نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء يوم الجمعة 19 دجنبر 2014 بلاغا جاء في مضمونه: "على إثر الاختلالات التي طبعت أطوار إحدى المباريات برسم ربع نهاية كأس العالم للأندية ... أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تعليماته السامية لرئيس الحكومة لفتح تحقيق معمق وشامل لتحديد المسؤوليات عن هذه الاختلالات. كما أعطى جلالة الملك تعليماته السامية لرئيس الحكومة لتعليق أنشطة وزير الشباب والرياضة المرتبطة بهذه التظاهرة الرياضية الدولية الهامة ومنها على الخصوص حضوره في المباراة النهائية وذلك في انتظار نتائج هذا التحقيق".
هذا هو مضمون البلاغ، الذي بموجبه شُلّت يد وزير الشباب والرياضية عن كل ما يخص كأس نهاية العالم للأندية، لكن هل الأمر يتعلق بتجميد عضوية الوزير داخل الحكومة؟ أم فقط بمنعه من الاشراف على هذه المناسبة الرياضية، على أن يباشر أعماله الأخرى داخل وزارته؟ أم أن الأمر يتعلق بإعفاء الوزير من منصبه؟
إذا ما أردنا الاكتفاء بما ورد في صيغة البلاغ المنشور، فإن الأمر لا يتعلق بإعفاء الوزير أو تجميد عضويته داخل الحكومة، وإنما ترتبط المسألة فقط بإبعاد الوزير عن شأن كأس الأندية، في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات، حيث يمكن أن يترتب عليها إعفاء الوزير أو أي عقوبة أخرى. أما إذا أردنا أن نحلل هذا البلاغ، فإنه يمكن القول بأن الأمر قد يتعلّق بإعفاء تدريجي للوزير وهذا مجرد تكهّن سابق لأوانه. لكن هناك أسئلة أخرى ينبغي بحثها في هذا السياق: هل الملك هو من أبعد الوزير عن كأس الأندية أم أنه أوكل الأمر إلى رئيس الحكومة؟ وهل صدر عن رئيس الحكومة ما يفيد أنه نفّذ المطلب الملكي؟وهل الملك هو من شكّل لجنة التحقيق أم أن رئيس الحكومة هو من فعل ذلك؟
ظاهر البلاغ يفيد بأن الملك أوكل مهمة "توقيف" الوزير وتشكيل لجنة التحقيق لرئيس الحكومة، لكن لا يوجد ما يبيّن بأن السيد ابن كيران قد أبعد الوزير أوزين عن أشغال كأس الأندية أو أنه شكل أية لجنة للتحقيق. وهذا ما يعني أنه تم اعتبار البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بمثابة قرار يوجب على الوزير التنفيذ المعجل دون انتظار قرار رئيس الحكومة، كما أن الأخير لم يعلن عن تشكيله لأية لجنة، وإنما اطّلع الرأي العام على الأمر من خلال وسائل الإعلام، يحث قيل إن حسني بنسليمان هو من ترأّس اللجنة.
هذه إذن هي التفاصيل، لكن أين يتموقع هذا القرار داخل البنية الدستورية؟ وما مدى توافقه والدستور؟ وإلى أي حد يؤثر الأمر على مصداقية العمل السياسي؟
بالرجوع إلى الدستور نجد أنه يوكل حمايته للملك "يسهر على احترام الدستور" (فـ 42) أي أن الملك هو أول من يمنع اختراق الدستور. والفصل 42 ينص على أن «يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور». وفيما يتعلق بصلاحيات الملك حيّال الوزراء، فإن « ... للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية...». (ف 47). تقريبا هذه بعض أهم البنود الدستورية التي تؤطر الواقعة التي أمامنا. وهو ما يطرح التساؤل حول ما مدى توافق إجراء كفّ يد وزير عن الاشراف عن مناسبة رياضية مع النص الدستوري.
قبل محاولة الاجابة عن هذا السؤال، تجدر الاشارة إلى أن كاتب هذه السطور لا يهدف إلى تناول مسألة كون الوزير أخطأ أم أصاب، وإنما الهدف هو مساءلة المسطرة المتّبعة لمحاسبة هذا الوزير، بمعنى أننا نحاول بحث سبل المعالجة وليس مضمونها. إذ يتّضح أن هناك العديد من الملاحظات على المسطرة المتّبعة، ولأن هذه هي الحالة الأولى التي طرأت بعد التعديل الدستوري 2011، وهي الحالة التي يمكن تسميتها بـ "واقعة الوزير أوزين" إذ من المؤكد أنها ستصبح من القضايا الاشكالية التي يدرسها طلبة الجامعات على غرار قضية "مزرعة عبد العزيز" وغيرها، فإنه من المفيد أن يواكبها الباحثون والمهتمون، وقد يصيب الباحث أو يخطئ، ولكن لابد من تحريك ملكة التحليل والنقد. و من الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذا المضمار ما يلي:
أولا: لا ينص الدستور على أي مسطرة لمحاسبة الوزراء خارج الاعفاء من المنصب، فلا يوجد ما يفيد أنه بإمكان الملك تعليق عمل وزير، ولكن يمكنه أن يعفيه من منصبه مع شرط استشارة رئيس الحكومة، ونفس الشيء بالنسبة للأخير، فهو لا يمتلك دستوريا أية صلاحية لتوقيع عقوبات على الوزراء، لكن يمكنه أن يتوجّه بطلب للملك من أجل إعفاء وزير من منصبه؛
ثانيا: إن البلاغ السالف الذكر يفيد بأن الملك أصدر تعلمياته لرئيس الحكومة من أجل تعليق عمل الوزير فيما يخص مناسبة رياضية، وتشكيل لجنة للتحقيق، لكن هذا الأمر صدر على شكل تعليمات خارج المجلس الوزاري، فالملك حسب الدستور يمارس صلاحياته بظهائر وليس عن طريق "تعليمات"، كما أنه يمارس السلطة التنفيذية ويوجه أعمال الحكومة من داخل المجلس الوزاري. فلقد ألحَّ الدستور في أكثر من موقع على أن الملك يمارس صلاحياته ومهامه بما تنص عليه الوثيقة الدستورية صراحة، وذلك حتى لا يتم تجاوز تلك الاختصاصات نتيجة تأويلات معينة. وعلى فرض أن من حق الملك أن يتصل برئيس الحكومة ــ مادام المجلس الوزاري غير منقعد ـ لكي يطلب منه "توقيف" الوزير، فإن الذي عليه أن يُصدِر قرار "التوقيف" هو رئيس الحكومة، بمعنى أن بلاغا تاليا على بلاغ الديوان الملكي يجب أن يصدر لكي يتوقف الوزير عن الإشرافه على المناسبة الرياضية. إضافة إلى ضرورة تعيين اللجنة من قِبل رئيس الحكومة وليس من أي جهة أخرى (إذا كان خبر رئاسة بن سليمان للجنة التحقيق صحيحا كما تروّج وسائل الإعلام، فإن الأمر يدعو للاسغراب، لأن الرجل لا صفة له، إضافة إلى أن شكوكا تحوم حول مدى تحقيق العدالة، مادام يُحقّق مع وزير أوقف كاتب عام الوزارة الذي هو ابن كولونيل متقاعد وأحد المسؤولين الكبار في الدرك الملكي، وكان رئيسا لفريق الجيش الملكي، ويعتبر واحدا من رجالات بنسليمان، كما نشرت ذلك بعض الصحف)؛
ثالثا: إذا كان ما تم التطرق إليه سلفا يتعلق بواقعة بعينها وربطها بالاحترام الواجب للدستور، فإنه يجدر أيضا إبراز ملاحظة لطالما نبّه إليها بعض الباحثين، وهو ما يتعلق بمسألة تبعية الوزراء للملك التي جاءت في الدستور. إذ كيف يمكن تطبيق مبدأ «ربط المسؤولية بالمحاسبة» مادام لرئيس الدولة غير المنتخب الحق في إقالة وزير ينتمي إلى حكومة منتخبة؟ وهل يتوافق مبدأ الانسجام الحكومي وتبعية الوزراء للملك، في ظل عدم قدرة رئيس الحكومة على إقالة وزير من اختياره، ما لم يوافق على ذلك الملك؟ فبالرغم من مسؤولية الحكومة أمام البرلمان، إلا أن الوزراء مسؤولين أمام الملك. بدليل أنه يستطيع إعفاء أحدهم أو أكثر، حتى ولو لم يَتوصّل بطلب الاعفاء من رئيس الحكومة، بل حتى ولو استحسن هذا الأخير عمل الوزير أو الوزراء المعفيين وزكّى مردودهم، وكان له رأي مخالف لرأي الملك فيهم (مثال ذلك، ما صدر عن رئيس الحكومة فيما يخص أوزين، إذ نُقِل عنه أنه قال: "ما وقع في الملعب يحرجنا ولكنه لا يرقى إلى الكارثة الوطنية"، بمعنى أنه لم يكن ينوي توقيف أو تجميد عمل الوزير، وقد يكون سبب هذا التصريح هو السبب الذي عجّل بحدوث ما حدث، سيما إذا ربطنا ذلك باللافتات التي "مُنحت" للجماهير في نهاية كأس الأندية بمراكش والتي حملت شعار "ملك الفقراء يحمينا من اللصوص"). فشعور الوزير بأن الملك يمكن أن يُتّخذ قرار إعفائه في أية لحظة، بدون أي اقتراح من رئيس الحكومة، وبغض النظر عن رأي رئيس الحكومة فيه، يجعل الوزير في نهاية المطاف تابعا للملك بعد تعيينه (أشار إلى هذه النقطة ذ محمد السياسي في دراسة منشورة).
على سبيل الختم يمكن القول، بأن المقالة لا تهدف إلى الدفاع عن وزير بعينه ، ولكن الهدف يتجه نحو التنبيه إلى ضرورة احترام المساطر، وتجنب اختراق الدسترو، لأن عدم احترام المساطر يخلّ بالعدالة، واختراق الدستور بدعوى "الشعب يريد إقالة الوزير" يدفع إلى اختراقه مرّات أخرى حتى عندما لا يريد الشعب بعض الأمور. فإذا كان الدستور لا يتضمّن وسائل محاسبة الوزراء خارج مسألة الاعفاء، فإن ذلك خلل يجب تداركه بتعديل الدستور لا باختراقه، ولقد بحّت أصوات المطالبين بتضمين الوثيقة الدستورية تقنية الاستجواب البرلماني للوزارء كما هو جار به العمل في العديد من الديمقراطيات المعاصرة.
هذا هو مضمون البلاغ، الذي بموجبه شُلّت يد وزير الشباب والرياضية عن كل ما يخص كأس نهاية العالم للأندية، لكن هل الأمر يتعلق بتجميد عضوية الوزير داخل الحكومة؟ أم فقط بمنعه من الاشراف على هذه المناسبة الرياضية، على أن يباشر أعماله الأخرى داخل وزارته؟ أم أن الأمر يتعلق بإعفاء الوزير من منصبه؟
إذا ما أردنا الاكتفاء بما ورد في صيغة البلاغ المنشور، فإن الأمر لا يتعلق بإعفاء الوزير أو تجميد عضويته داخل الحكومة، وإنما ترتبط المسألة فقط بإبعاد الوزير عن شأن كأس الأندية، في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات، حيث يمكن أن يترتب عليها إعفاء الوزير أو أي عقوبة أخرى. أما إذا أردنا أن نحلل هذا البلاغ، فإنه يمكن القول بأن الأمر قد يتعلّق بإعفاء تدريجي للوزير وهذا مجرد تكهّن سابق لأوانه. لكن هناك أسئلة أخرى ينبغي بحثها في هذا السياق: هل الملك هو من أبعد الوزير عن كأس الأندية أم أنه أوكل الأمر إلى رئيس الحكومة؟ وهل صدر عن رئيس الحكومة ما يفيد أنه نفّذ المطلب الملكي؟وهل الملك هو من شكّل لجنة التحقيق أم أن رئيس الحكومة هو من فعل ذلك؟
ظاهر البلاغ يفيد بأن الملك أوكل مهمة "توقيف" الوزير وتشكيل لجنة التحقيق لرئيس الحكومة، لكن لا يوجد ما يبيّن بأن السيد ابن كيران قد أبعد الوزير أوزين عن أشغال كأس الأندية أو أنه شكل أية لجنة للتحقيق. وهذا ما يعني أنه تم اعتبار البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بمثابة قرار يوجب على الوزير التنفيذ المعجل دون انتظار قرار رئيس الحكومة، كما أن الأخير لم يعلن عن تشكيله لأية لجنة، وإنما اطّلع الرأي العام على الأمر من خلال وسائل الإعلام، يحث قيل إن حسني بنسليمان هو من ترأّس اللجنة.
هذه إذن هي التفاصيل، لكن أين يتموقع هذا القرار داخل البنية الدستورية؟ وما مدى توافقه والدستور؟ وإلى أي حد يؤثر الأمر على مصداقية العمل السياسي؟
بالرجوع إلى الدستور نجد أنه يوكل حمايته للملك "يسهر على احترام الدستور" (فـ 42) أي أن الملك هو أول من يمنع اختراق الدستور. والفصل 42 ينص على أن «يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور». وفيما يتعلق بصلاحيات الملك حيّال الوزراء، فإن « ... للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية...». (ف 47). تقريبا هذه بعض أهم البنود الدستورية التي تؤطر الواقعة التي أمامنا. وهو ما يطرح التساؤل حول ما مدى توافق إجراء كفّ يد وزير عن الاشراف عن مناسبة رياضية مع النص الدستوري.
قبل محاولة الاجابة عن هذا السؤال، تجدر الاشارة إلى أن كاتب هذه السطور لا يهدف إلى تناول مسألة كون الوزير أخطأ أم أصاب، وإنما الهدف هو مساءلة المسطرة المتّبعة لمحاسبة هذا الوزير، بمعنى أننا نحاول بحث سبل المعالجة وليس مضمونها. إذ يتّضح أن هناك العديد من الملاحظات على المسطرة المتّبعة، ولأن هذه هي الحالة الأولى التي طرأت بعد التعديل الدستوري 2011، وهي الحالة التي يمكن تسميتها بـ "واقعة الوزير أوزين" إذ من المؤكد أنها ستصبح من القضايا الاشكالية التي يدرسها طلبة الجامعات على غرار قضية "مزرعة عبد العزيز" وغيرها، فإنه من المفيد أن يواكبها الباحثون والمهتمون، وقد يصيب الباحث أو يخطئ، ولكن لابد من تحريك ملكة التحليل والنقد. و من الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذا المضمار ما يلي:
أولا: لا ينص الدستور على أي مسطرة لمحاسبة الوزراء خارج الاعفاء من المنصب، فلا يوجد ما يفيد أنه بإمكان الملك تعليق عمل وزير، ولكن يمكنه أن يعفيه من منصبه مع شرط استشارة رئيس الحكومة، ونفس الشيء بالنسبة للأخير، فهو لا يمتلك دستوريا أية صلاحية لتوقيع عقوبات على الوزراء، لكن يمكنه أن يتوجّه بطلب للملك من أجل إعفاء وزير من منصبه؛
ثانيا: إن البلاغ السالف الذكر يفيد بأن الملك أصدر تعلمياته لرئيس الحكومة من أجل تعليق عمل الوزير فيما يخص مناسبة رياضية، وتشكيل لجنة للتحقيق، لكن هذا الأمر صدر على شكل تعليمات خارج المجلس الوزاري، فالملك حسب الدستور يمارس صلاحياته بظهائر وليس عن طريق "تعليمات"، كما أنه يمارس السلطة التنفيذية ويوجه أعمال الحكومة من داخل المجلس الوزاري. فلقد ألحَّ الدستور في أكثر من موقع على أن الملك يمارس صلاحياته ومهامه بما تنص عليه الوثيقة الدستورية صراحة، وذلك حتى لا يتم تجاوز تلك الاختصاصات نتيجة تأويلات معينة. وعلى فرض أن من حق الملك أن يتصل برئيس الحكومة ــ مادام المجلس الوزاري غير منقعد ـ لكي يطلب منه "توقيف" الوزير، فإن الذي عليه أن يُصدِر قرار "التوقيف" هو رئيس الحكومة، بمعنى أن بلاغا تاليا على بلاغ الديوان الملكي يجب أن يصدر لكي يتوقف الوزير عن الإشرافه على المناسبة الرياضية. إضافة إلى ضرورة تعيين اللجنة من قِبل رئيس الحكومة وليس من أي جهة أخرى (إذا كان خبر رئاسة بن سليمان للجنة التحقيق صحيحا كما تروّج وسائل الإعلام، فإن الأمر يدعو للاسغراب، لأن الرجل لا صفة له، إضافة إلى أن شكوكا تحوم حول مدى تحقيق العدالة، مادام يُحقّق مع وزير أوقف كاتب عام الوزارة الذي هو ابن كولونيل متقاعد وأحد المسؤولين الكبار في الدرك الملكي، وكان رئيسا لفريق الجيش الملكي، ويعتبر واحدا من رجالات بنسليمان، كما نشرت ذلك بعض الصحف)؛
ثالثا: إذا كان ما تم التطرق إليه سلفا يتعلق بواقعة بعينها وربطها بالاحترام الواجب للدستور، فإنه يجدر أيضا إبراز ملاحظة لطالما نبّه إليها بعض الباحثين، وهو ما يتعلق بمسألة تبعية الوزراء للملك التي جاءت في الدستور. إذ كيف يمكن تطبيق مبدأ «ربط المسؤولية بالمحاسبة» مادام لرئيس الدولة غير المنتخب الحق في إقالة وزير ينتمي إلى حكومة منتخبة؟ وهل يتوافق مبدأ الانسجام الحكومي وتبعية الوزراء للملك، في ظل عدم قدرة رئيس الحكومة على إقالة وزير من اختياره، ما لم يوافق على ذلك الملك؟ فبالرغم من مسؤولية الحكومة أمام البرلمان، إلا أن الوزراء مسؤولين أمام الملك. بدليل أنه يستطيع إعفاء أحدهم أو أكثر، حتى ولو لم يَتوصّل بطلب الاعفاء من رئيس الحكومة، بل حتى ولو استحسن هذا الأخير عمل الوزير أو الوزراء المعفيين وزكّى مردودهم، وكان له رأي مخالف لرأي الملك فيهم (مثال ذلك، ما صدر عن رئيس الحكومة فيما يخص أوزين، إذ نُقِل عنه أنه قال: "ما وقع في الملعب يحرجنا ولكنه لا يرقى إلى الكارثة الوطنية"، بمعنى أنه لم يكن ينوي توقيف أو تجميد عمل الوزير، وقد يكون سبب هذا التصريح هو السبب الذي عجّل بحدوث ما حدث، سيما إذا ربطنا ذلك باللافتات التي "مُنحت" للجماهير في نهاية كأس الأندية بمراكش والتي حملت شعار "ملك الفقراء يحمينا من اللصوص"). فشعور الوزير بأن الملك يمكن أن يُتّخذ قرار إعفائه في أية لحظة، بدون أي اقتراح من رئيس الحكومة، وبغض النظر عن رأي رئيس الحكومة فيه، يجعل الوزير في نهاية المطاف تابعا للملك بعد تعيينه (أشار إلى هذه النقطة ذ محمد السياسي في دراسة منشورة).
على سبيل الختم يمكن القول، بأن المقالة لا تهدف إلى الدفاع عن وزير بعينه ، ولكن الهدف يتجه نحو التنبيه إلى ضرورة احترام المساطر، وتجنب اختراق الدسترو، لأن عدم احترام المساطر يخلّ بالعدالة، واختراق الدستور بدعوى "الشعب يريد إقالة الوزير" يدفع إلى اختراقه مرّات أخرى حتى عندما لا يريد الشعب بعض الأمور. فإذا كان الدستور لا يتضمّن وسائل محاسبة الوزراء خارج مسألة الاعفاء، فإن ذلك خلل يجب تداركه بتعديل الدستور لا باختراقه، ولقد بحّت أصوات المطالبين بتضمين الوثيقة الدستورية تقنية الاستجواب البرلماني للوزارء كما هو جار به العمل في العديد من الديمقراطيات المعاصرة.