ألقيت هذه المداخلة بمناسبة ندوة نظمت بمحكمة الاستئناف ببني ملال بتاريخ 8/12/2006 تحت عنوان " زواج القاصر و الاذن بالتعدد
لقد كان الزواج المبكر شائعا في المجتمعات الإسلامية و ينظر إلى الزواج المبكر بالنسبة للفتاة في المجتمع التقليدي كحادث مشرف بالنسبة لحياة المرأة. و كان الآباء يدفعون ببناتهن إلى معترك الحياة الزوجية في سن مبكر لا يتلاءم و متطلبات حياة زوجية سليمة... وكان القضاة لا يشترطون سنا معينة في الزواج .
في حين أن الشريعة الإسلامية كانت تقيس أهلية النكاح بالبلوغ الشرعي، أما القانون الوضعي فيوجب اكتمال سن معينة.
و الغريب أن المالكية اشترطوا أن يكون كل من الزوجين متما للثامنة عشرة من عمره؛ أما مدونة الأحوال الشخصية الملغاة حددت أهلية النكاح في 18 سنة بالنسبة للذكر و في 15 سنة بالنسبة للأنثى و استثناءا أجازت تزويج الفتى بإذن من القاضي إذا خيف العنت .
لكن الزواج يتطلب أهلية و نضجا و قدرة لإدراك قدسيته و مدى جسامة مسؤوليته و تحمل تبعاته من اجل تكوين أسرة مبنية على أسس سليمة تكفل لها الحفاظ على تماسكها و استقرارها و مؤهلة لان يتقاسم فيها الزوجان مسؤولية تدبيرها بما يسعدها ويخلق أجواء الألفة و المودة و المعاشرة بالمعروف و لهذه الغاية رفع المشرع – في مدونة الأسرة – سن الزواج بالنسبة للفتاة من 15 إلى 18 و سوى بينها و بين الفتى تحقيقا لما ذكر و تفاديا للأخطار الجسمية و النفسية و الاجتماعية التي قد تترتب عن الزواج المبكر و انسجاما مع المواثيق الدولية.
و لقد ألغيت الاختصاصات المخولة للسيد قاضي التوثيق في ميدان تزويج القاصرين و أعطيت لقاضي الأسرة المكلف بالزواج إلا أن هذا التحديث أغفل الإشارة إلى نطاق السلطة التقديرية المخولة إلى هذا الأخير و كذا إلى نطاق اختصاصه الترابي و هو موضوع ذو أهمية نظرية بالغة لما يكتسيه من راهنية أمام موجة الانتقادات الحقوقية التي ظهرت اثر نشر الإحصائيات المرتبطة بأذون تزويج من يبلغوا سن الزواج .
ولا تخفى أهميته العملية بالنسبة للسادة الممارسين و مساعديهم و عموم المهتمين بشؤون الطفل بالمغرب.
و إخترنا لمعالجة الموضوع الإجابة على التساؤلين التاليين: هل يتوجب تحديد الاختصاص المحلي بموطن أو محل إقامة أب القاصر(ة)؟ في مرحلة أولى قبل أن نتطرق لحدود السلطة التقديرية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أو مدى وجوب إعتماد السن كعنصر موضوعي أساسي موحد للإذن بزواج القاصر(ة) في مرحلة ثانية
أولا: هل يتوجب تحديد الاختصاص المحلي بموطن أو محل إقامة أب القاصر(ة)؟
تعرف بعض المحاكم تزايدا لطلبات تزويج من لم يبلغ سن الزواج ويرجع ذلك إلى أن بعض السادة القضاة يتشددون في منح الإذن بزواج القاصر(ة) في حين أن آخرين يعمدون إلى تبني اتجاه المرونة وعدم التشديد على الموطنين في هذا الجانب .
وتصاعدت أصوات تفيد أن هذه الظاهرة غالبا ما تلفها ممارسات غير قانونية وفي بعض الأحيان تلاعب بالوثائق المثبتة لمحل الإقامة يواجه بعدم الاكتراث لهذا التحايل في بعض الحالات.
و القول في هذا الإشكال إتجاهين:
إتجاه يقول أن الاختصاص المكاني غير محدد بالنسبة لهذه الطلبات فضلا على أنه هو ليس من النظام العام وبالتالي فلا مانع قانوني من قبول فتح ملفات أذون تزويج من لم يبلغ سن الزواج : و ذلك حتى بالنسبة لمن يقدمون من مناطق نائية قد تصل إلى مئات الكيلومترات على إعتبار أن لافارق بين زواج الرشداء وزواج القاصرين وان الأصل هو الإباحة ما لم يوجد نص مخالف وان الأمر يتعلق بمجرد طلبات وليس دعاوي تخضع لمبادئ المسطرة المدنية والتنظيم القضائي .
إتجاه يرتاي العكس ويقول أن الأمر يتعلق بدعوى نيابة قانونية يجب أن ترفع أمام محكمة موطن القاصر(ة) و الذي هو موطن وليه(ا) في الأصل و في جميع الحالات يتعلق الأمر بدعاوي يجب أن ترفع من مدعي ضد مدعى عليه: وهنا يثار إشكال من هو المدعى عليه؟ أهو القاصر المطلوب تزويجه ؟أم النيابة العامة؟ أو من له الحق أو الصفة ؟
و رواد هذا الاتجاه يعتمدون على مبدأ التقاضي بحسن نية باعتبار أن طالبي الإذن يعمدون إلى رفع عدة دعاوى لدى عدة أقسام قضاء أسرة( القضاة المكلفين بالزواج ) إلى حين أن تتم قبول طلباتهم إما من فرط الإصرار وكثرة المقالات أو حسن اختيار القاضي الأقل صرامة .
هنا مجموعة من الفصول اقترحها لمواجهة مثل هذه الدعاوي لا سيما :
- المادة 31 من قانون المسطرة المدنية التي توجب تحديد الطرف المدعي من المدعى عليه و كذا الفصل 32 من نفس القانون و الذي يوجب إنذار الطرف المدعي بالإدلاء بالعناوين الصحيحة و بتصحيح المقال.
- الفصل 5 من قانون المسطرة المدنية الذي يتحدث عن التقاضي بحسن نية.
- الفصل 28 فقرة 12 و التي تنص على انه تقام دعاوى انعدام الأهلية أمام محكمة موطن عديمي الأهلية- الأمر يتعلق هنا بالقاصر(ة)- و التي هي في الأصل محكمة موطن الأب أو الأم في حالة الطلاق أو الوفاة .
- المادة 27 من قانون المسطرة المدنية التي توجب رفع الدعوى في محل إقامة المدعى عليه.
و التساؤل الذي يثار هنا من هو المدعى عليه؟ أهو القاصر؟ أم النيابة العامة لموطن القاصر(ة) باعتبارها الأقرب لأعراف وتقاليد المنطقة؟
وفي رأيي أن النيابة العامة لموطن القاصر(ة) تعتبر مدعى عليها في هذا النوع من القضايا لكونها تمثل النظام العام الأسري فضلا على اعتبارها طرفا أصليا في قضايا الأسرة. و هي تلعب دورا رئيسيا في مواجهة التحايل والتدليس من بعض المتقاضين ذوي النيات السيئة والذين قد تعميهم المصلحة عن مخاطر اللجوء إلى مثل هته الممارسات ؛ لما للنيابة العامة من سلطات في تحريك الدعوى العمومية أو التلويح بتحريكها مع كل ما يترتب على ذلك من تقليل لمثل هذه الدعاوي التي تؤثر في رأيي سلبيا على نشاط أقسام قضاء الأسرة.
مجموعة من التقنيات المسطرية أقترحها في هذا الصدد:
* توفير مطبوع خاص يحدد هوية المدعي (ة) وعنوانه...والقاصر وعنوانه.... وهوية المدعى عليه .
* اعتبار النيابة العامة ، لموطن المدعي أو في غيابه لمحل إقامته، كونها المدعى عليها في مثل هاته الدعاوي لأنها تحمي النظام العام الأسري و الجنائي .
* إلزام الأطراف بالإدلاء بشواهد سكنى واضحة لايكتنفها غموض أو عبارات تنسف قيمتها الإدارية – يقطن خلال العطلة الصيفية ،يتراود على فلان، سلمت لتجديد بطاقة التعريف الوطنية ...
* الرجوع دوما إلى عقد زواج والدي القاصر(ة) باعتباره وثيقة عادة ما يدلي بها الأطراف ويغفلون أنها تشير إلى عناوينهما وكذا إلى العنوان الوارد في النسخة الكاملة من رسم ولادة القاصر(ة) باعتبارها تتضمن عنوان المصرح بالازدياد مع وجوب الإشتراط أن تكون حديثة الإنجاز.
* التأكد من الاختصاص المكاني و الوثائق المثبتة له تلقائيا من طرف السيد قاضي الأسرة المكلف بالزواج ؛ بغض النظر عن أي التزام أدبي بالحياد قد يجر عليه ما هو في غنى عنه من مساءلات في حالة وقوع أي شكاية بالزور .
هذا عن الاختصاص المحلي، فماذا عن الاختصاص الجوهري و حدود السلطة التقديرية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج؟
ثانيا: حدود السلطة التقديرية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أو هل يتوجب إعتماد السن كعنصر موضوعي أساسي موحد للإذن بزواج القاصر(ة)؟
إعتبرت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة بتاريخ 20/11/1989 المصادق عليها بموجب الظهير المؤرخ في 14/6/1993 أن الطفل هو كل إنسان لم يبلغ بعد الثمانية عشر سنة.
وأوجبت المادة 24 من الاتفاقية على الدول اتخاذ كل التدابير الفعالة والمناسبة من اجل القضاء على كل الممارسات التقليدية المضرة بصحة الأطفال. في حين اعتبرت
لجنة حقوق الطفل من جهتها،أن زواج الأطفال والزواج الجبري هي ممارسات تقليدية مضرة. ويبدو أن المشرع المغربي بتوحيده لسن الزواج بين الفتى والفتاة ورفعه لسن الزواج إلى ثمانية عشر سنة شمسية، كان غايته ملائمة التشريع الوطني مع التشريع الدولي ؛إلا انه سمح بإمكانية الترخيص بتزويج من لم يبلغ سن الزواج على سبيل الاستثناء من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج متى كانت هناك مصلحة وتوفرت الشروط لذلك .
ولعل صياغة هذا الفصل جاءت مجملة بخصوص المصلحة : حيث يثور سؤال مصلحة من ؟ مصلحة القاصر؟ أم مصلحة والديه ؟ أم مصلحة الخاطب ؟
ولعل الجواب قد يتبادر إلى الذهن تلقائيا أن الأمر يتعلق بمصلحة القاصر،إلا أن الأمور في الواقع تبدو مختلفة تماما .وهكذا أعتقد أن شرط مصلحة القاصر هو معيار مرن للغاية ،لايمكن الاعتداد به لتوحيد الاجتهاد القضائي بهذا الخصوص ؛ والدليل على ذلك المنشور الصادر قبل صدور مدونة الأسرة عن وزير العدل الذي أهاب بالسادة قضاة التوثيق حصر سلطتهم التقديرية في حدود ثلاثة أشهر اقل من سن خمسة عشر سنة. وقد يقول قائل أن هذا تدخل مباشر للسلطة التنفيذية ومس باستقلال القضاء إلا أن الواقع العملي والمصالح العليا للآمة تستوجب التدخل للحد من الفراغ القانوني في نقطة حساسة يستغلها البعض للمس بوحدة الجهاز القضائي .
أقترح بناءا عليه إعتبار السن كمعيار أساسي وموضوعي، ذلك أن القدرة الجسمية والنفسية هي معايير نسبية ؛في حين أن الأمر يتعلق باستثناء زمني ؛أي استثناء النزول عن سقف 18 سنة. لذا أرى وعلى غرار بعض أقسام الأسرة توحيد السن وإعتماد سن كحد أدنى لايمكن النزول عليه ماعدا في حالة طلبات الإذن بزواج القاصرات اثر اغتصاب أو فساد ثابت بمساطر جنائية أو جنحية بعد التأكد من مضي مدة الاستبراء لكي لا يصير استثناء الاستثناء أصلا . هذا التوحيد يجب أن يكون على صعيد محاكم الاستئناف ثم على صعيد محاكم الجهة ، ثم في مرحلة لاحقة على صعيد المملكة . وأعتقد أن من شأن ذلك أن يدفع المشرع إلى اعتماد هذا الاجتهاد وإخراج نص قانوني قد يسد النقص الوارد في المادة 20 من مدونة الأسرة .
و في انتظار هذا التعديل أرى وجوب تفعيل مقتضيات المنشور 44 س 2 المتعلق بالإذن بزواج الفتى و الفتاة دون سن الأهلية :" بأن يقدر قاضي الأسرة المكلف بالزواج الحالات حق قدرها و يتخذ القرار المناسب الذي يوفق بين الاستثناء و الأصل بمقرر معلل يبين فيه المصلحة و الأسباب المبررة لذلك و ذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي و الاستعانة بالخبرة الطبية و إجراء بحث اجتماعي مع التحري في زواج أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج الراغبين في الزواج دون سن الأهلية لكون بعض دول الإقامة لا تعترف بعقود زواج دون سن الأهلية ".
في حين أن الشريعة الإسلامية كانت تقيس أهلية النكاح بالبلوغ الشرعي، أما القانون الوضعي فيوجب اكتمال سن معينة.
و الغريب أن المالكية اشترطوا أن يكون كل من الزوجين متما للثامنة عشرة من عمره؛ أما مدونة الأحوال الشخصية الملغاة حددت أهلية النكاح في 18 سنة بالنسبة للذكر و في 15 سنة بالنسبة للأنثى و استثناءا أجازت تزويج الفتى بإذن من القاضي إذا خيف العنت .
لكن الزواج يتطلب أهلية و نضجا و قدرة لإدراك قدسيته و مدى جسامة مسؤوليته و تحمل تبعاته من اجل تكوين أسرة مبنية على أسس سليمة تكفل لها الحفاظ على تماسكها و استقرارها و مؤهلة لان يتقاسم فيها الزوجان مسؤولية تدبيرها بما يسعدها ويخلق أجواء الألفة و المودة و المعاشرة بالمعروف و لهذه الغاية رفع المشرع – في مدونة الأسرة – سن الزواج بالنسبة للفتاة من 15 إلى 18 و سوى بينها و بين الفتى تحقيقا لما ذكر و تفاديا للأخطار الجسمية و النفسية و الاجتماعية التي قد تترتب عن الزواج المبكر و انسجاما مع المواثيق الدولية.
و لقد ألغيت الاختصاصات المخولة للسيد قاضي التوثيق في ميدان تزويج القاصرين و أعطيت لقاضي الأسرة المكلف بالزواج إلا أن هذا التحديث أغفل الإشارة إلى نطاق السلطة التقديرية المخولة إلى هذا الأخير و كذا إلى نطاق اختصاصه الترابي و هو موضوع ذو أهمية نظرية بالغة لما يكتسيه من راهنية أمام موجة الانتقادات الحقوقية التي ظهرت اثر نشر الإحصائيات المرتبطة بأذون تزويج من يبلغوا سن الزواج .
ولا تخفى أهميته العملية بالنسبة للسادة الممارسين و مساعديهم و عموم المهتمين بشؤون الطفل بالمغرب.
و إخترنا لمعالجة الموضوع الإجابة على التساؤلين التاليين: هل يتوجب تحديد الاختصاص المحلي بموطن أو محل إقامة أب القاصر(ة)؟ في مرحلة أولى قبل أن نتطرق لحدود السلطة التقديرية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أو مدى وجوب إعتماد السن كعنصر موضوعي أساسي موحد للإذن بزواج القاصر(ة) في مرحلة ثانية
أولا: هل يتوجب تحديد الاختصاص المحلي بموطن أو محل إقامة أب القاصر(ة)؟
تعرف بعض المحاكم تزايدا لطلبات تزويج من لم يبلغ سن الزواج ويرجع ذلك إلى أن بعض السادة القضاة يتشددون في منح الإذن بزواج القاصر(ة) في حين أن آخرين يعمدون إلى تبني اتجاه المرونة وعدم التشديد على الموطنين في هذا الجانب .
وتصاعدت أصوات تفيد أن هذه الظاهرة غالبا ما تلفها ممارسات غير قانونية وفي بعض الأحيان تلاعب بالوثائق المثبتة لمحل الإقامة يواجه بعدم الاكتراث لهذا التحايل في بعض الحالات.
و القول في هذا الإشكال إتجاهين:
إتجاه يقول أن الاختصاص المكاني غير محدد بالنسبة لهذه الطلبات فضلا على أنه هو ليس من النظام العام وبالتالي فلا مانع قانوني من قبول فتح ملفات أذون تزويج من لم يبلغ سن الزواج : و ذلك حتى بالنسبة لمن يقدمون من مناطق نائية قد تصل إلى مئات الكيلومترات على إعتبار أن لافارق بين زواج الرشداء وزواج القاصرين وان الأصل هو الإباحة ما لم يوجد نص مخالف وان الأمر يتعلق بمجرد طلبات وليس دعاوي تخضع لمبادئ المسطرة المدنية والتنظيم القضائي .
إتجاه يرتاي العكس ويقول أن الأمر يتعلق بدعوى نيابة قانونية يجب أن ترفع أمام محكمة موطن القاصر(ة) و الذي هو موطن وليه(ا) في الأصل و في جميع الحالات يتعلق الأمر بدعاوي يجب أن ترفع من مدعي ضد مدعى عليه: وهنا يثار إشكال من هو المدعى عليه؟ أهو القاصر المطلوب تزويجه ؟أم النيابة العامة؟ أو من له الحق أو الصفة ؟
و رواد هذا الاتجاه يعتمدون على مبدأ التقاضي بحسن نية باعتبار أن طالبي الإذن يعمدون إلى رفع عدة دعاوى لدى عدة أقسام قضاء أسرة( القضاة المكلفين بالزواج ) إلى حين أن تتم قبول طلباتهم إما من فرط الإصرار وكثرة المقالات أو حسن اختيار القاضي الأقل صرامة .
هنا مجموعة من الفصول اقترحها لمواجهة مثل هذه الدعاوي لا سيما :
- المادة 31 من قانون المسطرة المدنية التي توجب تحديد الطرف المدعي من المدعى عليه و كذا الفصل 32 من نفس القانون و الذي يوجب إنذار الطرف المدعي بالإدلاء بالعناوين الصحيحة و بتصحيح المقال.
- الفصل 5 من قانون المسطرة المدنية الذي يتحدث عن التقاضي بحسن نية.
- الفصل 28 فقرة 12 و التي تنص على انه تقام دعاوى انعدام الأهلية أمام محكمة موطن عديمي الأهلية- الأمر يتعلق هنا بالقاصر(ة)- و التي هي في الأصل محكمة موطن الأب أو الأم في حالة الطلاق أو الوفاة .
- المادة 27 من قانون المسطرة المدنية التي توجب رفع الدعوى في محل إقامة المدعى عليه.
و التساؤل الذي يثار هنا من هو المدعى عليه؟ أهو القاصر؟ أم النيابة العامة لموطن القاصر(ة) باعتبارها الأقرب لأعراف وتقاليد المنطقة؟
وفي رأيي أن النيابة العامة لموطن القاصر(ة) تعتبر مدعى عليها في هذا النوع من القضايا لكونها تمثل النظام العام الأسري فضلا على اعتبارها طرفا أصليا في قضايا الأسرة. و هي تلعب دورا رئيسيا في مواجهة التحايل والتدليس من بعض المتقاضين ذوي النيات السيئة والذين قد تعميهم المصلحة عن مخاطر اللجوء إلى مثل هته الممارسات ؛ لما للنيابة العامة من سلطات في تحريك الدعوى العمومية أو التلويح بتحريكها مع كل ما يترتب على ذلك من تقليل لمثل هذه الدعاوي التي تؤثر في رأيي سلبيا على نشاط أقسام قضاء الأسرة.
مجموعة من التقنيات المسطرية أقترحها في هذا الصدد:
* توفير مطبوع خاص يحدد هوية المدعي (ة) وعنوانه...والقاصر وعنوانه.... وهوية المدعى عليه .
* اعتبار النيابة العامة ، لموطن المدعي أو في غيابه لمحل إقامته، كونها المدعى عليها في مثل هاته الدعاوي لأنها تحمي النظام العام الأسري و الجنائي .
* إلزام الأطراف بالإدلاء بشواهد سكنى واضحة لايكتنفها غموض أو عبارات تنسف قيمتها الإدارية – يقطن خلال العطلة الصيفية ،يتراود على فلان، سلمت لتجديد بطاقة التعريف الوطنية ...
* الرجوع دوما إلى عقد زواج والدي القاصر(ة) باعتباره وثيقة عادة ما يدلي بها الأطراف ويغفلون أنها تشير إلى عناوينهما وكذا إلى العنوان الوارد في النسخة الكاملة من رسم ولادة القاصر(ة) باعتبارها تتضمن عنوان المصرح بالازدياد مع وجوب الإشتراط أن تكون حديثة الإنجاز.
* التأكد من الاختصاص المكاني و الوثائق المثبتة له تلقائيا من طرف السيد قاضي الأسرة المكلف بالزواج ؛ بغض النظر عن أي التزام أدبي بالحياد قد يجر عليه ما هو في غنى عنه من مساءلات في حالة وقوع أي شكاية بالزور .
هذا عن الاختصاص المحلي، فماذا عن الاختصاص الجوهري و حدود السلطة التقديرية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج؟
ثانيا: حدود السلطة التقديرية لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أو هل يتوجب إعتماد السن كعنصر موضوعي أساسي موحد للإذن بزواج القاصر(ة)؟
إعتبرت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة بتاريخ 20/11/1989 المصادق عليها بموجب الظهير المؤرخ في 14/6/1993 أن الطفل هو كل إنسان لم يبلغ بعد الثمانية عشر سنة.
وأوجبت المادة 24 من الاتفاقية على الدول اتخاذ كل التدابير الفعالة والمناسبة من اجل القضاء على كل الممارسات التقليدية المضرة بصحة الأطفال. في حين اعتبرت
لجنة حقوق الطفل من جهتها،أن زواج الأطفال والزواج الجبري هي ممارسات تقليدية مضرة. ويبدو أن المشرع المغربي بتوحيده لسن الزواج بين الفتى والفتاة ورفعه لسن الزواج إلى ثمانية عشر سنة شمسية، كان غايته ملائمة التشريع الوطني مع التشريع الدولي ؛إلا انه سمح بإمكانية الترخيص بتزويج من لم يبلغ سن الزواج على سبيل الاستثناء من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج متى كانت هناك مصلحة وتوفرت الشروط لذلك .
ولعل صياغة هذا الفصل جاءت مجملة بخصوص المصلحة : حيث يثور سؤال مصلحة من ؟ مصلحة القاصر؟ أم مصلحة والديه ؟ أم مصلحة الخاطب ؟
ولعل الجواب قد يتبادر إلى الذهن تلقائيا أن الأمر يتعلق بمصلحة القاصر،إلا أن الأمور في الواقع تبدو مختلفة تماما .وهكذا أعتقد أن شرط مصلحة القاصر هو معيار مرن للغاية ،لايمكن الاعتداد به لتوحيد الاجتهاد القضائي بهذا الخصوص ؛ والدليل على ذلك المنشور الصادر قبل صدور مدونة الأسرة عن وزير العدل الذي أهاب بالسادة قضاة التوثيق حصر سلطتهم التقديرية في حدود ثلاثة أشهر اقل من سن خمسة عشر سنة. وقد يقول قائل أن هذا تدخل مباشر للسلطة التنفيذية ومس باستقلال القضاء إلا أن الواقع العملي والمصالح العليا للآمة تستوجب التدخل للحد من الفراغ القانوني في نقطة حساسة يستغلها البعض للمس بوحدة الجهاز القضائي .
أقترح بناءا عليه إعتبار السن كمعيار أساسي وموضوعي، ذلك أن القدرة الجسمية والنفسية هي معايير نسبية ؛في حين أن الأمر يتعلق باستثناء زمني ؛أي استثناء النزول عن سقف 18 سنة. لذا أرى وعلى غرار بعض أقسام الأسرة توحيد السن وإعتماد سن كحد أدنى لايمكن النزول عليه ماعدا في حالة طلبات الإذن بزواج القاصرات اثر اغتصاب أو فساد ثابت بمساطر جنائية أو جنحية بعد التأكد من مضي مدة الاستبراء لكي لا يصير استثناء الاستثناء أصلا . هذا التوحيد يجب أن يكون على صعيد محاكم الاستئناف ثم على صعيد محاكم الجهة ، ثم في مرحلة لاحقة على صعيد المملكة . وأعتقد أن من شأن ذلك أن يدفع المشرع إلى اعتماد هذا الاجتهاد وإخراج نص قانوني قد يسد النقص الوارد في المادة 20 من مدونة الأسرة .
و في انتظار هذا التعديل أرى وجوب تفعيل مقتضيات المنشور 44 س 2 المتعلق بالإذن بزواج الفتى و الفتاة دون سن الأهلية :" بأن يقدر قاضي الأسرة المكلف بالزواج الحالات حق قدرها و يتخذ القرار المناسب الذي يوفق بين الاستثناء و الأصل بمقرر معلل يبين فيه المصلحة و الأسباب المبررة لذلك و ذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي و الاستعانة بالخبرة الطبية و إجراء بحث اجتماعي مع التحري في زواج أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج الراغبين في الزواج دون سن الأهلية لكون بعض دول الإقامة لا تعترف بعقود زواج دون سن الأهلية ".