د/ العربي محمد مياد
اطلعت كجميع المهتمين بالشأن القانوني والحقوقي على الظهير الشريف رقم 1.11.25 بتاريخ 17مارس 20011 بإحداث مؤسسة الوسيط ، إلا أن ما أثار انتباهي مضمون المادة 15 من هذا الظهير التي نصت على «أنه يمكن للوسيط في حالة اقتناعه بناء على الأبحاث والتحريات التي يقوم بها بأن التطبيق الصارم لقاعدة قانونية من شأنه خلق أوضاع غير عادلة أو ضارة بالمرتفقين؛ أن يعرض على الوزير الأول اقتراحا باتخاذ الإجراءات والمساعي اللازمة لإيجاد حل عادل ومنصف واقتراح تعديل القاعدة المذكورة «
الواقع أن هذه المادة تثير جملة من التساؤلات نذكر على سبيل المثال ما المقصود بالتطبيق الصارم للقاعدة القانونية ؟ثم ما هي المساعي التي يمكن للوزير الأول أن يتبناها خارج القاعدة القانونية ؟ثم القاعدة القانونية وجدت للتطبيق الصارم أم للتطبيق اللطيف والناعم؟ ثم أليس في هذا دعوة للمواطنين لكي يطالبوا بالتطبيق غير الصارم للقانون؟
لقد درسنا في كلية الحقوق أن القاعدة القانونية عامة مجردة ومن أهم عناصرها الإلـزام أي العقوبة لمن خالفها .
وما دام أن هناك التجريد فهذا يعني أن تطبيقها يسري على الجميع لا فرق بين زيد أو عمر من الناس ولا فرق بين من تضرر من تطبيقها ومن لم يتضرر لأن عمل المشرع منزهة عن التمييز والعبث.
إن من شأن تفسير مقتضيات المادة 15 الواردة أعلاه التفسير الحرفي سيفتح المجال للمحاباة في تطبيق القانون وهذا خرق صريح للدستور الذي ينص على أن الكل سواسية أمام القانون ,
وإذا كانت هناك قاعدة قانونية صارمة أكثر من اللازم فيتعين تعديلها طبقا للمساطر القانونية المعمول بها لا تعطيلها حتى تتماشى ورغبات الأفراد لأن ذلك هو ما يخلق أوضاعا غير عادلة وضارة بالمرتفقين وليس العكس .
والأكيد أنه إذا اتضح بأن هناك سوء تطبيق القانون يتحتم على الوسيط وغيره من المؤسسات السياسية والحقوقية وبصفة عامة المجتمع المدني فضح العمل غير المشروع لأن ذلك ما يدخل في باب تغيير المنكر .أما في الحالة المخالفة فيتعين بالضرورة المطالبة بتعديل القوانين حتى تكون مسايرة للمصلحة العامة ، وفي هذا الإطار كان من المفروض أن تمنح الصلاحية لمؤسسة الوسيط بأن تتقدم بمسودة مشاريع قوانين لكي تتبناها الحكومة في شخص الوزير الأول كما لو أنها أتت مباشرة من أي مواطن عادي خاصة إذا تبين أن هناك ضررا من تطبيق بعض بنود القانون أكثر من نفعه . فالمعول عليه في القاعدة القانونية وفي مجال التشريع على الخصوص درء المفسدة أولى من جلب المنفعة.
لذلك نرى أنه يتعين تعديل المادة 15 من قانون إحداث الوسيط بشكل يجعل من صلاحية الوسيط أن يتقدم بمسودة مشروع قانون لتعديل بند من بنود القانون الذي يتبين من تطبيقه أنه يلحق ضررا فادحا بحقوق المواطن والمواطنة لا أن يقتصر الأمر على المعاملات الإدارية فقط ونضرب كمثال على ذلك الحالة التي يتضرر المجتمع من الخيانة الزوجية بحيث لا يحق للزوج أو الزوجة سحب الشكاية حتى يتمكن الجاني من الإفلات من العقاب .ولا الحرمان من الجنسية بالنسبة للزوج الأجنبي الذي تربطه علاقة زوجية مع مغربية خاصة إذا كان له منها أطفالا .كما ينبغي التفكير في نقل ملكية الأموال المجمدة في البنوك منذ عقود دون أن يتفقدها مالكها ولا علم لذوي الحقوق بها لفائدة الخزينة العامة للمملكة ، لأن المتضرر في هذه الوضعية هو المجتمع ، ويسري نفس الأمر على السبائك الذهبية وغيرها من الحلي الموجودة في صناديق الحديدية لدى المؤسسات البنكية دون أن يتفقدها أصحابها لأكثر من 15 سنة .كما يجب التفكير في تطبيق ضريبة على التركات الكبرى مادام أن المشرع في الستينات ألغى حق الدولة في التعصيب فالمشتكي في هذه الحالات وما يشبهها هو المجتمع ككل.
إن مؤسسة الوسيط لبنة من لبنات المجتمع الذي يريد احترام القانون ورفع الظلم عن أفراده وجماعاته إلا أنه ينبغي أن يكون خلاقا ويسعى إلى أن يكون مستشارا قانونيا بالمفهوم الواسع للقانون همه سيادة القانون ومبادئ العدالة والإنصاف في احترام كــامل لفصل السلط.
العلم
اطلعت كجميع المهتمين بالشأن القانوني والحقوقي على الظهير الشريف رقم 1.11.25 بتاريخ 17مارس 20011 بإحداث مؤسسة الوسيط ، إلا أن ما أثار انتباهي مضمون المادة 15 من هذا الظهير التي نصت على «أنه يمكن للوسيط في حالة اقتناعه بناء على الأبحاث والتحريات التي يقوم بها بأن التطبيق الصارم لقاعدة قانونية من شأنه خلق أوضاع غير عادلة أو ضارة بالمرتفقين؛ أن يعرض على الوزير الأول اقتراحا باتخاذ الإجراءات والمساعي اللازمة لإيجاد حل عادل ومنصف واقتراح تعديل القاعدة المذكورة «
الواقع أن هذه المادة تثير جملة من التساؤلات نذكر على سبيل المثال ما المقصود بالتطبيق الصارم للقاعدة القانونية ؟ثم ما هي المساعي التي يمكن للوزير الأول أن يتبناها خارج القاعدة القانونية ؟ثم القاعدة القانونية وجدت للتطبيق الصارم أم للتطبيق اللطيف والناعم؟ ثم أليس في هذا دعوة للمواطنين لكي يطالبوا بالتطبيق غير الصارم للقانون؟
لقد درسنا في كلية الحقوق أن القاعدة القانونية عامة مجردة ومن أهم عناصرها الإلـزام أي العقوبة لمن خالفها .
وما دام أن هناك التجريد فهذا يعني أن تطبيقها يسري على الجميع لا فرق بين زيد أو عمر من الناس ولا فرق بين من تضرر من تطبيقها ومن لم يتضرر لأن عمل المشرع منزهة عن التمييز والعبث.
إن من شأن تفسير مقتضيات المادة 15 الواردة أعلاه التفسير الحرفي سيفتح المجال للمحاباة في تطبيق القانون وهذا خرق صريح للدستور الذي ينص على أن الكل سواسية أمام القانون ,
وإذا كانت هناك قاعدة قانونية صارمة أكثر من اللازم فيتعين تعديلها طبقا للمساطر القانونية المعمول بها لا تعطيلها حتى تتماشى ورغبات الأفراد لأن ذلك هو ما يخلق أوضاعا غير عادلة وضارة بالمرتفقين وليس العكس .
والأكيد أنه إذا اتضح بأن هناك سوء تطبيق القانون يتحتم على الوسيط وغيره من المؤسسات السياسية والحقوقية وبصفة عامة المجتمع المدني فضح العمل غير المشروع لأن ذلك ما يدخل في باب تغيير المنكر .أما في الحالة المخالفة فيتعين بالضرورة المطالبة بتعديل القوانين حتى تكون مسايرة للمصلحة العامة ، وفي هذا الإطار كان من المفروض أن تمنح الصلاحية لمؤسسة الوسيط بأن تتقدم بمسودة مشاريع قوانين لكي تتبناها الحكومة في شخص الوزير الأول كما لو أنها أتت مباشرة من أي مواطن عادي خاصة إذا تبين أن هناك ضررا من تطبيق بعض بنود القانون أكثر من نفعه . فالمعول عليه في القاعدة القانونية وفي مجال التشريع على الخصوص درء المفسدة أولى من جلب المنفعة.
لذلك نرى أنه يتعين تعديل المادة 15 من قانون إحداث الوسيط بشكل يجعل من صلاحية الوسيط أن يتقدم بمسودة مشروع قانون لتعديل بند من بنود القانون الذي يتبين من تطبيقه أنه يلحق ضررا فادحا بحقوق المواطن والمواطنة لا أن يقتصر الأمر على المعاملات الإدارية فقط ونضرب كمثال على ذلك الحالة التي يتضرر المجتمع من الخيانة الزوجية بحيث لا يحق للزوج أو الزوجة سحب الشكاية حتى يتمكن الجاني من الإفلات من العقاب .ولا الحرمان من الجنسية بالنسبة للزوج الأجنبي الذي تربطه علاقة زوجية مع مغربية خاصة إذا كان له منها أطفالا .كما ينبغي التفكير في نقل ملكية الأموال المجمدة في البنوك منذ عقود دون أن يتفقدها مالكها ولا علم لذوي الحقوق بها لفائدة الخزينة العامة للمملكة ، لأن المتضرر في هذه الوضعية هو المجتمع ، ويسري نفس الأمر على السبائك الذهبية وغيرها من الحلي الموجودة في صناديق الحديدية لدى المؤسسات البنكية دون أن يتفقدها أصحابها لأكثر من 15 سنة .كما يجب التفكير في تطبيق ضريبة على التركات الكبرى مادام أن المشرع في الستينات ألغى حق الدولة في التعصيب فالمشتكي في هذه الحالات وما يشبهها هو المجتمع ككل.
إن مؤسسة الوسيط لبنة من لبنات المجتمع الذي يريد احترام القانون ورفع الظلم عن أفراده وجماعاته إلا أنه ينبغي أن يكون خلاقا ويسعى إلى أن يكون مستشارا قانونيا بالمفهوم الواسع للقانون همه سيادة القانون ومبادئ العدالة والإنصاف في احترام كــامل لفصل السلط.
العلم