MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




جودة الرسوم التوثيقية في العقار غير المحفظ ضمانة للإستثمار العقاري الجهة الشرقية نموذجا

     

الدكتور أحمد خرطة

أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور



هذا المقال يشكل في الأصل مداخلة الدكتور أحمد خرطة في ندوة العقار والاستثمار المنظمة بكلية الحقوق بوجدة يومي 19و20ماي 2006

جودة الرسوم التوثيقية في العقار غير المحفظ ضمانة للإستثمار العقاري الجهة الشرقية نموذجا
تقديم

      يعتبر العقارالأرضية الأساسية لانطلاق جميع المشاريع الإقتصادية والإجتماعية المنتجة للثروات والموفرة لفرص الشغل .فالعقار سواء المبني منه أو الغير المبني يستوعب جزئيا البطالة سواء في اطار أنجاز المشاريع الاستثمارية أو في ما بعد استغلال الإطار المبني بالتسير والصيانة مع مختلف مظاهر الحياة اليومية ، من اجل رفاهية المواطن .

وإن الذي يؤسس لمثل هذه المشاريع هو التوثيق اوبشكل أدق الرسوم التوثيقية وبالأخص في العقار الغير محفظ .

ومن المعلوم أن المغرب يعرف عدة أنظمة عقارية من مثل أراضي الجموع والجيش والاراضي الحبسية والملك الخاص للدولة في المقابل يعرف كذلك عدة أنظمة للتوثيق فبعد أن كان هنالك إزدواجية التوثيق من توثيق عدلي يؤطره قانون 11.81والمرسوم رقم 2.82.415 الصادر 4رجب 1403 (18ابريل1983) والتوثيق العصري الذي ينظمه ظهير 04ماي1925 وتوثيق خاص يهم التوثيق العبري اصبحنا اليوم امام تعدد الجهات التي اناط بها المشرع اصباغ الصفة الرسمية على المحررات التوثيقية فالاضافة الى ماذكر ادخل القانون المحامين المقبولين للترافع امام المجلس الأعلى ثم المهنيين المشتغلين في تحرير العقود العرفية .

إن هذا التنوع العقاري والتوثيقي معا يطرح على المشرع المغربينوع من التدبير العقلاني للعقار الغير محفظ بجعله رهن الاستثمار الوطني والأجنبي وذلك بتحديث الترسانة القانونية المنظمة للعمليات العقارية مع الانفتاح على جميع اشكال التعاقد الجديد وبالأخص التوثيق الإلكتروني  .

من هذا المنطلق وغيره سأقسم مداخلتي الى مبحثين:

المبحث الأول في :مفهوم جودة الرسوم التوثيقية في العقار الغير محفظ
المبحث الثاني في : علاقة التوثيق بالإستثمار العقاري

المبحث الأول : مفهوم جودة الرسوم التوثيقية

      لقد بدأ التفكير في علم التوثيق مبكرا ، لحاجة الانسانية اليه ، ولهذا إذا كان الانسان إجتماعيا بطبعه ، فلا يمكن أن يعيش منعزلا عن ابناء جلدته ، فالكل مفتقر الى الآخر.

ومع تععدد الأسر وتشعبها ، تكون ما يسمى بالمجتمع او الأمة ، وحاجات كل فرد ازدادات بسبب العلاقات مع بني جنسه ، ولايحسم هذه العلاقات ويضبط هذا التعامل الا علم التوثيق ، فهو الذي ينظم سيرها ويحدد معالمها طبقا للنصوص التشريعية ، دون إغفال الأعراف والاجتهادات القضائية .

فهو بالتالي علم يؤسس لكل اتفاقية او التزام معقود بين شخصين او عدة اشخاص على قاعدة صلبة ، ويضمن بذلك استمرارها وتحقق اثارها ، ويحسم نادة التنزاع بين الأطراف المتعاقدة موضحا بشكل جلي للعاقد له والمعقود عليه ما له وما عليه .

هذا ، ويعتبر التشريع المغربي من بين التشريعات السباقة الى اعتماد علم التوثيق كوسيلة من وسائل الاثبات .
ويمكن اعتبار التوثقين العدل والعصري من أدق هذه الوسائل اذ هما من الركائز الأساسية في توثيق المعاملات اليومية لجميع المغاربة والأجانب على حد سواء .

والتوثيق قبل أن يكون وسيلة من وسائل الاثبات فهو صناعة وفن .

ويعتبر العدل والموثق ومن أعطيت له صلاحية تحرير الرسوم الرسمية من الأوائءل المؤسسين لأي مشروع إستثماري عقاري فلا يمكن الحديث عن جودة هذه الرسوم إذا لم يكن المحرر متمكنا من أدوات هذه الصناعة وهذا الفن .

فوثيقة الإثبات تخضع لتقنية دقيقة ،ولتفصيل أدق ، خاصة بعد ظهور مجموعة من التشريعات المتعلقة بالعقارات كالقانون 18.00المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية وقانون 44.00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز وقانون 51.00 المتعلق بالايجار المفضي الى التملك الى جانب المراسيم التطبيقية لهذه القوانين والقوانين الأخرى .

ولهذا فاذا لم يكن الموثق او محرر الرسوم احاطة بهذه القوانين ، فإنه لايستطيع ان يبني لنا وثيقة صلبة تكسب ثقة المتعاقدين ، ويطمئن اليها المحافظ على الأملاك العقارية ، ويأخذ بها قاضي المضوع ان ثار نزاع بين اطرافها .

ولهذا يستوجب عليه مراعاة الاجراءات الواجب اتباعها لاستفاء الوضع الذي يتم به وضع سند التملك ، وكل هذا يقتضي الجهد وحسن الاتقان ، ولربما خفي علىمحرر السند احكام قانونية او يؤولها على غير وجهها الصحيح فيخرج السند معيبا فيتعرض للبطلان او الابطال وفي ذلك من الضرر بالمعاملات العقارية  ما لايخفى.  

وهكذا فان كان مفهوم الجودة ينطبق على المواد الاستهلاكية فان التوثيق اليوم اصبح كذلك من الخدمات اكثر استهلاكا ، بل إن كثيرا من المعملات تنبني عليها .

فالى جانب حسن البناء والتدقيق ، ينبغي ان يكون هنالك الفهم الجيد للقوانين المؤطرة للعملية المراد توثيقها كالقوانين العقارية ومدونة التسجيل والتمبر خاصة ان عدم الاحاطة بهذا القانون او ذاك او عدم الاطلاع على شكلية قانونية يفرضها القانون ، قد يكون السبب في فقدان الحق ، مع ما ينتج عن ذلك من آثار سيئة سواء على مستوى الفرد أو المجتمع .

ثم ينبغي ان يكون محرر الرسونم التوثيقية ، فنانا في اختيار العقد او البنود التي يتضمنها حسب الوضعيات القانونية او الجبائية المعقدة .

فتكون له بذلك رقابة على صحة العقد ، ثم رقابة على فعاليته ثم نصح الزبون وإرشاده .

وهذا الارشاد ينبغي أن يبنى على معلومات مدققة فاذا كان مقتني شقة في نظام الملكية المشتركة ـ مثلا ـ يريد تخصيصها لمزاولة نشاط مهني مع ان نظام الملكية ينص على تخصيص شقق العمارة للسكنى لاغير فانه سيجد صعوبة في استعمال هذه الشقة لغرض اخر غير السكنى بل انه سيواجه بمعارضة من السكان الاخرين وهذا من حقهم .

كما أن رخصة مزاولة هذا النشاط المهنى لن تمنح له الا بعد الأداء بموافقة صريحة من جميع قاطني هذه العمارة .

وإن مفهوم الجودة في الرسوم التوثيقية ـ كذلك ـ يحتم السرعة في الانجاز لان كل دقيقة في حياة المستثمر العقاري تساوي الشيء الكثير ، خاصة اذا علمنا أن التوثيق الالكتروني الحديث يجعل المستثمر في الدول الأجنبية يشتري العقار وهو جالس على مكتبه.

فلإذا كانت العقود العرفية تعرف اقبالا كبيرا من طرف عموم المواطنين مع عدم اعطائها الضامنة الكافية في حفظ الحقوق فان ذلك راجع بالاساس الى السرعة في الانجاز والتكلفة في الأداء .
ثم ان الجودة مرة أخرى تحتم الوضوح في اجرة التحرير او اتعاب القيام بالأعمال الادارية فاذا أخذنا كمثال على هذا الموثقين بفرنسا فيمكن لاي زبون ان يدخل الى عنوان الغرفة الوطنية للموثقين الفرنسين على الانترنيت ويضع قيمة المحرر الذي يريد انجازه ويتلقى الجواب مباشرة على واجبات التحرير واتعاب القيام بالاعمال الادارية غير التوثيقية وبشكل واضح ودقيق .

المبحث الثاني : علاقة جودة التوثيق بالاستثمار العقاري

 اذا كان أول متدخل في أي مشسروع استثماري عقاري  هو العدل أو الموثق أو من الموظف العمومي المكلف باعطاء الصبغة الرسمية للعقود التوثيقية هذا من جهة
 ومن جهة اخرى اذا كان من الحالات الطبيعية ان يمتلك الخوف كل مستثمر عقاري عند اقدامه على شراء عقار معين ، اما لاعادة بيعه من جديد ، او لاججل إنجاز مشروع استثماري .

فان الجودة التوثيقية هنا تكون الضمانة الاساسية لكسب ثقة هذا المستثمر سواء الوطني او الاجنبي .

بصفة عامة ان الاستثمار في الميدان العقاري لايقبل المجازفة نصحا وارشادا وكتابة وتوثيقا وخاصة أن الجهة الشرقيةتعرف عدة انظمة عقارية منها :

اراضي الجموع او الاراضي السلالية فهي اراض تستغل بشكل جماعي اما من طرف قبيلة او دوار او اسرة ترتبط بروابط عائلية تحت وصاية وزارة الداخلية .
ثم اراضي الحباس والخاضعة لنظام قانوني خاص يؤطرها عدة ظهائر منها ظهير 27/04/1919.

ثم اراضي الجيش او الاراضي المخزنية والتي سلمت بعد الاستقلال لشخص او عدة اشخاص قصد استغلالها دون امتلاكها ويتوارث هذا الحق بعد وفاة المسلم له الاول .وينضاف الى هذا النوع الملك الخاص للدولة .

ثم الملك الغابوي الذي يخضع لتشريع خاص  ثم الأراضي الموزعة في نطاق الاصلاح الزراعي وهي الاراضي التي تم تفويتها من ملك الدولة الخاص الى الفلاحين الصغار مقابل تعهدهم باستغلالها واستثمارها في اطار تعاونيات فلاحية .

وهكذا يلاحظ ان خصوصيات النظام العقاري بالجهة الشرقية مختلفة ومتنوعة، منها ما هو مستمد من الشريعة الاسلامية، ومنها ما هو مستمد من الاعراف والتقاليد ومن هنا تطرح الاشكالية على مستوى الاثبات والتوثيق ، لكون النصوص المنظمة لها تسند مهمة تسيرها الى الدولة عموما ، وسلطة الوصاية على وجه الخصوص .

وتجعل طرق الانتفاع بها تتم وفق الاعراف السائدة دون ان يصحب ذلك ضمانة معينة .

من هنا فان عدم توحيد النصوص المنظمة لتوثيق مثل هذه الانظمة العقارية من شانه عرقلة اليات الانتاج والاستثمار وبالتالي خلق ثروات جديدة .

فيبقى بذلك اراضي الخواص القابلة للاستثمار ، لكن حتى تكون هناك ضمانة أساسية في هذا الاستثمار لابد من الاتقان في صياغة العقود كيف ما كان نوعها ، ولعل اشتراط المشرع المغربي الرسمية في بعض التفويتات العقارية كما ذكرنا سلفا يوفر نصف الضمانة ، ويبقى النصف الآخر على من أناط به المشرع مسؤولية تحرير الرسوم التوثيقية لان التوثيق يهدف الى توفير الاطمئنان داخل نفوس المستثمرين ( هدف معنوي ) واقرار حقوق الافراد ( هدف شخصي ) وتكريس استقرار المعاملات العقارية ( هدف اجتماعي ) والتوثيق أو الاثبات عموما أداة من أدوات الائتمان العقاري.

فلمحرر الرسوم التوثيقية دور اساسي في العدالة الوقائية ، يسهر على توازن الالتزامات بالتزامه الحياد والموضوعية عند إعطائه النصائح والارشادات .

 فهو يقوم باداء خدمة الأمن القانوني ، والتي يستمدها من كونه يقوم بمهمته باسم الدولة وان انتمى الى القطاع الخاص .

وان الخدمات التي تتبع العملية التوثيفقية كاجراءات التسجيل والتمبر واداء الضرائب وطلب التحفيظ والنشر والاشهار والاعلان وغيرها كلها اجراءات ادارية اناطها القانون بالموثق العصري بمقتضى الفصل الاول من طهير 04ماي1925 حيث وردفيه : ويتعين عليهم ايضا ان يقدموا هذهخ الرسوم للتسجيل عملا بالمقتضيات القانونية الجاري بها العمل وان يقوموا بالاجراءات الخاصة لضمان حجيتها كتقييد الرهون العقارية او التشطيب عليها كما يتعين عليهم  ـ ما لم يتم اعفاءهم من طرف الأطراف صراحة ـ القيام بالاجراءات المتعلقة بالاشهار. كما اناطها القانون الجديد 16.03 المنظم لخطة العدالة(سيدخل حيز التنفيذ يوم 2006.07.03) بالعدول وبالاخص المادة 17منه حيث جاء فيها : للمتعاقدين الخيار بين ان يقوموا بانفسهم بالاجراءات المتعلقة بادارة التسجيل والتنبر وادرة الضرائب والمحافظة العقارية وغيرها ، او أن يكلفوا احد العدلين المتلقيين بالقيام بالاجراءات المذكورة بمقتضى تصريح موقع عليه من الطرفين …).

ان مسؤولية الجودة في التوثيق يتحملها كذاك  اعوان التنفيذ لدى محاكم المملكة بحيث ان صياغة المحضر التنفيذي يعتبر بمثابة سند للتملك بمقتضى المادة 418 من ق. ل. ع فكلما كان محضر التنفيذ منجزا بطريقة مهنية مدققة وواضحة الا حفظت الحقوق وصانتها وخاصة ان المسألة تتعلق بنزاع يجب أن يقطع .وهذا ما يطرح باحاح تأهيل هذه الفئة من الأعوان ومنحهم الحوافز اللازمة للقيام بعملهم على احسن وجه .

وان اسناد المصادقة على المحررات التي يحررها المحامون المقبلون للترافع امام المجلس الأعلى لرئاسة كتابة الضبط لدى المحاكم الابتدائية يحتم كذلك تهيل هذه الجهة لاجل ان تكون في مستوى المامورية المناطة بها .

خاتمة

أن المستثر العقاري اليوم وفي البلدان الأوربية يمكن له أن يعرف مسبقا مستويات الايجارات في المنطقة التي يستثمر فيها بحيث يمكن أن يحسب نسبة العائد الاستثماري من قبل أن ينفق دوارا واحدا ، بحيث يستطيع أن يجمع الكثير من المعلومات عن الاحصاءات المحلية الخاصة بالتعداد من حيث نسبة التعليم والوظائف السائدة ونسبة الجريمة وغيرها من المعلومات التي تؤثر على قيمة العقار.  

فان انخراط المغرب في التجارة الالكترونية امر لامفر منه ، وذلك نتيجة حتمية للتطور التكنولوجي لوسائل الاتصال الحديث التي تبني على أساس مجموعة من التقنيات الجديدة ( كالتوقيع الالكتروني ، والمراقبة الالكترونية ثم التجارة الالكترونية )وهذا ما دفع المشرع المغربي الى صياغة قانون رقم 53.05 المتعلق بالتجارة الالكترونية .

ان جلب الاستثمار وتوفير فرص الشغل يحتم كذلك اصلاح نظام التحفيظ العقاري وتحديد بعض صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية لأن في بعض الأحيان قد يتجاوز حتى القرارت القضائيبة الصادرة عن المحاكم المغربية .

كما يحق له تصفح سندات التملك شكلا ومضومنا ويحق له رفضها وعدم اعتبارها مع أن ذلك من صلاحيات القضاء الجالس.




الثلاثاء 17 يناير 2012
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter