مـقــدمة
لما كان القضاء، أساس العدل، وملاذ المظلومين، فإن لجوء الأفراد إليه لا يكون على سبيل إغناء الاجتهاد القضائي ولا الإسهام في إعطاء مادة للدارسين، بل بغيت حماية حقوق الأفراد من كل تصرف إداري لم يحترم مبدأ الشرعية، وكل تصرف خارج عن المشروعية يكون مصيره الإلغاء
الأكيد أن التصرفات الإدارية تخضع للرقابة القضائية والتي قد تضيق في حالة وضوح النصوص القانونية وتحديد الأسس الكبرى الذي يقوم عليها التصرف الإداري، وقد تتسع في حالة اعتراف للإدارة بالسلطة التقديرية.
فالسلطة التقديرية هي حرية الإدارة في اختيار القرار أمام ظروف واقعية معينة تمارس في إطار قانوني، خاصة فيما يتعلق بتقدير الأخطاء التأديبية للموظف في ظل غياب مفهوم دقيق لها وللأفعال المكونة لهذا الخطأ كما هو الشأن في القانون الجنائي، بل المشرع المغربي اقتصر على تحديد واجبات الموظف والأعمال المحظورة عليهم دون تحديد دقيق للأفعال التي تستوجب فرد عقوبة عليها تاركا الأمر للسلطة التقديرية للإدارة فيما يتعلق بتكييفها وما إذا كانت تشكل خطأ أم لا.
إن موضوع السلطة التقديرية في النظام التأديبي بالوظيفة العمومية يكتسي أهمية بالغة لما له من تأثير على حقوق الموظفين في حالة تعسف الإدارة في اتخاذ قرار تأديبي، لذا كان من اللازم على القضاء التدخل للحد من هذه السلطة عبر ابتكار تقنيات ونظريات لتقوية الرقابة التي يبسطها على الإدارة.
فكان للقضاء الإداري الفرنسي الدور الريادي والمحوري ممثلا في مجلس الدولة هذا الجهاز الذي يتمتع دائما بحس تدريجي وحذر في تعامله مع الإدارة، حيث استطاع في كل مرة تأتيه الفرصة أن يقيد سلطتها، وهكذا جعل هذا المجلس من رقابة الوقائع من ناحية وجودها المادي كأول رقابة يتوجب أن يمارسها القاضي على القرارات التي تستند إلى وقائع لا أساس لها في القانون أي بصفتها وقائع مادية تذرعت بها الإدارة لإصدار قراراتها في إطار ما تتمتع به من سلطة تقديرية، مع رقابته كذالك للجزاء الذي ثم توقيعه على تلك الوقائع فالقاضي الإداري هنا يجمع بين رقابة الوجود المادي للوقائع من جهة، ورقابته للتكييف القانوني لتلك الوقائع من جهة أخرى.
وتظهر أهمية موضعنا من خلال تسليط الضوء على التحول الذي عرفه القضاء الإداري في مراقبة السلطة التقديرية للإدارة، فبعدما كان القضاء يراقب الوجود المادي والتكييف القانوني للوقائع، وسع نطاق رقابته على السلطة التقديرية للإدارة من خلال الوقوف على التناسب بين الخطأ والقرار، وذلك بابتكار نظرية الخطأ الواضح أو البين الفرنسية، أو نظرية الغلو المصرية.
إذن فإشكالية الأساسية لموضوعنا هي في ظل غياب لتحديد الأخطاء المهنية بشكل دقيق كيف تعامل القاضي الإداري المغربي مع مبدأ الملاءمة بين الخطأ والعقوبة عملا بالنظرية الخطأ الواضح و نظرية الغلو؟
هذه الإشكالية تفرض علينا أولا الوقوف الأساس القانوني للخطأ المهني والعقوبة التأديبية في الوظيفة العمومية بالمغرب(المبحث الأول) وثانيا نقف على كيف راقب القضاء الإداري السلطة التقديرية للإدارة من خلال رقابة الملاءمة(المبحث الثاني).
المبحث الأول : الأساس القانوني للخطأ المهني والعقوبة التأديبية بالوظيفة العمومية بالمغرب
إذا كانت الحقوق والواجبات التي تمنح للموظف من طرف الدولة ومؤسساتها تعتبر ضرورية ولا غنى عنها، فإنه من اللازم أن تكون مقابل تلك الحقوق وواجبات تلقى على عاتق الموظف، وبما أن الموظفين ماهم إلا بشر فإنهم بذلك غير معصومين عن ارتكاب الأخطاء أو قد ينحرفون عن جادة الصواب التي رسمتها لهم النصوص القانونية ، إلا أن هذا الانحراف يضع الموظف المنحرف تحت طائلة توقيع العقوبات التأديبية .
ويمثل الخطأ التأديبي نقطة ارتكاز تتمحور حولها كل دراسة تتعلق بالتأديب ، باعتباره المحرك الأساسي للمسؤولية التأديبية ،إلا أنه ومن هذا المنطلق نجد هناك جذل فقهي وقضائي بشأن تعريفه وعدم حصره.(مطلب أول )،وعلى عكس الأخطاء التأديبية التي لم يتم تحديدها من طرف المشرع، وتركت السلطة التقديرية في تحديدها للسلطة الإدارية ،فإن العقوبة التأديبية محددة على سبيل الحصر ، مما يستوجب أن العقوبة المطبقة على الموظف يجب أن تكون ضمن قائمة العقوبات المنصوص عليها في الفصل 66 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية و المصنفة حسب درجة خطورتها (المطلب الثاني).
المطلب الأول:مفهوم الخطأ المهني [[1]]url:#_ftn1
على الرغم من قدم هذا الموضوع ،فإن الفكر الإداري لم يستطع تحديد مفهوم قار وشامل له، بحيث تعددت الاتجاهات واختلفت التعاريف ، ونظرا لتباين وجهات النظر حول موضوع مفهوم الخطأ التأديبي ، فقد كان لكل من التشريع و الفقه وحتى القضاء نصيب من هذا المفهوم .
الفرع الأول : مفهوم الخطأ التأديبي في التشريع .
يظل مفهوم الخطأ التأديبي مفهوما غامضا على مستوى النصوص التشريعية والتنظيمية [[2]]url:#_ftn2 . فالمشرع لم يضع تعريفا محددا للخطأ التأديبي ،ولا يورد الأفعال المكونة لهذا الخطأ على سبيل الحصر كما هو الشأن في القانون الجنائي ،و إنما اقتصر المشرع على بيان واجبات الموظفين والأعمال المحظورة عليهم بصورة عامة دون تحديد دقيق[[3]]url:#_ftn3 ،فالخطأ التأديبي يتوفر بمجرد الإخلال بالواجبات الوظيفية .
أما المشرع المغربي نجده هو الأخر قد سلك نفس الاتجاه الذي سلكه جل التشريعات الوظيفية بحيث تنازل عن وظيفته في تجريم الأفعال تاركا إياها للسلطة التأديبية ،فيما يتعلق بتكيفها أو إذا ما كانت هذه الأفعال تشكل خطأ مهنيا أم لا ،وهذا ما نستشفه من خلال الفصل 17 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية .
الأمر الذي جعل مفهوم الخطأ التأديبي مفهوما غير دقيقا وبعيدا كل البعد عن الوضوح ،مكتفيا فقط بالإشارة إلى أنه كلما صدر من الموظف عملا من شأنه الإخلال بالالتزامات المهنية أو المس بالحق العام ، فإنه يعتبر خطأ تأديبي يستوجب الجزاء.[[4]]url:#_ftn4 وبهذا المعنى يبقى الخطأ التأديبي خاضعا للسلطة التقديرية للإدارة طبعا ،هذه السلطة التقديرية ليست مطلقة و إنما تحت مراقبة القضاء الإداري.[[5]]url:#_ftn5
نفس الشيء بالنسبة للمشرع الفرنسي لم يعرف الخطأ التأديبي في قوانين الوظيفة العامة وإنما ، اقتصر على إيراد بعض الواجبات الوظيفية ونص على مساءلة الموظف تأديبا عن كل خطأ يرتكبه أثناء أداء وظيفته ، نفس الشيء بالنسبة للنظم التوظيف العربية،وفي ظل غياب تعريف تشريعي فلقد كان للفقه والقضاء دورها في تعريف الخطأ التأديبي.
الفرع الثاني: مفهوم الخطأ التأديبي في الفقه .
قام الفقه بمهمة تحديد مفهوم الخطأ التأديبي الذي تركه المشرع ،لأن مهمة التعريف تترك عادة لرجال القضاء والفقهاء، حتى لا يكتنف التشريع غموضا أو إبهاما وعدم البيان .
فالفقه الفرنسي عرفه الأستاذ DELEPEREE بأنه "كل فعل أو امتناع عن فعل ينسب إلى الفاعل ويعاقب عليه بجزاء تأديبي" وعرفه الأستاذ سالون(SALON ) بأنه كل فعل أو امتناع مخالف للواجبات التي تقتضيها الوظيفة .[[6]]url:#_ftn6
وعرفها سلفيرا (SILVERA ) على أنه " مخالفة واجبات الوظيفة ."[[7]]url:#_ftn7
أما الفقه المصري عرفه الدكتور اسماعيل زكي حيث يقول" الأفعال التي تستوجب المؤاخذة التأديبية هي كل تقصير في أداء الواجب، أو إخلال بحسن السلوك و الآداب من شأنه أن يترتب عليه امتهان المهنة و الحط من كرامتها، أو الخروج على الالتزامات السلبية المفروضة على الموظفين"[[8]]url:#_ftn8
ومن جانبه عرفه الفقه المغربي ، فحسب الأستاذة مليكة الصروخ "كل فعل أو امتناع يرتكبه الموظف إخلالا بواجبات منصبه إيجابا أو سلبا سواء تلك التي نص أو لم ينص عليها القانون مما يستوجب توقيع الجزاء عليها .[[9]]url:#_ftn9 وعرفه الأستاذ محمد كرامي " هو الفعل الذي يصدر عن الموظف العمومي والذي يترتب عليه الإخلال بالواجبات التي يفرضها التشريع المعمول به في مجال الوظيفة العمومية [[10]]url:#_ftn10
الفرع الثالث : مفهوم الخطأ التأديبي في القضاء
أمام خلو النصوص التشريعية من أي تعريف الخطأ التأديبي ، فقد كان من المتوقع أن يتولى القضاء الإداري بطبيعة الحال تحديد أو بيان المقصود بالخطأ التأديبي.
و محاولة منه للوقوف أكثر على دلالات ودقة مفهوم الخطأ التأديبي، عمل القضاء الإداري المغربي وصف بعض الأعمال التي يقوم بها الموظف انطلاقا من عدم ملاءمتها مع الوظيفة المسندة إليه ، وفي هذا السياق تعرض القضاء الإداري لإحدى التصرفات التي تشكل مخالفات تأديبية.
ومن ذلك حكم بن حمزة الصادر عن الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى ، الذي اعتبرت فيه اختلاء الشرطي بعيدا عن الشرطي الأخر في ظروف مريبة يعد خطأ مهنيا يبرر عقوبة العزل من الوظيفة بقطع النظر عن اقترافه لجريمة الرشوة .
وفي قرار أخر لها ،اعتبرت ،الغرفة الإدارية أن صدور عبارات تنطوي على وقاحة وألفاظ مهنية من الموظف تتنافى مع الواجبات الوظيفية .[[11]]url:#_ftn11
أما بخصوص القضاء المصري ،فقد تعرض مجلس الدولة المصري لتعريف الخطأ التأديبي وبيان ضوابطه وكلها تعريفات تتمحور حول مفهوم واحد.
ففي حكمها الصادر في 25/01/1958 حيث تقول " الجريمة التأديبية هي كل عمل إيجابي أو سلبي يقع من العامل عند ممارسة أعمال وظيفية .........إذ كان ذلك لا يتفق وواجبات الوظيفة".
وفي حكم أخر لها ، الصادر في 23/02/1974 "أن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال العامل بواجبات وظيفته أو ايتائه عملا من الأعمال المحرمة عليه فكل عامل يخالف الوجبات التي تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء الصادرة في حدود القانون أو يخرج من مقتض الواجب في أعمال وظيفته المنوط به تأديتها بنفسه بدقة وأمانة إنما يرتكب ذنبا إداريا.[[12]]url:#_ftn12
من خلال العرض الذي تقدم بخصوص مفهوم الخطأ التأديبي بين التشريع والفقه وحتى القضاء ،فإنه لم يضع لنا مفهوم محددا للخطأ التأديبي ، و إنما جاءت معظم التعريفات متقاربة تتشكل عناصرها من عنصرين أساسين وهما الموظف موضوع المساءلة التأديبية و الخطأ المهني الذي هو سبب القرار التأديبي .
المطلب الثاني : تحديد العقوبة التأديبية وتصنيفها
إذا كانت السلطة التأديبية تتمتع بسلطة تقديرية واسعة فيما يتعلق بتكييف الأخطاء المهنية الوظيفية ،واختيار العقوبات المناسبة، فإن هذه العقوبات ليست مطلقة ،بل مقيدة أو خاضعة لمجموعة من الخصائص التي تحكمها .
فالعقوبة التأديبية هي وسيلة من وسائل السلطة الإدارية الرادعة لضمان احترام القواعد القانونية وتحقيق السير المنتظم والفعال للمرفق العام ،فهو إجراء تنظيمي خاص بالوحدة الإدارية ناشئ ومترتب على رابطة التوظيف القائمة بين الموظف و الجهة الإدارية التي ينتمي إليها،[[13]]url:#_ftn13 فهذه العقوبة لا يجب أن تكون من أجل العقاب (العقاب من أجل العقاب) فقط، وإنما هدفها هو تحقيق الضمان وحسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، وكد تحقيق فاعلية هذا المرفق.[[14]]url:#_ftn14
الفرع الأول: تعريف العقوبة التأديبية .
اكتفت بعض التشريعات إلى تحديد قائمة العقوبات دون التعرض إلى تعريفها ، كما هو معمول ، وفي ظل غياب تشريعي تدخل الفقه لإعطاء تعريف العقوبة التأديبية ،اعتبرها البعض بأنها جزاء وضعه المشرع للردع عن ارتكاب مانهى عنه وترك ما أمر به بمعنى أن العقوبة التأديبية جزاء مادي محدد في القانون من شأنه حجم الموظف عن ارتكاب أخطاء تأديبية ، وهي في قانون التأديب جزاء يمس الموظف في حياته الوظيفية [[15]]url:#_ftn15 ، ويرى البعض الأخر على أن العقوبة التأديبية هي الجزاءات التي توقع على مرتكبي الأخطاء التأديبية من الموظفين، هذه العقوبات ذات طبيعة أدبية أو مالية أو مهنية للعلاقات الوظيفية، فمعظم الاتجاهات الحديثة ذهبت في تعريف العقوبة عامة وتقول بأنها " الألم الذي ينبغي أن يتحمله الجاني عندما يخالف أمر القانون أو نهيه ،وذلك لتقويم ما في سلوكه من اعوجاج ولردع غيره عن الإقتداء به".[[16]]url:#_ftn16
الفرع الثاني :تحديد العقوبة التأديبية .
على عكس الأخطاء التأديبية التي لم يتم تحديدها من طرف المشرع .فإن العقوبات التأديبية محددة على سبيل الحصر ، وهي وسيلة من وسائل الحد من السلطة التقديرية التي تتمتع السلطة الإدارية المكلفة بالتأديب ،فإذا كانت معظم التشريعات في مجال الوظيفة العمومية لا تأخذ بالشق الأول من مبدأ الشرعية فإنها حاولت أن تأخذ بالشق الثاني منه والمتمثل في لا عقوبة إلا بنص " حيث وضعت قائمة من العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على الموظفين[[17]]url:#_ftn17 ، ولقد تدخل المشرع المغربي بصفة صريحة في الفصل 66 من ظهير 24/04/1958 لتحديد مختلف العقوبات التأديبية على سبيل الحصر ، بحيث تشمل هذه العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على مايلي وهي مرتبة حسب خطورتها [[18]]url:#_ftn18 .
الإندار.
التوبيخ.
الحذف من لائحة الترقي.
الإنحدار من الطبقة .
القهقرة من الرتبة.
العزل من غير توقيف حق التقاعد.
العزل المصحوب بتوقيف التقاعد.
وتضيف الفقرة الأخيرة من نفس الفصل على أن هناك عقوبتين تكتسيان صبغة خصوصية وهما :
الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية وذلك لمدة لاتتجاوز ستة أشهر ، تم هناك الإحالة الحتمية على التقاعد ، فهذه العقوبة لا يمكن إصدارها إلا إذا كان الموظف مستوفيا لشروط المقررة في تشريع التقاعد .
وباستثناء عقوبتي الإنذار و التوبيخ اللتين تصدرا بدون استشارة المجلس التأديبي ،ولكن بعد إبلاغ ،لموظف بالمأخذ المنسوبة إليه وذلك احتراما لمبدأ حق الدفاع في حين أن العقوبات الأخرى تتخذ بعد استشارة المجلس التأديبي واحترام جميع الضمانات الممنوعة للموظفين أي خرق لهذه القواعد يترتب عليه بطلان القرار التأديبي وبالتالي الإلغاء .
الفرع الثالث: تصنيف العقوبة التأديبية
لقد أخد المشرع المغربي بمبدأ التدرج في العقوبة المنصوص عليها في الفصل 66 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ،ويؤدي هذا التدرج إلى تصنيف لهذه العقوبات وذلك حسب درجة خطورتها وتبعا لمضمونها .
الحالة الأولى : تصنيف العقوبة حسب درجة خطورتها
فهنا نجد المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن التشريعات الحديثة التي تأخذ بمبدأ التدرج في توقيع العقوبات التأديبية من الأخف إلى الأشد ،ووضع سلم تصاعدي لأنواع العقوبات ،بحيث تتدرج حسب نوعية الفعل الخاطئ والظروف التي ارتكب فيها ذلك الفعل إضافة إلى درجة ترتيب الموظف في السلم الإداري من الأدنى إلى الأعلى .
العقوبات الأخف : هي تلك العقوبات التي تتخذها السلطة المختصة بالتأديب بدون الرجوع في ذلك إلى استشارة المجلس التأديبي وهي عقوبتي الإنذار و التوبيخ والهدف منهما هي تبصير الموظف بالخطأ الذي ارتكبه ، وتحذيره من العودة إليه، وقد يتضمن بينهما الموظف المخطئ إلى خطورة الآثار التي يترتب على عودته إلى ارتكاب ذات الخطأ أو خطأ مماثل
العقوبات الأشد: فهي العقوبات التي لا يمكن اتخذاها إلا بعد استشارة المجلس التأديبي[[19]]url:#_ftn19
الحالة الثانية : تصنيف العقوبات تبعا لمضمونها
إن المنهج الذي اعتمده المشرع المغربي في تصنيف العقوبات التأديبية من خلال أحكام الفصل 66 من ظهير 24/04/1958 ، أنه يصنفها إلى ثلاثة طوائف بطبيعة الحال حسب درجة خطورتها وهي :
الطائفة الأولى : العقوبات التأديبية
وهي من أخف أنواع العقوبات ، وتفرض على الموظف بمناسبة ارتكابه خطأ بسيطا ، فمضمون هذه العقوبات معنوي أكثر منه مادي ،والهدف منها بالأساس تحذير الموظف حتى لا يتمادى في الإخلال بالتزاماته المهنية ويتجلى هذا التحدير في عقوبتي الإنذار و التوبيخ ، وقد يكون وقع هذه العقوبات أكثر تبعا للطريقة التي تمر بها إذ يوجه إلى المعني بالأمر بصفة علنية أم لا ، وبالتالي قد يؤثر في علاقته مع المتعاملين معه سواء كانوا في مرتبته أو مرؤوسيه[[20]]url:#_ftn20
الطائفة الثانية :العقوبات المالية الغير المباشرة
هذه العقوبات تمس لمزايا الوظيفة جزئيا أو لحضيا وتشمل الحذف من لائحة الترقي و الانحدار من الطبقة والقهقرة من الرتبة ، وهي تنتج أثارا مالية مباشرة على الموظف ،إذ تحرمه من امتيازات مالية إضافية ، إلى جانب حرمانه من بعض الامتيازات المعنوية والتي كان من الممكن أن تؤهله لمسؤوليات أهم ولمرتبة إدارية أرقى و أفضل [[21]]url:#_ftn21 .
الطائفة الثالثة: العقوبات المهنية لرابطة التوظيف.
تمثل هذه الطائفة أشد العقوبات وأقساها وتضم عقوبة العزل سواء في صورته المخففة نسبيا، من غير توقيف حق التقاعد ، أو في صورته المشددة المصحوبة بتوقيف حق التقاعد والإحالة الحتمية على التقاعد.
فعقوبة العزل في صورته المخففة نسبيا يتم اللجوء إليها حينما يرتكب الموظف خطأ من الأخطاء التي تكتسي صبغة جنائية وتأديبية وتكون لها انعكاسات سلبية على مبدأ المروءة الذي يفترض توفره لدى الموظف العمومي.
المبحث الثاني : السلطة التقديرية للإدارة ورقابة الملائمة عليها
المطلب الأول : الرقابة القضائية على الوجود المادي والتكييف القانوني للوقائع
من البديهي أن من يرتكب خطأ لا بد وان يوقع عليه العقاب المناسب إلا أن الذي يرتكب خطأ بسيطا لا يتم عقابه بنفس العقاب الذي ارتكب خطأ جسيما أو خطيرا دلك أن معيار التفرقة بينهما في ظل غياب تحديد قانوني للأخطاء و ما يناسبها من عقوبات يدفع الإدارة إلى ممارسة سلطتها التقديرية في تكييف الخطأ مع ما يناسبه من عقوبة هدا لا يعني انعدام أية مراقبة قضائية على الإدارة.
إن هده السلطة المخولة للإدارة تمارس ذاتها في نطاق الشرعية لان السلطة التقديرية لا تعني التعسف أو التحكم و كل عمل إداري يتسم بهذا يعد مسا بمبدأ الشرعية ومن تم حق إلغاؤه.[[22]]url:#_ftn22
ومن المعلوم إن سبب القرار هو وجود حالة قانونية أو مادية وهي التي تدفع رجل الإدارة إلى التدخل ادن فرقابة القاضي تنصب حول مشروعية السبب من خلال مراقبة على الوجود الفعلي للوقائع التي كانت وراء القرار (الفقرة الأولى ) تم التكييف القانوني لهده الوقائع (الفقرة الثانية) و تعتبر هده المراقبة مراقبة دنيا يقوم بها القاضي.[[23]]url:#_ftn23
وعلى دلك فإننا سنتناول تباعا وفي إطار دراسة مقارنة لتعامل القضاء مع السلطة التقديرية للإدارة لظهور هدا النوع من الرقابة في كل من فرنسا مصر و المغرب باعتباره القيد التقليدي الأول للحد من تلك السلطة.
الفرع الأول : الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع
أولا: الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع في كل من فرنسا و مصر.
لقد انتهى التطور التاريخي لرقابة مجلس الدولة الفرنسي على الوقائع إلى إقرار المجلس لنفسه بحق ممارسة هده الرقابة و كان دلك بصدور مجموعة من الأحكام الشهيرة و التي اعتبر من بينها حكم "بلانشود" حيث قرر المجلس إن حرمان احد الموظفين من عمله كمساعد للمحافظ و المؤسس على نقله إلى وظيفة أخرى بناء على طلبه "يعتبر مؤسسا على سبب قانوني غير موجود إذا تبت عدم صحة واقعة تقديم الطلب مما يستوجب إلغاء القرار لمجاوزة السلطة" [[24]]url:#_ftn24 ومن القرارات التي أكد فيها مجلس الدولة سلطته في التحقق من صحة ماديات الوقائع نجد القرار الصادر عن وزير الحربية الفرنسي سنة 1918 و القاضي بإحالة الجنرال "د ينوي" إلى الاستيداع بعلة ارتكابه أخطاء تأديبية، و مع السلطة التقديرية الواسعة التي يتمتع بها الوزير بخصوص ضمان السير العادي لهدا المرفق الحساس و الوقوف على كل ما من شأنه أن يخل بسلامته، فإن المجلس أبى إلا أن يلغي هذا القرار بعد أن تبين له أن الأخطاء المدعاة في حق الجنرال "دي نوي " لم تصدر عنه بل ولم تكن صحيحة ماديا[[25]]url:#_ftn25
ادن فمجلس الدولة الفرنسي في تعامله مع الوقائع التي تتخذها الإدارة سندا لقراراتها في إطار ممارستها لسلطتها التقديرية و الذي توج بقاعدة مطلقة لا ترد عليها أي استثناءات، مفادها ضرورة استناد القرار الإدارة إلى وقائع صحيحة ماديا و على سبيل التحديد و التدقيق.
أما بالنسبة للقضاء الإداري المصري الذي لم يتردد مند نشأته في إخضاع الوقائع في الحالات المذكورة لرقابته و صار يلغى القرار كلما تبين وجه الخطأ فيها، مستفيدا بدلك من التطور الذي وصله نظيره الفرنسي. و في هدا الصدد قررت محكمة القضاء الإداري انه إذا كانت الإدارة تستقل بوزن مناسبات قرارها و بتقدير ملاءمة أو عدم إصداره دون أن يكون للقضاء التعقيب عليها في هدا الشأن، إلا أن مناط دلك أن تكون قد استندت في قرارها إلى وقائع صحيحة مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها القرار.[[26]]url:#_ftn26
وهكذا يمكن القول انه لم يعد في مصر كما في فرنسا، أي استثناء يرد على قاعدة خضوع أسباب القرارات الإدارية للرقابة على وجودها المادي.
ثانيا: الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع في المغرب
لقد اعترفت الغرفة الإدارية مند تأسيس المجلس الأعلى لنفسها بسلطة الرقابة على صحة الوجود المادي للوقائع في كل الحالات، و نستطيع أن نستشف هده السياسة القضائية من أولى قراراتها حيث أكدت أكثر من مرة انه لا يمكن أن تقوم سلطة تقديرية للإدارة بالنسبة لتقدير الوجود المادي للوقائع.
وأول حكم صدر في هدا الإطار هو حكم بن شقرون.[[27]]url:#_ftn27 حيث يدور هدا الأخير حول قرار أصدرته الإدارة و يقضي بتشطيب المدعي من اطر وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة، بحجة أن سيرته في فترة ما قبل الاستقلال في إطار التعليم العالي الإسلامي كانت مشبوهة، وماعدا هده الإشارة فإن القرار لم يكن يتضمن أية واقعة جدية من شأنها تبريره، لدلك ارتأت الغرفة بأنه يجب أن يتعرض للإبطال القرار الذي قضى بإعفاء الموظف من منصبه و دون أن يقدم الوزير كسبب له إلا علة غير واضحة لم يدل بالحجة على وجودها المادي. كما نجد أن الغرفة الإدارية تتشدد في اشتراطها لأسباب مدققة و جدية لا مجرد عموميات حيث جاء في قرار صادر عن الغرفة الإدارية بتاريخ 8 يوليوز 1983 انه"إذا كانت لهيأة المجلس التأديبي الصلاحية في تقدير الحجج المطروحة عليها لتشكيل قناعتها فانه يجب أن تعتمد على وقائع محددة و معينة و ثابتة لا على رسالة مجهولة المصدر و تقرير يتضمن مجرد عموميات.
وقد تعزز قضاء الغرفة الإدارية في مراقبة مادية الأسباب بإحداث المحاكم الإدارية بموجب قانون 90/41 حيث ما كان لهده المحاكم الإدارية من بد إلا أن تساير قضاء الغرفة الإدارية في سياستها القضائية، و إذا كانت المادة 20 من قانون 90/41 قد أشارت إلى انعدام التعليل كعيب يلحق القرار الإداري فقد راقب قاضي الإداري الوجود المادي لأسباب القرار الإداري الصادر في إطار السلطة التقديرية سواء كانت الإدارة ملزمة بالتعليل أو لم تكن، إذ في حالة عدم إلزامها بالتعليل فإنها تكون مجبرة أمام القضاء بتقديم مبررات تصرفاتها في مذكراتها الجوابية و إلا كان رفضها دليلا على ما ادعي ضدها.[[28]]url:#_ftn28
وهدا ما يؤكده حكم عبد السلام الحيمر ضد وزير التربية الوطنية[[29]]url:#_ftn29 إذ جاء فيه "...وحيث تخلفت الجهة المدعى عليها عن الجواب رغم توصلها بالمقال يوم 23/11/98 ...وحيث بالرجوع إلى القرار المطعون فيه نجده يفتقر إلى التعليل من الناحية القانونية و الواقعية و بالتالي تنعدم فيه أسباب اتخاذه".
يتضح لنا بجلاء أن القضاء الإداري المغربي، شأنه في دلك شأن نظيريه الفرنسي و المصري، قد أرسى قاعدة مطلقة التطبيق مفادها ضرورة استناد القرار الإداري إلى أسباب و دوافع ، ادن فالسلطة التقديرية تبقى مراقبة بشكل كامل بخصوص التأكد من الوجود الفعلي و المادي لتلك الأسباب إذ أن هدا النوع من الرقابة يعتبر حسب" Drago"و "Auby" كرقابة دنيا يمارسها القاضي في جميع الحالات.
الفرع الثاني : الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع
يقصد بالتكييف القانوني إعطاء حدث أو واقعة معينة وصفا ونعتا قانونيا يصنفها في إطار طائفة قانونية لتبرير قرار بشأنها، وهذا الوصف القانوني يستشف من خلال الرغبة المفترضة أو المعبر عنها من طرف المشرع، إذ أن هذا الأخير حينما يمنح لرجل الإدارة سلطات معينة فإنه لا يحدد له في كثير من الأحيان الوقائع والأسباب التي يجب الاستناد عليها بشكل دقيق وواضح لممارسة سلطاته، بل يشير إليها بشكل عام وغامض، حتى أنه في بعض الحالات لا يشير إليها نهائيا[[30]]url:#_ftn30 ، من هنا كانت مهمة رجل الإدارة في إطار ممارسته لسلطته التقديرية محاولة إدراج الواقعة سبب القرار في خانة القاعدة القانونية لتبرير الإجراء المتخد، فمثلا الرئيس الإداري وهو يمارس سلطاته في التأديب يجب عليه أن يتحقق من الأفعال التي اقترفها الموظف هي حقا من قبيل الأفعال التي اعتبرها المشرع أخطاء تأديبية، فبعد تكييفها على هذا الأساس يحق له بعدها توقيع الجزاء[[31]]url:#_ftn31 .
وتتجلى صعوبة التكييف القانوني كما ذهب فينيزيا في الحالات التي تتضمن أفكارا يصعب التوصل إلى تعريفها أو تحديدها عن طريق التحليل المنطقي وحده وتتطلب لذلك إجراء فحص شامل لكافة ظروف تلك الحالات[[32]]url:#_ftn32 وينطبق هذا الوصف الذي أتى به فينيزيا على حالات السلطة التقديرية التي تتسم بعدم وجود شروط واقعية ومحددة بشكل دقيق يفرضها المشرع على الإدارة ويجعلها شرطا لتصرفها، حيث تكون الإدارة حرة في اختيار ما تشاء من وقائع مقيدة في ذلك فقط بصحة وجودها المادي وتبريرها للقرار المتخذ.
وقد استطاع القضاء الإداري وعلى غرار تصديه لرقابة الوجود المادي للوقائع أن يسلط رقابته على التكييف القانوني الذي أنزلته الإدارة على الواقعة سبب القرار، من خلال القضاء الإداري في كل من فرنسا ومصر(أولا)، بالإضافة إلى القضاء الإداري المغربي(ثانيا).
أولا : الرقابة القضائية للتكييف القانوني للوقائع في فرنسا ومصر
بعد أن استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على إرساء دعائم رقابته على صحة الوجود المادي لوقائع، انتقل في مرحلة أخرى إلى رقابة الوصف القانوني الذي تنزله الإدارة على تلك الوقائع ليتحقق من مدى تبريرها للقرار المتخذ، ليكون مجلس الدولة الفرنسي بهذه الخطوة قد أضاف قيدا جديدا يمكن الاحتماء به من احتمالات تعسف الإدارة ويحول دون اتخاذ مسألة التكييف القانوني ذريعة لتحقيق أغراض غير مشروعة. ففي مجال التأديب في الوظيفة العمومية مارس القاضي رقابته للتكييف القانوني للوقائع التي ادعتها الإدارة كأساس لتوقيع العقوبة وما إذا كانت تصلح لأن تكون خطأ تأديبيا.
أما القضاء الإداري المصري فنهج المسلك ذاته الذي عرفه مجلس الدولة الفرنسي، حيث استقر الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة المصري على فرض رقابته للتحقق من سلامة التكييف القانوني الذي أنزلته الإدارة على الوقائع، ففي أحد قرارات المحكمة الإدارية العليا[[33]]url:#_ftn33 اعتبرت أنه " لا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ التدخل، وللقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية أن تراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني.
ثانيا: الرقابة القضائية للتكييف القانوني للوقائع في المغرب
دأبت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى مند تأسيسها على ممارسة رقابتها على التكييف الذي تجريه الإدارة، ويمكن أن نستشف بوضوح هذا الاتجاه الذي سار عليه قضائنا من خلال مجموعة من الأحكام ركزت بشكل لافت على القضايا الخاصة بالتأديب، فكما هو معلوم فإن الموظف العمومي لا يمكن أن يكون محلا لمتابعة تأديبية ما لم يرتكب خطأ مهنيا أو وظيفيا وهذا ما ينص عليه النظام الأساسي للوظيفة العمومية الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958، غير أن هذا النظام لم يحدد على سبيل التدقيق الأفعال التي من شأنها أن تحتمل وصف الخطأ الوظيفي بحيث تقابل كل عقوبة تأديبية خطأ ما، بل اقتصر على تنصيص في فصله السابع عشر بأن كل هفوة يرتكبها الموظف في تأدية وظيفته أو عند مباشرتها تعرضه لعقوبة تأديبية[[34]]url:#_ftn34 ، وانطلاقا من هذا التوجيه العام يبقى على الإدارة تحري انطباق وصف "هفوة" على أية واقعة تتذرع بها الإدارة لإيقاع عقوبة معينة على الموظف، أو بصيغة أخرى تقوم الإدارة بتكييف الواقعة المبررة تكييفا قانونيا.
وكانت انطلاق القضاء الإداري المغربي في الأخذ برقابة الوقائع منذ صدور حكم Courtille فقد كان على مجلس الأعلى في هذه النازلة أن يحدد موقفه بالنسبة للأفعال والوقائع المنسوبة للطاعن وما إذا كانت تشكل بالفعل أخطاء جسيمة تبرر إيقاع العقوبة عليه، وقد جاء في حيثيات الحكم "وحيث...إن المعني بالأمر ارتكب خطأ مهنيا خطيرا يمس بالهيئة التي ينتمي إليها فإن مدير مصالح الأمن العامة لم يعط تكييفا غير صحيح، وإنه بدون أن يرتكب عدم الشرعية استطاع أن يحدد أهمية العقوبة التي يجب في نظره أن يأخد فيها بعين الاعتبار العقوبات السابقة لتتوافق العقوبة مع الخطأ"[[35]]url:#_ftn35
وقد نهجت الغرفة الإدارية هذا النهج في العديد من قراراتها الشيء الذي أخدت به المحاكم الإدارية كذالك بعد إنشائها، ففي حكم لإدارية الدار البيضاء بتاريخ 23/12/1996 حيث جاء فيه "إن مراقبة القاضي الإداري لا تقتصر فقط على التأكد من الوجود المادي لأسباب الجزاء وتكييفها وإنما تشمل..."
من خلال هذه النماذج من الأحكام يتضح لنا بجلاء أنه لا خلاف حول ضرورة مراقبة القاضي الإداري للتكييف القانوني للوقائع التي تدعيها الإدارة لتسبيب قراراتها، ليكون بذلك القضاء الإداري المغربي قد سار على المنوال الذي سار فيه نظيره الفرنسي والمصري.
المطلب الثاني :تحول الإجتهاد القضائي في مراقبة السلطة التقديرية للإدارة
الفرع الأول : تبني القضاء المغربي لنظرية الغلو والخطأ الواضح
ابتدع مجلس الدولة الفرنسي نظرية الخطأ الواضح أو البين في التقدير ،كمرحلة لتقدير التناسب ،حيث كان القاضي الإداري الفرنسي قبل 1960يمارس رقابة من حد أدنى تشمل الشرعية الخارجية للقرار (الاختصاص و الشكل و المسطرة ) وكذلك رقابة على بعض عناصر الشرعية الداخلية (الصحة المادية للوقائع ، الخطأ في القانون والإنحراف في استعمال السلطة).
وبعد هذه المرحلة ،أصبح القاضي الإداري يراقب السلطة التقديرية للإدارة ، تطبيقا لنظرية الخطأ الواضح في التقدير أي مراقبة عدم التناسب البين بين الوقائع والقرار ،ومجال التأديب يقوم برقابة اختيار العقوبة المتخدة في حق الموظف ومدى ملائمتها لخطورة الخطأ المرتكب ونظرية الخطأ الواضح في التقدير تشترط وجود قدر كبير وواضح من الخطأ إلى درجة تظهر تجاهلا واضحا لأبسط المسلمات في ظل حقائق موضوعية ومتعارف عليها [[36]]url:#_ftn36 وقد كان أول حكم عمل خلاله مجلس الدولة الفرنسي رقابته بخصوص تقدير ملائمة تصرف الإدارة ،و الذي شكل نقلة نوعية في تعامله مع سلطة الإدارة التقديرية هو الحكم الصادر في يونيو 1978 في قضية السيد LE BON [[37]]url:#_ftn37
بعد هذه النقلة النوعية التي أحدثها حكم LE BON أصبحت رقابة الخطأ الواضح في التقدير تنتشر بسرعة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي إذ لم تمر أسابيع قليلة حتى أصدر المجلس قرارا بمناسبة قضية SIEUR VINOLAY والذي يعتبر أول تطبيق ايجابي لنظرية الخطأ الواضح بخصوص تقدير الملائمة أو التناسب ، حيث ألغى المجلس الجزاء التأديبي الموقع على مدير للخدمات بغرفة الزراعة والقاضي بفصله عن العمل لما نسب إليه من إهمال وعدم عناية في أدائه لوظيفته حيت قضى هذا الحكم بأن التفاوت بين الأخطاء المقترفة من قبل السيد VINOLAY والمتمثلة في القسوة والصرامة في معاملته لمرؤوسيه وبث عقوبة العزل من العمل يعد تفاوتا صارخا وبينا ولايمكن الإجراء المتخد ضد المدعي دون خطأ واضح في التقدير[[38]]url:#_ftn38
وبانتقالنا إلى نظرية الغلو المصرية ،نستشف أن تطبيق هذه النظرية في مجال التأديب تتشابه مع نظرية الخطأ الواضح أو البين الفرنسية مع وجود بعض الفوارق في تطبيق النظريتين ونشير هنا إلى أن الحكم الصادر بتاريخ 11 نوفمبر 1961 من طرف المحكمة الإدارية العليا في مصر يعتبر بحق بداية تطبيق هذه النظرية [[39]]url:#_ftn39 حيت جاء في حيتيات الحكم المشار إليه أعلا ه "ولئن كانت للسلطات التأديبية وبينها المحاكم التأديبية ،سلطة تقدير خطورة الذنب وما يناسب من جزاء وبغير تعقيب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطات شأنها في ذلك شأن أية سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره"
فالغلو في التقدير إذن يعني عدم ملائمة بين خطورة المخالفة وبين نوع العقوبة التأديبية[[40]]url:#_ftn40 .
وما يبرز هذا النوع من التجديد و التطور في القضاء الإداري المصري فيما يتعلق بالجزاءات التي توقع على العمد والمشايخ ابتدأت محكمة القضاء الإداري أحكامها في هذه الفئة بحكمها الصادر بتاريخ 26/05/1951 حيت قررت خلاله أن القانون رقم 141 لسنة 1947 الخاص بالعمد و المشايخ لم يبين جميع المأخد التي تستوجب محاكمة العمد ة أوالشيخ وإنما أشار في المادة 24 إلى الأسباب التي تدعو إلى إحالته إلى لجنة الشياخات للنظر في فصله وهي فقد الأهلية والنصاب أو العجز عن أداء الوجبات تم بينت المادة سلطة المدير في مجازات العمدة أو الشيخ وهي الإندار أو الغرامة التي لاتتجاوز 200 قرش إذ قصر أو أهمل في القيام بواجباته أو أتى أمرا يخل بكرامته وأنه إذا كان مايتبث أن عمل العمدة أو االشيخ يستوجب جزاء أشد أحالة المدير إلى لجنة الشياخات بمحاكمته تأديبيا فالتدرج في الجزاء الإداري يدل على أن المشرع قصد أن يقاس الجزاء لما يثبت من خطأ.
ولايمكن أن يقصد المشرع إلى إعطاء اللجنة سلطة فصل العامل مهما تكن التهمة الموجهة إليه أو مهما يكن الخطأ الذي وقع فيه ، فإذا دلت الظروف التي أحاطت بالمدعي على أن تأخير التبليغ عن حادثة السرقة لم يكن يبرر فصله من وظيفته لعدم الملائمة الظاهرة في القرارالمطعون فيه مما يجعله مشوبا بعيب الإنحراف بالسلطة "[[41]]url:#_ftn41
ومن خلال استقرائنا لمختلف التجارب للأنظمة المقارنة ماهو التحول أو تأثير هذه النظريات على اجتهادات القاضي الإداري المغربي ؟
يمكن القول على أن القاضي المغربي طبق نظرية الغلو في مجال التأديب الموظفين شأنه شأن القاضي الإداري المصري الذي حصرها في نفس المجال ،انطلاقا من أول حكم استعمل مصطلح الغلو في التقدير هو الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 23 مارس 1995 .حيت جاء فيه " إن للإدارة سلطة تقديرية في اتخاد العقوبة المناسبة في حق الموظف حسب خطورة الأفعال المنسوبة إليه ،ومدى تأتيرها داخل المرفق العام...وأن هذه السلطة التقديرية لارقابة للقضاء عليها ما لم يشبها غلو في التقدير".ولقد تم تأيد هذا الحكم بقرار لاحق للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 13/12/1997 والذي اعتبر من قبل الفقه ايدانا بميلاد قضاء جديد وتحول كبير في مسار قضائنا الإداري.
وقد توالت الأحكام حيت أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط كذلك حكما في قضية يوشيكي عبد الله ضد المدير العام للأمن الوطني [[42]]url:#_ftn42
لما ذهب إدارية مكناس بتاريخ 6/1995 فيما يتعلق برقابة ظاهرة الملاءمة حيث جاء فيه "للقاضي الإداري أن يفحص ظاهرة الملاءمة كي يتأكد من خلال القرار الإداري من أي عيب من عيوب عدم الشرعية دون أن يمس هذه الملائمة في حد داتها "
كذلك حكم صادر عن إدارية وجدة بتاريخ 31/10/2000 تحت عدد 2000-257 خديجة صبرينة بوتشليش ضد رئيس جماعة اعز ازن.[[43]]url:#_ftn43
ومايمكن تسجيله من خصوصيات يتميز بها المغرب عن مصر و فرنسا في رقابة الملائمة هو الإتجاه الوسط الذي اتخدته الغرفة الإدارية والمحاكم الإدارية من خلال ارتكازها على عدة أسس منها:
- التصدي للملائمة حالة بحالة ،وليس بناء على نظرية متناسقة و متكاملة
- الحذر الشديد في التصدي للملائمة
- الأخذ بعين الإعتبار كل الظروف والملابسات المحيطة بكل قضية على حدة
- الرقابة على ظاهرة الملائمة .[[44]]url:#_ftn44
الفرع الثاني : الإشكالات الفقهية المصاحبة لهذا التبني
مما لاشك فيه أن القاضي الإداري المغربي بتبنيه لنظرية الخطأ الواضح أو البين وكذلك نظرية الغلو المصرية ، قد حقق قفزة نوعية ترفعهه إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال القضاء الإداري ، غيرأن هذا التبني صاحبته اشكالات فقهية تتمثل أساسا بين معارض ومؤيد لهذه النظريات خصوصا نظرية الغلو المصرية كما هناك اتجاه وسطي .
فمن مؤيدي هذه النظرية نجد الأستاذ فؤاد العطار الذي ركز على أن الموظفين يباشرون اختصاصاتهم في مجال السلطة التأديبية غير معصومين من الخطأ وأن لكلمة الملائمة تعني لغة المطابقة "لاالهوى والتحكم من جانب السلطات التأديبية ".
ومن معارض نظرية الغلو نذكر الأستاذ سليمان الطماوي الذي يرى أن مسألة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبها من عقوبات تأديبية هي من اختصاص السلطة التقديرية التي يتعن تركها للإدارة بحيت لايمكن محاسبتها على خطأ التقدير إلا في نطاق عيب إنحراف السلطة أو اساءة استعمال السلطة أو التعسف في استعمال السلطة ، وهي تسميات التي يستعملها القضاء والفقه كمترادفات لدلالة على عيب عدم المشروعية الملازم للسلطة التقديرية.[[45]]url:#_ftn45
أما الرأي الوسط فإن من أصحابه الأستاذ محمد مزغني الذي يرى أن قضاء الغلو يجب اسناده إلى نظرية التعسف في استعمال الحقوق الإدارية ويؤكد بأن رقابة الغلو تعتبر إحدى صور نظرية التعسف في استعمال الحق أو السلطة .ذلك أن من المسلم أن اختيار العقوبة المناسبة لخطأ تأديبي تثبت في حق الموظف هو من السلطات التقديرية للإدارة ...إلا أن هذا الحق شأنه أي حق أخر يخضع لفكرة عدم التعسف في استعماله ومبنى التعسف في هذه الحالة هو أن تختار السلطة التأديبية جزاء يثبت التناسب في شدته وتسلطه بالذنب أو الخطأ الثابت في حق الموظف .....
وقد حاول المؤلف أن يدافع على رأيه في مؤلفه حول القانون الإداري المغربي مطالبا الغرفة الإدارية أن تنهج النهج الذي صار عليه القضاء المصري من خلال تأويله لحكم خديجة كلزيم .[[46]]url:#_ftn46
أما الرأي الثالث[[47]]url:#_ftn47 فله بعض المؤخدات وتتلخص هذه المؤخدات بالصيغة التي استعملها القاضي المغربي في حيتيات أحكامه سواء على مستوى الغرفة الإدارية أو المحاكم الإدارية لتعبير عن قضاء الغلو،حيت أشار القاضي الإداري في أحد الأحكام أنه " إذا كانت الإدارة المطلوبة في الطعن "-الصندوق الوطني للقرض الفلاحي - سلطة تقديرية في اتخاد العقوبة التي تراها مناسبة في حق مستخدميها فإنه بالنظر إلى وضعية الطاعنة كإمرأة متزوجة فإن عقوبة النقل المتخدة في حقها تعتبر بالنسبة إليها غير مناسبة.
وفي قرار أخر للغرفة الإدارية تشير إلى أن تعدد تمسك الإدارة بأن عقوبة فصل الطاعن المستأنف كانت مبرر بالأفعال الخطيرة التي ارتكبها و أن الملائمة قائمة بين الأفعال المنسوبة إلى الطاعن والعقوبة المتخدة في حقه مما يكون معه الحكم المستأنف مرتكزا على أساس سليم ومعلل تعليلا كافيا .
فاستقراء هذه العينة من الأحكام يتبين أن القضاء الإداري لم يكن موفقا ودقيقا في اختيار العبارات التي استعملها لتعبير عن قضاء الغلو فهو يشير إلى أن العقوبة غير مناسبة وكذلك أن الملائمة قائمة بين الأفعال والعقوبة المتخدة " فهذه العبارات تتقاضى مع مضمون قضاء الغلو أو الخطأ الواضح في التقدير و توحي بأن القاضي الإداري معني بإقامة التناسب وتحقيق الملائمة في القرار التأديبي في حين أن دلك من صلاحيات السلطة الإدارية المختصة بالتأديب ،فلا يتدخل القضاء إلا حينما يتجاوز التقدير الإداري للعقوبة التأديبية الحد المعقول.
خاتمة
نلاحظ بأن القاضي الإداري المغربي انتقل من مراقبة المشروعية القرار عن طريق الوقائع المادية والتكييف القانوني لها، إلى مراقبة ظاهرة الملاءمة متخذا منهج الوسط بين مراقبة الخطأ الواضح أو البين في التقدير و نظرية الغلو، وفي جميع الأحوال، تعتبر هذه قفزة نوعية بالنسبة للقضاء الإداري المغربي جديرة بالتشجيع والتنويه، وهي مجرد بداية في اتجاه تحديث قضائنا الإداري، حتى يستجيب لتطلعات المواطنين والموظفين من أجل الوصول إلى تطبيق عدالة تراعي مبادئ دولة الحق والقانون، وفي الأخير ومما لا شك فيه أن مراقبة الملاءمة تحد من السلطة التقديرية للإدارة لكي لا تنحرف بسلطتها أو تستبد بقراراتها، غير عابئة بالصالح العام.
الكتب و المؤلفات
- مليكة الصروخ ،القانون الإداري،"دراسة مقارنة" الطبعة السادسة،الشركة المغربية
- عبد القادر باينة،الموظفون العموميون بالمغرب الطبعة الأولى، دارتويقال ،الدارالبيضاء 2002،
- أحمد محمد قاسم،تأديب الموظفين وطرق إلغاء القرارات التأديبية ، الكتاب الثالث ، صوماديل 1998
- خالد سمارة الزغبي، القانون الإداري، الطبعة الثالثة، دار الثقافة ، عمان 1998
- نصر الدين مصباح القاضي ،النظرية العامة للتأديب في الوظيفة العامة،"دراسة مقارنة في القانون المصري والليبي و الشريعة الإسلامية" الطبعة الثانية دار الفكر العربي، القاهرة، 2002 .
- حسين حمودة المهداوي،شرح أحكام الوظيفة العامة ، المنشأة العامة ،طرابلس 1986 ، الطبعة الأولى.
- محمد كرامي القانون الإداري، الطبعة الثانية، النجاح الجديدة ،203
الأطروحات و الرسائل الجامعية
- بنجلون عصام،السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية عليها ، رسالة لنيل الدكتورا..الوطنية في القانون العام ،جامعة محمد الخامس-السويسي الرباط ،السنة الجامعية 2005/2006
- اسماعيل الصفاحي،،التأديب في المجالين الإداري و العسكري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،بكلية الحقوق بأكدال 2000-2001
- نايف راجي العميان،المسؤولية التأديبية للموظف العام في القانون الأردني رسالة لنيل دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية للإدارة العمومية،الرباط،1993-1994.
- سعيد بابنومارك ، النظام التأديبي بين القطاع العمومي والقطاع الخاص بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة محمد السويسي-كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية،الرباط
- عبد اللطيف العمراني ،القضاء الإداري المغربي ومراقبة الملائمة في مجال التأديب، منشورات REMALD ، عدد 47، 2004 سلسلة "مواضيع الساعة
- محمد عنتري ، تحول الإجتهاد القضائي في مراقبة الملائمة من الأفعال والعقوبة التأديبية، منشورات عدد مزدوج 20-21 دجنبر 1997،
- بوجمعة بوعزاوي، الاتجاه الحديث في رقابة القاضي الإداري على ممارسة السلطة التقديرية للإدارة، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية،سلسلة مواضيع الساعة، عدد 47 ،2004
الهوامش
هناك اختلاف حول تسمية الخطأ الإداري من طرف الفقه والقضاء ولقد تعددت المصطلحات وهي تؤدي نفس المعنى فهنلك من يطلق عليها الجريمة التأديبية ، الذنب الإداري، المخالفة التأديبية ،هفوة إدارية ، الخطأ التأديبي[1]
أحمد محمد قاسم،تأديب الموظفين وطرق إلغاء القرارات التأديبية ، الكتاب الثالث ، صوماديل 1998، ص 5[2]
خالد سمارة الزغبي، القانون الإداري، الطبعة الثالثة، دار الثقافة ، عمان 1998،ص 233 [3]
محمد كرامي القانون الإداري، الطبعة الثانية، النجاح الجديدة ،203،ص334 .[4]
MICHEL ROUSSET ,DROIT ADMINISTRATIF MAROCAIN,6 EDITION ;LA. PORTE ,2003.P531[5]
اسماعيل الصفاحي،،التأديب في المجالين الإداري و العسكري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،بكلية الحقوق بأكدال 2000-2001 ،ص 82[6]
خالد سمارة الزغبي ،مرجع سابق، ص234 [7]
نصر الدين مصباح القاضي ،النظرية العامة للتأديب في الوظيفة العامة،"دراسة مقارنة في القانون المصري والليبي و الشريعة الإسلامية" الطبعة الثانية دار الفكر العربي، القاهرة، 2002 ص 32 [8]
مليكة الصروخ ،القانون الإداري،"دراسة مقارنة" الطبعة السادسة،الشركة المغربية الدار البيضاء 2006 ص 235 [9]
محمد الكرامي، مرجع سابق، ص333 [10]
اسماعيل صفاحي، مرجع سابق،ص 34 [11]
نصر الدين مصباح القاضي،مرجع سابق، ص 31[12]
نايف راجي العميان،المسؤولية التأديبية للموظف العام في القانون الأردني رسالة لنيل دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية للإدارة العمومية،الرباط،1993-1994،ص 87 [13]
[[14]]url:#_ftnref14 AMAL MECHRAFI,LARESPONSIBILITES.DIS CIPLINAIRE DANS LA FONCTION PUBLIC,REMALAD,N°DOUBLE20-21.JUILLET.DECEMBRE 1997
حسين حمودة المهدوي،شرح أحكام الوظيفة العامة ، المنشأة العامة ،طرابلس 1986 ، الطبعة الأولى، ص 441 .[15]
نصر الدين مصباح القاضي ،مرجع سابق ،ص 178 [16]
اسماعيل صفاحي،مرجع سابق،ص 95 [17]
عبد القادر باينة،الموظفون العموميون بالمغرب الطبعة الأولى، دارتويقال ،الدارالبيضاء 2002،ص214 .[18]
عبد القادر باينة،مرجع سابق،ص 221 [19]
عبد القادر باينة،مرجع سابق،ص222 [20]
عبد القادر باينة،مرجع أعلاه،ص 222 [21]
[[22]]url:#_ftnref22 محمد عنتري: تحول الإجتهاد القضائي في مراقبة الملائمة من الأفعال والعقوبة التأديبية ،المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية عدد 20 .21 يوليوز دجنبر1997 ص 102 .
[23] محمد عنتري نفس المرجع ص102 .
[[24]]url:#_ftnref24 حكم ماخود من بنجلون عصام السلطة التقد يرية للا دارة و الرقابة القضائية عليها رسالة الدكتوراه الوطنية في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي –كلية العلوم القانونية و الا قتصادية و الا جتماعية – الرباط السنة الجامعية 2005-2006 ص 101
[[25]]url:#_ftnref25 حكم ماخود من نفس المرجع السابق ص 101
[[26]]url:#_ftnref26 حكم 1953/06/24 قضية 789 س7.
[[27]]url:#_ftnref27 حكم ماخود من –بنجلون عصام مرجع سابق ص 119.
[28] تجدر الإشارة انه بعد صدور القانون 01-03 يكون المشرع قد الزم جميع ادارات الدولة و الجماعات المحلية و هياتها بتعليل جملة من القرارات الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني..
[[29]]url:#_ftnref29 حكم رقم 49-99-3 بتاريخ 1999-05-13 منشور بالمجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية عدد 30 يناير –فبراير2000 ص133
بنجلون عصام، مرجع سابق، ص 128.[30]
نفس المرجع، ص128[31]
[[32]]url:#_ftnref32 Venezia : Pouvoir Discrétionnaire , LGDJ Paris 1959, P :25
حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 1650س2 – 16 فبراير 1957[33]
دليل الموظف: نماذج القرارات الإدارية نشر وطبع جمعية تنمية البحوث والدراسات الإدارية، الرباط سنة 1985، ص23.[34]
محمد عنتري : تحول الاجتهاد القضائي في مراقبة الملائمة بين الأفعال والعقوبة التأديبية، المجلة المغربية للإدارة والمحلية والتنمية، عدد 20-21،يوليوز-دجنبر،1997،ص102[35]
عبد اللطيف العمراني ،القضاء الإداري المغربي ومراقبة الملائمة في مجال التأديب، منشورات REMALD
، عدد 47، 2004 سلسلة "مواضيع الساعة ص 120 [36]
، عدد 47، 2004 سلسلة "مواضيع الساعة ص 120 [36]
وتتلخص وقائع هذا الحكم في أن السيد وهو مدرس بأكاديمية تولوز رفع دعواه أمام المحكمة الإدارية لنفس المدينة طالبا إلغاء القرار التأديبي القاضي لإحالته على المعاش فرفضت المحكمة الإدارية دفوعات المدعي فقام هذا الأخير بالطعن في الحكم أمام مجلس الدولة الفرنسي الذي قرر"أنه لايتضح من الأوراق أن الجزاء الموقع على المدعي بالإحالة على المعاش بدون طلب يقوم على خطأ واضح في التقدير وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه قام على أسبابه الكافية المبررة له " [37]
بنجلون عصام،السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية عليها ، رسالة لنيل الدكتورا..الوطنية في القانون العام ،جامعة محمد الخامس-السويسي الرباط ،السنة الجامعية 2005/2006 ص 305 و306[38]
عبد اللطيف العمراني مرجع سابق ص 119 .[39]
محمد عنتري ، تحول الإجتهاد القضائي في مراقبة الملائمة من الأفعال والعقوبة التأديبية، منشورات عدد مزدوج 20-21 دجنبر 1997، ص104 [40]
بنجلون عصام ، مرجع سابق ص 309 و 310 [41]
مرجع أعلاه، ص 118 [42]
عبد اللطيف العمراني، مرجع سابق ، ص 123 [43]
عبد اللطيف العمراني، مرجع سابق، ص 121 [44]
محمد عنتري، مرجع سابق، 104.[45]
محمد عنتري، مرجع سابق، 104 و105[46]
والذي يمثله بنجلون عصام من خلال رسالته لنيل الدكتوراه تحت عنوان السلطة التقديرية للإدارة الرقابة القضائية عليها[47]