MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




بين الشرعية والشرعية... !

     



محمد صالح،

باحث ي القانون الدستوري والعلوم السياسية، كلية الحقوق أكدال الرباط‎








تعيش مصر اليوم على صفيح ساخن، يهدد بإعادة قلب التوازنات السياسية التي تم ترتيبها بعد الربيع العربي وثورة 25 يناير، حيث حاول الفكر القائم على الشفينية الدينية، السيطرة على اللعبة السياسية هناك، محاولين تكريس فكرة مفادها أن الحزب/الجماعة هو دين لا يدخله الباطل من يمينه أو يساره، غير قابل للنقد بتاتا، فلا فرق عندهم بين التقد والشتيمة، أو يحاولون تحويل النقد الذي يوجه لهم ولممارستهم إلى شتيمة لتحريف الأفكار، ويختارون الموقع الذي سيضعون فيه منتقدهم بإعتباره إما عدو أو عميلا، في ممارسة إحتيالية واضحة على الشعب وإقناعه بشيطنة الطرف المعارض، بينما الهدف هو المصالح السياسية الضيقة، فهاؤلاء الفاشستيين الجدد ممن يستعملون الإقصاء ومختلف أساليب الوعيد والترهيب، لا يفهمون أن المجتمع الآن بات سلطة قائمة بذاتها، فهو صوت يحلل وينتقد كل ما تقع عليه عيناه من ممارسات سلبية من شأنها

أن تعصف بالبلاد وتدمر العباد، وليس مجرد صدى مفروض عليه أن يردد كالببغاء مواقف وتصريحات القوى السياسية التي تتحدث حسب مصالحها الضيقة، لا مصالح الشعب والجتمع عامة.
فبعد أن دعت حركة التمرد  في مصر عموم الشعب للنزول إلى الشارع مطالبين بتنحي مرسي عن رئاسة مصر، كان هدفهم هو إبعاد "الإخوان المسلمين" عن السلطة، ومنعهم من التحكم في البلاد وتسييد فكرهم الظلامي. تعالت أصوات "الإخوان" رافعين سيف الشرعية فوق رقاب المحتجين مهددة بقطع رؤوسهم بإسم الشرعية، في فهم قاصر ومغلوط، إذ جعلوها تقتصر على فقط على صناديق الإقتراع، غير أبيهين بأن الإنتخابات ماهي إلا وجه من أوجه الشرعية، وأن إختزالها في الإنتخابات هو إعتداء شنيع عليها.

لا أيها "الإخوان"، الشرعية ليست كذلك:

فأولا: الإرادة العامة في فلسفة العقد الإجتماعي، أي إرادة الشعب، هي ما يقع عليه الإتفاق والتعاقد بين قوى المجتمع قبل التوجه إلى الإنتخابات، أي الإتفاق على الإصلاحات والتغييرات الواجب إدخالها على النظام.

ثانيا: هي  منظومة الحريات والحقوق العامة التي يقوم عليها النظام الديمقراطي التي لامشروعية لنقضها أو خرقها بإسم الشرعية.

 ثالثا: هي منظومة القوانين والضمانات الدستورية التي تحمي تلك الحقوق من الإستبداد، الذي قد يسود من خلال فكرة الّأغلبية.

فالشرعية ليست هي إحترام الشعب للسلطة المنتخبة، كما يدعي "الإخوان" ومؤيديهم، فالشعب لا يقول كلمته مرة واحدة في كل ولاية تشريعية أو رئاسية، الشعب لا يعطي رخصة مفتوحة للرئيس، ليفعل ما يريد.

الشرعية هي إرادة الشعب المعبرة عنها من خلال الرقابة المستمرة للشعب على أعمال السلطة المنتخبة عن طريق المؤسسات الدستورية، الجمعيات، النقايات، النوادي.... وحتى التظاهر الجماهيري بما هو حق من حقوق المواطنة في النظام الديمقراطي، فالشرعية تمنح للشعب حق قول كلمته في كل يوم وفي أي وقت، و كلما دعت الضرورة إلى ذلك. كان يجب على "الإخوان" الإستفادة من دروس التاريخ، فالرئيس "شار ديغول" لم تشفعه له شرعيته ولا حتى رمزيته الوطنية لتحميه من غضب الشعب الفرنسي في إنتفاضته المجيدة في مايو 1968، وهو لم يستطع مجادلة الشعب في حقه في الثورة، ولم يصف شبابه ب"البلطجية" أو الخارجين عن القانون، وحيث لم يحصل من الإستفتاء على ما أراد إنسحب بشرف.

إذن أين أنتم أيها "الإخوان المسلمين" أو بالأخرى المتأسلمين، من الشرعية؟؟؟؟

إن روح الديمقراطية، تفرض علينا اليوم دعم إختيارات الشعب، لا أن نمنح التيار السياسي – كيف ما كانت مرجعيته – المتوج شيكا على بياض، لأن هذا يتعارض والممارسة الديمقراطية التي تمنح المعارضة حق الإعتراض والتقويم، وإلا فإن الأغلبية اللإنتخابية ستتحول إلى ديكتاتورية أو فاشية إنتخابية.



الجمعة 30 غشت 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter