فإنها بالتأكيد تسعى لإضعاف المهنة، فعن أي تخليق نتحدث، أين لنا أن نترك هذا المحامي المتمرن، أين له من التكوين أين له من التشبع بالأعراف والتقاليد، أين له من لقمة العيش، أين له من العيش بكرامة.
ولا نخفي سرا أن هذا العدد للوافدين الجدد على مهنة النبلاء، خلق في صفوف المحامين الممارسين سواء الرسميين أو المتمرنين نوع من الرهبة والهلع، نظرا لضخامته، ليس حسدا من عند أنفسهم أو أنانية، ولكن متسائلين عن مصير هؤلاء، وماذا أعدت لهم الدولة خصوصا في مجال التكوين والتأهيل، وكيف ستمر فترة تمرينهم، وكيف سيكون مجال اشتغالهم، وكيف ستكون المهنة في عهدهم، وماذا عن التخليق الذي لا طالما أطرب به آذاننا السيد وزير العدل ومن في زمرته.
وحيث لا يخفى على المتتبع لشأن العدالة ببلادنا، أن وزارة العدل والحريات أشرفت على ما سمي بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، بحيث ترأس السيد وزير العدل الهيئة العليا للحوار الوطني التي خلصت إلى إعداد ميثاق إصلاح منظومة العدالة.
بحيث سعت الهيئة العليا للحوار الوطني قصد بلوغ الغاية لهذا الإصلاح إلى تحقيق ستة أهداف إستراتيجية، من بينها إنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، الذي يهم كل مكونات منظومة العدالة من قضاة وموظفي هيئة كتابة الضبط ومحامين وموثقين وعدول ومفوضين قضائيين وتراجمة محلفين وغيرهم، وذلك من خلال توفير مؤسسات قادرة على تأهيل مختلف العاملين في هذه المنظومة وتحسين شروط الولوج إلى المهن القضائية والقانونية.
وضمان جودة التكوين الأساسي والارتقاء بمستوى التكوين المستمر ودعم آليات تعزيز ثقة المواطن في هذه المهن.
ومن أجل ذلك جاء في التوصيات التالية ما يلي:
- التوصية 144: إحداث مؤسسة لتكوين المحامين ومعهد وطني للتوثيق، ومركز لتكوين العدول والمفوضين القضائيين والخبراء القضائيين.
- التوصية 149: مراجعة مستوى المؤهل العلمي للمشاركة في امتحانات ولوج مهنة المحاماة بما يماثل المؤهل العلمي لولوج سلك القضاء مع الانفتاح على مختلف التخصصات العلمية.
- التوصية 150: مراجعة نظام الامتحان للولوج إلى مهنة المحاماة ومدة التمرين فيها، وكذا امتحان التخرج للحصول على شهادة الكفاءة لممارسة المهنة.
فأين هي معاهد التكوين التي تم التنصيص على إحداثها من خلال ظهير 10 شتنبر 1993المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة بالمغرب، من خلال المادة 6 منه والتي جاء فيها:" تمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة من طرف معاهد جهوية للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط المحددة بمرسوم".
كما أن القانون المطبق حاليا القانون رقم 08-28 المنظم لمهنة المحاماة جاء في المادة 6 فيه:" تمنح شهادة لمزاولة مهنة المحاماة من طرف مؤسسة للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط التي ستحدد بنص تنظيميي".
فمنذ سنة 1993 أعلن عن تأسيس معاهد للتكوين ولحدود سنة 2014 أي ما يقارب سنة21 لم ير هذا المولود النور بسبب عدم تفعيل النص عبر سن قانون تنظيميي.
وهو ما يترجم غياب الإدارة الحقيقية للدولة في الإصلاح، وبالخصوص إصلاح منظومة العدالة، وبالأخص مهنة المحاماة.
فأي تناقض هذا، أن يأتي الميثاق بشعارات رنانة من مثل التخليق والتأهيل ودعم آليات تعزيز ثقة المواطن في المهن القضائية وبالخصوص مهنة المحاماة، في حين أن أرض الواقع تبقى خلاف ذلك تماما.
فلا أحد ينكر، ونحن الممارسين، أن ظروف التمرين بالنسبة للمحامي المتمرن تبقى بعيدة كل البعد عن الهدف المنشود من وراء التكوين، إن على المستوى المعرفي والقانوني والمهني أو على المستوى المعيشي، وذلك في ظل غياب مكاتب في المستوى تحتضن المحامي المتمرن وتلقنه أعراف وتقاليد مهنة المحاماة وتعلمه فن الترافع وصياغة المقالات والمذكرات، وتعلمه المساطر والإجراءات وتجعل منه محاميا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، زد على ذلك أن المحامي المتمرن يعاني على المستوى المادي بحيث أنه في أغلب الأحيان تمنح له منحة هزيلة لا تغطي حتى مصاريف تنقله، وهو القادم من الكليات والمبتدئ من الصفر، فكيف له أن يوفق بين التكوين المهني القانوني والعيش بكرامة، في غياب دخل قار يحفظ كرامته وغياب معاهد محترفة للتكوين.
وهناك أيضا في صفوف المحامين من تدمر من هذا العدد، وعبر بأن الهدف هو إغراق المهنة وإضعافها، وهنا استحضر تصريحا للنقيب الدكتور عبد الله درميش حيث قال إن مهنة المحاماة لا تزال قادرة على استيعاب وافدين جدد وأن عدد المحامين بالمغرب قليل، وهنا أود أن ألتقي بالسيد النقيب وأمام هذا العدد الكبير للوافدين الجدد لأطرح عليه السؤال هل فعلا المحاماة لا تزال قادرة على استيعاب محامين جدد.
سوف لن أنتظر جواب السيد النقيب درميش، وسأجيب نعم إنها كذلك لا تزال قادرة على استيعاب وافدين جدد، لن تحدد مقاعد معدودة لأبناء هذا الشعب، لن تصد بابها عنهم، ستفتح ذراعيها لكل من أراد أن يرتمي في حضنها، لكن ذلك مشروط بأن تعطي الدولة مقابلا صغيرا عما تقدمه مهنة المحاماة لها من توفير لمناصب شغل، وذلك بأن توفر معاهد للتكوين، أن توسع من اختصاص المحامين وتعزز حمايتها، أن تعفيهم من الضرائب، وعلى الخصوص توسيع مجال اشتغال المحامي.
ماذا أعطت الدولة لمهنة المحاماة سوى قوانين ضيقت من اختصاصات المحامي، ولا زالت مستمرة في ذلك في ما أعدته من مسودات وخصوصا مسودة قانون المسطرة المدنية، لا يهم هذا العدد ولن يحدث هلعا في صفوفنا، بل سنقول هل من مزيد، لكن لا تشرعوا بما تضيقون به على اختصاصات المحامين، وفروا معاهد للتكوين، فإذا كان التخليق هدفكم فبذلك يكون.
أما أن تتخلف الدولة على ما تعهدت به من إنشاء معاهد للتكوين، و أيضا ما أعدته وتعده من قوانين تقلص فيها دور المحامي، وتعلن عن امتحانات يمر عبرها الآلاف، فإنها بالتأكيد تسعى لإضعاف المهنة، فعن أي تخليق نتحدث، أين لنا أن نترك هذا المحامي المتمرن، أين له من التكوين أين له من التشبع بالأعراف والتقاليد، أين له من لقمة العيش، أين له من العيش بكرامة.