
استضاف المغرب المنتدى العالمي لحقوق الإنسان وذلك بمدينة مراكش خلال الأيام 27/28/29 و30 من شهر نونبر 2014 ؛ وقد كان نادي قضاة المغرب من ضمن الإطارات الجمعوية المشاركة باعتباره عضوا فاعلا في النسيج المدني للدفاع عن استقلال السلطة القضائية .
وقد أكدت الرسالة الملكية السامية اعتزاز المملكة المغربية باستضافة الدورة الثانية لهذا المنتدى العالمي، في مدينة مراكش، أرض الحوار والتنوع، والتفاعل المثمر بين الثقافات والحضارات، باعتبار ذلك تكريما لبلدنا ولقارتنا.والحقيقة أن ذلك يشكل اعترافا بالمجهودات الكبرى للمغرب في مجال حقوق الإنسان نصا كما تعكسه الوثيقة الدستورية المتقدمة لسنة 2011 وممارسة بحسب الشهادات المنظمات الوطنية والدولية ، وقد كان المنتدى عرسا حقوقيا بامتياز إذ يعد أكبر حشد حقوقي عالمي منذ أكثر من 20 سنة حضره أزيد من 7400 مشارك من 98 دولة تميز بالتنوع والغنى في طرح ومناقشة المواضيع الجوهرية لكافة الحقوق والحريات .
وكانت مشاركة نادي قضاة المغرب متميزة لما لها من عظيم الاستفادة والإفادة الحقوقية والتلاقح الفكري والمهني والقضائي لكافة أطياف المجتمع المدني ؛ بحيث ساهم الأستاذين محمد الهيني وعبد الله الكرجي في أشغال المنتدى التحضيري المنظم من طرف جمعية عدالة وشركائها من ضمنهم نادي قضاة المغرب حول "الولوج إلى العدالة وحقوق الإنسان "يومي 25-26/11/2014 ، كما ساهما في أشغال المنتدى الموضوعاتي للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان الممتد على مدى الأيام 27/28/29/30 من نفس الشهر والسنة.
1- المنتدى التحضيري:
تم الوقوف خلال هذا المنتدى على التحديات الكبرى التي تعيق ولوج الفقراء ومختلف الأشخاص الموجودين في وضعية صعوبة أو هشاشة، وتم اقتراح الحلول لمعالجتها انطلاقا من التجارب الدولية المقارنة مع الحفاظ على مكسب القضاء المتخصص المكرس دستوريا وتطويره في اتجاه إحداث محاكم جديدة بدل الأقسام الابتدائية المتخصصة المقترحة في مشروع التنظيم القضائي والتي ستعصف وستهدم كيان هذا النوع من القضاء بالمخالفة لمبدأ الولوج المتبصر والمستنير للعدالة المتخصصة.
وقد ساهم الأستاذين المذكورين بمقترحات تروم تسهيل الولوج إلى العدالة سيما إيجاد نظام للمساعدة القانونية، والمطالبة بمجانية التقاضي، ورقمنة العدالة وصولا إلى المحكمة الإلكترونية، مؤكدين على أن الحصول على العدالة هو الأهم، وذلك عن طريق تكريس سلطة قضائية مستقلة بعدالة ناجعة وموارد بشرية كفأة وخبيرة ؛ لأن أولى درجة العدالة هي العدالة الإجرائية .
وهكذا تم خلال هذا المنتدى عرض الثغرات التي أفرزها واقع الممارسة العملية لنظام المساعدة القضائية الساري النفاذ ، منها ما يرتبط بالنص القانوني، ومنها ما له صلة بالواقع الاجتماعي المعيش، ويمكن إجمالها في:
* غياب مطلق للمساعدة القانونية؛
* تعقد الإجراءات، وانعدام معايير موضوعية تتعلق بمنح المساعدة؛
* الغموض والتشتت الذي يطبع التنظيم القانوني الحالي للمساعدة القضائية؛
* عدم التوسع في حالات منح المساعدة بسب المغالاة في التشدد؛
* عدم فعالية الآليات المتعلقة بالبحث والتحقيق والبت في الوضعية المادية لطالب المساعدة؛
* البطء في منح المساعدة القضائية، وعدم مراعاة عنصر الاستعجال الذي يطبع بعض الحالات؛
* عدم امتداد المساعدة القضائية لمراحل الطعن؛
* طغيان جانب المجانية في عمل الدفاع..
الأمر الذي جعل واجب التصدي لها، وبسط الحلول لما تطرحه من إشكاليات ضرورة ملحة.
وتماشيا مع الدستور الجديد وملائمة له يلزم تحديث المنظومة التشريعية، وتحيين الإطار القانوني المنظم للمساعدة في ظل ورش إصلاح شمولي للقضاء يهدف بالأساس إلى تحقيق الأمن القانوني والقضائي، وترسيخ ثقة المتقاضي في العدالة، وتمكين المواطن من اللجوء إلى القضاء بيُسر ومرونة، وملاءمة النصوص التشريعية الوطنية مع القوانين المقارنة والاتفاقيات الدولية، يجب التفكير في وضع مشروع قانون للمساعدة القانونية والقضائية عبر توفير نظام متكامل للمساعدة من شأنه أن يضمن الحق لجميع الأشخاص في ولوج العدالة، ويُقرِّب القضاء من المتقاضين من الناحيتين المعنوية والإجرائية، ويواكب مختلف التطورات الحاصلة، ويوازن بين الاعتبارات المالية والاجتماعية والإنسانية قبل منح المساعدة المطلوبة.
ويجب أن يكون من أهداف المشروع كإطار قانوني عام لتنظيم المساعدة القانونية والقضائية تحقيق عدة غايات، منها:
- تحديث النص المنظم للمساعدة القضائية الجاري تطبيقه منذ سنة 1966، ومواكبته للأنظمة القانونية والقضائية الراهنة، وللتوجهات والمفاهيم المستجدة لدولة الحق والقانون.
-الحرص على تبسيط قواعد ومساطر التقاضي، وعلى توفير المعلومة القانونية والقضائية، وتيسير ولوج العدالة؛
- تقوية آليات المساعدة القانونية والقضائية، وتوسيع مفهومها ونطاقها ليشمل مراحل سابقة لبسط النزاع أمام القضاء من خلال المشورة والتوجيه، والحث على اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات؛
- جمع شتات النصوص القانونية المتفرقة في مدونة واحدة، باعتبار أن النظام الحالي للمساعدة القضائية تتجاذبه نصوص قانونية متفرقة،
ولبلوغ هذه المرامي، أمسى من الضروري إعادة النظر في مقتضياته من خلال قانون ينظم المساعدة القانونية التي غايتها تعميم المعلومة القانونية والقضائية والتوجيه القانوني إلى جانب المساعدة القضائية، ويتناسب وما استجد في نصوص قانونية أجنبية وأنظمة قضائية مقارنة، ويضمن توسيع دائرة الاستفادة من المساعدة القانونية والقضائية، ويحدد نطاقها والأشخاص المستفيدين منها، والجهات المختصة بمنحها، ويضبط بصورة دقيقة مسطرتها وآجالها وشروط منحها، وينظم الطعن في المقرر الصادر بمنحها، ويفصل آثارها، وقواعد سحبها وتصفية مصاريفها...إلخ
وهو ما يجب التأسيس له من خلال مشروع قانون تراعي في صيغة مقتضياته صياغة قانونية سلسة ودقيقة تعكس بوضوح مقاصد المشرع ومراميه لتحقيق العديد من الأهداف والتجديدات التشريعية تتمحور حول العناصر التالية:
-اعتبار المساعدة القانونية والقضائية من الحقوق المعترف بها للأشخاص الذاتيين والمعنويين سواء المغاربة أم الأجانب وفق ما تنص عليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية؛
-وضع حدود وضوابط فاصلة بين نوعي المساعدة؛
-الاعتراف بالمساعدة القانونية كآلية للمشورة والتوجيه القانوني بإحداث مكتب للمساعدة القانونية؛
-الفصل بين المساعدة القضائية بقوة القانون التي تمنح بقوة القانون ودونما حاجة لتقديم طلب بهذا الخصوص والمساعدة القضائية التي ينظر في مدى قبولها مكتب المساعدة القضائية.
-توسيع نطاق المساعدة القانونية والقضائية وتمديدها لحالات ووضعيات اجتماعية جديرة بالحماية بالنظر للاعتبار الشخصي كالمعاقين والمهاجرين وطالبي اللجوء وضحايا الإرهاب والكوارث الطبيعية أو بالنظر للاعتبار الموضوعي للمنازعة القضائية حتى لا تكون الصوائر حائلا بينهم وبين طرق باب القضاء؛
-شمول المساعدة القضائية لمصاريف وأجور الخبراء والتراجمة والمفوضين وأتعاب المحامين, ورسوم التسجيل بالنسبة للوثائق العدلية وشواهد المحافظة العقارية متى كانت هذه الوثائق ضرورية لتقديم الدعوى؛
-القضاء على التشتت الذي كان يطبع التنظيم القانوني للمساعدة القانونية والقضائية من خلال تجميع النصوص المتعلقة بها بعد مراجعتها وتنقيحها؛
-تمديد المساعدة لتشمل كل ما يتفرع عن الدعوى القضائية الأصلية من إجراءات ولائية أو تحفظية أو تنفيذية، وعلى طرق الطعن المتعلقة بها، وعلى المطالبات بالحق المدني أمام قضاء التحقيق وقضاء الحكم كيفما كان المركز القانوني للمستفيد؛
-وضع معايير وشروط موضوعية للاستفادة من المساعدة القضائية، وطرق سحبها وآثار منحها؛
-مراجعة تشكيلة مكاتب المساعدة القضائية بتخويل رئاستها لرئيس المحكمة أو من ينوب عنه، وإضافة ممثل هيئة المفوضين القضائيين مع الحفاظ على التشكيلة السابقة؛
- تبسيط إجراءات منح المساعدة، وضمان شفافيتها، وسرعة صدور مقررها؛
- منح مكتب المساعدة صلاحية إجراء رقابة على جدية الدعوى ومدى رٌجحان الحق موضوعها؛
- توفير ضمانات بخصوص وجوب تعليل مقرر المساعدة، ووضع آجال لصدوره، وتحديد وضبط طرق الطعن فيه؛
وهكذا، أثبت الواقع الحاجة إلى إحداث نظام جديد للمساعدة القانونية والقضائية يمكن عموم المتقاضين من التعرف بصورة مفهومة ومبسطة على حقوقهم وواجباتهم المرتبطة بالإجراءات الإدارية والقضائية بمختلف الوسائل الممكنة.
2- المنتدى الموضوعاتي :
خلال المنتدى الموضوعاتي كان صوت نادي قضاة المغرب حاضرا بتدخلات عكست فكر النادي وأهدافه الرامية إلى إقرار قوانين ضامنة لاستقلال فعلي وحقيقي للسلطة القضائية .
وقد توج هذا المنتدى بمداخلة للأستاذ الهيني حول "دور القضاء في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية " هذه أهم تفاصيلها:
مداخلة ذ الهيني حول "دور القضاء في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ":
ساهم ذ الهيني باسم نادي قضاة المغرب وجمعية عدالة في إطار ندوة منظمة من طرف الجمعية الدولية للحقوقيين بجنيف والمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع "دور القضاء في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية " يومه الجمعة 28/11/2014 أكد فيها على معظم التغيرات الرائدة والايجابية الحاصلة في المنظومة الدستورية والتي مست تقوية مركز السلطة القضائية من خلال:
-الارتقاء بالقضاء إلى مستوى السلطة؛
-استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ؛
-إقرار الحق في الولوج للقضاء باعتبار أن حق التقاضي مضمون؛
-الإقرار بمبدأ القضاء والمحاكم المتخصصة؛
-إقرار مبدأ دستورية الرقابة القضائية الإدارية؛
-حظر تحصين أي قرار إداري من الطعن الإداري والقضائي؛
-مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية؛
-مبدأ عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة ولا للتعامل الانتقائي؛
وتم التأكيد على ماهية الوظيفة القضائية في الدستور الجديد بحيث أنه لأول مرة في تاريخ الدساتير المغربية عرف الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 وظيفة أو رسالة القاضي حينما أشار الفصل 117 على أنه”يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون“،بصفة عادلة –الفصل 110؛
ولضمان حماية القضاء للحقوق والحريات الأساسية استوجب المشرع الدستوري دعما للثقة في القضاء أن ”تكون الأحكام معللة وتصدر في جلسة علنية، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون“-الفصل 125. ويعتبر الدفاع عن الحقوق والحريات من أهم الأدوار التي أصبحت تضطلع بها المحاكم، في هذا السياق تشكل تجربة القضاء المغربي تجربة مهمة في هذا المجال، وتم الوقوف على أبرز الاجتهادات المبدئية المغربية والمقارنة المجسدة للحقوق والحريات من خلال القضاء المتخصص أو القضاء العادي سواء من خلال تكريس حق التعليم والشغل والصحة والضمان الاجتماعي وحماية الأجر وحق الإضراب وحرية الممارسة النقابية وأخيرا تكريس وتفعيل مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في الانتفاع من الأراضي الجماعية.
وبخصوص أهم العوائق التي تحول دون التطبيق الجيد والفعال للاتفاقيات الدولية والقواعد الدستورية الحامية للحقوق والحريات لابد من التأكيد أنه في مقابل هذه الخلاصات والاستنتاجات الايجابية المعبر عنها سابقا من خلال تحليل والتعليق على العديد من الأحكام والقرارات القضائية الصادرة عن محاكم المملكة بمختلف أنواعها ودرجاتها، يتضح بشكل جلي بأن العمل القضائي بالمغرب عرف تطورا نوعيا على مستوى صياغة الأحكام والقرارات وعلى مستوى جودتها، ويرجع هذا التطور بشكل كبير للإصلاحات الدستورية والقانونية التي عرفتها المملكة المغربية والتي أسفرت عن وضع دستور جديد من بين أهم ما تضمنه هو النص على استقلالية السلطة القضائية وعلى ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق وحريات المتقاضين، والتصريح بأن دور القاضي هو التطبيق العادل للقانون وحماية الحقوق والحريات وصون الأمن القانوني والقضائي كما أن هذا التطور يرجع أيضا للثورة الحقوقية التي عرفتها المملكة المغربية، والتي يمكن تلخيص أهم تمظهراتها في إصدار تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وما رافقه من إصلاحات همت أساسا القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، وستهم أيضا قوانين الحريات العامة، والقوانين المرتبطة بعمل القضاء .
ولا يخفى أهمية التأثر الذي أحدثه إصلاح الظهير المتعلق بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وتحويله إلى مجلس وطني، والارتقاء به إلى مستوى مؤسسة وطنية مستقلة طبقا لمعايير باريس المتعارف عليها دوليا في هذا المجال
ومما لاشك فيه إن بعض التطبيقات القضائية لا تخلو من بعض الثغرات والنقائص، والتي ترتبط أحيانا بنقصان التعليل أو بضعفه، أو بالتأثير في القضاة عن طريق العديد من الآليات والوسائل التي تتم خارج نطاق القانون أو بتحكم الإدارة المركزية لوزارة العدل ،والتي تفترض في الحالة الأولى دعم التخليق في المرفق القضائي ومحاربة الفساد وفي الحالة الثانية محاربة جميع وسائل التأثير بحماية فعالة لاستقلالية القاضي كفرد ودعم استقلالية السلطة القضائية كمؤسسة عن وزارة العدل
كما يسجل أيضا ضعف اللجوء للاتفاقيات الدولية وضعف الاعتماد عليها في صياغة تعليل الأحكام والقرارات القضائية، وهذا الأمر إذا كان مفهوما قبل دستور 2011 حيث لم يكن الدستور يكرس سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية، فإنه لم يعد مقبولا بعد صدور دستور 2011 الذي كرس في الفقرة ما قبل الأخيرة من تصدير الدستور، التي تنص على "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة".
وكانت من أهم خلاصات الندوة التأكيد على :
- الحاجة لحماية وتحصين استقلال القضاء والقاضي من تدخلات الإدارة ؛
-تدعيم الأمن القانوني والقضائي للقاضي حتى لا يكون معرضا لمتابعات تأديبية بسبب أحكامه أو مواقفه كما يسجل حاليا بكل أسف في خرق واضح للقانون وتأثير واضح على استقلالية القضاء والقاضي .
- دعم تجربة القضاء المتخصص وإحداث مجلس الدولة طبقا للفصل 114 من الدستور و مقتضيات الكلمة السامية بمناسبة افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15 دجنبر 1999 حيث قال حفظه الله "ورغبة منا في توسيع مجالات التطوير والتحديث قررنا الزيادة التدريجية في عدد المحاكم التجارية كما قررنا إحداث محاكم استئناف إدارية في أفق إنشاء مجلس للدولة يتوج الهرم القضائي والإداري لبلادنا حتى تتسنى مواجهة كل أشكال الشطط وحتى يتاح ضمان سيادة الشرعية ودعم الإنصاف بين المتقاضين".
-دعم التكوين في مجال حقوق الإنسان ؛
- إعداد دلائل للاجتهاد القضائي لنشر القرارات القضائية المبدئية المكرسة لحماية الحقوق والحريات ؛
- حماية التكتلات المهنية القضائية ودعمها لتكون رافعة للدفاع عن استقلالية السلطة القضائية وكحافز للإصلاح والتخليق والتطوير في المجال القضائي وفقا للتجربة الرائدة لنادي قضاة المغرب .
مداخلة ذ الكرجي بندوة " استرجاع الاموال المنهوبة":
وهي من تنظيم الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب؛ وقد شارك فيها الأستاذ عبد الله الكرجي بمداخلة رصد من خلالها الأساليب الحديثة لتعقب الأموال المنهوبة بهدف استرجاعها، كما طرح المفاهيم الجديدة للمصادرة خاصة المؤسسات القانونية المستحدثة كـ "المصادرة على القيمة " اعتمادا على "المقاربة المالية" لاسترجاع تلك الأموال بدل الاقتصار على المقاربة الزجرية، مقترحا تفعيل التعاون الدولي في هذا الإطار ورفع السرية البنكية، ومؤكدا على وجوب تعديل قانون مكافحة غسل الأموال ووضع قانون تجريم الكسب غير المشروع (قانون من أين لك هذا ) ، معتبرا أن أهم الحلول هو إيجاد قوانين تنظيمية ضامنة لاستقلال فعلي للسلطة القضائية للحيلولة دون الإفلات من العقاب والذي لن يتحقق إلا باستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية.
خاتما بالمشروع الرائد لنادي قضاة المغرب في هذا الإطار بانطلاقه من تخليق أجهزته وذلك بجعل التصريح العلني بممتكات أعضائها واجبا، ومشيرا إلى ما تعرض له من تضييق عند محاولته تعميم خطة مكافحة الفساد والرشوة بالمحاكم إذ تمت إزالة المطبوعات الخاصة بذلك من جذرانها.
وقد خرج المشاركون والحضور بعد نقاش مستفيض حول الموضوع وذلك بعد التطرق للتجربة الاردنية في استرداد الأموال المنهوبة وآليات الاسترداد وفقا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتجربة المصرية لاسترداد الأموال والنموذج المغربي في استرداد الأموال ومحاربة الفساد بالتوصيات التالية :
- المطالبة باستحداث محكمة جنائية دولية تختص بمحاكمة ناهبي المال العام وباسترداد الأموال المنهوبة حول العالم ، يمنح نظامها الحق لمواطني الدول والدول كحكومات تعقب الأموال المهربة وجمع الادلة وتوفير المساعدة لتقديم الدعاوى الفردية والجماعية لهذه المحكمة ،لمحاكمة ناهبي المال العام واسترداد الأموال المنهوبة .
- تجريم موقف الدول التي تأوي الأموال المهربة من دول أخرى؛
- عولمة ومأسسة الجهات القضائية التي تتولى انفاذ القواعد القانونية التي تبنتها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ؛
- تبني سياسات واجراءات عملية واضحة لتعزيز التعاون على المستوى الاقليمي والدولي خاصة فيما يتعلق بجمع المعلومات والادلة وتجميد وحجز ومصادرة واستعادة الاصول والاستفادة من منصة تبادل المعلومات غير الرسمية بين اجهزة انفاذ القانون بين مختلف الدول الأعضاء في اتفاقية "الأنتربول" والتي جرى استحداثها بين مبادرة "ستار" والانتربول ؛
- إلغاء سرية المصارف والبنوك فيما يتعلق باسترداد الأموال المتحصلة عن أفعال الفساد ؛
- تعزيز ادوار مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة ؛
- سن قانون من أين لك هذا لكل من يتولى المنصب العام في المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية وكافة المؤسسات المستقلة التابعة للدولة .
- نشر ثقافة التصدي للفساد وواجب الابلاغ عن جرائمه و التصدي عن طريق وسائل الاعلام لكل أشكال الفساد و التحسيس بالحوارات الوطنية والدولية في المجال
سن قوانين لحماية المبلغين عن الفساد وفضحه واشراك المجتمع المدني في وضع استراتيجية وطنية متكاملة تهدف الى الحد من ظاهرة الفساد و استرداد الأموال المنهوبة والمهربة ؛
وعلى مستوى ندوة الأراضي السلالية المنظمة من طرف المنتدى المغربي لحقوق الإنسان يومه السبت 28/11/2014 على الساعة الثالثة بعد الزوال ساهم الأستاذ محمد الهيني بتدخل في المناقشة يستهدف إبراز دور القضاء الإداري الرائد في تكريس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الانتفاع من الأراضي السلالية وإقراره حق الطعن في قرارات مجلس الوصاية وكذا إلزامه بتعليل قراراته تحت طائلة عدم مشروعيتها لعيب في الشكل، وبذلك ساهم القضاء في رفع الحيف على المرأة السلالية وفقا للمرتكزات الدستورية والاتفاقيات الدولية ،وكانت من خلاصات المنتدى ضرورة الحاجة إلى سن قانوني يتبنى الاجتهاد القضائي المذكور.
هذا وقد تخلل مشاركة نادي قضاة المغرب لقاءات جانبية من أجل إبرام شراكات وطنية ودولية مع العديد من الإطارات التي تعنى بحقوق الإنسان واستقلال السلطة القضائية .
وقد أكدت الرسالة الملكية السامية اعتزاز المملكة المغربية باستضافة الدورة الثانية لهذا المنتدى العالمي، في مدينة مراكش، أرض الحوار والتنوع، والتفاعل المثمر بين الثقافات والحضارات، باعتبار ذلك تكريما لبلدنا ولقارتنا.والحقيقة أن ذلك يشكل اعترافا بالمجهودات الكبرى للمغرب في مجال حقوق الإنسان نصا كما تعكسه الوثيقة الدستورية المتقدمة لسنة 2011 وممارسة بحسب الشهادات المنظمات الوطنية والدولية ، وقد كان المنتدى عرسا حقوقيا بامتياز إذ يعد أكبر حشد حقوقي عالمي منذ أكثر من 20 سنة حضره أزيد من 7400 مشارك من 98 دولة تميز بالتنوع والغنى في طرح ومناقشة المواضيع الجوهرية لكافة الحقوق والحريات .
وكانت مشاركة نادي قضاة المغرب متميزة لما لها من عظيم الاستفادة والإفادة الحقوقية والتلاقح الفكري والمهني والقضائي لكافة أطياف المجتمع المدني ؛ بحيث ساهم الأستاذين محمد الهيني وعبد الله الكرجي في أشغال المنتدى التحضيري المنظم من طرف جمعية عدالة وشركائها من ضمنهم نادي قضاة المغرب حول "الولوج إلى العدالة وحقوق الإنسان "يومي 25-26/11/2014 ، كما ساهما في أشغال المنتدى الموضوعاتي للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان الممتد على مدى الأيام 27/28/29/30 من نفس الشهر والسنة.
1- المنتدى التحضيري:
تم الوقوف خلال هذا المنتدى على التحديات الكبرى التي تعيق ولوج الفقراء ومختلف الأشخاص الموجودين في وضعية صعوبة أو هشاشة، وتم اقتراح الحلول لمعالجتها انطلاقا من التجارب الدولية المقارنة مع الحفاظ على مكسب القضاء المتخصص المكرس دستوريا وتطويره في اتجاه إحداث محاكم جديدة بدل الأقسام الابتدائية المتخصصة المقترحة في مشروع التنظيم القضائي والتي ستعصف وستهدم كيان هذا النوع من القضاء بالمخالفة لمبدأ الولوج المتبصر والمستنير للعدالة المتخصصة.
وقد ساهم الأستاذين المذكورين بمقترحات تروم تسهيل الولوج إلى العدالة سيما إيجاد نظام للمساعدة القانونية، والمطالبة بمجانية التقاضي، ورقمنة العدالة وصولا إلى المحكمة الإلكترونية، مؤكدين على أن الحصول على العدالة هو الأهم، وذلك عن طريق تكريس سلطة قضائية مستقلة بعدالة ناجعة وموارد بشرية كفأة وخبيرة ؛ لأن أولى درجة العدالة هي العدالة الإجرائية .
وهكذا تم خلال هذا المنتدى عرض الثغرات التي أفرزها واقع الممارسة العملية لنظام المساعدة القضائية الساري النفاذ ، منها ما يرتبط بالنص القانوني، ومنها ما له صلة بالواقع الاجتماعي المعيش، ويمكن إجمالها في:
* غياب مطلق للمساعدة القانونية؛
* تعقد الإجراءات، وانعدام معايير موضوعية تتعلق بمنح المساعدة؛
* الغموض والتشتت الذي يطبع التنظيم القانوني الحالي للمساعدة القضائية؛
* عدم التوسع في حالات منح المساعدة بسب المغالاة في التشدد؛
* عدم فعالية الآليات المتعلقة بالبحث والتحقيق والبت في الوضعية المادية لطالب المساعدة؛
* البطء في منح المساعدة القضائية، وعدم مراعاة عنصر الاستعجال الذي يطبع بعض الحالات؛
* عدم امتداد المساعدة القضائية لمراحل الطعن؛
* طغيان جانب المجانية في عمل الدفاع..
الأمر الذي جعل واجب التصدي لها، وبسط الحلول لما تطرحه من إشكاليات ضرورة ملحة.
وتماشيا مع الدستور الجديد وملائمة له يلزم تحديث المنظومة التشريعية، وتحيين الإطار القانوني المنظم للمساعدة في ظل ورش إصلاح شمولي للقضاء يهدف بالأساس إلى تحقيق الأمن القانوني والقضائي، وترسيخ ثقة المتقاضي في العدالة، وتمكين المواطن من اللجوء إلى القضاء بيُسر ومرونة، وملاءمة النصوص التشريعية الوطنية مع القوانين المقارنة والاتفاقيات الدولية، يجب التفكير في وضع مشروع قانون للمساعدة القانونية والقضائية عبر توفير نظام متكامل للمساعدة من شأنه أن يضمن الحق لجميع الأشخاص في ولوج العدالة، ويُقرِّب القضاء من المتقاضين من الناحيتين المعنوية والإجرائية، ويواكب مختلف التطورات الحاصلة، ويوازن بين الاعتبارات المالية والاجتماعية والإنسانية قبل منح المساعدة المطلوبة.
ويجب أن يكون من أهداف المشروع كإطار قانوني عام لتنظيم المساعدة القانونية والقضائية تحقيق عدة غايات، منها:
- تحديث النص المنظم للمساعدة القضائية الجاري تطبيقه منذ سنة 1966، ومواكبته للأنظمة القانونية والقضائية الراهنة، وللتوجهات والمفاهيم المستجدة لدولة الحق والقانون.
-الحرص على تبسيط قواعد ومساطر التقاضي، وعلى توفير المعلومة القانونية والقضائية، وتيسير ولوج العدالة؛
- تقوية آليات المساعدة القانونية والقضائية، وتوسيع مفهومها ونطاقها ليشمل مراحل سابقة لبسط النزاع أمام القضاء من خلال المشورة والتوجيه، والحث على اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات؛
- جمع شتات النصوص القانونية المتفرقة في مدونة واحدة، باعتبار أن النظام الحالي للمساعدة القضائية تتجاذبه نصوص قانونية متفرقة،
ولبلوغ هذه المرامي، أمسى من الضروري إعادة النظر في مقتضياته من خلال قانون ينظم المساعدة القانونية التي غايتها تعميم المعلومة القانونية والقضائية والتوجيه القانوني إلى جانب المساعدة القضائية، ويتناسب وما استجد في نصوص قانونية أجنبية وأنظمة قضائية مقارنة، ويضمن توسيع دائرة الاستفادة من المساعدة القانونية والقضائية، ويحدد نطاقها والأشخاص المستفيدين منها، والجهات المختصة بمنحها، ويضبط بصورة دقيقة مسطرتها وآجالها وشروط منحها، وينظم الطعن في المقرر الصادر بمنحها، ويفصل آثارها، وقواعد سحبها وتصفية مصاريفها...إلخ
وهو ما يجب التأسيس له من خلال مشروع قانون تراعي في صيغة مقتضياته صياغة قانونية سلسة ودقيقة تعكس بوضوح مقاصد المشرع ومراميه لتحقيق العديد من الأهداف والتجديدات التشريعية تتمحور حول العناصر التالية:
-اعتبار المساعدة القانونية والقضائية من الحقوق المعترف بها للأشخاص الذاتيين والمعنويين سواء المغاربة أم الأجانب وفق ما تنص عليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية؛
-وضع حدود وضوابط فاصلة بين نوعي المساعدة؛
-الاعتراف بالمساعدة القانونية كآلية للمشورة والتوجيه القانوني بإحداث مكتب للمساعدة القانونية؛
-الفصل بين المساعدة القضائية بقوة القانون التي تمنح بقوة القانون ودونما حاجة لتقديم طلب بهذا الخصوص والمساعدة القضائية التي ينظر في مدى قبولها مكتب المساعدة القضائية.
-توسيع نطاق المساعدة القانونية والقضائية وتمديدها لحالات ووضعيات اجتماعية جديرة بالحماية بالنظر للاعتبار الشخصي كالمعاقين والمهاجرين وطالبي اللجوء وضحايا الإرهاب والكوارث الطبيعية أو بالنظر للاعتبار الموضوعي للمنازعة القضائية حتى لا تكون الصوائر حائلا بينهم وبين طرق باب القضاء؛
-شمول المساعدة القضائية لمصاريف وأجور الخبراء والتراجمة والمفوضين وأتعاب المحامين, ورسوم التسجيل بالنسبة للوثائق العدلية وشواهد المحافظة العقارية متى كانت هذه الوثائق ضرورية لتقديم الدعوى؛
-القضاء على التشتت الذي كان يطبع التنظيم القانوني للمساعدة القانونية والقضائية من خلال تجميع النصوص المتعلقة بها بعد مراجعتها وتنقيحها؛
-تمديد المساعدة لتشمل كل ما يتفرع عن الدعوى القضائية الأصلية من إجراءات ولائية أو تحفظية أو تنفيذية، وعلى طرق الطعن المتعلقة بها، وعلى المطالبات بالحق المدني أمام قضاء التحقيق وقضاء الحكم كيفما كان المركز القانوني للمستفيد؛
-وضع معايير وشروط موضوعية للاستفادة من المساعدة القضائية، وطرق سحبها وآثار منحها؛
-مراجعة تشكيلة مكاتب المساعدة القضائية بتخويل رئاستها لرئيس المحكمة أو من ينوب عنه، وإضافة ممثل هيئة المفوضين القضائيين مع الحفاظ على التشكيلة السابقة؛
- تبسيط إجراءات منح المساعدة، وضمان شفافيتها، وسرعة صدور مقررها؛
- منح مكتب المساعدة صلاحية إجراء رقابة على جدية الدعوى ومدى رٌجحان الحق موضوعها؛
- توفير ضمانات بخصوص وجوب تعليل مقرر المساعدة، ووضع آجال لصدوره، وتحديد وضبط طرق الطعن فيه؛
وهكذا، أثبت الواقع الحاجة إلى إحداث نظام جديد للمساعدة القانونية والقضائية يمكن عموم المتقاضين من التعرف بصورة مفهومة ومبسطة على حقوقهم وواجباتهم المرتبطة بالإجراءات الإدارية والقضائية بمختلف الوسائل الممكنة.
2- المنتدى الموضوعاتي :
خلال المنتدى الموضوعاتي كان صوت نادي قضاة المغرب حاضرا بتدخلات عكست فكر النادي وأهدافه الرامية إلى إقرار قوانين ضامنة لاستقلال فعلي وحقيقي للسلطة القضائية .
وقد توج هذا المنتدى بمداخلة للأستاذ الهيني حول "دور القضاء في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية " هذه أهم تفاصيلها:
مداخلة ذ الهيني حول "دور القضاء في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ":
ساهم ذ الهيني باسم نادي قضاة المغرب وجمعية عدالة في إطار ندوة منظمة من طرف الجمعية الدولية للحقوقيين بجنيف والمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع "دور القضاء في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية " يومه الجمعة 28/11/2014 أكد فيها على معظم التغيرات الرائدة والايجابية الحاصلة في المنظومة الدستورية والتي مست تقوية مركز السلطة القضائية من خلال:
-الارتقاء بالقضاء إلى مستوى السلطة؛
-استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ؛
-إقرار الحق في الولوج للقضاء باعتبار أن حق التقاضي مضمون؛
-الإقرار بمبدأ القضاء والمحاكم المتخصصة؛
-إقرار مبدأ دستورية الرقابة القضائية الإدارية؛
-حظر تحصين أي قرار إداري من الطعن الإداري والقضائي؛
-مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية؛
-مبدأ عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة ولا للتعامل الانتقائي؛
وتم التأكيد على ماهية الوظيفة القضائية في الدستور الجديد بحيث أنه لأول مرة في تاريخ الدساتير المغربية عرف الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 وظيفة أو رسالة القاضي حينما أشار الفصل 117 على أنه”يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون“،بصفة عادلة –الفصل 110؛
ولضمان حماية القضاء للحقوق والحريات الأساسية استوجب المشرع الدستوري دعما للثقة في القضاء أن ”تكون الأحكام معللة وتصدر في جلسة علنية، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون“-الفصل 125. ويعتبر الدفاع عن الحقوق والحريات من أهم الأدوار التي أصبحت تضطلع بها المحاكم، في هذا السياق تشكل تجربة القضاء المغربي تجربة مهمة في هذا المجال، وتم الوقوف على أبرز الاجتهادات المبدئية المغربية والمقارنة المجسدة للحقوق والحريات من خلال القضاء المتخصص أو القضاء العادي سواء من خلال تكريس حق التعليم والشغل والصحة والضمان الاجتماعي وحماية الأجر وحق الإضراب وحرية الممارسة النقابية وأخيرا تكريس وتفعيل مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في الانتفاع من الأراضي الجماعية.
وبخصوص أهم العوائق التي تحول دون التطبيق الجيد والفعال للاتفاقيات الدولية والقواعد الدستورية الحامية للحقوق والحريات لابد من التأكيد أنه في مقابل هذه الخلاصات والاستنتاجات الايجابية المعبر عنها سابقا من خلال تحليل والتعليق على العديد من الأحكام والقرارات القضائية الصادرة عن محاكم المملكة بمختلف أنواعها ودرجاتها، يتضح بشكل جلي بأن العمل القضائي بالمغرب عرف تطورا نوعيا على مستوى صياغة الأحكام والقرارات وعلى مستوى جودتها، ويرجع هذا التطور بشكل كبير للإصلاحات الدستورية والقانونية التي عرفتها المملكة المغربية والتي أسفرت عن وضع دستور جديد من بين أهم ما تضمنه هو النص على استقلالية السلطة القضائية وعلى ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق وحريات المتقاضين، والتصريح بأن دور القاضي هو التطبيق العادل للقانون وحماية الحقوق والحريات وصون الأمن القانوني والقضائي كما أن هذا التطور يرجع أيضا للثورة الحقوقية التي عرفتها المملكة المغربية، والتي يمكن تلخيص أهم تمظهراتها في إصدار تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وما رافقه من إصلاحات همت أساسا القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، وستهم أيضا قوانين الحريات العامة، والقوانين المرتبطة بعمل القضاء .
ولا يخفى أهمية التأثر الذي أحدثه إصلاح الظهير المتعلق بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وتحويله إلى مجلس وطني، والارتقاء به إلى مستوى مؤسسة وطنية مستقلة طبقا لمعايير باريس المتعارف عليها دوليا في هذا المجال
ومما لاشك فيه إن بعض التطبيقات القضائية لا تخلو من بعض الثغرات والنقائص، والتي ترتبط أحيانا بنقصان التعليل أو بضعفه، أو بالتأثير في القضاة عن طريق العديد من الآليات والوسائل التي تتم خارج نطاق القانون أو بتحكم الإدارة المركزية لوزارة العدل ،والتي تفترض في الحالة الأولى دعم التخليق في المرفق القضائي ومحاربة الفساد وفي الحالة الثانية محاربة جميع وسائل التأثير بحماية فعالة لاستقلالية القاضي كفرد ودعم استقلالية السلطة القضائية كمؤسسة عن وزارة العدل
كما يسجل أيضا ضعف اللجوء للاتفاقيات الدولية وضعف الاعتماد عليها في صياغة تعليل الأحكام والقرارات القضائية، وهذا الأمر إذا كان مفهوما قبل دستور 2011 حيث لم يكن الدستور يكرس سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية، فإنه لم يعد مقبولا بعد صدور دستور 2011 الذي كرس في الفقرة ما قبل الأخيرة من تصدير الدستور، التي تنص على "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة".
وكانت من أهم خلاصات الندوة التأكيد على :
- الحاجة لحماية وتحصين استقلال القضاء والقاضي من تدخلات الإدارة ؛
-تدعيم الأمن القانوني والقضائي للقاضي حتى لا يكون معرضا لمتابعات تأديبية بسبب أحكامه أو مواقفه كما يسجل حاليا بكل أسف في خرق واضح للقانون وتأثير واضح على استقلالية القضاء والقاضي .
- دعم تجربة القضاء المتخصص وإحداث مجلس الدولة طبقا للفصل 114 من الدستور و مقتضيات الكلمة السامية بمناسبة افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15 دجنبر 1999 حيث قال حفظه الله "ورغبة منا في توسيع مجالات التطوير والتحديث قررنا الزيادة التدريجية في عدد المحاكم التجارية كما قررنا إحداث محاكم استئناف إدارية في أفق إنشاء مجلس للدولة يتوج الهرم القضائي والإداري لبلادنا حتى تتسنى مواجهة كل أشكال الشطط وحتى يتاح ضمان سيادة الشرعية ودعم الإنصاف بين المتقاضين".
-دعم التكوين في مجال حقوق الإنسان ؛
- إعداد دلائل للاجتهاد القضائي لنشر القرارات القضائية المبدئية المكرسة لحماية الحقوق والحريات ؛
- حماية التكتلات المهنية القضائية ودعمها لتكون رافعة للدفاع عن استقلالية السلطة القضائية وكحافز للإصلاح والتخليق والتطوير في المجال القضائي وفقا للتجربة الرائدة لنادي قضاة المغرب .
مداخلة ذ الكرجي بندوة " استرجاع الاموال المنهوبة":
وهي من تنظيم الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب؛ وقد شارك فيها الأستاذ عبد الله الكرجي بمداخلة رصد من خلالها الأساليب الحديثة لتعقب الأموال المنهوبة بهدف استرجاعها، كما طرح المفاهيم الجديدة للمصادرة خاصة المؤسسات القانونية المستحدثة كـ "المصادرة على القيمة " اعتمادا على "المقاربة المالية" لاسترجاع تلك الأموال بدل الاقتصار على المقاربة الزجرية، مقترحا تفعيل التعاون الدولي في هذا الإطار ورفع السرية البنكية، ومؤكدا على وجوب تعديل قانون مكافحة غسل الأموال ووضع قانون تجريم الكسب غير المشروع (قانون من أين لك هذا ) ، معتبرا أن أهم الحلول هو إيجاد قوانين تنظيمية ضامنة لاستقلال فعلي للسلطة القضائية للحيلولة دون الإفلات من العقاب والذي لن يتحقق إلا باستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية.
خاتما بالمشروع الرائد لنادي قضاة المغرب في هذا الإطار بانطلاقه من تخليق أجهزته وذلك بجعل التصريح العلني بممتكات أعضائها واجبا، ومشيرا إلى ما تعرض له من تضييق عند محاولته تعميم خطة مكافحة الفساد والرشوة بالمحاكم إذ تمت إزالة المطبوعات الخاصة بذلك من جذرانها.
وقد خرج المشاركون والحضور بعد نقاش مستفيض حول الموضوع وذلك بعد التطرق للتجربة الاردنية في استرداد الأموال المنهوبة وآليات الاسترداد وفقا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتجربة المصرية لاسترداد الأموال والنموذج المغربي في استرداد الأموال ومحاربة الفساد بالتوصيات التالية :
- المطالبة باستحداث محكمة جنائية دولية تختص بمحاكمة ناهبي المال العام وباسترداد الأموال المنهوبة حول العالم ، يمنح نظامها الحق لمواطني الدول والدول كحكومات تعقب الأموال المهربة وجمع الادلة وتوفير المساعدة لتقديم الدعاوى الفردية والجماعية لهذه المحكمة ،لمحاكمة ناهبي المال العام واسترداد الأموال المنهوبة .
- تجريم موقف الدول التي تأوي الأموال المهربة من دول أخرى؛
- عولمة ومأسسة الجهات القضائية التي تتولى انفاذ القواعد القانونية التي تبنتها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ؛
- تبني سياسات واجراءات عملية واضحة لتعزيز التعاون على المستوى الاقليمي والدولي خاصة فيما يتعلق بجمع المعلومات والادلة وتجميد وحجز ومصادرة واستعادة الاصول والاستفادة من منصة تبادل المعلومات غير الرسمية بين اجهزة انفاذ القانون بين مختلف الدول الأعضاء في اتفاقية "الأنتربول" والتي جرى استحداثها بين مبادرة "ستار" والانتربول ؛
- إلغاء سرية المصارف والبنوك فيما يتعلق باسترداد الأموال المتحصلة عن أفعال الفساد ؛
- تعزيز ادوار مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة ؛
- سن قانون من أين لك هذا لكل من يتولى المنصب العام في المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية وكافة المؤسسات المستقلة التابعة للدولة .
- نشر ثقافة التصدي للفساد وواجب الابلاغ عن جرائمه و التصدي عن طريق وسائل الاعلام لكل أشكال الفساد و التحسيس بالحوارات الوطنية والدولية في المجال
سن قوانين لحماية المبلغين عن الفساد وفضحه واشراك المجتمع المدني في وضع استراتيجية وطنية متكاملة تهدف الى الحد من ظاهرة الفساد و استرداد الأموال المنهوبة والمهربة ؛
وعلى مستوى ندوة الأراضي السلالية المنظمة من طرف المنتدى المغربي لحقوق الإنسان يومه السبت 28/11/2014 على الساعة الثالثة بعد الزوال ساهم الأستاذ محمد الهيني بتدخل في المناقشة يستهدف إبراز دور القضاء الإداري الرائد في تكريس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الانتفاع من الأراضي السلالية وإقراره حق الطعن في قرارات مجلس الوصاية وكذا إلزامه بتعليل قراراته تحت طائلة عدم مشروعيتها لعيب في الشكل، وبذلك ساهم القضاء في رفع الحيف على المرأة السلالية وفقا للمرتكزات الدستورية والاتفاقيات الدولية ،وكانت من خلاصات المنتدى ضرورة الحاجة إلى سن قانوني يتبنى الاجتهاد القضائي المذكور.
هذا وقد تخلل مشاركة نادي قضاة المغرب لقاءات جانبية من أجل إبرام شراكات وطنية ودولية مع العديد من الإطارات التي تعنى بحقوق الإنسان واستقلال السلطة القضائية .