MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




المسؤولية المدنية للطبيب كمظهر حمائي لمستهلك خدمات الاستشفاء بقلم الباحث التامري جابر

     



المسؤولية المدنية للطبيب كمظهر حمائي لمستهلك خدمات الاستشفاء بقلم الباحث التامري جابر
 
 
 
المقدمة:

يقول الله جل في علاه في محكم كتابه: " كل امرئ بما كسب رهين"
[1], و مفاد الآية الكريمة أن الله محاسب كل شخص على صنيعه, و أن كل فرد مسؤول عن فعله.
و تجد هذه الآية الكريمة عدة تطبيقات لها في مجال التشريعات الوضعية القديمة و الحديثة منها, في إطار أحكام المسؤولية بمختلف أنواعها.
و من بين صورها نجد مسؤولية الطبيب عن أخطائه بمناسبة مزاولة مهنته أو بسببها, فقد عرفت المسؤولية الطبية La responsabilité médicale منذ العصور القديمة, فقد نظمها قانون حمورابي في بلاد ما بين النهرين, حيث قضى بقطع يد الطبيب الذي سبب في موت مريضه إذا كان رجلا حرا, أما إذا كان المريض رجلا عبدا فالطبيب ملزم بتعويض عبد بعبد, كما نظمها القانون الفرعوني و جعل في حالات محددة عقوبة الإعدام جزاء لخطأ الطبيب, أما في روما القديمة فقد كانت تصل العقوبة الى حد الإعدام منفذا من قبل ذوي المريض بالإضافة الى حجزهم على ممتلكاته
[2].
كما أن مسؤولية الطبيب وجدت عدة تطبيقات لها في الشريعة الإسلامية الغراء, و لعل أشهد دليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم: " من تطبب و لم يكن بالطب معروفا فأصاب نفسا فما دونها فهو ضامن"
[3], و قوله أيضا: " أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبيب قبل ذلك فأعنت[4] فهو ضامن"
تتضح من خلال ما سبق الأهمية البالغة لموضوع المسؤولية الطبية, هذه الأهمية التي كانت دافعا وراء الاهتمام الشديد الذي أولته التشريعات بموضوعها من خلال حسن التأطير و التنظيم, كما انها جعلت موضوع مسؤولية الطبيب مثار نقاش فقهي أسال مداد أقلام العديد من الفقهاء و الباحثين في الشأن القانوني, كما وضعته محط تضارب العديد من الاجتهادات و الأحكام القضائية.
و المشرع المغربي بتنظيمه مهنة الطب بالقانون رقم 10.94
[5] سار في ركب الدول التي اهتمت بتأطير أحكام مسؤولية الطبيب, رغم ان هذه الأحكام قد قررها القضاء المغربي في أكثر من مناسبة قبل تاريخ صدور القانون أعلاه.
و يكون الطبيب مساءلا عند إخلاله بأصول مهنته المتعارف عليها, أو عند ارتكابه لخطأ سبب ضررا لمريضه. الشئ الذي يحيلنا على ان المريض بمجرد تلقيه للخدمة الطبية  يكون في إطار علاقة استهلاكية, يشكل طرفها الضعيف الذي يحتاج الى حماية إعمالا لأحكام القانون 31.08 المتعلق بتدابير لحماية المستهلك
[6].
و  تعتبر مسؤولية الطبيب في أصلها جزاء لإخلاله بأحكام مهنته و إلحاقه الضرر بشخص المريض, كما يمكن تكييف هذه المسؤولية على أساس اعتبارها مظهرا حمائيا لمستهلك خدمة الإستشفاء, و هذا هو بيت القصيد في موضوعنا.
و اذا استقام القول بهذا التكييف, فإن خدمات الاستشفاء تتنوع و تختلف باختلاف الجهة المقدمة لها, الشئ الذي يحتم علينا تحديد و تأطير الموضوع, و ذلك بالتأكيد على أنه سيشمل بالدراسة و التحليل الخدمة المقدمة من طرف الأطباء فقط, مستثنين من ذلك الخدمات المقدمة في إطار مهنة الصيدلة و كذا خدمات مختبرات الأدوية ...
و يعتمد الموضوع منهجا تحليليا مقارنا محاولة منه تناول طرح فريد مفاده الحديث عن المسؤولية المدنية للطبيب و دورها في توفير الحماية اللازمة لمستهلك الخدمة الطبية. تتفرع عن هذا الطرح مجموعة من الأسئلة الجزئية, من قبيل؛ كيف يمكن اعتبار المسؤولية المدنية للطبيب مظهرا حمائيا لمستهلك خدمات الإستشفاء؟ ما هو الأساس القانوني الذي تقوم عليه مسؤولية الطبيب المدنية؟ كيف يمكن لالتزام الطبيب بتحقيق نتيجة ان يوفر قدرا من الحماية لمستهلك الخدمة الطبية؟ و ما مدى الحماية التي يمكن لالتزام الطبيب ببذل عناية توفيرها لهذا المستهلك؟
و حتى يكون موضوعنا منسجما شكلا و موضوعا, فقد ارتأينا تقسيمه إلى مطلبين, نتناول في الأول منهما الحديث عن مجموعة من المقتضيات التي تهم التكييف القانوني لمسؤولية الطبيب المدنية و على أي أساس تقوم, و مظاهر الحماية التي توفرها هذه المسؤولية, على أساس أن نكرس المطلب الثاني لتناول طبيعة التزام الطبيب, هل هو ملتزم بتحقيق نتيجة, أم أن التزامه مقتصر على الوسيلة فقط, لنقف على صور الحماية التي يمنحها كل التزام لمستهلك خدمة الاستشفاء.
و بذلك يكون تصميم الموضوع كالآتي:

المطلب الأول: حماية المستهلك من خلال تحليل الأساس القانوني لمسؤولية الطبيب المدنية
المطلب الثاني: حماية المستهلك من خلال دراسة طبيعة التزام الطبيب
 
 
 
المطلب الأول: حماية المستهلك من خلال تحليل الأساس القانوني لمسؤولية الطبيب المدنية 

اختلف الفقه و القضاء في أكثر من مناسبة حول الأساس القانوني الذي تقوم عليه المسؤولية المدنية للطبيب, هل تقوم على أساس الخطأ العقدي أم على أساس الخطأ التقصيري, و هذا ما يدفعنا إلى البحث في مجموعة من الاتجاهات الفقهية و الاجتهادات القضائية التي نظرت للموضوع, على أساس أن نوضح مختلف المظاهر التي تجعل هذه المسؤولية آلية حمائية لمستهلك خدمة الاستشفاء, و بهذا نخصص الفقرة الأولى للاتجاه القائل بأن مسؤولية الطبيب المدنية هي مسؤولية تقصيرية, على أساس تكريس مقتضيات الفقرة الثانية لبحث الاتجاه المعتبر مسؤولية الطبيب مسؤولية عقدية.

الفقرة الأولى: قيام المسؤولية المدنية للطبيب على الخطأ التقصيري

المسؤولية التقصيرية بوجه عام هي الحالة التي تكون خارج دائرة التعاقد و يكون مصدر الالتزام بها هو القانون, و تقوم المسؤولية التقصيرية عموما على ثلاثة أركان, أولها الخطأ التقصيري او الفعل الضار, و يكون عند الاخلال بالتزام حدده القانون و نص عليه, و يتكون الخطأ التقصيري من عنصر التعدي في مقام أول, و عنصر الإدراك و التمييز في مقام ثان, و ثاني هذه الأركان هو ركن الضرر سواء كان ماديا أو معنويا, شريطة أن يكون محققا فعلا او ثابت التحقق مستقبلا, و كذا كونه مباشرا ناجما عن الخطأ التقصيري و ان يصيب مصلحة مشروعة للمضرور او حقا مكتسبا له, أما ثالث الأركان فهو ركن العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر, و مفادها ان يكون الخطأ هو السبب المؤدي لوقوع الضرر
[7].
و قد تبنى القضاء في أكثر من واقعة الاتجاه القائل بان مسؤولية الطبيب تقوم على أساس الخطأ التقصيري, و بذلك نجد محكمة النقض الفرنسية اعتبرت في قرار لها صادر سنة 1830 أن مسؤولية الطبيب هي مسؤولية تقصيرية, كما صدر قرار يسير في نفس الاتجاه عن محكمة السفن الفرنسية سنة 1913 أكدت من خلاله أن الطبيب مسائل تقصيريا عن الفعل الضار الذي لحق مريضه و كل ذلك لا اتصال له بالعلاقة العقدية بين الطبيب و المريض
[8].
كما اتجه جانب من الفقه الفرنسي الى التأكيد على أن مسؤولية الطبيب قائمة على الخطأ التقصيري, و ذلك بعد صدور قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 21 يوليوز 1862 الذي اعتبر ان الطبيب مسائل في إطار العمل التقصيري عن كل ضرر الحقه بمريضه.
و من بين الحجج التي سردها أنصار هذا الاتجاه, أن حياة الانسان ليست محلا للتعاقد, و من غير المقبول ان يتصرف الطبيب في جسم الإنسان كما يريد, و أن حياة المريض و سلامته يحميها القانون و النظام العام, و اي شئ غير ذلك يجعل الطبيب مسؤولا وفقا لأحكام المسؤولية التقصيرية
[9].
كما يستندون كذلك الى أن طبيعة العلاقة بين الطبيب و المريض لا يحتويها العقد, و ذلك بالنظر الى الحالة النفسية غير المستقرة التي يكون فيها المريض, بحيث تجعل رضاه معيبا, و تعدم المساواة في العلاقة العقدية بين المريض و الطبيب
[10], و بالتالي و مادام الرضا هو أساس النظام العقدي, فان غيابه يجعل النظام التقصيري أولى بالإعمال.
من بين الحجج كذلك هي ان التزامات الطبيب مصدرها القانون و ليس العقد, فمادامت مهنة التطبيب منظمة قانونا, فان الطبيب يبقى ملتزما في إطار جبر القانون و إكراهه, و ليس في اطار الزامية الوفاء بمحل التعاقد.
كانت هذه وقفة مع مجموعة من المقتضيات التي تؤكد على أن مسؤولية الطبيب هي مسؤولية تقصيرية, بقي لنا ان نبحث في الاتجاه المتبني لفكرة مسؤولية الطبيب قائمة على الخطأ العقدي, لنبين مباشرة بعد ذلك مظاهر اعتبار هذه المسؤولية – سواء عقدية كانت أم تقصيرية – آلية حمائية لمستهلك خدمة الاستشفاء.
 
الفقرة الثانية: قيام المسؤولية المدنية للطبيب على الخطأ العقدي

أشرنا سابقا الى أن جانبا من الفقه و القضاء أسسا المسؤولية المدنية للطبيب على الخطأ التقصيري, لكن جانبا آخر من الفقه و القضاء – خصوصا في فرنسا – ذهب الى اعتبار المسؤولية المدنية للطبيب مسؤولية عقدية, و يعود الفضل في تبني هذا الموقف للفقيه الفرنسي ديموغ Demogue  الذي نادى بتصنيف الالتزامات إلى التزام بوسيلة و التزام بنتيجة
[11].
و بناء على هذا التقسيم جاء القرار الشهير و الحاسم في مسار المسؤولية المدنية للطبيب في فرنسا الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 20 ماي 1936 المعروف بقرار مرسييه Mercier, و الذي جاء فيه بأن العلاقة بين الطبيب و المريض هي علاقة عقدية ناجمة عن عقد العلاج ... و مخالفة الطبيب لالتزامه العقدي تؤدي إلى مجازاته حسب أحكام المسؤولية العقدية.
نفس الاتجاه سار عليه القضاء المغربي من خلال قرار استئنافية الرباط رقم 979 الصادر بتاريخ 29 يناير 1946, الذي أكد على أن العلاقة الرابطة بين الطبيب و المريض هي علاقة قائمة على التعاقد وفقا لمبادئ المسؤولية العقدية للطبيب التي جاء بها الاجتهاد القضائي في فرنسا
[12].
و يؤسس الفقه المتبني لهذا الاتجاه موقفه هذا على مجموعة من الحجج منها وجود الرابطة العقدية, و ذلك بكون الطبيب في إيجاب دائم و مستمر تجاه الجمهور, و أن اللافتة المعلقة بعيادته دليل على الإيجاب, أما دعوة المريض لعلاجه فيمكن اعتبارها قبولا للعقد
[13].
من بين الحجج كذلك التي يستند إليها أنصار هذا الاتجاه, محاولتهم إعطاء تعريف للعقد الطبي, و هذه المحاولة دليل على ان العلاقة القائمة بين الطبيب و مريضه يحكمها العقد, و بالتالي فالمسؤولية عقدية و ليست تقصيرية, و من بين التعريفات التي أعطيت للعقد الطبي, نورد تعريف الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري الذي اعتبره اتفاقا بين الطبيب و مريضه, يلتزم من خلاله الأول بعلاج الثاني, على اساس أن يؤدي هذا الأخير مبلغا محددا للطرف الأول مقابل العلاج
[14].
كما يعرفه الدكتور أحمد أدريوش بأنه اتفاق بين طبيب و زبونه, يقدم بموجبه الطبيب خدمته الفنية مقابل أجر محدد
[15].
عموما فالعقد الطبي هو عقد ملزم لجانبين, ينشئ التزامات على عاتق الطرفين, و يبقى في إطاره الطبيب ملتزما بعلاج المريض و العناية به و تحسين حالته الصحية قدر الممكن
[16].
و سواء كانت مسؤولية الطبيب المدنية قائمة على الخطأ العقدي أو الخطأ التقصيري, فإنها لا محالة تشكل آلية جد فعالة في توفير حماية بالغة لمستهلك خدمة الإستشفاء, و سنحاول إبراز هذه الحماية من خلال مجموعة من المقتضيات أسفله.
إن أبرز مبدأ جاء القانون 31.08 بمثابة تدابير لحماية المستهلك لتكريسه هو مبدأ الحق في الإعلام, و هذا ما أكدته المادة الأولى من القانون أعلاه بتنصيصها على مايلي: " يهدف هذا القانون الى تحقيق ما يلي:

  • إعلام المستهلك إعلاما ملائما و واضحا بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات التي يقتنيها أو يستعملها؛ ..."
كما أن مشرع هذا القانون قد خصص القسم الثاني منه لإعلام المستهلك, و بذلك تكون المواد من 3 إلى 14 كلها مكرسة لتبصرة المستهلك و تنوير فكره حول الخدمة المقدم على استهلاكها.
من خلال ما سبق يتضح أن واجب الإعلام من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق الطبيب تجاه مريض تحت طائلة مساءلته المدنية, رغم خلو القانون 94.10 من أي مقتضى يبين هذا الالتزام, إلا أن العلاقة الرابطة بين الطبيب باعتباره موردا و المريض باعتباره مستهلكا, تخلق متسعا كافيا لإعمال مقتضيات المادتين 1 و 3 من القانون 31.08, اللتان تلزمان المورد بإعلام المستهلك حول طبيعة الخدمة التي يقدمها.
و في هذا الاتجاه ذهبت محكمة النقض الفرنسية في قرار صادر عنها بتاريخ 7 غشت 1977 الى تأكيد التزام الطبيب بتقديم مجموعة من المعلومات المهمة و الملائمة عن المخاطر الجسيمة و الملازمة للفحص و العلاج المقترح على المريض
[17].
إذن فإخلال الطبيب بإعلام المريض يثير مسؤوليته المدنية, و بذلك فالطبيب مسؤول عن الحصول على رضا المريض الحر و الواعي من أجل إجراء العلاج الملائم, و كما اشرنا آنفا فإن الالتزام بإعلام المستهلك من بين أهم المبادئ التي جاء القانون 31.08 بغية تكريسها مسايرة منه للدول المتقدمة في مجال التقنينات و حقوق الإنسان.
كذلك من بين مظاهر اعتبار مسؤولية الطبيب المدنية وجها حمائيا لمستهلك الخدمة الطبية, ما جاءت به المادة 9 من قانون حماية المستهلك, التي نصت على أن العقد الرابط بين المستهلك و الطبيب لابد من أن يكون واضحا, فقد جاء في المادة أعلاه مايلي: " فيما يتعلق بالعقود التي يحرر جميع أو بعض شروطها المقترحة على المستهلك كتابة, يجب تقديم هذه الشروط و تحريرها بصورة واضحة و مفهومة, و في حالة الشك حول مدلول أحد الشروط, يرجح التأويل الأكثر فائدة بالنسبة إلى المستهلك".
و انطلاقا من نص المادة أعلاه فان أي شك حول مدلول بند أو شرط من شروط العقد المبرم بين الطبيب و المريض يفسر بالطريقة الأفيد لشخص المريض باعتباره مستهلكا, و هذا مما لا شك في مظهر حمائي جديد, فالطبيب يبقى ملتزما بعد إبرام العقد تحت طائلة مساءلته المدنية بتوضيح مختلف الشروط المضمنة في العقد.
و إذا بحثنا في القسم الثالث من القانون 31.08 خصوصا البند 3 من المادة 18 الذي جاء فيه مايلي: " إعفاء المورد من المسؤولية القانونية أو الحد منها في حالة وفاة المستهلك أو اصابته بأضرار جسمانية نتيجة تصرف او إغفال من المورد؛"
فالمشرع اعتبر أي بند تضمن إعفاء المورد من مسؤوليته القانونية في الحالة أعلاه شرطا تعسفيا, و بالتالي فهو يقع باطلا و مبطلا للعقد ما لم يكن بالإمكان العمل بالعقد دون ذلك الشرط و ذلك طبقا لأحكام المادة 19 من نفس القانون
[18].
و بتحليلنا لهذه المادة يتضح أن الطبيب يبقى ملتزما في أطار المسؤولية المدنية بعدم تضمين العقد الذي يربطه بالمريض اي شرط يمكنه من التملص من المسؤولية القانونية, لأن ذلك يجعل هذا الشرط خاضعا لأحكام المادة 15 من قانون حماية المستهلك التي تعتبر الشرط التعسفي كل شرط كان الغرض منه أو ترتب عنه اختلال في التوازن العقدي على حساب المستهلك.
كما يعتبر التعويض الذي تقرره المحكمة للمتضرر من الخطأ الطبي في إطار المسؤولية المدنية, صورة أخرى تعكس حماية المستهلك, و هذا ما يمكن استشفافه من البند الأول من المادة 18 من قانون تدابير لحماية المستهلك, الذي ينص على مايلي: " 1- الغاء او انتقاص حق المستهلك في الاستفادة من التعويض في حالة إخلال المورد بأحد التزاماته" فأي شرط تضمن إلغاء أو تخفيض قيمة التعويض يكون تعسفيا و يقع باطلا كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
و يبقى هذا التعويض مندرجا في إطار السلطة التقديرية لقاضي الموضوع لاعتباره مسألة واقع, و يكون التعويض إما عينيا, و ذلك بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول الضرر, و هذا أمر يكاد يستحيل في الميدان الطبي, مما يجعل التعويض بمقابل هو الأكثر حضورا, و ذلك بتقدير القاضي لمبلغ نقدي كتعويض تتحكم فيه مجموعة من العناصر أبرزها تقارير الخبرات الطبية
[19].
يتضح من خلال ما سبق أن مسؤولية الطبيب المدنية سواء اعتبرت مسؤولية عقدية أو تقصيرية, فإنها تشكل إلى حد كبير مظهرا حمائيا مقررا لمستهلك الخدمة الطبية, فمساءلة الطبيب عن أخطائه ذات الطابع المدني تشعر المستهلك بوجود نظام قانوني يضمن له الحد الأدنى من الحماية التي يجب أن يتمتع بها.
هذا بخصوص التكييف القانوني لمسؤولية الطبيب المدنية, و ما يمكن استنباطه منه من مظاهر الحماية, فما الذي يمكن دراسته على مستوى طبيعة التزام الطبيب؟ و كيف يمكن اعتبار هذا الالتزام وسيلة حمائية للمستهلك؟

المطلب الثاني: حماية المستهلك من خلال دراسة طبيعة التزام الطبيب

يدور الحديث في هذا المطلب حول مجموعة من المقتضيات التي تهم طبيعة التزام الطبيب, هل هو ملتزم ببذل عناية (الفقرة الأولى), أم أن التزامه أكثر تشديدا حيث يلتزم بتحقيق نتيجة (الفقرة الثانية), على أساس أن نوضح كيف لالتزام الطبيب كيفما كان نوعه أن يشكل ضمانة حمائية لمستهلك الخدمات الطبية.

الفقرة الأولى: التزام الطبيب بوسيلة

يمكن اعتبار التزام الطبيب بوسيلة أوالتزامه ببذل عناية, هو الالتزام الأكثر حضورا في ميدان خدمات الاستشفاء, او هو الالتزام الأصلي للطبيب, اذ يجب على هذا الأخير, و الحالة هاته, أن يبذل قصارى جهده في الاستفادة من الوسائل الممكنة لتحقيق شفاء مريضه, و هذا ما يفرض على الطبيب الامتثال لقواعد الحيطة و الحذر, و أن يكون نبيها و يقظا إلى حد مقبول يمكنه من ممارسة مهنته.
و حتى و إن بدى منذ الوهلة الأولى ان التزام الطبيب ببذل عناية لا يحقق الحماية المرجوة لمستهلك الخدمات الاستشفائية, فان الحال عكس ذلك, فالطبيب قبل إقدامه على أي عملية علاجية يبقى ملتزما تحت طائلة مساءلته المدنية و حتى الجنائية ببذل العناية المطلوبة التي تستلزم منه بذل جهد بالغ و امتثال قويم للأصول المستقرة لمهنة الطب, و هذا يشكل مظهرا حمائيا لمستهلك خدمات الطبيب.
و قد كرس القضاء الفرنسي هذا الالتزام من خلال قرار محكمة النقض الفرنسية المعروف بقرار مرسييه Merceier الصادر في 20 ماي 1936 و الذي أكدت من خلاله ان الطبيب غير مسؤول عن شفاء المريض, و إنما مسؤول عن عدم تبصره و حيطته و قلة انتباهه و حذره
[20], و القضاء الفرنسي آنذاك و من خلال هذا القرار يكون قد جعل الطبيب ملتزما بوسيلة و ليس بتحقيق نتيجة[21].
و في إطار التزام الطبيب ببذل عناية, يمكننا الحديث عن عبء الإثبات كمظهر حمائي لمستهلك الخدمة الطبية, فالأصل و القاعدة, طبقا للفصل 399 من قانون الالتزامات و العقود المغربي الذي ينص على مايلي: " إثبات الالتزام على مدعيه" فإن المريض الذي يدعي حصول ضرر له بسبب خطأ الطبيب المعالج, يبقى ملتزما بإثبات هذا الخطأ المتمثل في انحراف الطبيب المعني بالادعاء عن سلوك طبيب من نفس مستواه المهني (الطبيب العادي).
انطلاقا مما سبق و إعمالا للقواعد العامة فان عبء الاثبات يبقى ملقيا على عاتق المريض الذي يدعي حصول الضرر, و هذا ينقص من مبدأ حماية المريض باعتباره مستهلكا, و كذا باعتباره الحلقة الأضعف في العلاقة الطبية, الشئ الذي دفع بمشرع القانون 31.08 إلى تجاوز المقتضيات العامة الواردة في الفصل 399 أعلاه, و تقرير الحماية المتطلبة للمستهلك, و ذلك من خلال المادة 34 التي تنص على ما يلي: " في حالة حدوث نزاع بين المورد و المستهلك, يقع عبء الإثبات على المورد ...
يعتبر كل اتفاق مخالف باطلا و عديم الأثر."
و زيادة في الحماية فان المشرع اعتبر هذا المقتضى من النظام العام, مما يمكن المحكمة من إثارته من تلقاء نفسها, كما تستحيل مخالفته بأي وجه كان, و ذلك انطلاقا من مقتضى المادة 44 من نفس القانون, التي جاء فيها مايلي: " تعتبر أحكام هذا الباب من النظام العام"
يتضح من خلال ما سبق ان المشرع المغربي خرج في هذه النقطة عن المقتضيات العامة الواردة في قانون الالتزامات و العقود, التي تعجز عن توفير حماية كافية للمستهلك, و أتى بمقتضى يحسب له, مفاده أن عبء الإثبات في العلاقات الاستهلاكية يقع على عاتق المورد, متمثلا في الطبيب في موضوعنا هذا.
و في نفس الإطار المتعلق بالإثبات, يمكن للمريض المستهلك الاستفادة من مقتضيات المادة 4 من قانون حماية المستهلك, و التي و ان كانت مقتضياتها تهم عمليات الشراء, فلا شئ يمنع من تطبيقها قياسا على العمليات الطبية, و تقضي هذه المادة بان المورد ملزم بتسليم فاتورة أو مخالصة أو تذكرة صندوق او أية وثيقة أخرى تقوم مقامها إلى كل مستهلك قام بعملية شراء, و يمكن للمستهلك في هذه الحالة الاستفادة من هذه الوثائق كحجج في الإثبات.

الفقرة الثانية: التزام الطبيب بتحقيق نتيجة

إن الالتزام بتحقيق نتيجة أو غاية هو في مضمونه و كنهه التزام محدد, مضمونه ليس نشاط أو جهد او إمكانيات فقط, و إنما هو النتيجة المترتبة عن هذه النشاطات أو المجهودات او الإمكانيات
[22].
أشرنا سابقا إلى أن الطبيب يبقى ملتزما كقاعدة و أصل ببذل عناية فقط, و أكدنا بان التزامه هذا رغم ما يبدوا عليه من بساطة و يسر, إلا انه لا يخلوا من مظاهر الحماية المقررة للمريض مستهلك خدمة الاستشفاء.
و نظرا لوجود مجموعة من الأعمال الطبية اكتسبت معطيات علمية و تقنية لا مجال لفكرة الاحتمال فيها
[23] حيث تكون النتائج مؤكدة إلى حد بعيد جدا, فالتزام الطبيب في نطاق هذه الأعمال يصبح التزاما بتحقيق نتيجة[24].
و التزام الطبيب بتحقيق نتيجة يوفر حماية بالغة للمريض المستهلك, بحيث يبقى في إطاره الطبيب ليس فقط متبصرا و حريصا و انما ملتزما كذلك ببلوغ النتيجة المرجوة من العلاج, و هذا الالتزام كما وضحنا أعلاه فرضته طبيعة بعض الخدمات الطبية.
و مثالا على ذلك الجراحات التجميلية
[25], فالطبيب الجراح في هذه الحالة يبقى ملتزما بتحقيق النتيجة المرجوة من العملية التجميلية, بل حتى بعض القرارات القضائية قد تشددت كثيرا في تقرير خطأ الطبيب في هذا النوع من العمليات, و اعتبرته خطأ مفترضا, و من بين هذه القرارات ما اكدته محكمة استئناف باريس في قرار لها بتاريخ 22 يناير 1913, حيث اعتبرت ان مجرد الإقدام على عمل طبي لا يقصد به سوى تجميل من أجريت له العملية, يعد خطأ في حد ذاته يتحمله الطبيب بسبب كل الأضرار التي نتجت عن العملية, و لا يكفي أن يكون التدخل قد أجري طبقا لقواعد علم الطب, و بالتالي فالطبيب الجراح مسؤول[26].
و في نفس الاتجاه ذهبت محكمة السين الفرنسية في قرار لها صادر بتاريخ 25 فبراير 1929 حيث اعتبرت أن إجراء عملية جراحية خطيرة على عضو سليم لهدف وحيد هو تحسين الشكل و القوامة دون قصد الشفاء من مرض لا تعود بأية فائدة على صحة الشخص الذي اجريت له العملية, يعتبر في حد ذاته خطأ
[27].
انطلاقا مما سبق فالتزام الطبيب بتحقيق نتيجة في الجراحة التجميلية, و كذا التشديد في تقرير خطئه و اعتبار مفترضا غير قابل لإثبات العكس, يشكل مظهرا غاية في الحماية لمستهلك الخدمة الطبية المتمثلة في الجراحة التجميلية.
و دائما و في إطار التزام الطبيب بتحقيق نتيجة و ما يوفره من حماية للمريض باعتباره مستهلكا, فان من الخدمات التي تجعل الطبيب ملتزما بتحقيق نتيجة نجد العمليات المرتبطة بالتحاليل و نقل الدم, فخطأ الطبيب و الحالة هاته مفترض, إذ لابد له من التأكد من الفصيلة الدموية أو نوع اللقاح و درجته و مدى ملائمته للشخص المريض, و عدم تحقق النتيجة و المتمثل في إعطاء حقنات دم أو لقاح غير متطابقة و ما يحتاجه المريض و يستقيم مع سلامة جسمه, يعرض الطبيب للمسائلة, و هذا و دون وجه للريب مظهر حمائي آخر, بحيث إن المريض (المستهلك) يشعر بوجود ترسانة قانونية تساءل الطبيب كلما فرط أو قصر في التزامه, او ابتعد عن تحقيق النتيجة المرجوة من الخدمة, كما أن وجود نظام للمسؤولية يدفع بالطبيب إلى الشدة في الحرص و الدقة في الحيطة, فالطبيب كمهني دائما ما يتجنب الدخول في مطبات المساءلة, و ما تخلفه من نتائج سلبية مؤثرة بشكل مباشر على مساره المهني, الوضع الذي تبقى معه الحيطة و التبصر و التفاني في تقديم الخدمة هو السبيل الوحيد لتجنب المسؤولية, و هذا هو جوهر حماية مستهلك الخدمات الطبية.
 من مظاهر الحماية في هذا النوع من الالتزامات, نستحضر من جديد عبء إثبات الخطأ الطبي
[28], فالطبيب (المورد المدين) عند التزامه بتحقيق نتيجة, فإنه يعد مريضه (المستهلك الدائن) بضمان السلامة, و هو خطأ مفترض غير قابل لإثبات العكس كما أشرنا سلفا, و بالتالي يتحمل الطبيب عبء إثبات هذا الالتزام و تفترض مسؤوليته في هذه الحالة إلا إذا أقام الدليل على أنه نفذ التزامه او أن عدم تنفيذه راجع الى سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو خطأ المضرور او خطأ تابعيه[29].
 
 
 
خاتمة:

كانت هذه وقفة مع مظاهر حماية مستهلك خدمات الاستشفاء من خلال إعمال أحكام المسؤولية المدنية للطبيب, افتتحناها بالحديث عن طبيعة هذه المسؤولية و اساسها القانوني, و أكدنا من خلال ذلك أن القضاء و الفقه انقسما ألى اتجاهين, اتجاه يأخذ بالخطأ التقصيري كأساس لهذه المسؤولية, اما الثاني فيعمل بمبدأ الخطأ العقدي كأساس, و كانت لنا ايضا إطلالة على طبيعة التزام الطبيب في إطار هذه المسؤولية, هل يقتصر هذا الالتزام على بذل عناية, أم يتعداه إلى تحقيق نتيجة, و كان الغرض من هذا التحليل كله هو إبراز مظاهر الحماية المقررة لمستهلك خدمات الاستشفاء, وقفنا على مجموعة من صورها لعل أبرزها ما يتعلق بالحق في الإعلام و ما يرتبط بالإثبات و كذا افتراض خطأ الطبيب...
و عموما فان الموضوع حاول الدمج بين أحكام المسؤولية المدنية للطبيب و مقتضيات القانون 31.08, لتقصي مختلف مظاهر الحماية.
و من بين أهم الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذا الجانب, هو أن المشرع المغربي نجح إلى حد محترم في تحقيق الحد الأدنى من مستويات الحماية التي يجب أن يتمتع بها مستهلك الخدمات الطبية, و ذلك من خلال أحكام قانون حماية المستهلك, خصوصا في الشق المتعلق بالإثبات حيث خرج عن مقتضيات الشريعة العامة في الفصل 399, و أتى بمقتضيات جديدة خصوصا في المادة 34 و كذا البند 17 من المادة 18.
إلا أنه ما يعاب على هذا القانون و قصوره الحمائي, هو غياب النصوص التطبيقية, أو الاجرائية الشكلية, علما أن هذا النوع من القوانين هو الذي يعطي القوانين النظرية روحها و يجعل تطبيقها و تفعيلها ممكنا و كذا صحيحا, و غيابه يفرغ النص التقريري من محتواه, و هذا ما نلاحظه على القانون 31.08, فهو غير مقرون بنصوص إجرائية تسهل إعمال أحكامه و توضح طريقة تطبيقه.
و إذا كانت هذه بعضا من مظاهر الحماية التي تقررها المسؤولية المدنية, فكيف يمكن اعتبار مقتضيات المسؤولية الجنائية للطبيب مظهرا حمائيا آخر لمستهلك خدمات الاستشفاء؟
 
 
لائحة المراجع:

اولا: الكتب:

  • أحمد ادريوش, مسؤولية الأطباء المدنية بالمغرب, مطبعة الأمينة, الرباط, 1989
  • أحمد أدريوش, العقد الطبي, الطبعة الأولى, مطبعة الأمنية, الرباط, 2009
  • أبو جميل وفاء, الخطأ الطبي, دراسة تحليلية فقهية و قضائية في مصر و فرنسا, دار النهضة العربية, القاهرة
  • علي عصام غصن, الخطأ الطبي, الطبعة الثانية, مكتبة زين الحقوقية, بيروت, لبنان, 2010
ثانيا: الرسائل:
  • بومدين سامية, الجراحة التجميلية و المسؤولية المترتبة عنها, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون, كلية الحقوق, جامعة مولود معمري, تيزي وزو, الجزائر, سنة 2011
  • سايكي وزنة, إثبات الخطأ الطبي أمام القاضي المدني, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون, كلية الحقوق, جامعة مولود معمري, تيزي وزو, الجزائر, السنة الجامعية 2010/2011
  • فريحة كمال, المسؤولية المدنية للطبيب, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون, كلية الحقوق, جامعة مولود معمري, تيزي وزو, الجزائر, سنة 2012
  • وائل تيسير محمد عساف, المسؤولية المدنية  للطبيب, دراسة مقارنة, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص, كلية الدراسات العليا, جامعة النجاح الوطنية, فلسطين, سنة 2010
ثالثا: المجلة
  • مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية و السياسية, المجلد الأول, العدد الأول, 2006
 
 
 

الهوامش

[1]  سورة الطور, الآية 21.
[2]  فواز صالح, المسؤولية المدنية للطبيب, دراسة مقارنة في القانون السوري و الفرنسي, مقال منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية و السياسية, المجلد الأول, العدد الأول, ,2006 ص 123
[3]  رواه ابو داود و النسائي و ابن ماجة
[4]  اي اضر بالمريض و افسده
[5]  الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.123 بتاريخ 5 ربيع الثاني, المشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 9 رجب 1417 الموافق لـ 21 نونبر 1996.
[6]  الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.03 بتاريخ 14 ربيع الاول 1432 الموافق لـ 18 فبراير 2011.
[7]  للمزيد من المعلومات حول أركان المسؤولية التقصيرية للطبيب ينظر وائل تيسير محمد عساف, المسؤولية المدنية  للطبيب, دراسة مقارنة, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص, كلية الدراسات العليا, جامعة النجاح الوطنية, فلسطين, سنة 2010 ,ص 12 و ما بعدها
[8]  القرارين اشار اليهما وائل  تيسير, المرجع السابق, ص 17.16.
[9]  ابو جميل وفاء, الخطأ الطبي, دراسة تحليلية فقهية و قضائية في مصر و فرنسا, دار النهضة العربية, القاهرة, ص 19.
[10]  أحمد أدريوش, مسؤولية الأطباء المدنية بالمغرب, مطبعة الأمينة, الرباط, 1989, ص 101.
[11]  فواز صالح, المرجع السابق, ص 134.
[12]  أشار اليه أحمد أدريوش, العقد الطبي, الطبعة الأولى, مطبعة الأمنية, الرباط, 2009, ص 7.
[13]  وائل تيسيرمحمد عساف, المرجع السابق, ص 11.
[14]  فريحة كمال, المسؤولية المدنية للطبيب, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون, كلية الحقوق, جامعة مولود معمري, تيزي وزو, الجزائر, سنة 2012, ص 18
[15]  احمد ادريوش, العقد الطبي, ص 7
[16]  اكد هذه المقتضيات قانون الآداب الطبية الفرنسي لعام 1995 الذي نص في مادته 32 على ما يلي:
" dés lors qu’il a accepté de répondre a une demande, le médecin s’engage a assurer personnellement au patient des soins consciencieux, dévoués et fondés sur les données acquises de la science, en faisant appel, s’il y a lieu, a l’aide de tiers compétents"
كما نص في مادته 40 على ما يلي:
" Le médecin doit s’interdire, dans les investigations et interventions qu’il pratique comme dans les thérapeutiques qu’il perscrit de faire courir au patient un risque injustifié"
[17]  علي عصام غصن, الخطأ الطبي, الطبعة الثانية, مكتبة زين الحقوقية, بيروت, لبنان, 2010,  ص .36
[18]  جاء في المادة 19 من القانون 31.08 ما يلي: " يعتبر باطل و لاغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم بين المورد و المستهلك.
تطبق باقي مقتضيات العقد الاخرى اذا امكن ان يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور." و هو المقتض نفسه الذي تنص عليه نظرية انتقاص العقد المنصوص عليها في الفصل 308 من قانون الالتزامات و العقود: " بطلان جزء من الالتزام يبطل الالتزام في مجموعه, الا اذا امكن لهذا الالتزام ان يبقى قائما بدون الجزء الذي لحقه البطلان, و في هذه الحالة الاخيرة يبقى الالتزام قائما باعتباره عقدا متميزا عن العقد الاصلي".
[19]  نسجل في هذا الباب موقفنا من الخبرة الطبية, و بذلك فإننا نعتبر الخبرة الطبية لا تسعف الى حد بعيد في تقدير التعويض الملائم لشخص المريض المتضرر, نظرا لما تعرفه مهنة التطبيب من علاقات الصداقة و الزمالة, التي تجعل الطبيب منحازا نوعا ما الى زميله في المهنة, و بهذا تبتعد الخبرة الى حد كبير عن عدم تقرير خطأ الطبيب و من تم الابتعاد عن مسائلته.
[20]  أشار الى القرار فواز صالح, مرجع سابق, ص 126.
[21]  للمزيد من القرارات القضائية في موضوع التزام الطبيب ببذل عناية ينظر فريحة كمال, المرجع السابق, ص 127 و مابعدها.
[22]  سايكي وزنة, إثبات الخطأ الطبي أمام القاضي المدني, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون, كلية الحقوق, جامعة مولود معمري, تيزي وزو, الجزائر, السنة الجامعية 2010/2011, ص 56.
[23]  من اهم هذه الاعمال؛ عمليات التلقيح و نقل الدم, و العمليات المرتبطة بطب الاسنان, و عمليات التجميل و عمليات الاطراف الصناعية... و ستكون لنا وقفة مع بعض هذه العمليات  فيما يستقبل من الموضوع لابراز ابعاد الحماية فيها.
[24]  سايكي وزنة, المرجع السابق,ص 60
[25]  تجدر الاشارة الى ان الجراحات التجميلية لا تعتبر عملا طبيا فقط, بل خدمات فنية و تقنية ممتازة, و معظم الزبائن يتصرفون كمستهلكين و ليس مرضى, و يعتبرون عقود الجراحة التجميلية عقود استهلاكية محضة.
[26]  اوردت القرار بومدين سامية, الجراحة التجميلية و المسؤولية المترتبة عنها, رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون, كلية الحقوق, جامعة مولود معمري, تيزي وزو, الجزائر, سنة 2011, ص 69.
[27]  بومدين سامية, المرجع السابق, ص 70.69
[28]  تجدر الاشارة الى انه كقاعدة عامة في الالتزامات بنتيجة, فان الدائن ملزم باثبات تخلف النتيجة فقط لتقوم مسؤولية المدين, لكن في موضوعنا هذا فقد أكدنا بان المادة 34 من قانون حماية المستهلك قد اعفت الدائن (المريض المستهلك) من عبء الاثبات, و جعلته على عاتق المدين (الطبيب المورد).
[29]  وائل تيسير, المرجع السابق, ص 78.




الجمعة 5 سبتمبر 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter