ندوة نادي قضاة المغر ب ليوم السبت 14 نونبر 2015
حضرها 1062 قاضية وقاض .
ممثلو بعض الجمعيات الحقوقية .
العديد من المنابر الاعلامية .
تم تقديم فيها حصيلة حلمة جمع التوقيعات الرافضة لقوانين السلطة القضائية بحث بلغت حوالي 2000 توقيع.
تم الاعلان عن عن مبادرة محاكمة مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة من خلال محكمة دستورية افتراضية ستقام بشراكة مع كلية الحقوق بسلا يوم الخميس 26 نونبر 2015 يشارك فيها أساتذة القانون الدستوري ومحامون وقضاة وفاعليات حقوقية . ليرصدوا مكامن الخلل والمخالفة للدستور في النصين المذكورين.
مضامين الندوة:
الدكتور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب
واستحضارا منه للظرفية الدقيقة التي يمر منها المغرب في مسيرته نحو الانتقال الديمقراطي تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة أمير المؤمنين نصره الله وأيده، وما يتطلبه ذلك من دعم للسلطة القضائية كفاعل لا غنى عنه في تكريس الديمقراطية وحراسة قيمها ؛
واقتناعا منه، بأن القضاء المغربي، قد غُيِّب طيلة العقود الماضية عن لعب دوره الطبيعي في مسار بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي المبني على قيم: العدل والمساواة وسيادة القانون ؛
ووعيا منه، بأن الإقلاع الشامل والكامل الذي ينشده الجميع، والمعول عليه لنقل بلادنا إلى مصاف الأمم المتقدمة، لا يمكن أن يتحقق إلا بقضاء قوي مستقل يملك زمام أمره حصرا دون وصاية من السلطة التنفيذية ؛
وتنبيها منه بأن الاحتجاج في إطار "نادي قضاة المغرب"، ليس هدفا بحد ذاته، وإنما هو اضطرار طبيعي نابع من طريقة التعامل مع نظرته الإصلاحية لمنظومة العدالة، والتي يطبعها أساسا اللامبالاة، وذلك من أجل الدفاع عن: "إقرار قوانين تنظيمية ضامنة لاستقلال حقيق وفعلي للسلطة القضائية"، باعتبارها امتيازا للمجتمع وليس للقاضي، وأساسا لبلوغ أفق ديموقراطي يدعم البناء الحقوقي في البلاد ؛
وبناء على قرار مجلسه الوطني، باعتباره جمعية مهنية مستقلة، والقاضي في بيانه الصادر يوم 17-10-2015 بتنفيذ اعتصام "المجلس الوطني" بكامل أعضائه في مقر النادي، مشفوعا بندوة صحفية إعلامية، وذلك للدفاع عن أهدافه المشروعة، والتي تنبني على مجمل القيم والمبادئ المعترف بها لممثلي السلطة القضائية وحماة العدالة على المستويين الإقليمي والدولي، مفوضا أمر تحديد تاريخه والسهر على إنجاحه للمكتب التنفيذي حسب ما تقتضيه طبيعة الظروف ومستجدات الساحة القضائية، الأمر الذي حسمه هذا الأخير في أحد اجتماعاته، إذ حدد يوم 07-11-2015 كتاريخ لتنفيذه، مع دعوة جميع قضاة المملكة لحضوره وكدا دعوتهم لتوقيع عرائض تجديدا لرفض الجسم القضائي لمشاريع القوانين، وكذا لدعم الأجهزة المسيرة في دفاعها المستميت بشكل واضح وصريح عن استقلال السلطة القضائية ضد جميع المحاولات التي تتغيا العودة إلى وضعية ما قبل دستور 2011، بل وإلى الظهير المتعلق بالقانون الأساسي للقضاة الصادر بسنة 1974 ؛
وبناء على قرار "المكتب التنفيذي" لنادي قضاة المغرب بتاريخ 05 نونبر 2015، والقاضي بتأجيل تنفيذ الاعتصام والندوة الصحفية المذكورين أعلاه إلى يوم 14 نونبر 2015، وذلك احتفالا بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، وتثمينا للزيارة الملكية السامية إلى ربوع صحرائنا الغالية، واصطفافا إلى جانب مختلف المؤسسات والقوى الوطنية الحية في دفاعها عن وحدتنا الترابية ؛
من أجله ؛ ومن منطلق المسؤولية والرغبة في بناء مقومات سلطة قضائية مستقلة وفق ما نص عليه الدستور الجديد، وما أَسَّست له الخطب الملكية السامية، فإن "نادي قضاة المغرب" يؤكد على ضرورة احترام مشروعي القانونين التنظيميين المعروضين على أنظار البرلمان للمستجدات الدستورية الضامنة لاستقلالية السلطة القضائية، الأمر الذي يتقدم معه إلى الرأي العام الوطني والدولي، بهذه الوثيقة قصد التوضيح والبيان، وذلك على النحو التالي:
أولا: المس بالاستقرار المهني للقضاة
إذا كان الدستور المغربي من خلال المادة 108، وكذا مختلف المواثيق الحقوقية الدولية تنص على ضرورة ضمان حق الاستقرار المهني للقضاة، من خلال إحاطتهم بضمانات تكفل أدائهم لمهامهم بكل أمان و اطمئنان و استقلالية، كما هو الشأن بالنسبة للبند الثاني عشر من المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية الصادرة عن الأمم المتحدة بتاريخ 13 دجنبر 1985، الذي ينص على أنه: "يتمتع القضاة، سواء أكانوا معينين أو منتخبين، بضمان بقائهم في منصبهم إلى حين بلوغهم سن التقاعد الإلزامي أو انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب" ؛ فإن ما تضمنه مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، ينسف هذه الضمانة بشكل تام من خلال مقتضيات المادة 97 منه، والتي وفرت آلية للمس باستقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامه، بما يكفل تطويعهم تحت طائلة التهديد، إما بالإيقاف أو العزل، وذلك لأسباب غير منسجمة لا مع أحكام الدستور، ولا مع القوانين الجاري بها العمل، كما هو الشأن بالنسبة لـ "الخطأ القضائي" الذي اعتبرته المادة المذكورة خطأ جسيما موجبا للإيقاف الفوري، في وقت أوجد له المشرع طرقا للمعالجة من خلال آليات الطعن التي يكون الهدف من ورائها تصحيح ما قد يقع من أخطاء أثناء نظر الدعاوى، و كذا آلية التعويض المنصوص عليها في الفصل 122 من الدستور، والذي تتحمل عبئه الدولة انسجاما وطبيعة العمل البشري الموصوف بالنقصان وعدم الكمال، وتواؤما والبند السادس عشر من المبادئ الأساسية الأممية المشار إليها أعلاه، والتي تنص على أنه: "ينبغي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير (..)".
ومن تم، فإن مشروع المادة المذكورة، لن تكون إلا أداة في مواجهة كل قاض متمسك باستقلاليته من خلال إثارة الأخطاء التي قد يقع فيها، و استغلالها للتأثير في مسار القضايا المعروضة عليه.
وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن الدستور المغربي سبق أن حدد الحالات المُوَجِّهة لمفهوم الخطأ الجسيم بشكل حصري ودقيق في الفقرة الثالثة من الفصل 109 منه، وليس من ضمنها ما ورد في مشروع المادة 97 أعلاه، وهو ما يشكل تعديا على النص الدستوري، إذ جاءت كالتالي: "يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة"، وهو ما ينسجم والبند الثامن عشر من المبادئ الأساسية المذكورة، إذ نص على انه: "لا يكون القضاة عرضة للإيقاف أو للعزل إلا لدواعي عدم القدرة، أو دواعي السلوك التي تجعلهم غير لائقين لأداء مهامهم".
ثانيا: المس بضمانة عدم النقل
تفاديا للتأثير في استقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامهم عن طريق آلية النقل، نصت مختلف المواثيق الدولية، ذات البعد الحقوقي، على ضمانة عدم قابلية القضاة للنقل.
ومن ذلك، نجد البند الحادي عشر من المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية الصادرة عن الأمم المتحدة أعلاه، الذي قرر تلك الضمانة قائلا: "يضمن القانون للقضاة بشكل مناسب تمضية المدة المقررة لتوليهم وظائفهم، واستقلالهم، وأمنهم (..)".وهو ما سار عليه الدستور المغربي من خلال الفصل 108 منه، على اعتبار أن الضمانة المذكورة تشكل ركيزة من ركائز السلطة القضائية المستقلة.
غير أن المشروع المعروض على أنظار البرلمان، وفي مادته 73، أسس لمنحى مغاير لهذه الضمانة، وذلك من خلال إتاحته للمسؤولين القضائيين صلاحية الانتداب عن طريق نقل القضاة من المحكمة التي يشتغلون بها إلى محاكم أخرى، وهو ما يشكل مسا بالاستقرار الوظيفي والاجتماعي للقاضي، بل، ويتحول في كثير من الأحيان إلى وسيلة لفرض التعليمات والتدخل في مسار القضايا تحت وطأة التهديد بالانتداب.
ونفس الأمر ينطبق على مؤسسة النقل التلقائي للقضاة إثر ترقيتهم، لذلك ما فتيئ "نادي قضاة المغرب" يطالب بضرورة وضع ضوابط قانونية ضامنة لاستقلالية القاضي عند ممارسته لمهامه القضائية، تجنبا لتضمين مشاريع القوانين لآليات المس بتلك الاستقلالية، بعيدا عن التأويل المغلوط الذي يروجه البعض عن مفهومها، وكأنه دعوة إلى التسيب ؛ إذ بما ذكر من مضامين أعلاه، لن يكون هناك سوى تسيب سيشرعن، لا محالة، النيل من حقوق وحريات المواطنين ليس إلا.
ثالثا: المس بالحقوق المكفولة دستوريا للقضاة
إن "نادي قضاة المغرب" ليؤكد على ضرورة احترام الحقوق والحريات المكفولة للقضاة، دستورا وكونا، بما في ذلك حقهم في التعبير وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وهي المنصوص عليها في الفصل 111 من الدستور.
وقد تأثر واضعو هذا الفصل بما قررته مبادئ الأمم المتحدة المشار إليها، وذلك في بندها الثامن الذي نص على ما يلي: "وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية، كغيرهم من المواطنين، التمتع بحرية التعبير والاعتقاد وتكوين الجمعيات والتجمع(..)". وكذا البند 4/6 من مبادئ بانغلور المعتمدة من قبل لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بمقتضى القرار عدد 43/2003، والذي ينص على أنه: "يحق للقاضي كأي مواطن آخر حرية التعبير والعقيدة والارتباط والتجمع (..)".
وبعيدا عما تضمنه الدستور المغربي، ومعه المواثيق الدولية المصادق عليها من قبل المملكة بهذا الخصوص ، جاء مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة المعروض على أنظار البرلمان، في مادته 38، بمنع غير دستوري للقضاة من تأسيس الجمعيات المدنية أو الانضمام إلى الأجهزة المسيرة فيها، وكذا من خلال وضع نصوص مقيدة لوظيفة الجمعيات المهنية للقضاة، والمتمثلة في الدفاع عن استقلال السلطة القضائي،فضلا عن لجم عمل الجمعيات المهنية للقضاة بعدة مقتضيات تهم مجال عملها، دون الحديث، ولو إشارة، إلى إمكانية استفادة مسيريها من أية تسهيلات وفق ما جرى به العمل في مختلف الإدارات العامة للدولة، مما سيحولها في المستقبل القريب إلى جمعيات صامتة كما أرادته السلطة التنفيذية، أو لمجرد تأثيث المشهد لا غير.
وخلافا لمقتضيات هذا المشروع، أكد الميثاق الأوروبي بشأن النظام الأساسي للقضاة في فقرته 7/1 على: "أن المنظمات المهنية التي ينشئها القضاة – والتي لهم حق الانضمام إليها بحرية - تساهم بشكل ملحوظ في الدفاع عن الحقوق الممنوحة لهم قانوناً، لاسيما في وجه القرارات المتعلقة بهم، والصادرة عن السلطات والهيئات المعنية". وهو عين ما أقره المجلس الأوروبي في توصيته رقم 12 لسنة 1994، قائلا: "يتمتع القضاة بحرية تكوين الجمعيات، منفردةً أو مع هيئات أخرى، تكون مهامها حماية استقلال القضاة ومصالحهم".
رابعا: تركيز السلطات
ركز مشروعي القانونين التنظيميين العديد من السلطات في يد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والحال، أن الدستور جعل البت في وضعية القاضي كيف ما كانت هي اختصاص حصري للمجلس بكافة أعضائه ضمانا لعدم المس باستقلاليته ورفعا للحرج عن مؤسسة الرئيس المنتدب.
خامسا: التحجير على القضاة
يتجلى هذا التحجير من خلال عدة مقتضيات منصوص عليها في مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي، ومنها على سبيل المثال هذا المقتضى: "لا يمكن للقضاة مباشرة التدريس والبحث العلمي إلا بترخيص من الرئيس المنتدب للسلطة القضائية" (المادة 47 من مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي).
سادسا: الحيف الممارس على القضاة
إلحاق حيف كبير بالقضاة المرتبين حاليا في الدرجة الثالثة، والذين جعلهتهم المادة 115 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، خاضعين لنسق الترقي المنصوص عليه في ظهير 1974 الملغى بذات المشروع بعد نفاذه، وذلك قصد حرمانهم من حقهم في الاستفادة من المقتضيات الجديدة التي تقلص مدة الترقية نسبيا. وما ينطبق على أيضا على المقتضيات المتعلقة بتقاعد القضاة ، إذ تم تحديده في في 65سنة (مع امكانية التمديد إلى 70 سنة ) دون مرعاة طبيعة المهنة وظروف العمل ولا حتى النقاش المجتمعي حول هذا الموضوع الذي لم يحسم بعد.
سابعا: تقييم القضاة
جعل تقييم القاضي في يد المسؤولين القضائيين بالمحاكم، وهو ما أثبت التاريخ، والواقع المعاش، استعماله كأداة ووسيلة للانتقام والتحكم والتطويع ، مع أننا اقترحنا في مذكرتنا المفصلة نظاما محكما، يعهد به إلى لجنة وفق آليات محددة من شأن إعمالها تجنب ذلك كل ما من شأنه التحكم وتهديد استقلال القاضي. هذا فضلا عن عدم ايلاء القوانيين التنظيمية أي عناية خاصة بالادارة القضائية التي هي بوابة الاصلاح القضائي من خلال ربطها بمبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ثامنا: تفتيش القضاة
جعل المفتشية العامة والمفتش العام تابعا تابعة للرئيس المنتدب، وهو ما يمكن أن يعجل منها وسيلة للتحكم والثأثير على استقلالية القضاة، ووضع الرئيس الأول في حرج تام ، إذ كان من الأجدر أن تكون تابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بضمانات قانونية تجعلها محايدة.
تاسعا: دمقرطة المحاكم
عدم الإشارة إلى مبدأ "دمقرطة" كافة المحاكم بمختلف درجاتها، بما فيها محكمة النقض ، وذلك عن طريق جعل الجمعية العامة هي السبيل الوحيد لاتخاذ القرارات التي تهم تقسيم العمل القضائي وتوزيعه.
عاشرا: تدخل وزارة العدل
بقاء وزارة العدل حاضرة في المشهد القضائي ، مما قد ينتج عنه ثأثير لها على القرار القضائي، وذلك من خلال منفذ المسؤوليين القضائيين بالمحاكم، وكذا حضور وزير العدل والحريات، بصفته تلك، أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، في مخالفة صارخة للفصل 115 من الدستور الذي أخرجه من تشكيلة المجلس المذكور.فضلا عن عدم اعطاء هذا الأخير المكانة التي يستحقها ماديا واداريا كممثل للسلطة القضائية.
أحد عشرا:وضعية النيابة العامة
كرس مشروعي القانونين التنظيميين النظرة الخاطئة إلى النيابة العامة كما لو أنها مكان للتطويع والتأديب ، مع الدستور المغربي اعتبرها من السلطة القضائية، وذلك من خلال عدة مقتضيات منها تعيين القضاة الجدد أساسا لمدة سنتين بها واستثناء يمكن تعينهم قضاة للحكم من اجل سد الخصاص فقط ، وكل هذا مع استحضارنا لعدم وضع هذه المشاريع أية ضوابط لعمل النيابة العامة كما طالبنا بذلك مرارا وتكرارا .
و في الأخير، لا يخفى أن هذه المضامين وغيرها، كانت محل انتقاد من قبل عدد من المكونات الحقوقية، الوطنية منها والدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للحقوقيين، و كذا النسيج المدني المتكون من عدد من الجمعيات الحقوقية والمهنية، و التي أكدت على وجود عدد من المقتضيات الماسة باستقلال السلطة القضائية.
المكتب التنفيذي
لـ "نادي قضاة المغرب"
حضرها 1062 قاضية وقاض .
ممثلو بعض الجمعيات الحقوقية .
العديد من المنابر الاعلامية .
تم تقديم فيها حصيلة حلمة جمع التوقيعات الرافضة لقوانين السلطة القضائية بحث بلغت حوالي 2000 توقيع.
تم الاعلان عن عن مبادرة محاكمة مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة من خلال محكمة دستورية افتراضية ستقام بشراكة مع كلية الحقوق بسلا يوم الخميس 26 نونبر 2015 يشارك فيها أساتذة القانون الدستوري ومحامون وقضاة وفاعليات حقوقية . ليرصدوا مكامن الخلل والمخالفة للدستور في النصين المذكورين.
مضامين الندوة:
الدكتور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب
- الملاحظات العامة على مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة ومبررات الاحتجاجات الرمزية التي يقوم بها نادي قضاة المغرب.
واستحضارا منه للظرفية الدقيقة التي يمر منها المغرب في مسيرته نحو الانتقال الديمقراطي تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة أمير المؤمنين نصره الله وأيده، وما يتطلبه ذلك من دعم للسلطة القضائية كفاعل لا غنى عنه في تكريس الديمقراطية وحراسة قيمها ؛
واقتناعا منه، بأن القضاء المغربي، قد غُيِّب طيلة العقود الماضية عن لعب دوره الطبيعي في مسار بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي المبني على قيم: العدل والمساواة وسيادة القانون ؛
ووعيا منه، بأن الإقلاع الشامل والكامل الذي ينشده الجميع، والمعول عليه لنقل بلادنا إلى مصاف الأمم المتقدمة، لا يمكن أن يتحقق إلا بقضاء قوي مستقل يملك زمام أمره حصرا دون وصاية من السلطة التنفيذية ؛
وتنبيها منه بأن الاحتجاج في إطار "نادي قضاة المغرب"، ليس هدفا بحد ذاته، وإنما هو اضطرار طبيعي نابع من طريقة التعامل مع نظرته الإصلاحية لمنظومة العدالة، والتي يطبعها أساسا اللامبالاة، وذلك من أجل الدفاع عن: "إقرار قوانين تنظيمية ضامنة لاستقلال حقيق وفعلي للسلطة القضائية"، باعتبارها امتيازا للمجتمع وليس للقاضي، وأساسا لبلوغ أفق ديموقراطي يدعم البناء الحقوقي في البلاد ؛
وبناء على قرار مجلسه الوطني، باعتباره جمعية مهنية مستقلة، والقاضي في بيانه الصادر يوم 17-10-2015 بتنفيذ اعتصام "المجلس الوطني" بكامل أعضائه في مقر النادي، مشفوعا بندوة صحفية إعلامية، وذلك للدفاع عن أهدافه المشروعة، والتي تنبني على مجمل القيم والمبادئ المعترف بها لممثلي السلطة القضائية وحماة العدالة على المستويين الإقليمي والدولي، مفوضا أمر تحديد تاريخه والسهر على إنجاحه للمكتب التنفيذي حسب ما تقتضيه طبيعة الظروف ومستجدات الساحة القضائية، الأمر الذي حسمه هذا الأخير في أحد اجتماعاته، إذ حدد يوم 07-11-2015 كتاريخ لتنفيذه، مع دعوة جميع قضاة المملكة لحضوره وكدا دعوتهم لتوقيع عرائض تجديدا لرفض الجسم القضائي لمشاريع القوانين، وكذا لدعم الأجهزة المسيرة في دفاعها المستميت بشكل واضح وصريح عن استقلال السلطة القضائية ضد جميع المحاولات التي تتغيا العودة إلى وضعية ما قبل دستور 2011، بل وإلى الظهير المتعلق بالقانون الأساسي للقضاة الصادر بسنة 1974 ؛
وبناء على قرار "المكتب التنفيذي" لنادي قضاة المغرب بتاريخ 05 نونبر 2015، والقاضي بتأجيل تنفيذ الاعتصام والندوة الصحفية المذكورين أعلاه إلى يوم 14 نونبر 2015، وذلك احتفالا بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، وتثمينا للزيارة الملكية السامية إلى ربوع صحرائنا الغالية، واصطفافا إلى جانب مختلف المؤسسات والقوى الوطنية الحية في دفاعها عن وحدتنا الترابية ؛
من أجله ؛ ومن منطلق المسؤولية والرغبة في بناء مقومات سلطة قضائية مستقلة وفق ما نص عليه الدستور الجديد، وما أَسَّست له الخطب الملكية السامية، فإن "نادي قضاة المغرب" يؤكد على ضرورة احترام مشروعي القانونين التنظيميين المعروضين على أنظار البرلمان للمستجدات الدستورية الضامنة لاستقلالية السلطة القضائية، الأمر الذي يتقدم معه إلى الرأي العام الوطني والدولي، بهذه الوثيقة قصد التوضيح والبيان، وذلك على النحو التالي:
أولا: المس بالاستقرار المهني للقضاة
إذا كان الدستور المغربي من خلال المادة 108، وكذا مختلف المواثيق الحقوقية الدولية تنص على ضرورة ضمان حق الاستقرار المهني للقضاة، من خلال إحاطتهم بضمانات تكفل أدائهم لمهامهم بكل أمان و اطمئنان و استقلالية، كما هو الشأن بالنسبة للبند الثاني عشر من المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية الصادرة عن الأمم المتحدة بتاريخ 13 دجنبر 1985، الذي ينص على أنه: "يتمتع القضاة، سواء أكانوا معينين أو منتخبين، بضمان بقائهم في منصبهم إلى حين بلوغهم سن التقاعد الإلزامي أو انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب" ؛ فإن ما تضمنه مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، ينسف هذه الضمانة بشكل تام من خلال مقتضيات المادة 97 منه، والتي وفرت آلية للمس باستقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامه، بما يكفل تطويعهم تحت طائلة التهديد، إما بالإيقاف أو العزل، وذلك لأسباب غير منسجمة لا مع أحكام الدستور، ولا مع القوانين الجاري بها العمل، كما هو الشأن بالنسبة لـ "الخطأ القضائي" الذي اعتبرته المادة المذكورة خطأ جسيما موجبا للإيقاف الفوري، في وقت أوجد له المشرع طرقا للمعالجة من خلال آليات الطعن التي يكون الهدف من ورائها تصحيح ما قد يقع من أخطاء أثناء نظر الدعاوى، و كذا آلية التعويض المنصوص عليها في الفصل 122 من الدستور، والذي تتحمل عبئه الدولة انسجاما وطبيعة العمل البشري الموصوف بالنقصان وعدم الكمال، وتواؤما والبند السادس عشر من المبادئ الأساسية الأممية المشار إليها أعلاه، والتي تنص على أنه: "ينبغي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير (..)".
ومن تم، فإن مشروع المادة المذكورة، لن تكون إلا أداة في مواجهة كل قاض متمسك باستقلاليته من خلال إثارة الأخطاء التي قد يقع فيها، و استغلالها للتأثير في مسار القضايا المعروضة عليه.
وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن الدستور المغربي سبق أن حدد الحالات المُوَجِّهة لمفهوم الخطأ الجسيم بشكل حصري ودقيق في الفقرة الثالثة من الفصل 109 منه، وليس من ضمنها ما ورد في مشروع المادة 97 أعلاه، وهو ما يشكل تعديا على النص الدستوري، إذ جاءت كالتالي: "يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة"، وهو ما ينسجم والبند الثامن عشر من المبادئ الأساسية المذكورة، إذ نص على انه: "لا يكون القضاة عرضة للإيقاف أو للعزل إلا لدواعي عدم القدرة، أو دواعي السلوك التي تجعلهم غير لائقين لأداء مهامهم".
ثانيا: المس بضمانة عدم النقل
تفاديا للتأثير في استقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامهم عن طريق آلية النقل، نصت مختلف المواثيق الدولية، ذات البعد الحقوقي، على ضمانة عدم قابلية القضاة للنقل.
ومن ذلك، نجد البند الحادي عشر من المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية الصادرة عن الأمم المتحدة أعلاه، الذي قرر تلك الضمانة قائلا: "يضمن القانون للقضاة بشكل مناسب تمضية المدة المقررة لتوليهم وظائفهم، واستقلالهم، وأمنهم (..)".وهو ما سار عليه الدستور المغربي من خلال الفصل 108 منه، على اعتبار أن الضمانة المذكورة تشكل ركيزة من ركائز السلطة القضائية المستقلة.
غير أن المشروع المعروض على أنظار البرلمان، وفي مادته 73، أسس لمنحى مغاير لهذه الضمانة، وذلك من خلال إتاحته للمسؤولين القضائيين صلاحية الانتداب عن طريق نقل القضاة من المحكمة التي يشتغلون بها إلى محاكم أخرى، وهو ما يشكل مسا بالاستقرار الوظيفي والاجتماعي للقاضي، بل، ويتحول في كثير من الأحيان إلى وسيلة لفرض التعليمات والتدخل في مسار القضايا تحت وطأة التهديد بالانتداب.
ونفس الأمر ينطبق على مؤسسة النقل التلقائي للقضاة إثر ترقيتهم، لذلك ما فتيئ "نادي قضاة المغرب" يطالب بضرورة وضع ضوابط قانونية ضامنة لاستقلالية القاضي عند ممارسته لمهامه القضائية، تجنبا لتضمين مشاريع القوانين لآليات المس بتلك الاستقلالية، بعيدا عن التأويل المغلوط الذي يروجه البعض عن مفهومها، وكأنه دعوة إلى التسيب ؛ إذ بما ذكر من مضامين أعلاه، لن يكون هناك سوى تسيب سيشرعن، لا محالة، النيل من حقوق وحريات المواطنين ليس إلا.
ثالثا: المس بالحقوق المكفولة دستوريا للقضاة
إن "نادي قضاة المغرب" ليؤكد على ضرورة احترام الحقوق والحريات المكفولة للقضاة، دستورا وكونا، بما في ذلك حقهم في التعبير وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وهي المنصوص عليها في الفصل 111 من الدستور.
وقد تأثر واضعو هذا الفصل بما قررته مبادئ الأمم المتحدة المشار إليها، وذلك في بندها الثامن الذي نص على ما يلي: "وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية، كغيرهم من المواطنين، التمتع بحرية التعبير والاعتقاد وتكوين الجمعيات والتجمع(..)". وكذا البند 4/6 من مبادئ بانغلور المعتمدة من قبل لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بمقتضى القرار عدد 43/2003، والذي ينص على أنه: "يحق للقاضي كأي مواطن آخر حرية التعبير والعقيدة والارتباط والتجمع (..)".
وبعيدا عما تضمنه الدستور المغربي، ومعه المواثيق الدولية المصادق عليها من قبل المملكة بهذا الخصوص ، جاء مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة المعروض على أنظار البرلمان، في مادته 38، بمنع غير دستوري للقضاة من تأسيس الجمعيات المدنية أو الانضمام إلى الأجهزة المسيرة فيها، وكذا من خلال وضع نصوص مقيدة لوظيفة الجمعيات المهنية للقضاة، والمتمثلة في الدفاع عن استقلال السلطة القضائي،فضلا عن لجم عمل الجمعيات المهنية للقضاة بعدة مقتضيات تهم مجال عملها، دون الحديث، ولو إشارة، إلى إمكانية استفادة مسيريها من أية تسهيلات وفق ما جرى به العمل في مختلف الإدارات العامة للدولة، مما سيحولها في المستقبل القريب إلى جمعيات صامتة كما أرادته السلطة التنفيذية، أو لمجرد تأثيث المشهد لا غير.
وخلافا لمقتضيات هذا المشروع، أكد الميثاق الأوروبي بشأن النظام الأساسي للقضاة في فقرته 7/1 على: "أن المنظمات المهنية التي ينشئها القضاة – والتي لهم حق الانضمام إليها بحرية - تساهم بشكل ملحوظ في الدفاع عن الحقوق الممنوحة لهم قانوناً، لاسيما في وجه القرارات المتعلقة بهم، والصادرة عن السلطات والهيئات المعنية". وهو عين ما أقره المجلس الأوروبي في توصيته رقم 12 لسنة 1994، قائلا: "يتمتع القضاة بحرية تكوين الجمعيات، منفردةً أو مع هيئات أخرى، تكون مهامها حماية استقلال القضاة ومصالحهم".
رابعا: تركيز السلطات
ركز مشروعي القانونين التنظيميين العديد من السلطات في يد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والحال، أن الدستور جعل البت في وضعية القاضي كيف ما كانت هي اختصاص حصري للمجلس بكافة أعضائه ضمانا لعدم المس باستقلاليته ورفعا للحرج عن مؤسسة الرئيس المنتدب.
خامسا: التحجير على القضاة
يتجلى هذا التحجير من خلال عدة مقتضيات منصوص عليها في مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي، ومنها على سبيل المثال هذا المقتضى: "لا يمكن للقضاة مباشرة التدريس والبحث العلمي إلا بترخيص من الرئيس المنتدب للسلطة القضائية" (المادة 47 من مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي).
سادسا: الحيف الممارس على القضاة
إلحاق حيف كبير بالقضاة المرتبين حاليا في الدرجة الثالثة، والذين جعلهتهم المادة 115 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، خاضعين لنسق الترقي المنصوص عليه في ظهير 1974 الملغى بذات المشروع بعد نفاذه، وذلك قصد حرمانهم من حقهم في الاستفادة من المقتضيات الجديدة التي تقلص مدة الترقية نسبيا. وما ينطبق على أيضا على المقتضيات المتعلقة بتقاعد القضاة ، إذ تم تحديده في في 65سنة (مع امكانية التمديد إلى 70 سنة ) دون مرعاة طبيعة المهنة وظروف العمل ولا حتى النقاش المجتمعي حول هذا الموضوع الذي لم يحسم بعد.
سابعا: تقييم القضاة
جعل تقييم القاضي في يد المسؤولين القضائيين بالمحاكم، وهو ما أثبت التاريخ، والواقع المعاش، استعماله كأداة ووسيلة للانتقام والتحكم والتطويع ، مع أننا اقترحنا في مذكرتنا المفصلة نظاما محكما، يعهد به إلى لجنة وفق آليات محددة من شأن إعمالها تجنب ذلك كل ما من شأنه التحكم وتهديد استقلال القاضي. هذا فضلا عن عدم ايلاء القوانيين التنظيمية أي عناية خاصة بالادارة القضائية التي هي بوابة الاصلاح القضائي من خلال ربطها بمبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ثامنا: تفتيش القضاة
جعل المفتشية العامة والمفتش العام تابعا تابعة للرئيس المنتدب، وهو ما يمكن أن يعجل منها وسيلة للتحكم والثأثير على استقلالية القضاة، ووضع الرئيس الأول في حرج تام ، إذ كان من الأجدر أن تكون تابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بضمانات قانونية تجعلها محايدة.
تاسعا: دمقرطة المحاكم
عدم الإشارة إلى مبدأ "دمقرطة" كافة المحاكم بمختلف درجاتها، بما فيها محكمة النقض ، وذلك عن طريق جعل الجمعية العامة هي السبيل الوحيد لاتخاذ القرارات التي تهم تقسيم العمل القضائي وتوزيعه.
عاشرا: تدخل وزارة العدل
بقاء وزارة العدل حاضرة في المشهد القضائي ، مما قد ينتج عنه ثأثير لها على القرار القضائي، وذلك من خلال منفذ المسؤوليين القضائيين بالمحاكم، وكذا حضور وزير العدل والحريات، بصفته تلك، أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، في مخالفة صارخة للفصل 115 من الدستور الذي أخرجه من تشكيلة المجلس المذكور.فضلا عن عدم اعطاء هذا الأخير المكانة التي يستحقها ماديا واداريا كممثل للسلطة القضائية.
أحد عشرا:وضعية النيابة العامة
كرس مشروعي القانونين التنظيميين النظرة الخاطئة إلى النيابة العامة كما لو أنها مكان للتطويع والتأديب ، مع الدستور المغربي اعتبرها من السلطة القضائية، وذلك من خلال عدة مقتضيات منها تعيين القضاة الجدد أساسا لمدة سنتين بها واستثناء يمكن تعينهم قضاة للحكم من اجل سد الخصاص فقط ، وكل هذا مع استحضارنا لعدم وضع هذه المشاريع أية ضوابط لعمل النيابة العامة كما طالبنا بذلك مرارا وتكرارا .
و في الأخير، لا يخفى أن هذه المضامين وغيرها، كانت محل انتقاد من قبل عدد من المكونات الحقوقية، الوطنية منها والدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للحقوقيين، و كذا النسيج المدني المتكون من عدد من الجمعيات الحقوقية والمهنية، و التي أكدت على وجود عدد من المقتضيات الماسة باستقلال السلطة القضائية.
المكتب التنفيذي
لـ "نادي قضاة المغرب"